|
محاولة لإنضاج النقاش الدائر حول الهجوم البيروقراطي داخل الاتحاد المغربي للشغل
أحمد أطلسي
الحوار المتمدن-العدد: 3761 - 2012 / 6 / 17 - 03:19
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
تتبعت منذ أول تعليق نزل ليناقش موقف ما أسماه صاحب المقال بمناضلات و مناضلي "البرنامج المرحلي" من الصراع الدائر حاليا داخل المنظمة النقابية الاتحاد المغربي للشغل، قلت تتبعت كل ما كتب من مقالات و ردود و ردود مضادة باهتمام كبير و في نفس الوقت على أمل أن يتطور ذالك النقاش و ألا ينحصر في بعض الزوايا الضيقة الموغلة في الشخصنة و في الابتعاد عن الموضوع الأصل و هو الصراع داخل الاتحاد المغربي للشغل و قضية البناء النقابي في ظل سيادة البيروقراطية و البورجوازية بشكل عام.
غير أن المخجل في بعض المساهمات أن هذا البعض نسي التجند لفضح البيروقراطية المتسلطة أو المتنفذة أو الكبيرة (سموها ما شئتم) و أصبح يوجه السهام (و قد تقوت هذه السهام الآن) ضد ما يسمونه "البرنامج المرحلي". هذا في الوقت الذي يعرفون فيه حق المعرفة أن "البرنامج المرحلي" فصيل طلابي سياسي (ليس في الأمر أي تناقض و لا عجب لأن قطاع التربية و التكوين أو التعليم قطاع يعتمد فيه النظام سياسته الطبقية و يعتبره هو نفسه قطاع استراتيجي لما لمنظومة التربية و التكوين من أهمية في إعادة إنتاج البنى السائدة، و بالتالي فيمكن لأي فصيل أوطمي نقابي أن يطرح رؤيته داخل هذا القطاع و هذه الرؤية لا يمكن أن تكون إلا سياسية في نهاية المطاف لأن مخططات النظام في هذا القطاع هي في النهاية سياسية)، قلت إن "البرنامج المرحلي" فصيل طلابي سياسي سبق للبعض أن ناضل فيه و هو الآن في النهج الديمقراطي أو غيره من الأحزاب (الاشتراكي الموحد، الأحرار أو حتى البام و غيرها). و لكن في نفس الوقت هناك مناضلات و مناضلين عديدين جدا - رغم أنهم لم يعودوا طلبة - بقوا متشبتين بمرجعية الفصيل الطلابي و هي الماركسية اللينينية (رغم أن هناك مجموعات أخرى تعتقد أن هذه الأخيرة في طور ثالث من التطور...) و يعتزون برصيد الفصيل الطلابي و بتضحياته و شهدائه و معتقليه السياسيين في سبيل تعليم شعبي ديمقراطي و في سبيل ربط نضالات الطلبة بنضالات الجماهير الكادحة و على رأسها الطبقة العاملة من أجل الحرية و الانعتاق من الاستغلال الطبقي.
فالمشكلة إذن ليست هل "البرنامج المرحلي" فصيل طلابي فقط أو له امتداد في الشارع السياسي؟ أو هل يمكن أن يكون هناك فصيل سياسي موجود في قطاع واحد فقط هو قطاع الطلبة؟ إن بعض الأسئلة التي طرحها بعض المتدخلين حول كيف يمكن فهم تواجد المناضل في فصيل لمدة أربع سنوات ثم ينتهي الأمر فيه نوع من التقزيم ينم عن عدم وجود رغبة للفهم، بل رغبة لتصفية الحسابات فقط. أولا إن التحاق مناضل أو مناضلة ما بهذا الفصيل بالجامعة يتم بناء على الاتفاق مع مبادئه و على رأسها المرجعية الفكرية و خلال مساره هذا يناضل و يتكون و يساهم في تأطير النضالات الطلابية و في العمل على ربطها بالنضالات الجماهيرية و عندما يخرج من الجامعة يبقى عمله لينضاف إلى عمل رفاقه السابقين و اللاحقين. أما هو كفرد فإنه يخرج بقناعاته الفكرية و الإيديولوجية و بمواقفه السياسية و بخبرته التنظيمية داخل الفصيل و آنذاك يمكن له أن ينخرط في النضال الجماهيري (الإطارات الجماهيرية المناضلة و هذا هو حال الغالب الأعم) أو في نفس هذا المعمعان النضالي خارج الإطارات القائمة (فالنضال الجماهيري في المغرب و غيره ليس كله يتم من خلال المنظمات و الإطارات).
فهل عدم الاقتناع بالتنظيمات السياسية القائمة (من رجعية و إصلاحية و مراجعاتية من منظور ماركسي لينيني يلزم العديد من هؤلاء) أو الجماهيرية المناضلة القائمة يعد جريمة اقترفتها مجموعات كبيرة من سابقي مناضلات و مناضلي "النهج الديمقراطي القاعدي" (و هي التسمية الحقيقية للفصيل، أما "البرنامج المرحلي" فهو برنامج موجود تم تبنيه في 1986 من قبل كل القاعديين الذين رفضوا أطروحات جديدة ظهرت في الساحة الطلابية عقب استكمال مسلسل المراجعات الكبيرة في الخط الإيديولوجي و السياسي لمنظمة إلى الأمام في 1984 تحت اسم "الطلبة القاعديين" أو "كراس 1984") يجب إدانتها و التجند لمحاربتها؟
إن من يريدون استغلال واقعة أن بعض المناضلين الذين كانوا أيام الجامعة ينتمون فعلا لفصيل "النهج الديمقراطي القاعدي" و استمروا بعد ذلك يعلنون تشبتهم بنفس المرجعية الفكرية لهذا الفصيل حتى خارج الجامعة -أيام الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين و في النقابات و تنسيقيات مناهضة الغلاء و غيرها- و هم بالمناسبة 4 أو 5 أشخاص لا غير و في قطاع واحد هو قطاع الجماعات المحلية و في موقعين جغرافيين لا غير هما تازة و ناحيتها و بني ملال و ناحيتها، إن من يريدون ذلك إنما في الحقيقة يبحثون عن مبررات واهية للهروب من النقاش الحقيقي، ألا و هو ما العمل الآن أمام الهجوم البيروقراطي و كيف يمكن بناء تجربة نقابية مكافحة و مستقلة كليا عن البيروقراطية و عن السلطة البورجوازية و عن الرأسمال؟ كيف يمكن بناء تجربة تكرس فعلا لا قولا فقط الأعراف الديمقراطية و تكرس مبدأ الاختيار الحر للعمال و العاملات لممثليهم و للمفاوضين عن ملفاتهم؟ كيف يمكن بناء تجربة نقابية تكون فيها الطبقة العاملة المنقبة هي صاحبة القرار الأول و الأخير (بتدخل المناضلات و المناضلين طبعا و لكن من وجهة نظر عمالية خالصة أي بتثقيف العمال و زرع الوعي الطبقي عندهم و الرفع من مستوى وعيهم السياسي بما يمكنهم من الدفاع عن مصالحهم المادية و الديمقراطية و بما يمكنهم من معرفة المفسد النقابي و غير المفسد...)؟ و لماذا لم تهب الجماهير العمالية المنقبة معنا لنجدة الديمقراطية و الدفاع عنها و حماية المقرات النقابية من سطو البيروقراطيين المتنفذين عليها خصوصا بمنطقة الرباط-سلا-تمارة حيث ندعي جميعا أننا بنينا تجربة رائدة بها؟ أين العمال الزراعيين، أين عاملات و عمال القطاع الصناعي؟ أين الحركات المناضلة و المكافحة بالمنطقة في خططنا لاسترجاع المبادرة و الهجوم على البيروقراطية انطلاقا من "معاقلنا"؟ هذه بعض (و ليس كل) الأسئلة الحقيقية التي من شأن طرحها و الجواب الجماعي عليها سيتبين نوع التجربة التي بنيناها و نوع التجربة التي يجب أن يتجه مجهودنا لبنائها في المستقبل.
لو كان الأمر بالبساطة التي يريد صابر صبري و من تبعه في منحاه، لأخرجنا بيانات نارية و قوية ضد الذين حضروا و ساندوا الانقلاب الذي قادته البيروقراطية المتنفذة داخل الإمش في قطاع الجماعات المحلية (رغم أني شخصيا كتبت عن هذا و أدنت تصرف هؤلاء و سأستمر في ذلك).
لو كانت المسألة مسألة بعض الأفراد أو مسألة بعض سابقي "البرنامج المرحلي" لكان أهون، لكن الأمر أبعد من ذلك. و لكن لا بأس أن أذكر المتهجمين على المجموعات الماركسية أو الماركسية اللينينية أو على مجموع يسار النهج الديمقراطي ببعض الأسئلة : - ألا تعرفون أن المدعوان محمد الزغموتي و حسن المدني (صاحب الشعارات) و العاملين في قطاع الفلاحة و من قياديي الجامعة الوطنية لقطاع الفلاحة هم الآن في الطرف الآخر، بل من أطره الجديدة التي تعرف عن "التوجه الديمقراطي" كل صغيرة و كبيرة نتيجة العلاقات الوطيدة التي كانا يتمتعان بها مع قيادة "التوجه الديمقراطي" بالرباط-سلا-تمارة؟ - ألم يكن المدعو الزغموتي لا يفارق كالظل الرفيق أمين عبد الحميد و كانت قيادة "التوجه الديمقراطي" تثق فيه كثيرا و كان يتحرش بنا نحن بعض المخالفين و يتحرش بالعاملات و العمال و يسرق المالية و يتاجر في الملفات و كنا قد نبهنا إلى ذلك في حينه و كان لا يكلمنا حتى في حين لم يكن يفارق قيادة "التوجه الديمقراطي"؟ - ألم يكن المدعو المدني متعاطفا مع النهج الديمقراطي و كان كما أستاذه الزغموتي معروفا بانحرافه الواضح عن ما كنا جميعا نناضل من أجله؟ - ألم يتخلى مجموعة من المناضلين القريبين من "النهج الديمقراطي" عن الرفيق لفناتسة في قطاع الماء الصالح للشرب و هم يستعدون الآن للتعاون مع البيروقراطية لعقد المجالس و المؤتمر الخاص بهذه الجامعة بدون الرفيق لفناتسة في الوقت الذي كان الجميع يفتخر بكون هذه الجامعة جامعة في يد التقدميين و القريبين جدا من رفاقنا في "النهج الديمقراطي"، بل إن زعيمها من خريجي المنظمة الأم؟ - ... مع ذلك، لم نكن نريد استغلال أخطاء رفاقنا في "النهج الديمقراطي" في التنظيم النقابي ولا ممارسات بعض "المناضلين السبعينيين" لتعليق "صومعة النهج الديمقراطي". لأننا انتبهنا –نحن مجموعة من المناضلات و المناضلين التقدميين العماليين الغير منتظمين- منذ البداية أن الهجوم البيروقراطي لا يستهدف طرفا دون آخر كما أنه و هذا هو الأهم يستهدف العاملات و العمال و مجموع النقابات المناضلة و المكافحة، بل و كل عمل نضالي مستقل عن البيروقراطية المتنفذة و عن السلطة و الباطرونا. لذا كنا منذ البداية هنا بالرباط-سلا-تمارة ضمن و ليس إلى جانب "التوجه الديمقراطي" لأننا جزء منه و لم ننخرط فيه الآن فقط كما قد يبدو من خلال بعض التصنيفات و لكن باستقلالية عن الرفاق في النهج الديمقراطي عندما يكون الأمر يستدعي ذلك (اختلاف حول التكتيك المناسب أو في تقدير شروط الفترة التي نمر منها أو في فهم كل طرف للديمقراطية و التوافق و متى و مع من يمكن أن يكون... بالمناسبة إن مفهوم التوافق الديمقراطي هو مفهوم يستعمله الرفيق أمين عند دفاعه عن مجمل الممارسات و التصرفات التي قامت بها قيادة "التوجه الديمقراطي" في مؤتمري الاتحاد الجهوي بالرباط-سلا-تمارة في 2001 و 2005 و كذا في المؤتمر الوطني العاشر في 2010 و في العديد من المناسبات الأخرى. أما نحن فأسميناه توافقا مع البيروقراطية و "تعايشا سلميا" معها و انتقدناه لأنه فيه بحث عن اختراق تنظيمي في القيادات لا يوازيه حجم مماثل في القواعد و في القطاعات. و على كل حال فهذا الانتقاد كان دائما يتم و سيبقى يتم داخل الأجهزة كذلك. كما أن الرفيق أمين نفسه لا ينفي أنه كان يبحث عن هذه التوافقات و كان يسميها في ردوده علينا "توافقا ديمقراطيا" لأنه فيه مصلحة العاملات و العمال على حد تعبيره).
في الأخير، أريد أن أقول بأن البعض يسعى لتحويل اتجاه النقاش الذي يجب أن ينطلق بقوة و يستمر حول آفاق العمل بعد فك الارتباط مع الاتحاد المغربي للشغل على مستوى القانون الأساسي بكل من الجامعتين الوطنيتين للتعليم و الجماعات المحلية و كذا الاتحاد النقابي للموظفين (حيث يتواجد في هذه الإطارات عدد مهم من سابقات و سابقي "البرنامج المرحلي" و المعروفون بقتاليتهم و ميدانيتهم، و مع ذلك و في كل مرة و عند كل خلاف يتم اللجوء إلى أسطوانة عدم التواجد الميداني للرفاق سابقي "البرنامج المرحلي" و اقتصار هذا الوجود على رفاقنا في "النهج الديمقراطي" الأبطال دوما و أبدا).
نحن لن ننجر إلى هذا التحريف للنقاش. فقط وجب توضيح أن لنا نحن أيضا ما نقوله بخصوص الردة و الارتداد و مسؤولية الطرف المتهجم في عدم "تربية" القواعد على النضال ضد البيروقراطية و على الفهم الصحيح للديمقراطية و معرفة الأعداء الحقيقيين و المفترضين و عدم فضح سارقي المال في النقابة و في التعاضدية و في غيرها منذ البداية و انتظار الهجوم الأخير فقط ليبدأ الفضح. فكيف سيفهم عامل و مأجور منقب معنا هذه الممارسة : السكوت في حينه و الكلام بعد قرارات الطرد و الحل و التنصيب الفوقي و الارتداد على نتائج التوافق مع البيروقراطية المتنفذة؟ و مع ذلك أقول إنها مسؤوليتنا نحن جميعا.
ملاحظة قد تكون لها علاقة بما سبق (على هامش الجدل حول الرقابة في المجموعات الإلكترونية) :
لماذا يا رفيقي الطاهر الدريدي لم أسمع أي صرخة تضامن معي منذ تأسيس المجموعة [email protected] حيث تعرضت شخصيا لرقابات عديدة إن لم تكن ممنهجة حيث لا يمر إلا قلة قليلة جدا مما أرسله للمجموعة و لا زال الأمر لحد الآن رغم أني كتبت عن هذه الرقابات مرارا و آخرها يوم أمس. هذا تجاهل لصرخة عضو في المجموعة. فهل هناك أعضاء يستحقون التضامن و آخرون (لأنهم ليسوا منا) لا يستحقون؟ هذا التعامل الازدواجي كافي لفهم هذا الهجوم الأخير على المناضلات و المناضلين المختلفين مع رفاقنا في النهج الديمقراطي.
#أحمد_أطلسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آفاق الصراع الحالي ضد البيروقراطية المتنفذة داخل الاتحاد الم
...
-
على ضوء الهجوم البيروقراطي الأخير بالاتحاد المغربي للشغل: تو
...
المزيد.....
-
الفينيق يُطلق حملته السنوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ال
...
-
الفينيق يُطلق حملته السنوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ال
...
-
نقابة الصحفيين الفلسطينيين تطلق حملة صحفيات بزمن الحرب
-
الحكومة الجزائرية : حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في الجزائر
...
-
تأكيد المواقف الديمقراطية من الممارسة المهنية وعزم على النهو
...
-
وزارة المالية العراقية : موعــد صرف رواتب المتقاعدين في العر
...
-
“اعرف الآن” وزارة المالية تكشف حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين
...
-
مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا
...
-
تعرف على موعد صرف رواتب الموظفين شهر ديسمبر 2024 العراق
-
تغطية إعلامية: اليوم الأول من النسخة الأولى لأيام السينما ال
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|