أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد حدوي - منطقة النيف: الهجرة العائدة من الخارج وازمة التكيف الإجتماعي للمهاجرين















المزيد.....

منطقة النيف: الهجرة العائدة من الخارج وازمة التكيف الإجتماعي للمهاجرين


محمد حدوي

الحوار المتمدن-العدد: 3752 - 2012 / 6 / 8 - 14:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ آواخر التسعينات من القرن الماضي ،وبالضبط منذ سنة 1995 ،عرف شباب منطقة النيف-اقليم الرشيدية سابقا تنغير حاليا – اسوة بكافة إخوانهم الشباب المتضررين في كافة ارجاء البلاد، عرفوا الهجرة الى الخارج في اتجاه الديار الإسبانية والإيطالية على الخصوص ،سعيا منهم بعزيمة لا تقهر،الى تحسين مستواهم المعيشي بعيدا عن جحيم منطقة منسية مهمشة من طرف حكومات تعاقبت على حكم البلاد منذ الإستقلال الى اليوم. وقد لعب الحريك أنذاك و العلاقات العائلية والقبلية دورا كبيرا في تطور تلك الهجرة قصد الحصول على العمل ،أو في اختيار دولة المهجر، وحتى المدينة والحي الذي يسكن فيه أولائك المهاجرون..هكذا صارت منطقةالنيف في ظرف وجيز،مع تلك الهجرة القسرية،مجتمع المهاجرين بامتياز ،بحيث لايكاد يخلو بيت بالمنطقة من مهاجر أو أكثر،بل وشملت الهجرةعائلات بأكملها..والناس يقولون، "لولا الهجرة لما قام لحصيا والنيف قائمة الى الأبد".ومع هذه الهجرة، ظهر مجتمع احصيا النيف الجديد، وصار الناس يتابعون القنوات التلفزية الإسبانية والإيطالية أكثر مما يتابعون خزعبلات قنوات بلدهم التي تحاصرهم بصمتها في شخص ما يجري عندهم من بؤس وفقر..قنوات تقصف كل يوم عقولهم بأطنان من الأكاذيب والوعود البراقة، وعود معسولة تقدمها حكومات فاشلة تأكدوا مرارامن انها لن يتحقق منها شيئاحتى يشيب ريش الغراب.هكذا صاروا يتابعون على شاشات الإعلام الغربي مستجدات قوانين الهجرة والعمل في بلاد المهجر،وما يرتبط بها من أوضاع تمس حياتهم ومستقبلهم مباشرة..
لعل المتأمل والمتتبع للهجرة من منطقة احصيا النيف بأقصى الجنوي الشرقي للبلادالى اوروباعامة، سيجد أن مايميزهذه الهجرةهي أولا وقبل كل شيء انها هجرة الفاقة والبؤس يقوم بها شبان متضررون عاطلون عن العمل بمنطقة عصف عليها الجفاف وهجرات الجراد الجوال بصفة متكررة لامثيل لها منذ استقرارالساكنة بالمنطقة ...
وأما من جهة اختيار أغلب المهاجرين الديار الإسبانية بالدرجة الأولى كموطن جديد لهم، فيرجع سبب ذلك الى عامل القرب، وما شهدته اسبانيا من تطور ودينامية اقتصادية أنذاك قبل ظهور الأزمة الإقتصادية المالية العالمية الحالية.أما من ناحية التوزيع المجالي لهؤلاء المهاجرين حسب تتبعنا لهذه الظاهرة في بلاد المهجرخاصة بإسبانيا،فإن جل هؤلاء يتوزعون بين مناطق"الميريا" و"برشلونة" و"تاراكونا" و"بلباو"و"كاستيو"و"وخيرونا"......
ففي الوقت الذي بدأ فيه هؤلاء المهاجرون في عملية الإندماج النسبي في موطنهم الجديد كجيل أول من المهاجرين، ومع بداية اكتسابهم للغة والعادات الجديدة لبلد الإقامة وتحول الهجرة من هجرة فردية يقوم بها الذكورلإستكشاف الأرض الجديدة الى هجرات عائلية في إطار الإلتحاق بالأزواج والعائلات، جرت الرياح من جديد بما لاتشتهيها سفن المهاجرين مرة أخرى حين ظهرت رياح الأزمة الإقتصادية العالمية والركود الإقتصادي الذي شهدته اسبانيا على غرار الدول الأخرى التي عصفت الأزمة بإقتصادياتها،مما صعب بشكل واضح من شروط اندماج أولائك المهاجرين. ونظراً إلى صعوبة إيجاد عمل حتى بالنسبة للمواطنين الأصليين، فإن الكثيرين منهم ينظرون إلى المهاجر أو أبنائه كمنافسين لهم في سوق العمل الآخذة بالتراجع. ومن شأن ذلك أن يولّد حساسيات ويُساعد على شيوع أحكام مُسبقة تقف عائقاً أمام اندماج القسم الأكبر منهم في مجتمعهم الجديد وتنميته، خاصة وان السكان الأهليين ينظرون اليهم كجالية مسلمة وما يرتبط بهذه الجالية من احكام مسبقة تتمثل في الإرهاب والعنف الذي تمارسه الجماعات الإسلامية المتطرفة .وساهمت أيضا احداث11سبتمبر في تكريس هذه النظرة السلبية العدائية للمهاجرين العرب والمسلمين..
نعم إنها الأزمة وقلة فرص الشغل مما أدى بفئة لايستهان بها من هؤلاء المهاجرين الى العودة القسرية الى منطقتهم الأصلية في انتظار انفراج الأزمة..وللتذكير مرة أخرى، فقد سبق لنا أن قلنا أن أهم ما ميز الهجرة من منطقة النيف احصيا الى أوروبا هي أنها ازمة فاقة وبؤس وهي ليست هجرة من اجل العلم أو السياحة والترفيه ، بل هي هجرة قسرية شملت العمال وجل العاطلين بالمنطقة، هاجروا من أجل تحسين مستواهم المعيشي لكن الأزمة أرغمتهم من جديد الى العودة القسرية هروبا من تكاليف الحياة القاسية في إجواء لاتعرف الشفقة ولا الرحمة .وفي إطار هذه العودة يصطدم المهاجر بمشاكل أخرى أولها، أزمة التكيف الإجتماعي مع المحيط القديم الذي سعى إلى الإبتعاد عنه..ففي الوقت الذي اكتسب فيه المهاجر عادات وسلوكات جديدة ونمط عيش يتسم بالرفاهية والبدخ في وسطه الأوروبي الصناعي الجديد. وفي الوقت الذي اكتسب فيه عادات جديدة خاصة في العمل حيث يعمل بأجرة شهرية مرتفعة بأضعاف مضاعفة من بلده الأصلي ،وما يرتبط بالإقامة من قوانين وهامش من الديموقراطية والحرية التي لا تتوفر لديه في بلده الأصلي ،يجد نفسه قد عاد الى هذا الوسط القروي القبلي الأصلي الذي نبذه بقوة ،فهل سيقبل المهاجر العائد مثلاالعمل في ظل شروط مزرية وب 60درهما في اليوم في الوقت الذي كان يعمل فيه بأكثرمن 700درهم في اليوم في بلاد المهجروبضمانات وامتيازات سخيةعديدة؟ ..مشاكل كثيرة تعارض المهاجرين العائدين الى أرض الوطن بمنطقة النيف واحصيا وايت زكان ومصيصي،ويستغرب الكثير منهم في المنطقة حين يسمعون أو يرون في التلفاز ما يسمى بالوزير المكلف بشؤون الهجرة والمهاجرين وهم يتسألون عن دور مثل هذا الوزير فيما يجري لهذه الفئة من المواطنين العائدين الى ارض الوطن باحصيا النيف بتنغير؟، ويتسألون عن الحلول التي يمكن تقديمها لهم في منطقة تعاني من الهشاشة، وانعدام البنى التحية الملائمة لأقامة مشاريع صغيرة تساعدهم على الإندماج، وتساعدهم في التقليص من حدة البطالةلتجاوز أزمة التكيف الإجتماعي في موطنهم الأصلي..
والجدير بالذكر، أن هؤلاء المهاجرين والحق يقال من أجل الإنصاف ،هم الذين أنقذوا المنطقة برمتها من كارثة محققة، وهم الذين يعولون أغلب العائلات ويساهمون في الرواج الإقتصادي والتنمية المحلية.فالقصة هنا هي قصة حزينة لمواطنين شرفاء يعانون من التشتت ، مواطنين شرفاء كافحوا لأنقاذ منطقة بائسة وناضلوا من أجلهاوأجلنا جميعا،وأعادوا الى المنطقة قليلا من الحيوية وخيوط كثيرة من الأمل بعيدا عن ديماغوجيات وانتخابات ودعايات الأحزاب الخائنة ووعود الحكومات الفاشلة، مواطنين لايحبون الكسل والتمدد في الظلال والثرثرة في المقاهي، مواطنين صالحين يحبون بلدهم ويسعون الى تقدمه ورقيه .والدليل على هذا هو،ما جلبوه للبلد من عملة صعبة ،ومااسدوه للمنطقة من خدمات جليلة كثيرة وكثيرة يشهد لها الجميع، فهل من التفاتة كريمة لمساعدة هؤلاء الذي يسمعون دائما من ابواق الإعلام الصدئة كلام من قبيل :مرحبا بكم أيها العائدون الى أرض الوطن؟، فهل فعلا ترحب تلك الأبواق بالمهاجرين ام ترحب بجيوب المهاجرين ياترى؟ ..
إن عدم الإلتفات الى مشاكل المهاجرين العائدين الى أرض الوطن بسبب الأزمة وتجاهل أوضاعهم الصعبة يفقد أي كلام عن الإهتمام بالمهاجرين اية مصداقية، وربما هذا سبب من بين الأسباب الرئيسيةالتي دفعت بالمهاجرين المغاربة في برشلونه حين زارهم رئيس الحكومة السيد بن كيران في الأونة الأخيرةالى تفجير غضبهم على وجهه ،ذلك الغضب الذي أنقذه منه البوليس الإسباني حين أخرجه من الباب الخلفي من قاعة المحاضرات ليفلت بجلده.فلا قيمة للكلام والخطابات الرنانة الطنانة أمام الأزمة، فهل من حلول واقعية للمهاجرين العائدين الى ارض الوطن بسبب الأزمة ياترى؟..



#محمد_حدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تموت الأشجار وتبقى الذكريات ﴿كلام يشبه الشعر﴾
- احذروا مصابيح -فلوريسانت- اللولبية القاتلة
- مساعدات إنسانية مشبوهة!!؟؟؟
- لماذا نكتب؟
- ماذا يجري الآن في سوريا؟
- في انتظار رجال الدين والفقهاء الأجلاء؟
- هل المرأة فعلا ناقصة عقل ؟
- للأسف، الفساد العقاري كشر عن أنيابه وترك المحتاجين بلا سكن!؟
- أسعار السمك تلتهب في بلد البحارالعريضة
- السياسة عمل قذر
- البرلماني وحده لايكفي لتمثيل الناس
- لماذا يخاصم المغاربة السياسة؟!
- تعثر ثوري في البلدان العربية
- غرائب القذافي ومعاناة الشعب الليبي
- تجارة الجنس العالمية
- الثورات العربية و آليات الثورة المضادة
- حكاية-بامنصور-المغبون ومعالي الوزير
- العرب في حاجة إلى ج.ج. روسو


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد حدوي - منطقة النيف: الهجرة العائدة من الخارج وازمة التكيف الإجتماعي للمهاجرين