|
عائلة بحجم وطن ... عائلة الحلبي منذ ثماني سنوات لم تجتمع بسبب الاعتقال المتكرر لأبنائها
يوسف فواضلة
الحوار المتمدن-العدد: 3762 - 2012 / 6 / 18 - 20:10
المحور:
حقوق الانسان
“أم رائد الحلبي “ في كل صباح عندما تصحو تنظر الى صور أبنائها المعتقلين والدمعة تلمع في عينها، تصبّح عليهم الأربعة .. الله يرضى عليكم يما".. هكذا تبدأ أم رائد يومها.
في كل مرة تقف أم رائد لتودع إبنها بصوت عالي، انت بطل يا امي وانا فخورة فيكم و رافعة راسي .. عند الاعتقال الثاني لـ نائل لم تكتفي أمه بهذه الكلمات، بل بدأت بالزغاريد رداً على الجنود وضباطهم.
عائلة الحلبي، حالها كباقي حال عائلات الوطن التي عانت ولا تزال تعاني من الاعتقال، فهي كغيرها من العائلات الفلسطينية التي ذاقت عذابات ومرار حرمان الأبناء لسنوات طويلة بسبب اعتقال الاحتلال لأبنائها وقضائهم سنوات عديدة خلف قضبان الاسر، فسياسية الاعتقال الممنهج التي تمارسها سلطات الاحتلال الصهيوني على أبناء الشعب الفلسطيني لا تقف عند اعتقال شخص، وإنما تتعمق في حكاية العذاب والحرمان والخوف التي تلازم أسر هؤلاء الاسرى، فمعاناة أهالي الاسرى الفلسطينين لا تقل حجماً عن معاناة أبنائهم الاسرى.
إن عائلة الحلبي احدى هذه الاسر الفلسطينية التي تجرعت ويلات ومآسي الاعتقال، فمنذ الإعتقال الأول لإبنها رائد عام 2004 حين أمضى سنتين في سجون الاحتلال، واعتقال شقيقه نائل بعد أربعة شهور على اعتقال رائد ليمضي أربع سنوات ونصف متنقلاً بين عدة سجون، ليلحق بهم أخيهم ناصر فيمضي هو الأخر سنتين في المعتقل، وقبل أن ينهي ناصر محكوميته بشهرين قام الاحتلال بإعتقال رائد مجدداً ولم يمضي سوى أسابيع ليعاود الاحتلال اعتقال نائل من جديد.
ولم ينتهي مسلسل الاعتقال هذه المرة فبعد خروج ناصر بسبعة أشهر قام الاحتلال بإعتقاله للمرة الثانية على التوالي، ولم تلبث العائلة أن تستجمع انفاسها من هجمات جنود الاحتلال المسعورة على منزل العائلة والعبث في محتوياته، ليعاودوا اقتحامه بعد اسبوع واحد فقط على إعتقال ناصر و مداهمة منزل العائلة الواقع في كفر عقب واقتياد أخيهم الرابع رامي الى السجن، فثماني سنوات متواصلة لم يجتمع فيها الاشقاء الأربعة مع العائلة بسبب الاعتقال المتكرر لهم، فربما يجمعهم السجن .
أم رائد، أيتها الام الصامدة والمثابرة، قوية العزيمة ... ذات الإرادة الصلبة التي تلتحم مع صبرها الفولاذي ... أعذريني فلم يستطع قلمي ان يصف ألمك وتضحيتك، ألم الاشتياق لفلذات كبدك وعطشك المتزايد للقائهم ... وتضحيتك اللامتناهية في خوض المعركة الى جانب أبنائك في وجه تسلّط السجان.
ضميري مش مرتاح ، رددتها أم رائد عندما كنت في منزلهم، لم يخطر في بالي للوهلة الأولى سبب ذلك، فأم رائد تشعر بالذنب والتقصير تجاه أبنائها المعتقلين عندما تفكر بأحدهم للحظة واحدة على حدة ولا تفكر بالأخرين، فتطلب السماح منهم بقولها "كلكم في عقلي و قلبي يا إمي" .
رحلة مع الصليب الأحمر؟
تصحوا أم رائد في الساعة الخامسة صباحاً لتجهز نفسها لرحلة طويلة و شاقة، فبعد أن تنجز كل تحضيرات و احتياجات الرحلة تغادر البيت قبل أن يتسلل ضوء الصباح، لتصل بعد نصف ساعة الى باص الصليب الأحمر لتلقى العديد من الأهالي و الأطفال يجلسون في المقاعد ... أي رحلة مع الصليب الأحمر؟!
ينطلق الباص بعد أن يكتمل عدد الركاب، لتبدأ الرحلة ..
بعد ساعة واحدة أو أكثر بقليل يصل باص الصليب الأحمر الى حاجز عسكري، جنود مدججين بالسلاح يختبئ خوفهم خلف دروعهم، لا تحمل وجوههم سوى الحقد و الضغينة ... و الاستفزاز، ينزل الركاب من الباص و يصطفون للتفتيش والعبث بكل الأغراض التي يحملونها لرحلتهم.. وقت الاستراحة غير معروف فالجنود هم المسؤولين عن الوقت ... ساعة او ساعتين أو ما يزيد، فالوقت غير مهم لأن الوصول الى مكان الزيارة هو الشيء المهم.
عندما ينتهي الجنود من التفتيش يسمح للأهالي بمتابعة المشوار سيراً على الأقدام، ليعاود الحرس مضايقتهم مجدداً و حجزهم ... من ثم يقتادونهم الى غرفة صغيرة مفصولة بزجاج، لتجلس أم رائد من ناحية و من الناحية الأخرى يأتي إبنها المعتقل، تنظر اليه.. تحادثه عبر الهاتف و لا تستطيع لمسه و لا ضمه الى حضنها، نصف ساعة تقريباً وقت اللقاء ... ثم تعود أم رائد وباقي الأهالي أدراجهم من حيث أتوا.
أم رائد ، الأم الفلسطينية التي نسجت من ظروف حياتها المليئة بالصعاب والعذاب تضحيات قد تكون أقرب الى الأساطير ... كيف لا وهي تقاوم بأرادتها الصلبة جنوداً وجلادين مدججين بالسلاح، فرغم معاناتها إلا أنها تصر على معانقة أوجاعها وتعضّ على جراحها للقاء أبنائها الأربعة.
وبرغم كل هذا، يصر الاحتلال و ضباطه على تهديد عائلة الحلبي بمعاودة اعتقال أبنائهم عند خروجهم من السجون، في محاولة دنيئة للنيل من ارادة الأبناء و الأهل .. إلا أن عائلة الحلبي تجهز نفسها لاستقبال ابنها نائل في 5/6 من الشهر الحالي بعد انهاء محكوميته البالغة 14 شهراً قضاها في سجن عوفر. فهيهات أن ينال منهم السجان .. فقلب أم رائد وصمود أبنائها أقوى ألف مرة من كل حروب المخابرات النفسية .. أم رائد ليست إلا مثالاً للأم الفلسطينية التي أنجبت جيل التحدي وأرضعته صدق الإنتماء وعنفوان التحدي لأجل للقضية.
#يوسف_فواضلة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكراك ألمٌ توجع كل فلسطيني -غسان كنفاني -
-
خضر عدنان يدافع لوحده عن كرامة شعب
-
من سجون الاحتلال الى مستشفيات السرطان
-
قناة الجزيرة القطرية وتغطيتها للثورات العربية
-
القضية الفلسطينية، وحتمية المواجهة المباشرة مع الاحتلال الصه
...
-
استبدلوا أبطالها بمشاهيرها
المزيد.....
-
بعد مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت.. سيناتور جمهوري يوجه تحذي
...
-
قادة من العالم يؤيدون قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الا
...
-
معظم الدول تؤيد قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الاحتلال
...
-
اتحاد جاليات فلسطين بأوروبا يرحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغال
...
-
الأمم المتحدة: نتائج التعداد بيانات عامة دون المساس بالخصوصي
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي ينهي الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن
...
-
من هم القادة الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنا
...
-
ماذا يحدث إذا رفضت دولة اعتقال نتانياهو بموجب مذكرة -الجنائي
...
-
الحرب بيومها الـ413: قتلى وجرحى في غزة وتل أبيب تبحث خطةً لت
...
-
الجامعة العربية ترحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|