أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - الإصبع العراقي: لله وللحرية















المزيد.....

الإصبع العراقي: لله وللحرية


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1101 - 2005 / 2 / 6 - 12:50
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


-1-

الإصبع العراقي ارتفع بالأمس لله والحرية فقط، ليخرق عين الشمس.

لم يكن إصبعاً على زناد بندقية الارهاب، وليس إصبعاً على زناد مسدس كاتم للصوت لقتل المعارضة، ولم يكن إصبعاً على فتيل قنبلة لتفجير مدرسة أو مستشفى أو مركز للشرطة.

ليس إصبعاً يقول للحاكم لا ولياً إلا أنت على هذه الأرض، ويارب الأرباب أنت حامينا، ومصدر قوتنا، وعزتنا، ومجدنا.

-2-



قام العراقيون بالتقاط الصور التذكارية لهم ولعائلاتهم، وهم يرفعون إصبعهم الذي يشهد أن لا ولاء إلا للوطن، وأن الحرية حبيبة الله، وأن الديمقراطية هي رسول السماء الجديد، والمهدي المنتظر، والصراط المستقيم، ودين العرب السياسي الجديد.

الإصبع العراقي المضمّخ بعطر الديمقراطية البنفسجي، هو المرفوع اليوم وبالأمس في وجه الديكتاتورية العربية وليس وفي وجه الديكتاتورية العراقية المنهارة فقط.

إصبع العجائز العراقيات ، مهدية، وفطوم، وزينب، وخديجة، وأم علي، وأم حسين ، وأم محمد وكلهن في الثمانين من أعمارهن وما فوق، واللائي جئن محمولات على ظهور أبنائهن وأحفادهن، كان مرفوعاً إلى السماء ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن الحرية حبيبة الله.

-3-



الإصبع العراقي المرفوع اليوم والذي غرزه العراقيون في عيون الارهابيين، وفقأوا به هذه العيون الملأى بقيء الرمد التكفيري، كان هو الردُّ المفحم والشجاع والجريء والقاطع المانع على الغزو الارهابي والاحتلال الأصولي الديني والقومي للعراق.

الإصبع العراقي قال للغزاة من المحتلين الارهابيين الدينيين والقوميين:

- اخرجوا من العراق قبل أن تحرقكم نار الحرية والديمقراطية التي اشتعلت في كل أنحاء العراق والتي رقص العراقيون حولها فرحباً وحبوراً بالأمس.

- اخرجوا من العراق صاغرين، وأنتم الأذلون إن كنتم لا تعلمون.



-4-



الإصبع العراقي المرفوع الآن، والْمُضمّخ بحبر الحرية الذي سيُكتب به الدستور العراقي والمستقبل العراقي هو إصبع التوحيد نفسه الذي رفعه العرب منذ أكثر من 1400 سنة، عندما جاء الإسلام محرراً للعبيد ،وقاهراً للطغاة، ومبشراً بالحرية .

ففي بدء الدعوة الإسلامية رفع العرب إصبع التوحيد والتكبير هذا مضمَّخاً بماء زمزم وكان لله والحرية.

واليوم يرفع العراقيون هذا الإصبع مرة ثانية، ولأول مرة، لا طاعة لحاكم، ولا استجارة من ظلم، ولا توسلاً لغني، ولا رجاء من سامٍ، ولا خوفاً من طاغية، ولا خشية من ديكتاتور، ولكن لله وللحرية فقط.

العراقيون أعادوا يوم الأحد الماضي ثانيةً، نشر رسالة الإسلام الفطري النظيف الأول سلمياً ، وبعيداً عن الفقهاء والبلغاء والخلفاء والأوصياء، ومن خلال صناديق الاقتراع، ووضعوا كلمتهم في فم هذه الصناديق، صناديق الاقتراع لا صناديق الاتّباع التي كان يُساق لها قطعان الماعيز في الماضي العراقي وفي الحاضر العربي وحتى الآن.

-5-



ما أصعب كل هذا على العرب الآن الذين لا يرفعون إصبعهم إلا شكراً لأولياء النِعم.

ما أصعب ذلك على العرب حيث لم يقف منهم ملك أو رئيس أو وزير أو خفير أو فقيه أو إمام أو مؤذن ليقول للعراقيين:

- مبروك، وتهانينا، وعيد مبارك ، وإلى الأمام.

ألا يخجل العرب من أنفسهم من هذا الموقف المشين؟

ألا يخجل العرب وهم يرون الرئيس بوش أول من يقف وبعد دقائق من قفل صناديق الاقتراع يهنىء الشعب العراقي بالانتخابات، ويدفعه إلى مزيد من الخطوات نحو الحرية والديمقراطية بينما القادة والمسؤولون العرب نائمين في العسل الأسود، يمضغون الأيام، ويجترون الشعارات البالية، وينتظرون الغد المليء بالأحلام الكاذبة والأوهام الناكتة التي يفبركها لهم فقهاء الفتاوى من القبور والقصور.

ألا يخجل العرب من أنفسهم وهم يقولون إن "اصرار العدو الاميركي على إجراء الانتخابات في العراق على هواه محاولاً الظهور بمظهر صاحب الكلمة النهائية في مصير العراق، ليؤكد للعرب أجمعين ان الاحتلال هو الذي يقرر كل شيء هناك، وليكشف عن جوهر "الديمقراطية" بالمفهوم الاميركي أي الديمقراطية بالاستعمار". كما قال الكاتب الفلسطيني عادل سمارة في (موقع "كنعان" على الانترنت 3/2/2005).



ألا يخجل المثقفون العرب من أنفسهم وهم يصفون الانتخابات العراقية بأنها (تحرير مواطنين دون وطن) كما قال العدو اللدود للعراق الكاتب الأصولي وأحد قيادي الإخوان المسلمين فهمي هويدي في ("الشرق الأوسط"، 2/2/2005).

فما هو الوطن، وما هو المواطن؟

هل الوطن عبارة عن أرض خالية دون مواطنين؟

وهل هناك أوطان دون مواطنين؟

ما هذا التخريف، وما هذا التجديف؟

-6-



لقد جُنَّ جنون العرب حكاماً ومسؤولين ومثقفين من الطوفان الديمقراطي العظيم الذي غمر العراق من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، حتى أن بعض أهل الفلوجة ممن لم يتعمّدوا بماء هذا الطوفان، ذهبوا صباح الاثنين للاقتراع بعد أن انفضَّ العرس الديمقراطي مساء الأحد الأبيض.

جُنَّ جنون العرب وهم يرون الشعب الديمقراطي يتعطر بحبر الديمقراطية، ومنهم من قال إنه العسل الديمقراطي، ويتعمّد بالطوفان الديمقراطي عماد المسيح في نهر الأردن، بينما العرب يغرقون في مستنقعات الديكتاتورية وأنظمة الحكم التي يبدأها الحاكم من القصر ولا ينتهي بها إلا إلى القبر، ويقول بأن دخول حمّام السلطان أصعب من الخروج منه، مثله مثل (الكندرة) الضيقة على القدم الكبيرة.

-7-



ألا يخجل المثقفون العرب من أنفسهم وهم يصفون الانتخابات العراقية بأنها "جرت في ظل احتلال عسكري أجنبي، ونسبة المشاركة فيها انما جري احتسابها علي قاعدة الناخبين المسجلين في السجلات الحكومية المنظمة لهذه الغاية، وهي سجلات مشكوك في صدقيتها كما هو مشكوك في صدقية النسبة المئوية للمشاركة المستندة اليها، ناهيك عن الشك في نزاهة الإدارة التي اشرفت عليها" كما قال القيادي البعثي اللبناني عصام نعمان ("القدس العربي"، 2/2/2005).

ألا يخجل المثقفون العرب من أنفسهم وهم يصفون الانتخابات العراقية بانعدام شروط الحرية فيها، وبأنها "لا يمكن أن تكون نموذجاً للإصلاح الديمقراطي لا في العراق ولا في المشرق العربي. وأن هذه الانتخابات جرت في إطار ترسيخ النـزعات الطائفية. لهذا السبب لا نستطيع قراءة الوقائع ولا استيعاب المفاهيم التي صنعتها الانتخابات التي تمت في إطار تنعدم فيه شروط الحرية التي نفترض أنها الضامن الأكبر لكل فعل سياسي ديمقراطي" كما قال المفكر المغربي كمال عبد اللطيف ("الشرق الأوسط"، 3/2/2005).

ألا يخجل المثقفون العرب من أنفسهم وهم يصفون الانتخابات العراقية بأنها (مارينـز الديمقراطية) وبأن العراق أصبح "قاعدة من قواعد تصنيع الانتخابات على الطريقة الأمريكية" كما قال الكاتب المصري صلاح الدين حافظ ("الدستور" الأردنية، 3/2/2005).

ونحن نقول وبكل شجاعة عاشت عاشت عاشت "ديمقراطية المارينـز" على هذا النحو الذي جرى في العراق، وهي أمل عزيز وغالٍ (تكاليفها حتى الآن 200 مليار دولار، وآلاف الشهداء من مسيحيين ومسلمين وعرب وعجم) لكل عربي بدلاً من "ديمقراطية قطعـان الماعيز" ذات التسعـات الذهبية 999و99 الخمس.

-8-



قال عراقي في الشتات إن الإصبع العراقي المرفوع اليوم والمضمّخ بحبر الحرية وعطر الديمقراطية هو الخازوق الذي ستجلس عليه في الأيام القادمة كل الديكتاتوريات العربية، فكان جوابي على ذلك أن العراقيين يثأرون اليوم للخوازيق التي أشبعتهم اياها الديكتاتورية العراقية طيلة السنوات الطويلة الماضية، وقدر الشعوب دائماً أن تثأر لحريتها المسلوبة. وهذا يوم الثأر العراقي.

فما أرقى هذا الثأر، وما أسماه، وما أجلَّ مقامه.

لم يكن رد الشعب العراقي على سنوات القهر والظلم والطغيان بالقتل والسحل، وانما بالسعي إلى صناديق الاقتراع فجر الثلاثين من يناير، لكي يثأروا لأنفسهم ولأطفالهم ولأحفادهم ولمستقبلهم من الديكتاتورية العاتية برفع هذا الإصبع الْمُضمّخ بحبر الحرية وعطر الديمقراطية.

لقد تمنّى معظم العراقيين الذين شاهدناهم يرقصون ويدبكون على شاشات الفضائيات أن لا يزول هذا اللون البنفسجي الجميل من أصابعهم ليظلَّ يذكرهم، ويذكِّر العرب الآخرين بهذا اليوم العظيم.

-9-



ما أغلى الحرية، وما أعظم تضحياتها؟

أنظروا ماذا قدم العراقيون من دماء وشهداء من أجل اقامة هذا العرس الكبير .. العريس الوطن، والعروس الديمقراطية؟

أنظروا ما الذي قدمته القوى الكبرى الحرة في العالم من دعم وتأييد وتمجيد للديمقراطية العراقية؟

اسألوا أنفسكم :

- من الذي يُجبر العراقيين على تحدي الارهابيين ومواجهة الموت والمجازفة بالحياة من أجل أن يصلوا إلى صناديق الاقتراع؟

- من الذي يُجبر العراقيين في المنافي والشتات على تعطيل أعمالهم، والسفر مئات الأميال لكي يقترعوا ويرفعوا إصبع شهادة "أن لا ولاء إلا للوطن، وأن الحرية حبيبة الله"؟

- من الذي يُجبر المرأة العجوز المُعاقة لكي يحملها ابنها أو حفيدها بين يديه أو على ظهره، ويأتي بها إلى مراكز الاقتراع لكي تقترع، وترفع إصبعها في وجه الشمس، علامة النصر المبين ؟

-10-

سألتي أحدهم:

- ماذا تظن العرب بفاعلين، بعد هذا الطوفان الديمقراطي العراقي الغامر؟

أجبتُ بقولي:

- لو كان الوحي ما زال مستمراً ، ولم ينقطع ، لنـزلت فيهم آية تقول:

(يا أيها العُرْبَان، قد جاءكُم الطُوفَان، يحملُ الفُرقان، وانتمْ عنه عُمْيان، تهيمُون كالقُطعان، ولا تدرون ما أصابَ العراقْ، أهل الانعتاقْ والاتفاقْ، إنها لقارِعَةٌ نافِعة، وسبيلٌ شافِعة، وأنتم عنها غَافِلون، ولها كَارهُون، أفلا تعقلون).



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أولويات العراق بعد الانتخابات
- العراقيون يؤدون الأحد صلاة العيد!
- الانتخابات العراقية بين الشرعية والتبعية
- صناديق الاقتراع مقابر للرعاع
- الانتخابات العراقية والامتحان الليبرالي
- العراق والمصير المنير
- أول شيخ أزهري يُثني ويُوقّع على -البيان الأممي ضد الارهاب
- محمود عباس والخوارج
- أسئلة الأعراب في أسباب الإرهاب
- محمود عباس والطريق إلى الدولة الفلسطينية
- -الإصلاح من الداخل- دعوة طفولية ساذجة لتطييب الخواطر وتقليل ...
- عراقٌ نادرٌ بين الأمم
- -منتدى المستقبل- خطوة على طريق -الشرق الأوسط الكبير-
- نحن والغرب: الشركاء الأعداء
- المثقفون والطغيان في المؤتمر الثالث للفكر العربي
- الواقع العربي المرير وأسئلته
- الانتخابات العراقية بين كفر المقاطعة ومعصية الاشتراك
- بشائر مؤتمر شرم الشيخ
- إنفلاج الصُبح في الفلّوجة
- هل يُصبح محمود عباس -غاندي فلسطين-؟


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - الإصبع العراقي: لله وللحرية