|
رداً على دعاوي / التعصب هو الحل
ماجد حسانين
الحوار المتمدن-العدد: 1100 - 2005 / 2 / 5 - 13:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كتب د. جابر قميحة مقالاً يدعوا فيه المسلمين للإلتفاف حول الدين في محاربة العدو و قد إستشهد بوقائع من غزوة مؤتة. من الغريب إختياره لتلك المعركة التي إنهزم فيها المسلمين و فروا من أمام جحافل الروم ، على الرغم من ضعف الروم في تلك الفترة و تخلي جنودهم عن (الفاناتيسزم) التي كانت محور إنتصاراتهم في حروب الروم الأولى مع بداية حضارتهم. من الغريب أن يتباهى بعدد الروم مقابل عدد المسلمون ، فطريقة الروم كانت معروفة في القتال. بالرغم من حضور أعداد غفيرة إلى أرض المعركة إلا أنهم لا يندفعون جميعاً إلى أرض المعمعة ، بل رخات. فإذا إنهزم الرخ الاول تبعه آخر و هكذا. و أجزم أن المشاركين الفعليين في القتال لم يتجاوز الثلاث او أربعة آلاف. على أي حال ليس ذلك هو ما إستغربت له في مقال الأستاذ الفاضل.
الغرابة تقع في أن المعركة لم تكن معركة دفاع عن أرض أو عرض ، حتى تستخدمها مثلاً. لم تكن إلا هجوماً على ممتلكات الغير لتمويل أهداف المشروع الإسلامي. لم تكن المعركة إلا مشاغبة الهدف منها إختبار قوة الروم و جس إن كان الوقت ملائماً لإنتزاع شيئاً من إمبراطوريتهم المتهاوية. كذلك فعل الفرس فإنتزعو أورشليم قبل الهجرة باعوام قليلة و احتلوا إيقبط قبل الهجرة بعامين. و من الجانب الآخر كان الجوثيين ينخرون أيضاً في جسم الإمبراطورية الرومانية التي صارت كالثور المذبوح المستنزف فاستولوا على أجزاء من شبه الجزيرة الأيبيرية. و كانت الروم تحت قيادة Heraclius تقود حرباً ضروس مع الفرس و غيرها أنهكت الإمبراطورية و أنهكت أعدائها. و قبل أشهر من غزوة مؤتة مات شاه الفرس Kavadh-Siroe و سقطت على اثر موته المناطق التى إستولى عليها في الشام و مصر. إسترجع Heraclius مفاتيح القدس و دانت له المنطقة مرة أخرى و لكن بعد إعياء جيشه و تمرد البعض و هبوط الروح المعنوية لديهم. وصلت تلك الأخبار إلى الجزيرة العربية فما كان من النبي محمد إلا أن أرسل رسوله لملك الروم بالرسالة المعتادة إما أن تدخل روما الإسلام أو الجزية أو الحرب. و كان الروم لا يعيرون إهتماماً لما يحدث بجزيرة العرب و كانوا يعتبرونهم - قياساً إلى حضارتهم - بدواً رعاة جهال. و كانو يظنون بمحمد و أتباعه مجموعة من قاطعي الطريق ، و أنه بتلك الرسالة قد أهان إمبراطور أعظم أمم التاريخ (في نظرهم!) فقتل نائبه حامل الرسالة كرد على الإهانة فقام محمد بإرسال جنوده إلى مؤتة فأرسل ثلاث آلاف مقاتل. و كان Heraclius يحمل على عاتقه تنظيم الأوضاع المتهاوية في كل الأجزاء الشرقية من الإمبراطورية و لم يكن على إستعداد لفتح جبهة جديدة فتلاقى بجنوده المائة آلاف مع جنود المسلمين في مؤتة يومين إنسحب بعدها المسلمون فبقى بجيشه في الشام و لم يطاردهم و لم يلق لهم باعاً.
بالطبع إنتصر المسلمون في حروب كثيرة بعدها مستغلين الوصفة السحرية التي كان من شأنها أن تحسم معارك[ تعصب ديني (فاناتيسزم) + ضعف العدو + التوقيت المناسب]. و السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا لم ترسل روما مليون أو نصف مليون جندي ليمحوا الإسلام الناشئ و المسلمين القليلي العدد و العتاد من على الخريطة مباشرة بعد موقعة مؤتة؟ لماذا وقعت الإمبراطورية في ذلك الخطأ؟
و الإجابة تتلخص في أربع نقاط 1- لقد إعتبرت روما في البداية أن الجيوش الإسلامية هي مجرد عصابات قطاع طرق ينهبون القوافل التجارية و البلدات الصغيرة.
2- لقد كانت روما منشغلة بحروب أكبر مع أعداء قدم و لم يكن من المناسب فتح جبهات أخرى للصراع.
3- لم يكن لروما أي مطامع في الصحراء العربية ، فلقد كانت تمثل نهاية العالم بالنسبة لهم.
4- لقد خدم المسلمون المصالح الرومانية بطريقة غير مباشرة عندما قاموا بتذبيح اليهود (راجع غزوة خيبر) فلقد كان اليهود يمثلون عبئاً على الدولة و كانوا مثيرين للشغب. و لذا فقد كان من المناسب أن يلتفتون لشئ لخطر من نوع آخر إسمه الإسلام.
رسالتك واضحة د. قميحة يجب أن يعود المسلمون للوصفة السحرية التى مكنتهم من الإنتصار أول مرة و هي التعصب حول الدين و له ثم إستغلال ضعف العدو ثم إختيار التوقيت المناسب. و لكن يجب التنبيه ان الوصفة السحرية قد تكون شديدة الخطورة إذا ما أسئ إستخدام المقادير أو إذا غابت إحدى المكونات. فغياب المكونات قد يقلب الأوضاع على أصحابها. و في حالتنا تلك غاب مكونيين رئيسيين فلا عدونا ضعيف و لا ذلك هو التوقيت المناسب للأسف لقد توفر شرط واحد من شروط الوصفة هو التعصب (فاناتيسزم) ، فحرقنا التعصب قبل أن يحرق الأعداء و جلب الدمار و الخراب إلى عقر ديارنا ، و لازال هناك منا من ينادي بالمزيد. أخشى أن الروم الجدد قد تعلموا من خطأ الإمبراطورية السالفة. فهنيئاً بدعواتكم للتعصب لعل نيرانها تصلكم قريباً.
#ماجد_حسانين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إستقلال القضاء المصري مسألة نسبية
-
الإسلام ليس هو الحل ........الوحيد
-
لا هو وطني و لا ديموقراطي
-
محاولات أخرى لتهميش المفكرين عن طريق اتهامات التكفير و الردة
-
الصهيواسلاميون و ا سرائيل الكبرى
-
الدولة الإسلامية المصرية... و ماذا بعد؟
-
بعدما احتلتها الأمريكيات....العرفاتيون و تحرير مكة
-
يوم احتلت النساء مكة - الحلقة الأخيرة
-
(3)يوم احتلت النساء مكة
-
يوم احتلت النساء مكة (2)
-
يوم احتلت النساء مكة
-
مرحباً بالإحتلال
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|