أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز بوكا - حظور الزوايا في المجتمع المغربي , نموذج سوس : - قبيلة أيت براييم -















المزيد.....

حظور الزوايا في المجتمع المغربي , نموذج سوس : - قبيلة أيت براييم -


عزيز بوكا

الحوار المتمدن-العدد: 3754 - 2012 / 6 / 10 - 10:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أبدأ هذا التحليل بسرد أهم ما توصلت إليه في العمل الميداني من أدوار تقوم بها زاوية "بونعمان":
- تنظم موسم "افقرن",بشكل منتظم في كل سنة .
- تقوم بتحفيظ القران "للطلبة" .
- مساعدة المحتاجين .
- إطعام الناس الطعام .
- تكوين الأئمة .
- نشر العلم .
- عبادة الله .
- الاستماع فيها للحديث .
- تقوم بالتداوي .
- نيل البركة .
- كتابة العقود .
- التحكيم في النزاعات سوءا كانت قبلية أو بين أفراد القبيلة الواحدة .
هذه هي باختصار شديد الأدوار التي كانت الزاوية ولازالت تقوم بها , هذه الأدوار التي تدور حول جدلية المكان الذي هو الزاوية وجدلية الموضوع الذي يتركز حول الدين . لقد عملت الزاوية من خلال آلياتها التي تتركز على "لعبة الحضور و الغياب" , هذه اللعبة التي تتجسد في موسم "افقرن" حيث تقوم الزاوية بالاختفاء طيلة السنة ولكن لتظهر من جديد وتنادي بحضورها , لتمتلئ بالناس الوافدين , وتقام فيها الصلوات الخمس يوميا.
إن طقوسية المجال التي تتجسد عبر الحيز الجغرافي الذي تنتشر فيه زاوية "بونعمان" والذي يتسم بطابعه الجغرافي الشبه الصحراوي , والذي تتركز فيه أغلبية لا يفقهون الكتابة ولا القراءة , مما يجعل من الصعب عليهم استيعاب مضمون النص الديني , باعتباره عربي في منطقة أمزيغية , ليتعامل الناس مع النص الديني بحيطة كبيرة , لأنه يتسم بالتعقيد و صعوبة الفهم , مما يدفع هؤلاء الناس يلتجئون إلى "الفقيه" المتواجد في الزاوية , والذي يستطيع شرح مضمون النص الديني , وذلك بعيدا عن كل التعقيد , ليتموضع النص الديني ك "رأسمال رمزي" على حد تعبير "بورديو", إن هذا المجال لا يستطيع استيعاب المضمون الديني بكل تعقيداته وتشعبا ته, والتي تكرسها النظرة السلفية , أو الفئة الجديدة في المجتمع المتكونة من النخبة المتقفة ( طلاب الجامعات , أساتذة , معلمين, فاعلين سياسيين ...), انه وسط يقبل الدين بطابعه التجريبي البعيد عن التعقيد والصرامة في التطبيق , وهذا ما تعمل الزاوية في شخص "الفقيه" الذي هو "من أهل الحل و العقد" , ولكن هذه القبيلة تعرف تماما أنها لا تتماثل إلى قيم الدين الصحيحة , ولكن هم راضون بها .
إن طقس الإطعام الذي تقوم به الزاوية, مع العلم أن الزاوية لا تتوفر على أي مصدر للدخل , فالساكنة هي التي تقوم بتأمين دخل الفقيه عبر مجموعة من الآليات التي تفرض على كل "كانون",وهذه الآليات هي "تاولتيمت " , و "لحدار" , إضافة إلى "الخراج" من الحبوب والقمح , وكل المنتوجات التي يتم زرعها , وقد تبين لي من خلال العمل الميداني أن كل هذه الواجبات تمثل للساكنة بمثابة العمل الواجب , الذي تفرضه عليهم الزاوية, مع العلم أنها لا تلتجئ إلى عقوبات زجرية , تعاقب بها مريديها , وهذا ما يجعل المريدين يعتبرون أن الزاوية لها هالة من البركة , مما يجعل هذا الفعل بمثابة مقدس يصعب انتهاكه بحيث يتخذ هذا المقدس أشكال وصيغ تتعدد وتنتقل , انه تعبير عن الكوني , الذي ينطلق من المحلي , فالمقدس "لن يعود ما يحل بشكل موضوعي في الكون , انه خاصية قد تكون ثابتة أو عابرة لبعض الأشياء, كالأدوات المستعملة في الشعائر و الطقوس , ولبعض الكائنات كالملوك والرهبان, ولبعض الأمكنة كالقبور والكنائس , والأماكن المرتفعة , ولبعض الأزمنة كأيام الأحد ورأس السنة و أعياد الفصح, انه خاصية متميزة بحركيتها الطاقوية , الأمر الذي يجعله متبعا لفعالية غامضة, متناقضة وتكاملية" , هذا الفعل الإنساني الغريزي العادي المتمثل في الإطعام تحول إلى مقدس يقدس بفضل البنية التي تقدمه , إنها الزاوية التي تقدم ثلاثة أيام لاستضافة "افقيرن", وفي هذه الأيام تحصل معجزة الزاوية , المتمثلة في البركة التي تنهل على مريديها , وتصيب كل من أطعم في طعامها , إنها جدلية كبيرة في إطار نسق الأخذ والعطاء , فقبيلة "ايت براييم" تعطي , ولكن عطائها لا يتعدى الواجب المفروض عليها , وعطاء الزاوية هو العطاء الأعظم , لأن فيه الخير وطرد للشرور , ونفس الشيء نجده في جميع الوظائف الأخرى التي تقوم بها الزاوية حيت تحضر دائما تلك القيم الخفية وراء الفعل المقدس , فمثلا إيواء المرضى في حالة المرض قصد نيل بركة الولي للشفاء , إننا إذا تأملنا هذا الطقس فإننا سنجده ناتجا للرموز عديدة جعلت الزاوية على رأس التنظيمات الاجتماعية في المنطقة لأن المرض كما كان يعرف , ولازال يعرف في "ايت براييم" يمثل النهاية , نهاية حياة الفرد, بانعدام المستوصفات -ما عدا مستوصف يفتقر لأبسط التجهيزات الضرورية- في "ايت براييم" تجعله يبحث عن مكان للشفاء , ولا يجد من يقصده غير ذلك الولي , الذي يستقبله دون شروط , ودون تمييز , انه للجميع وليس للجميع , للجميع لأنه يعطي الكرم والسخاء , وليس للجميع لأنه للولي فقط , ولا يجب تدنيسه بل احترامه وتقديسه, هذا المكان يتمثل في ما يسمى "المرستان" أو "البيت امضان" وتعني غرفة المريض , يمكث هذا المريض لليالي عديدة حتى تأتيه رؤيا تنبئه بالشفاء أو التنقل إلى ولي أخر , فهناك من يصاب بأمراض خطيرة , ومنبوذة لذا سكان "ايت براييم" ك "السرطان" , وهكذا فان المريض ينبذ اجتماعيا ويصبح معتزلا , ليلتجأ إلى الزاويا التي تقدم له خدمة الٍاواء وتستقبله في ضل مجتمع ينبذه , هكذا تفعل الزاوية في مختلف أسالبيها سوءا الديناميكية أو الستاتيكية .
ان هندسة المجال الإسلامي المقدس تلعب الدور الكبير في تكريس النضرة النسقية للزاوية , والتي تحتفظ فيها الزاوية على هامش التنظيمات الاجتماعية ولكن في نفس الوقت توجد على رأس هذه التنظيمات , فقد قلنا في المقدمة أن هذه الهندسة , هي التي ستكون موضوع التحليل فيما بعد , إن مجال الزاوية الذي يتسم بطابعه التقليدي المتمثل في بنايته القديمة , والحفاظ على هذه الهندسة وعدم تغييره , يعد من الرموز التي تلجأ إليه الزاوية للحفاظ على بقائها في مجتمع تتسم بنايته بنفس بناية الزاوية , فهي التي تعمل على استضافة مريديها كل سنة , أو كل خميس , إنها تحافظ على نفس الهندسة التي تلاءم كل منازل مريديها في المنطقة , انه المعمار التقليدي الذي يجعل الفرد "البرايمي" يحس بانتمائه الشديد لهذه الزاوية , وآدا تحدتنا عن الانتماء ف "ايت براييم" كغيرها من القبائل الأمزيغية , تحس باعتزاز تجاه الأرض أو ألمسكن أو العائلة , هذا الانتماء يتخذ صيغة الدفاع , عن كل من يريد الاعتداء على هذا المجال ,وهذا ما تعمل الزاوية على تكريسه ,إن ذهابه للزاوية يعادل ذهابه إلى منزله ,كما أن هذه الزاوية حفظت على وحدتها البنيوية حيث "يقاوم المجال التجدد السريع الذي يعمل على اقتلاعه من الصور و السلوك التي ترسبت في الإنسان بفضله , وفي كثير من الأحيان بل في أغلبها يمارس المجال هروبه من عملية الاقتلاع , تلك باتجاه عمق الوعي وما وراء السلوك الفردي ,أي يتحول إلى نمط أخر من الوعي يشتغل في الماوراء, أو المباعد المظهري..إن إطلالة متأنية على منزل/مجال حامل لخاصيات الحقل الثقافي الإسلامي , بإمكانه أن يشخص لنا هذا الانتماء الذي يحمله المجال في علاقته بالإنسان , حينما نتأمل منزلا إسلاميا حاملا لعلامات هذا الانتماء.
- لماذا لا يحمل هذا المنزل نزوعا مجاليا تجاه فوق؟
- لماذا لا يحمل هذا النزوع تجاه تحت؟
- أي لماذا يحافظ المنزل الإسلامي على خاصية المنزلة بين المنزلتين (وسط)؟"



#عزيز_بوكا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز بوكا - حظور الزوايا في المجتمع المغربي , نموذج سوس : - قبيلة أيت براييم -