|
ما بين مليونية ساحات التحرير و الكربلاء و الكاظم
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3760 - 2012 / 6 / 16 - 01:48
المحور:
المجتمع المدني
تابعت ما يجري على الساحات العامة و الشوارع في منطقتنا من على شاشات التلفزيون، و ادرت القناة التلفزيوني التي بحثت و غطت بتقاريرها الاحداث الجديدة في مصر الحضارة، و ما كانت عليه ساحة التحرير و الاعتراضات المستمرة و الاحتجاجات العفوية، واخيرا ما بدر نتيجة قرارات المحكمة العليا لسماح مرشح الفلول احمد شفيق منافسة مرشح الاخوان المسلمين احمد مرسي في المرحلة الثانية من انتخابات الرئاسة المصرية بعد اعلان عدم قانونية العزل السياسي، و هم امتلؤا الساحة يرفعون الشعارات الثورية السياسية الحماسية و هم يعبرون عن ادانتهم لما بدر وما قررته المحكمة المصرية من ما تعتبر مفاجئة من العيار الثقيل. و بعد ان ادرت القناة ظهرت مليونية اخرى في الساحات البغدادية و شوارعها من خلال مليونية زيارة مرقد موسى الكاظم المتوفي منذ عهود غابرة ليس اعتراضا على ما يسير عليه الشعب العراقي من فوضى في السياسة و الحكم ، و انما هنا سمعنا من الشعارات و النوح و البكاء و اللطم و الحزن المطبق بعيدا عن الحماس الدنيوي و الهدف كما هو الظاهر اخروي، و من اجل الدخول الى عالم اخر بعيدا عن الحياة الملموسة لماهم يقدمون عليه في هذه الذكرى السنوية لمجموعة من الوفيات و الولادات على طول السنة . انه اليوم ذكرى استشهاد موسى بن جعفر و ما يؤمن به مذهب معين فقط من هذه الشعائر دون غيره، مما يعتقد الكثيرون بانها سُيست و غُيرت و اُفرغت من محتواها العقيدي ايضا. هنا قرار قديم جديد و الامر عقيدة و خيال و فكر مثالي و هناك قرار للمحكمة و احتجاج بالضد منها . انه صراع سياسي دفن في مكامن المثالح و لف بافكار عديدة بين توجهين . ما نشهده من المليونية في القاهرة هو ما يمكن ان نعتبره حياتية قحة من اجل العيش بحرية و سلام و بسعادة و رفاه على الارض، و اُستغلت المفاهيم الجميلة لمثل بعض تلك الصراعات، و كما منها تكون باسم العلمانية لتجسيد بعض الافعال الدكتاتورية مما اتاح فعلا فرصة و ارضية للدخول الى العملية الواسعة لبيان الفكر المضاد و الاطار الواسع لايجاد السلٌم المطلوبة للصعود الى مرحلة الحصول على المصالح الضيقة . ان الخلل و الخطا في استخدام المفاهيم هو ما اتاح حقا ارضية للتمسك باالمثاليات و الاعتقادات الخيالية من قبل عدد كبير من افراد الشعب المغلوب على امره دائما، ومن يهدف الى ضمان حياة الانسان و ترسيخ العلوم و الفنون و المستوجبات الانسانية الحياتية، انه الصراع على الارض بين القديم البليد و الجديد الحضاري، انه التناطح بين توجهين متضادين ، بين من يهدف الى ضمان حياة الانسان و سعادته و ترسيخ الفكر الانساني و الانسانية في سلوكه و توجهاته و من يعبد الموتى و السلف و يؤجل السعادة و متطلباتها الى مرحلة و حالة لم يتيقن بعد في الوصول اليها . ان الشرق الاوسط و ما فيه خليط متناقض من الافكار المضادة و التناقضات الكبيرة و الازدواجية في النظرة الى حياة الدنيا و الاخرة، على الرغم من انه مهد الحضارات و هو ايضا موقع الخرافات و الخيالات و المثاليات و الافكار الطوباوية دون منازع له، انه مفخرة العلوم و الامجاد و في مكان اخر حاضن لفكر وأد المولود التي لا ذنب لها عدا انها جاءت الى الحياة و هي انثى، موقع يتفاعل فيه من هو ملتزم بحياة الدنيا و يحاول بكل قوة ان يعيشها بسعادة و رفاه و من يعتبر المعيشة و الحياة مرحلة متنقلة الى السعادة الابدية في الاخرة، منطقة واقع فيها من يحاول ممارسة كافة حقوقه الخاصة و العامة على الارض و من يسلم ما من حقه لغيره و يؤجل ماهو حق له لمرحلة اخرى، انه الصراع بين من يفعل ما بقدرته على الارض بحرية و من يضمن العيش الابدي كما يعتقد تحت الارض . بين هذه الاضداد من الافكار و الاعتقادات و التوحهات و الافكار و ما يفرضه من السلوك و الاخلاقيات على الارض، يعيش الفرد في الشرق الاوسط حائر بين غرائزه و عقله، و بين ما يفرضه الواقع و ما ينفيه خياله المفروض عليه ثقافيا و تاريخيا، بين العلمية و الدقة في الفكر و الفلسفة و بين الاستناد على المنقول من السلف لخير خلق و بين الحاضر الذي يجده والعلم و العقلالذي يؤمن به ، بين الانسانية و الحياتية في النظرة الى الموجود و بين العقيدية الفرضية المتوارثة منذ العهود الغابرة، بين المستجدات و التغييرات و ما تفرضه و الدوغمائية و المحاولات في تكيف القديم مع الجديد وو بين الايديولوجيات الواقعية القائمة و الخيالية، انه بالاحرى الصراع بين المادية المنطقية مع المثالية الفرضية. انه لمحير حقا لمن يتعمق بين الفلسفتين المتضادتين و المتصارعتين منذ نبوغ الانسان و تطور العقليات و وسائل المعيشة و التطورات في التواصل و العلاقات و ما يمكن ان يسلكه الانسان في حياته العامة. السؤال هو: هل نصل الى النهاية التي تفرض التوجه الصحيح للانسان الشرقي في فكره و عمله و تفاعله و تعامله مع الحياة بما موجود فيها، ام الصراع سيبقى ازليا كما يدعي بعض التوجهات . و هذا التوجه بعيد عن الصحة علميا و غير ممكن مهما طالت، و ستاتي المرحلة التي تجبر الانسان للتجكم بما يسهل معيشته بشكل يعتمد على عقليته السليمة الانية و العامل المساعد هو الاختراعات العلمية التي تفرض الواقعية و العقلانية على الانسان و تبعده عن الخيال و الجهل بما موجود على الارض من خلال الدخول و اتباع الطريق الصحيح او بمجرد التفكير مع الذات . اذن، شتان بين مليونية ساحات التحرير لثورات العصر التي تطلب الحرية للحياة العامة للشعوب و لو كانت نسبية، و ما موجود من مليونية الزيارات للموتى مهما كانت مواقعهم و شخصياتهم و امجادهم في التاريخ . انه الخلاف و التناقض في الشكل و المظهر و الجوهر على حد سواء، على الرغم من ان بعضها اي هذه الالتزامات الخيالية بالاساطير مستندة على المصالح المعيشية اليومية الضيقة دون اي ايمان مستند على العقل، انها العاطفة التي تامر الملتزمين من السطحيين( و ما اكثرهم ) الى الاستمرار على هذا المسار مهما كان خطئا و تيقنوا من عدم جدوى سلوكهم، و ان كان المؤدي في مقدمة من اقتنع بخطا ممارساته للشعيرة المليونية السنوية و التي اصبحت عنده عادة متلازمة و طقوسا مفروضة عليه. و انه بحاجة الى الطرق العلمية السليمة الحديثة و الظروف الموضوعية و الذاتية الملائمة لانهاءها بشكل مقنع لجميع الاطراف .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر، أُم الثورات، الى اين ؟
-
السكوت المطبق لمثقفي العراق!!
-
كيف يخرج الكورد من الازمة العراقية معافيا بسلام
-
الجوانب الايجابية و السلبية لسحب الثقة عن المالكي
-
هل اهدر المالكي فرصة تجسيد الديموقراطية في العراق ؟
-
الى متى تستمر الازمات العراقية المتلاحقة ؟
-
حتى الحمار فرض احترامه على الكورد و غيره لم يتمكن !!
-
التخوف من مصير ثورات العصر له مبرراته
-
الوضع العراقي بحاجة الى الحلول الجذرية
-
طبيعة و تركيب الطبقة الكادحة في منطقتنا
-
المطالبة بحق تقرير المصير على ارضية الخلافات !!
-
الزاهد العلماني هو المنقذ
-
هل الوقت ملائم لأعلان دولة كوردستان المستقلة ؟
-
هل مجتمعاتنا تصنع الذئاب لتحكمها دائما؟
-
مايؤخذ على تعميم ارتداء الثياب الكوردية في عيد المراة العالم
...
-
حتمية مرور ثورات الشرق الاوسط بالفصول الاربعة
-
ما هي رهانات الشباب في العراق اليوم ؟
-
بسالة الشعب السوري وصلت الى القمة
-
من كان جزءا من المشكلة لا يستطيع حلها
-
اقليم كوردستان بحاجة الى دستور ديموقراطي
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|