أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - مصر والعجزُ عن تشكيلِ طبقةٍ وسطى حرة














المزيد.....

مصر والعجزُ عن تشكيلِ طبقةٍ وسطى حرة


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3761 - 2012 / 6 / 17 - 09:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عجزت النخبُ السياسيةُ والعسكرية والفكرية المصرية عن الانتقال لمرحلةٍ ديمقراطية حقيقية، وتواجه في خلال ذلك جناحي الطبقةِ الوسطى المتمثلين في المجلس العسكري المسيطر على النظام وجماعة الإخوان المسلمين المسيطرةِ على أغلبيةٍ شعبية سنية متدينة.

عمل المجلسُ العسكري على بقاءِ العلاقات السلطوية البيروقراطية المتوارثة التي تعطي العسكريين والسياسيين الحكوميين هيمنةً مطلقةً على الحكم بعد ثورةٍ شعبية رافضة لهذا الحكم العسكري المطلق.

وقد ناورَ منذ البداية باعتبارهِ وليد وتتويجَ هذه الثورة في حين أنه جاء فقط لتسلسلِ النظام وعدمِ وجود قيادة له، فظهرَ كأنه مصادفة محضة انتقالية لحين ظهور سلطة حقيقية تنبثقُ من الثورة، لكنه ما أن استقر قليلاً في الحكم حتى قام بتجذيرِ نفسه، في ضوءِ المعطيات المحلية والإقليمية والعالمية المتصاعدة بتأييده، فالانفلاتاتُ الأمنية والاضطراباتُ الاجتماعية الدامية عبرت عن عدم وجود قيادة حقيقية للثورة تفرضُ نفسها وسلطتها وتقدم التغييرَ المنشود شعبياً.

فقد جاءتْ الثورةُ بأشكالٍ مبرمجةٍ ذاتية من قبل القوى الشبابية الجديدة سياسياً التي تفتقدُ شبكات التنظيم السياسية المتغلغلة بين طبقات الشعب المختلفة.

وهي إذ استطاعتْ جذب الجماهير الواسعة لكنها لم يكن لديها فكر متجذر له قوى على الأرض، فهي لا تعرفُ عن من تعبر، وهي فئاتٌ وسطى مدنيةٌ مفتتةٌ متذبذبة، لم تشكلْ وتصممْ رؤيةً فكرية سياسية تحالفية من خلال تنظيمات جبهوية فافتقدتْ الشبكةَ القادرة على إحداث تغيير في البناء الاجتماعي.

إن من فجّر الثورةَ أُخرِجَ منها. وكانت المليونيات مظهراً للتحشيد وتوافقات القوى السياسية وهو الأمرُ الذي أدى إلى صعود القوى التي لديها أكبر شبكة سياسية جماهيرية.

ثم بدأ المجلسُ العسكري يستعيدُ شبكته السياسية الجماهيرية التابعة للنظام السابق، التي تخلخلتْ بعد الثورة وانحاز الكثيرُ منها للغالب وللوعود الثورية الهائلة المنتشرة في السماء السياسية، لكن التي لم يتحققْ منها شيء.

فبدأت هذه الأقسام بالعودة للهيكل العسكري السياسي البيروقراطي المسيطر الذي أعاد لملمة صفوفه وبدأت قدراته تتصاعد على الامساك بالنظام.

وسواءً صحتْ (المؤامرات) التي قيلَ إن المجلس افتعلها أو كانت من صراعات واضطرابات القوى السياسية التي لم تكوّن رؤية سياسية صلبة منتشرة بين الجماهير، فإن تسارعَ الاضطرابات وفقدان الأمن وعدم الاهتمام بعيش الجماهير وتحسين مستواها الاقتصادي جعل المجلس العسكري سلطةً حقيقيةً مستعادة من سلطة متجذرة قديمة.

إن القوى السياسية التحديثية هشةٌ لم تعمل خلال العقود السابقة على إستعادة البرنامج الديمقراطي المحدد في رأسمالية حرة ديمقراطية علمانية وتعددية الحكم وتداول السلطة، بسبب قصور الرؤية وتناقضات المشروعات السياسية الإقطاعية المختلفة، فبعضها متطرف إلى اليسار ولهزيمة العسكر وإخراجهم من السلطة تماماً، كحركة ٦ أبريل، وتجده كذلك متطرفا لليمين عبر تأييده للقوى المذهبية السياسية المحافظة المؤدلجةِ للإسلام.

ليس المجلس العسكري سوى قمة الهرم الطبقي للإقطاع السياسي الذي هيمن خلال عقود بل قرون على السلطة وعاشَ على امتيازاتها، وصار للقوى العسكرية والبيروقراطية العليا مصالح كبرى في مؤسسات عسكرية إنتاجية واقتصادية وسياسية وإعلامية منذ ٢٣ يوليو .١٩٥٢

وقد قام هذا الإقطاعُ بتفتيتِ الفئات الوسطى وجرها لمصالحه وتنحية خصومه، وضربَ تكوّنَ أيديولوجيتها التحديثية الديمقراطية العلمانية، فأسّس نظاماً يقومُ على هذه الدعائم، في حين أن الفئات الوسطى المُفتّتة مشروع الطبقة البرجوازية الحرة، لم تكن قادرةً على فهم خصميها الإقطاعِ السياسي الحاكم، والإقطاعِ الديني المعارض.

فحدث تفتيتٌ آخر على مستوى القاعدة والمعارضة، استثمرتهُ القوتان التقليديتان على مستوى الحكم والمعارضة.

وهكذا فإن المجلسَ العسكري في تصعيدهِ للنظام القديم بشكلٍ جديد اعتمدَ على عجزِ المعارضة البنيوي، أي على خللِ الرؤيةِ البديلة لديها، أي على عدم قدرتها على تأسيس مشروع برجوازية حرة، يصعدُ دورَها كنفي له.

الخصمُ القوي للنظام وهم الإخوان المسلمون كانوا من جانبهم عاجزين عن صنع هذا البديل للخلل البنيوي العميق فيهم، فتكونهم الريفي المحافظ، وغياب رؤية دولة المساواة والمواطنة والحداثة والديمقراطية والعلمانية في تكوين تنظيمهم، الذي تغلغلَ فوق شرايين المؤسسات الدينية العتيقة، والمالية الربحية السريعة، لم تجعلهم قادرين على تكوين تلك الرؤية ومن ثم توحيد الشعب وتنظيم الجماهير للحلول مكان المجلس العسكري وما يمثلهُ من تقليدية سياسية وشمولية حكومية.

إنهم تقليديون مذهبيون عجزوا عن تغيير سياسيين محافظين تقليديين. لكن الأخيرين ظلتْ لديهم آلة الدولة القديمة وساعدتهم أخطاء القوى (الثورية) في البقاء وإعادة إنتاج النظام السابق بشكل محسن كما يبدو حالياً!

وقوى برجوازية ريفية مثقلةٌ بكلِ تاريخ العصور الوسطى، تغلغلتْ في المدن الكبرى على مدى نحو قرن ونقلتْ شبكاتها العبادية وتصوراتها وكما هائلاً من فيضٍ سكاني مقتلعٍ من أرضه، وضائع في سماء المدن، فيغدو الدينُ هو ملاذه من كل هذا الاضطراب، لكنه لا يستطيع أن يبني مدينةً عصرية ديمقراطية.

أصبحت الضرورة الممكنة تلوحُ في أفق مصر السياسي: وجود أحزاب جماهيرية تحديثية تشكل ذلك البرنامج الفكري السياسي الاقتصادي وتخلق الديمقراطية التعددية، وليس أن يعلن الحزب تعيين قبطي كنائب أو يعلن عدم فرض الحجاب، فهذا معناه عدم وجود الرؤية الديمقراطية التحديثية والدعاية بشكل تجاري.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من رأسماليةِ الدولةِ إلى الرأسماليةِ الحرةِ
- الماديةُ والعلوم (٢-٢)
- الماديةُ والعلوم (١)
- إلتقاءُ الطائفيين ب (اليساريين)
- رأسمالياتُ الدول العالمية
- الاستعمارُ والديمقراطيةُ (٢-٢)
- الاستعمارُ والديمقراطية (١-٢)
- التحديثُ من قلبِ المدن
- هل هي ثوراتٌ أم غزوات؟
- العوامُ الخطرون
- فئاتٌ صغيرة تابعة
- الناصريون والساداتيون
- قفزتان ونموذجٌ يحترق
- الرأسماليةُ العربية وقضايا الديمقراطية (٢ -٢)
- الرأسمالية العربية وقضايا الديمقراطية (١-٢)
- أسبابُ عجزِ القوميةِ الفارسية عن التطور الديمقراطي
- أحمد شفيق طيارُ التحول الاجتماعي
- رياضُ الترك رمزاً (٢-٢)
- رياضُ الترك رمزا
- مع الرأسماليةِ الحرة يمينٌ ويسارٌ جديدان


المزيد.....




- انقلاب ناقلة نفط ترفع علم جزر القمر قبالة سلطنة عمان
- بعد إطلاق النار.. سفارة أمريكا في سلطنة عُمان تصدر تنبيها أم ...
- -بلومبرغ-: بعض الدول الأوروبية تدرس فتح سفارات لها في أفغانس ...
- -نائب ترامب- يتجاهل مكالمة -نائبة بايدن-
- اكتشاف يحل لغزا محيرا حول -متلازمة حرب الخليج- لدى قدامى الم ...
- العراق بين حزم -خروتشوف- وبندقية -سبع العبوسي-!
- -روستيخ-: صواريخ -إسكندر- الروسية تضرب بـ-دقة القناصة- ولا ت ...
- محاولة اغتيال ترامب.. أجهزة الأمن تتخوف من عمليات انتقامية
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف مواقع لـ-حزب الله- في جنوب لبن ...
- لافروف يصل نيويورك لترؤس اجتماعات وزارية في مجلس الأمن الدول ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - مصر والعجزُ عن تشكيلِ طبقةٍ وسطى حرة