بهجت عباس
الحوار المتمدن-العدد: 1101 - 2005 / 2 / 6 - 12:30
المحور:
الادب والفن
صـديقي العربي
( الفرق بـيـنـنا وبـيـنهم )
حينما كنتُ أدرس في جامعة نوتنغهام ( إنكلترا ) في منـتصف السبعينات، زار الجامعةَ بروفيسور بولوني لقضاء بضعة أشهر، كأستاذ زائر، وكان يهودياً. أعجـبـته الجامعة ونمط الحياة البريطانية والجنيه الإسترليني رغمَ هبوطِه المسـتمر حينذاك، فقرر البقاء! فماذا كان من أبـناء دينه ؟ أوجدوا له وظيـفةَ بروفيسور ( تأريخ أوروبي ) في جامعة مدينة مجاورة، ومنحوه أو أقرضوه (لست متأكداً) مبلغَ أحدَ عشرَ ألفَ جنيهٍ ليشـتريَ بيـتاً ( وهو مبلغ كافٍ لشراء بيت محترم في نوتنغهام أو ما يجاورها في تلك الأيام ). فعاش سعيداً مُـنعـمّـاً ولم يَـعُـدْ إلى عُـشِّـه الذي هجره!
وكان في الوقت عينه زائر آخر، ولكنْ في قسم الكيمياء الحيوية، وكان بروفيسوراً أمريكياً من أصل عربي. توطَّدتْ بيننا علاقة متـينة. وبعد أنْ أمضى سنةً كاملة في الأبحاث وأراد العودة إلى الولايات المتحدة، رجاني بل تمنّـى أنْ أزورَه هناك. فشددت الرحال لزيارته بعد حصولي على شهادة الدكتوراه، وكان ذلك بعد عام على مغادرته نوتنغهام. إستقبلني إستقبالاً جميلاً. ومنذ أن عرف أنَّ في نـيتي البقـاءَ هناك والعملَ في الجامعات الأميركية، تغـيّـر كلّ ُ شيء! أخذ يـثبِّـط هِـمّـتي بإخـباري أنْ ليس ثـمة عمل لي في الولايات المتحدة بطولها وعرضها! وفي اليوم التالي تعرفتُ على بروفيسور أمريكي من أصل ألماني. وبعد أن كلمـته باللغة الألمانية، سُـرَّ كثيراً وطلب مني البقاءَ والعمل. ولما أخبرته بعدم وجود فرصة عمل هنا، ضحك وقال إنَّ أستاذ المناعة بحاجة إلى باحث علمي، وأخذني إليه. وبعد أنْ مدحني أمامه، طلب منه – وهو زميله- ألاّ يقبلَ أحداً غيري، فوعده أستاذ المناعة خيراً. رجعت بعد هذا إلى بريطانيا، فلم أسمع منه أيَّ خبر! هل غيّـر الأستاذ رأيَـه فـيَّ ؟ هل خرّب صديقي العربي هذه الوظيفة ؟ لست أدري، ولكنني أعرف أنه كان ممـتعضاً من فكرة البقاء!
ربمـا قلتَ إنها حال فردية وحيدة. إنها ليست كذلك، فلديّ أمثلة كثيرة مشابهة. المشكلة هي أنـنا لا نزال نغـني:
ونشربُ إنْ وردنا الماءَ صفواً
ويشرب غير ُنا كدراً وطيـنا
نافلة الكلام
-------
نَـشَر في جريدة الحياة اللندنية في 22 أيلول 2000
إذا كان جيـن ٌللبلادة مُـفصِحـاً
فليس لـه إلاَ دواءُ الـتّـغـيّـُرِ
وإنْ غُيِّـرتْ (وَحداته) ضاع أصله
وأصبح من عرق جـديد مُـحوَّر ِ
وإنْ لم يـكن في الجِّين أيّ تغـيّر
فلن يُرتجـى للنـفس أيّ تحـرّر ِ
وإنّا لقوم قـد أضـلّـوا طريقَهمْ
فراحوا حيارى بين "جون" وحمير ِ
#بهجت_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟