أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - داود البصري - في الذكرى الثانية والعشرين لأم الحروب ؟ قادسية صدام السوداء... بعد عقدين من المأساة ؟















المزيد.....

في الذكرى الثانية والعشرين لأم الحروب ؟ قادسية صدام السوداء... بعد عقدين من المأساة ؟


داود البصري

الحوار المتمدن-العدد: 256 - 2002 / 9 / 24 - 04:56
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



ظهيرة يوم الإثنين 22/9/1980 ، كانت البداية الساخنة لذلك الخريف العراقي الرهيب الذي فتح على العراقيين أجمعين بوابات الموت والجحيم والإبادة ، وأدخلهم في واحدة من أكبر المحن القومية والوطنية في التاريخ الحديث ! ، ففي الساعة الثانية من بعد ظهر ذلك اليوم كنا شلة من الطلبة في جامعة البصرة نتناقش ونحن على أعتاب التخرج بعد شهور قليلة بداية العام الدراسي والمناهج وطريق المستقبل مع كل مايحمله الفرد منا من آمال عريضة وأحلام متنامية ، وطموحات مستقبلية وإذا بأزيز الطائرات يشق ويمزق عوالم الأحلام والآمال ويطلق مارد الموت الذي لم يتوقف منذ تلك اللحظات التي أتذكر جيدا كل تفاصيلها ودقائقها وكأنها حدثت بالأمس القريب وليس قبل إثنتين وعشرين حولا أي مايقارب الربع قرن من الزمن العراقي الصعب والذي تغيرت خلاله أشياء كثيرة ، وتبدل معه شكل العالم ، وأنتج ثورة هائلة في العلم والمواصلات والأفكار والتوجهات على مستوى البشرية إلا تلك الساكنة تحت رحمة قطب الرحى وتجار الحروب وأصحاب الكلام والشعارات التي لم تعد تمت للواقع المعاش بأدنى صلة !.
وبما أن العراق والمنطقة العربية يعيشان اليوم على إيقاعات حرب جديدة لامناص منها يكون ميدانها هو نفس ذلك الميدان الذي عشناه قبل ربع قرن يكون حريا بنا أن نتذكر ونذكر ... لعل الذكرى تنفع المؤمنين ؟ .
وقتذاك ... وفي ذلك الزمن الرمادي البعيد أتذكر جيدا صوت المرحوم شكري عبد الصاحب وهو يلعلع في راديو وتلفزيون العراق معلنا عن بداية ماأسموه ب (قادسية صدام )! وإنتصاف العرب من الفرس ! ووأد أطماع كسرى ورستم والهرمزان! مركزين على إسم (القعقاع بن عمرو التميمي)! فيما كان جدي رحمه الله يسألني عن هوية (القعقاع) هذا ومن يكون وهل هو أحد أعضاء الحزب القائد ؟ ، وقتها لم نكن نعرف بشكل دقيق الأبعاد الحقيقية للحدث ولاالصور والآثار المستقبلية الخطيرة التي ستنجم عنه والتي ستغير شكل وتاريخ المنطقة بعد عقد من السنين ، فلقد أشاع إعلام النظام الحاكم من أن الحرب لن تدوم طويلا ! فقد تستغرق أياما عدة قد لاتتجاوز أصابع اليدين ثم (يخضع الفرس المجوس ) ويقروا بعراقية وعروبة شط العرب وزين القوس ..إلخ ، أرادوا أن تكون تلك الحرب (إستنساخا) لحرب حزيران /يونيو 1967 والتي أسماها الإسرائليليون ب (حرب الأيام الستة)! رغم أنها في الواقع لم تستغرق سوى ستة ساعات إنهار معها كل شيء إلا الصراخ والعويل الإعلامي المبرمج ! المهم أن التوقعات الشعبية وقتذاك كانت تقع تحت تأثير حالة النشوة الوطنية المؤقتة التي إستطاع إعلام السلطة بكفاءة واضحة إشاعتها من خلال مزج التاريخ العربي والإسلامي بالخطاب الغوغائي الذي يلامس المشاعر والأحاسيس الوطنية المكبوتة مع تصوير تلك الحرب على أنها حربا دفاعية عن حياض الوطن رغم أن ساحتها كانت أوسع ساحة حرب إقليمية في التاريخ الحديث إمتدت لأكثر من 1160 كم هي طول الحدود البرية بين العراق وإيران! وهي مغامرة لم تخضها أي دولة عربية أو عالم ثالثية! ، كما أن إندلاع تلك الحرب لم تكن مفاجأة بعد أسابيع طويلة من التسخين والإعداد الإعلامي وتصاعد حروب الكلام والحرب كما يقال (أولها الكلام ) .
لقد لاحت مؤشرات ونذر تطورات سياسية وعسكرية خطيرة في المنطقة منذ الأيام الأولى لقيام الثورة الشعبية في إيران ونجاحها في تقويض عرش الطاووس البهلوي والذي كانت سمعته العسكرية والأمنية بمثابة الأسطورة ، ولكنه إنهار كبيت من القش أمام هبة ريح عاصفة مما أثار حالة من الفزع الإستراتيجي في عموم المنطقة التي كانت ملفات إستقرارها وأمنها من الهشاشة بمكان بحيث أن التغيير الإيراني السريع في شباط / فبراير عام 1979 فاجأ حكومات المنطقة ، وكشف العديد من الملفات ، كما أزاح الغبار عن مشاعر وتيارات وإتجاهات كانت في طور النسيان قبل أن تعيد الأحداث حيويتها !.
خليجيا ... كانت لمؤثرات التغيير الإيراني إنعكاسات حادة على الأوضاع الداخلية من نواحي عديدة أمنيا .. وسياسيا .. وعسكريا .. وحتى مذهبيا ، دون تجاهل الوضعية الديموغرافية الهشة في دول الخليج وحجم الوجود الإيراني وطبيعته أيضا هناك ؟ وهو ماإنعكس بشكل واضح في السعودية والكويت وكذلك البحرين ... أما عراقيا فالأمر كان أشبه بالكارثة ! إذ تجمعت في أفق كل عناصر الكوارث الإغريقية القديمة ، ولاحت ملامح التغيير الداخلي القادم تدق بعنف رغم الهدوء الظاهري الذي يحاول النظام العراقي بواسطته إخفاء عناصر القلق والتوجس ، وماهي إلا شهور قليلة حتى إنفجر الصراع المكبوت بين رفاق الحزب الحاكم مطيحا برؤوس العديد من قياديي الصف الأول في الحزب والدولة منهيا الفصل الأول من التراجيديا العراقية السوداء بما حصيلته 22 رأسا قياديا بارزا تمت فبركة سيناريو (مؤامرة سورية ) مزعومة لحصد رؤوسهم وكذلك وأد التقارب السوري العراقي وإقبار ميثاق العمل الوحدوي مع السوريين وإدخال العراق في الترتيبات الدولية الجديدة التي كانت صورتها تتشكل بعد خروج مصر من العالم العربي على خلفية مبادرة السادات السلمية مع الدولة العبرية... لقد هبت إذن رياح السموم على العراق والخليج والعالم العربي وتجمعت عناصر واحدة من أخطر الألعاب الأممية بمصائر الشعوب ، وإحتدمت النار في ربوع العراق بعد إنفجار المواجهة مع الحركة الإسلامية العراقية وقيام دولة المخابرات وإقرارها لسياسات الإعدام بأثر رجعي ضد كل نفس معارض بحجة الحفاظ على الوحدة الوطنية! ومن ثم التطرف في اللجوء صوب سياسات طائفية خطرة وإلغاء المواطنة لعشرات الآلاف من العراقيين وبعضهم كان مخلصا للنظام ويحارب في صفوفه ! وإعادة نبش كل الخلافات والصفحات السوداء المطوية مع الجانب الإيراني دون نسيان السلطة كعادتها للشعارات القومية التمويهية حول دفاعها عن (عروبة الجزر الإماراتية المحتلة) في رأس الخليج العربي!.. ثم كان التطور الأخطر في السابع عشر من أيلول/ سبتمبر عام 1980 بإلغاء صدام لإتفاق الجزائر لعام 1975 والذي قام هوذاته بتوقيعه مع الشاه الإيراني كثمن كان لابد من دفعه لإجهاض الثورة الكردية التي دخلت وقتذاك مرحلة حاسمة كانت تهدد وجود النظام ذاته ، ففرط في حقوق العراق القومية في شط العرب كثمن واجب الدفع لإستمرار النظام وهي سياسة سيتبعها الحاكم العراقي كثيرا فيما بعد !... المهم أن الحرب كانت هي الطريق الواضح للهروب من الأزمة الداخلية وللتنصل أيضا من كل التعهدات السابقة مع غياب القراءة الإستراتيجية السليمة لمستقبل الأوضاع وخلو العراق من أي آليات تساهم في فرملة مشاريع الحاكم وطموحاته ، فجاء يوم الثاني والعشرين من أيلول والذي سيظل محفورا في الذاكرة الجمعية لعموم العراقيين بمثابة اليوم الحاسم الذي أدخل العراق وشعبه في أتون لعبة الأمم التي لاترحم والتي وقودها الناس والحجارة والحضارة والوجود ذاته .. وفتحت بوابة الجحيم على أوسع مصارعيها وتغلغل الخطاب الغوغائي وسال الدم العراقي العبيط ليملأ بطاح العراق ووديانه ويفيض جماعيا ولتستمر المحرقة المجنونة لحوالي ثمانية أعوام عجاف لم تنته إلا بعد مراحل ومخاضات وصراعات ولتنتهي بنفس الصورة التي بدأت بها أي بالمفاجأة وكانت من الجانب الإيراني هذه المرة بعد أن (تجرع) الخميني الراحل السم وأوقف الحرب بعد ضغوط دولية قاسية ! وكانت النتيجة هي التعادل المأساوي حيث إلتزم الطرفان بالإتفاقيات السابقة وعاد النظام العراقي لتبني وقبول إتفاق الجزائر ؟ كما أنهى الإيرانيون مشروعهم المعلن بضرورة إسقاط النظام العراقي و(أن طريق القدس يمر بكربلاء)! لتكون النتيجة (كأنك ياأبو زيد ماغزيت)! ولتستمر المشاكل الإنسانية حول مواضيع الأسرى والمهجرين والمعوقين إلى مالانهاية ولتفتح المعابر الحدودية لإعادة الجثث المندرسة والجنود المجهولين في حرب لم يكن من الضروري أن تقع ، رغم أنها غيرت تاريخ الشرق الأوسط وأضافت إليه كل معالم المأساة التي تعيشها المنطقة حاليا وهي تتأهب لحرب جديدة... لقد كانت (قادسية صدام) الأم والحاضنة الفعلية لكل الحروب اللاحقة .



#داود_البصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ يوسف القرضاوي .. والنظام العراقي .. وحكاية الذئب والحم ...
- الجوقة ( العطوانية ) في الحرب الإعلامية .. نماذج من صحافة ال ...
- فضائية الجزيرة ... بين حثالات الناصريين ... وبذاءات عبد ال ...
- هل يستطيع النظام العربي العاجز إحتواء الحالة العراقية ؟
- عبد الحليم خدام ... الباطنية... والتصريحات الباريسية ؟
- موسم التضامن مع القتلة ! (حزب الله ) اللبناني ... ونفي إره ...
- الشيخ يوسف القرضاوي .... وفتاوي (هونغ كونغ ) التدليسية ؟
- البرلمانيون العرب ... تضامن مع حرية الشعوب .. أم تكريس للطغي ...
- إرهاب النظام الصدامي موثق ولايحتاج لدليل ؟
- عودة (الشيخ) طه الجزراوي إلى صباه .. في القدرة على الإرهاب ؟
- طه الجزراوي في رحلته الشامية ... العراق ليس أفغانستان نعم . ...
- سعود الفيصل .. وأعمدة الحكمة الوهابية ؟
- بين بشار السوري .. وحسني المصري .. وحمد القطري ....
- الأمير وليد بن طلال وصدام ... ماحكاية (فيتنام ) الجديدة ؟
- رسالة لمعالي وزير خارجية دولة قطر
- السوريون .. بين دولارات صدام .. ونكتة الأمن القومي .. والحلو ...
- منظرو (الخرط السياسي) .. خلط الأوراق وترويج الأراجيف ؟
- كتبة (الخرط السياسي الحديث ) وأحاديث الإفك والحقد المبرمج ؟
- من هم العملاء يانظام دمشق ؟
- آية الله السيد الحكيم ... الحل السياسي .. أم الرغبة الإيراني ...


المزيد.....




- بعد سنوات من الانتظار: النمو السكاني يصل إلى 45.4 مليون نس ...
- مؤتمر الريف في الجزائر يغضب المغاربة لاستضافته ناشطين يدعون ...
- مقاطعة صحيفة هآرتس: صراع الإعلام المستقل مع الحكومة الإسرائي ...
- تقارير: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله بات وشيكا
- ليبيا.. مجلس النواب يقر لرئيسه رسميا صفة القائد الأعلى للجيش ...
- الولايات المتحدة في ورطة بعد -أوريشنيك-
- القناة 14 الإسرائيلية حول اتفاق محتمل لوقف النار في لبنان: إ ...
- -سكاي نيوز-: بريطانيا قلقة على مصير مرتزقها الذي تم القبض عل ...
- أردوغان: الحلقة تضيق حول نتنياهو وعصابته
- القائد العام للقوات الأوكرانية يبلغ عن الوضع الصعب لقواته في ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - داود البصري - في الذكرى الثانية والعشرين لأم الحروب ؟ قادسية صدام السوداء... بعد عقدين من المأساة ؟