|
الطاولة المستديرة وساسة العراق
وديع شامخ
الحوار المتمدن-العدد: 3760 - 2012 / 6 / 16 - 20:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عراقيون ... ولكن بعد هذا الفاصل
الطاولة المستديرة وساسة العراق
سأترك الأصل الإسطوري أو الحقيقي لنشوء رواية الطاولة المستديرة في التاريخ ، وأذهب الى رواية علم النفس ، فالطاولة المستديرة هي واحدة من تجاربها حول فحص البشر على مستوى التلقي والتداول لحكاية واحدة ، خبر ٌ يتم تداوله بين أشخاص يجلسون على طاولة مستديرة، إذ يتم الهمس في أذن الجالس الأول َخبر ما .. ويُطلب منه أن ينقله الى الآخر.. وهكذا حتى تتم الدائرة ويصل الخبر مرة ثانية الى السامع الأول . ولقد تم إكتشاف مهم جدا ، وهو أن الخبر حين ينقل من شخص الى ثانٍ ، تتم اضافة أو طرح معلومة على الخبر الأصلي من قبل الشخص مستلم الخبر ، حتى بلغ العجب حين انتهت الدائرة ووصلت الحكاية الى ناقل الخبر الأول.. إذ أن الخبر صار مختلفا نهائيا ومثقل بحكايات وتأويلات غير موجودة في نسخة الخبر الأول ... بين الأول والأخير بون شاسع من التصديق والتكذيب .. في الطاولة المستديرة يفحص الكائن عبر مسموعاته وإضافاته .. ومن فضائل الطاولة المستديرة أيضا انها بلا رئيس أو زعيم يتصدر الجلسة ويهمين على الجماعة بخطابه وشروطه .. والحق أن ساسة العراق يشتركون مع جلساء الطاولة المستديرة في الإضافة والتأويل والانصات الى الوشاية فقط.. كل واحد سمع الحكاية الأولى وأشاعها .. ولكنه لم َيسلم من الإضافة عليها، عبر مصدر الإضافة الخارجي وفقا لإنتمائه السياسي و شروط الممول الخارجي أو الداخلي .. ................................. حكاية سحب الثقة نموذجا ولنأخذ قضية " سحب الثقة " من حكومة المالكي لنطبقها على مفهوم الطاولة المستديرة .. فجميع الفرقاء لهم أراء تتباين أو تشترك وفقا لمصالحهم وأهوائهم ومرجعياتهم الوطنية والأقليمية والدولية وربما " الإلهية " أيضا .. حسب تصريح السيد مقتدى الصدر الأخير في تعليقه على أن أمر سحب الثقة هو " مشروع عراقي وإلهي!!" . اللعبة الآن تريد أن تصل الى طريق مسدود بعد أن وجه رئيس الجمهورية " مام جلال" الى فرقاء سقيفة أربيل بانه " في حلّ من هذا الموضوع لعدم توافر الشروط القانونية له والمتمثلة بتوفر أصوات النواب الكافية لسحب الثقة ، بعد ان سحب أحد عشر نائبا تواقيعهم وتعليق أثنان آخران لتوقيعها ، وهو مضطر الى الاستقالة من منصبه اذا ما واجه ضغوطا أكثر من قبل " جماعة أربيل" .. وهو يشير بشكل ضمني الى جهود غرماء العملية السياسية الى الانتقام من " المالكي شخصيا" متوعدين بجمع تواقيع كافية لسحب الثقة .. في حين ان " المالكي " يشير الى مناوئيه بالجلوس الى الطاولة المستديرة !!! وقد وصل الأمر الى أن الرئيس طالباني كذّب أياد علاوي.. في قضية طبخة إزاحة المالكي سياسيا والتي كانت غير ناضجة .. لذا أظهر لنا المطبخ السياسي العراق ، وجبات عسيرة الهضم .. وأبرزها " الإصرار على زوال المالكي" وكأنه الطامة الكبرى ، ومخرب العباد. المشكلة أن فرقاء العملية السياسية لا يريدون الإمتثال والجلوس على طاولة الحوار الوطني المستديرة ، لأن هذا الطاولة بقدر ما تسمح بالتأويل والإضافة فأنها ُتجرّد رؤساء القوائم من سيادتهم وسلطانهم وتصدرهم للطاولات المربعة والمثلثة .. الخ. الطاولة المستديرة تعني " عراقيا " الجلوس كمحاورين متكافئين في الحقوق .. بطرح كل ما يتعلق بأداء الحكومة والمالكي شخصيا وفقا للدستور الموجود حاليا والمقرّ والمعترف به من قبل معظم أطراف العملية السياسية .. الطاولة المستديرة الآن تمثل الحل الأكثر واقعية لتدارك المزيد من الوشاية والاضافة والتأويل القادمين من خارج الحدود العراقية.
................... الدم العراقي الرخيص يقول الفيلسوف كارل بوبر: "ترتكز الحضارة أساسا على تقليص العنف" وهذا، في رأيه، هو الهدف الرئيسي الذي ينبغي أن تسعى إليه الديمقراطية. ويشير إلى حرية الأشخاص غير مضمونة في المجتمع إلا بقدر ما يتخلى جميع الأشخاص عن استخدام العنف: "تتطلب دولة القانون اللاعنف الذي هو نواتها الأساسية"قد يعلم ساسة العراق وسادتهم ومسؤوليهم ، أن الافراط والإصرار على إستمرار الإحتقان السياسي والفرقة والتباعد في رؤية قيادة دفة الحكومة ، هو السبب المباشر والرئيسي لهذا الثمن العظيم الذي يدفعه المواطن العراقي بيد عصابات الدم ومافيات الإتجار بالإرواح البشرية وسيادة مبدأ العنف .. وهو ما حصل في الأيام القليلة السابقة وبمناسبة الزيارات " المليونية "!! وما شهدناه بألم وقرف من الإستهتار بالدم العراقي الكريم ، و بحياة العراقي عموما ، الذي قضى أكثر من أربعين عاما ضحية مجانية في دائرة " جمهوريات الخوف والإستبداد" . هل هذا كلّ ما في جعبتكم ياساسة العراق ؟؟ أليس إختلافكم وتناحركم، وهبوب رياح المرجعيات الأقليمية والدولية على مشاريعكم وأجنداتكم السياسية هو المقتل الرئيس لهذا الدم العراقي المجاني ؟؟ ............................................. يبدو أن الساسة في العراق قد أصابهم الهلع من الجلوس على طاولة واحدة .. ، حيث لا يتاح لهم ممارسة هواياتهم الرئاسية مع مريديهم وعبيدهم فقط ، دون أنداد فاعلين . الطاولة المستديرة تعني أن الاشخاص المجتمعين سيكونوا على درجة واحدة .. ينصتون الى الجميع .. لهم حصة واحدة في الحديث .. ولهم علاقة بمبدأ الطاولة في الجهل بالآخر " والناس أعداء ما جهلوا"، لذا يخاف الساسة في العراق فقدان مركزيتهم في الطاولة المستطيلة ، حيث الرؤساء على الكراسي .. يقولون ولا يسمعون .. والطاولة المستديرة تمدّ المجتمعين بعامل الشفافية والقرب .. وهذا ما لا يريده حكام العراق الجدد .. !!! عجبا أن الساسة والسادة مصابون بداء مرضي يركز على الإنقضاض على شخص ما ، دون ولوج أبواب مشرعة لمحاسبة الحكومة "المالكية" تحت قبة البرلمان عبر الإستجواب .. وهو سلاح ماضٍ وفعال ومرئي للجميع .. أم ان سلاح البرلمان فيه من الفضائح أكثر من الستر مهتدين بمقولة " أذا بليتم فأستتروا"!!!وبتأويل مشوه .. رضينا لكم التأويل والتقول والإجتهاد السياسي / ولكن بالتأكيد سوف لن يستمر هذا الدجل طويلا . السياسي العراقي مطلوب منه أمام الشعب إثبات نزاهته أولا .. قبل استخدام سبابته الشخصية والجمعية ، وقوة مرجعيته لإدانة وتسقيط الشركاء.. وللشعب العراقي بعمومه درس خاص لابد من تجاوزه .. في إنتخاب هكذا شخصيات لاتستحق أن تكون في مقدمة الحياة العراقية ، بتعددها وتنوعها وغناها الوطني والإنساني ... ...................
#وديع_شامخ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زوجة الظواهري ... بازار الجهاد ..... والربيع العربي
-
مبارك يرتدي بدلة السجن الزرقاء
-
السياسة .. فن الممكن الوطني، أم طبخ سريّ للمكائد؟ .
-
فصل في الحقوق والعقوق الوطنية / عراقيون .. ولكن بعد هذا الفا
...
-
حوار مع الشاعر العرقي وديع شامخ
-
ديمقراطية القرف الشرقية
-
المالكي... يستغيث
-
المالكي .. الهاشمي .. المطلك .. فساد الدهر وترقيع العطار
-
لى محمود عبد الوهاب في القبر..
-
لماذا يعود البعث؟
-
قذافي .... مَن هو الجرذ حقا؟؟
-
جلعاد شاليط بأكثر من ألف.. والدم العراقي بالمجان
-
السيادة الوطنية وأمرضها
-
مازن لطيف .. نورس المتنبي وبشير عراقي ثقافي ..
-
الفيدرالية والعماء السياسي العراقي
-
كاظم إسماعيل الكاطع والقوافي النشاز
-
دمعتي على فأس الحطاب
-
التلصّص على الذات
-
عرس الدجيل... واقعة الدم العراقي المجاني
-
الفرح مهنتي
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|