|
عن تحريم الحائري لإنتخاب علماني . .
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 3752 - 2012 / 6 / 8 - 20:02
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
بعيدا عن حق الفرد بالايمان و العبادة و المذهب كجزء من خصوصياته و حُرُماته . . يتفق كثيرون الى ان تزايد اقبال جماهير واسعة الى الاديان و المذاهب، للتوصّل الى أمل لتحقيق عدالة مفقودة و كطريق للخلاص من الظلم المعاش ، يعود الى زمان ارهاب دكتاتورية صدام و حروبها و سياستها التدميرية، و بسبب ظروف و صراعات المنطقة . . حتى صارت الدكتاتورية ذاتها حينها تتملق الدين و المذهب بحملاتها الايمانية . . تقربا من الناس و كي لاتقطع الجسور مع آمالهم، لأن تغرّب الشعب عن حاكميه يهدد بانهيار كراسيهم، و ذلك ماحدث . . و ان لعبت آمال الجماهير بعدالة السماء بعد ان فقدت ثقتها بعدالة الارض دورا كبيراً في صياغة مفاهيم البدائل العادلة للدكتاتورية عند الناس، فانها لعبت ذات الدور في تخطيط و فعل الدوائر الكبرى الدولية و الاقليمية لمحاولة صياغة بديلها للدكتاتورية لتحقيق ما يمكنه ادامة مصالحها، التي التقت مع مصالح متطلعين جدد يسعون للامساك بالحكم باسم المقدّس . و يرى سياسيون و اجتماعيون انه، فيما لعبت فتاوى اية الله العظمى السيد السيستاني ادواراً هامة في التوجيه الشعبي نحو تأسيس حكم وطني على اساس دستور و قانون و برلمان، تصاعدت بعدئذ تاثيرات الفتاوى الدينية بين الناس كوسيلة للخلاص من المعاناة و الآلام التي استمرّت و تفاقمت و لم تنتهِ . . و وظّفت ذلك فئات تسعى الى تحقيق اهدافها الدنيوية في الحكم بصياغات طائفية. و ازداد ذلك التأثير اكثر بفعل تصاعد نشاط منظمة القاعدة الارهابية الطائفي المعاكس (*) الذي صار يلعب ادوارا دموية مخيفة مع فلول دكتاتورية صدام المنهارة، اضافة الى الدخول المباشر الواسع للدول الاقليمية على ذلك الطريق . . و قد ادىّ ذلك بنظر متخصصين و مراقبين الى تزايد اعداد المراجع، الذين اتخذوا من الفتاوى في الواقع، مهناً للكسب و الحكم من خلال محاولات متنوعة لكسب المزيد من الاتباع و المقلدين و بالتالي المزيد و المزيد من ارباح "الخُمُس" و الارباح المتحققة من النفوذ في الحكم و في رجاله و مؤسساته . . التي لا يحدّها اي قانون لحد الآن، سواء كان دينياً او حكومياً . الامر الذي نبّهت اليه المرجعية الشيعية العليا للسيد السيستاني حين طالبت رجال الدين بالابتعاد عن الترشيح في الانتخابات السياسية و الى الانصراف الى شؤون الدين و حقوق الافراد فيه و وفقه و الى الإرشاد ، و الى ترك السياسة لرجالها صوناً للدين و للحكم . . ثم حين اعربت عن عدم رضاها عن سير العملية السياسية التحاصصية الطائفية و صراعات اطرافها المتنفذة . . من جهة اخرى، فإن وصول الارهاب و الفساد و تزايد معاناة الجماهير الشعبية من مآسي رداءة الخدمات التي صارت تطول كل مفاصل الحياة لإنسان اليوم، من العمل و الكهرباء و الماء الصالح و مشاريع الصرف الصحي، و الى الخدمات الطبية . . جعل من اوساط متزايدة من المتدينين تنادي بابعاد الدولة عن الدين . . و صارت مواقف المرجعيات الدينية اكثر وضوحاً بين من تتبنىّ الوطنية و البحث عن الصالح العام و بين من لها مآرب و اهداف دنيوية انانية، كما تلمس اوساط تتسع من خلال معاناتها اليومية . . المعاناة التي جعلت الناس الفقيرة ترى في المخلّص ـ المرجع ـ الذي تراكضت اليه يوماً املاً، لايلبي حاجاتها، او ترى فيمن يتكّلم بأسمه منافقاً، و اخذت تبحث عن مخلّص جديد . . في هذا الخضمّ تأتي فتاوي رجل الدين المقيم في طهران السيد الحائري في تحريم انتخاب شخصية علمانية للحكم، رجل الدين الذي ان لعبت فتاويه ادوارا ملحوظة في زمان مضى فانها قد لم تعد تلعب نفس الدور في الظروف الحالية، بعد مرور اكثر من تسع سنوات على عملية سياسية اختلط فيها السياسي بالطائفي و العلماني بالديني كما هو ملموس في تكوين الكتل المتنفذة المتحاصصة . . في حكم محاصصة طائفية لم يحقق الاّ القليل القليل مما كانت تعوّل عليه و تنتظره اوسع الجماهير الكادحة التي تفاقم بؤس حياتها، فيما ظهر بأسم الطائفة ضباع و قطط سمان لاترتوي حتى بالمليارات التي تجنيها . . و لوحق و أُهمل اهل العلم و المعرفة و الادب و الفن في شتى ميادين حياة البلاد . . ان فتوى السيد الحائري قد لاترى او لاتريد رؤية التغييرات و الاصطفافات المتغيّرة في الاحزاب الاسلامية، كخروج قسم منها على مرشديها ـ كخروج من اتّبع الحائري يوماً عليه ـ و خروج مرشدين عن احزاب و اختلافهم معها، اضافة الى التأثير الذي يزداد وضوحاً لمرجعية السيد خامنئي الايرانية بالمال و السلاح على تلك الاحزاب، سنّية كانت او شيعية عراقية.خلافات و صراعات بين قيادات و كوادر و ناشطين في الاحزاب الاسلامية تعجّ بها وسائل الإعلام، و بالتالي فإن هذه الفتوى قد لاتدخل الاّ في زيادة الإنقسام انقساماً . فيما يرى سياسيون و علماء اجتماع في التغييرات الجارية في الاحزاب الاسلامية و مواقفها، بكونها تتمحور ـ رغم الإدعاءات ـ على السلطة كغنيمة و على الموقف من قضية الفقراء و المحرومين . . الاول يزداد ارتباطاً بالدعم و الارادة الخارجية و الرفاه الطفيلي و يرى فيمن يختلف معه من ابناء شعبه خصوماً، وصولاً الى محاولات اطراف حكومية لإعادة تشكيل حتى الميليشيات التي حاربتها يوما لحماية كرسيها، كما تتناقل وكالات انباء محايدة . . و الثاني يسعى الى الدفاع عن كيان العراق الوطني بالعمل لقضية الشعب باطيافه، كتواصل للمبادئ التي ناضل تحت لوائها ضد الدكتاتورية، و يسعى للتقارب و الاتفاق مع الاحزاب السياسية ـ دينية كانت او علمانية ـ، و للخروج من دائرة المحاصصة، وجعل قضية توفير الخدمات الاساسية في العمل و الكهرباء و الصحة و السكن و احترام حرية و حق و واجبات الفرد، اساساً للمنافسة السياسية وفق الدستور الذي صوّت له الشعب بقواه و احزابه و مرجعياته . . كمرجعية للحكم و كاساس للتنافس، رغم ثغرات فيه اتفق على تعديلها . في وقت صارت فيه اوسع الجماهير الفقيرة تحتاج و تريد من يحل لها مآسيها و مشاكلها . . سواء كان علماني او غيره المهم فيه الكفاءة و الروح الوطنية و النزاهة . . بعد ان اثبت الحكم الديني عجزه حتى ولو كان تحاصصياً اصمّاً في بلاد كالعراق، حيث صار فيها نهج و آليات الحكم بالمحاصصة ذاتها تتطلب تغيير . . و ليس التصادم و اللعب ضمن دائرة المحاصصة الطائفية لتقوية مواقع فيها، او لتحقيق منافع و اهداف انانية ضيّقة من ورائها.
8 / 6 / 2012 ، مهند البراك ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) لابد من الاشارة الى ان المنظمات الارهابية (السنية او الشيعية) و الدول الاقليمية و العالمية التي تقف ورائها، دخلت و تدخل في صفقات و اتفاقات بعيداً عن اي التزام مذهبي، و انما لتحقيق اهداف سياسية لانظمة و افراد بالعنف، كما تواصل وسائل الاعلام الداخلية و الاقليمية و الدولية النشر عن ذلك.
#مهند_البراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-المدى- و ديمقراطية تكميم الافواه !
-
الدولة القاصرة . . و الآفاق !
-
السلاح و . . ثقافة التعددية و الحلول السلمية !
-
مخاطر فكرة وحدة فورية مع ايران !
-
31 آذار، -طريق الشعب- و العولمة !
-
نوروز . . و ازمة الحكومة العراقية
-
عودة الى (القائد الضرورة) ام ماذا ؟
-
8 آذار . . المرأة و - الربيع -
-
الربيع العربي و (الفوضى الخلاقة) !
-
قضية شعب و ليس مُكوّن !
-
بلادنا و الصراع العنيف بين مشروعين !
-
من اجل مواجهة الصراع الخطير المهدد !
-
عن مفهوم الأكثرية . . و التوافق
-
الانسحاب الاميركي و قضيتنا الوطنية !
-
- الربيع- و الشباب . . اليسار و - المتمدن - 3
-
- الربيع- و الشباب . . اليسار و - المتمدن - 2
-
- الربيع- و الشباب . . اليسار و - المتمدن - 1
-
عندما ينبح الفساد مستهتراً بالقيَمْ !
-
ازمة الحكومة . . سوق بيع الأطفال !
-
ربيع المنطقة و روحها الحيّة 3
المزيد.....
-
هل يمكن أن يعتقل فعلا؟ غالانت يزور واشنطن بعد إصدار -الجنائي
...
-
هيت .. إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم
-
ما هي حركة -حباد- التي قتل مبعوثها في الإمارات؟
-
محمد صلاح -محبط- بسبب عدم تلقي عرض من ليفربول ويعلن أن -الرح
...
-
إيران تنفي مسؤوليتها عن مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات
-
سيدة من بين 10 نساء تتعرض للعنف في بلجيكا
-
الدوري الإنكليزي: ثنائية محمد صلاح تبعد ليفربول في الصدارة
-
تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية وقتال عنيف
...
-
هل باتت الحكومة الفرنسية على وشك السقوط؟
-
نتنياهو يوافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. هل تصعيد
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|