أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - الدليل ليس عداء للأديان بل أحتراماً للإنسان














المزيد.....

الدليل ليس عداء للأديان بل أحتراماً للإنسان


بسام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 3767 - 2012 / 6 / 23 - 16:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الادعاء بأن المُلحد يطالب برؤية الله للتصديق بهِ هو إدعاء باطل أخترعهُ رجال الدين في محاولة فاشلة للتقليل من أهمية فكرة طبيعية جداً وهي الحاجة لدليل حقيقي للتصديق بتفسير غير طبيعي وغير عقلاني مثل التفسير الديني للكون والحياة. المطالبة برؤية الله لم ولن تكون دليلاً على شئ أكثر من التصديق بوجود شخصية تسمي نفسها الله. بل حتى لو رأينا الله وجهاُ لوجه فهذا لوحدهُ ليس دليلاً كافياً على أن الله هو التفسير المنطقي للكون و الحياة. بل هو مجرد دليل على أننا رأينا الله وبعدها نستطيع أن ننطلق لمرحلة إيجاد الدليل على أن الله هو الشخصية التي تقع خلف الكون وإرادته المُطلقة منفرداً هي التي تسير الكون وتجعلهُ بالشكل الذي هو عليه الآن وبأنهُ هو الذي يرسل الرسل و يكتب الكتب. كل فرضية مهما كان حجمها صغيراً أو كبيراً فأن الدليل المطلوب لأثباتها يتناسب طردياً مع حجم التفسير الذي تطرحهُ.

لنأخذ مثالاً للتوضيح, لو قلت لك بأن السماء تمطر الآن فأنهُ من السهل أثبات ذلك, تستطيع أن تنظر من النافذة لترى أن كان كلامي صحيحاً, الصعوبة تكمن عندما أدعي بأن السماء تمطر مطراً أنتَ لاتستطيع أن تراه لسبب ما كان تكون أعمى مثلاً. حينها يجب أن يتناسب الدليل مع حجم هذا الادعاء, كأن أقودك للخارج كي تشعر بهطول المطر على يدك دون أن تراه لأنهُ مطر غير مرئي. يزداد الامر صعوبة إذا كنت فاقداً لحساتي البصر و اللمس, حينها يجب أن أثبت لك بأن المطر ينزل بالاستعانة بحواس أخرى. وهلم جراً من طرق تثبت لك أدعائي الذي حدسك لم ينبأك بهِ.

الآن تخيل معي أن أقوم بتحريف الواقع قليلاً وأقول لك بأن السماء تمطر سلاحف ؟ هل قولي لك بأن السماء تمطر سلاحف يعتبر دليلاً يجب عليك تصديقهُ وبأن السماء حقاً تمطر سلاحف؟ هل مطالبتك برؤية السلاحف تهطل من السماء هو طلب سخيف أو متكبر أو جاحد لي أو للسلاحف؟ هل قول الف شخص غيري بأن السماء تمطر سلاحف يعتبر دليلاً على أن السماء حقاً تمطر سلاحف ولاتحتاج لدليل حقيقي يثبت صدق ما نقوله؟ لو كانت السماء تمطر سلاحف هي الحالة الطبيعية و المعروفة في الطبيعة بدل الماء ربما سيكون من السهل عليك أستيعاب الفكرة, لكن كيف نستطيع أستيعاب فكرة لم ولن تحدث مرة أخرى مثل الخلق؟ بداية الوجود؟ وجود الآلهة وهي كلها أشياء لاتنتمي لواقعنا اليومي من قريب أو بعيد؟ الا تبدو فكرة الخلق وكأنها سلاحف ماطرة ولكن يجب علينا تصديقها فقط لأنها ذكرت في كتب مقدسة تم حشوها في أدمغتنا منذ نعومة أظافرنا؟

الآن لنعود لسؤآل المُلحد حول طلب الدليل على وجود الله وطلب الدليل على أن الله وراء الخلق وطلب الدليل على أن الله أرسل أنبياء وكتب؟ هل المطالبة بدليل على فرضية غريبة جداً مثل وجود كائن موجود قبل الكون خلق الكون من العدم هي فرضية تنتمي الى عالمنا اليومي مثل هطول المطر وشروق الشمس؟ هل نرى كل يوم الهاً يخلق كوناً أمامنا فنستغرب من الذي ينكر مثل هذه الفرضية؟؟ هل صنع الحياة من العدم ينتمي الى حياتنا اليومية؟ هل إرسال الانبياء و الكتب الهاطلة من السماء يعتبر من حيثيات حياتنا اليومية؟؟؟ لهذا, فأنهُ من الاجدر لي ولك وللجميع المطالبة بدليل يتناسب مع حجم الادعاء نفسهُ. لا أن نقوم بتسخيف أو الضحك على العقول شغلت نفسها وسارت عكس التيار لتتأكد من مصداقية ما توارثناه من مفاهيم حول الكون و الحياة.

تأريخياً نعرف بأن الاقصاء و الاستهزاء و الملاحقة كانت دائماً من مصير العلماء و الفلاسفة الذين تجرأوا على طرح تساؤلات حول مدى جدية المعتقدات التي يعتقد بها أبناء عصرهم. جميعنا نعرف بأن البشر كانت تعتقد بأن الارض مسطحة, وجميعنا نعرف بأنهُ حتى اليوم من يعتقد بأن حركة الغيوم و هطول المطر لهُ أسباب روحية تقع ماوراء الطبيعة وليس أسباب طبيعية بحتة لهذا لازلنا نسمع وبشكل مخجل مايسمى صلاة الاستسقاء. بل حتى اليوم هناك من يعتقد بأن السماء هي سقف مرفوع بدون عمد مزين باضواء صغيرة خافتة نسميها النجوم, وأن فوق هذا السقف توجد روحانيات وعالم الآلهة و الملائكة. تخيل أن نتقبل كل هذه الفرضيات دون أن نجرؤ على السؤآل عن مدى مصداقيتها؟ تخيل أن نتقبل بأن الخسوف ناتج من أن الحوت يلتهم جزء من القمر؟ تخيل أن نتقبل بأن الكون كلهُ وكل مافيه ما كان الا من أجلنا نحن البشر؟

يجب أن نخرج من نطاق الوهم و الخرافة, يجب أن نؤمن بعقولنا للوصول الى نتائج حقيقية حول ماهية الكون الذي حولنا. يجب أن نؤمن بالمنهج العلمي الرصين للوصول الى أجوبة لأستفساراتنا العلمية. وعندما يعجز العلم عن الاجابة عن أسئلة نطرحها فأن هناك المجال واسع أمام العقل الإنساني للبحث في الفلسفة و الفن و الرياضيات عن أجوبة تناسب قدراتنا وتطلعاتنا, لا أن نعيد علك ما بصقتهُ الاقوام التي قبلنا بقرون, ونتباهى بأفكار لم تعد تضحك العالم بعد بل تثير ريبتهم حول الكهف الذي خرجنا منه.

هل تريد أن تؤمن بالله أو بالملائكة أو الشياطين هذا الحق كفلتهُ لك حرية العقيدة, لكن لاتحاول حشر معتقداتك المتوارثة في وسط لايناسبها مثل العلم. وحاول أن لا تعتمد على معتقداتك الدينية في تعاملك مع البشر من حولك. بل عامل البشر جميعهم أنطلاقاً من إنسانيتهم لا من معتقداتهم ولونهم أو لغتهم. جميعنا بشر ونطمح للسعادة و الحياة, وانت نفسك تطمح للسعادة و الحياة الابدية من خلال أعتقادك بوجود حياة مابعد الموت, فلا تحتكر هذا الحق لنفسك ودع البشر يبحثون عن السعادة بأنفسهم, ولاتجبرهم على شكل محدد للسعادة التي أنت تعتقد بانها قمة المنتهى.

بسام البغدادي



#بسام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليسقط الله و ليحيا الإنسان
- ماهي الغاية من وجود الله؟
- سقوط الدكتاتوريات وسطوع نجم الله
- الله يسكن في السماء أما الإنسان فيسكن حيث يريد
- نهاية بشار الاسد وتحرير سوريا
- المجاز طوق نجاة المؤمن عندما يغرق
- قبلتُ تحدي الله فهل يقبل هو التحدي؟
- الخوف من الموت يجعلنا نؤمن بالله
- لماذا قطعت رأس أمي؟
- هل يستحق الله العبادة؟
- عبثية ميلان كونديرا الرائعة
- كلام في اللقاء الجزء الثالث
- كلام في اللقاء الجزء الثاني
- كلام في اللقاء الجزء الاول
- هل يملك الله أي خيار؟
- حواء و بناتها و التفاح
- لهم ملكوت الارض
- خالداً في ذاكرة عشتار
- عندما يخجل الرجال أن يكونوا رجال - الجزء الثاني
- عشتار و أبن القبيلة


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - الدليل ليس عداء للأديان بل أحتراماً للإنسان