أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - النموذج الإسلامي















المزيد.....

النموذج الإسلامي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3771 - 2012 / 6 / 27 - 16:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


باستبعاد أي سيناريو طارئ أو استثنائي، كأن يحدث انقلاب عسكري في مصر أو حركات تمرد وفوضى واحتراب أهلي، فإن البلاد ذاهبة باتجاه نموذج إسلامي، لاسيما بعد فوز مرشح الإخوان المسلمين، في معركة الرئاسة الدكتور محمد مرسي على منافسه اللواء أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك .

وبغض النظر عن النموذج الإسلامي الذي ستختاره مصر، فإن حركة الإخوان التي تأسست منذ ما يزيد على ثمانية عقود من الزمان، وظلّت منذ ثورة 23 يوليو (تموز) 1952 خارج نطاق العمل الشرعي القانوني أو محظورة ومطاردة، شعرت بأن الفرصة المؤاتية قد جاءت بعد ثورة 25 يناير ،2011 ولا بدّ لها من أن تمسك بها لا بأيديها فحسب، بل بأسنانها أيضاً، خصوصاً أن موجة إسلامية كاسحة تكاد تهيمن على المنطقة من أقصاها إلى أقصاها، ابتداء من الباكستان وأفغانستان ومروراً بإيران وتركيا والعراق وصولاً إلى تونس والمغرب . وتقع مصر في القلب من ذلك، مع وجود تيارات إسلامية قوية في لبنان (حزب الله) وفلسطين ولاسيما قطاع غزة (حركة حماس) .

فأي النماذج أقرب إلى النموذج الإسلامي المصري؟ هل هو الإسلام الباكستاني أو الإسلام الإيراني أو الإسلام التركي، أو إسلام المغرب العربي سواءً تونس أو المغرب أو حتى الجزائر، أو إسلام فلسطين أو إسلام لبنان؟ أو سيكون لها نموذجها المصري؟

في ظل عهد الرئيس محمد حسني مبارك تم تغييب منهجي للفاعليات والأنشطة الفكرية والسياسية والثقافية اليسارية والناصرية والليبرالية، فضلاً عن تخريب للحياة العامة وشراء الذمم والإسقاط السياسي، الأمر الذي ليس من السهولة بمكان بعد مرور ستة عشر شهراً مثلاً، تجاوز ذلك، على الرغم من سقوط النظام وارتفاع منسوب الحريات، ولاسيما حرية التعبير والحق في تشكيل الأحزاب والمنظمات المدنية والاجتماعية والنقابية، وعودة الروح إلى المجتمع المصري، تلك التي جرت محاولات طوال عقود من الزمان لتدجينها أو ترويضها أو إشغالها بأمور ثانوية بهدف إبعادها عن ميدان النضال من أجل حقوقها وحرياتها .

ولعل حركة الإخوان وإنْ كانت هي الأخرى مهمّشة، إلاّ أنها وجدت فرصاً أوفر حظاً من الآخرين بحكم استثمار العامل الديني، وقد أدركت منذ ظهور بوادر التغيير وحتى بعد إنجازه، أهمية ودور الجيش وسعت لاحقاً إلى مغازلة المجلس العسكري بعد أن تولّى إقناع حسني مبارك بالتنحي، ومن جهته أدرك الجيش والمجلس العسكري في ما بعد، أن بالإمكان تقسيم السلطة بينه وبين الإخوان لما يمثّلونه من زخم وقوة في الشارع، وهو الأمر الذي سيكون صفقة معلنة، أو غير معلنة وكي لا تفلت الأمور باتجاه قوى التغيير الثورية، فالإخوان يمكن أن يهدّئوا الشارع إذا ما ضمنوا بناء نموذج إسلامي لهم حصة كبيرة فيه، وهم أي العسكر يمكن أن يحتفظوا بالجزء الأكبر من السلطة بأيديهم .

وقد كان في بال العسكر النموذج التركي، لاسيما قبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة أي قبل ما يزيد على عقد من الزمان، حيث يظل الجيش مهيمناً على مقاليد الأمور وله الكلمة الفصل، ويكون البرلمان بأغلبية مريحة للإخوان ومن معهم من القوى السلفية التي برزت كقوة مؤثرة في الانتخابات التشريعية .

وهكذا يمكن للإخوان أن يكونوا شركاء مع الجيش في حكم مصر وفي الحصول على الامتيازات ومواقع النفوذ . وفكّر الإخوان أنهم بقدراتهم السياسية والتنظيمية والمعنوية يمكن أن يدفعوا العسكر تدريجياً للتأسلم أو على الأقل لفريق مؤثر منه وهو القسم الأكثر محافظة وتقليدية، وربما مثل هذا التفكير خطر أيضاً في بال بعض قيادة الجيش، الذي افترض أن إمكانه عسكرة الإخوان، أي مشاركتهم بالسلطة على نحو يرضي الفريقين، ويحفظ لهما مثل هذه الشراكة .

ولعل المراقب والباحث سيلحظ حلفاً غير معلن أو اتفاقاً غير مبرم بين الجيش والإخوان، وكل منهما يعرف ما يريد، لكن فوز الإخوان بأغلبية كبيرة في البرلمان جعل لعابهم يسيل ورغبتهم تسيح، للهيمنة على السلطة كلّها وليس نصفها، أو قسم منها، ولهذا سارعوا إلى استعراض عضلاتهم، تلك التي برزت لاحقاً عند انتخابات الرئاسة . وعلى الرغم من أن الكثير من المصريين شعروا بأن الثورة قد تطير أو تتبخّر، وأن الديمقراطية المنشودة ستكون بعيدة المنال، وأن حراكاً جديداً قد بدأ في مصر، الأمر الذي دفع الإخوان إلى إعادة النظر بجزء من مشروعهم، ولهذا تصرفوا ببراعة لاحقاً، ولاسيما بُعيد الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، بإعلان انفتاحهم وقبولهم لمجلس رئاسي وتحويل الرئاسة إلى مؤسسة وتلميحهم، بل واستعدادهم إلى مشاركة الأقباط فيها لنائب رئيس محتمل، وذلك للظهور بمظهر أقرب إلى حزب العدالة والتنمية وهو النموذج التركي الثاني، خصوصاً وقد شعروا بأن حساب البيدر لم يعد مطابقاً لحساب الحقل .

كما أن الجيش انتبه إلى الخطر الذي يمكن أن تلحقه هيمنة الإخوان، بل الخطأ الذي وقع فيه المجلس، خصوصاً أن الرغبة في السلطة والتمسك بأهدابها، يمكن أن تضع جميع المحاولات الأخرى خلفها، بل تطيح بها، على طريقة النموذج الإيراني بعد الثورة الإسلامية في العام ،1979 حيث تم تهميش جميع القوى التي شاركت فيها لحساب تيار واحد هيمن عليها وارتقى فيه الحرس الثوري إلى دور قيادي .

ولا ننسى أن الإخوان حركة غير قطرية، أي أنها عابرة للحدود وهي أقرب إلى تنظيم لينيني “أممي مركزي” مع فروع ممتدة في العالم الإسلامي، ولهذا فإن انتشارهم وتضامنهم سيكون مؤثراً لا في مصر وحدها، بل في عموم بلدان المنطقة .

وحتى الآن فإن المجلس العسكري لايزال يقدّم خطوة ويؤخر أخرى إزاء النفوذ الإخواني، لكن احتمال النموذج الجزائري يظل حاضراً، عندما تدخل الجيش وحسم أمر السلطة التي فاز بها الإسلاميون عبر صندوق الاقتراع، خصوصاً الشعور الذي تولد بأن مناوأة الديمقراطية بدأت بُعيد فوز الإسلاميين . وبغض النظر عن شرعية أو عدم شرعية مثل هذا الإجراء، فقد يجد مصرياً وربما إقليمياً ودولياً من يؤيده، وقد كان حلّ البرلمان الذي يمثل أغلبية إسلامية وتعديل الإعلان الدستوري الذي أقدم عليه المجلس العسكري خطوة على هذا الطريق، وهي خطوة قريبة من النموذج الباكستاني الذي مازال دور الجيش فيه أساسياً . وقد أعربت واشنطن عن قلقها للخطوات التي اتخذها المجلس العسكري المصري، مثلما حاول الإخوان وقوى أخرى، وكل من موقعه الاعتراض على إجراءات المجلس العسكري، لكن الأمر لايزال ساري المفعول .

وبالنسبة إلى الإخوان فإن السلطة التي جاءتهم بطبق من ذهب، لن يتخلّوا عنها أو يسمحوا لأحد أن يبعدهم عنها، الأمر الذي قد ينذر باحتمالات تصادم اجتماعي وسياسي، وإذا ما حصل ذلك فستكون نتائجه خطرة على حركة التغيير وآلياته ومستقبله والقوى التي قادته وشاركت فيه بفاعلية كبيرة، فالقوى التي قادت حركة الاحتجاج والثورة ليست هي ذاتها التي حصدت نتائجها، وهكذا يظلّ صندوق الاقتراع مراوغاً أحياناً، بفعل عوامل مختلفة تتعلق بالتخلف والأمية وغياب وشحّ الحريات لزمن طويل وتقاليد الاستبداد وهيمنة القوى المحافظة، إضافة إلى المال السياسي وضعف تنظيم القوى الأخرى، وخصوصاً اليساريين والناصريين والليبراليين وعدم استعدادهم لمعركة من هذا الوزن، فضلاً عن تسهيلات العسكر وتلاقي بعض أجنحته مع الإخوان .

وسواءً كان النموذج تركياً أو إيرانياً أو باكستانياً أو جزائرياً أو مغربياً، فإن جولة جديدة من عدم الاستقرار ستكون حاضرة، الأمر الذي قد يدفع قوى كثيرة داخلية وخارجية تنظر إلى حركة التغيير براهنيتها نظرة سلبية وربما تشاؤمية، حتى وإنْ كانت المسألة مؤقتة ومحدودة . وأهم ما فيها أن التاريخ لا يعود إلى الوراء، والماضي أصبح ماضياً، والمستقبل مهما كانت التحدّيات والعقبات، فإنه سيكون أفضل منه، ويحتاج الأمر إلى تراكم وتطوّر، قد يكون بطيئاً وقد يتعثر أو يسير في منعرجات قاسية ويواجه تضاريس وعرة، لكنه في نهاية المطاف سيجد طريقه الخاص بنموذجه الإسلامي أو بغيره

* باحث ومفكر عربي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوسف سلمان يوسف ... فهد- الأخيرة
- الاتجار بالبشر
- يوسف سلمان يوسف ..(فهد)-( 2 – 3 )
- يوسف سلمان يوسف ... فهد ( 3 – 3 )
- تعويض الضحايا!
- يوسف سلمان يوسف -فهد-...(1 – 3 )
- زمن الفتاوى ومغزاها
- خمسة آراء بصدد المسألة الكردية في العراق
- السياسة في معناها
- حلّق في فضاءات شاسعة وسبح في بحور واسعة-*الجزء الثاني
- الحق في الجمال
- الأسرى الفلسطينيون والوعي النقدي المطلوب!
- المساءلة والحقيقة في بعض تجارب العدالة الانتقالية
- المفكر السيد الصدر حلّق في فضاءات شاسعة وسبح في بحور واسعة*( ...
- اشتراكي جديد في قصر الإليزيه
- الهوّية وأدب المنفى !
- الدولة البسيطة والدولة المركّبة
- الربيع العربي والأقليّات
- ليبيا: الفيدرالية المدنّسة والمركزية المقدّسة
- مواقف خاطئة للحزب الشيوعي


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - النموذج الإسلامي