|
هل تتبع عربة السياسه حصان الاقتصاد في العراق ام العكس?
عمر علي
الحوار المتمدن-العدد: 3766 - 2012 / 6 / 22 - 02:23
المحور:
الادارة و الاقتصاد
من البديهي انه لايمكن لاية عربه ان تسحب حصانا لان الحصان يمثل الفعل والعربه بدواليبها تمثل رد الفعل المستجيب لذلك الفعل فمن الطبيعي ان يتقدم الحصان العربه ويسحبها مستجيبة لهدفه ومبتغاه ، ولكننا نعرف جميعا بان لكل قاعدة شواذ وفي بلد مثل العراق وبعض البلدان المشابهه قد تحل الشواذ محل القاعده (قطعا ليست قاعدة بن لادن) فنجد بان العربه تسحب الحصان وتتقدمه الى مبتغاها الذي قد لايؤمن عقباه. و لان الاقتصاد لايمكن ان يبتعد عن السياسه يقفز في ذهني هنا ككاتب وقارئ في الوقت ذاته السؤال الازلي وربما الابدي وهو هل يمثل الاقتصاد الحصان ام العربه تجاه السياسه؟ ويمكن صياغة هذا السؤال بشكل اخر وهو هل يمثل الاقتصاد الفعل ام رد الفعل تجاه السياسه؟ ويبقى هذا التساؤل محل جدل بين الاكاديميين والمفكرين والكتاب والطلبه وكل مهتم بهذا الموضوع ولحد الان لم يكتسب الحكم عليه الدرجه القطعيه بانه بديهيه وفقا للاجابه التي نقتنع بها نحن. فنجد من جانب من يقول ويدعي مقتنعا ومدافعا بان السياسه هي الاهم وهي الفعل فهي الحصان ونجد في الجانب الاخر من يقول ويصرح مؤمنا ومستبسلا بان الاقتصاد هو الاهم وهو الفعل فهو الحصان. ولو انتبه القارئ جيدا الى عنوان هذه المقاله لوجدني من الفريق الاخر الذي يتبنى فكرة جعل الاقتصاد حصانا يسحب عربة السياسه ويقودها الى اهداف اقتصاديه تنعش السياسه كما تنعش المجتمع والبلد باسره ، وذلك ليس بسبب الجنس على اعتبار ان الاقتصاد ذكر فهو حصان وان السياسه انثى فهي عربه او بسبب القدم او التسلسل التأريخي باعتبار ان الاقتصاد قد سبق السياسه في الوجود ، ولعل المقوله التي تنص على ان "المسيطر اقتصاديا مسيطر سياسيا" تثبت ذلك وتعزز موقف هذا الرأي فضلا عن حقيقة ان هدف السياسه مضمونه اقتصادي لان نجاح سياسة البلد مرهونا بالمكاسب الاقتصاديه المتحققه له من تلك السياسه. لذا فاننا نتبنى الرأي الذي يضع الاقتصاد امام السياسه تبنيا حد الايمان الراسخ نابعا من كوننا اقتصاديين اولا نعرف معنى الاقتصاد وقيمته واهميته بل واولويته و لان المجتمع لايمكن ان يبقى بدون الاقتصاد لكنه يمكنه البقاء والاستمرار بدون السياسه ثانيا - علما ان كلمة بدون هنا تؤخذ بشكل نسبي غير مطلق - ، هذا فضلا عن ان القوه الاقتصاديه هي التي تولد القوه السياسيه بادواتها او اسلحتها - ان صح التعبير – المتمثله في العمله النقديه والاستثمارات الدوليه والشركات عبر الوطنيه من خلال ان الاولى تولد القوه العسكريه والعلميه او التكنولوجيه وبالتالي وكمحصله نهائيه فانها تولد الثانيه. وان تكلمنا بلغة الرياضيات لوجدنا بان الاقتصاد يمثل المتغير المستقل والسياسه تمثل المتغير التابع وان التناسب بينهما يأخذ المنحى الطردي ، فعلى سبيل المثال ليس الحصر لولا عمل الرجل الاقتصادي الامريكي من امثال مسؤول او وزير الخزانه الامريكي لما تمكن الرجل السياسي الامريكي من امثال الرئيس الامريكي ان يجلس على رأس الطاوله ، وطبعا معروف للقارئ الكريم من هم هذين الاثنين وأية طاوله نقصد ومن دون ذكر اسماء كونها تتغير ، وهذا ينطبق على الكثير من دول العالم بكل تصنيفاتها من الاول الى الثالث التي لم يعلم احد من اين اتت ولا من الذي اتى بها. لكن ما تقدم لا يلغي التجانس والتداخل الموجود كحقيقه لايمكن انكارها بين الاقتصاد والسياسه لان الحاله الصحيه في الدوله ينبغي ان تكون في خدمة كل منهما للاخر لتحقيق هدف واحد متمثل في تقدم تلك الدوله ، وهذا ما يبرر وجود كلية الاقتصاد والسياسه في الكثير من دول العالم والتي تجمع بل وتزاوج بين الاثنين بما يعزز كل منهما الاخر ولكن هذا لا نجده الان في البعض من دول العالم ومنها العراق الذي يضع العربه امام الحصان ، فما الذي لا نجده في ارض السواد ؟ وللاسف نرى بان الاجابه عن هذا التساؤل تتلخص في امرين ؛ احدهما هوعدم وجود التجانس بين الاقتصاد والسياسه والثاني هو تقدم السياسه على الاقتصاد وتبعية الثاني للاول كتتبع الطفل ذو السنتين لخطوات ابيه ليصبح في العراق الاقتصاد خادما مطيعا للسياسه. فنجد في العراق بان القرارات المتخذه والصادره من السياسيين في شأن الاقتصاد هي ذات طابع سياسي وليس اقتصادي من حيث انها تصب في مصلحة سياسة البلد اوتوجهاته السياسيه وتغض النظر عن المصلحه الاقتصاديه فضلا عن ان المسؤولين عن القطاع الاقتصادي وماله علاقه به - مع احترامنا لهم - قد يكونون في الغالب ممن ليس لهم علاقه بالاقتصاد بل هم من ذوي التوجهات السياسيه التي لا تمت للاقتصاد بصله وذلك لان الهدف اولا واخيرا سياسي وليس اقتصادي ولان طبيعة البلد والنظام فيه ذو توجه سياسي وليس اقتصادي ولان النظره العامه في المجتمع تتجه نحو تعظيم قيمة ومكانة السياسه على حساب اضعاف قيمة ومكانة الاقتصاد ايمانا بان السياسه هي الاساس وهي الفعل وهي الحصان والاقتصاد يتبعها بلا حول ولا قوه ، ولعل هذا ما يبرر ضعف وتلكؤ الاقتصاد العراقي وتعثره المستمر في مسيرة لا يمكن ان توصف بالقصيره لان هذا الحال ليس حال اليوم ولا الامس القريب فقط بل هو حال الامس البعيد الممتد الى عقود مضت من الزمن. ولم يبقى لنا سوى ان ننتظر متى سنعزي انفسنا بوفاة الاقتصاد على يد السياسه لكننا لا نعلم هل انها ستحضر هذا العزاء ام ستعطي له ظهرها وتهرب منه كونها القاتل الوحيد له وهل تنفع العربه في شئ بعد نفوق الحصان.
#عمر_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الاستثمار في العراق - بين الوهم والحقيقه-
-
هل تسعى الصناعه المصرفيه في العراق الى انعاش الاقتصاد العراق
...
المزيد.....
-
-غولدمان ساكس- يتوقع ارتفاع أسعار النفط إلى 80 دولاراً
-
أكبر متجر إلكتروني روسي يطرح قميصا بصورة بوتين وخلفه صاروخ -
...
-
كم حصتك من -أموال العالم مجتمعة- لو وزعت على سكان الأرض بالت
...
-
إيران تتقدم بطلب للانضمام إلى بنك مجموعة -بريكس-
-
خبراء يحذرون من تأثر إمدادات الغاز من روسيا إلى أوروبا بسبب
...
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا ضخما
-
أوغندا تضع حجر الأساس لمشروع سكة حديد تصل كينيا
-
سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024
...
-
ارتفاع أسعار النفط والذهب بعد تحذيرات بوتين
-
سعر الذهب اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|