|
المصالحة مع عروس الثورات !
محمد ناجي
(Muhammed Naji)
الحوار المتمدن-العدد: 1102 - 2005 / 2 / 7 - 12:06
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
-على عادتهم في التعامل مع قضايانا الحيوية بسطحية ولا مبالاة تربك المواطن وتلغم الساحة بالمواقف المفخخة ، مثل تلك التصريحات عن دول الجوار ونقل الحرب الى شوارع طهران ودمشق ، في بلد يقتل الناس فيه بالمجان ، ولا يملك سوى طائرتين لا تكفي حتى لمكافحة الجراد ، وكذا عن الحرب الاهلية التي يراوح فيها بعض ساستنا ، بين الممكن وغير الممكن ، دون ان يراجعوا التأريخ والقاموس السياسي ، ويبحثوا فيه عن يوغسلافيا والاتحاد السوفييتي ! وقف عدد من الساسة والمسؤولون العراقيون ، ليدلوا بتصريحات غامضة مشوشة مثيرة للاستغراب ، عن المصالحة . واذا انتبهنا لتوقيت التصريحات التي تسبق اعلان نتائج الانتخابات ، فيمكننا ان نعتبرها مناورة واضحة للالتفاف على الطرف المتوقع فوزه ، ومحاولة لأخذ زمام المبادرة منه وفرض اجندة مسبقة عليه . وهي بنفس الوقت عملية اعادة ترتيب للاوراق وتحضير مبكر ، غير معلن ، للاستحقاقات المقبلة ، مثل كتابة الدستور والاستفتاء ثم الانتخابات نهاية العام الحالي 2005 ! - واذا دققنا في مفهوم المصالحة ، كما وردت في المنجد في اللغة والاعلام الصفحة 432 تحت كلمة ( صَالَحَ صِلاحاً ومُصَالَحَة ً هُ : خلاف خاصمه ... الصُلْح : السِلْم ، وهو اسم من المصالحة ويقال : هم لنا صُلْحٌٍ ، أي مصالحون . وعند ارباب السياسة : رفع الحرب على شروط تعرف بشروط الصلح ) نجده بعيدا عن الواقع السياسي والتأريخ العراقي ، الذي يشير الى عدم وجود خصومة من أي نوع بين مكونات الشعب العراقي . خاصة وان التنظيمات السياسية والقوائم الانتخابية والذين شاركوا في الانتخابات وحتى المقاطعون لها ، ينتمون لكل الوان الطيف العراقي ، باعتراف هيئة علماء المسلمين نفسها . كما ان المؤسسات والاجهزة العراقية ، الادارية والسياسية والعسكرية مليئة ، حاليا ، بالبعثيين السابقين غير الملوثين ! وهذا يعني ان كل العراقيين مشاركون في العملية السياسية ، وان لهم الحق في اتخاذ الموقف الذي يرونه مناسب سلبا وايجابا . وبالاضافة الى ان الجميع حتى اولئك الذين يروجون ( للمقاومة ) يعقدون اجتماعات وحوارات علنية ومؤتمرات في بغداد ، فالسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح : المصالحة مع من !؟ ومن هو الطرف الغائب ؟ - اننا اذا اعتبرنا التصريحات من مثل: ( لا مصالحة مع القتلة الذين ارتكبوا جرائم بحق الشعب العراقي ) فقاعات اعلامية ، وانها من مستلزمات السياسة ، فان هناك طرف واحد يظل خارج العملية السياسية ، وهو حزب البعث ، الذي يبدو انه المقصود بالمصالحة ، ويراد اعادة الاعتبار له وتأهيله للعودة والنشاط مجددا . وهذا ان حدث يمثل خطوة الى الوراء وتكرار لنفس الخطأ ، الذي سبق ان وقع فيه العراق والعراقيون ودول المنطقة فدفعوا الثمن غاليا ، بعد ان جرهم لحروب وكوارث آثارها ماثلة للعيان ، من بينها الاحتلال الاميركي للعراق . - ولكي لا يُدفع الثمن مرة اخرى ، نذكر البعض الذي يتجاهل أو لا يزال غير مقتنع بالقاعدة القانونية التي تؤكد بان الافلات من العقاب يؤدي لتكرار الجريمة ! بوقائع للبعثيين الذين يراد المصالحة معهم ، ومنها ما حدث للراحل عبد الكريم قاسم ، في مواجهته لهم . فبعد ان اصبحوا في قبضته ، عفا عنهم وسامحهم وقال عبارته الشهيرة : عفا الله عما سلف ! فكان ردهم عليه بالقتل في انقلاب 8 شباط 1963 الذي أغرق العراق بالدم . وهم لايزالوا ، حتى اليوم ، يحتفلوا بهذا الانقلاب ويسموه ( عروس الثورات ) . واستمروا بعدها في غدرهم بكل من تعامل معهم من القوميين العرب والاكراد . أما الشيوعيون ، فقد ذهبوا بعيدا حين عبروا نهر الدم ( لعروس الثورات )، وتحالفوا مع البعثيين في ما سمي حينها ( الجبهة الوطنية ) لتتكرر المجزرة ويدفعوا الثمن ثانية . وحتى تلك الدول التي وقفت مع نظام البعث في عدوانه على ايران عام 1980، ارتكبت نفس الخطأ عندما سمحت بأن تمر هذه الجريمة من دون عقاب ، فعاد نظام البعث ليكررها ثانية بجريمته في غزو الكويت واحتلالها عام 1990 . - ان الاذى الذي تعرض له العراقيون جراء السياسات المغامرة والطائشة ، للبعثيين ، التي احرقت الحرث وابادت النسل وتسببت في الاحتلال ، لا يمكن نسيانه والقفز فوقه ، وينبغي ان تترك للبرلمان وللقضاء العراقي ليقول رأيه فيها ، بعيدا عن المصالح الضيقة واساليب الكسب الرخيص ، ورغبة هذا السياسي أو ذاك ، خاصة وان هناك محاكمة لرموز البعث ونظامه يجري التحضير لها . - وفي نفس الوقت لابد من التأكيد باننا لا ندعو للثأر ولا نشجع الرغبة في الانتقام ، بل نطرح رؤية واجتهاد سياسي ، لا تؤمن بوجود مصلحة وطنية ، واسس منطقية لهذه المصالحة مع فئة لم تظهر ، طيلة وجودها في الساحة السياسية العراقية ، في المعارضة والسلطة ، اي قدر من المسؤولية والمصداقية السياسية . - وبعيدا عن هذه المصالحة المثيرة للشك وعدم الارتياح ، فان البديل الواقعي والمنتظر من السياسيين العراقيين ، هو الحوار والتوافق الوطني ، لمواجهة مهام المرحلة الحالية، واعتماد سياسات ذات برنامج وحلول اقتصادية واجتماعية تعزل الارهابيين ، ومنهم البعثيين ، وتسحب البساط منهم ، وتقدم حلول للازمات التي يعاني منها المواطن ، وتسعى في نفس الوقت لاستعادة الثقة بالثوابت الوطنية ، ليكون العراق وطن الجميع الذي يحترم حقوق كل المكونات واصغرها بالتحديد ، سياسات تحرم استخدام العنف ، وترسخ مبدأ المواطنة واحترام الحريات وسيادة القانون ، لتبدأ حينها مصالحتنا الحقيقية مع تاريخنا وثقافتنا ودورنا التاريخي الحضاري في المنطقة والعالم .
#محمد_ناجي (هاشتاغ)
Muhammed_Naji#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تضيعو هذه الفرصة !
-
مقابلة مع الباحث القانوني محمد عنوز
-
واخيراً ... للعدالة كلمة ! - لقاء مع القاضي العراقي السابق ز
...
-
هايد بارك ...
-
مجلس الحكم في بحر العواصف
-
احفاد حسنة ملص ... مرة اخرى
-
لقاء مع الباحث القانوني محمد عنوز
-
من فضلكم... لحظة !
-
تمنيات مواطن في آخر زمن المنفى
-
من فضلكم... لحظة !
-
تظاهرة لا للحرب لا للدكتاتورية
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|