|
عودة لنقد الخط البرجوازي الصغير 2- حول -الاستقلالية التنظيمية-
عبد الرزاق الكادري
الحوار المتمدن-العدد: 3757 - 2012 / 6 / 13 - 03:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غالبا ما يطنب آذاننا هؤلاء السادة بــ"الإستقلالية التنظيمية" لكنها في الحقيقة ليست سوى فزاعة من القش، و إن كانت قد تخيف الطيور فإنها تفتح شهية الصقور. لنرى الأمر عن قرب و لنحاول كشف محتوى هذه الفزاعة المسماة بـ"الإستقلالية التنظيمية" التي أصبحت هي الأخرى ثابتا من الثوابت، لكن قبل ذلك لنعرض أولا، مفهومهم لهذا الثابت. يؤرخ أصحابنا لهذا "الثابت" لديهم منذ نهاية السبعينات أي بداية تشكل القاعديين و يرجعونه أساسا إلى التراجعات التي عرفتها المنظمات الثورية إبان نهاية السبعينات أو حتى قبل ذلك، فالقاعديون قد استوعبوا هذه التراجعات و استوعبوا سيطرة التحريفية على منظمة 23 مارس و منظمة إلى الأمام. و لقطع الطريق أمام هذه التحريفية للسيطرة على القاعديين قرروا الإستقلال عن هذه التنظيمات و تبني الإستقلالية التنظيمية. و بكلمات صاحبنا مصطفى فإن "... الطلبة اللجانيين و المجالسيين ... كانوا على علم بالتراجعات المدمرة التي عرفتها المنظمتين و اللتين كانتا المركزية الديمقراطية لأغلب المناضلين آنذاك خاصة أنهم كانوا، يشكلون القطاع الطلابي للتنظيمين، هذا الوضع انتبه إليه المناضلون المتشبثون بالخط الماركسي اللينيني و انطلاقا من قراءتهم العلمية للأوضاع آنذاك تبين لهم أن القطع التنظيمي هو السبيل من أجل استمرارية المراكمة في العمل الثوري للمغرب رغم تكاليفه الباهظة". و لكي يدعم صاحبنا هذه الفكرة بعمق تفكير الغبي يضيف :" و لكن الإختيار هو الأقل تكلفة بالنظر إلى الدمار و الكارثة التي تعرفها المنظمتين الأم. و من أجل أن تستمر الجامعة و الحركة الطلابية كمشتل لإنتاج المناضلين الثوريين المسلحين بالفكر الماركسي اللينيني و المتشبعين بالروح التنظيمية و القتالية للثوار من أجل بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة أسس المناضلون الذين سموا آنذاك بالقاعديين خلال المؤتمر 16 للإتحاد الوطني لطلبة المغرب إطارا يجمعهم و يحميهم من الردة و السيطرة التنظيمية للتحريفية في المنظمتين الأم" جيد جدا. فهذه الفقرة توضح بجلاء نظرة أصحابنا لما يسمونه بالإستقلالية التنظيمية: تاريخها و مضمونها و أهدافها أيضا. و هي بالمناسبة تصلح لأن تشكل مرجعا أساسيا لكل من يريد أن يعرف أكثر عن الغباء و البلاهة. أولا: إذا كانت الإستقلالية التنظيمية قد تبناها الطلبة القاعديون لقطع الطريق أمام السيطرة التنظيمية للتحريفية إبان نهاية السبعينات و بداية الثمانينات فإن ذلك لا يجعلها ثابتا من ثوابتهم بل مجرد صيغة ظرفية أملتها ظروف سيطرة الخط التحريفي داخل الحركة الشيوعية و غياب تنظيم ثوري و تنتفي مع انتفاء شروط بروزها. ثانيا: و هو الأهم، فصاحبنا يقول بأن الطلبة اللجانيين و المجالسيين "... كانوا على علم بالتراجعات المدمرة التي عرفتها المنظمتين اللتين كانتا المركزية التنظيمية لأغلب المناضلين آنذاك ..." فإن واجبهم (إذا كان هذا الكلام صحيحا) بوصفهم مناضلين ماركسيين لينينيين ليس الإنسحاب من التنظيم و تقديمه للتحريفية بل النضال من أجل نصرة الخط الثوري (الذي هم جزء منه على حد تعبير حتى صاحبنا) و هزم التحريفية تنظيميا. في مثل هذه الظروف ( إذا كان كلام صاحبنا صحيحا طبعا) فإن الماركسيين اللينينيين يقاتلون من أجل دحض التحريفية و تقوية الخط الثوري لا ترجمة التصفوية عمليا، و إن تعذر ذلك داخل التنظيم، فإن مهمتهم الأولى هي تأسيس تنظيم ثوري جديد يوحد أنصار الخط الثوري لا سد الطريق عنه بدعوى الإستقلالية وحرمانه من الطاقات المناضلة. هذا طبعا، إذا لم تصل الحماقة بصاحبنا إلى حد ادعاء أن القاعديين هو التنظيم الثوري. و إذا كان الأمر كذلك فنحن غير مسؤولين عن جهله بالفرق بين التنظيم الثوري و التنظيمات شبه الجماهيرية، لكن في جميع الأحوال فإن صاحبنا الذي ينصب نفسه مدافعا عن القاعديين قد حولهم بغبائه و حماقاته إلى مجرد مجموعة من التصفويين. أهكذا يكون الدفاع عن تجربة القاعديين؟ أهذه هي الماركسية اللينينية التي تعرفونها؟ لكن ما عسانا أن ننتظر من من يريد إثبات الوهم المسمى الثابت التنظيمي سوى تشويه التاريخ و الفكر و السقوط في مستنقعات التصفوية و الإنتهازية. ليس هذا كل شيء، فلنتابع مرافعة صاحبنا. بالنسبة له "القطع التنظيمي مع المنظمتين هو السبيل من أجل استمرارية المراكمة في العمل الثوري للمغرب " نعم في المغرب و ليس في الحركة الطلابية و فقط، و هي محاولة لجعل فصيل طلابي يلعب دور الحزب الثوري إلى أن يظهر هذا الأخير !! و تلك هي المقدمات الأولى لإسقاط مهمة بناء الحزب نهائيا. فصاحبنا العبقري، يؤكد أن الإستقلالية التنظيمية هي " من أجل أن تستمر الجامعة و الحركة الطلابية كمشتل لإنتاج المناضلين الثوريين المسلحين بالفكر الماركسي اللينيني و المتشبعين بالروح التنظيمية و القتالية للثوار من أجل بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة" هذا الكلام و الحق يقال لا يمكن أن يصدر إلا من أشخاص لا يعرفون ما هو العمل الثوري و متطلباته و حاجاته و لا يعرفون من الماركسية اللينينية أي شيء سوى كتب و مقولات جاهزة. هكذا إذن الإستقلالية التنظيمية تحقق إنتاج المناضلين الثوريين المتشبعين بالروح التنظيمية !! أفي الحركة الطلابية ؟ ! في الحلقيات أم في اللقاءات المحلية أو الوطنية؟ أم إبان المواجهات مع الخصوم و الأعداء؟ أهذه هي الثقافة التنظيمية التي تتحدثون عنها؟ أهذه هي الروح التنظيمية؟ لكن لنذكر هؤلاء السادة بإحدى وصايا لينين الذي يدعون الإنتماء إليه: " لجنة الطلاب لا تصلح، إنها غير ثابتة" هذا صحيح كل الصحة، و لكن يستنتج من ذلك أن الأمر يتطلب لجنة من ثوريين محترفين، من أناس ينمون في أنفسهم صفات الثوري المحترف و لا يهم بعد ذلك أن يكونوا عمالا أم طلبة" (ما العمل؟ ص: 122)، من أجل اكتساب الروح و التجربة التنظيمية يجب التمرس و التربية وسط تنظيم ثوري أيها السادة، لكن عوض ذلك يرفع هؤلاء الحمقى المعتوهين فزاعة الإستقلالية التنظيمية مانعين المناضلين من اكتساب هذه التجربة و هذه التربية، إن ما يدافعون به هو عكس ما يطمحون إليه. إن حديثكم عن الثابت التنظيمي هو في حقيقة الأمر محاولة ليس لبناء الحزب بل لبناء جدار ثابت في وجه بناء الحزب. و الإستقلالية التنظيمية في اعتقادهم هي أيضا من أجل أن تستمر الجامعة كمشتل لإنتاج المناضلين المسلحين بالفكر الماركسي اللينيني. لكن أين؟ و كيف يمكن أن يكتسب المناضلون و المناضلات هذا السلاح ؟ أفي الحلقيات أم في دراسة الكتب و المقالات أم ...؟ أهذا هو السلاح؟ هل تعتقدون أن الماركسية اللينينية هي إنتاج الخطاب؟ إن امتلاك و الوعي بالماركسية اللينينية كسلاح ضد الأعداء لا يمكن أن يتحقق أيها السادة إلا داخل التنظيم الثوري، الماركسية اللينينية ليست مجموعة من النصوص و الحكايات، الماركسية اللينينية هي إجابات عن قضايا اثورة ببلادنا و على الصعيد الأممي، الماركسية اللينينية تكتسب من خلال الممارسة العملية ليس وسط الجامعة بل في الصراع الطبقي، هي توجيه الممارسة العملية ليس من أجل المنحة للطلاب بل من أجل السلطة للعمال و الفلاحين. و من يمكن أن يقوم بذلك هو تنظيم ثوري و ليس فصيل طلابي كما تفعلون أنتم. إنكم هنا أيضا تجعلون من القاعديين مكان الحزب و مكان الحزب الثوري. و بذلك تحاولون (دون وعي، بجهل و غباء) بناء جدار ثابت ضد بناء التنظيم الثوري. لنذكركم مرة أخرى بلينين عند حديثه عن الطلاب " إن طالب اليوم يجد غذاءه العقلي الرئيسي في الماركسية العلنية التي لم تكن تستطيع أن تعطيه غير الأبجدية و غير الفتات" هكذا قال لينين و أصحابنا "اللينينيين" يقولون أن الإستقلالية التنظيمية قد تحقق تخريج مناضلين من الجامعة مسلحين بالماركسية اللينينية ؟ !! أي مسافة بينكم أيها السادة و بين حتى أبجديات الماركسية و الفتات منها. و الأدهى من ذلك هو أن أصحابنا لا يخجلون من القول أن كل ذلك هو " من أجل بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة " ! لا يتردد أصحابنا في الصراخ بأن إحدى مهام القاعديين هي تخريج الكوادر و الأطر "من أجل بناء الحزب الثوري"، لكنهم في المقابل غير معنيون بإشكالات بنائه على أرض الواقع و لا يجب عليهم الإنخراط في عملية بنائه التي تتطلب الإنتظام وسط تنظيم ثوري، لأنهم مستقلون و ثابتون على استقلاليتهم !! فالقاعديون بالنسبة إليهم هم شبيبة حزب ثوري غير موجود، هم مستقلون حتى يظهر هذا الحزب غير الموجود (و هنا يشدد أصحابنا على وجود الحزب و ليس تنظيم ثوري) فإنهم متشبثون باستقلاليتهم الثابتة التي لا تتزحزح. و إذا أرجنا أن نلخص هذه الحماقات فإننا نستطيع القول أن شعار أصحابنا هو كالتالي:" نحن ماركسيون لينينيون نناضل من أحل بناء الحزب الثوري لكننا لن نساهم في بنائه حتى يوجد " أهناك سخافة أكثر من ذلك؟ ! هذه ليست "ماركسية لينينية" بل مجرد حماقة طلابية صرفة. إن أصحابنا "م.ل" يعلنون أنه لا يوجد، بل و لا يمكن أن يوجد ثوري(ة) داخل الجامعة لا يتبنى البرنامج المرحلي، أي أن الماركسيون اللينينيون هم القاعديون داخل الجامعة، و أن أي إخلال بثوابتهم الثلاث و منها الإستقلالية التنظيمية يجعل أصحابها خارج القاعديين و خارج الماركسيين اللينينيين، و هذا الكلام يعني في محتواه الفكري و السياسي أن أصحابنا يقولون أن الشبيبة الثورية و الطلاب أساسا لا يجب عليهم المساهمة في بناء الحزب الثوري، و هذا الموقف الإنتهازي يصاغ و يروج له تحت ستار الإستقلالية التنظيمية. هذا الموقف الذي يعلن ضرورة بناء الحزب الثوري على مستوى الخطاب و يترجم العداء لكل من يتقدم في صيرورة بناء الحزب الثوري هو موقف طبقي معروف. إن جعل الإستقلالية التنظيمية ثابت من ثوابت القاعديين هي في حقيقة الأمر الصيغة الأكثر انتهازية لإخفاء العداء للتنظيم و متطلباته و حاجاته، هو موقف انتهازي تتستر وراءه البرجوازية الصغيرة المعادية لبناء حزب مستقل للطبقة العاملة. و انعكاس المصلحة الطبقية للبرجوازية الصغيرة في الحفاظ على إحدى فئاتها (الطلاب) و جعلها بعيدة كل البعد عن مصالح الطبقة العاملة و مهامها السياسية العاجلة. و مع ذلك يستشهدون بلينين الذي هو أكبر من يدين أفكارهم هذه
#عبد_الرزاق_الكادري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عودة لنقد الخط البرجوازي الصغير 1- الجذور الطبقية لضيق الافق
المزيد.....
-
العثور على مركبة تحمل بقايا بشرية في بحيرة قد يحل لغز قضية ب
...
-
وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان يدخل حيّز التنفيذ وعشرات
...
-
احتفال غريب.. عيد الشكر في شيكاغو.. حديقة حيوانات تحيي الذكر
...
-
طهران تعلن موقفها من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنا
...
-
الجيش اللبناني يدعو المواطنين للتريّث في العودة إلى الجنوب
-
بندقية جديدة للقوات الروسية الخاصة (فيديو)
-
Neuralink المملوكة لماسك تبدأ تجربة جديدة لجهاز دماغي لمرضى
...
-
بيان وزير الدفاع الأمريكي حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل ول
...
-
إسرائيل.. إعادة افتتاح مدارس في الجليل الأعلى حتى جنوب صفد
-
روسيا.. نجاح اختبار منظومة للحماية من ضربات الطائرات المسيرة
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|