|
هل يلتهمُ الغربُ شرقنا ؟ ؟ .
محمد الحاج ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1101 - 2005 / 2 / 6 - 12:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مفارقتان اثنتان كافيتان لنكون فريسةً للغرب هما:1-حقوق الإنسان،2- العلم والتقنيه. الزوج عندنا مالكٌ وعندهم شريكُ،المرأة تابعةٌ مُختزلةٌ وعندهم صديقةُ،الإبن مستنسخٌ وعندهم مواطنٌ،المديرُ أميٌر وعندهم خادمُ،الحاكم إلهٌ وعندهم موظّفُ،المواطنُ متلقٍّ وعندهم ناقدُ،العلم تابعٌ وعندهم مبدعُ،الصناعة مستهلكةٌ وعندهم مبتكره،و..و..و… الخ تلك هي الفروق الأساسية بين الإنسان(المنتصر)والإنسان(المهزوم)، فالأول يصنع القوّة أما الثاني فالقوّة تصنعه وتتحكم به. حديث شريف عن النبي لدى سؤاله عن المؤمن يقول في ختامه:المؤمن لا يكذب، وهذه الـ (لا يكذب) هي أساس الانطلاق والبناء والترميم في أسوأ أحواله،ولدى سؤال الشيخ محمد عبده بعد عودته من زيارة لباريس عن انطباعه قال:وجدت الإسلام هناك والمسلمون هنا،والإسلام الذي عبّر عنه الشيخ عبده قصد منه الصدق الذي على مايبدوكان مفقودا في حينه بهذه الديار. التربية هي المحور الأساسي الأول في صياغة وبناء علاقات اجتماعية تُرشّح هذا المجتمع أو ذاك للتقدم بكل أشكاله،والسؤال… متى يُمكن للمرء أن يكون صادقا ؟ باعتقادي يكون المرء صادقاً بغياب القمع المجتمعي الديني أو المعتقدي أو السياسي،بغياب سلطة التكفير دينية أم سياسية،بتحرر الإنسان من الخوف المتجذّر في أعماقه منذ زمن بعيد أو قريب،بعودة سلطة القانون المحافظة على التنوع الثقافي وغيره من التباينات،بإحساس المواطن العالي بمواطنيته التي تعينه على قول الحق وشرح الحقيقة من وجهة نظره الذاتية وخلفيته المعرفية دون مصادرة من آمرٍ ناهي أو حاكم مستبد. إنّ تطور المجتمعات وحداثتها وتحديثها مقترن إلى حد كبير بإحساس الإنسان بإنسانيته دون اضطراب من خوف أو سجن أو نفي أو تشريد، وهذا ما يُعبَّر عنه بحداثة الدولة عندما تتطابق مع المجتمع،ويكون المرء صادقا عندما يتحرر من تبني ثبات الأفكار المنغلقة بكل معانيها ومستوياتها . العلم والتقنية يشكلان المحور الأساسي الثاني الذي يُدعّم المجتمع بعلاقات مبنية على العلم والمعرفة والتقنية القائمة على إبداع أفراده المرتكز على الحرية،واستخدام العلم يعني عقلنه الواقع بكل أبعاده للخروج من مطبات التخلف والتبعية والانطواء المجتمعي الراصد لما يأتينا من قيم الخارج وتطوراته العلمية والصناعية التي تتحكم بنا، فتُبلورنا على هذه القاعدة وتحَكُمُنا بثبات وضعنا كمستهلكين مرتبطين بما يقدمه الغرب لنا من مبتكرات نسّقها من برامجه العلمية والصناعية لنتبارى بها على بعضنا على مبدأ التمايز الذي ليس تمايزاً بل تباهيا بمنسّقات الغرب التي تصلنا من فتاته المُلقى جانبا، كأن تشتري حاسبا لتأخذ مكانة بين ذويك كميزة فريدة وتتباهى به إنما أنت وأمتك لاعلاقة لكما به بكل المعاني التي أوجدته ،وفي موطنه لاوجود له بحكم تخلفه مقارنة بالأجيال الجديدة من هذه الصناعات ،ومثال جديد جدا على ذلك أن الولايات المتحدة اعتبرت العام 2005م حاسماً في تعميم الأنترنيت السريع في المدن والريف الأمريكي، وعندنا لم يتعمّم الحاسب العادي المنسّق…ماأسباب ذلك؟. عِشْقُنا للماضي أنه يحمل عنّا أعباءنا،وكونه نتيجة طبيعية لعجزنا العام، كأي عاجز متباه بأجداده المنقطعين عنه ،ولو كنا أقوياء لافتخرنا بما أنجزناه وما ننجزه وما كانت ثقافة التمجُّد بالسلف عنوان لنا، وماكنا تذكرنا أسلافنا إلاّ من باب الرحمة عليهم لما أسّسوه لنا لنكون أقوياء في مستويات الحياة المتعددة،إنها الفاجعة التي تُغَنِّينا بالماضي وتُكلّسنا في الحاضر وتَعْدِمُنا للمستقبل. العولمة تتحدث عنها أدبيات العالم ونحن منه ،لكن هناك فارقا بين ما يقوله العالم وما نقوله بخصوصها،أول ما فكرنا به المقاطعة للقضاء عليها،وكأن هزيمتنا أمامها تصنع انتصارنا عليها، متى ندرك أننا سنُلتهم ويطرحنا التاريخ وستطرحنا الجغرافيا أيضاً؟،متى نفرّق بين ضرورتها وخطرها،ثم متى نعرف كيف نفيد منها ونتحصّن من مخاطرها علينا. الحُرُّ يصنع الحياة ويتحكّم بها أما العبد فتصنعه الحياة وتتحكّم به،الحرية تصنع الأمم والحضارات والاستبداد يُدمّرها،المُعلّم الحر يوحّد التلاميذ والمُسْتَعْبَدُ يفرقهم على أسس الولاء بدوائره المتعددة المتسلسلة،المهندس الحر يبني الصروح على ضوء الاختصاص والمُسْتَعْبَدُ يبني على ضوء الإملاءات غير الاختصاصية،الطبيب الحر يعالج على ضوء التشخيص والفحص السريري والمستعبد يعالج على ضوء القرارات غير المهنية،الشرطي الحر يقوم بعمله من باب الواجب والمستعبد على قاعدة الرشوة،رئيس البلدية الحر يخطط مع مجلسه لتحسين مدينته والمستعبد تأتيه المخططات من العالم الآخر فترسم له حديقة فوق قصر لمسؤول من النظام البائد،وفي النهاية فإن الحر يسعى للحرية والعبد يسعى للعبوديه. التسلّط الذي يبدأ بربّ الأسرة وينتهي بربّ الدّولة أساس الضعف، لأنه يمسخ عضو الأسرة والدولة ويحوّله إلى إمعة مستلبة مستعبدة لاحول لها ولاقوّه،وعندما يكون المكوّن البشري لأمة تنشد الوحدة والتنمية من هذه الشّاكلة يسهل افتراسه وطرحه بأعضائه وأربابه. مامن مواطن في محبطنا العربي إلاّ ويعيش تذمرا مما يحيطه من بلاوي كيفما أدار وجهه،يسأل هذا الـ(بني آدم) في الخفاء عن سر انحطاطه الذي يجعله فاقدا مقومات الإنسان العادي،ويطرح أفكارا ضمنية لا يجرؤ على الجهر بها خوفا من سلطان غارق في ذاتية مريضة يتصور نفسه الهادي للبشرية في موضع من الاستهتار بقيم ومعتقدات الغير عاطفا على الجهلة حسب اعتقاده، أولئك الجهلة الذين لو أُتيح لهم لَبَنَوْا معه بلدانهم وأخرجوها من غياهبها لتكون بلدانا تحقق احترام مواطنيها الذين قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا،فالمشكلة تكمن في قمع الرأي الآخر أيّا كان واحتكار الحقيقة والمعرفة على أنها مطلقهم رغم نسبيتها. مشكلتنا في الحاكم المنفصل عن محكوميه والذين بالكاد يُسَمّون مواطنين، وفي المحكومين المنفصلين عن الواقع الذين بالكاد يشكلونه كأعضاء فيه،إنها الأزمة المزدوجة التي تسهّل قدوم الغرباء إلى ديارنا والتصرف بها،وعندما يأتي الغرباء يسقط الحاكم والمحكوم دون أية محاولة للدفاع باستثناء بعض البؤر هنا أو هناك والتي لاتشكل مانعا أوحصنا يقي الأرض والشعب من الالتهام فيأكلوننا ويطرحوننا وكأننا لم نكن. إنها جريمة الاستبداد ومُدمنيه ممن استخدموا القوة المفرطة لقمع المواطنين،وبنوا سجونا منفردة وجماعية لقهرهم بدل بناء المؤسسات العلمية بأيدي الخيراء وليس المخبرين،وجعلوا من ذلك صراعا يُلهي الجميع عن مهامهم الأخلاقية نحو وطنهم، إنهم مستخدمي قوّة السلطة التي جاءت نتيجة التسلّط على رقاب ومقدرات الناس بسلبهم حقوقهم كاملة لتحويلهم إلى رعاع الخوف والسياسة، وهم من سيُسوّغ مجتمعاتنا لتكون سهلة للابتلاع.
#محمد_الحاج_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مناظرة عراقيةـ الحرب الأهلية
-
المرأة ـ من الســـــــــيادة إلى الاضطـــــــهاد
-
السعادة دلالة الوطن والعيد
-
حزب العمال الثوري العربي
-
الد معــــــــــة السخيّـــــــة))
-
القضية الكردية - مداخلة على طريق الحقيقة ل محمد تومة
-
الإلحـــاد ـ رؤيـة أم طقـس؟
-
النتائج النفسية للاحتلال ـ العراق مثالا
-
الناصرية ـ خيار الديمقراطية
-
ذاكرة أُمّه ـ فوضى التخلف إلى أين؟
-
أسامة أنور عكاشة على ذمة ثقافة الإلغاء
-
أسئلة محرجة لبوش؟!
-
الأغنية الشبابية ودور الاعلام
-
حقوق الإنسان في سورية
-
علاوي… أبكى العراقيين على صدّام وأيامه
-
!!!!ماسرُّعلاج القادة العرب في الغرب؟
-
قانون الطوارئ التداولي من صدام إلى العلاوي
-
الزرقاوي في الفلوجه كأسلحة الدمار الشامل في العراق
-
بن لادن ـ أمريكا
-
المثقف السياسي بين التكفير والتحرير
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|