|
! مؤامرة القول بنظرية المؤامرة
علي شايع
الحوار المتمدن-العدد: 1102 - 2005 / 2 / 7 - 11:08
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
لم يكن غوبليز وزير الدعاية النازية غبياً الى هذا الحد!،والذين قلدوه (من العرب تحديدا)حييوا ذكائه ببلادتهم.ورفعوا مجد هذا الوزير المحاط بمجاميع من خبراء قدموا له بحوثاً في علم النفس الاجتماعي دفعته الى التأكيد على مقولته: "من يقول الفكرة أولا سيصل الى الناس ويصدقوه بعمق"،او "اكذب اكذب حتى يصدّقك الآخر".هذه, ومقولات كثيرة بقيت قيد التداول والعرض النقدي لاستكشاف الماهيات الخبيئة في علم الدعاية والإعلام الحربي. لكنها عربيا لم تتطور و كانت عرضة للاستنساخ،الذي هو أبدا تحية كبيرة لصاحب المنتج الأصلي.انه الاستنساخ الإعلامي!؛ صفة بقيت وستبقى لصيقة للإعلام العربي الذي اتخذ صفات الإعلام النازي وتمثّلها لأسباب عدة ربما يكون أولها؛ فضل ألمانيا النازية ببدأ أول محطة عربية بثها من برلين قبل ثمانين سنة. والمضحك جدا ان يوم انطلاقها(7 نيسان)سيصادف ذات التاريخ لتأسيس حزب مستنسخ هو البعث،الحزب القومي الذي قلد فيه ميشيل عفلق بعض أفكار من رومانسيات المد القومي في أوربا وتجاربها السابقة التي تضع الجانب الإعلامي والدعائي في أساسياتها حسب توصيات وأراء الفيلسوف الألماني فِخته في إشاعة الأفكار وبثها. وهكذا فلازال الإعلام العربي وأفكاره القومية الى الآن يعيش وفاء الذكرى الألمانية في الحضور اليومي بين القومي وبين الإعلام الدعائي الحربي،وهو لسوء طالعنا يبعث من بين صفوفه في كل عقد من الزمن من يحمل الراية ذاتها،ويتمنطق بالأسلوب عينه في أحاديث هي -الى الآن - من فيض تخرصات المذيع العراقي يونس بحري ؛أول إعلامي عربي أخذ صفة الرمز،وأسس لمنهجية التقليد النازي في اكذب اكذب.ومن لا يعرف يونس بحري ربما سمع ب أحمد سعيد الذي جاء بعد سنوات طويلة ليكمل المشوار التعبوي،مبشرا العرب:"من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر.. استبشري يا أسماك، واستمتعي؛ فسنلقيهم في البحر!". وبقي هذا الصوت هادرا بالأكاذيب حتى استفاق العرب على أصداء الهزيمة،يومها قدّم أكثر من مفكّر نصائحه لتغيير نمطية الإعلام العربي ورسم صورة فيها استشراف جميل لقادم ما سيحدث. وسأذكر بعض وقائع قرأت عنها قبل سنوات واستوقفتني تماما؛ ففي الوقت الذي استنكر فيه بعض القوميين العرب موقف سارتر المحايد وانتقدوا زيارته لإسرائيل بعد 5 حزيران،لم يتفهموا نصائحه (معلنها وصامتها) والتي كرر بعضها صديقه المفكر رودنسون وهو ينشر مقالة هامة في الصحيفة التي يشرف عليها سارتر.منبها العرب على ان فكرة الرمي في البحر فكرة من البؤس حدا ستجعلهم مصدر سخرية أبدية. وهو ما كان عليه واقع العرب السياسي من سخرية الإحداث، التي زاد عليها أبطال الإعلام اللاحق مآثرهم وأراجيفهم أمثال الصحاف وهو يضيف قاموسه الشتائمي كمرجع هام للإعلام العربي الجديد، ربما سيشتهر ب"مختار الصحاف".
مختار الصحاف هذا لم يقتصر على مختارات اصطلاحية وعبارات تهجمية،بل أصبح مختارا لسلوك استنسخه البعض حد اللإلتباس أكثر وأكثر.. ولأن الإعلامي العربي استنسخ السياسي كفكرة،والسياسي هرب ونجى بعد الهزيمة من فكرته تلك وهو يلقى تبعاتها على الإعلامي. ولما كانت الهزيمة واقعا لابد من تخطيه إعلاميا أيضا،لم يكن من بد غير هدم رموزه وقادة كلمته،لينجو السياسي منها ويستل نفسه كما تستّل الشعرة من العجين! على رأي شخص سيكرّر هذه الكلمة في كل فلم عربي. وبما ان أزمنة العرب الخاسرة تطوى مع وجوهها الإعلامية ليس إلا،ستغيب الوجوه الإعلامية التي تركت الخلق "جراها ويختصم" وليس أدل على هذا من مثال الصحاف في بنوراما الحرب الأخيرة بصور قلبت كل التوقعات عن المشهدية الساخرة التي أضفت نوعا جماهيريا جذابا كان يخفف على الملايين مأساة الحرب، بل جعل منها فعلا مسرحيا،يتصاعد فيه الحدث الدرامي مع ظهور الصحاف مع جوقة الصحافيين وهو يدلي بتصريحاته الصارخة وتلفيقاته عن الانتصارات والاستدراج والمخطط الهائل لاقتناص العلوج!. ستغيب هذه الوجوه و لن تكون أسماءها في قوائم المطلوبين "لغاية في نفس رامسفيلد" ،بل ستأمّن لهم أمريكا مأمنا وملاذا. ومعروف ما انتهى أليه الصحاف بعد رحلة الأكاذيب تلك، وليس أدل على نجاح المخابرات الأمريكية في مهمتها من جعل الصحاف بهذا المستوى الذي انتهى أليه لاجئا،رهن الاتهام في أي لحظة،لأضفاء نوع من الحيلة والخدعة على سهولة تمكين الحكومة العراقية منه متى شاؤوا. وصل الصحاف لاجئا الى الإمارات.. الدولة التي صعد منبر تصرحاته في وزارة الإعلام ذات يوم ليشتمها ساخرا من مبادرة الشيخ زايد بكلام لا يخلو من ألفاظه الخطيرة وشتائمه الشهيرة. التي اتخذها بعضهم مصدرا في "مختار الصحاف" للشتم الإعلامي وهم يستنسخون أسلوبه في الهجوم على أمريكا وممارسة الدور ذاته المرسوم لهم. سيقول شخص ما ضاحكا: "عدنا الى نظريات المؤامرة". أقول لنقرأ نعوم تشومسكي بعناية فائقة فيما يخص نظرية المؤامرة ولنضع بعض المعطيات في مكيال هذه النظرية لنرى النتيجة. والا فكيف سنفسر وجود الرئيس العراقي معتقلا في قاعدة العديد في قطر،وانطلاق قناة الجزيرة في هجوماتها المستمرة وتحدياتها للولايات المتحدة الأمريكية على بعد مئات امتار قليلة. أيضا بأمكان أي متابع تفسير ما دار من نقاشات في الإعلام الأمريكي عن الرسم الكاريكاتيري المثير للجدل الذي نشرته صحيفة الشرق القطرية واعتبرته وسائل الإعلام الأمريكية دعوة لتأليب المواطن العربي قبل أيام. تثار هذه النقاشات في وسائل إعلام أمريكية لم تنته بعد من نقاشاتها حول قضية سجن ابو غريب. ما الذي يحدث بالضبط..اقولها حذرا وفي ذهني مقال أخير للإعلامي العربي الدكتور فيصل القاسم عن الشجرة التي تحجب الغابة،وعن حدث سجن ابو غريب وفضيحته التي كان في نشرها مؤامرة للتغطية عن حدث أخطر!!. ولعلي أضع سؤالا مريرا: لم الإعلام القطري الآن تحديدا في المواجهة؟. اقول قولي هذا راجيا ممن يقولون بنظرية المؤامرة ان يغفروا لنا القول باتساع المؤامرة عن افقها فيما يرسموه ويخططوه لنا،كوننا أطراف وشركاء في آلية هذه المؤامرة أحيانا؛ بتسويقها.مثلما يقول الباحث البريطاني بياتريك ليمان في دراسة قيمة له -عن الأبعاد النفسية والقول بنظرية المؤامرة- قرأتها مؤخرا. وعليه بامكان شجرة ان تحجب غابة كاملة،لأن وراء الشجرة ما وراءها ،و وراء الأكمة ما وراءها.
#علي_شايع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عاليا يا سبابة التشهد الديموقراطي
-
حوار أثار استغرابي
-
دعوة لإحراق السفن
-
رسالة الى الشيخ بن لادن في العام الجديد
-
ما كان الحوت ذئب يونس ..يا أيها السفير
-
هل يستحق محمود درويش تلك الجائزة؟
-
قبل أن يبطشوا بسيد القمني
-
الأكراد..والندم الماركسي!
-
حين يـُقرأ ُُالشعر من على شجرة
-
الى الصحفيين العرب.. بوح عراقي بما يشبه رسالة
-
الاستقلال.. بالقدم العراقية
-
!اختطاف التاريخ
-
المتكرر في النجف بعد ثمانين عام
-
استبداد الطبائع
-
قمر العرب وشمس 14 تموز
-
لعبة التحرير
-
ادرأوا الحدود بالشبهات
-
-القاسم- في التواد المشترك مع أمريكا
-
قالها عكاشة ولم يسمعه من احد؟
-
عرب العراق،أم عراق العرب؟!
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|