أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - الزلزالُ السوفيتي والانهيارُ العربي














المزيد.....


الزلزالُ السوفيتي والانهيارُ العربي


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3764 - 2012 / 6 / 20 - 09:27
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


حين انهار الاتحاد السوفيتي قال لي رفيقي عن اليسار (أنا لم أعدْ سوى شيعي). وقال لي رفيقي عن اليمين (انتهى كل شيء، أنا لستُ سوى سني).

سنواتٌ كثيرةٌ مرت وأدواتُ التحليلِ صدئةٌ والمعارفُ ضحلةٌ والشعارات القديمة تُلبسُ مضامينَ طائفية ودينية محافظة، كأنما الزلزال له توابع لاتزال تتفجر وانهيارات لاتزال تتواصل، وكأن البناء العتيق الذي أقيم على أسسٍ خاطئة مازال موجوداً.

لم يعطنا الاتحاد السوفيتي سوى جملة من المعارف ونظرة شمولية تتلبسُ مظهر الحداثة وهي قالبٌ ديني تحديثي انفصامي.

الحزب الشيوعي حزبٌ للملالي، مسئولٌ عن أحوال النمل والأخلاق والعادات والتقاليد وإزالة الرأسمالية والإقطاع وصناعة طبقة عاملة حديدية تخترق الفضاء.

لهذا من الممكن أن يظهرَ في دولةٍ قبلية عشائرية صراعها الحقيقي حول السماح للنساء بالتنفس خارج المنزل، لكن الحزب الشيوعي المظفر سيعلنُ الحربَ على الطبقات الرأسمالية والإقطاعية والدين ويحدد الطريق للاشتراكية، ولكن الجماعة الصغيرة سرعان ما تتفكك أو تُعتقل ويصيرُ الأمينُ العام مخبراً أو تاجرَ كلمات واستعراضياً على حبال الطبقات، أو مهاجراً يطالب بالعودة للحكم.

في الأرض الاجتماعية الخلاء سيؤكد الملالي حضورهم ويصيرون حملةَ سلاحٍ قاتل، وتتقاطرُ الملايين على تعليق صورهم وتقبيل أيديهم.

هناك الهزاتُ التي جرتْ فيما قبل الزلزال منبئةً بالانهيار العظيم؛ أنظمةٌ استعارتْ قائمةَ الطعام وافتتحتْ مطاعم مستوردة للوجبات الخفيفة، واختفتْ فجأة تاركةً حشودا من الضحايا في الشوارع، وغصات الألم في القلوب، ومجيء المارينز وافتتاح قواعد لهم.

هناك شيء مشترك بين القادة: برجوازيون صغار ظهروا من بين الأزقة والحشود الفقيرة، ليس لهم تراث عريق في المعرفة وعائلاتهم أمية، ولكنهم منتفخون انتفاخ البالونات الجبال، وأحلوا اراداتهم محل القوانين الموضوعية للطيران الاجتماعي السياسي، ودائماً سوف يشيرون إلى المثال السوفيتي على أساس القدرة على اختراق كل قوانين المادة الوضيعة، والتحليق في الفضاء مثل غاغارين.

حارسٌ في بناية، عاملٌ في مصنع، فلاحٌ، طالبٌ، بدوي، كلُ هؤلاء صاروا قادرين على الحلم، لكنهم أحلوا أنفسهم مكان الرأسماليات الغربية الغازية، والإمبراطوريات القديمة، ورشاش الكلمات سوف يضرب الأعداء البرجوازيين ويسحقهم أينما كانوا.

وهيئة الأمين العام تدل على ذلك، منتفخ بريش الكلمات الغازية، يبكي على قائمة شهداء الحزب، ويقرأ ناعياً، ويحدد مهمات نضال الكادحين، لكنه بعد حين سيتحول أما إلى قتيل تلتصق المنشورات بدمه، أو متقاعد سياسي له حصالة جيدة.

(اكتبْ حتى لا تكون وحيداً!).

سيكتبُ مذكراته النضالية ويفتتحُ مدرسةً لتعليم الشيوعية البدوية. أو الماركسيةَ القروية والجماعةُ تخزنُ القاتَ ثم تتقاتل على ملكية الدكاكين.

الهزات الأرضية التي سبقت الزلزال كانت كبيرة، في يونيو الأسود طائراتٌ تُضربُ على الأرض الراقدة وهزيمة مدوية وبناء اشتراكي يتكشفُ عن دولة حرامية.

مغامرٌ آخر يأخذُ الأمةَ إلى ضرب الأمة، ثم يحيلُ بلادَه إلى فسيفساء من الطوائف والحشود المحترقة بالنابالم والسيارات المفخخة، ويعود الإقطاع الطائفي للحكم بعد عقود من زواله.

الأمينُ العام يتدروش ويعلنُ انضامه لطائفة صوفية، ويكتبُ أن الدروشةَ لا تتناقضُ مع أسس الماركسية، فكلتاهما نضال لزمنها، ويمكن عبر البخور المعاصر التحليق في سماوات الطبقات المتصارعة، ورفع مستوى الكادحين.

البرجوازي الصغير المغرور القادر على الطيران فوق القوانين الموضوعية للتطور، وسحق البرجوازية يصدرُ نسخته لأبناء الكادحين ذوي القدرات البسيطة وذوي الطموحات الغريبة، فيغدو كلٌ منهم رغم كل التضاريس قادراً على خلق ثورة بروليتارية عظيمة كاسحة، ولا بأس من أن تتحول إلى ثورة ملالي، ويصير المرشدُ أميناً عاماً، أو مقتولاً برصاصه، أو مسحوباً بحبال لمغامراته. لا يهم كل ذلك ما دام التاريخُ يتحرك.. لكن ضدنا!

فيما بعد الزلزال وتفرق الرفاق وسيرورتهم أعضاء في أندية متعادية، وفي خدمةِ مللٍ قديمة متجافية، سيؤكد كلٌ منهم أنه مازال على درب النموذج الملهم، سائراً نحو ثورة الكادحين العظيمة التي ستملأُ الأرض نوراً بعد أم مُلئتْ ظلماً وظلاماً. وإذ لم تأتِ يكتفي بالأسطورة.

لكنهم في ذات الوقت سوف يرفعُ الرفيقُ منهم خنجرَه ضد جاره من الطائفة الخائنة، ويقاطعُ المتجرَ الذي يبيع فيه كادحٌ عميلٌ من الجماعة المتبرجزة عدوة الثورة، ويقاطعُ النقابةَ الصفراء والبرلمانَ الأصفر والخريطةَ الوطنية الصفراء.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاشتراكيةُ من حلمٍ إلى كابوس (٢-٢)
- الاشتراكية من حلم إلى كابوس (١- ٢)
- مصر والعجزُ عن تشكيلِ طبقةٍ وسطى حرة
- من رأسماليةِ الدولةِ إلى الرأسماليةِ الحرةِ
- الماديةُ والعلوم (٢-٢)
- الماديةُ والعلوم (١)
- إلتقاءُ الطائفيين ب (اليساريين)
- رأسمالياتُ الدول العالمية
- الاستعمارُ والديمقراطيةُ (٢-٢)
- الاستعمارُ والديمقراطية (١-٢)
- التحديثُ من قلبِ المدن
- هل هي ثوراتٌ أم غزوات؟
- العوامُ الخطرون
- فئاتٌ صغيرة تابعة
- الناصريون والساداتيون
- قفزتان ونموذجٌ يحترق
- الرأسماليةُ العربية وقضايا الديمقراطية (٢ -٢)
- الرأسمالية العربية وقضايا الديمقراطية (١-٢)
- أسبابُ عجزِ القوميةِ الفارسية عن التطور الديمقراطي
- أحمد شفيق طيارُ التحول الاجتماعي


المزيد.....




- ندوة الوضع الراهن في المنطقة العربية والمغاربية
- -العدل- الأمريكية تحقق مع متظاهرين في جامعة كولومبيا مؤيدين ...
- علماء: الذكاء الاصطناعي يوسع الفجوة بين الفقراء والأغنياء
- الشيوعي السوداني يعبر عن تضامنه الكامل مع الشعب السوري وقواه ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 595
- اشتباكات عنيفة في بوينس آيرس بين قوات الأمن والمتظاهرين احتج ...
- رائد فهمي: المنظومة الحاكمة تقف على أرض مهزوزة والتغيير الشا ...
- نداء أوجلان.. توقعات مرتفعة ومسار سياسي ينقصه الوضوح
- تزايد أعداد التكايا في الضفة الغربية.. ملاذ الفقراء والنازحي ...
- م.م.ن.ص// مرة أخرى منطقة صفرو تبرز في واجهة محاربة الغلاء


المزيد.....

- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ... / بندر نوري
- الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية / رزكار عقراوي
- نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل ... / بندر نوري
- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - الزلزالُ السوفيتي والانهيارُ العربي