أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - أدعياء دين وكاذبون ديمقراطية














المزيد.....

أدعياء دين وكاذبون ديمقراطية


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3756 - 2012 / 6 / 12 - 15:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في يوم أسود من الأيام السود الكثيرة عبر التاريخ المصري، أفلح دعاة "أحكام الشريعة الإسلامية" في إحكام سيطرتهم على البرلمان المصري بمجلسيه، الشعب والشورى، ثمرة التآمر مع المجلس العسكري الحاكم والأموال الهائلة من ممالك ومشايخ وإمارات شبه الجزيرة العربية. هؤلاء الدعاة يدعون الآن حباً جماً للشعب المصري ومصالحه الوطنية، ويظهرون تعلقاً غريباً بكل ما يقال من كلام معسول وبراق عن الحريات وحقوق الإنسان والمرأة والأقليات والديمقراطية والدولة المدنية وتداول السلطة ونزاهة الانتخابات...الخ. لكنهم، في الوقت نفسه، مصرون إصراراً غريباً أيضاً على استبدال "مبادئ" الشريعة الإسلامية كما وردت في المادة الثانية من دستور 1971 الموقوف بكلمة "أحكام"، أو على الأقل الاستغناء عن الكلمة الأولى تماماً والاكتفاء بكلمتي "الشريعة الإسلامية". كيف، ومن أين، جاء هؤلاء الدعاة، الأدعياء؟

على حد ما يقال، جاءوا من انتخابات شعبية حرة ونزيهة هي الأولى على الإطلاق في التاريخ المصري قديماً وحديثاً ومعاصراً. في كلمات أخرى، هؤلاء الدعاة الدين، أدعياء الديمقراطية، هم صناعة شعبية بامتياز، أي دون انتخابهم من أفراد الشعب لهم ما كانوا سيتواجدون كما هم الآن بأغلبيتهم الكاسحة المفزعة داخل البرلمان، وما كان سيعهد إليهم بنص الإعلان الدستوري انتخاب الجمعية الدستورية من مائة عضو لوضع الدستور المصري الجديد. إذا كان هؤلاء الدعاة، في كيانهم وصفتهم التشريعية تحت قبة البرلمان، من صناعة الشعب مائة في المائة، أين مصالح هذا الشعب منهم، وما علاقتهم بالشريعة الإسلامية أو بمبادئها أو بأحكامها أو بأي مما يتصل بها؟

نحن نعلم عن وجود تراث قانوني قديم ومهلهل، وضعته شعوبه وأقوامه الخاصة، بوسائلها وآلياتها الخاصة عبر أزمانها وظروفها الخاصة، ولخدمة أهدافها ومقاصدها الخاصة، يسمى إجمالاً "الشريعة الإسلامية". تلك الشعوب والأقوام طويت عليها صفحات التاريخ من زمان طويل، ومعها وسائلها وآلياتها الخاصة، وأهدافها ومقاصدها الخاصة، والظروف تغيرت. لماذا، ونحن أمام صفحة جديدة بيضاء، هذا الإصرار الغريب على إحياء الموتى لتسويدها لنا؟ إن تلك الشريعة الإسلامية، حتى هذا اليوم، لها مرجعية هي حتماً ليست المرجعية الشعبية، ولها آليات عمل هي حتماً ليست الآلية الديمقراطية، التي بواسطتها وصل هؤلاء الدعاة إلى السلطة التشريعية ويحاولون الوصول إلى التنفيذية. في قول آخر، هؤلاء الأدعياء وصلوا عبر صندوق الانتخابات إلى التشريع الشعبي، من داخل برلمان لا يقر إلا بمرجعية الشعب وحده، لنفاجأ بهم يرتدون علينا وعلى إدعاءاتهم الأولى مائة وثمانين درجة ويريدون الآن سن وتطبيق التشريع الإسلامي، الذي مرجعيته بالتأكيد ليست الشعب، وآلياته بالتأكيد ليست صندوق الانتخاب. انتخبناهم ليشرعوا هم بأنفسهم لنا، فإذا بهم يجبنون أمام التكليف، ويخونون الأمانة، ويختارون تطبيق تشريع جاهز سلفاً، منذ آلاف السنين. إذا كان الأمر كذلك، لماذا كان انتخابكم من الأصل؟

السادة الدعاة الدين، الأدعياء الديمقراطية، يجب أن تعلموا أن لا تلاقي ولا اتفاق أبداً بين "التشريع الإسلامي"، أو كما تحبون تسميته "الشريعة الإسلامية"، وبين "التشريع الشعبي"، أو "الديمقراطية". في الأول، المرجعية ليست للشعب، ولا الأدوات ولا المقاصد من اختياره. في الثاني، الشعب هو المرجع والحكم الوحيد، عبر صناديق الانتخابات والمبادئ والمقاصد الديمقراطية. سؤال بسيط: طالما أنكم تحبون الشريعة الإسلامية ومتمسكون بها بهذا الشكل، لماذا ادعيتم خلاف ذلك وقفزتم على أدوات التشريع الشعبي بالترشح في الانتخابات البرلمانية والرئاسية؟ هل لا تعلمون أن هذه الآليات وضعت في الأصل من أجل التشريع الشعبي، وليس لها علاقة من قريب أو بعيد بما تسمونها الشريعة الإسلامية، التي لها آليات أخرى مختلفة تماماً تعرفونها جيداً؟

لابد أنكم مخادعون مغتصبون، كل ما كان ولا يزال يهمكم هو قنص هذه الآلية الشعبية الديمقراطية والاستحواذ عليها وتسخيرها لمصلحتكم الخاصة. لا أجد تفسيراً آخر. ألا تدعون، يا أدعياء الديمقراطية، أن إلهكم سخر لكم كذا وكذا، مما تعجزون حتى عن فهمه وإدراكه؟ كأنكم لا ترون في هذا الكون سوى أنفسكم، وإلهكم هذا، وكل ما عدا ذلك سخره لكم. ألا تؤمنون في أعماق نفوسكم المريضة أن إلهكم سخر لكم حتى أعظم عقول الكون عبقرية مثل مكتشف قانون الجاذبية، ومخترع المصباح والتليفون ومحرك البخار والترانزيستور وكل الابتكارات الحديثة، كما لو أن إلهكم هذا خلقكم هكذا أغبياء كسالى عديمي النفع، كل عملكم في هذه الحياة هو الاستمتاع بجهد ومثابرة وكد وعرق غيركم، الذين تستكبرون حتى أن تعترفوا بهم أخوة لكم في الإنسانية مساويين لكم في الحقوق والواجبات، أو أن تتنازلوا لهم عن نصيب ولو ضئيل من جنة الآخرة التي تحتكرونها أيضاً لأنفسكم.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحالف المشروع الأخواني-السلفي، نعمة أم نقمة؟
- أسطورة القوانين الوضعية والشرائع السماوية
- السيادة أين، للدستور، أم الشريعة؟
- رحمة الله عليك يا مبارك، كيف تعدمون ميتاً؟!
- في مصر، صراع وجودي بين الله والإنسان
- شفيق ومرسي، بالكرسي...إلى الجحيم


المزيد.....




- قائد حرس الثورة الاسلامية اللواء سلامي: حزب الله فخر العالم ...
- تونس.. وفاة أستاذ تربية إسلامية أضرم النار في جسده (صورة)
- هشام العلوي: أية ديمقراطية في المجتمعات الإسلامية ؟
- تعداد خال من القومية والمذهب.. كيف سيعالج العراق غياب أرقامه ...
- وفد الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة يدعو لحماية المنشآت ال ...
- ولد في اليمن.. وفاة اليهودي شالوم نجار الذي أعدم -مهندس المح ...
- ماما جابت بيبي..أضبطها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على ال ...
- ماما جابت بيبي.. متع أولادك بأجمل الاغاني والاناشيد على قناة ...
- مرشح جمهوري يهودي: على رشيدة طليب وإلهان عمر التفكير بمغادر ...
- الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - أدعياء دين وكاذبون ديمقراطية