|
التحرش الاسرائيلي بالأردن ..لماذا؟
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 3753 - 2012 / 6 / 9 - 16:43
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
بين الفينة والأخرى ..وكلما وجدت "اللقيطة " اسرائيل أنها في الزاوية ،تخرج علينا بتهديد جديد للأردن ،دون الأخذ بعين الاعتبار دور الأردن المحوري في ما يطلق عليه العملية السلمية ،وصوته المعتدل في المنطقة. "قوس قزح"تهديدات الأردن الاسرائيلية شمل كل ألوان الطيف ،فمن الحرائق بالأغوار الى الخنازير وربما الفئران البيضاء المجوعة ،وعدم الوفاء بما اتفق عليه في معاهدة وادي عربة وخاصة فيما يتعلق بحصة الأردن من المياه..ناهيك عن مطاردة الأردن في المحافل الدولية والتشويش عليه وتعطيل منحه ما يحتاجه من دعم للعملية التنموية. وآخر دعواهم الباطلة تهيدهم للأردن بفرقتي "الفولاذ وباعيل" العسكريتين القويتين في نظر الاسرائيليين الذين لا يعلمون سر انتصارات جيشهم على الجيوش العربية حتى يومنا هذا ،لأن قادتهم السياسيين والعسكريين على حد سواء يريدون عدم كشف الحقيقة حتى يظلوا أبطالا أمام المستوطنين الذين ضللوا وجيء بهم غدرا الى فلسطين. الى هنا ينتهي الخبر الذي اعتدنا على سماعه وقراءته بين حين وآخر ،ولكن ما وراء الخبر هو أن "انتصارات " الجيش الاسرائلي الوهمية التي كانت مع الأسف الشديد ،تفضي الى احتلال أراض عربية عزيزة علينا،كان متفقا عليها وكانت مرتبة سلفا ،أي أنه لم تكن هناك مواجهات حقيقية بين الجانبين ،بدءا من حرب عام 1948 بين العصابات الصهيونية الارهابية والجيوش العربية السبعة التي كانت بقيادة أجنبية وجاءت ل"تحرير" ما سلمته بريطانيا للعصابات الصهيونية في فلسطين،وانتهاء بغزو لبنان صيف العام 1982 والذي انتهى باحتلال بيروت واخراج قوات م.ت.ف رغم شعارات العرب القريبين والبعيدين عن لبنان ،مرورا بحرب حزيران 1967 ،وحرب رمضان 1973 التي جيرها السادات لاسرائيل ونجم عنها معاهدة كامب ديفيد. ولا أحد ينكر تمردات فردية أبدع فيها أصحابها من بعض الجيوش العربية، وأذهلت قادة العدو وصدمتهم وجعلتهم قلقين على مصير" اللقيطة " اسرائيل. لكن ما وراء الخبر والذي لا يريد " العدو" معرفته ، هو أنه ورغم كل ما يمتلكه من قوة وعنجهية وحقد دفين على البشرية جمعاء ، فانه لم يسجل نصرا حقيقيا واحدا يعتد به على " ثوار " غردوا خارج سرب النظام الرسمي العربي ، بدءا من معركة الكرامة ربيع 1968 حتى يومنا هذا ،رغم أن أصحاب أوسلو قبروا الكفاح المسلح . ما حدث في جنوب لبنان عام 1978 أن قادة الجيش الاسرائيلي الذي عرف عنه حسب ما ورد آنفا ، أنه الجيش "الذي لا يقهر"، طلبوا وللمرة الأولى من م.ت.ف آنذاك ،وقف اطلاق النار ،وقالوا في رسائلهم لقيادتهم المركزية في تل أبيب "أن الفدائيين الفسطينيين يخرجون علينا كالقرود من تحت الصخور ومن بين أوراق الشجر".! وللتذكير فقط فقد جمع رئيس أركان الجيش الاسرائيلي الأسبق موشيه دايان الصحافيين الاسرائيليين والأجانب في فندق الملك داوود في القدس المحتلة ،عشية جر قواته- مكبلين بالسلاسل الى مقاود الدبابات وأرضيتها كي لا يهربون في الطريق -،الى حتفهم في أرض الكرامة ، ووجه لهم الدعوة الى تناول الشاي معه وأين؟ في العاصمة عمّان ! وتبجح أمامهم أن المقاومة الفلسطينية في يده كالبيضة يكسرها متى شاء ! ولسوء حظه أنه لم يذكر أمامهم الجيش الأردني لأنه وعلى ما يبدوا كان قد أسقطه من حساباته ، دون أن يعلم أن تحالف الجيش المصطفوي مع المقاومة الفلسطينية آنذاك أثمر نصرا مؤزرا. هذا التحالف جعل دايان ليس أعور العين فقط "بل حوله الى أعمى القلب ، وأعجزه عن اخلاء أرض المعارك وتطهيرها من جثث قتلاه وجرحاهم وحطام دباباته التي شحنت الى العاصمة عمّان ، ردا على دعوة دايان للصحفيين الى العاصمة لتناول الشاي احتفاء بنصره الموهوم والمتخيل بل المستحيل. لذلك رأيناه ينسحب مدحورا مذموما . ولدى عودته الى القدس المحتلة قادته عنجهيته المهزومة الى لقاء نفس الصحفيين الذين بادروه بالسؤال: ما وضع المقاومة الفلسطينية وهل ما تزال البيضة في يدك تكسرها متى تشاء؟ أجاب دايان منكسرا:حمار من لا يغير رأيه ،وأنا غيرت رأيي!. وهذا يعني أن الكرامة أحدثت صدمة في تفكيرهم وما أحوجنا الى تكرار مثل هذه الصدمة. هذا يعني أنه وجد مقاومة ليست كالبيضة ،وأكتشف أنه كاذب لأن هذه البيضة على حد قوله لم تكن في يده ،كما أنه اكتشف عدم قدرته على كسر هذه البيضة ،لذلك انسحب مدحورا يجر أذيال الهزيمة والخيبة. واقعة الكرامة لم تكن مواجهة مسلحة بمعنى المواجهة العسكرية فقط،بل كانت تفسيرا عمليا لشعار الوحدة العربية التي ننشدها جميعا دون أن نضحي من أجل تحقيقها ،وكانت أملا أردنيا –فلسطينيا ، ومثلت التجسيد الصحيح للوحدة العربية ، لأن الوحدة الحقيقية هي على أرض المعارك . لن يفعلوها ،وأن غامروا بارسال قواتهم الى الأردن لاحتلاله ، فانهم سيواجهون بتجسيد أردني- فلسطيني أقوى مما حدث في معركة الكرامة لأننا جميعا متعطشين لكرامة جديد تبعث فينا روح الكرامة. ولكن ما يقومون به عبارة عن مزاوجة بين التهديد الاقتصادي والسياسي استنادا الى عدم فهمهم للحراك الأردني والغزو الذي لن يتم. لا أقول أن الأردن يمتلك أحدث أنواع الأسلحة بما يفوق ترسانة اسرائيل النووية التي تعد نسخة طبق الأصل عن الترسانات الأمريكية والفرنسية والألمانية والبريطانية ،ولكن الأردن يمتلك ما هو أقوى من الصواريخ . لديه وحدة وطنية متعطشة للثأر من ماض ناف عمره عن الستين عاما ،ويعلم الجميع في الأردن ،حتى من يغرد خارج السرب للفت النظر اليه عل وعسى أن يتم تقليده منصبا رسميا ،أن " اللقيطة " اسرائيل لم تواجه بالروح العربية يوما ولذلك آن الأوان للمواجهة الحقة لتلقينها درسا ربما يكون هو الامتحان الأخير . الحرب هي ليست حرب صواريخ بل حرب ارادات ونحن أصحاب الارادات الأقوى ،لأننا اصحاب حق. التهديدات الاسرائيلية للأردن ، ليست سوى عملية هروب اسرائيلية غبية الى الأمام ، ففي بداية العام الحالي - وبعد أن وجد نتنياهو نفسه في عزلة دولية بينما صوت جلالة الملك عبدالله يلعلع في المحافل الدولية- ،أخبر وزراءه في اجتماع سري أنه يتمنى أن يجتاح الربيع العربي الأردن لاسقاط نظامه، معربا عن استيائه من أن الأردنيين يختلفون على كل شيء باستثناء النظام الهاشمي ! المفرح في الأمر ، هو أن نتنياهو اشتكى لوزرائه من أن جلالة الملك عبد الله الثاني يتحدى اسرائيل في المحافل الدولية ويحرض دائما على " حكومتي" وأنه يقنع العالم برغبة الأردن في تحقيق السلام مع اسرائيل رغم معرفته الأكيدة "أننا " لا نرغب بتحقيق السلام مع الفلسطينيين.! أصاب نتنياهو كبد الحقيقة عندما تساءل أمام وزرائه عن سر اصرار عمّان على أن يكون سفيرها في تل الربيع (تل أبيب) جنرالا متقاعدا من المؤسسة العسكرية .وقال ايضا :هل يريدون تذكيرنا بأن جنرالاتهم كادوا أن ينهوا وجودنا أكثر من مرة؟ من هنا نبدأ ، فهذا أعتراف من حيث لا يدري ، وهو أعتراف صريح بنوعية وقوة الجيش الأردني في حال أمتلك القرار السياسي بخوض المعركة .وأظن أن هذا الاعتراف هو بمثابة رد اعتبار لنا جميعا . ما لم يريد الاسرائيليون معرفته ، أو أنهم يعرفونه ويصرون على التغاضي عنه هو أن الفلسطينيين المقيمين في الأردن ليسوا أعداء للبلد الذي يقيمون فيه ، وهم يرون في جلالة الملك عبد الله الثاني ملكا للجميع ، لذلك أنصح الاسرائيليين بعدم المراهنة على تخيلات لا نجدها الا في عقول الاسرائيليين الأغبياء الذي يطمحون لوقوع حرب أهلية في الأردن ، تدخل اسرائيل من خلالها اليه لتفعل فعلتها .
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما تستجيب الحكومات العربية لضغوطات - ميمري- ..أين السيادة
...
-
ربيع ..لكن بزهور أمريكية
-
مهزلة القرن
-
توراة الملك
-
نكتب لفسطين دفاعا عن الأردن
-
شلومو زند...وشهد شاهد من أهلها
-
فيلتمان..حجر الصد لمنع حصول الفلسطينيين على اعتراف بدولتهم ف
...
-
-ميمري- ينتهك حقوق الانسان ويضلل الرأي العام الغربي
-
عودة العرب اليهود الى بلدانهم الأصلية..واجب قومي
-
ذكرى النكبة عربيا..بردا وسلاما على اسرائيل
-
رسالة مفتوحة الى: -معهد بحوث اعلام الشرق الأوسط- الاستخباري
...
-
الارهاب ديدن يهود.التوراة والتلمود وبروتوكولات حكماء صهيون م
...
-
التلمود ليس كتابا دينيا بل منشور عسكري سياسي
-
القاعدة ..حصان طروادة
-
عشر سنوات عجاف
-
الأسرى الفلسطينيون وفروا الأجواء المناسبة للآخرين كي يتحركوا
...
-
هزائم العرب الخارجية - وانتصاراتهم - الداخلية؟!
-
الربيع العربي ...نبوؤة روبيرت فيسك1997
-
معركة الأمعاء الخاوية ..ماذا أعددنا لها؟
-
- الربيع العربي - يلغي -العقد الاجتماعي- بين -الدولة- و- الم
...
المزيد.....
-
جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR
...
-
تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
-
جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
-
أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ
...
-
-نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
-
-غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
-
لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل
...
-
ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به
...
-
غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو
...
-
مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|