أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد بولس - -من يزرع الشوك لا يحصد به عنبا-














المزيد.....


-من يزرع الشوك لا يحصد به عنبا-


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 3758 - 2012 / 6 / 14 - 17:58
المحور: القضية الفلسطينية
    



أثار النبأ الذي نشرته جريدة "هآرتس" حول توقيع "الفاتيكان" و"إسرائيل" اتٌفاقًا مكمّلًا لما وُقّع بينهما بتاريخ 30.12.1993 بعض الانتقادات والتساؤلات خاصةً في أوساط فلسطينية رسمية.
فإما أن يكون النشر بمثابة تسريب متعمّد يتيح فرصًا لجميع المعنيين/المتربصين بالوقوف على ردود الفعل العربية عامةً والفلسطينية بشكل خاص، وإما أن يكون هذا النشر كدق إسفين بين من يمثّل "العالم المسيحي" وبين العالم الإسلامي، وبين الأمرين تكمن الحقيقة الغائبة، وهي عبارة عن تاريخ مثير يتفاعل منذ العام 1897 ، ولن ينتهي إلّا بقيامة جديدة أو خلاص.
مع أنّني قرأت مثلكم ما ورد على ألسن بعض المسؤولين الفلسطينيين والعرب، وما ورد من احتجاجات فرنسية (وفرنسا، عرفًا، هي حامية الأماكن المسيحية في هذه الأراضي المقدسة) على ما نشر وعزا للفاتيكان تغييرًا جذريًا في موقفه التاريخي إزاء مكانة إسرائيل الدولية، لا سيّما مكانتها في الأراضي المحتلة عام 1967، وإزاء القدس، كل القدس، التي خصّتها المقررات الدولية بمكانة خاصة، ما زالت دول غربية كثيرة تتصرف قانونيًا وفقًا لها؛ مع أنّني قرأت، كذلك، ما نفاه الفاتيكان وما أكّده ناطقه الرسمي حين أفاد أن الاتفاق الذي تحدثت عنه جريدة "هآرتس" هو اتفاق يعنى بأمور إدارية وتقنية شأنها مكانة العقارات التي في عهدة وملكية الكنيسة، وبعضها كان وما زال موطن خلاف مع دولة إسرائيل، وكذلك جاء في الخبر أن الاتفاق ما زال مسوّدة سيعقد بشأنها اجتماع في نهاية العام الجاري. وعلى جميع الأحوال فلن يغيّر الفاتيكان موقفه التاريخي إزاء مكانة دولة إسرائيل وكونها دولة احتلال، كما يعرّفها القانون الدولي.
مع كل هذا فأنا لا أصدّق ما جاء على لسان "الفاتيكان" رغم ما يضفيه المؤمنون من قداسة ألوهيّة على شخص "البابا"، ولا أقبل هذا الموقف الفلسطيني الدبلوماسي الخجول والمتأخر أصلًا عما يجري منذ سنين بين دولة إسرائيل ودولة الفاتيكان وفي القدس تحديدًا.
إنّنا بصدد حدث يعرِّي الواقع ويبقيه في عاهاته المستديمة، واقع يعكس، كما التاريخ سجّل والذاكرة حفرت، أن الغلبة للمثابر القوي والإخفاق والخسارة للغافل الضعيف. المصلحة هي رأس الحكمة، وعند الجميع تبقى مخافة الله صكوك ضمانات وتمائم تنير درب الحق، ولكل واحد حقّه في الرواية.
"إذا أردتم فهذه ليست خرافة!" من هناك بدأوا، حين أعلنت الحركة الصهيونية عن حلمها وشهوتها في عذراء اسمها فلسطين. "كرسي القداسة البابوي" أعلن معارضته لفكرة إنشاء دولة يهودية في الأرض المقدسة. بعناد وثبات، كما المرض، نجح صاحب الحلم، هرتزل، عام ١٩٠٤ أن يقابل بابا روما "بيوس العاشر"، ولكنه رفض الاعتراف بالشعب اليهودي وبحلمه بدولة في فلسطين، فاليهود "أنكروا المسيح وقتلوه". ويدور التاريخ والبابا يرفض ويرفض، فلديه مع اليهود قضايا ودم! ولذا عارض في حينه وعد "بلفور" المشؤوم، ورحب بالقرار (١٨١) لإبقائه القدس منطقة محايدة ودولية.
لم يعترف الفاتيكان بدولة إسرائيل عام ١٩٤٨ رغم محاولات متكررة من جانبها. قادة إسرائيل ثابروا ولم يفوّتوا فرصة تقارب مع الفاتيكان حتى بعد حرب ١٩٦٧، وكان الهدف نيل اعترافه وضبط العلاقة بمواثيق مقبولة على الدولتين. القصة طويلة أهم فصولها خُتم وتوِّج باعتراف الفاتيكان بدولة إسرائيل عام ١٩٩٣ ، ولم يكن ذلك إلٌا بعد اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل مع توقيع اتفاقية "أوسلو". توقيع رافقه انفتاح وعلاقات أنشئت واستؤنفت بين إسرائيل ودول كثيرة أخرى.
في عام ١٩٩٤ اعتمدت الدولتان سفيرين كاملي الصلاحيات والمكانة كما بين الدول. في عام ٢٠٠٣ اتفق الطرفان على إقامة لجنة مشتركة تبحث جميع القضايا موضع الخلاف بين الكيانين. حددت مهام اللجنة لعشر سنين، فلم تكف، فجاءت ثلاث أخرى لتبشّر العالم أنّ هدنة الدم انتهت وراية الصلح ستعقد في سبيل الرب والمصلحة، وهي كما قلنا كانت وتبقى رأس الحكمة، والحنكة للمثابر القوي.
أنا لا أصدّق البابا ولا حاشيته، فتاريخهم كما سجّلته الوقائع يبرهن أنّهم في موقع وموقف مغايرين عمّا كانوا عليه إزاء الاعتراف بالشعب اليهودي وحقّه في دولة في الأراضي المقدسة، وقبول الفاتيكان وامتثاله لسيادة إسرائيل في كل أرض تمارس إسرائيل عليها سيادة، هو برأيي تغيير جذري عن الموقف التاريخي الذي تصدّع عبر التاريخ وتحت مطرقة الدبلوماسية الإسرائيلية وسلة المصالح المشتركة .
صمت القيادات الفلسطينية عن مجريات هذا التاريخ وعجزها عن ممارسة تأثير مضاد ومتكافئ للتأثير الإسرائيلي يحمّل هذه القيادات مسؤولية تاريخية عن خسارة كبيرة لن تعوّض، لا سيما في القدس.
إصرار حركات إسلامية في الوطن والمعمورة على أنّ الأقصى كان ويبقى قضية القضايا هو تكتيك خاسر، ولن تغيّر نوايا من يرفع هذا الشعار وقع المضرة والخسارة، فان كان النزاع، في البداية والنهاية، نزاعًا دينيًا وعلى ضمانة الحكم والجدوى بأماكن مقدسة، بهياكلها وتاريخها وحجارتها، فليلحق كل شاطر ويضمن نصيبه "بالهيكل".
وإن كان الشعار والنداء، عندما زار هذا البابا قبل أعوام أرضنا وبيتنا، "لا أهلًا ولا سهلًا"، مثلما كبّرت جوامع، وأفتى العلّامة القرضاوي، فلا عجب أن يطأ أرضًا أرحب، ويدخل بيتًا أسهل وأجدى. (في حينه كتبت بالمناسبة تلك "زيارة البابا بين وقاحتهم وحماقتنا").
أخطأ العرب بغفلتهم وحماقتهم، ويخطئ البابا في اختياره، وأقول لهم وله: "إِذا وَتَرتَ امرءًا فَاِحذَر عَداوَتَه/ من يَزرَع الشَوكَ لا يَحصُد بِهِ عِنبا".



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صمت حصاةٍ في دم
- أيار يا شهر الردى
- وجع فياض
- يوم انتصرت الزغرودة
- منصّات للوهم
- بلال يواجه دولة
- نواطير الحياة
- قصة من أدنبرة
- لكل عملة وجهان
- لعلّ الأيام حبلى
- بعض من -هناء-
- آذار لي
- دروس تينة
- بين خوفٍ مِن وخوف على
- إن شئت فعِش!
- لقاء في قانا
- خضر والتنين
- نمورٌ وقطط
- لمن نكتب؟
- كلنا في العزاء سواء


المزيد.....




- قاربت سرعتها 140 كيلو مترا في الساعة.. شاهد ما سببته رياح عا ...
- فيديو يثير الغضب يظهر مؤثرة أمريكية تنتزع صغير حيوان -الومبت ...
- رئيس الوزراء العراقي يعلن مقتل -والي العراق وسوريا- الإرهابي ...
- هل يمكن لبولندا وألمانيا امتلاك أسلحة نووية؟- التايمز
- حماس: سنفرج عن رهينة وأربع جثامين ومستعدون لاستئناف المفاوضا ...
- روته: -الناتو- لن يشارك في ضمان وقف إطلاق النار في أوكرانيا ...
- -زلينيسكي بين ضلعين غير متساويين-
- ترامب: تحدثت مع بوتين يوم أمس وطلبت منه الرأفة بقوات كييف ال ...
- فرانس24 في السودان: سلسلة ريبورتاجات ترصد تداعيات الحرب الأه ...
- جدل بشأن وثيقة التفاهم الموقعة بين السويداء ودمشق


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد بولس - -من يزرع الشوك لا يحصد به عنبا-