أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باقر جاسم محمد - عبد الكريم قاسم : ما له و ما عليه بمناسبة مرور 42 عاما على اغتياله















المزيد.....

عبد الكريم قاسم : ما له و ما عليه بمناسبة مرور 42 عاما على اغتياله


باقر جاسم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 1103 - 2005 / 2 / 8 - 11:09
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في فجر الرابع عشر من تموز 1958 قاد الزعيم ، أو العميد ، الركن عبد الكريم قاسم مجموعة من الضباط و الوحدات العسكرية للقيام بانقلاب عسكري ؛ و بعد مرور أقل من ثلاث ساعات استطاع الانقلابيون أن يفرضوا سيطرتهم على البلاد و قد حدثت في هذا الوقت القصير مجزرة دموية للأسرة الملكية الحاكمة وبعد ذلك بيومين لنوري السعيد رئيس الوزراء المزمن ، و تم تغيير نظام الحكم من الملكية الى الجمهورية ، وتم إصدار دستور مؤقت . وقد سمي هذا الانقلاب بثورة الرابع عشر من تموز نظرا للتأييد الساحق الذي لقيه الانقلاب من عامة الشعب ، و كذلك للحب الكبير الذي منحه الناس بتلقائية لقائد الانقلاب ، و رئيس الوزراء بعد ذلك ، عبد الكريم قاسم الذي كان ذا شخصية كارزمية قوية تميزت بالعفة و البساطة و الشجاعة .
و قد كان من نتائج هذا الانقلاب أن بدأت مرحلة من الحكم النمطي الذي يعتمد على شجاعة ( الزعيم ) الأوحد و نزاهته و عفته و هي أمور حقيقية أقر بها أعداء الرجل قبل أصدقائه و أشار إليها باحثون أكاديميون و شهود عيان مختلفون في كتب و أبحاث علمية صدر بعضها في عهد البعث مثل كتاب حنا بطاطو ( الجزء الثالث) و كتاب " ثورة الرابع عشر من تموز" للباحث ليث عبد الحسن الزبيدي الذي هو أطروحة ماجستير نوقشت في جامعة بغداد في العام 1980 و كتب أحمد فوزي و العميد الركن إبراهيم خليل الزوبعي . بيد أن من حقائق الأمور أن النزاهة و الشجاعة و التعفف عن المال العام هي بعض الصفات الإيجابية التي لا ينكرها على الرجل إلا جاحد ، كما أنها من الصفات التي تعد شروطا جوهرية للحاكم و لكنها لا تكفي لوحدها و إنما يجب أن تتكامل مع صفات أخرى يجب أن تتوافر في الحاكم حتى يتيسر له أن يخدم شعبه و يمكن أبناء الشعب الآخرين من خدمة بلادهم ؛ فأين أخطأ الرجل و أين أصاب؟ هذا هو السؤال الذي سنحاول الإجابة عليه في هذه المقالة و سنركز على الأمور الجوهرية و دون الإغراق بالتفاصيل .
يشير الأستاذ عبد الرزاق الصافي في لقاء على قناة المستقلة عرض في نهاية عام 2004 الى أن مشكلة " ثورة " تموز تكمن في أن السلطة التي قامت بعد 14 تموز قد كانت تعاني من شرخ ناتج من أن الحكومة التي تم تشكليها بعد الانقلاب كانت في واد و الشعب في واد آخر وذلك لأن عبد الكريم قاسم ، حين شكل الوزارة ، أدخل فيها قوى وطنية و قومية مختلفة و لكنه لم يعين فيها من الشيوعيين أحدا على الرغم من أنهم كانوا أبرز جهة عملت على إسقاط النظام الملكي و كذلك رغم شعبيتهم الواسعة فكان الشارع يساريا ماركسيا بينما كانت الحكومة و أجهزتها التنفيذية و خاص الأمنية منها قد بقيت تحت سيطرة العناصر الرجعية . ففي الوقت الذي تحول إشراك الشيوعيين بالسلطة الى مطلب جماهيري ، كانت القوى الرجعية و القومية تعمل على محاربة الشيوعيين في الشارع و الإعداد لانقلاب يمكنهم من حكم البلاد بصورة مطلقة. و لكننا نعتقد أن مجرد إشراك الشيوعيين في الحكم كان سيمثل تزويقا للسلطة القائمة على نظرية الزعيم الأوحد. و هو أمر ربما كان سيمد من عمر التجربة و يغير من مسارها و لكنه لم يكن حلا جذريا لأزمة السلطة في زمن عبد الكريم قاسم ؛ ذلك إن الحل الحقيقي لتلك الأزمة كان يتمثل في توجيه السلطة على نحو مختلف تماما و ذلك بإطلاق الحياة الحزبية السليمة و بأجراء انتخابات عامة و السماح للشعب باختيار ممثليه في برلمان منتخب بحرية و كان من شأن مثل هذه الانتخابات أن تظهر حجم القوى القومية التي تحولت الى أسلوب المزايدات السياسية في مواجهة الرجل متسترة وراء جمال عبد الناصر. و قد يقول قائل إن هذا الكلام عن القوى القومية ليس سوى كلام كاره لها ، و الحق إن السياق التاريخي أثبت أن تلك القوى كانت تزايد على عبد الكريم قاسم و على الشيوعيين لإغراض بعيدة كل البعد عن الشعارات التي رفعتها المطالبة بالوحدة الاندماجية مع الجمهورية العربية المتحدة بزعامة جمال عبد الناصر. فهي بعد أن تحولت الى أداة طيعة بيد الحكومة المصرية أثناء صراعها على السلطة ، فشلت في تحقيق الوحدة التي طالبت بها بعد نجاحها بالوصول الى السلطة في العراق سواء من قبل البعثيين أو من قبل الأخوين عارف ، و الأسوأ أن البعثيين لم يحققوا الوحدة حتى بعد وصولهم الى السلطة في بلدين متجاورين هما سوريا و العراق لا بل دخل البعثيون في البلدين في صراع مهلك و عداء عجيب مما يثبت على نحو لا شك فيه أنهم ما كانوا إلا مزايدين . و فضلا عن ذلك فأن من شأن تلك الانتخابات ، لو جرت في حينه أن تفضح الطبيعة الدكتاتورية للنظم العربية القائمة آنذاك و تمثل سدا بوجه المغامرين السياسيين من أمثال البعثيين الذين لم يصلوا الى السلطة إلا عبر الانقلابات و تظهر حجمهم الحقيقي بين الناس . و لكن هذا الأمر كان أكبر من قدرات و طبيعة عبد الكريم القاسم نفسه الذي كان عسكريا ممتازا شهدت له فلسطين و لكنه لم يكن ذا حظ من المعرفة و الحنكة السياسية و كانت فكرته عن الحكم لا تتحمل تصور وجود بديل له ( يقود ) الشعب ، فهو دكتاتور يمثل ما سمى لاحقا بالمستبد العادل و لكن ربما نجد للرجل عذرا في طبيعة المناخ السياسي السائد آنذاك . فالأنموذج الناصري كان يغري بالتقليد ، كما أن أنموذج ستالين لم يكن قد تم فضحه بعد على نحو واسع .
و الحقيقة المهمة التي يجب أن نؤكد عليها على أن الرجل قد أدى كل ما يستطيع معتقدا أن حب الناس له سيعصمه من الغدر و أن العفو عما سلف سيثمر مع القوى المعادية له التي كانت تعمل ليل نهار على نسف السلطة السياسية القائمة . فالرجل كان يقارن محبة الناس له مع عزلة النظام الملكي السابق فيتوهم أن ذلك يكفيه شر الانقلابات . كما فاته أن من يأتي بالانقلاب يذهب بالانقلاب.
فماذا حصل بعد ذلك ؟
في الثامن من شهر شباط من العام 1963 حدث انقلاب شباط الدموي الذي جاء بحزب البعث و بعض القوميين المتحالفين معهم الى السلطة . و قد واجه الانقلاب مقاومة شعبية باسلة فضلا عن مواجهة رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم و بعض رفاقه للانقلابيين بشجاعة و مسؤولية قل نضيرها و لكن الأساليب الرجولية في المواجهة لم تستطع لجم قوى الظلام فكانت حصيلة الأيام الأولى من حكمهم بضعة آلاف من الشهداء و في مقدمتهم عبد الكريم قاسم نفسه الذي قتل بعد أقل من ثلاثين دقيقة من محاكمة صورية جرت في دار الإذاعة دون أن يعطى فرصة للدفاع عن نفسه ؛ كما شملت قائمة الشهداء نخبة من العسكريين و المدنيين من شتى أنحاء العراق الذي دخل في نفق ليل البعث المظلم حتى الثامن عشر من تشرين حين أطاح عبد السلام عارف بالمجموعة البعثية . و قد قامت وزارة الثقافة و الإعلام العراقية في العام 1964 بتوثيق جرائم البعثيين في كتاب أصدرته بعنوان " المنحرفون"
و قد أكتسب هذا الكتاب شهرة واسعة حتى أنه حين جاء البعثيون مرة أخرى للسلطة في انقلابهم الأسود في 17 تموز 1968 استعملوا هذا الكتاب نفسه في خداع الناس عامة و الحركات السياسية خاصة فكانوا يزعمون أنهم يحتفظون بنسخ من كتاب
" المنحرفون " و يراجعونه باستمرار حتى لا يرتكبوا الأخطاء نفسها، ويعلم الجميع كيف نفذ البعثيون كلامهم هذا على مدى فترة حكمهم التي امتدت لمدة 35 عاما. لقد حفلت فترة حكم عبد الكريم قاسم بجملة من الإنجازات الاقتصادية و السياسية تمثلت بالبدء بتنفيذ مشاريع صناعية و زراعية و عمرانية واسعة النطاق كان مجلس الإعمار المنحل قد رسم خططها كما تم إصدار قانون رقم 80 الذي أعاد للعراق حرية التصرف و التنقيب عن النفط في كل الأراضي التي لم تستغلها شركات النفط و خرج العراق من المنطقة الأسترلينية و من حلف بغداد . غير أن الحياة السياسية ظلت معطلة تماما و أخفق عبد الكريم قاسم في رؤية منابع القوة لدى الشعب العراقي كما أفق في رؤية مصادر الخطر التي حاقت به و بالبلاد عموما فكانت نتائجها وبالا على الجميع . كما أنه أخطأ حين طالب بالكويت في حركة تفتقر للفهم السليم لمعطيات الواقع و التاريخ و الجغرافية السياسية . و من أخطائه المهمة عدم تفهمه و تفاهمه مع للحركة الوطنية الكردية مما أدى الى اندلاع القتال في منطقة كردستان العراق . و لعل أهم أخطائه على الإطلاق هو توفيره المناخ الملائم و الدافئ للأفاعي النائمة . أخيرا نقول لقد مضى الرجل بما له و ما عليه ناصع الثوب لم تمتد يداه للمال العام فكان آخر الفرسان الذين اجتهدوا فأصابوا حينا و أخطئوا حينا آخر.




#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد الانتخابات العراقية : قاعدة الشرعية الدستورية
- الانتخابات العراقية :دلالات و استحقاقات
- تسونامي في ميزوبوتاميا
- الدكتور كمال مظهر أحمد و كتابه - كركوك و توابعها : حكم التار ...
- مدونات سومرية - المجموعة الرابعة
- الحوار المتمدن :المزايا و الاستحقاقات
- مدونات سومرية : المجموعة الثالثة
- مدونات سومرية: المجموعة الثانية
- مدونات سومرية : المجموعة الأولى
- الإنتخابات الأفغانية: دلالات و توقعات
- الحقيقة تتجاوز قدرة النظام الرجعي على حجبها
- قيامة العاشق السومري
- النقابات و الإتحادات المهنية في العراق
- المسافة و اللغة
- الديمقراطية و حرية العمل السياسي في العراق
- مستويات تحليل الخطاب الشعري - عبدئيل- الشاعر موفق محمد إنموذ ...
- الأول من أيار : الفكر الماركسي و تحديات المرحلة الراهنة
- من المسؤول عن حل الجيش العراقي السابق ؟
- الدمع صولجان والروح أقحوان
- رداء لشتاء القلب


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تحذر من انهيار مبنى في حيفا أصيب بصاروخ أ ...
- نتنياهو لسكان غزة: عليكم الاختيار بين الحياة والموت والدمار ...
- مصر.. مساع متواصلة لضمان انتظام الكهرباء والسيسي يستعرض خطط ...
- وزير الخارجية المصري لولي عهد الكويت: أمن الخليج جزء لا يتجز ...
- دمشق.. بيدرسن يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ومنع ...
- المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القوات الإسرائيلية تواصل انتها ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 360 عسكريا أوكرانيا على أطراف ...
- في اليوم الـ415.. صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإس ...
- بوريل: علينا أن نضغط على إسرائيل لوقف الحرب في الشرق الأوسط ...
- ميقاتي متضامنا مع ميلوني: آمل ألا يؤثر الاعتداء على -اليونيف ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باقر جاسم محمد - عبد الكريم قاسم : ما له و ما عليه بمناسبة مرور 42 عاما على اغتياله