|
التصريحات والإعلام المأجور والسيئ وعملية سحب الثقة
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 3759 - 2012 / 6 / 15 - 19:30
المحور:
الصحافة والاعلام
لا نغالي بالقول أن الخطاب الإعلامي لأكثرية الكتل المتنفذة كانت وبقت تشكل بوقاً من الدعايات التي تعتمد على الإثارة وتغريب الوقائع منادية بالويل والثبور لهذا الطرف أو ذاك بدون مراعاة لأصول التخاطب وفق معايير مهنية وأخلاقية، وزاد الطين بلة ما حملت به تصريحات لبعض النواب والمسؤولين والمستشارين في هذه الكتل الذين كانوا يكيلون الاتهامات والشتائم بلا أي رادع حتى أخلاقي متعرف عليه باعتبار من يسيؤون إليهم نواباً يمثلون كتل أنتخبها عشرات الآلاف وحازت على أصوات الناخبين وهم زملاء لهم وفق معايير أنظمة مجالس النواب، وكل ذلك من اجل قضية سحب الثقة عن رئيس الوزراء السيد نوري المالكي إضافة إلى عدم تقصير البعض من القوى المعترضة بالضد من المالكي في إطلاق التهم وتغييب البعض من الحقائق، وقد نال كل طر ف من الإطراف كفايته من نشر الغسيل الوسخ على الحبال بدون أي خدش اظفر أو تحريك حاجب ، فالجانب الإعلامي الذي يؤيد القوى التي تريد سحب الثقة بدون أية حواجز أو على الأقل بدون تدقيق الأخبار وعدم التسارع لقطع جميع الحبال، فترى الكم الهائل من التصريحات ومحاولات تقديم الأدلة فيما يخص التوجهات نحو سحب الثقة لكنها ظهرت فجأة مع تداعيات البعض من الانسحابات وهو خط متعرج وطويل خلق بلبلة في المتلقين الذين ينتظرون الحلول المنطقية للواقع المتردي الملموس، أما القوى التي تراهن على عدم مرور سحب الثقة وإفشاله فهي لم تقصر في تشويه المواقف وإطلاق التصريحات التي تحاول إحباط العزائم وجعل المعارضين في موقف باهت وضعيف وهي ليست بالحقيقة، ولعبت هذه الجهات الإعلامية وما زالت تعمل بعيداً عن إيجاد مخرج للازمة التي أفقدت صواب البعض فراح يخلط ما بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة فَصُور وكأن الفرد الزعيم هو قدر العملية السياسية والمساس به مساس بوحدة وأمن واستقرار البلاد، إضافة إلى الكم من الاتهامات والفذلكات التي استطاعت إلى حين تضليل الرأي العام، فأصبحت الحقيقة ضائعة تقريباً وبخاصة بعد امتناع رئيس الجمهورية تقديم طلب سحب الثقة وتصريحاته حول العدد المطلوب من الموقعين على سحب الثقة، ثم اتهامات القائمة العراقية بانحياز الطلباني إلى المالكي الذي حسب أيضاً البعض من وسائل الإعلام، مما جعل نوري المالكي تقديم الشكر للموقف الحيادي لرئيس الجمهورية. لقد ذكرنا دائماً أن البعض من وسائل الإعلام تتصيد في المياه العكرة وتقلب الأسود إلى ابيض والأبيض إلى اسود، فبالإضافة على كيل من الاتهامات الشاذة تقريباً عن الأعراف الإعلامية حيث تبدو في اتهاماتها وسبابها اقرب إلى السوقية الإعلامية باتهام المعترضين بأخذ الرشوة والتبعية لدول خارجية ثم اتهام البعض من أعضاء ومسؤولي مشروع سحب الثقة من قبل ائتلاف دولة القانون بالجاسوسية وشتمهم بمفردات غير لائقة لا يمكن أن تصدر من امرئ يحترم نفسه، فكيف أن يكون مسؤولاً في الحكومة وعضواً نيابياً، ومن موقف نقدي نقول أن السباب والشتائم في التصريحات أو من قبل البعض من وسائل الإعلام ما هو إلا إفلاس سياسي وأخلاقي ودليل على الفشل الذريع والامسؤولية الوطنية التي لا يتمتع بها هؤلاء ووسائل الأعلام وفقط بالاعتماد على تشويه الحقائق وبث الإشاعات المغرضة لأهداف حزبية أو ذاتية ضيقة أو طائفية تغطيها شعارات وطنية بهدف الإساءة وزيادة الاحتقان. لقد نوهنا في السابق ضرورة التزام الكتل السياسية بضبط تصريحات أعضائهم ومن ينتمون لهم وتكليف أشخاص معينين ناطقين رسميين بدلاً من هذا المزيج المتناقض من كل هبّ ودب، هؤلاء الذين يضعون الزيت على النار كلما سنحت الفرصة لهم، لكن على ما يظهر أنهم مكلفين في فبركة التصريحات وتحقيق أهدافها بتبني مقول غوبلز الألماني " اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس " فضلاً عن تسريب البعض من التصريحات غير الدقيقة والتي تشكل خطورة على اقتراب الكتل من الحوار ولم نبعد أية تصريحات من قبل بعض ما يسمى بالمستشارين وهم يكيلون بمكيالين فمثلاً أن مستشار رئيس الوزراء عبد السلام القريشي وبعد جرائم التفجيرات الأخيرة في العديد من محافظات البلاد حوالي (318) مواطناً بين قتيل وجريح ناتج عن ( 32 ) انفجاراً، ونضحكُ وأكثرية المواطنين معنا على من يقول " أنها صحوة موت جاءت نتيجة الوضع الأمني المتين!! أو تصريح المتحدث الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد العقيد ضياء الوكيل " أن الوضع الأمني في البلاد مستقر " أو الادعاء بأنها ردة فعل على فشل عملية سحب الثقة، بدلاً من وضع اليد على العلّة الحقيقية وأسبابها، وفي هذا الشأن صرح المستشار القريشي إن " أكثر من ثلاثة نواب في القائمة العراقية يمولون الجماعات الإرهابية بصورة مباشرة والتحقيقات الأولية تشير إلى تورطهم" والذي يدقق هذا التصريح سيجد المدى اللاقانوني وغير المنطقي التي وصلت إليه هذه التصريحات، فالتساؤل المشروع.. لماذا لا يصدر القضاء بياناً بخصوص هؤلاء النواب ويطالب برفع الحصانة عنهم ليتم استدعائهم والتحقيق معهم وإذا دعت الضرورة احتجازهم وتقديمهم للقضاء ليقول كلمته لأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته؟ ثم من أين لمستشار المالكي عبد السلام القريشي المعلومات حول التحقيقات التي يجب أن تكون سرية وضمن الهيئات التحقيقية المستقلة؟ وكيف أطلق عليهم متورطين، والمتورط في اللغة ليس الفاعل الأساسي بل انه كان نتيجة لعدة أسباب ضاغطة، وعلى شاكلة هذا التصريح توجد العشرات من التصريحات فتراها متضاربة ومتناقضة حتى مع بعضها أحياناً، وتقف وسائل الإعلام متربصة وبصراحة مأجورة لا محايدة ومكلفة بالمهمة فتأخذ هذه التصريحات لإعادة صياغتها وترتيبها ثم نشرها خالقة نوعا من الإرباك والحيرة لدى كل من يقرأها أو يطلع عليها، وهذا الشيء بعلم أو بدون علم البعض فهو يهدف إلى تأزم الأوضاع أكثر فأكثر وبدلاً من التقارب يدفع إلى التباعد والتحارب وشق الوحدة وتهديد السلم الاجتماعي الأهلي الذي هو صمام الأمان لوحدة الصف الوطني والحفاظ على البلاد متماسكة غير منقسمة .. أين أصبح مطلب سحب الثقة بعد أن دارت الأمور هذه الدورة البيزنطينية؟ وأين أصبحت الدعوات لحمل سلاح الكلمة الرديئة تجاه خلق الفوضى وزيادة حالة من التباعد للوصول إلى الفتنة؟ من هذا المنطلق يجب معرفة أية تصريحات وأي خطاب إعلامي يساهم بشكل مباشر وغير مباشر لوضع العراقيل والعقبات أمام النوايا الخيرة التي تدرك جيداً أن الخطر الذي يحدق بالبلاد والعباد سيكون وبالاً لن يوقف إلا بعد الخراب والتدمير وتقسيم البلاد، ومرة أخرى نقول يجب الابتعاد عن القرارات الفردية والسلوك السياسي الفردي، وبما إننا نوجه هذا التحذير للجميع لكننا نخص به السيد نوري المالكي باعتباره المسؤول الأول في الحكومة ويتحمل أكثر من غيره المسؤولية لان يعود ويخاطب في اجتماع مع القادة العسكريون حسب وسائل الإعلام قبل الانتخابات الأخيرة كمثال على أن لا يتكرر " أنا الذي عينتكم وسلمتكم المناصب وافهموا أن البرلمان لا يريدكم والكتل لا يريدونكم وإذ خرجتُ من الحكومة ثاني يوم تغادرون مناصبكم ". أن تكون التصريحات والخطابات من قبل المسؤولين والمستشارين والنواب أكثر رصانة وتعقل بدون تحريض وتجاوز ومحاسبة الذي يؤججون الفتنة والتناحر بالأكاذيب لتضليل الرأي العام ودفع علميات الحقد والانتقام وتزييف الوقائع بدون وجود مصداقية واحترام لمهنة الإعلام الشريفة التي تعتبر السلطة الرابعة إلى جانب السلطات الأخرى، حلقة في إذن من لا يريد الاستماع أنكم تتحملون مسؤولية الأوضاع الأمنية السيئة التي ما زالت تعصف بأرواح المواطنين الأبرياء، وتتحملون مسؤولية هذا التردي واشتداد المخاطر والأزمة على العراق
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استفسار عن الشهيد سليم إسماعيل
-
ثمة ألوان مخفية
-
هل سحب الثقة من المالكي نهاية العراق!!
-
حرب المياه القادمة وجفاف بلاد مابين النهرين
-
عداء طبقي متواصل ضد الحركة النقابية العراقية الحرة
-
أين لجنة التحقيق من تهريب النفط في الجنوب و الإقليم ..؟
-
آفاق دعوة الكتل السياسية في بيان رئاسة الجمهورية
-
مسؤولية الحكومة العراقية عن انتشار الأدوية والمواد الغذائية
...
-
بيوت لوائح الطين
-
لمصلحة مَنْ تصعيد حدة التوتر وتعميق الأزمة في العراق!
-
بيئة في المغطس القديم
-
وماذا بعد منع مسيرة الاول من ايار!
-
من هو الذي يقود العراق وليس الاقليم نحو النفق المظلم؟
-
بغداد بين التبعية واللاتبعية في دعوة محمد رضا رحيمي
-
مهزلة - أيظنّ - في تصريح الناطق الرسمي لعمليات بغداد
-
فنّ الرحلة الأخرى
-
الديمقراطية المستهلكة
-
ذكرى تأسيس حزب الشغيلة وتطورات المرحلة
-
هل القمة العربية حدث مهم في البداية والنهاية؟
-
عقدة معاداة الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديمقراطية
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|