أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - قشرة بلشفية و لبّ دغمائي تحريفي خوجي : حقيقة -الحديدي- و من لفّ لفّه. ( الجزء الأوّل من الكتاب : المقدّمة و الفصول 1و2و3)لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!( عدد 8 / جوان 2012)















المزيد.....



قشرة بلشفية و لبّ دغمائي تحريفي خوجي : حقيقة -الحديدي- و من لفّ لفّه. ( الجزء الأوّل من الكتاب : المقدّمة و الفصول 1و2و3)لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!( عدد 8 / جوان 2012)


ناظم الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3751 - 2012 / 6 / 7 - 23:38
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!
( عدد 8 / جوان 2012)

قشرة بلشفية و لبّ دغمائي تحريفي خوجي : حقيقة "الحديدي" و من لفّ لفّه.
( الجزء الأوّل من الكتاب : المقدّمة و الفصول 1و2و3)

المحتويات :
- إستهلال
- مقدّمة
الفصل الأوّل : دفاع البلاشفة / الخوجيين عن ستالين دفاع مسموم :

1- إغتيال ستالين : النظرة التآمرية للتاريخ مقابل النظرة المادية التاريخية.
2- ماو تسى تونغ أشرس المدافعين عن ستالين دفاعا مبدئيّا.
3- نضال ماو تسى تونغ ضد تيتو و خروتشوف.
4- ستالين و ماو و الحرب العالمية الثانية.
5- الثورة الصينية و الإفتراءات البلشفية / الخوجية.
6- لينين و ستالين بصدد الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات.
الفصل الثاني : النظرية البلشفية/ الخوجية للثورة فى أشباه المستعمرات دغمائية تحريفية:

1- مزيدا عن البرجوازية الوطنية.
2- طبيعة المجتمع و طبيعة الثورة.
3- الثورة الديمقراطية البلشفية / الخوجية.
4- طريق الثورة : طريق ثورة أكتوبر أم طريق الثورة الصينية فى الأساس.
الفصل الثالث : المنهج البلشفي/ الخوجي مثالي ميتافيزيقي يفضى إلى نتائج مفزعة :
1- خلط الحابل بالنابل.
2- لا فرق لدي البلشفي/ الخوجي بين الثورة و الإنتفاضة ، بين الوهم و الحقيقة فى تونس.
3- امنيات البلشفي / الخوجي فى تضارب مع الوقائع التاريخية.
4- تعاطي مثالي ميتافيزيقي مع أخطاء ستالين.
5- نسخة بلشفية / خوجية لنهاية التاريخ.
6- كذب و قراءة مثالية ميتافيزيقية للصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا.
7- التنظير المثالي الميتافيزيقي البلشفي/ الخوجي للإنتهازية.
8- إعتماد الإنتقائية لتشويه جوهر المواقف الماوية .
9- محض إفتراءات.
-------------------------------------- ( الجزء الثاني من الكتاب : الفصول 4 و 5 و الخاتمة و المراجع ).
الفصل الرابع : مواقف البلشفي/ الخوجي المتقلّبة و تلاعبه بالجدال مع ماويين :

الفصل الخامس : كيف يسيئ البلاشفة قشرة و الخوجيون لبّا إلى ستالين ذاته؟

خاتمة
المراجع


================= إستهلال ===================
نحن لا نعتبر أبدا نظرية ماركس شيئا كاملا لا يجوز المساس به ، بل إننا مقتنعون ، على العكس ، بأنها لم تفعل غير أن وضعت حجر الزاوية لهذا العلم الذي يترتب على الإشتراكيين أن يدفعوه إلى الأبعد في جميع الإتجاهات إذا شاءوا ألا يتأخروا عن موكب الحياة. ( لينين –" برنامجنا ").
--------------
ينبغى للمرء أن يكون قصير النظر حتى يعتبر الجدال بين الفرق و التحديد الدقيق للفروق الصغيرة أمرا فى غير أوانه أو لا لزوم له. فعلى توطد هذا "الفرق الصغير" أو ذاك قد يتوقف مستقبل الإشتراكية – الديمقراطية الروسية لسنوات طويلة ،طويلة جدا. ( لينين " ما العمل؟ ").
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
إن الماركسية- اللينينية علم ، و العلم يعنى المعرفة الصادقة ، فلا مجال فيه لأية أحابيل فلنكن صادقين إذن! (ماو تسى تونغ – المؤلّفات المختارة ،المجلّد 3،الصفحة 26)
--------------------
إنّ المعرفة هي مسألة علم، فلا يجوز أن يصاحبها أدنى شيء من الكذب و الغرور، بل المطلوب هو العكس بكلّ تأكيد أي الصدق و التواضع.( ماو تسى تونغ " فى الممارسة العمليّة "، المجلّد الأوّل من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" الصفحة 439- الطبعة العربية) .
بعض المسائل المتعلقة بتاريخ الحركة الشيوعية العالمية (" بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984 )
لقد تمكنت البروليتاريا العالمية، خلال ما ينوف عن القرن المنقضى منذ أطلق البيان الشيوعي لأول مرة النداء الشهير : " يا عمال العالم إتحدوا !" من تجميع خبرة واسعة. وهي ذاتها خبرة الحركة الثورية فى مختلف البلدان و تشمل فترات رائعة من الإنتصارات الحاسمة و المدّ الثورى كما تشمل فترات حالكة من الجزر و التراجع .
و عبر مدّ الحركة و جزرها، تشكل علم الماركسية – اللينينية - الماوية و تطوّر من خلال النضال المتواصل ضد أولئك الذين أرادوا قتل جوهره الثوري و تحويله إلى عقيدة عقيمة، خالية من الحياة . وقد كانت أكبر المنعطفات فى تطور التاريخ العالمي و الصراع الطبقي مصحوبة دائما بمعارك ضارية فى الميدان الإيديولوجي بين الماركسية من جهة و التحريفية و الدغمائية من جهة أخرى . فقد كان الأمر كذلك فى العهد الذى خاض خلاله لينين صراعا ضد الأممية الثانية (وهو ما تزامن مع إندلاع الحرب العالمية الأولى و ظهور وضع ثوري فى روسيا و أماكن أخرى) و كذلك فى العهد الذى خاض خلاله ماو تسى تونغ صراعا ضد التحريفيين المعاصرين السوفيات و كان نضالا عظيما يعكس أحداثا ذات بعد تاريخي عالمي ( إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي ، إحتداد الصراع الطبقي فى الصين الإشتراكية و بروز موجة ثورية عالمية موجهة أساسا ضد الإمبريالية الأمريكية ). و كذلك فإن الأزمة العميقة التى تمر بها الحركة الشيوعية العالمية هي إنعكاس لقلب السلطة البروليتارية فى الصين و الهجوم الشامل ضد الثورة الثقافية بعد وفاة ماو تسى تونغ و الإنقلاب الذى قام به دنك سياو بينغ و هواوكوفينغ . و تعكس هذه الأزمة أيضا الإحتداد العام للتناقضات العالمية بما يعنى بدوره خطر الحرب العالمية و آفاق الثورة . فاليوم تماما مثلما كان الشأن خلال النضالات الكبيرة السابقة، لا تشكل القوى التى تناضل من أجل خط ثوري سوى أقلية صغيرة محاصرة و مطوّقة من قبل التحريفيين و كل أشكال مداحي البرجوازية . و مع ذلك ، فإن تلك القوى تمثل المستقبل و حتى يتسنى للحركة الشيوعية العالمية أن تواصل التقدم يجب أن تثبت تلك القوى قدرتها على صياغة خط سياسي يرسم طريقا تتبعه البروليتاريا الثورية فى الظرف الحالي المعقد. و فعلا ،عندما يكون الخط صحيحا ، فإنه حتى إذا لم يكن لدينا جنود فسوف نحصل عليهم و حتى إذا لم تكن لدينا السلطة فسوف نحصل عليها . ذلك ما أكدت صحته التجربة التاريخية للحركة الشيوعية العالمية منذ عهد ماركس.
إن التحليل السليم للتجربة التاريخية لحركتنا يشكل عنصرا بالغ الأهمية من أجل صياغة مثل ذلك الخط العام للحركة الشيوعية العالمية. و إنه لمن قبيل اللامسؤولية القصوى ، و من باب التناقض مع مبادئ نظرية المعرفة الماركسية أن لا نولي أهمية كافية للخبرة المكتسبة و الدروس المستوعبة من خلال النضالات الثورية لملايين الجماهير من البشر و التى ذهب ما لا يحصى من الشهداء من أجلها.
إن الحركة الأممية الثورية اليوم و كذلك قوى ماوية أخرى، هي وريثة ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو و عليها أن ترتكز بقوة على هذا التراث. و لكن مع إعتبار هذا التراث أساسا لفكرها ، يجب أن تكون لديها الشجاعة الكافية لنقد نواقصه. فبعض التجارب تستحق الإطراء و البعض الآخر يبعث على اللوعة. و يتعين على الشيوعيين و الثوريين فى كل البلدان أن يتأملوا و يدرسوا جيدا تلك التجارب الناجحة منها و الفاشلة حتى يستطيعوا أن يستخلصوا منها إستنتاجات صحيحة و دروسا مفيدة .
تقييم تراثنا مسؤولية جماعية يجب أن تتحملها الحركة الشيوعية العالمية كلها و يجب أن يتم مثل هذا التقييم بشكل علمي صارم مرتكز على مبادئ الماركسية - اللينينية- الماوية وأن يأخذ بعين الإعتبار الظروف التاريخية الملموسة للفترات المدروسة و الحدود التى فرضتها تلك الظروف على الطليعة البروليتارية و أن يتم ذلك بالخصوص بروح تسعى إلى جعل الماضي يخدم الحاضر حتى نتلافى السقوط فى الخطإ الميتافيزيقي المتمثل فى قياس الماضى بأدوات الحاضر بدون إعتبار الظروف التاريخية . وتقييم شامل كهذا سوف يتطلب طبعا وقتا غير هين لكن ضغط الأحداث على المستوى العالمي و ظهور بعض الفجوات للتقدم الثوري يتطلب منا أن نقوم من الآن بإستنتاج بعض الدروس الهامة التى سوف تمكن قوى الطليعة البروليتارية من أداء مسؤولياتها بشكل أفضل .
لقد شكل تقييم الخبرة التاريخية فى حد ذاته دوما موضوع جدال كبير فى الصراع الطبقي فمنذ هزيمة كومونة باريس لم يتوقف الإنتهازيون و التحريفيون عن إستغلال هزائم البروليتاريا و نواقصها بغاية قلب الخطإ و الصواب و خلط المسائل الثانوية بالمسائل الرئيسية و التوصل إلى إستنتاج مفاده أن" البروليتاريا ما كان عليها أن تحمل السلاح". و كثيرا ما كان بروز ظروف جديدة تعلة للإرتداد عن المبادئ الجوهرية الماركسية، مع إدعاء إضفاء التجديد عليها . و من جهة أخرى، فإنه ليس بأقل خطأ و بأقل ضررا كذلك التخلى عن الروح النقدية الماركسية و عدم الإهتمام بتقييم نواقص البروليتاريا إلى جانب تقييم نجاحاتها و الإعتقاد بأنه يكفى تماما الإستمرار فى الدفاع أو التمسك بمواقف كنا نتصور سابقا أنها صحيحة فمثل هذه الطريقة تجعل الماركسية - اللينينية- الماوية جافة و هشة غير قادرة على التصدى لضربات العدو و عاجزة عن تحقيق أي تقدم جديد فى الصراع الطبقي و فى الواقع تخنق مثل تلك الطريقة الروح الثورية الماركسية -اللينينية .
لقد بيّن التاريخ فعلا أن التجديدات الحقيقية للماركسية (على عكس التشويهات التحريفية ) إنما كانت متصلة إتصالا وثيقا بمعارك ضارية للدفاع عن المبادئ الجوهرية للماركسية - اللينينية- الماوية و تدعيمها. و لنستشهد بمثالين يدلان على هذه الحقيقة التاريخية : نضال لينين المزدوج ضد أولئك التحريفيين المكشوفين و ضد من كانوا مثل كاوتسكى يعارضون الثورة زاعمين الإرتكاز على "أرثودكسية ماركسية " و أيضا النضال الكبير الذى خاضه ماو تسى تونغ ضد التحريفيين المعاصرين و إرتدادهم عن تجربة بناء الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي فى عهد لينين و ستالين وهو النضال الذى خاضه فى نفس الوقت الذى كان يقوم فيه بنقد شامل و علمي لجذور التحريفية .
و علينا اليوم أن نعالج المسائل و المشاكل الشائكة التى يطرحها تاريخ الحركة الشيوعية العالمية حسب طريقة مماثلة. أما أولئك الذين يعلنون أمام الإنتكاسات الحاصلة منذ وفاة ماو تسى تونغ عن الفشل الكامل للماركسية - اللينينية أو الذين يزعمون أن الماركسية- اللينينية- الماوية أصبحت بالية و أن كل التجربة التى إكتسبتها البروليتاريا يجب أن يعاد النظر فيها فإنهم يمثلون خطرا جسيما. فهذا الإتجاه يريد الإرتداد عن تجربة دكتاتورية البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي و إقصاء ستالين من صفوف قادة البروليتاريا وهو يهاجم فى الحقيقة الأطروحة الجوهرية فى اللينينية حول طبيعة الثورة البروليتارية و ضرورة حزب طليعي و دكتاتورية البروليتاريا. و قد قال ماو بوضوح : "فى رأيى هنالك" سيفان" : الأول هو لينين و الثاني هو ستالين "و إذا يتم التخلى عن السيف ستالين و" إذا ما تم فتح هذه البوابة فإن ذلك يعني عمليا نبذ اللينينية ". إن تجربة الحركة الشيوعية العالمية إلى حدّ الآن تدل على أن هذه الملاحظة التى عبر عنها ماو تسى تونغ سنة 1956 ما زالت صحيحة. و كذلك فإن إضافات ماو تسى تونغ لعلم الثورة تتعرض اليوم إلى المحاصرة والطمس و التشويه. و فى الحقيقة كل ذلك ليس إلا نسخة "جديدة " من التحريفية و الإشتراكية الديمقراطية الأكثر ترهلا و عقما.
و مازالت هذه التحريفية المكشوفة نسبيا سواء كان مصدرها الأحزاب الموالية تقليديا لموسكو أو التيار "الأوروشيوعي " أو المغتصبون التحريفيون فى الصين أو التروتسكيون و النقاد البرجوازيون الصغار للينينية ، ما زالت تمثل أكبر خطر على الحركة الشيوعية العالمية. وفى نفس الوقت، ما زال الشكل الدغمائي للتحريفية يعتبر عدوا لدودا للماركسية الثورية فهذا التيار الذى يعبر عنه كأوضح تعبير الخط السياسي لأنور خوجة و حزب العمل الألباني يهاجم الماوية و خط الثورة الصينية و خاصة تجربة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. و يزعم هؤلاء التحريفيين زيفا الدفاع عن ستالين (فى حين أن عددا كبيرا من أطروحاتهم ليست إلا تروتسكية ) فى حين أنهم يشوهون التراث الثوري الأصيل لستالين. و يعتمد هؤلاء المخادعين على نواقص و أخطاء الحركة الشيوعية العالمية ، بدلا من إنجازاتها ، كي يحاولوا نشر خطهم التروتسكي و التحريفي. و يطالبون من الحركة الشيوعية العالمية أن تحذو حذوهم معللين ذلك بضرورة البحث عن نوع من " النقاء العقائدي" الصوفي. إن المظاهر العديدة التى يشترك فيها خط أنور خوجة مع الشكل الكلاسيكي للتحريفية (بما فى ذلك مقدرة التحريفيين السوفيات و الرجعيين عموما على تشجيع و إستغلال المعادات العلنية للينينية من قبل الأوروشيوعيين و أيضا معاداة خوجة المغلفة باللينينية حاليا ) تدل على أن لهذين الخطين جذور راسخة فى الإيديولوجيا البرجوازية .
و اليوم يمثل الدفاع عما قدمه ماو تسى تونغ من إسهامات نوعية للماركسية – اللينينية مسألة ذات أهمية بالغة و ملحة بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية و للعمال ذوى الوعي السياسي و الطبقي و جميع الثوريين فى العالم . فجوهر المسألة هنا ليس إلا معرفة ما إذا وجب الدفاع أم لا عن إسهامات ماو الحاسمة فى الثورة البروليتارية و علم الماركسية- اللينينية و التقدم على أساسها . فالمسألة إذا ليست إلا معرفة إذا ما وجب الدفاع أو لا عن الماركسية- اللينينية نفسها .
لقد قال ستالين : " إن اللينينية هي ماركسية عصر الإمبريالية و الثورة البروليتارية " و هذا القول صحيح تماما فمنذ موت لينين شهد العالم مؤكدا تحولات كبيرة لكن طبيعة العصر بقيت هي نفسها. و ما زالت المبادئ الجوهرية للينينية صالحة و تمثل اليوم الأساس النظري الذى يقود فكرنا. إننا نؤكد بأن الماوية مرحلة جديدة فى تطور الماركسية- اللينينية وبدون الدفاع عن الماركسية – اللينينية – الماوية و بدون البناء على هذه القاعدة يستحيل الإنتصار على التحريفية و الإمبريالية و الرجعية عموما .
( مقتطف من " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984 ضمن العدد الأوّل من " الماوية : نظرية و ممارسة " لشادي الشماوي على موقع الحوار المتمدّن ).
===================================================
مقدّمة :
إنطلق صراع الشيوعيين الحقيقيين الماويين فى تونس مع السيد " الحديدي" منذ مدّة تناهز السنة الآن سواء على الفايسبوك أو على صفحات موقع الحوار المتمدّن. ولأنّه لم يلتزم آداب النقاش و مبادئ السلوك الرفاقي ، شطبه مازوم كايبا ، من قائمة أصدقائه على الفايسبوك و بعث له برسالة مفتوحة يشرح فيها دوافع قراره ذاك حتى لا يقال انّ الماويين يخافون النقاش و يتجنّبوه. و على إثر تهجّم إنتهازي منه على مضمون نصّ لماوي آخر ، محمّد علي الماوي ، تلقّى ردّا منهجيّا مع الإلتزام بآداب الجدال المبدئي غير أنّه كعادته هاج و ماج و أخذ يطلق العنان لأساليبه الإنتهازية فى الصراع الفكري فلم يتابع محمدّ علي الماوي الجدال معه. وتتبعت النقاشات و تاليا كافة كتابات "الحديدي" وكنت أنتظر جديدا يستحق عناء التعليق.
و تُرك المجال فخرجت الحيّة من جحرها و ظهرت حقيقتها و ملامحها كليا تقريبا. ونتيجة متابعتى و تقييمي لما يصدره " الحديدى " إلى شهر مارس 2012 لمست أنّ الثمرة نضجت و حان أوان قطافها أي حان أوان إنجاز نقد عميق و شامل لأطروحات هذا السيد الذى يقدّم نفسه على أنّه بلشفي و لا همّ لديه سوى الإفتراء على ماو تسى تونغ و الشيوعيين الحقيقيين الماويين ففى كلّ نصّ يكتبه أو ينقله و ينشره إلاّ و يفرد لهم قسطا لا بأس به من ترّهاته نافثا سمومه الدغمائية التحريفية الخوجية ضد الماركسية- اللينينية- الماوية. و قد بلغ به الهذيان أخيرا مبلغا لا يتصور فى نصّه " إغتيال ستالين ..." حيث جعل من ماو تسى تونغ مجرما و قاتلا لرمز من رموز البروليتاريا العالمية كان قدوته و منه تعلّم الكثير و لا يكنّ له سوى التقدير و الإحترام الرفاقي و إن إختلف معه فى مسائل و مواقف معيّنة ، و عنه دافع فى وجه الرياح التحريفية المعاصرة لعشرات السنين.
ماذا بعد هذا يا " حديدي" ؟ هل هذا آخر ما جادت به قريحتك الإنتهازية التآمرية؟ أم أنّك ستطلع علينا يوما بخبر عاجل مفاده إكتشافك أنّ ماو تسى تونغ خنق بيديه ستالين أو وضع له هو نفسه السمّ فى الكأس بدل الماء؟ لك هراؤك و هذيانك و لنا التمسّك بالحقيقة و الواقع المادي الموضوعي و علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية- اللينينية- الماوية. و التاريخ شاهد.
بعد اللفّ و الدوران فى كتابات و نقاشات سابقة ، ها أنّه يعلن و بلسانه هو مباشرة عن مصدر أفكاره فى نصّ " الأساس المادي الجدلي و التاريخي لفكر ستالين و ممارسته" ألا وهو مجلّة " خطوط التمايز" مستشهدا بمضمون أحد أعدادها. و لن نفعل مثله و نقول له هذا منك " إستيراد دغمائي برجوازي صغير " كما قال هو فى " ضد التصفوية الماوية..." و ذلك من منطلق مبدئي هو أنّنا نقرّ بحقيقة أنّ علم الثورة البروليتارية العالمية واحد لطبقة عاملة عالمية واحدة و المسألة تطرح على أنّها مسألة صحّة أم خطأ من الناحية العلمية، لا إستيراد و توريد ، و لا ملكية خاصة لهذا أو هذه بمفاهيم برجوازية ؛ و مسألة علم كمرشد عمل من أجل تحليل ملموس لواقع ملموس قصد تغييره ثوريّا من وجهة نظر البروليتاريا نحو الشيوعية عالميّا .
والمجلّة إيّاها كان يصدرها " الإتحاد البلشفي " بالكندا. و هذا " الإتحاد" عبارة عن مجموعة منحدرة من ما كان يسمّى " التياّر البلشفي " الذى نشط ضمن مجلّة " الثورة الكندية " و بعد إنشقاقه عنها لخلافات ليس هذا مجال التوسّع فيها ، أصدر مجلّته " خطوط التمايز". ثمّ إثر صراعات مع " فى النضال" و " رابطة الشيوعيين الكنديين" ، أخذت مجموعة " الإتحاد البلشفي " تصدر مجلّة شهرية باللغتين الأنجليزية و الفرنسية عنوانها " الثورة البروليتارية ". و كان هؤلاء "البلاشفة " يساندون حزب العمل الألباني و أطروحاته إلى أن إعتبر هذا الأخير، سنة 1979 ، أنّ من يمثّل الماركسيين- اللينينيين فى الكندا هو الحزب الشيوعي الكندي (الماركسي-اللينيني). فإندفع البلاشفة ينقدونه و يعتبرون مذّاك انّه لم يوجد معسكر إشتراكي منذ وفاة ستالين. و بعدئذ أخذوا يتعاملون مع الرابطة البلشفية فى الولايات المتحدة الأمريكية و يساهمون فى مجلّة " مراسلات عالمية " التى كان يصدرها ماركسيون – لينينيون أفارقة فى باريس. وإندثر " الإتحاد البلشفي" فى أواسط الثمانينات.
و فى عملنا هذا لن نعنى بال"بلاشفة " الكنديين و مواقفهم فى علاقة بالصراع الطبقي هناك و بالحركة الشيوعية العالمية و لا بالتيّار البلشفي العالمي التروتسكي المدافع عن الأممية الرابعة ، فهذا الأمر على أهمّيته ليس موضوع بحثنا الذى نخصّصه للبلاشفة/ الخوجيين فى تونس. و قد يثير أحدهم سؤالا وجيها لماذا ننعت هؤلاء الذين لا همّ لهم سوى النيل من ماو تسى تونغ و الماويين بدعوى الدفاع عن ستالين بالخوجيين و الحال أنّ " الحديدى" فى " إغتيال ستالين..." يوجه نقدا لاذعا لأنور خوجا ؟ و نجيب فى الحال و ببساطة أنّ مرجع نعتنا هذا هو أنّ النقد الذى طال أنور خوجا لحق فقط عدم إتخاذه موقفا صارما من خروتشوف منذ البداية أمّا باقي الخطّ الخوجي فى " الإمبريالية و الثورة " و فى " ملاحظات حول الصين" و المتعلّق بستالين و بماوتسى تونغ و بتقييم التجربة الإشتراكية السوفياتية و الصينية و بالثورة فى أشباه المستعمرات و بالصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، و المادية الجدلية و هلمّجرا، ف"البلاشفة " شأنهم شأن "الوطد" (الوطنيّون الديمقراطيون) فى " هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّا-لينينيّا؟" يتبنّونها. و نحن لا نحكم على النيّة و القصد و لا على جملة أو جانب واحد من الخطّ او نقطة أو أكثر خلافية بسيطة ، بل نحكم موضوعيّا على مجمل مكوّنات الخطّ الإيديولوجي و السياسي و جانبه الرئيسي. و لا ننسى بالمناسبة أنّ جماعة " هل يمكن ...؟ " الذين و لا شكّ تأثّروا بكتابات البلاشفة الجدد الكنديين ، صرّحوا فى مقدّمة ما أسموه "بحثا" أن أنور خوجا "غير جدّي " إلاّ أنّنا ألفيناهم من خطّه ينهلون و نهر أفكاره يشربون و بكتبه يستشهدون.
و مختصر القول لأنّ " الحديدي" و من لفّ لفّه يلبسون قناع البلشفية و يروّجون للخطّ الدغمائي التحريفي الخوجي ، نعتناهم بذوى القشرة البلشفية و اللبّ الخوجي و فى عملنا هذا نطلق عليهم إسم البلاشفة / الخوجيين.
إنتهت المقدّمة ، فإلى الجوهر.
----------------------------------------------------------------------------------------------------
الفصل الأوّل
دفاع البلاشفة / الخوجيين عن ستالين دفاع مسموم.
=======================================
من جديد ، نعود إلى هذه المسألة التى حسمت فى الأساس بوضوح لدى الحركة الشيوعية العالمية منذ عقود الآن و قد خصّصنا لها عددا كاملا من نشرية " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !" ، العدد الثالث الحامل لعنوان " مسألة ستالين من منظور الماركسية- اللينينية- الماوية " و نشر رفاق ماويون على الأنترنت الوثيقة التاريخية للحزب الشيوعي الصيني المكتوبة فى 1963" حول مسألة ستالين" بالعربية إلاّ انّه يبدو أن البلشفي/ الخوجي لا يقرأ و إن قرأ لا يفهم و لم يناقش المضامين و الحجج و إنّما سلك سياسة "عنزة و لو طارت" فرغم كلّ التوضيحات و التفاصيل و المراجع المعتمدة ، لا يفعل سوى تجاهل تلك المقالات و إن ذكرها مثلما فعل بالنسبة للوثائق الصينية فليدينها و يفتري عليها كلّ الإفتراء منتقيا جملة يخرجها من إطارها و يأوّلها تأويلا مغرضا قبل أن يقذف بها إلى غياهب النسيان و يصبّ جام غضبه على الماوية.
يعتبر البلشفي/ الخوجي أنّ " ستالين خطّ التمايز بين التحريفية و الماركسية- اللينينية " و هذا يجافى الحقيقة من عدّة أوجه. و الوجه الأوّل، و رئيسيا، أنّ مسألة ستالين لم تمثّل سوى واحدة من نقاط الجدال الكبير بين الماركسيين- اللينينيين عالميّا بقيادة الحزب الشيوعي الصيني الذى إلتحق به حزب العمل الألباني من جهة و التحريفية المعاصرة بمكوّناتها المتنوّعة ( كثيرة هي النقاط الخلافية و منها لينين و صلوحية مقولاته و دكتاتورية البروليتاريا و الأربع " سلمية " و الحزب و الوضع العالمي و الأممية و العلاقات بين الأحزاب و مساندة حركات التحرّر و الإستعمار الجديد...) من جهة أخرى. و الوجه الثاني أنّ مسألة ستالين لم تكن مسألة شخص بقدر ما هي مسألة تقييم للتجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا لا سيما فى الإتحاد السوفياتي فى ظلّ قيادة لينين و ستالين و ليس ستالين فقط. و الوجه الثالث أنّ هنالك من دافع عن ستالين و مع ذلك إنتهج خطّا دغمائيّا تحريفيا وهو حال الخوجيين. لقد برز فى صفوف المدافعين عن ستالين دغمائيون تحريفيون يدافعون عن ستالين دفاعا أعمى و يتبنّون جميع أعماله و لا يرون لديه أخطاء و إن قالوا إنّهم لا يعدّونه معصوما من الخطإ.و الوجه الرابع أنّه منذ السبعينات بات الخطّ التمايز بين التحريفية و الماركسية-اللينينية ثم الماركسية –اللينينية الماوية نظرية و ممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، أي الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين من 1966إلى 1976والصراعات مذّاك تواصلت و خطّ التمايز تحوّل و يتحوّل.
الماويوّن دافعوا بمبدئية عن ستالين و كذلك نقدوا أخطاءه. فلماذا لا يعتبرهم البلشفي / الخوجي وهو يطبّق مقولته الخاطئة هذه ضمن الماركسيين- اللينينيين بل يهاجمهم على أنّهم تحريفيون. إنّ صدّقنا كلامه ، يكون الماويون آليّا من الماركسيين-اللينينيين. لكنّه لا يلتزم حتى بأقواله. و تسقط مقولته فى الماء لأنّه فى الواقع يجد تحريفيين ضد ستالين و إليهم يضيف ، على عكس ما تفيده مقولته ، الماويين و هم يدافعون عن ستالين. منطق لا يستقيم. وفى " ستالين قائد الثورة..." يبالغ فى طرحه لمسألة ستالين ليفسخ الفرق بين النقد المبدئي من أنصار ستالين و المدافعين عنه و النقد التحريفي و يحرّم ، فى عملية مناهضة للمنهج المادي الجدلي و النظرة البروليتارية للعالم و الموقف البروليتاري ، أي نقد لستالين مهما كان و يخترع جملة تضرب فى الصميم الروح الثورية للماركسية أي " لا يوجد مكيالين فى الماركسية اللينينية و لا تبنّى نقدي".
لا يا أيها البلشفي / الخوجي ، فى الماركسية- اللينينية يوجد تبنّى نقدي و منطق أبيض أو أسود لا غير ليس من الجدلية و قد نقده إنجلز فى "ضد دوهرينغ". ثمّ إنّ لينين تبنّى الأعمال الجيدة حتى لمن صاروا تحريفيين ، على غرار كاوتسكي و نصح بقراءة أعماله حين كان ماركسيّا و الشيء ذاته فعل بالنسبة لبليخانوف. فحيث توجد الحقيقة يولّى الماركسيّون اللينينويون وجههم. و هل يعتقد البلشفي / الخوجي المثالي أن الماركسية أتت من لا شيئ .ألم يتبنّى ماركس نقديّا جدلية هيغل فإحتفظ بجوهرها الصحيح و أعاد وضعها على رجليها و قد وجدها على رأسها...إلخ
"و لقد كان ستالين قادرا على نقد نفسه عندما كان يرتكب خطأ ما. فمثلا ، أخطأ النصح في ما يتعلق بالثورة الصينية. و بعد إنتصار الثورة الصينية ، إعترف بخطئه .كما إعترف ستالين أيضا ببعض أخطائه فى عمل تطهير صفوف الحزب ، فى تقريره للمؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي السوفياتي (البلشفيك)عام 1939" ( الصفحة 17 من " حول مسألة ستالين" تعليق ثان ضمن جملة من التعليقات على الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي بقلم هيئتي تحرير صحيفة "جينمين جيباو" و مجلة " العلم الأحمر" فى 13 سبتمبر(أيلول)1963 (دار النشر بالغات الأجنبية –بالعربية ، بيكين 1963)).

1- إغتيال ستالين: النظرة التآمرية للتاريخ مقابل النظرة المادية التاريخية :
لا يمارس البلشفي/ الخوجي النقد الموضوعي و العلمي البنّاء الذى يمكن أن نستفيد منه إن أبرز نقاط ضعف أو أخطاء لدى الماويين بل هو يعمد إلى أسلوب المغالطة و التشويه و طمس الحقيقة. و يتجلّى هذا فى ما فضحه رفاق ماويون سابقا كما يتجلّى أكثر فى المدّة الأخيرة بتوجيهه إتّهاما فظيعا لا أساس له من الصحّة لماو بأنّه ساهم فى إغتيال الرفيق ستالين فى النصّ الذى ذكرناه أعلاه. و هذا منه ما عاد مستغربا ففاقد الشيئ لا يعطيه ، ففاقد الحجج المادية و العلم لا يعطيهما. لم يتجرّأ القادة السوفيات من رفاق ستالين (" الستالينيين" حسب كاتب " إغتيال ستالين...") على إختراع هكذا بلاهة بيّنة. و ما حاول إعتماده كحجج مثل ما سمّاه " إعتراف" خروتشوف ليس سوى تأويل مراوغ لكلام قصده خروتشوف نقدا تحريفيا برجوازيّا لستالين و ما هو بالإعتراف الذى يبحث عنه فاقد الحجج المادية و العلم.
و لم يتحدّث حتى أحد أقارب ستالين – إبن ستالين- الذى إليه أشار البلشفي/ الخوجي فى الهامش دون توفير معطيات دقيقة و دون تحديد مرجعه عدا الصيغة البليدة ل" إتفق المؤرّخون" ، بشيئ يذكر و إدعى أنّه مصمّم على التمسّك برأي أنّ ستالين جرى إغتياله. و هؤلاء فضلا عن الأحزاب الشيوعية عبر العالم و الدول الإشتراكية السابقة و مخابراتها ... لم يطلعوا علينا بهذه التهمة. و بعد أكثر من نصف قرن ، و دون بحث تاريخي ووقائع دامغة ، نلفى هذا الواهم يهذى بفكرة من نسج خيال مريض بمعاداة الماوية و كأنّه ألقى القبض على حقيقة لم يتوصّل إليها ملايين الباحثين من شتى المشارب و كأنّه طفل صغير لبس حذاء جديدا.
طفولية هذه التهمة تنمّ لعمري عن تفكير غير سليم من ناحيتين . فالواهم لا يحيلنا فى مراجعه إلاّ على كلام نسبه لأحد أقارب ستالين و مقال فى مجلّة بلاشفة الكندا. و يكتفى بذلك ليطلق النار على رأس ماو تسى تونغ فهو لا يطبّق أدنى متطلّبات البحث العلمي ولا حتى مجرّد الصيغة الشهيرة المتداولة لدى عموم الناس من أنّ"المتّهم بريء حتى تثبت إدانته". إنّه يطبّق سياسة الرجعيين المتمثّلة فى مقولة شهيرة هي " هذا على الحساب حتى أقرأ الكتاب".
هذا من ناحية و من ناحية ثانية ، الركون لهكذا تفسير ل " نهاية البلشفية " ليس فحسب فى الإتحاد السوفياتي بل فى المعسكر الإشتراكي كلّه الذى كان يضمّ 12 بلدا وفق صاحب "إغتيال..."، لا يمتّ بصلة للمنهج المادي الجدلي و المادي التاريخي الذى يفسّر ما حدث من إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي لا بمصير شخص مهما كان بل بالصراع الطبقي و التراكمات الكمّية و التحوّلات النوعية فى طبيعة الأشياء و الظواهر و السيرورات. البلشفي/ الخوجي يخالف ما يتطلّبه المنهج العلمي فيسقط فى النظرة البرجوازية للتفسير التآمري للتاريخ ، لتفسير التاريخ على أنّه نتيجة تآمرأفراد بصفة جوهرية و ليس نتيجة صراع طبقي و من صنع الشعب بقيادة ممثّلي مصالحه الطبقية من الأحزاب أو صنع أعداء الثورة كطبقات لها ممثليها السياسيين. و دور الفرد فى التاريخ وفى الصراع الطبقي قد شرحه شرحا مستفيضا بليخانوف عندما كان ماركسيّا و قبل أن يصبح تحريفيا منشفيّا.لذا ننصح البلاشفة/الخوجيين جميعا بالعودة له علّهم يستفيدون إن كانوا يتطلّعون إلى إصلاح رؤيتهم البرجوازية للتاريخ و التمكّن من جانب من النظرة البروليتارية للعالم و دور الفرد فى التاريخ .
إنّ مبدع تهمة مشاركة ماو فى الإغتيال المدعى لستالين يريد منّا أن نصدّقه بغرض مزدوج .أوّلا ، يريد منّا أن ندين ماو بدعوى لا تصمد أمام وقائع الحياة العنيدة، أي ضلوعه المدعى فى إرتكاب جريمة قتل الماركسي العظيم ستالين . و عليه يلتقى مع الرجعية و الإمبريالية العالميين فى نعت ماو بالمجرم : البلشفي/ الخوجي يجعله قاتلا لستالين و الآخرون قاتلا لملايين الصينيين و لكلّ غاياته الخاصة لكن اللقاء و الهدف واحد واضح جلي هو إدانة التجربة الإشتراكية للصين الماوية. و ثانيا ، يرغب البلشفي/ الخوجي فى غلق ملفّ " نهاية البلشفية " أي إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي بمجرّد إغتيال ستالين المدّعى. فالقصور عن تقديم تفسير علمي متماسك ، من منظور بروليتاري ،ووفق المنهج المادي الجدلي و علم الثورة البروليتارية العالمية ، هذا القصور هو الذى يدفع بهذه التهمة الفظيعة إلى قلب المشهد المسرحي الذى يخرجه " الحديدي".
ما من أحد ، لا خوجا ، و لا غيره ، أنجز دراسة عميقة و شاملة ، نقدية علمية للتجربة الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي، عدا الحزب الشيوعي الصيني و ماو تسى تونغ على رأسه. و لم تكتب مقالات فحسب بل كتبا كاملة بهذا الصدد ما مكّن من إستيعاب دروس جمّة خوّلت تطوير نظرية و ممارسة التجربة الإشتراكية فى الصين و مصارعة التحريفية المعاصرة وساهمت إلى جانب معطيات أخرى ، فى تطوير الماركسية – اللينينية إلى مرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى هي الماركسية-اللينينية – الماوية التى يمقتها البلاشفة/ الخوجيين المقت كلّه و يعملون جاهدين و بكلّ السبل الإنتهازية والتآمرية على النيل منها فيلتقون مع الرجعية و الإمبريالية العالميين و يقدّمون لهما أجلّ الخدمات.
------------------------------------------------------------------------------------------------------
2- ماو تسى تونغ أشرس المدافعين عن ستالين دفاعا مبدئيّا :
لقد كان ماو تسى تونغ يكرّر بإستمرار أنّ ستالين صديق الشعب الصيني والوجه الآخر للسيف لينين و أحد أعظم قادة البروليتاريا العالمية الذين ينبغى التعلّم منهم والحذو حذوهم و الإقتداء بهم. و فى كتاباته ، إعتمد ماو على مؤلفات ستالين و به إستشهد مرّات لا تحصى و " حول الديمقراطية الجديدة " الذى يقضّ مضجع البلشفي/ الخوجي و أشباهه، قد إنطوي على مقولات هامّة لستالين و منها على وجه الضبط تلك المذكورة ضمن فقرة "الثورة الصينية جزء من الثورة العالمية"، واحدة بعد جملة " و هذا التعريف الصحيح الذى طرحه الشيوعيون الصينيون يستند إلى نظرية ستالين." ، و واحدة قبل جملة :" لقد أوضح ستالين مرارا ، بعد هذا المقال، النظرية القائلة بأنّ الثورات فى المستعمرات و شبه المستعمرات قد إنفصلت عن مفهومها القديم و أصبحت جزءا من الثورة الإشتراكية البروليتارية "؛ و ثالثة فى الصفحة التالية و رابعة فى فقرة "مبادئ الشعب الثلاثة القديمة و الجديدة ": لقد قال ستالين إن " المسألة القومية هي ، فى جوهرها ، مسألة الفلاحين".
ونحن إذ نورد هذه الحجج فبغاية توضيح بعضا من الأسس التى عليها نحت ماو تسى تونغ مفهوم " الديمقراطية الجديدة" و فضح زيف إدعاءات البلاشفة/ الخوجيين و إنقلابهم على آراء ستالين هذه فى مسألة الثورات فى المستعمرات و شبه المستعمرات و فى مسألة الفلاحين و دورهم فى هذه الثورات كما فى مسائل أخرى نتطرّق إليها لاحقا.
و حتى بعد وفاة ستالين ، إنبرى ماو تسى تونغ منذ 1956 – و المجلّد الخامس يثبت ذلك – يدافع عن ستالين إزاء الهجمات التى تعرّض لها من كلّ الجهات الرجعية منها و الإمبريالية و التحريفية المعاصرة. و على قاعدة بحث و دراسة علميين للتجربة السوفياتية فى عهد ستالين بصوابها و خطئها من منظور علم الثورة البروليتارية العالمية ، أتت صيغة سبعين بالمائة صحيح و ثلاثين بالمائة خاطئ تعبيرا مركّزا و بسيطا عن الموقف المبدئي الذى يفرز الغثّ من السمين و يميز الصحيح من الخاطئ و يدافع عن الصواب و يشرح الخطأ رفاقيا و يتعلّم منه من أجل ممارسة و نظرية أرقى خدمة لقضية الشيوعية العالمية. و كان " حول مسألة ستالين" أفضل داحض لإفتراءات المؤتمر العشرين و الخروتشوفيين و البريجنافيين و غيرهما فى فرنسا و إيطاليا ... فضلا عن يوغسلافيا و تتويجا للصراعات المتنوّعة المخاضة ضدها و إعلانا عالميّا صريحا عن تمسّك الماويين بستالين قائدا ماركسيّا عظيما رغم بعض أخطائه الجدّية أحيانا. حدث كلّ هذا فى الوقت الذى لم يكن يوجد فيه أصلا لا الإتحاد البلشفي الكندي و لا البلاشفة/الخوجيين فى تونس !!!
و لنبيّن مدى تهافت أعداء الماوية ، مضطرّون إلى أوّلا، التذكير بهذه الجمل لماو سنة 1956: " فى رأيى هنالك" سيفان" : الأول هو لينين و الثاني هو ستالين "و إذا يتم التخلى عن السيف ستالين و" إذا ما تم فتح هذه البوابة فإن ذلك يعني عمليا نبذ اللينينية " " و ثانيا ، إقتطاف فقرات من العدد الثالث من نشرية " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! " المخصّص لمسألة ستالين فقط المتعلّقة بموقف ماو سنة 1956 أمّا ما تلى ذلك فندعكم تطالعونه بأنفسكم إن أردتم الإبحار مع العدد الثالث برمّته :
" الموقف الشيوعي الماوي [من مسألة ستالين]:
مسألة ستالين ليست بالمسألة الهينة ( قبول الكل منطق مثالي ودغمائية و رفض الكل منطق مثالي وتحريفية) ، إنها مسألة تقييم أول تجربة فعلية لدكتاتورية البروليتاريا ، إنها مسألة حيوية فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية ماضيا و حاضرا و مستقبلا. مراكمة المعرفة من أجل تغيير العالم إفراز لإعمال الفكرماركسيّا- لينينيا- ماويا فى التجارب العملية الماضية و القائمة. الممارسة فالنظرية فمعرفة صحة النظرية عبر الممارسة فتلخيص الممارسة فى نظرية أرقي ومن جديد ممارسة أرقي فنظرية أرقي و هكذا دواليك بشكل تصاعدي لولبي.هذه نظرية المعرفة الماركسية. كيف نملك رفع التطور اللولبي للماركسية - اللينينية إذا لم نمارس نظرية المعرفة الماركسية هذه؟ غير ممكن حصول ذلك إذا غابت ممارسة نظرية المعرفة الماركسية ( "فى الممارسة العملية" لماو تسي تونغ شرح مستفيض للموضوع و تطوير خلاق للماركسية- اللينينية فى هذا المضمار).و حين لا ننظر لممارستنا الماضية لإستخلاص دروس عملية مستقبلية ، نكرّر إقتراف الأخطاء السابقة و نكون تجريبيين فنعتقد أننا نتقدم فى خطانا بينما نحن نراوح مكاننا.
تجاه مسألة ستالين ، مثلما فى غيرها من المسائل ، كرّس ماو نظرية المعرفة الماركسية ، أما "الجماعة" و من قبلهم أنور خوجا و التحريفيين السوفيات ( قبول بالكل و رفض الكل ) لم ينجزوا تحليلا جدليا لعهد ستالين. إنهال عليه التحريفيون السوفيات و أتباعهم عالميا شتما و تشويها و عمد الخوجيون إلى الدفاع عنه دفاعا أعمى ، فى صوابه و خطئه. طبّق ماو الماركسية- اللينينية و طبّق الآخرون تحريفية أو دغمائية . فى "حول الديالكتيك " أكد لينين أن جوهر الديالكتيك هو وحدة الأضداد أو بكلماته هو:" ازدواج ما هو واحد" و زيادة على تعميق الرؤية الماركسية- اللينينية لقانون التناقض (وحدة الأضداد) فى " فى التناقض " و فى غيرها من مقالاته فى الجدلية، عمل ماو جهده لتطبيق الجدلية فى أعماله و نشاطاته و من ضمن تطبيقاته الجدلية نجد تطبيقه للجدلية على مسألة ستالين.
يقول ماو تسي تونغ فى الصفحة 367 من المجلد الخامس :" فى الواقع ، كل شيء سواء أكان فى الصين أو في الخارج قابل للتحليل، له مظهر إيجابي و مظهر سلبي . الشيء ذاته بالنسبة لعمل كل مقاطعة ، هنالك نجاحات و نواقص ، و لكل واحد منا أيضا مظهران – ايجابيات و سلبيات و ليس مظهرا واحدا أبدا . نظرية المظهر الواحد و نظرية المظهرين توجدان منذ القدم . تنتمي الأولى إلى الميتافيزيقا و الثانية إلى الديالكتيك." (التسطير من وضعنا).
و مثلما لمسنا ، ستالين فى مظهره الرئيسي ماركسي عظيم و في مظهره الثانوي قام بأخطاء جدية و أحيانا خطيرة. و من المعلوم أن الحزب الشيوعي الصيني و ماو قائده ذاته أخضعا أنفسهما للتحليل و دعيا لا الحزبيين فقط بل الجماهير أيضا إلى النهوض بالتحليل للمظهرين للتعلم من ما أثبتت الممارسة صحته و ما أثبتت خطله، للتعلم من الصواب و من الخطاء أيضا!
---------------------------------------------------------------
1 / المجلد الخامس من مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة :
---------------------------------------------------------------
أحدث المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي السوفياتي و الهجوم المسعور على ستالين رجة هائلة فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية و أحزابها و منظماتها فرد ماو على طريقة التحريفيين السوفيات المتوخاة من قبل قلة من الشيوعيين الصينيين فى التعامل مع ستالين ، فى نص "خطاب أمام ندوة الكتاب العامين " فى جانفى 1957: "منذ المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي ، بعض الذين قد دافعوا عن ستالين بنشاط ليسوا الآن أقل نشاطا في الهجوم عليه. في رأيي يتخلون عن الماركسية – اللينينية ذلك أنهم لم يقوموا بتحليل المشكل و يجهلون الأخلاق الثورية. الماركسية - اللينينية تعنى التحلي بالأخلاق الثورية للبروليتاريا. سابقا ، قد قاموا بأقصى ما في وسعهم للدفاع عن ستالين إلى حد معه يجب على الأقل ، حاليا تقديم بعض الأسباب لتعليل إنقلابهم ! لكن دون تقديم أدنى شرح ، يقومون بإلتفاف ب 180 درجة كما لو أنهم لم يدافعوا أبدا عن ستالين ومع ذلك لقد كانوا من أنصاره المتحمسين. مسألة ستالين تهم كافة الحركة الشيوعية العالمية و أحزاب جميع البلدان.
فى ما يتعلق بالمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي، فإن الغالبية الساحقة لكوادر حزبنا يعربون عن غضب تجاهه. و يعتقدون أن السوفيت ذهبوا أبعد من اللازم في نقد ستالين .و هذا شعور طبيعي و رد فعل أخلاقي. غير أن أقلية شرعت في التذبذب ...حين إندلع إعصار في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي ثمة فى الصين نملات خرجت من جحورها . إنها العناصر غير القارة في صفوف الحزب ، إنها تتمايل مع أول فرصة..."
جلي للغاية إذا موقف ماو و كذلك موقف الغالبية الساحقة للماركسيين- اللينينين الصينييين فى تصديهم و منذ البداية لتوجهات التحريفيين السوفيات و أتباعهم عالميا و في الصين أيضا.و قبل جانفى 1957 ، فى نص نقد أولى للمؤتمر العشرين ، فى 5 أفريل 1956 أي شهران و نصف الشهر بعد المؤتمر التحريفي ( وهو تاريخ عظيم الدلالة على نفاذ الرؤية الثورية لدى الشيوعيين الماويين ) فى "حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا " وقع التعبير عن أنه "علينا إعتبار ستالين من وجهة نظر تاريخية و النهوض بتحليل كامل و مناسب كي نستشف درسا مفيدا. ما هو صواب وما هو خاطئ لدى ستالين شأن يهم الحركة الشيوعية العالمية و يحمل سمة المرحلة."( جان بابى ، الصفحة 22 من " الجدال الكبير الصيني- السوفياتي 1956-1966 "، الطبعة الفرنسية، منشورات برنار غراسي ، باريس).
ومن المناسب هنا أن نعيد ما ذكرناه آنفا :" تدافع اللجنة المركزية لحزبنا على أن مآثر ستالين و أخطائه فى علاقة سبعة إلى ثلاثة و أن ستالين مع ذلك يبقى ماركسيا عظيما " ( ماو ، أفريل 1956 " حول العشر علاقات الكبرى" ، المجلد الخامس من مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة ، بالفرنسية).
بينما فهم ماو مسألة ستالين على نحو ماركسي- لينيني صحيح و دعا للإضطلاع بمهمة التقييم العلمي كمهمة جبارة ملقاة على عاتق الحركة الشيوعية العالمية - و شرع من جانبه فى الدراسة و التمحيص- كان التحريفيون السوفيات على موجة أخرى مناقضة تماما.(و كان أنور خوجا يكيل المديح للمؤتمر العشرين على صفحات "البرفدا" بتاريخ 8 نوفمبر 1956 ). كان هم الخروتشوفيين تحطيم ذكرى ستالين و ما يمثله تحطيما كليا.
لقد صوروا ستالين على أنه دموي متحدثين دون إنقطاع عن المحاكمات فحسب و في بلادهم ما قاموا به هو إطلاق سراح بعض المساجين معتبرين أن ما أسموه "إجتثاث الستالينية " قد تم و إنتهى بينما لم يصلحوا من شأن بعض الأخطاء الحقيقية لستالين بل عمقوها فهم تحريفيون. فى الواقع ، كان تهجم التحريفيين على ستالين تمهيدا و غطاءا لتركيز خطهم هم المعادي للثورة على جميع الأصعدة ، إنهم برجوازيون جدد يعملون على إعادة تركيز الرأسمالية و تحطيم كافة منجزات الإشتراكية و الثورة فى ظل لينين و ستالين.
بشجاعة بروليتارية ، إنبرى الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو ليتصدى لمهمة رسمها عن وعي طبقي شيوعي ، مهمة تقييم عمل و نشاط أحد أعظم رموز الشيوعية العالمية فكانت الملاحظات الأولية لماو تتعمق شيئا فشيئا لتنتج ثلاث نصوص ذات بعد تاريخي عالمي حول ستالين ألا وهي " حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا " ثم "مرة أخرى حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا " و " حول مسألة ستالين". و لكن قبل عرض أهم ما جاء في هذه الوثائق القيمة و التاريخية ، نتابع بقية ما صاغه ماو حول ستالين في المجلد الخامس الذي منه كنا قد إستشهدنا بمقتطفات آنفا.
بعد شهرين و نيف من المؤتمر العشرين الحزب الشيوعي السوفياتي ، كتب ماو في معرض خطابه "حول العشر علاقات الكبرى" فى أفريل 1956: " أولئك الذين في الاتحاد السوفيتي رفعوا ستالين إلى أعلى القمم ، أخذوا فجأة في رميه أسفل سافلين .عندنا ، هنالك من إقتفوا خطاهم. تدافع اللجنة المركزية لحزبنا عن أن مآثر ستالين و أخطائه فى علاقة سبعة الى ثلاثة و أن ستالين مع ذلك يبقى ماركسيا عظيما. إنه بالاستناد إلى هذا التقييم كتبنا مقال " حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا ". مثل هذا التقييم صحيح تماما. لقد قام ستالين بعدد معين من الأخطاء في ما يخص الصين . لقد كان وراء مغامرتية " اليسار" لوانغ مينغ، حوالي أواخر الحرب الأهلية الثورية الثانية ،ووراء إنتهازيته اليمينية فى بداية حرب التحرير . في البداية لم يسمح لنا بالقيام بالثورة مؤكدا أن حربا أهلية تهدد بتخريب الأمة الصينية . ثم عندما إندلعت الحرب أبدى شكا حيالنا و عندما كسبنا الحرب شك في أنه انتصار من نوع انتصار تيتو وفى 1949و1950 ، مارس علينا ضغوطا قوية جدا. إلا أننا مع ذلك نعتقد أن مآثر ستالين و أخطاءه في علاقة سبعة إلى ثلاثة .و هذا حكم عادل.
في ميادين العلوم الاجتماعية و الماركسية-اللينينية ، سنواصل بانكباب دراسة الأطروحات الصحيحة لستالين".
هذه مقاربة ماو لعمل ستالين، شهران و نصف الشهر إثر المؤتمر العشرين فيها يدحض القائد البروليتاري الصيني النظرة التحريفية السوفياتية منها والصينية التى ظهرت على نطاق محدود فى صفوف الحزب الشيوعي الصيني . و الحكم الأساسي يظل أن ستالين ماركسي عظيم يدرس الماركسيون - اللينينيون الصينيون أعماله و يطبقون ما فيها من أطروحات صحيحة.
فى ذلك التاريخ ، من من القادة الشيوعيين عالميا كان له مثل هذا الموقف الصائب و الجريء ؟ لا أحد سوى الماويين فهم الأثقب رؤية و الأوضح حينذاك و فى ما بعد داخل الحركة الشيوعية العالمية بأسرها .
و هذا التقييم موجود فى المجلد الخامس من مؤلفات ماو تسي تونغ المختارة وهو من الوثائق المعتمد فى "هل يمكن...؟" و الغريب أن " الجماعة " عمدا لم يغضوا الطرف عنه فحسب و إنما إدعوا عكسه أي إدعوا أن ماو تهجم على ستالين و ساير من سموه ب"رفيقهم خروتشاف".إنهم بذلك يغتصبون التاريخ و يفترون على الماوية و الحركة الشيوعية العالمية و هذا منهم مثالية فلسفيا و إسفاف علميا.
فى السنة عينها ، سنة 1956 و فى شهر أوت تحديدا ، نطق ماو بما يلى ذكره: " كيف نقيم الأخطاء التى إرتكبت فى الاتحاد السوفياتي مثل أخطاء ستالين ؟ هي أخطاء جزئية ، مؤقتة ، هنالك منها ما إمتد ، حسب ما يقال ، طوال عشرين سنة لكن ذلك لا يمنع أنها مؤقتة و جزئية و قابلة للإصلاح. التوجه الرئيسي و المظهر المهيمن و الجزء الأعظم لما أنجز فى الاتحاد السوفياتي صحيح. ولدت روسيا اللينينية و بفضل ثورة أكتوبر، أضحت أول دولة إشتراكية. و قد أنجزت البناء الاشتراكي و إنتصرت على الفاشية و صارت بلدا صناعيا قويا. لنا الكثير نتعلمه منه. لنكن متفقين ، علينا أن نستلهم ما هو متقدم فى تجربته و ليس أبدا ما هو متخلف".
و تكون الأخطاء المرتكبة ، من زاوية الفهم الجدلى العميق للتاريخ "مؤقتة "و"جزئية" و " قابلة للإصلاح". و أيضا هي مظهر ثانوي فى التجربة الاشتراكية الأولى و يكون الموقف الماوى مدافعا عن ستالين و لصالحه ليس مجاملة له بل لأن الأمر حقيقة تاريخية ملموسة.
و فى خطاب آخر ، خلال الإجتماع الموسع للجنة المركزية المنبثقة عن المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي ، فى 15 نوفمبر 1956 ، جاء على لسان ماو " أود أن أقول بعض الكلمات بصدد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي . فى رأيي ، هنالك "سيفان " : واحد هو لينين و الآخر هو ستالين . السيف الذى هو ستالين الروس نبذوه الآن . كوملغا و بعض المجريين إلتقطوه ليضربوا به الاتحاد السوفياتى و لمقاتلة ما يسمى الستالينية . فى عديد بلدان أوروبا ، تنقد الأحزاب الشيوعية أيضا الاتحاد السوفياتي و يقودها فى هذا النقد توغياتي [قائد الحزب الشيوعي الايطالي] . كذلك يستعمل الإمبرياليون هذا السيف لقتل الناس فدُول مثلا رفعه لمدة. هذا السلاح لم تقع إعارته بل وقع نبذه. نحن الصينيون لم ننبذه. أولا ، ندافع عن ستالين و ثانيا ننقد أيضا أخطاءه ولذلك كتبنا مقال " حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا". و هكذا عوض تشويه سمعته و تحطيمه كليا كما يفعل البعض ، نتحرك انطلاقا من الواقع.
أما بالنسبة للسيف الذى هو لينين ، ألم ينبذه القادة السوفيات هو الآخر بعض الشيء ؟ في رأيي ، وقع ذلك إلى درجة بعيدة نسبيا. هل لا تزال ثورة أكتوبر دائما صالحة ؟ أ يمكن بعد أن تستعمل كنموذج لمختلف البلدان ؟ تقرير خروتشاف للمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي يقول إنه من الممكن التوصل إلى السلطة عبر الطريق البرلماني و هذا يعنى أن البلدان الأخرى لن تحتاج بعد الآن إلى إتباع مثال ثورة أكتوبر . حين يفتح هذا الباب على مصراعيه ، فإن اللينينية تكون نبذت بالفعل".
فى 1956 ، كان لماو مثل هذا الفهم الفذ فى عمقه للتحريفية و هجومها الذي لا يطال ستالين و حسب بل يطال لينين و الماركسية- اللينينية ككل و كان له الموقف البروليتاري " أولا ندافع عن ستالين و ثانيا ننقد أيضا أخطاءه" و يأتي "الجماعة" بعد عقود ليدعوا أن ماو لم يتخذ موقفا من التحريفية إلا سنة 1964 ومن منطلق شوفيني و ليس مبدئي فيا لهم من متبحرين فى التاريخ و يا لهم من باحثين نزهاء ! فى التسعينات لم يتوصل هؤلاء الخوجيين المتسترين و ناشري الجهل إلى فهم ماو سنة 1956 ومع ذلك لا يخجلون و يطرحون سؤال "هل يمكن إعتبار ماوتسي تونغ ماركسيا- لينينيا؟ " ليجيبوا عن جهل تام و خداع محبوك بأنه غير ماركسي بل و برجوازي صغير قالبين الحقائق رأسا على عقب. فهل سيصفح عنهم سيف التاريخ ؟ لا نعتقد لأنهم كالخفافيش ما أن يسطع نور النهار حتى تراهم يركنون إلى الزوايا المظلمة و العتمة المطبقة..."
و إلى اليوم و عبر العالم ، يتحمّل الشيوعيون الماويّون مسؤولياتهم فى الدفاع عن الإرث البروليتاري العالمي و عن الجانب الرئيسي الصائب و الصحيح و السليم و الثوري لدى ستالين ووضع ستالين ضمن الرؤوس الخمس – ماركس إنجلز ، لينين، وستالين و ماوتسى تونغ – يترجم أفضل ترجمة هذه القناعة العميقة و هذا الموقف المبدئي منذ عقود ، قبل تشكّل "الإتحاد البلشفي " و إندثاره و بعدهما.
و على هذا ، دفاع ماو تسى تونغ عن ستالين ليس " دفاعا مسموما " كما يرى صاحب الفكر الدغمائي التحريفي و إنّما هو دفاع مبدئي عن الصحيح و نقد مبدئي للخاطئ من أجل التقدّم بالثورة البروليتارية العالمية و تجاربها و بناء ما أفضل مستقبلا. الماويون أشرس المدافعين عن ستالين دفاعا مبدئيا ، ماديّا جدليّا و من منظور بروليتاري.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------
3- نضال ماو تسى تونغ ضد تيتو و خروتشوف :
فى معمعان هجومه المسعور ضد الماوية ، يضع البلشفي/ الخوجي ماو تسى تونغ إلى جانب خروتشوف و برنشتاين و غيرهما من التحريفيين فى محاولة لخلط الأوراق و الحابل بالنابل . لكن لن يمرّ!
و كي لا نطيل الحديث فى هذه النقطة ، نكتفى بالإشارة إلى أنّ الحزب الشيوعي الصيني كان ينتمى إلى الأممية الثالثة التى كان يقودها ستالين و إلتزم بالموقف المتخذ ضد يوغسلافيا و دافع عنه بإستماتة و بعد وفاة ستالين إستمرّ فى حمل راية ممارسة الماركسية و نبذ التحريفية ، و فى سياق الصراع المحتدم بين الماركسيين- اللينينيين من جهة و على رأسهم الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ ، و التحريفية المعاصرة السوفياتية و الفرنسية و الإيطالية و اليوغسلافية ... من جهة ثانية و على رأسها الحزب الشيوعي السوفياتي بقيادة خروتشوف ثم بريجناف ، قام الماويون بالواجب الذى تمليه عليهم المبادئ الشيوعية و أصدروا موقفا ثوريّا لا غبار عليه و تشهد بذلك وثيقة " هل يوغسلافيا قطر إشتراكي؟" المتوفّرة على الأنترنت بعدّة لغات.
و إجلاء للأمر ، نقتصر هنا على منتخبين من مضامين وثيقة " هل يوغسلافيا قطر إشتراكي ؟"( 1963) وفيها أكثر من ستين صفحة باللغة الفرنسية ، واحد من المقدّمة و آخر من الخاتمة علما و أنّ الجوهر قد حلّل المسائل التالية : تطوّر الرأسمال الخاص فى المدن اليوغسلافية، الرأسمالية تغزو المناطق الريفية فى يوغسلافيا،الإقتصاد الإشتراكي للشعب بأسره يفسد و يتحوّل إلى إقتصاد رأسمالي، نظام عميل للإمبريالية الأمريكية، فيلق معادي للثورة موالي للإمبريالية الأمريكية ، دكتاتورية البروليتاريا تفسد و تتحوّل إلى دكتاتورية البرجوازية ، الموقف المبدئي للحزب الشيوعي الصيني حول مسألة يوغسلافيا، هل أن تيتو " أصلح أخطاءه أم أنّ خروتشوف صار تلميذا لتيتو؟.
و المنتخب الأوّل من المقدّمة هو : " هل أنّ يوغسلافيا قطر إشتراكي؟ المسألة هنا ليست فقط مسألة معرفة تحديد طبيعة الدولة اليوغسلافية ، بل أيضا مسألة تحديد أي طريق يجب على البلدان الإشتراكية سلوكه، طريق ثورة أكتوبرمن أجل مواصلة الثورة الإشتراكية إلى النهاية أم طريق يوغسلافيا المؤدّي إلى إعادة تركيز الرأسمالية.
يتعلّق الأمر كذلك بمعرفة هل انّ طغمة تيتو حزب شقيق وقوّة مناهضة للإمبريالية أم مجموعة من المرتدّين عن الحركة الشيوعية العالمية و عميلة للإمبريالية .
حول هذه المسألة ، توجد إختلافات جوهرية بين من جهة قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي، و بيننا نحن و كافة الماركسيين- اللينينين الآخرين فى العالم من جهة ثانية. "
و المنتخب الثاني من الخاتمة وهو : " تمثّل إعادة تركيز الرأسمالية فى يوغسلافيا بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية درسا تاريخيّا جديدا. إنّها تعلّمنا انّه بعد إفتكاك السلطة من قبل الطبقة العاملة ، يظلّ هناك صراع طبقي بين البرجوازية و البروليتاريا ، صراع بين الطريقين – الطريق الرأسمالي و الطريق الإشتراكي ، و أنّ خطر إعادة تركيز الرأسمالية قائم...تصرخ قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي بأنّها قضت فى بلادها على خطر إعادة تركيز الرأسمالية و أنّها شرعت فى بناء الشيوعية . بطبيعة الحال، إن كان الأمر كذلك حقّا كنّا سنغتبط. لكنّنا مضطرّون إلى ملاحظة أنّها تقلّد يوغسلافيا فى كلّ النقاط و أنّها تسلك طريقا خطرا جدّا..."
و قد شرح الحزب الشيوعي الصيني موقفه المبدئي من قبول التعامل مع يوغسلافيا سنة 1954 فقال :" من الأكيد أنّ يوغسلافيا كانت بلدا إشتراكيّا و لفترة معيّنة كان هذا البلد يتقدّم على طريق الإشتراكية . و لكن مع خيانة طغمة تيتو، لم يتأخّر النظام اليوغسلافي فى أن يصبح فاسدا.
فى 1954 ، عندما إقترح خروتشوف تحسين العلاقات مع يوغسلافيا ، وافقنا على إعتبارها بلدا إشتراكيّا شقيقا بغرض العمل على إعادته إلى الطريق الإشتراكي و مواصلة مراقبة طغمة تيتو.ولكن حتى حينها ، لم تكن لدينا آمال عريضة بشأن طغمة تيتو. وفى رسالتها المؤرّخة فى 10 جوان 1954 الموجّهة إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي ، شدّدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني على أنّه : يجب أن نأخذ بعين الإعتبار أنّ القادة اليوغسلافيين قد مضوا بعدُ بعيدا جدّا فى علاقاتهم مع الإمبريالية ، و أنّه من الممكن ان يرفضوا الجهود المبذولة لكسبهم إلى جانبنا ، و أنّهم سيرفضون العودة إلى الطريق الإشتراكي ...و للأسف ما نبّهنا إليه كان صحيحا ! و مثلما كنّا ننتظر ، رفضت طغمة تيتو الجهود التى بذلناها لكسبها ، و مضت حتى أبعد فى طريق التحريفية."
وجملة واحدة من " إقتراح حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية " الشهير جدّا و الذى يعتبر أساس تشكّل الحركة الماركسية –اللينينية ، تكفى لتبيّن أن الحزب الشيوعي الصيني بمبدئية أدان التحريفيين اليوغسلاف و كذلك بمبدئية دافع عن حزب العمل الألباني آنذاك فى وجه الهجمات التحريفية اليوغسلافية و السوفياتية : " إنّ معاملة حزب العمل الألباني الماركسي اللينيني الشقيق هي أمر من الأمور. و معاملة طغمة المحرّفين اليوغسلاف المرتدّة عن الماركسية اللينينية هي أمر آخر تماما." (رسالة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ردّا على رسالة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي المؤرخة فى يوم 30 مارس ( آذار ) عام1963 ؛ ( 14 يونيو " حزيران" عام 1963) دار النشر باللغات الأجنبية – بيكين1963 ) .
و فى نص " إغتيال ستالين..." ، يظنّ البلشفي / الخوجي أنّه يبدع حينما كتب : " إنّ الخلافات بين القيادة الصينية و التحريفيين السوفيات لم تكن تناقضا بين الماركسية- اللينينية و التحريفية بل تناقضا برجوازيّا قوميّا بين قوّة عظمى وبين من يريد أن يصبح قوّة عظمى" و أيضا " لم ينخرط الحزب الشيوعي الصيني فعليّا فى " النضال" المزعوم ضد الخروتشوفية إلاّ فى سنة 1963". و فى الواقع هذا منه ليس إبداعا بقدر ما هو تكرار لما ورد فى " الإمبريالية و الثورة " لأنور خوجا منذ 1979 و ما ورد فى كتاب محمد الكيلاني " الماوية معادية للشيوعية " و ما ورد فى " هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّا- لينينيّا ؟". و كلّها وثائق خوجية مفضوحة ومتستّرة تستند إلى ترّهات أنور خوجا الذى بدوره نهل التهمة القومية مثلا من التحريفية السوفياتية و هي واردة منذ بداية السبعينات فى " نقد مفاهيم ماو تسى تونغ" لمجموعة أكاديميين سوفيات.
و فى مقال " نضال ماوتسى تونغ على رأس الحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفية المعاصرة " ، فى العدد الثالث من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !" سجّلنا محطّات الصراع الذى خاضه الماويون ضد التحريفية المعاصرة و بإعتراف حزب العمل الألباني و خوجا ذاته و بالوثائق التى لا يمكن دحض صحّتها. و نقتصر هنا على ذكر عناوين البعض من عشارات الوثائق المناهضة للمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي و للتحريفية المعاصرة و المضامين الرجعية التى تبثّها :
- حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا ( أفريل 1956)
- مرة أخرى حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا ( ديسمبر 1957)
- عاشت اللينينية (أفريل 1960)
- لنتحد تحت راية لينين الثورية (أفريل 1960)
- الى الأمام على طريق لينين العظيم (أفريل 1960)
- أصل الخلافات و تطورها بين قيادة الحزب الش السوفياتي و بيننا (1963)
- حول مسألة ستالين(سبتمبر 1963)
- هل يوغسلافيا بلد اشتراكي ؟ (1963) - خطان مختلفان حول مسألة الحرب و السلم (1963)
- سياستان للتعايش السلمى متعارضتان تماما (1963)
- إقتراح حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية (1963)
- الثورة البروليتارية وتحريفية خروتشوف.
- اللينينية و التحريفية المعاصرة (1963)
- شيوعية خروتشوف المزيفة و الدروس التاريخية التى تقدمها للعالم (جويلية 1964)
- لنناضل الى الآخر ضد تحريفية خروتشوف (جوان 1965)
- التحريفيون السوفيات يحولون حزب لينين الى حزب تحريفي (نوفمبر 1967)
- لينينية أم امبريالية اشتراكية ؟ ( أفريل 1970)
- الامبريالية الاشتراكية السوفياتية جزء من الامبريالية العالمية ( ديسمبر 1975).
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
4- ستالين و ماو و الحرب العالمية الثانية :
طالعنا فى نصّ البلشفي /الخوجي " إغتيال ستالين ..." ما يلى ذكره :
" كان للعون المباشر الذي قدمه الاتحاد السوفيتي بقيادة ستالين دورا حاسما في انتصار الثورة الصينية. ففي أوت 1945، اجتاح الجيش الأحمر منشوريا لطرد الامبرياليين اليابانيين، هذه المقاطعة هي الأكثر تصنيعا في الصين وذات أهمية استراتيجية بالغة. لما انسحب الاتحاد السوفيتي منها بعد استسلام اليابان، حرص على أن تؤول المقاطعة إلى سيطرة الحزب الش الص ومنع الكيومنتانغ من السيطرة عليها، وأمن بذلك حصول جيش التحرير الشعبي على مخزون هائل من الذخائر اليابانية. وفي منشوريا وقع تركيز حكومة مؤقتة دعمها الاتحاد السوفيتي عسكريا واقتصاديا، وقد منع الاتحاد السوفياتي قوات الكيومنتانغ من استخدام دايرن وبور آرثر للهجوم على القوات الثورية. وانطلاقا من هذه القاعدة في منشوريا أجرى جيش التحريرالشعبي استعداداته لشن هجماته على قوات الكيومنتانغ في 1948 و1949 وتحقيق النصر."
و غاية عدوّ علم الثورة البروليتارية العالمية من كلام من هذا القبيل هي أن ينسب إنتصار الثورة الصينية فى 1949 إلى ستالين و ليس إلى ماو الذى كان مؤسسا من مؤسسى الحزب الشيوعي الصيني و أحد قادته و قائده الأبرز منذ 1935 و قائد جيش التحرير الشعبي لعقود حتى قبل إنتصار الثورة بفضل حرب الشعب و حرب أهلية دامت لأكثر من عشرين سنة.
و يضخّم رأي قالب الحقائق رأسا على عقب ما حدث بمنشوريا و يجعل منه الشجرة التى تخفى الغابة. و بهذا يعبّر عن نظرة إختزالية مثالية ذاتية للتاريخ و الصراع الطبقي تسمح له بقولبة الواقع ليدخله فى القالب الذى صنعه مسبّقا مع أنّه لا يصمد أمام من له أدنى إطلاع على تاريخ الصين و الإتحاد السوفياتي و الحرب العالمية الثانية ؛ كما يعبّر عن نظرة ميتافيزيقية لا ترى أنّ المحدّد فى تطوّر الأشياء هو تناقضاتها الداخلية وهي نظرة لم ترتق فى 2012 إلى الفهم المادي الجدلي لماو تسى تونغ سنة 1937 فى " فى التناقض" :" إنّ العلّة الأساسية فى تطوّر الأشياء إنّما تكمن فى باطنها لا خارجها ، و فى تناقضاتها الباطنية. وهذا التناقض الباطني موجود فى كلّ الأشياء وهو الذى يبعث فيها الحركة و التطوّر. إنّ التناقضات الكامنة فى باطن الأشياء هي العلّة الأساسية فى تطوّرها ، أمّا الصلة القائمة و التأثير المتبادل بين شيئ و آخر فهي علّة ثانوية ". و بالتالى ماديّا جدليّا، مهما كان العون الذى قدّمه الإتحاد السوفياتي و ستالين للثورة الصينية فإنّه لم يكن "حاسما" بل هو ثانوي نسبة لنضالات الشعب الصيني وعلى رأسه الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ.
هذا من ناحية أمّا من ناحية أخرى، فإنّنا نعلم و التاريخ يشهد بأنّ الحزب الشيوعي الصيني و جيش التحرير الشعبي الذى كان يقوده قد خاضا، فى تحالف مرحلي مع جيوش تشان كاي تشاك المتراخية، حربا ضروسا ضد الجيوش اليابانية و ألحقوا بها الهزائم الشنيعة رغم قلّة الأعتاد و المدد فكان ذلك بمثابة صمّام أمان لواحدة من الجبهات التى كان يمكن أن تفتح من قبل اليابان ضد الإتحاد السوفياتي و مساهمة فى دحر الفاشية و النازية عالميّا و إستعمار اليابان للصين لا ينكرها إلاّ سالك لسياسة النعامة التى تغرس رأسها فى الأرض عند إقتراب الخطر و صاحب النظرة الإختزالية من هؤلاء.
يقول ماو تسى تونغ :"إنّ الأمور فى العالم معقّدة تقرّرها عوامل مختلفة. فعلينا أن ننظر إليها من جوانب مختلفة لا من جانب واحد فحسب."
الماوية تتقدّم ، تناضل ، تكسب و تواصل الكسب و تحاصرهم و تفضح تحريفيتهم و تدقّ الحصوص التى ظنّوا أنّها منيعة و تستعصى على الماويين فإذا بهم ينسجون الأكاذيب المحضة و يشوّهون التاريخ و ماو تسى تونغ قدر طاقتهم و بكلّ الأساليب الإنتهازية القديمة منها و الجديدة التى يبتدعونها.
و للتاريخ و العالم قاطبة ، نصدح بها عاليا: من مساهمات ستالين الماركسي العظيم قيادته للحرب المناهضة للفاشية و النازية و تحقيقه الظفر ليس للبروليتاريا السوفياتية و الشعب السوفياتي فحسب بل للبروليتاريا العالمية أيضا .
و لكن للتاريخ و العالم قاطبة ، نعلنها بصوت عالي أيضا أن ستالين و الأممية الثالثة قد إقترفا بعض الأخطاء الجدّية تجاه الثورة فى الصين و الثورة البروليتارية العالمية. و كنّا لخصناها فى العدد الخاص بمسألة ستالين من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !" وسنتطرّق مجدّدا لتلك المتصلة بالثورة فى الصين فى حينه و يهمّنا هنا أن نسجّل جملة من الحقائق منها أنّ :
1- ستالين أعطى الأولوية للدفاع عن الإتحاد السوفياتي نسبة للتقدّم بالثورة البروليتارية عبر العالم.
2- التعبئة للحرب فى الإتحاد السوفياتي شابتها مسحة من النزعة القومية و من يدرس كتابات ستالين فى تلك الفترة يتأكّد من ذلك.
3- الأممية الثالثة إرتكبت خطئا جسيما بسلوك سياسة الجبهة المتحدة ضد الفاشية و التحالف مع البرجوازية و بالتالى عدم تطبيقها للسياسة اللينينية الصحيحة التى أفرزت إنتصار ثورة أكتوبر أي سياسة " الإنهزامية " الثورية بمعنى تحويل الحرب بين القوى الإمبريالية إلى حروب أهلية و ثورة ضد الدول الإمبريالية أكان شكل السلطة فيها فاشيّا أم ديمقراطيا برجوازيّا.
4- و النتيجة كانت فى فرنسا و إيطاليا ... تذيّلا للبرجوازية فالحزبان الشيوعيان اللذان كانا يملكان جيشين و قاعدة جماهيرية شعبية لا بأس بها ، عوض إنجاز الثورة البروليتارية ، تطبيقا لتوجيهات الهياكل القيادية العالمية سلّما الأسلحة و إستسلما للبرجوازية ليلتحقا بالمشاركة فى الحكومات فى إطار دول برجوازية. فى حين أنّ ماو تسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني اللذان رفضا الإنصياع لضغوطات ستالين و الإتحاد السوفياتي الداعية إلى إيقاف الحرب الأهلية و تشكيل حكومة مع الكيومنتانغ المسنود من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و العمل القانوني فى إطار دولة يمسك بزمامها الكمبرادور و الإقطاع فى تحالف مع الإمبريالية العالمية ؛ واصلا القتال و حقّقا الظفر للثورة الديمقراطية الجديدة الصينية سنة 1949. " الإنتصار التاريخي العظيم للثورة البروليتارية فى الصين قد وفّر الظروف الملائمة لإنتصار حرب المقاومة الفيتنامية " ( الصفحة 84 من " اللينينية و الثورة الفيتنامية " لي ذوان، دار الطليعة ، بيروت).
و من يودّ التعمّق فى هذه الحقائق ، يجد ضالته فى عديد الكتابات الماوية عبر العالم و بعدّة لغات على الأنترنت ، و فى مقدّمتها ، إضافة إلى " حول مسألة ستالين " ، " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984ضمن كتاب " علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية- اللينينية – الماوية " لشادي الشماوي على موقع الحوار المتمدّن.
و ننتهى هكذا إلى أنّ ماو مواصل للعمل الصحيح و الثوري لستالين و قطع حين وجب القطع مع بعض أخطائه و ذلك خدمة للثورة البروليتارية العالمية .
5- الثورة الصينية و الإفتراءات البلشفية / الخوجية :
ورد فى " إغتيال ستالين..." : " اتخذ ماو والحزب الشيوعي الصيني موقفا مغايرا تماما حيث يعتبران أن كل تطور الثورة الصينية كان مناقضا لخط ستالين والكومنترن" .
هذا محض كذب. بتعميم مثالي يركن البلشفي/ الخوجي إلى صيغة تعميمية مثالية " كلّ" يكذّبها ما إستشهد به هو ذاته من "حول مسألة ستالين" أين توضع المسألة فى نصابها و أين يتمّ التشديد على " بعض أخطاء ستالين" و "اُرْتُكب البعض منها تحت تأثير بعض أخطاء ستالين".
و نظرا لأنّ الأراجيف " البلشفية/ الخوجية " بصدد الثورة الصينية كثيرة و الردّ عليها قد يستغرق عشرات الصفحات و نظرا لأنّ "البلشفي" يكرّر لا غير التهم التى ساقها أنور خوجا فى " الإمبريالية و الثورة " و نقلها و "طوّرها" محمّد الكيلاني فى " الماوية معادية للشيوعية " ، و نسخ منها ما نسخ "الوطد" فى " هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّا-لينينيا؟"، نعتقد أنّ دراسة العدد الخامس من " لاحركة شيوعية ثورية دون ماوية !" برمّته بعنوان " فضائح تزوير الخوجية للوثائق الماوية:"الماوية معادية للشيوعية " نموذجا( فى الردّ على حزب العمّال و "الوطد") مفيدة جدّا بهذا الصدد و من محاوره :
- فضح الكذب و التزوير بصدد البرجوازية الوطنية.
- فضح الكذب و التزوير بصدد " الماوية و عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية ".
- فضح الكذب و التزوير بصدد الماوية و مسألة ستالين.
- فضح الكذب و التزوير بصدد الماوية و البرجوازية فى ظلّ الإشتراكية .
- فضح الكذب و التزوير بصدد الماوية و فهم الدغمائية و التحريفية.
- فضح الكذب و التزوير بصدد الدور القيادي للحزب
- فضح الكذب و التزوير بصدد " تقاسم القيادة مع الأحزاب البرجوازية".
- فضح الكذب و التزوير بصدد الحزب و دكتاتورية البروليتاريا عند ماو.
- فضح الكذب و التزوير بصدد " الإصلاح الزراعي على النمط الماوي".
- فضح الكذب و التزوير بصدد " الصينيون و التجربة السوفياتية فى مجال مشركة الفلاحة".
- فضح الكذب و التزوير بصدد " ماو و رأس المال و السياسة اٌقتصادية الجديدة".
- فضح الكذب و التزوير بصدد " الماوية و القوى المحرّكة للثورة : العمّال و الفلاّحون فى الثورة".
- فضح الكذب و التزوير بصدد " الدكتاتورية المشتركة".
- فضح الكذب و التزوير بصدد الصراع الطبقي و الطبقات فى المجتمع الإشتراكي.
- فضح الكذب و التزوير بصدد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى .إلخ
ولكن نتوقّف هنا لنوضّح أنّه على غرار أنور خوجا ، يلجأ الخوجيون المفضوحون و المتستّرون فى القطر و فى بلدان أخرى ، فى هجومهم المسعور و غير المبدئي على الماوية ، إلى إنكار خصوصيات الصين و ثورتها التى تميّزها عن البلدان الرأسمالية – الإمبريالية و ثورتها و التى إعترف بها ستالين و سجّلنا بحروف كبيرة ماو تسى تونغ فى عديد كتاباته و منها الفقرات الطويلة نسبيّا الآتي ذكرها و الواردة فى " الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني " الذى كتبه ماو تسى تونغ فى ديسمبر 1939 و تداولته أحزاب الحركة الشيوعية العالمية بقيادة ستالين :
" إلى أي نوع من الثورات تنتمى الثورة الصينية فى مرحلتها الحالية على وجه التحديد؟ أ هي ثورة ديمقراطية برجوازية أم ثورة إشتراكية بروليتارية؟ من الواضح أنّها ليست من النوع الثاني ، بل من النوع الأوّل.
ما دام المجتمع الصيني لا يزال مجتمعا مستعمرا و شبه مستعمر و شبه إقطاعي ،و ما دامت الإمبريالية و القوى الإقطاعية لا تزاىن عدوين رئيسيين للثورة الصينية، و ما دامت مهمة الثورة الصينية هي خوض ثورة وطنية و ثورة ديمقراطية تهدفان إلى الإطاحة بهذين العدوين الرئيسيين ،و ما دامت البرجوازية تشترك أيضا ، فى بعض الأحيان ، فى هاتين الثورتين الهادفتين إلى الإطاحة بهذين العدوين ،و ما دامت حربة الثورة موجهة ضد الإمبريالية و الإقطاعية لا ضد الرأسمالية و الملكية الرأسمالية الخاصة بصورة عامة حتى و لو خانت البرجوازية الكبيرة الثورة و أصبحت عدوا لها ، ما دام الأمر كذلك، فإنّ الثورة الصينية فى المرحلة الحالية هي من حيث طبيعتها ليست ثورة إشتراكية بروليتارية ، بل هي ثورة ديمقراطية برجوازية .
بيد أنّ الثورة الديمقراطية البرجوازية الجارية حاليا فى الصين ، ليست ثورة ديمقراطية برجوازية من الطراز القديم و العام، إذ أنّ هذا الطراز من الثورة قد فات أوانه، بل هي ثورة ديمقراطية برجوازية من طراز جديد و خاص. و يأخذ هذا الطراز من الثورة فى النهوض حاليا فى الصين و فى كافة البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة الأخرى، و نحن نسميه ثورة الديمقراطية الجديدة. إنّ ثورة الديمقراطية الجديدة هذه جزء من الثورة الثورة الإشتراكية البروليتارية العالمية، فهي تناهض بكلّ حزم الإمبريالية أي الرأسمالية الدولية. غنّها تسعى ، فى المجال السياسي، إلى تحقيق دكتاتورية مشتركة لعدّة طبقات ثورية على الإمبرياليين و الخونة و الرجعيين،و هي تعارض تحويل المجتمع الصيني إلى مجتمع تمارس البرجوازية فيه الدكتاتورية. و إنّها تهدف ، فى المجال الإقتصادي ، إلى تأميم رؤوس الأموال الضخمة و المشروعات الكبرى التابعة للإمبرياليين و الخونة و الرجعيين،و توزيع الأراضي التى فى حوزة ملاك الأراضي على الفلاحين ،مع الإبقاء على المشروعات الرأسمالية الخاصة بصورة عامة، و عدم إلغاء إقتصاد الفلاحين الأغنياء. و هكذا و رغم أنّ هذه الثورة الديمقراطية من الطراز الجديد هي ، من جهة ، تمهّد السبيل أمام الرأسمالية ، إلاّ أنها ، من جهة أخرى ، تخلق أيضا الشروط الأولية للإشتراكية. إنّ المرحلة الحالية من الثورة الصينية هي مرحلة إنتقال بين إنهاء المجتمع المستعمر و شبه المستعمر و شبه الإقطاعي و بين إقامة مجتمع إشتراكي ، هي مرحلة ثورة الديمقراطية الجديدة. و لم تبدأ هذه المرحلة إلاّ بعد الحرب العالمية الأولى و ثورة أكتوبر الروسية، وقد بدأت فى الصين مع حركة 4 مايو ( ايار) 1919. إننا نقصد بثورة الديمقراطية الجديدة الثورة المناهضة للإمبريالية و الإقطاعية التى تخوضها جماهير الشهب الغفيرة بقيادة البروليتاريا. و لا بدّ أن يمرّ المجتمع الصيني بهذه الثورة لكي يتقدّم خطوة أخرى إلى الأمام و يصل إلى المجتمع الإشتراكي ،و إلاّ فلن يستطيع الوصول إليه.
و تختلف ثورة الديمقراطية الجديدة هذه إختلافا بالغا عن الثورات الديمقراطية التى شهدها تاريخ بلدان أوروبا و أمريكا، إذ أنّها لا تؤدّى إلى دكتاتورية البرجوازية ، بل إلى دكتاتورية الجبهة المتحدة لجميع الطبقات الثورية بقيادة البروليتاريا...
و تختلف ثورة الديمقراطية الجديدة هذه عن الثورة الإشتراكية أيضا ، إذ أنّها تهدف فقط إلى وضع حدّ لسيطرة الإمبريالية و الخونة و الرجعيين فى الصين ، دون تقويض أي عنصر من العناصر الرأسمالية التى مازالت فى إمكانها المشاركة فى النضال ضد الإمبريالية و الإقطاعية... إنّ الجمهورية الديمقراطية التى تسعى الثورة الصينية فى مرحلتها الراهنة إلى تأسيسها... يجب أن تكون جمهورية ديمقراطية قائمة على أساس تحالف ثوري بين العمال و الفلاحين و البرجوازية الصغيرة فى المدن و سائر العناصر المناهضة للإمبريالية و الإقطاعية. و لا يمكن تشييد جمهورية كهذه بصورة كاملة إلاّ تحت قيادة البروليتاريا ...
إنّ حصول الرأسمالية على درجة معينة من النموّ هو نتيجة حتمية لا يمكن للصين المتخلفة إقتصاديّا أن تتجنّبها بعد بعد إنتصار الثورة الديمقراطية. و لكن ذلك لا يمثّل سوى جانب من نتيجة الثورة الصينية و ليس كلّ نتيجتها. إنّ كلذ نتيجة الثورة الصينية هي : نمو العناصر الرأسمالية من جهة ، و نمو العناصر الإشتراكية من جهة أخرى. فما هي هذه العناصر الإشتراكية؟ إنّها تعاظم نسبة الأهمية التى تتمتّع بها البروليتاريا و الحزب الشيوعي بين قوى البلاد السياسيةن و إنّها إعتراف الفلاحين و المثقفين و البرجوازية الصغيرة فى المدن أو إعترافهم المتوقع بقيادة البروليتاريا و الحزب الشيوعي ،و إنّها القطاع العام من الإقتصاد الذى تملكه الجمهورية الديمقراطية و القطاع التعاوني من الإقتصاد الذى يملكه الشعب الكادح. هذه جميعا عناصر إشتراكية. و إذا أضفنا إلى ذلك الظروف الدولية الملائمة، وجدنا أنّه من الممكن جدّا أن تجتنب ثورة الصين الديمقراطية البرجوازية، فى نهاية المطاف، طريق الرأسمالية نو أن تسير فى طريق الإشتراكية " ( الصفحات 451-456 من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة "؛ المجلد الثاني ، دار النشر باللغات الأجنبية، بكين 1969)
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
6- لينين و ستالين بصدد الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات :
بما هم دغمائيون و تروتسكيون يعمد الخوجيون المفضوحون منهم و المتسترون على الدوام إلى طمس الفرق بين الثورة فى البلدان الإمبريالية و الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و يغيبون عامدين خصوصيات الثورة الصينية الديمقراطية الجديدة ضاربين عرض الحائط بتعاليم لينين و ستالين فى هذا المضمار.
لم يعش لينين ليشهد سيرورة الثورة الصينية فى أهم مراحلها لكنه كمنظر ماركسي شرع فى الإهتمام بالثورات فى بلدان الشرق المستفيقة كالإعصار بفضل ثورة أكتوبر المجيدة. و من أهم الأطروحات الأولى التى طورها لينين ما يلى :
فى تقرير فى المؤتمر الثاني لعامة روسيا للمنظمات الشيوعية لشعوب الشرق فى 22 نوفمبر 1919 ، ورد على لسانه الآتى ذكره :" أنتم تمثلون منظمات شيوعية و أحزابا شيوعية تنتسب لمختلف شعوب الشرق. و ينبغى لى أن أقول إنه إذا كان قد تيسر للبلاشفة الروس إحداث صدع فى الإمبريالية القديمة ، إذا كان قد تيسر لهم القيام بمهمة فى منتهى العسر وإن تكن فى منتهى النبل هي مهمة إحداث طرق جديدة للثورة، ففى إنتظاركم أنتم ممثلى جماهير الكادحين فى الشرق مهمة أعظم و أكثر جدة ...
و فى هذا الحقل تواجهكم مهمة لم تواجه الشيوعيين فى العالم كله من قبل : ينبغى لكم أن تستندوا فى الميدانين النظري و العملي إلى التعاليم الشيوعية العامة و أن تأخذوا بعين الإعتبار الظروف الخاصة غير الموجودة فى البلدان الأوروبية كي يصبح بإمكانكم تطبيق هذه التعاليم فى الميدانين النظري و العملي فى ظروف يؤلف فيها الفلاحون الجمهور الرئيسي و تطرح فيها مهمة النضال لا ضد رأس المال ، بل ضد بقايا القرون الوسطى. وهذه مهمة عسيرة ذات طابع خاص ، غير أنها مهمة تعطى أطيب الثمرات، إذ تجذب إلى النضال تلك الجماهير التى لم يسبق لها أن إشتركت فى النضال ، و تتيح لكم من الجهة الأخرى الإرتباط أوثق إرتباط بالأممية الثالثة بفضل تنظيم الخلايا الشيوعية فى الشرق. ينبغى لكم أن تجدوا أشكالا خاصة لهذا التحالف بين البروليتاريين الطليعيين فى العالم كله و جماهير الكادحين و المستثمَرين فى الشرق الذين غالبا ما يعيشون فى ظروف القرون الوسطى ...
هذه هي القضايا التى لا تجدون حلولا لها فى أي كتاب من كتب الشيوعية ، و لكنكم تجدون حلولها فى النضال العام الذى بدأته روسيا. لا بد لكم من وضع هذه القضية و من حلها بخبرتكم الخاصة و سيساعدكم فى ذلك من جهة التحالف الوثيق مع طليعة جميع الكادحين فى البلدان الأخرى ، ومن الجهة الأخرى ، معرفة التقرب من شعوب الشرق التى تمثلونها هنا. لا بد لكم أن تستندوا إلى القومية البرجوازية التى تستيقظ لدى هذه الشعوب و التى لا بد لها أن تستيقظ و التى لها مبرر تاريخي و ينبغى لكم فى الوقت نفسه أن تشقوا طريقكم إلى جماهير الكادحين و المشتثمَرين فى كل بلد من البلدان و أن تعلنوا لها باللغة التى تفهمها أنه لا سبيل إلى الخلاص غير سبيل إنتصار الثورة العالمية ، و أن البروليتاريا العالمية هي الحليف الوحيد لجميع جماهير الكادحين و لمئات الملايين من المستثمَرين من شعوب الشرق.
هذه هي القضية التى تواجهكم ، وهي قضية ذات أبعاد غير عادية ..." ( لينين، "حركة شعوب الشرق الوطنية التحررية" ص 361-366، دار التقدم ، موسكو، بالعربية) .
ولو أن الحزب الشيوعي الصيني حينذاك لم يتشكل بعد فإنه لما تأسس عمل طبعا كمنظمة ضمن الأممية الثالثة و وفق تلك التوجيهات التى تخص شيوعيي الشرق كافة. و الصين أحد البلدان التى تتجلى فيها بوضح المميزات التى ذكرها لينين :
-1- "الظروف الخاصة غير الموجودة فى بلدان أوروبا " ؛ "خصائص الصين هي أنها ليست دولة ديمقراطية مستقلة ، بل هي بلد شبه مستعمر و شبه إقطاعي لا يوجد فيه نظام ديمقراطي بل إضطهاد إقطاعي" (بكلمات ماو ).
-2-" فى ظروف يؤلف فيها الفلاحون الجمهور الرئيسي"؛ قوة الفلاحين هي القوة الرئيسية للثورة الصينية (بكلمات ماو).
-3-" تطرح فيها مهمة النضال لا ضد رأس المال "؛ حربة الثورة موجهة ضد الإمبريالية و الإقطاعية لا ضد الرأسمالية و الملكية الرأسمالية الخاصة (ماو تسى تونغ ، م2، ص451).
-4-" لا بد لكم أن تستندوا إلى القومية البرجوازية التى تستيقظ لدى هذه الشعوب و التى لا بد لها أن تستيقظ و التى لها مبرر تاريخي"؛" مهمة الثورة الصينية هي خوض ثورة وطنية و ثورة ديمقراطية " (ماو، نفس المصدر السابق).
-5- " لا سبيل إلى الخلاص غير سبيل إنتصار الثورة العالمية."؛" إن ثورة الديمقراطية الجديدة هذه جزء من الثورة الإشتراكية العالمية" (ماو ، نفس المصدر السابق).
ونهض الشيوعيون الصينيون و على رأسهم ماو بالمهمة التى دعا إليها لينين ، هذه المهمة "الأعظم و الأكثر جدة "، و " العسيرة ذات الطابع الخاص" و"وجدوا أشكالا خاصة " – حرب الشعب الطويلة الأمد و محاصرة الريف للمدينة و الأسلحة السحرية الثلاثة- ف"حلوا القضية ذات الأبعاد غير العادية " "بخبرتهم الخاصة ". و كانت "أطيب الثمرات " إنتصار الثورة الديمقراطية الجديدة التى خطت طريقا جديدا للثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات مثرية علم الثورة البروليتارية العالمية ثم جاءت الثورة الثقافية البروليتارية الكبري لتخط طريقة و وسيلة لمواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و من هنا تطورت الماركسية - اللينينية إلى مرحلة ثالثة جديدة و أرقى هي الماركسية- اللينينية - الماوية.
و كتب ستالين المقال الذى سنعتمد ونعرب أجزاءا منه ،"مستقبل الثورة الصينية " فى 30 نوفمبر 1926. فى الباب المفرد ل" طبيعة الثورة الصينية ". إثر التأكيد على أنها تختلف عن ثورة 1905 ( فما بالك بثورة أكتوبر ! )، متحدّثا عن خصوصيّات الثورة الصينية ، قال :
"- الخاصية الأولى تتمثل فى أن الثورة الصينية ثورة ديمقراطية برجوازية و فى الوقت نفسه ثورة تحرر وطني موجهة ضد الهيمنة الإمبريالية الغربية على الصين ...
- الخاصية الثانية للثورة الصينية تتمثل فى أن البرجوازية الوطنية الكبرى فى الصين ضعيفة جدا بل بلا مقارنة أكثر ضعفا من البرجوازية الروسية لفترة 1905 ... ينبغى أن يستقر دور المبادر و القائد للثورة الصينية ، دور قيادة الفلاحين الصينيين بالضرورة بأيدي البروليتاريا الصينية و حزبها .
- و لا يجب نسيان أن الخاصية الثالثة للثورة الصينية تتمثل فى أنه إلى جانب الصين يوجد و يتطور إتحاد سوفياتي بتجربته الثورية و بمساندته لا يمكنه إلا أن ييسر نضال البروليتاريا الصينية ضد الإمبريالية و ضد بقايا إقطاعية القرون الوسطى فى الصين . "
نلمس معا أن من هذه الميزات التى عددها ستالين ما تعيد تقريبا فى صيغة أخرى ما سبق و أن صرح به لينين و تأكد بما لا يدع مجالا للشك أنها ثورة من نوع جديد ، ثورة ديمقراطية جديدة كما سماها ماو تسى تونغ تختلف عن الثورات الديمقراطية البرجوازية السابقة و كذلك عن ثورة أكتوبر الإشتراكية وهو ما يشدّد على طمسه الدغماتحريفيون الخوجيون جميعا المفضوحون منهم و المتسترون و التروتسكيون.
ثم متطرّقا للجيش الثوري ، كتب ستالين :
" فى السابق ، فى القرون 18 و 19 ، كانت الثورات تتم بصفة عامة بإنتفاضة الشعب ، فى غالبيته دون أسلحة أو بقليل منها و الذى كان يواجه جيشا من النوع القديم كان يحاول [الشعب] حله أو على الأقل جلب جزء منه إلى جانبه . هذا هو الشكل الخاص بالإنفجارات الثورية فى الماضي. الشيئ ذاته حَصل فى روسيا 1905. وفى الصين أخذت الأشياء منحى آخر. فى الصين تكافح الثورة المسلحة ضد الثورة المضادة المسلحة . تلك هي إحدى خصائص الثورة الصينية و إحدى مميزاتها..."
و يواصل :
" حسنا الآن ، من ذلك يستنتج أنه على الشيوعيين فى الصين أن يعيروا إهتماما خاصا للعمل داخل الجيش. أولا على الشيوعيين أن يضاعفوا إلى أقصى حد العمل السياسي داخل الجيش و أن يتوصلوا إلى أن يغدو الحامل الحقيقي و الأمثل لأفكار الثورة الصينية ...و ثانيا ، على الثوريين الصينيين و من ضمنهم الشيوعيين أن يعملوا بكل ما أوتوا من جهد على دراسة الفن العسكري ".
"إن إستنتاج الرفيق ستالين هذا صحيح تماما" هكذا علق ماو تسى تونغ على ملاحظة الرفيق ستالين حول " فى الصين تكافح الثورة المسلحة ضد الثورة المضادة المسلحة " أما عن " على الثوريين الصينيين و من ضمنهم الشيوعيين أن يعملوا بكل ما أوتوا من جهد على دراسة الفن العسكري " فيأكد التاريخ أن هذه من أوكد المهام و المشاكل التى واجهها الحزب الشيوعي الصيني فى خوضه غمار الصراع الطبقي المسلح لأكثر من عشرين سنة دون إنقطاع وهي حالة فريدة من نوعها فى تاريخ الثورات خلال النصف الأول من القرن العشرين. و هذه المهمة العسيرة إضطرت بالفعل الماويين إلى دراسة فن الحرب تاريخيا و حسب " تجربتهم الخاصة " و "جاءت أطيب الثمرات " أعمالا لامعة أثرى بها ماو تسى تونغ الخط العسكري البروليتاري ومن أهم مؤلفات ماو بهذا المضمار " قضايا الإستراتيجيا فى الحرب الثورية الصينية " و " قضايا الإستراتيجيا فى حرب العصابات المناهضة لليابان "و " حول الحرب الطويلة الأمد " و " قضايا الحرب و الإستراتيجيا ".
و فى الباب الموالي، كتب ستالين بصدد "طبيعة السلطة المستقبلية فى الصين " :
" - لا يمكن للسلطة الثورية المستقبلية فى الصين أن تكون سوى سلطة معادية للإمبريالية.
- أعتقد أنه نظرا لطابعها سيظل للسلطة الثورية المستقبلية فى الصين شبه عامة مع السلطة التى أقيمت فى بلادنا فى 1905 بمعنى أن تكون نوعا من الدكتاتورية الديمقراطية للبروليتاريا و الفلاحين مع إختلاف أولي هو أنها ستكون سلطة معادية للإمبريالية .
- ستكون سلطة إنتقالية نحو تطور غير رأسمالي أو بأكثر دقة نحو تطور إشتراكي للصين ".
لاحظتم معنا و لا شك تشديد ستالين على أنها ستكون سلطة معادية للإمبريالية و أن التطور اللاحق ،غير الرأسمالي سيكون نحو الإشتراكية مما يعنى و عنى فعلا و تاريخيا أن مهمة النضال ليست فى المرحلة الديمقراطية الجديدة ضد رأس المال الوطني ، خاصة و أن ستالين فى فترة معينة عمليا شجع على التحالف مع البرجوازية الوطنية الممثلة فى الكومنتانغ و قال "سيكون خطأ كبيرا أن يغادر الشيوعيون حاليا الكومنتنغ". و فى خضم الحرب الأهلية و حرب التحررالوطني و إنطلاقا من التجربة العملية و النظرية ، طور ماوتسى تونغ تلك الأطروحات الأولية لكل من لينين و ستالين فى العشرينات فأثمر بالأساس مؤلفات ثلاث ذات قيمة تاريخية بهذا الصدد هي "الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني -1939 " و " حول الديمقراطية الجديدة -1940" و " حول الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية -1949".
و ينهى ستالين مقاله ب" بعض الإستنتاجات " :
" يجب الأخذ بعين الإعتبار أيضا أفق تأميم المصانع الأهم . هكذا يطرح قبل كل شيئ تأميم المؤسسات التى تمتاز بمعارضتها و عدائها للشعب الصيني. يجب دفع مسألة الفلاحين دامجين إياها مع مستقبل الثورة الصينية. وأعتقد أنه يتعين التوجه بإختصار نحو مصادرة أراضي الإقطاعيين لصالح الفلاحين و نحو تأميم الأرض ...".
و التاريخ شاهد على أن الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ أمم المصانع الأهم و حولها إلى قطاع عام سواء فى المناطق المحررة أو فى البلاد بأسرها حين إفتك السلطة ( أمم مؤسسات البرجوازية الكمبرادورية ، المعارضة للشعب الصيني و عدوته، حسب ستالين) و صادر "أراضي الإقطاعيين" ليوزعها على الفلاحين الفقراء و أمم أراضي جعلها تعاونيات فلاحية أو تابعة للدولة إلخ تمهيدا للمرور إلى التحويل الإشتركي الذى دشن منذ 1953 ...( أنظروا : " بناء الإشتراكية فى الصين " لشارل بتلهايم ، بالفرنسية ، نشر مسبيرو، باريس 1972 ).
وغدت الثورة الديمقراطية الجديدة المظفرة فى الصين نموذجا للثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات :
" الثورة الديمقراطية البرجوازية الجارية حاليا فى الصين ، ليست ثورة ديمقراطية برجوازية من الطراز القديم و العام ، إذ أن هذا الطراز من الثورة قد فات أوانه ، بل هي ثورة ديمقراطية برجوازية من طراز جديد و خاص. و يأخذ هذا الطراز من الثورة فى النهوض حاليا فى الصين و فى كافة البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة الأخرى ، و نحن نسميه ثورة الديمقراطية الجديدة. إن ثورة الديمقراطية الجديدة هذه جزء من الثورة الإشتراكية البروليتارية العالمية ." ( ماو تسى تونغ ، ديسمبر 1939 ،"الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني " ، م 2، ص451).
صائب هو تحليل ماوتسى تونغ للواقع و ثاقبة هي نظرته للتطورات المستقبلية للثورة البروليتارية العالمية. و بالفعل إنتصرت الثورة الديمقراطية الجديدة الصينية و ركزت دولة من نمط إنتقالي جديد نحو التحول الإشتركي كجزء من الثورة العالمية. وأكثر من ذلك شكلت الثورة الديمقراطية الجديدة ممارسة و تنظيرا سياسيا و عسكريا نموذجا إحتذت به عموما الثورة فى كل من ألبانيا و كوريا و الفتنام و كوبا ( رغم ما يمكن أن نوجهه من نقد ماوي لهذه التجارب التى لم ترتق إلى مستوى التجربة الماوية فى الصين ).و اليوم ، فى القرن الواحد والعشرين، بينما تتخبط الخوجية التى إفتضح أمرها عالميا كدغماتحريفية فى الوحل ، تتألق من جديد ، فى حيوية باهرة الماركسية - اللينينية - الماوية مغيرة الواقع ثوريا وقائدة أهم الثورات الموجهة حقا لأشد الضربات إيلاما للإمبريالية العالمية و الرجعية المحلية فى كل من آسيا : الهند و الفليبين و أمريكا اللاتينية :البيرو ... ورافعة راية عالم آخر ممكن ، عالم شيوعي .
لذلك قال هوشي منه سنة 1951:" لنا فى الإنسانية شقيقان و صديقان كبيران فائقا الإحترام و لهما نظر ثاقب هما الرفيق ستالين و الرفيق ماوتسىتونغ ". (" مختارات حرب التحرير الفتنامية "، الصفحة 346-347 ، دار الطليعة ، بيروت).


الفصل الثاني
النظرية البلشفية / الخوجية للثورة فى أشباه المستعمرات دغمائية تحريفية :
===============================================
كالببّغاء يكرّر البلشفي / الخوجي و من لفّ لفّه أطروحات أنور خوجا المطوّرة فى " الإمبريالية و الثورة " و فى "ملاحظات حول الصين" ليس فقط بشأن الثورة فى الصين و التهجّم على ماو تسى تونغ لكن أيضا بصورة عامّة بشأن الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات.
1- مزيدا عن البرجوازية الوطنية :
كالقرص المشروخ ، يردّد " البلشفي/ الخوجي" بهذا الصدد أيضا الترهات الخوجية المستقاة من أنور خوجا و التى أوردها قبله محمّد الكيلاني فى " الماوية معادية للشيوعية" و قد وقع فضح إنتهازيته فى العدد الخامس من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية" و أوردها من بعده " الوطد" فى " هل يمكن ...؟" و عمليةّ الدراسة المتأنّية لوثيقة "الوطد" و فضحها جارية على قدم و ساق و قد صدرت عنها نصوص متعلّقة بالمقارنة بين ماو و ستالين فى العدد الخاص بمسألة ستالين و بالثورة الثقافية و بتمهيد ما سمّوه " بحثا ".
و من يطالع ما دبّجه البلشفي / الخوجي فى نصوصه المنشورة على موقع الحوار المتمدّن يستشفّ أنّ هذا الخوجي المتستّر الآخر بالكاد يعترف بوجود برجوازية وطنية فى النقطة 6 من " موضوعات حول الإنتهازية..." و يجرّم التحالف معها فى مرحلة معيّنة و يعدّه كبيرة من الكبائر ، جريمة لا تغتفر وهو يستهزأ من محمّد علي الماوي فى "خطّتان.." قائلا و" لعلّ السيد الماوي سيطرح علينا لاحقا التحالف معهم بإعتبارهم برجوازية وطنية "؟؟ فى حين أن من يتفحّص ما كتبه محمّد علي الماوي يجد أنّه لا يشير لا من قريب و لا من بعيد إلى البرجوازية الوطنية بل يصبّ الإهتمام على البرجوازية الكمبرادورية و ماويّا هذه البرجوازية الكمبرادورية أحد أهداف الثورة بمعنى عدوّة للثورة و لا يمكن التحالف معها بتاتا أمّا البرجوازية الوطنية فى الصين فوجدت و جرى التحالف معها فى فترات معيّنة و ظروف معيّنة و ليعلم الدغمائي التحريفي الخوجي أنّ لينين و ستالين قد نظّرا لهذا التحالف مثلما رأينا و تمّ التحالف فى الصين فى العشرينات تحت إشراف ستالين و الأممية الشيوعية و بإقتراح منهما. و هذا موثّق فى كتابات ستالين عن الصين و فى قرارات مؤتمرات الأممية الثالثة و إصداراتها.
و قد كرّس ستالين و ماو تسى تونغ ما كان لينين صاغه كتوّجه عام فى هذا المضمار :
" و الإنتصار على عدو أشدّ بأسا لا يمكن إلاّ ببذل أقصى الجهد ، و لا بدّ أثناء ذلك، من الإستفادة كلّ الإستفادة ، و بمنتهى الإهتمام و اليقظة، من أي " صدع " فيما بين الأعداء مهما كان ضئيلا، و من أي تناقض فى المصالح بين برجوازية مختلف البلدان ، و بين مختلف الزمر و الفئات البرجوازية فى داخل كلّ بلد ، و كذلك من الإستفادة من أية إمكانية ، مهما كانت ضئيلة ، لكسب حليف جماهيري، و ليكن حليفا مؤقتا و متذبذبا و مزعزعا، و لا يركن إليه و بشروط. و من لم يفهم هذا الأمر ، فهو لم يفهم و لا حرفا واحدا فى الماركسية و فى الإشتراكية العلمية الحديثة بوج عام .و من لم يثبت عمليّا ، خلال مدة طويلة نسبيّا و فى أوضاع سياسية متنوّعة نسبيّا ، قدرته على تطبيق هذه الحقيقة فى العمل، فإنه لم يتعلّم بعد كيف يساعد الطبقة الثورية فى نضالها من أجل تحرير البشرية الكادحة جميعها من الإستثماريين. إنّ ما أوردته ينطبق بدرجة واحدة على عهد ما قبل و ما بعد إستيلاء البروليتاريا على السلطة السياسية ".( لينين " مرض " اليسارية" الطفولي فى الشيوعية"، فقرة " لا مساومة أبدا").
هنا أيضا يقتفى الخوجيون المفضوحون منهم و المتستّرون بأصنافهم لا خطى لينيني بل خطى التروتسكية فتروتسكي هو من رفض هذا التحالف و رفض جبهة الطبقات الأربعة .
ناقدا مشروع برنامج الأممية الشيوعية التى نعتها بالأممية الفلاحية ، فى" تقييم و آفاق الثورة الصينية "(ليون تروتسكي، دار الطليعة ، بيروت 1975) و تحديدا فى الفقرة " حول طبيعة البورجوازية الوطنية فى المستعمرات" أعرب تروتسكي عن " عدم الإعتقاد فى أي لحظة من اللحظات بأن البرجوازية قادرة على شنّ صراع حقيقي ضد الإمبريالية " و يواصل تحليله إلى أن يبلغ " و الحقيقة أنّ نظرية ستالين – بوخارين الجديدة الخاطئة حول (وجود) الروح الثورية التى تملكها البورجوازية الوطنية فى المستعمرات عبارة عن منشفية مترجمة إلى اللغة السياسية الصينية، وهي تسعى لتجعل من موقف الصين المضطهَدَة مكافأة سياسية تستغلّها البورجوازية الصينية ، و تلقي فى كفة الميزان لصالح البورجوازية وزنا إضافيّا يضرّ بموقف البروليتاريا الصينية المسحوقة بشكل مضاعف ".
و إنطلق تروتسكي فى فقرة " مراحل الثورة الصينية " بالجملة التالية :" كانت المرحلة الأولى بالنسبة للكيومنتانغ مرحلة سيطرة البرجوازية الوطنية تحت الشعار التبريري " كتلة الطبقات الأربع"." و اليوم تدوّى هذه الأقوال التروتسكية على لسان "بلشفي" قشرة و خوجي قالبا. من تروتسكي نهل خوجا و جاء الخوجيون المفضوحون منهم و المتستّرون بأصنافهم ليشربوا من ماء خوجا و النتيجة هي أنهم وهم يتبجّحون بمحاولات النيل من ماو تسى تونغ يطعنون مباشرة ستالين فى الظهر و يغدرون به !
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
2- طبيعة المجتمع و طبيعة الثورة :
بادئ ذى بدء سنشير إلى أنّ تهمة البلشفي / الخوجي للماويين بأنّهم " ضد قيادتها للثورة في المستعمرات وأشباه المستعمرات"( نصّ " ضد التصفوية الماوية... " ) تترجم عن الجوهر الخوجي للجماعة وعن ذكاء متقد و رؤية نافذة أيما نفاذ لديه ! كيف ذلك و الحال أنّ الماويين حول العالم يقودون حروبا شعبية من القوّة بحيث فرضت على وسائل الإعلام البرجوازية و الرجعية وجودها ؟ كيف ذلك و التاريخ يشهد بأنّ الثورة الصينية قادها إلى الظفر الحزب الشيوعي الصيني؟ و ننتقل بسرعة الضوء إلى مارس 1926 و أوّل كتابات ماو تسى تونغ لكون كتاباته التالية تزخر بعشرات الجمل الكفيلة بتكذيب البلشفي / الخوجي ولا تخلو من إعادة التأكيد بصيغ أخرى لهذا القول الذى طبقه عمليّا فى الصين فحقّق الظفر للثورة الديمقراطية الجديدة و بناء الإشتراكية :" لا يمكن للثورة الصينية أن تنتصر بدون الطبقة العاملة الصناعية الحديثة ، لأنها قائدة الثورة الصينية و أكثر الطبقات ثورية" (المجلد الأول من مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة ؛" تحليل لطبقات المجتمع الصيني "- مارس 1926).
و من اللافت أنّ البلشفي / الخوجي و جماعته يعتمدون هنا أيضا على ما ورد فى " الإمبريالية و الثورة " لأنور خوجا فهو لا يتبنّى التحليل الماوي لأشباه المستعمرات – إنطلاقا من تحاليل لينين و ستالين و الأممية الثالثة و من الواقع الصيني المعيش- على أنّها مجتمعات شبه مستعمرة شبه إقطاعية وهو التحليل الذى تبنّته فى الأساس ، أحبّ من أحبّ و كره من كره، المجموعات الوطنية الديمقراطية المدافعة جميعها عن " شبه شبه".
بالنسبة للبلاشفة / الخوجيين ، وفقا للنصّ الأوّل للبلشفي/ الخوجي على الأنترنت ، موقع الحوار المتمدّن بتاريخ 1 أفريل 2011 حسب تاريخ الصدور فى الموقع إيّاه :
"وينبغي البحث في طبيعة علاقات الإنتاج السّائدة في تونس بوصفها شبه مستعمرة رأسمالية تسودها طبقة البرجوازية الكمبرادورية المتحالفة والمرتبطة عضويا بالمؤسسات والإحتكارات الإمبريالية."
و فى " خطّتان..." ، نجده يتحدّث عن " النظام شبه الإستعماري البوليسي" و عن " النهب شبه الإستعماري و الإستغلال الرأسمالي الوحشي" و فى " حول ملتقى السبعة أحزاب"، عن " الإستغلال الرأسمالي شبه الإستعماري؛ و البديل هو " الدولة الديمقراطية المعادية للإمبريالية " و " الثورة الديمقراطية المعادية للإمبريالية فى الوطن العربي" ( فى " حول مغزى ثورة 14 جانفي" ) .
و مباشرة نستعير من محمّد علي الماوي ردّه على هكذا خزعبلات دغمائية تحريفية خوجية فى نصّه "ردّا على مقال..." :
" لمست خلافات جوهرية على المستوى الخط الاستراتيجي تتعلق بمفهوم طبيعة المجتمع في تونس- وفي بقية الاقطار العربية- وطبيعة الثورة الوطنية الديمقراطية.
1-المستوى الاستراتيجي
يكشف عنوان النص الخلط الواضح بين الاستراتيجيا والتكتيك رغم العلاقة الجدلية بين المستويين.فإستراتيجية "تجميل النظام شبه الاستعماري" تعني اختيار نهج المصالحة الوطنية والوفاق الطبقي ونظرية التحول السلمي في حين "القضاء على النظام" يعني تبني استراتيجية الثورة. فالامر اذن يتعلق بمسائل استراتيجية وليست تكتيكية كما ورد في النص(خطة:تكتيك) ولكل استرايجيا تكتيكاتها الخاصة :فإستراتيجية "تجميل النظام" تتطلب النضال السلمي والتواجد كطرف اجتماعي في شكل احزاب او جبهات يساهم في ادارة ازمة النظام الامبريالي عن طريق التداول على السلطة وصندوق الاقتراع,ويتبنى الكاتب مثل هذه الاطروحات بما انه مندمج في جبهة 14 الانتهازية, اما استراتيجية الثورة فهي تتطلب وجود الادوات الثلاث –الحزب والجبهة والجيش-من اجل اقامة السلطة الديمقراطية الشعبية بقيادة بروليتارية متحالفة مع باقي الطبقات الشعبية.
ويطرح هذا الخلط بين الاستراتيجيا والتكتيك خلافنا حول طبيعة المجتمع في تونس او حول ما اسماه الكاتب "طبيعة نظام بن علي"فقد اكتفى الكاتب بذكر" النظام شبه الاستعماري البوليسي"وهنا خلط الكاتب من جديد بين طبيعة الدولة وبين شكل السلطة والتي هي بوليسية عسكرية وليست بوليسية فقط.
ان تحديد المجتمع كمجتمع شبه مستعمر فقط يعني بالضرورة ان هناك تناقض واحد ووحيد يشق المجتمع بما ان بعض الاطراف المنتمية الى النزعة التروتسكية او الدغماتحريفية (بما في ذلك الاوطاد-أصدقاء الكاتب- و"البلاشفة الجدد")لاتعترف بوجود تناقضين اساسيين يشقان المجتمع شبه مستعمر وشبه اقطاعي ويتولد عن هذين التناقضين حسم المسألة الوطنية والمسألة الديمقراطية وقد طبع هذا الصراع علاقة الم الل الماويين مع بقية الاطراف منذ بداية السبعينات بل ان الحركة الماركسية اللينينية تأسست على هذه الارضية عربيا وعالميا (انظر حقيقة حزب العمال الش التونسي-قراءة في بدائل اليسار-في الثورة الوطنية الديمقراطية –والاوطاد والانحراف الدغمائي التحريفي – ماو في مواجهة منتقديه – بعض النقد لنقاد ماو... -الحوار المتمدن-)

ان الثورة الوطنية الديمقراطية مفهوم علمي افرزته تناقضات معينة قد حدتتها الاممية من قبل ثم وقعت بلورتها اثر عدة تجارب تميزت بنفس الواقع رغم الخصوصيات:"لقد كانت الثورة الوطنية الديمقراطية:1)ثورة معادية للامبريالية بما انها حررت الشعوب الرازحة تحت النير الامبريالي وأعطتهم الاستقلال الوطني, كما كانت 2) ثورة معادية للاقطاع بما انها قضت على بقايا الاقطاعية والقنانة في الاقتصاد وفي النظام السياسي "ان الثورة المعادية للامبريالية والاقطاع ثورة برجوازية ديمقراطية من نوع جديد" (ص 627- كتاب الاقتصاد السياسي)
فلا يمكن اذن اعتبار الثورة الوطنية الديمقراطية التي اصبحت جزء لا يتجزأ من الثورة الاشتراكية منذ انتصار ثورة اكتوبر لا يمكن اعتبارها بدعة صينية كما يحاول البعض تقديمها وبالتالي ضربها تحت غطاء محاربة المفهوم "الماوي" لهذه الثورة وبضرب "الديمقراطية الجديدة" لماو فانه يقع ضرب الفكر الماركسي اللينيني في الصميم وطمس القوانين الموضوعية التي تحكم مجتمعات الزراعية المتخلفة.
يحكم هذه المجتمعات التي ترزح تحت النير الامبريالي والاضطهاد الاقطاعي لجماهير الشعب, تناقضان اساسيان لا مجال لفسخهما بجرة قلم :التناقض بين الامبريالية وحلفائها المحليين من جهة وبين الشعب من جهة اخرى ثم التناقض بين الملاكين الاقطاعيين من جهة والجماهير الشعبية وتحديدا جماهير الفلاحين من جهة ثانية وتمثل الثورة الوطنية الديمقراطية بقيادة بروليتارية البديل الوحيد لحسم هذين التناقضين

وهكذا لم يات الطرح الوطني الديمقراطي اذن كنتيجة لنسخ التجربة الصينية او الالبانية او الفيتنامية الخ...فهو نتاج لتوجهات عامة للحركة الشيوعية ولمقررات الاممية الثالثة كما انه نتاج لدراسة طبيعة المجتمع انطلاقا من الاحصائيات الرسمية واحصائيات المعاهد غير الحكومية وخاصة انطلاقا من تحقيقات ميدانية على مستوى القطر وليس على مستوى ولاية الكاف كما يدعي محمد الكيلاني-الحزب الاشتراكي اليساري-لا أعتقد ان الكاتب يجهل دراسة "تحديد طبيعة المجتمع في الوطن العربي" كما لاأعتقد ان الكاتب يجهل صراع الخط الماوي ضد التروتسكية والتحريفية لانه صراع دار في الصحف الرسمية بين ممثلي حزب العمال وممثلي الخط الماوي آنذاك .
لكن الكاتب يجهل بالتأكيد ان الماوية هي التي كشفت الاسس الايديولوجية والسياسية للتحريفية المعاصرة وهي التي اشرفت على بعث الحركة الم. الل.(مئات النصوص والدراسات تثبت ذلك وبإمكاني توفيرها للسيد الحديدي)
ان طرح الثورة الوطنية الديمقراطية وبلورة التكتيكات المناسبة من اجل انجازها يرجع الى بداية السبعينات وقد أكد الم الل الماويون آنذاك على ضرورة ايجاد الحزب الشيوعي كشرط اولي لتنظيم الجماهير لان وجود الحزب البرولتاري هو الضامن الوحيد لاستقلالية القرار الشعبي. وبالرغم من اهمية الحزب او المنظمة الثورية المحترفة كما يقول لينين في ما العمل فان صاحب المقال لم يتعرض بتاتا الى هذه المسألة في المحاور العملية التي طرحها والتي اقتصرت على مسائل نقابية وتوزيع مناشير وكأن الخط يعيش فترة السبعينات أي في بدايته,وهو ما سنتعرض اليه في الجانب التكتيكي.
ليس للكاتب اية فكرة عن استراتيجية افتكاك السلطة في اشباه المستعمرات. ان المسألة ليست قضية هواة يتعاطون السياسة بالمناسبات او يكتفون بالعمل في صلب الجمعيات والنقابات. فالمسالة الاساسية والجوهرية تتعلق بالاعداد الى حرب الشعب في مواجهة الامبريالية وعملائها.وقد دللت الانتفاضة على ان العنف الرجعي سيواجه العنف الجماهيري والعنف الثوري.هذا ما غاب على كاتب النص وما اهمله هو جوهر الصراع الطبقي لان الصراع الطبقي يؤدي حتما الى العنف الثوري في مواجهة العنف الرجعي.فلا يمكن "القضاء على النظام"كما يقول الكاتب دون العنف الثوري, ولايمكن القضاء على النظام "بترسيخ الوعي النقابي"كما يقول الكاتب.
يجهل الكاتب تماما استراتيجية الثورة الوطنية الديمقراطية ويتجاهل مقولة "السلطة السياسية تنبع من فوهة البندقية" فلينظر الى تاريخ الثورات الوطنية الديمقراطية وليعلم ان تونس يجب تحريرها شبرا شبرا في صراع مرير تتعلم من خلاله الجماهير حرب الشعب وتفرز قيادتها الميدانية وتتقدم تدريجيا نحو قلب موازين القوى الى ان تبلغ مرحلة الهجوم الاستراتيجي ومحاصرة المدن واخذ السلطة السياسية بعد ان كانت قد ركزتها في اغلب المناطق المحررة عبر عمليات الكر والفر.
غير ان الكاتب يكتفي بذكر شعارات عامة مثل "تحطيم جهاز الدولة الكمبرادوري شبه الاستعماري..."دون توضيح كيف يمكن تحطيم هذا الجهاز وكيف يمكن القيام بالثورة واذا حاولنا فهم ذلك فيمكن الاستنتاج ان الثورة تتم عبر "تجذير النضال الجماهيري" و"الالتحام بالجماهير وحمايتها من تأثير القوى الرجعية..."و"ترسيخ الوعي النقابي"...ولاأحد يعارض مثل هذه الشعارت التي تكشف محدودية الفهم السياسي لواقع الصراع الطبقي.
لقد اثبتت النظرية-فكر الطبقة العاملة- من جهة والممارسة العملية من جهة ثانية انه لايمكن القيام بالثورة دون بلوغ الصراع الطبقي ارقى اشكاله أي العنف الثوري كما اثبتت الانتفاضات في الاقطار العربية هذه الحقيقة واثبتت كذلك ان طبيعة القيادة محددة في انجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية المتحولة الى الاشتراكية فالشيوعية.

يتجاهل الكاتب هذه المسائل الجوهرية المتعلقة" بالقضاء على النظام" كما يقول ويكتفي "بترسيخ الوعي النقابي" ودعم الاضرابات والاعتصامات وتوزيع المناشير" الخ...وهي اشكال نضال ضرورية يستوجب اعتمادها عندما تتطلب الظروف ذلك.(انظر اشكال النضال والتنظيم في الحوار المتمدن)
ان الخلاف مع الكاتب واضح في مستوى تحليل طبيعة المجتمع وفي تحديد التناقضات التي تشق المجتمع العربي وفي مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية وخاصة في مفهوم الديمقراطية وعلاقتها بتصفية بقايا الاقطاع وانجاز الاصلاح الزراعي.كما اختلف بالتاكيد مع الكاتب حول مفهوم التناقض وتحديدا الفرق بين التناقض الاساسي والذي يمكن ان يكون اساسي ورئيسي وبين التناقض الرئيسي والثانوي.فهناك دوما تناقض رئيسي واحد لكن يمكن الحديث عن تناقضين اساسيين او عن ثلاث تناقضات اساسية مثلما هو الحال في العالم حاليا(التناقض بين الامبريالية وعمال العالم وشعوبه واممه المضطهدة-التناقض بين البرجوازية والبرولتاريا في البلدان الراسمالية والمسماة زيفا اشتراكية-والتناقض فيما بين الدول الامبريالية وبين الاحتكارات في صلب البلد الواحد) ولعلم الكاتب فان هذه التناقضات التي تطبع عصرنا تتجمع في اشباه المستعمرات لذلك اقول ان هذه البلدان تظل مناطق الزوابع الثورية.
2- المستوى التكتيكي
يقول الكاتب "تعتبر ثورة 14 جانفي,أو كما يفضل بعض الرفاق انتفاضة 14 جانفي"انا لا أفضل انتفاضة بل أفضل ثورة لكنها ليست ثورة مع الاسف انها انتفاضة اما الاصرار على تسميتها ثورة فذلك يدل على اختلافنا حول مفهوم ثورة ,فهل تغير النظام وهل وقع القضاء على الطبقات الحاكمة لنتحدث عن ثورة ؟
ان موقف الماويين واضح من هذه الانتفاضة –انظر نص "إنتفاضة الحرية والكرامة" -الحوار المتمدن-كما ان تحليلنا لواقع السلطة والتصدع الذي حصل في صلبها من جراء الانتفاضة واضح كذلك( انظر التناقضات التي افرزتها الانتفاضة) .ان القول بان طبقة الكمبرادور شهدت بعض التصدع وان الانتفاضة هزت اركان العائلة المالكة لايعني البتة كما ذهب الى ذلك الكاتب ان طبقة الكمبرادور تقتصر على بن علي والطرابلسية-وهنا يخلط الكاتب بين الشريحة والطبقة- بل ان المتضرر الاول هو بن علي وحاشيته ولعلم الكاتب فان اجهزة الدولة الحالية لم تصادر املاك شرائح الكمبرادور المتبقية بل ان الامبريالية تحاول تلميع وجوه الكمبرادور وتقديمهم كبديل لبن علي وعائلته لان الائتلاف الطبقي لايزال في السلطة وقد وقع تعزيزه بقدوم باجي قائد السبسي الذي يحضى بدعم الامبريالية الفرنسية والامريكية.وفي هذا الاطار لابد من التاكيد على ان الخلاف قائم مع صاحب النص حول مفهوم التناقضات في صلب الاعداء وقد يكون الحال كذلك في صلب الاصدقاء بحيث تختلط الامور على الكاتب ولم يعد يفرق بين الصديق والعدو وقد سبق له في الممارسة اليومية ان حارب الصديق وتحالف مع العدو(البيروقراطية النقابية مثلا)
لقد بين نص التناقضات التي افرزتها الانتفاضة بايجاز التناقضات في صلب الاعداء من جهة وفي صلب الشعب من جهة ثانية وقد أول صاحب النص التناقضات في صلب الاعداء كما اراد وكان تاويله خاطئا ويستوجب بعض التوضيح لرفع اللبس .
فجرت الانتفاضة تناقضات قوى الثورة المضادة والتي يمكن تصنيفها كالاتي:الكمبرادور –الاقطاع-وكل الشرائح البيروقراطية الخادمة لمصالح هذا الائتلاف الطبقي.ففي صلب الكمبرادور نجد بعض التناقضات وهي تناقضات مصالح مرتبطة بهذا الاحتكار او ذاك في اطار الصراع من اجل السوق او" التنافس الحر" كما يحلو للبعض تسميته.كما نجد تناقضات تشق ملاكي الاراضي الكبار في علاقة بالبنوك والاستثمار وفي علاقة بالتسويق والتصدير الخ...ودون الدخول في جزئيات التناقضات فان الانتفاضة عزلت عائلة بن علي والطرابلسية اساسا وظل الاخرون في امان بل استغل الكمبرادور هذه الوضعية للظهور كضحية واعادة الاعتبار لمجهوداته في "دعم الاقتصاد" ونخص بالذكر الحركة الحالية المتعلقة باعادة هيكلة اتحاد الاعراف والصراع الذي يشقه.
كما فجرت الانتفاضة التناقضات بين الجيش والبوليس وفي صلب الجيش ووزارة الداخلية بحيث يحاول كل شق في هذه الاجهزة القمعية تحميل الشق الاخر تبعات الانتفاضة وتقديم نفسه كبديل فهناك من يرفض تحميل البوليس جرائم القتل ومتابعة المجرمين ويعمل على اخراج المجرمين بالقوة من السجون وهناك من يريد معاقبة من اجرم في حق الشعب لتلميع وجهه وايجاد موقع في الادارة القادمة.
وشملت هذه التناقضات حزب التجمع الذي وقف وراء بعض الاضرابات وهو أمر غاب على كاتب النص الذي
يقولني ما لم يقله النص فلم يعتبر النص بتاتا ان "الاضرابات هي من صنع النظام الرجعي"كما ادعى الكاتب الذي طمس عمدا الفقرة المتعلقة بالاضرابات وبنضال الطبقة العاملة- وذلك بنية التشويه- ونورد منها ما يلي:" لقد ساهم العمال بشكل مميز في دعم الانتفاضة فكان الإضراب العام الذي قرره الاتحاد العام التونسي للشغل ورغم ما شاب هذا القرار من لبس وتحوله إلى إضرابات جهوية بالتناوب فان بعض الجهات أصرت على تنفيذه يوم 14 جانفي ، والى جانب الإضرابات العمالية الجهوية كانت الإضرابات القطاعية بارزة في الانخراط في الانتفاضة وشملت هذه الإضرابات جل القطاعات التي تشكو من العديد من المشاكل مثل التعليم الثانوي والأساسي . وقد خيل للبعض أن الفلاحين كانوا على هامش الانتفاضة في حين أن جهة الرقاب والمكناسي بولاية سيدي بوزيد مثلا تعاني منذ سنوات من سياسة افتكاك الأراضي ومنحها للسماسرة والمقربين للسلطة وقد نظم الفلاحون هناك عدة مسيرات احتجاجية واعتصامات ، كما أن المنتفضين في الأرياف هم في الحقيقة أبناء الفلاحين الفقراء في ولايات القصرين وبوزيد والكاف وغيرها...أما البرجوازية الصغيرة فقد ساهمت هي الأخرى عن طريق الإضرابات الاحتجاجية المساندة للانتفاضة (الأساتذة والمعلمين وقطاع الصحة والبريد ...)
يكمن جوهر الخلاف في عدم فهم التناقضات التي تشق الاعداء من جهة والتناقضات التي تطبع القوى الثورية من جهة ثانية ويترتب عن هذا الاختلاف اختلاف في تحديد الخطط العملية او السلوك السياسي في التحرك وكيفية ضبط التحالفات وتحديد اشكال النضال والتنظيم.ان غياب الوضوح لدى الكاتب جعله يتذبذب في الممارسة العملية فهو يردد الشعارات الجوفاء ويعقد التحالفت مع اكثر العناصر انتهازية.
لقد اتضح حسب الكاتب اننا نختلف حول مفهوم الوطنية والنضال الوطني وكيفية التعامل مع الاطراف التي تعتبر نفسها وطنية لكنها تتعامل سياسيا وتنظيميا مع اجهزة الدولة ومع النظام ككل.كما نختلف في مفهوم الديمقراطية ففي حين يعتبر الكاتب هذا المفهوم يقتصر على الحريات العامة مثله مثل التروتسكية والعائلة الوطنية فان الماوية تعتبر المسالة الديمقراطية مسألة الفلاحين اساسا وقضية تحرير المرأة واطلاق الحريات العامة والفردية كما لاتعتبر هذه الشعارات مجرد شعارات تعبوية كما ورد ذلك في النص وكما يروج لذلك الاوطاد عامة بل شعارات مطروحة في البرنامج السياسي المرحلي للشيوعيين يستوجب تدريب الجماهير على افتكاكها وممارستها وقد بينت الانتفاضة ان ذلك ممكن بما ان الجماهير تحدت الاجهزة القمعية وفرضت التظاهرات والاعتصامات والاضرابات والمسيرات الخ...

وفي الختام اقول ان خطة التيار الماوي كانت واضحة منذ اندلاع الانتفاضة وهي تتلخص في النداءات التي وقع توجيهها الى الشعب -6 نداءات- والى تحليلها لتركيبة جبهة 14 جانفي ومجلس حماية الثورة والهيئة العليا... وطرحت منذ البداية ايجاد اطر من اجل حماية الانتفاضة وخاضت صراعا في صلب لجان "حماية الثورة" ضد تواجد الاخوانجية وتواجد الدساترة" ونادت بضرورة استقلاية الاطر التنظيمية عن الدساترة وعن الاخوانجية وكل الوثائق موجودة لاثبات ذلك غير ان قيادات اليسار الانتهازي سارعت بالتعامل منذ البداية مع حكومة الغنوشي وفيما بعد التطبيع التام مع حكومة باجي قائد السبسي خاصة بعد ان زكت البيروقراطية النقابية هذا التمشي وانخرط الكاتب واصحابه في هذا التمشي رغم المزايدات الكلامية.
حاول الشيوعيون بالطاقات الموجودة خوض الصراع من اجل تأسيس يسار مناضل ومستقل غير ان موازين القوى لم تكن في صالح القوى الثورية وتموقعت قيادات اليسار في خندق الاطر المنصبة وقبلت بالتنصيب وجلست جنبا الى جنب مع الاخوانجي والدستوري والبيروقراطي و"الليبرالي". وان كان السيد الحديدي معنيا باليسار المناضل فان الساحة واسعة وان الجماهير الكادحة في حاجة الى طاقتنا مجمعه لا مشتتة.
20 -04- 2011 تونس

ملاحظات إضافية:
بعد قراءة نص "مغزى ثورة 14" لنفس الكاتب, اود ابداء الملاحظات التالية:
1- يبدو ان السيد الحديدي لا يطلع على ما يقع نشره من مواقف بما انه يدعي في نصه ان هناك غياب لتحليل طبقي فهل قرا كل ما كتب على الانتفاضة؟ لاشك انه قد يكون قرأ بعض النصوص لكنه لايعتبرها معبرة عن افكاره. اود التأكيد للسيد الحديدي اني اعتبر ما حصل في تونس مجرد انتفاضة وهو يصر على تسميتها ثورة 14 وهنا يكمن الفرق الشاسع بين مفهوم الانتفاضة العفوية والثورة التي تقضي كما يقول على اجهزة الدولة.
2- انا اختلف كليا مع السيد الحديدي فيما يخص طبيعة المجتمع وطبيعة الثورة وقد لمست ذلك في نصه مغزى ثورة 14 وفي نصه الثاني" خطتان :تجميل النظام شبه الاستعماري ام القضاء عليه" فهو حسب ماورد في نصه يتبنى الطرح الدغمائي التحريفي من جهة ويمارس عمليا النقابوية من جهة ثانية .
3- اعتقد ان السيد الحديدي لم يحسم امره بعد وهو يظل متذبذبا بين هذه القوى وتلك فهو احيانا يعتبرها ثورية واحيانا اخرى ينعتها بالمساومة ...فهو يدعي ان القوى الثالثة التي وقع تصنيفها في نصه مغزى ثورة "14تعمل على تجذير الثورة والوصول بها الى هدف القضاء على اجهزة النظام"وفي مواقع اخرى يقول ان نفس القوى تساوم مع البيروقراطية الخ...وهو من جهة اخرى يدعم جبهة 14 الانتهازية وكل القوى المنتمية اليها.وللتذكير اقول ان جبهة 14 تتكون من 3 اطراف تروتسكية و3 اطراف وطنية ديمقراطية و3 اطراف قومية وقد يكون الكاتب من ضمن هذه الجبهة الانتهازية(انظر حقيقة جبهة 14 بامضاء التيار الماوي-الحوار المتمدن-)
4- يتحدث السيد الحديدي عن الثورة الديمقراطية المعادية للامبريالية في الوطن العربي وهو بذلك يقدم الدليل على الخلط النظري بين الوطنية والديمقراطية بالرغم من العلاقة الوطيدة بينهما فالنضال ضد الامبريالية والعملاء يندرج ضمن الاطار الوطني في حين دحر بقايا الاقطاع والنظرة الدونية للمرأة والحريات العامة والفردية يندرج ضمن المسألة الديمقراطية.وليس هناك فصل بين هذا وذاك لان مجرى الصراع الطبقي قد يضع المسألة الوطنية في الصدارة كما يمكن للمسألة الديمقراطية ان تتصدر النضالات...غير ان الانحراف الدغمائي الذي يريد حبس التجربة الاشتراكية عند الرفيق ستالين حال دون فهم واقع المرحلة .
5- يركز الكاتب على الطبقة العاملة وكأن الطبقة العاملة ستقوم بالثورة بمفردها ويتجاهل مفهوم الشعب في مرحلة النضال الوطني الديمقراطي فالشعب يتكون من الطبقة العاملة كقوة قائدة ومن الفلاحين كحليف اساسي والبرجوازية الصغيرة وكل العناصر الوطنية المعادية للامبريالية والاقطاع كما يركز الكاتب على العمل النقابي ويتناسى ان النشاط النقابي في اشباه المستعمرات محدود الفاعلية بفعل طبيعة المجتمع.(انظر موضوعات حول العمل النقابي في تونس-الحوار المتمدن-) ويخفي هذا التركيز على العمل النقابي في اشباه المستعمرات الانحراف الاقتصادوي والنقابوي الذي تعاني منه فرق" العائلة الوطنية" وخاصة ما يسمى بالاوطاد .
6- يدعي كاتب النص ان القوى الثورية "فشلت في بلورة خط نظري سياسي برولتاري وظلت اسيرة المقولات الشعبوية والاصلاحية والقومية..." يبدو ان الكاتب اما يتجاهل كل ما وقعت كتابته فيما يخص الاستراتجيا والتكتيك او انه لم يطلع على التراث الم الل. وانه يقتصر على "ثقافة السماع والقيل والقال" ان الخط الشيوعي في تونس له مواقف من طبيعة الاحزاب الرجعية بما في ذلك الاخوان(انظر ملف ضد الظلامية- حول الدين-الاخوان اعداء الشعب-نقد نظرية كركر حول الاقتصاد ...ومن الاطراف اليسارية :حقيقة حزب العمال-التيار التصفوي من المزايدة الى الانهيار-حزب العمل الوطني الديمقراطي من الشرعوية الى الانتهازية- الاوطاد والانحراف الدغمائي التحريفي- قراءة في بدائل اليسار) وترسم هذه النصوص خط التباين بين الانتهازية والثورية وتبلور استراتيجية الثورة الوطنية الديمقراطية.
7- لقد اكتفى الكاتب باصدار احكام عامة دون اطلاع على ما توصل اليه الخط الشيوعي من استنتاجات عبر الممارسة اليومية وظل متذبذبا بفعل وضعه البرجوازية الصغير لم يرتق بعد الى الموقف البرولتاري ولم يبلغ مستوى تغيير نمط حياته وفق ما تتطلبه المنظمة الثورية المحترفة من نضج ومن نكران الذات ومن بلترة وانصهار كما يقول.
8- ان الخط الشيوعي في تونس لايدعي مسك الحقيقة لكنه يدعي انه قدم الكثير على المستوى النظري والعملي وان استشرست الرجعية والانتهازية من بوكت وعود واوطاد...ضد هذا الخط فلانه رفض المساومة في اكثر من مرة ولااحد يمكن له المزايدة لان الخط دخل في العديد من المناسبات في محاولات التوحيد مع اطراف اليسار لكن هذه الاطراف-بما في ذلك الاوطاد- رغم الاتفاقات تنكرت للتحالفات ولهثت وراء الموقع باستعمال كل الوسائل.
21 -04- 2011 تونس "
------------------------------------------------------------------------------------------------

3- الثورة الديمقراطية البلشفية / الخوجية :
يخلط الخوجي المتستّر منتهى الخلط بين الثورة الديمقراطية فى روسيا و الثورة الديمقراطية فى أشباه المستعمرات. إنّه يفسخ الخطوط المميّزة بين الثورة فى روسيا كبلد رأسمالي إمبريالي و إن كان متخلّفا نسبة للبلدان الرأسمالية الإمبريالية الأخرى و بين الثورة فى البلدان المضطهدَة شعوبها و أممها. وهو لا يفرّق بين النوعين من الثورات و النوعين من البلدان على غرار التروتسكيين و خوجا فى " الإمبريالية و الثورة " و بهذا الصدد يرتكب ذات الخطإ التروتسكي الذى نقده ستالين فى جداله ضد المعارضة و تروتسكي بشأن الثورة الصينية.
ويستهدف " البلشفي/ الخوجي" من هذا الخلط أن يماهي بين الثورة فى البلدين المختلفين فى إطار سعيه المحموم لقبر " الديمقراطية الجديدة " الماوية. بالإعتماد على ما كتب لينين و ستالين و على التجربة العملية المراكمة فى الصين وعالميّا ، أكّد ماو أنّه لم تعد توجد إمكانية ثورة ديمقراطية من الطراز القديم فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية و ما حلّ محلّها هو الثورة الديمقراطية الجديدة بقيادة البروليتاريا و حزبها الطليعي كمرحلة تمهّد للثورة و كجزء من الثورة البروليتارية العالمية.
و قد نشر " حول الديمقراطية الجديدة " فى مجلّة الأممية الثالثة و حضي بإهتمام و ترحيب كبيرين و لم يوجه له ستالين أي نقد لأنّه إستند إلى مقولاته هو بالذات و يعكس فعلا و يلخّص تجارب عملية لسنوات و يطوّر الماركسية- اللينينية و لا يذهب أبدا ضد مبادئها الجوهرية. هذا البلشفي/ الخوجي و أشياعه هم الذين يتنكّرون للينين و ستالين و لتجارب البروليتاريا العالمية و يدافعون فى الواقع عن أطروحات خوجية نهلها أنور خوجا من التروتسكية ليرجم بها زورا و بهتانا ماو تسى تونغ.
و لقد أوضح " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984 تياري الثورة البروليتارية العالمية : الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية . و قد نشر ناشر هذا البيان عينه ، شادي الشماوي كما مرّ بنا ، عددا من " الماوية : نظرية و ممارسة " ، العدد العاشر ، لتوضيح هذه المسألة و من الأكيد أنّ دراسته مفيدة للغاية بهذا المضمار.
و من العدد الأوّل " من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !" طرحنا سؤالا هاما " الديمقراطية القديمة البرجوازية أم الديمقراطية الجديدة الماوية ؟ "و أجبنا من وجهة نظر البروليتاريا الثورية و علم الثورة البروليتارية العالمية :الماركسية-اللينينية - الماوية و من إجابتنا لكم مقتطف :
" الديمقراطية القديمة أم الديمقراطية الجديدة :

"إنّ التناقضات المختلفة من حيث طبيعتها لا يمكن أن تحلّ إلاّ بطرق مختلفة طبيعيّا " (ماو تسى تونغ " فى التناقض" ).

كانت الثورات الديمقراطية القديمة ضد الإقطاع، قبل القرن العشرين، ثورات برجوازية تفرز دولا رأسمالية برجوازية.أمّا الثورات الديمقراطية الجديدة فتتعارض تمام التعارض مع الديمقراطية القديمة أي مع الديمقراطية البرجوازية الراسمالية-الإمبريالية بمعنى أنّ نتيجة الثورة الديمقراطية الجديدة الحقّة لن تكون دولة ديمقراطية قديمة برجوازية و مجتمع رأسمالي تسوده البرجوازية و إنّما دولة ديمقراطية جديدة ، دولة ديمقراطية شعبية لطبقات ثورية مناهضة للإمبريالية و البرجوازية الكمبرادورية/ البيروقراطية والإقطاع تقودها البروليتاريا و تمهّد الطريق للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية.
بهذا المعنى الديمقراطية الجديدة مرحلة إنتقالية من مجتمع المستعمرات الجديدة أو أشباه المستعمرات إلى مجتمع مستقلّ ديمقراطي بقيادة بروليتارية و بتحالف وثيق مع الفلاحين الفقراء كخطوة اولى تليها خطوة ثانية لبناء مجتمع إشتراكي و هذا تيّار من تياّري الثورة البروليتارية العالمية و تياّرها الثاني هو الثورات الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية.
و لشرح الديمقراطية الجديدة كتب ماو عام 1940كتيّبا لم يكن فى منتهى الأهمّية لإنتصار الثورة فى الصين فحسب بل بات ذا مغزى عالمي و أحد أهمّ مساهمات ماو تسى تونغ فى تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية ، و منه نقتطف لكم الفقرات التالية الطويلة نسبيّا للضرورات التي ألمحنا إليها فى المقدّمة :
--- " فى هذا العصر إذا نشبت فى أي بلد مستعمر أو شبه مستعمر ثورة موجهة ضد الإمبريالية ، أي ضد البرجوازية العالمية و الرأسمالية العالمية، فهي لا تنتسب إلى الثورة الديمقراطية البرجوازية العالمية بمفهومها القديم ،بل تنتسب إلى مفهوم جديد، و لا تعدّ جزءا من الثورة العالمية القديمة البرجوازية و الرأسمالية ، بل تعدّ جزءا من الثورة العالمية الجديدة، أي جزءا من الثورة العالمية الإشتراكية البروليتارية. و إنّ مثل هذه المستعمرات و شبه المستعمرات الثورية لم تعد تعتبر فى عداد حليفات الجبهة الرأسمالية العالمية المضادة للثورة ، بل أصبحت حليفات للجبهة الإشتراكية العالمية الثورية." ( من فقرة " الثورة الصينية جزء من الثورة العالمية ").
--- " إن الجمهورية الديمقراطية الجديدة تختلف عن الجمهورية الرأسمالية من النمط الأوربي الأمريكي القديم والخاضعة لديكتاتورية البرجوازية ، إذ أن هذه الأخيرة هي جمهورية الديمقراطية القديمة التي قد فات أوانها ، و من جهة أخرى فإنها تختلف أيضا عن الجمهورية الإشتراكية من النمط السوفياتي والخاضعة لديكتاتورية البروليتاريا ،فإن مثل هذه الجمهورية الاشتراكية تزدهر في ارض الاتحاد السوفياتي وسوف تعمم في جميع البلدان الراسمالية ، وأكيد أنها ستصبح الشكل السائد لتركيب الدولة والسلطة السياسية في جميع البلدان المتقدمة صناعيا . ولكن مثل هذه الجمهورية ، خلال فترة تاريخية معينة لا تصلح للثورات في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة ، ولذا فلا بد أن يتبنى خلال تلك الفترة التاريخية المعينة شكل ثالث للدولة في ثورات جميع البلدان المستعمرة والشبه المستعمرة . ألا و هو جمهورية الديمقراطية الجديدة . وبما أن هذا الشكل مناسب خلال فترة تاريخية معينة ، فهو شكل انتقالي ، ولكنه ضروري لا بديل له."(من فقرة " سياسة الديمقراطية الجديدة ")
--- " ان الجمهورية التي يجب إقامتها ...لا بد أن تكون جمهورية للديمقراطية الجديدة سياسيا واقتصاديا على حد سواء . ستكون المصاريف الكبرى والمشاريع الصناعية والكبرى ملكا للجمهورية " إن كافة المشاريع أكانت صينية أم أجنبية والتي تحمل طابعا احتكاريا أو هي أكبر من أن يديرها الأفراد، مثل المصارف والسكك الحديدية والخطوط الجوية يجب ان تشرف عليها الدولة وتديرها ، حتى لا يستطيع الرأسمال الخاص أن يسيطر على وسائل معيشة الشعب ، هذا هو المبدأ الرئيسي لتحديد الرأسمال " ...ففي الجمهورية الديمقراطية الجديدة الخاضعة لقيادة البروليتاريا سيكون القطاع العام ذا طبيعة اشتراكية ، وهو يشكل القوة القائدة في مجموع الاقتصاد القومي بيد ان هذه الجمهورية لا تصادر الأملاك الرأسمالية الخاصة الأخرى ، ولا تحظر تطور الإنتاج الرأسمالي الذي " لا يسطر على وسائل معيشة الشعب " وذلك لأن اقتصاد الصين لا يبرح متخلفا جدا .
وستتخذ هذه الجمهورية بعض التدابير اللازمة من أجل مصادرة أراضي ملاك الأراضي وتوزيعها على الفلاحين الذين لا يملكون أرضا أو يملكون قطعا صغيرة ، تطبق بذلك شعار ... القائل " الأرض لمن يفلحها " وتلغى العلاقات الإقطاعية في المناطق الريفية ، وتحيل ملكية الأرض إلى الفلاحين . أما اقتصاد الفلاحين الأغنياء في المناطق الريفية فوجوده مسموح به . تلك هي سياسة تحقيق المساواة في ملكية الأرض و شعار " الأرض لمن يفلحها " هو الشعار الصحيح الذي يترجم تلك السياسة. وفي هذه المرحلة لن نسعى على العموم الى إقامة الزراعة الاشتراكية . بيد ان أنوعا مختلفة من الاقتصاديات التعاونية التي تكون قد تطورت على أساس " الأرض لمن يفلحها " سوف تحتوي على عناصر اشتراكية" ( من فقرة " إقتصاد الديمقراطية الجديدة ").
---" أمّا الثقافة الجديدة فهي إنعكاس إيديولوجي للسياسة الجديدة و الإقتصاد الجديد وهي كذلك فى خدمتها." ( من فقرة : ثقافة الديمقراطية الجديدة.) " إنّ ثقافة الديمقراطية الجديدة هذه ثقافة وطنية تعارض الإضطهاد الإمبريالي و تنادي بالمحافظة على كرامة الأمة ... و إستقلالها. هذه الثقافة تخصّ أمتنا ، و تحمل خصائصها الوطنية. و يجب عليها أن ترتبط بالثقافة الإشتراكية و ثقافة الديمقراطية الجديدة لسائر الأمم ، بحيث تتشرّب من بعضها البعض و تتبادل المساعدة لتتطوّر سويّا فى سبيل تشكيل ثقافة جديدة للعالم ...إنّ ثقافة الديمقراطية الجديدة هذه ثقافة علمية تعارض سائر الأفكار الإقطاعية و الخرافية و تنادي بالبحث عن الحقيقة من الوقائع، و بالإلتزام بالحقيقة الموضوعية ، كما تنادى بالوحدة بين النظرية و الممارسة العملية... إنّ ثقافة الديمقراطية الجديدة هذه هي ثقافة جماهيرية وهي بالتالى ديمقراطية . و ينبغى لها أن تخدم الجماهير الكادحة من العمّال و الفلاحين الذين يشكّلون أكثر من 90% من سكّان بلادنا ، و أن تصبح بصورة تدريجية ثقافتهم الخاصّة." ( من فقرة " ثقافة وطنية علمية جماهيرية ").
و عليه، واهمون هم أولئك الذين يتصوّرون إمكانية وجود مجتمع رأسمالي ديمقراطي برجوازي على غرار ما يوجد فى أوروبا ، فى المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات فى حين أنّ هذه الإمكانية منعدمة تاريخيا وواقعيّا.و القوى القومية و "اليسارية" المرتكبة لإنحراف قومجي ،الداعية للتحرّر الوطني رئيسيا و المتناسية للطابع الديمقراطي أو المقلّصة من أهمّيته مشدّدة على مواجهة العدوّ الإمبريالي غاضة الطرف عن البرجوازية الكمبرادورية/البيروقراطية ( و متحالفين معها أحيانا) و الإقطاع على خطإ واضح و جلي ؛ و القوى "اليسارية" التي تشدّد التشديد كلّه على الطابع الديمقراطي بمعنى الحرّيات السياسية حصريا تقريبا مخطئة هي الأخرى لتقليصها لمضمون الثورة التي تتطلبها المرحلة فى المستعمرات الجديدة وأشباه المستعمرات و طبيعتها و إستهتارها بالجبال الرواسي الثلاثة ألا وهي الإمبريالية و البرجوازية الكمبرادورية و الإقطاع.
الديمقراطية الجديدة تطوير لعلم الثورة البروليتارية العالمية أم تحريف له :

رغم محاولات الحركة الشيوعية العالمية و الأممية الشيوعية بقيادة البلاشفة الذين كانوا على رأس جماهير الشعب فى إنجاز ثورة أكتوبر المجيدة ،أن تطوّر خطّا متكاملا للثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات ،فإنّ لينين أقرّ بمحدودية تلك الجهود و بالحاجة الأكيدة لتطوير طرق جديدة و عدم إتباع طريق أكتوبر.و قد صرّح فى تقرير فى المؤتمر الثاني لعامة روسيا للمنظمات الشيوعية لشعوب الشرق فى 22 نوفمبر 1919 ، بالآتى :
" أنتم تمثلون منظمات شيوعية و أحزابا شيوعية تنتسب لمختلف شعوب الشرق . و ينبغى لى أن أقول إنه إذا كان قد تيسر للبلاشفة الروس إحداث صدع فى الإمبريالية القديمة ، إذا كان قد تيسر لهم القيام بمهمة فى منتهى العسر وإن تكن فى منتهى النبل هي مهمة إحداث طرق جديدة للثورة ، ففى إنتظاركم أنتم ممثلى جماهير الكادحين فى الشرق مهمة أعظم و أكثر جدة ...
و فى هذا الحقل تواجهكم مهمة لم تواجه الشيوعيين فى العالم كله من قبل : ينبغى لكم أن تستندوا فى الميدانين النظري و العملي إلى التعاليم الشيوعية العامة و أن تأخذوا بعين الإعتبار الظروف الخاصة غير الموجودة فى البلدان الأوروبية كي يصبح بإمكانكم تطبيق هذه التعاليم فى الميدانين النظري و العملي فى ظروف يؤلف فيها الفلاحون الجمهور الرئيسي و تطرح فيها مهمة النضال لا ضد رأس المال ، بل ضد بقايا القرون الوسطى . وهذه مهمة عسيرة ذات طابع خاص ، غير أنها مهمة تعطى أطيب الثمرات ، إذ تجذب إلى النضال تلك الجماهير التى لم يسبق لها أن إشتركت فى النضال ، و تتيح لكم من الجهة الأخرى الإرتباط أوثق إرتباط بالأممية الثالثة بفضل تنظيم الخلايا الشيوعية فى الشرق ... هذه هي القضايا التى لا تجدون حلولا لها فى أي كتاب من كتب الشيوعية ، و لكنكم تجدون حلولها فى النضال العام الذى بدأته روسيا . لا بد لكم من وضع هذه القضية و من حلها بخبرتكم الخاصة ..."
و بفضل التجارب العملية و النظرية، السلبية منها و الإيجابية، المراكمة وإستجابة لمتطلبات واقع المستعمرات الجديدة و اشباه المستعمرات ، طوّر ماوتسى تونغ ضمن مساهماته العديدة فى تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية و الماركسية فى مكوناتها الثلاثة ، طرقا جديدة للثورة بداية مع ثورة الديمقراطية الجديدة ثم الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا.
و إثر وفاة القائد البروليتاري الصيني العظيم و إنقلاب التحريفيين فى الصين معيدين تركيز الرأسمالية هناك ، نظّم هجوم سافر على ماو تسى تونغ و مساهماته التى أثبت التاريخ صحّتها ، من طرف الإمبريالية العالمية و الرجعية و التحريفيين الصينيين و كذلك الخوجيين عبر العالم .و إنبري الشيوعيون الثوريون الماويون حقّا للدفاع عن إرث ماو تسى تونغ الذى هو إرث البروليتاريا الثورية العالمية و خاضوا جملة من الصراعات على شتى الأصعدة أدّت ضمن ما أدّت إليه إلى تشكيل الحركة الأممية الثورية سنة 1984 من عدّة أحزاب و منظمات من جميع قارات الكوكب أصدرت بيانا عالميا فى تلك السنة منه نقتطف لكم بضعة فقرات متصلة بالموضوع الذى نحن بصدده وبدروس متعلّقة بهذا النوع من الثورات :
" و لا تزال النظرية التى بلورها ماو تسى تونغ خلال السنوات الطويلة للحرب الثورية فى الصين تمثل المرجع الأساسي لصياغة الإستراتيجيا و التكتيك الثوريين فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة أو المستعمرات الجديدة . فى هذه البلدان تمثل الإمبريالية الأجنبية و كذلك البرجوازية البيروقراطية "والكمبرادورية " و الإقطاعيون- بإعتبار الطبقتين الأخيرتين طبقات تابعة و مرتبطة بقوة بالإمبريالية- مرمى الثورة (هدفها ). و تعبر الثورة فى هذه البلدان مرحلتين : ثورة أولى هي الثورة الديمقراطية الجديدة التى تؤدي مباشرة فيما بعد إلى ثورة ثانية هي الثورة الإشتراكية . و طبيعة و هدف و مهام المرحلة الأولى من الثورة تخوّل للبروليتاريا وتقتضى منها إقامة جبهة واسعة متحدة تجمع كل الطبقات و الشرائح الإجتماعية التي يمكن كسبها لمساندة برنامج الديمقراطية الجديدة .و مع ذلك ، فإن البروليتاريا تسعى إلى بناء هذه الجبهة المتحدة بما يتفق مع مبدأ تطوير و دعم قواها الذاتية المستقلة وهو ما يستتبع مثلا أنه على البروليتاريا أن تكون لها قواتها المسلحة الخاصة متى حتمت الظروف ذلك و أنه عليها أن تفرض دورها القيادي تجاه قطاعات الجماهير الثورية خاصة تجاه الفلاحين الفقراء. و يتخذ هذا التحالف كمحور أساسي له تحالف العمال مع الفلاحين كما يجب أن تحتل الثورة الزراعية (أي النضال ضد الإستغلال شبه الإقطاعي فى الريف و /أو شعار " الأرض لمن يفلحها ") مكانة مركزية فى برنامج الديمقراطية الجديدة . ...
و من أجل تتويج ثورة الديمقراطية الجديدة، يترتب على البروليتاريا أن تحافظ على دورها المستقل و أن تكون قادرة على فرض دورها القائد فى النضال الثوري وهو ما تقوم به عن طريق حزبها الماركسي -اللينيني-الماوي . و قد بينت التجربة التاريخية مرارا و تكرارا أنه حتى إذا ما إشتركت فئة من البرجوازية الوطنية فى الحركة الثورية فإنها لا تريد (ولا تستطيع ) قيادة ثورة الديمقراطية الجديدة و من البداهة إذا ألآ توصلها إلى نهايتها. كما بينت التجربة التاريخية أن "جبهة معادية للإمبريالية " (أو "جبهة ثورية " أخرى من هذا القبيل ) لا يقودها حزب ماركسي-لينيني–ماوي لا تؤدى إلى نتيجة حتى إذا ما كانت هذه الجبهة (أو بعض القوى المكوّنة لها ) تتبنى خطا "ماركسيا" معينا أو بالأحرى ماركسيا كاذبا . و بالرغم من أن هذه التشكيلات الثورية قد قادت أحيانا معاركا بطولية بل و سدّدت ضربات قوية للإمبريالية ، فإنها أظهرت أنها عاجزة على المستوى الإيديولوجي و التنظيمي ،عن الصمود أمام التأثيرات الإمبريالية و البرجوازية. و حتى فى الأماكن التى تمكّنت فيها هذه العناصر من إفتكاك السلطة، فإنها بقيت عاجزة عن تحقيق تغيير ثوري كامل للمجتمع فإنتهت جميعا ،إن عاجلا أم آجلا ، بأن قلبتها الإمبريالية أو أن تحولت هي نفسها إلى نظام رجعي جديد يعمل اليد فى اليد مع الإمبرياليين .
و يمكن للحزب الشيوعي فى الوضعيات التى تمارس فيها الطبقات المسيطرة ديكتاتورية عنيفة أو فاشية أن يستغل التناقضات التى يخلقها هذا الوضع بما يدعم الثورة الديمقراطية الجديدة و أن يعقد إتفاقات أو تحالفات مؤقتة مع عناصر من طبقات أخرى . و لكن هذه المبادرات لا يمكن لها أن تنجح إلا إذا واصل الحزب المحافظة على دوره القيادي و إستعمل هذه التحالفات فى النطاق المحدّد بمهمته الشاملة و الرئيسية و المتمثلة فى إنجاح الثورة ، دون أن يحوّل النضال ضد الديكتاتورية إلى مرحلة إستراتيجية للثورة بما أن محتوى النضال المعادي للفاشية ليس إلا محتوى الثورة الديمقراطية الجديدة ويتعين على الحزب الماركسي -اللينيني- الماوي لا فقط أن يسلّح البروليتاريا و الجماهير الثورية بوسائل فهم طبيعة المهمّة الموكولة للإنجاز مباشرة (إنجاح الثورة الديمقراطية الجديدة ) و الدور و المصالح المتناقضة لممثلى مختلف الطبقات (الصديقة أو العدوّة ) و لكن أيضا أن يفهمهم ضرورة تحضير الإنتقال إلى الثورة الإشتراكية وواقع أن الهدف النهائي يجب أن يكون الوصول إلى الشيوعية على مستوى العالم .

ينطلق الماركسيون – اللينينيون- الماويون من مبدإ أن على الحزب أن يقود الحرب الثورية بما يجعلها حرب جماهير حقيقية . و يجب عليهم حتى خلال الظروف العسيرة التى تفرضها الحرب أن يعملوا على تربية واسعة للجماهير و مساعدتها على بلوغ مستوى أرقى نظريا و إيديولوجيا و من أجل ذلك يتوجب تأمين نشر و تطوير صحافة شيوعية منتظمة الصدور و العمل على أن تدخل الثورة الميادين الثقافية .
فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة ( أو المستعمرات الجديدة )، تمثّل الإنحراف الرئيسي فى الفترة الأخيرة (و لا تزال) فى الميل إلى عدم الإعتراف أو إنكار هذا التوجه الأساسي للحركة الثورية فى مثل هذه البلدان : الميل إلى إنكار الدور القيادي للبروليتاريا و للحزب الماركسي -اللينيني- الماوي و إلى رفض أو تشويش إنتهازي لنظرية حرب الشعب و إلى التخلى عن بناء جبهة متحدة على أساس تحالف العمال و الفلاحين تقودها البروليتاريا .
و قد تجلى هذا الإنحراف التحريفي فى الماضي فى شكل "يساري " أو فى شكل يميني مفضوح . و لطالما نادى التحريفيون الجدد ب " الإنتقال السلمي للإشتراكية " (و خصوصا إلى حدود الماضى القريب ) و سعوا إلى دعم القيادة البرجوازية فى نضالات التحرر الوطني و لكن هذه التحريفية اليمينية التى لا تخفى سياستها الإستسلامية ، كانت دائما ما تجد صداها فى شكل آخر للتحريفية تتقاطع معها اليوم أكثر فأكثر : نوع من التحريفية المسلحة " اليسارية " تدعو لها فيمن يدعو لها ، من حين لآخر القيادة الكوبية و تؤدى إلى سحب الجماهير بعيدا عن النضال المسلح و التى تدافع عن فكرة دمج كل مراحل الثورة و عدم القيام إلا بثورة واحدة، ثورة إشتراكية مزعومة. و تؤدى هذه السياسة عمليا إلى محاولة دفع البروليتاريا إلى أفق محدود جدا و إلى إنكار واقع أن على الطبقة العاملة أن تقود الفلاحين و قوى أخرى وأن تسعى بذلك إلى تصفية كاملة للإمبريالية و للعلاقات الإقتصادية و الإجتماعية المتخلفة و المشوّهة التى يتمّعش منها رأس المال الأجنبي و التى يجتهد فى تدعيمها . و يمثل هذا الشكل من التحريفية اليوم واحدة من الوسائل الرئيسية التى يستعملها الإمبرياليون الإشتراكيون للإندساس فى نضالات التحرر الوطني و مراقبتها .
ويجب على الماركسيين- اللينينيين - الماويين ، حتى يمكّنوا تطور الحركة الثورية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات (أو المستعمرات الجديدة ) من إتخاذ توجه صحيح ، أن يواصلوا تكثيف النضال ضد كلّ أشكال التحريفية و الدفاع عن مساهمات ماو بإعتبارها أساسا نظريا ضروريا من أجل تحليل عميق للظروف الملموسة و بلورة خط سياسي مناسب فى مختلف البلدان من هذا النوع . ( من فقرة " المهام فى المستعمرات و أشباه المستعمرات (أو المستعمرات الجديدة ) ")
و عقب أقلّ من عقد من النضال النظري و العملي و تطوير منظّمات و أحزاب و حرب الشعب فى عدّة بلدان لا سيما فى البيرو فى ثمانينات القرن العشرين ، خطت الحركة الأممية الثورية خطوة نوعية أخرى بتبنّيها للماركسية-اللينينية-الماوية و إعتبارها الماوية مرحلة ثالثة جديدة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية .وهي تفسّر مساهمات ماو تسى تونغ فى "لتحي الماركسية-اللينينية-الماوية" سنة 1993خطّت الأسطر التالية بشأن الثورة الديمقراطية الجديدة :
" و تمكّن ماوتسي تونغ من حلّ مسألة كيفية إنجاز الثورة في بلد تهيمن عليه الإمبريالية . فالطريق الأساسي الذي رسمه للثـورة الصينيــــــة يمثــــل مساهمة لا تقدر بثمن فى نظرية وممارسة الثورة وهي مرشد لتحرير الشعوب التى تضطهدها الإمبريالية. و هذا الطريق يعنى حرب الشعب و محاصرة الأرياف للمدن ويقوم على الكفــــــاح المسلح كشكل أساسي للنضــال وعلى الجيش الذى يقوده الحزب كشكل أساسي لتنظيم الجماهير وإستنهاض الفلاحين وخاصة الفقراء منهم و على الإصلاح الزراعي و بناء جبهة موحدة بقيادة الحزب الشيوعي وذلك قصد القيــام بثـورة الديمقراطية الجديدة ضد الامبريالية والإقطاع والبرجوازية البيروقراطيــــــة و تركيز ديكتاتورية الطبقات الثورية تحت قيادة البروليتاريا كتمهيـــد ضروري للثورة الإشتراكية التي يجب أن تتلو مباشرة إنتصار المرحلة الاولى من الثـورة . وقدم ماو الأطروحة المتمثلة في " الأسلحة السحرية الثلاثة " : الحزب والجيش والجبهة المتحدة " كأدوات لا بد منها لإنجاز الثــــورة فى كل بلـــــد طبقا للظروف و طريق الثورة الخاصين . "
و بناء على ما تقدّم نستشفّ أنّ الديمقراطية الجديدة ليست تحريفا و تشويها لعلم الثورة البروليتارية العالمية و إنّما هي تطوير خلاّق قائم على دراسات وتجارب عملية فى الصين طوال عقود من الحرب الأهلية و على حقيقة أثبت تاريخ الصراع الطبقي فى الصين و غيرها من البلدان صحّها و انّ مدعي إتباع طريق أكتوبر – الإنتفاضة المسلحة المتبوعة بحرب أهلية و ليس حرب الشعب و محاصرة الريف للمدن- يطرحون طريقا خاطئا لن يقدر الشعب إذا ما إنتهجه أن يحقّق التحرّر الديمقراطي الجديد و التمهيد للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية و فى تحالف مع التيار الآخر للثورات البروليتارية ، تيار الثورات الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية –الإمبريالية. و كلّ القوى الشرعوية و الإصلاحية "الديمقراطية " من الطراز القديم التي تسعى إلى العمل فى إطار دولة الإستعمار الجديد لن تستطيع أبدا ان تنجز الثورة الديمقراطية الجديدة التي تستدعى القضاء على هذه الدولة لبناء دولة الديمقراطية الجديدة عوضا عنها و على أنقاضها.
الثورة الديمقراطية الجديدة / الثورة الوطنية الديمقراطية :

فى خضمّ الجدال الكبير للحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماو تسى تونغ ضد التحريفية المعاصرة منذ الخمسينات و خاصة الستينات ، صاغ الرفاق الماويون الصينيون وثيقة تاريخية مثّلت حجر الزاوية فى القطع النظري و العملي مع التحريفية المعاصرة السوفياتية منها و اليوغسلافية و الفرنسية و الإيطالية ...و فى بناء الحركة الماركسية- اللينينية العالمية و نقصد " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية " بتاريخ يونيو/ حزيران عام 1963( دار النشر باللغات الأجنبية ، بيكين 1963) .
فى تناقض مع الأطروحات التحريفية المعاصرة و للتشديد على التناقضين الأساسيين الذين على حركة التحرّر الوطني بقيادة شيوعية معالجتهما ، كتب الرفاق الماويون الصينيون ضمن النقطة 8 :
- " إنّ مناطق آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية الواسعة هي المناطق التي تتجمّع فيها مختلف أنواع التناقضات فى العالم المعاصر، و الإستعمار أضعف ما يكون سيطرة فى هذه المناطق ، وهي مراكز عواصف الثورة العالمية التي تسدّد الآن الضربات المباشرة إلى الإستعمار.
إنّ الحركة الوطنية الديمقراطية الثورية فى هذه المناطق و حركة الثورة الإشتراكية العالمية هما التياران التاريخيان العظيمان فى عهدنا الحاضر. إنّ الثورة الوطنية الديمقراطية فى هذه المناطق هي جزء هام من الثورة البروليتارية العالمية المعاصرة. " ( ص 14)
وشرحوا مهام الأحزاب البروليتارية وحذّروها من مغبّة السقوط فى خطإ التذيّل لقوى برجوازية أو إقطاعية فى النقطة 9:
" و إذا أصبحت البروليتاريا ذيلا للإقطاعيين و البرجوازيين فى الثورة ، فإنه لا يمكن أن يحقّق نصر حقيقي كامل للثورة الوطنية الديمقراطية بل و حتى إذا تحقّق نوع من النصر فإنّه من غير الممكن أيضا أن يوطّد ذلك النصر. و فى مجرى النضالات الثورية التي تخوضها الأمم و الشعوب المضطهَدَة يجب على الحزب البروليتاري أن يضع برنامجه الخاص به الذى هو كلّيا ضد الإستعمار و الرجعية المحلّية و من أجل الإستقلال الوطني والديمقراطية الشعبية، و عليه أن يعمل مستقلاّ بين الجماهير و يوسّع بلا إنقطاع القوى التقدّمية و يكسب القوى الوسطى و يعزل القوى الرجعية؛و بذلك فقط يمكنه ان يسير بالثورة الوطنية الديمقراطية إلى النهاية و يوجه الثورة إلى طريق الإشتراكية."( ص 20)
و هكذا ماويا الثورة الوطنية الديمقراطية التي طرحت فى "الإقتراح..." صياغة مساوية و متماهية مع الثورة الديمقراطية الجديدة ، موجهة سياسيا إلى الحركة الشيوعية العالمية بكلمات مشدّدة على المهام الأساسية و الصراع ضد الأطروحات التحريفية المعاصرة. و قد تبنّت عديد الأحزاب و المنظّمات الماركسية- اللينينية عبر العالم حينها و فى لاحق الأيام هذا المفهوم ، مفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية.
وفى تونس مثلا، أكّد عليه أنصار الحركة الماركسية- اللينينية بقيادة ماو تسى تونغ فى تناقض مع الأطروحات التروتسكية و التروتسكية الجديدة القائلة بطبيعة المجتمع الرأسمالية وبالثورة الإشتراكية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات، إلى درجة أن البعض بات فى السبعينات و الثمانينات من القرن العشرين يطلقون خطأ على أنفسهم إسم طبيعة الثورة المنشودة فى بلد شبه مستعمر شبه مستعمر ( الوطنيون الديمقراطيون بتلويناتهم العديدة) . و فى المغرب أيضا تبنّت الحركة الماركسية- اللينينية ، لا سيما "إلى الأمام"، أفكار ماو تسى تونغ ومفهوم الثورة الوطنية الديمقراطية و طبيعة المجتمع شبه المستعمر شبه الإقطاعي ( أنظروا: دفاعا عن التاريخ - موقع فكر ماو تسي تونغ في تجربة الحملم بالمغرب - طريق الثورة - ).
و فى أواخر الستينات و إثر إعادة تشكيله و قطعه مع التحريفية المعاصرة إستجابة لدعوة "الإقتراح..." والحزب الشيوعي الصيني على رأس الحركة الماركسية- اللينينية العالمية لأن يتمايز الشيوعيون الثوريون على كافة الأصعدة مع هذه التحريفية ، إنطلق الحزب الشيوعي الفليبيني، بعد إعادة تشكّله، فى حرب الشعب و بنى الجيش الشعبي الجديد كما شيّد الجبهة الوطنية الديمقراطية الشهيرة عالميّا .و ما إنفكّت هذه "الأسلحة السحرية الثلاثة " تناضل إلى يومنا هذا من أجل إنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة كجزء من الثورة البروليتارية العالمية... و على من يرنو دراسة دقيقة و تفحّص عن كثب لأمثلة خاصة و ذات خصوصيات لبرامج الماويين فى الثورة الديمقراطية الجديدة فعليه البحث فى الأنترنت- مواقع الأحزاب التي نذكر- عن مثلا برنامج الحزب الشيوعي الفيليبيني و برنامج الحزب الشيوعي الهندي (الماوي) و برنامج الحزب الشيوعي الإيراني (الماركسي-اللينيني-الماوي) إلخ.

و تأسيسا على ما مرّ بنا و نظرا للتشويهات التي طالت مفهوم "الثورة الوطنية الديمقراطية "( من تذيّل للقوى القومية و الأصولية ؛ إلى الشرعوية و النقابوية /الإقتصادوية و الإنتفاضوية إلخ) و إنسجاما مع المفاهيم الماوية المتداولة عالميّا على الشيوعيين الماويين بذل قصارى الجهود النظرية و العملية لإزالة الغبار من على المضمون الأصلي و الحقيقي لهذا المفهوم و ربطه بالديمقراطية الجديدة فى إتجاه ترسيخ مفهوم الثورة الديمقراطية الجديدة و نقترح أن نستعمل من هنا فصاعدا صيغة الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية للتمايز مع الأطروحات و المفاهيم غير الماوية ."
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------
4- طريق الثورة : طريق ثورة أكتوبر أم طريق الثورة الصينية فى الأساس ؟
فى هذه النقطة كذلك لا يفعل الدغمائي التحريفي سوى عرض الآراء الخوجية الناقدة لحرب الشعب الماوية و النابذة لها مقترحة طريق الإنتفاضة كطريق للثورة حتى فى أشباه المستعمرات ، فى سياق عملية مثالية بهلوانية تجحد ليس فقط تجارب الصين و الفيتنام و غيرها من البلدان و إنّما أيضا تجربة الثورة فى ألبانيا ذاتها التى إتبعت طريق محاصرة المدن إنطلاقا من الريف. و لأنّ المجال لا يحتمل، نوجّه عناية من يتطلّع إلى التعمّق فى هذا الأمر إلى دراسة كتاب أحمد شيخو الصادر عن دار الطليعة،بيروت 1971 ،" حرب التحرير فى ألبانيا " ففيه معلومات كافية و شافية بهذا الخضمّ.
و يتهم " الحديدي" فى نصّه " ضد التصفوية الماوية..." الماويين بأنّهم "يسعون إلى إستيراد دغمائي برجوازي صغير لمقولات محاصرة المدينة بالريف " و " حرب الشعب طويلة الأمد". و بالمقابل يدعو فى "حول مغزى ثورة 14 جانفي" إلى " تطوير الثورة فى مختلف الأقطار العربية " و إلى إيجاد " قطب سياسي ديمقراطي شعبي ينجز كافة مهام الثورة الديمقراطية بأبعادها الوطنية و الإقتصادية و السياسية و الثقافية".
لقد قال ستالين فى " مستقبل الثورة فى الصين" :" فى الصين ، تكافح الثورة المسلّحة ضد الثورة المضادة المسلّحة. تلك هي إحدى خصائص الثورة الصينيّة و إحدى مميزاتها".( ذكره ماو فى"الثورة الصينيّة و الحزب الشيوعي الصيني"، صفحة 436 من المجلّد الثاني من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة" ، باللغة العربية ، دار النشر باللغات الأجنبية ، بيكين 1969). وهي ملاحظة يتنكّر لها الخوجيون جميعا .إنهم يدّعون الدفاع عن ستالين قولا و يحرّفون أفكاره فعلا.
و تثبت شيلي آلاندي و ما حصل من إنقلاب بينوشي الدموي سنة 1973 و ما تسبّب فيه من مجازر فى حقّ الشيوعيين و غيرهم كما تثبت تجربة الحزب الشيوعي الأندونيسي فى الستينات و المجازر التى تعرّض لها لأخطاء إقترفها فى علاقة بفهم طبيعة الدولة و دور الجيش و طريق الثورة ، تثبت حقيقة لا بدّ من التأكيد عليها قبل المرور إلى نقاش معمّق للإنتفاضوية مقابل حرب الشعب ألا وهي :" دون جيش شعبي ليس للشعب شيئ" وهي مقولة نحتها ماو تسى تونغ مختصرة و معبّرة عن موقف رفضه تسليم السلاح و حلّ جيش التحرير الشعبي و الإنضمام إلى حكومة تشان كاي تشاك و عني ذلك رفضه لضغوطات ستالين و مقترحاته الخاطئة كما تبيّن و بيّننا و الداعية إلى إيقاف الحرب الأهلية. وبإقتدار واصل ماو قيادة الحزب الشيوعي الصيني و جيش التحرير الشعبي فى الحرب الأهلية و حقّق الظفر للثورة الديمقراطية الجديدة سنة 1949.
" طريق الثورة الديمقراطية الجديدة : حرب الشعب أم الإنتفاضة المسلّحة :

إذا تجاوزنا الحديث عن التحريفيين الكلاسيكيين الذين يدعون إلى الإنتقال السلمي و بالتالى البرلمانية ، و الإصلاحيين من كلّ رهط الذين لا يسعون إلاّ إلى إصلاحات فى إطار دولة الإستعمار الجديد ، دولة الكمبرادور و الإقطاع المتحالفين مع الإمبريالية ، فإنّ ما يسترعي الإنتباه هنا هما تياران إثنان خطيران على البروليتاريا و قيادتها الشعب لتحقيق الثورة الديمقراطية الجديدة : التيّار الخوجي و التحريفية المسلّحة.
فى تنكّر لتاريخ الثورة الألبانية التى تحقّقت بفضل حرب الشعب و محاصرة الريف للمدينة ( أنظروا " حرب التحرير فى ألبانيا " لمحمّد شيخو، دار الطليعة ، لبنان) و إنقلاب على المواقف المساندة و المتبنّية و المثمّنة للخطّ الماوي طوال الستينات و النصف الأوّل من السبعينات ، نظّم أنور خوجا ، أواخر السبعينات ( فى "الإمبريالية و الثورة ") هجوما مسعورا لا مبدئيا و دغمائيا تحريفيا ضد الماوية و ممّا أدار له ظهره طريق الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات مدافعا من جهة عن " طريق أكتوبر" أي الإنتفاضة فى المدن الكبرى المتبوعة بحرب أهلية لإفتكاك السلطة و الزحف من المدن إلى الأرياف و مدينا من جهة أخرى طريق الثورة الصينية أي طريق حرب الشعب طويلة الأمد. وهو بذلك ينكر التاريخ الألباني و الصيني و الفتنامي و الكوري ... و الواقع العياني حينها حيث كانت قوى ماوية عديدة تواصل حرب الشعب التى إنطلقت فيها منذ سنوات ، فى تركيا و الهند و الفيليبين ...
و قد أثبت تاريخ الصراع الطبقي أنّ طريق حرب الشعب الماوية هو الطريق السليم و الصحيح الذى مكّن الشعب الصيني بقيادة بروليتارية ماوية من الظفر فى الثورة الديمقراطية الجديدة شأنه فى ذلك شأن الفيتنام لاحقا كما أثبت أنّ ما من بلد شهد مطلقا إنتصار ثورة الديمقراطية الجديدة التى شوّهها أنور خوجا مستعملا مفاهيم أخرى تحريفية برجوازية ،عن طريق الإنتفاضة فى المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات و ذلك لأنّه طريق خاطئ أصلا لا يميّز بين البلدان الرأسمالية-الإمبريالية و البلدان المستعمرة أو شبه المستعمرة شبه الإقطاعية و بالتالى لا يميّز مثله مثل التروتسكيين بين تياري الثورة البروليتارية العالمية كما حدّدهما لينين. و أثبت تاريخ الصراع الطبقي للقرنين العشرين و الواحد و العشرين أنّ الخطّ الماوي هو الخطّ الصائب و القادر على تحقيق الظفر للبروليتاريا و الشعوب التوّاقة للتحرّر الديمقراطي الجديد و الإشتراكي و أنّ الخطوط الأخرى بشتّى تلويناتها فشلت فى ذلك و لا تستطيع بحكم خطإ خطّها إلاّ أن تفشل. و الأنكى هو أنّ الحركات و الأحزاب التى تجاهلت التعاليم الماركسية- اللينينية - الماوية بهذا الصدد تعرّضت لمذابح و نكسات لم تقدر على تجاوزها لعقود و يكفينا هنا التذكير بما حصل فى أندونيسيا و الشيلي كأمثلة لا أشهر منها.
و يشهد تاريخ الثورة الصينية انّ خطّ وانغ مينغ – الإنتفاضة فى المدن الكبرى و إفتكاك السلطة فيها أوّلا – لم يؤدّ إلى خسائر جسيمة فحسب بل أيضا إلى كوارث كادت تسحق الثورة سحقا لولا المسيرة الكبرى وإنتصار الخطّ الماوي فى قيادة الحزب منذ 1935 . و نجم عن الخطّ الماوي الصحيح تعزيز قوى الثورة و تمكّنها من الإنتصار على أعدائها عبر البلاد بأسرها ( بإستثناء هونكونغ) سنة 1949 و مكّن الفيتنام و كوريا من إلحاق الهزيمة بالأمريكان ( هذا دون الحديث عن حرب التحرير بألبانيا ) .
و الأحزاب الماوية التى إنطلقت فى حرب الشعب الطويلة الأمد كطريق للثورة الديمقراطية الجديدة فى المستعمرات الجديدة و اشباه المستعمرات منذ الستينات – الهند و الفيليبين- و السبعينات- تركيا – و الثمانيات –البيرو- و التسعينات – النيبال- خوّل لها الخطّ الماوي الصحيح تعزيز قوّتها و التقدّم بالثورة غير أنّ إغتيال قادتها أو سجنهم و إرتكاب أخطاء و إنحرافات عن الجوهر الثوري الحقيقي للماوية جعلها فى فترات معيّنة تفقد الكثير من قوّتها و زخم الثورة . و مع ذلك تلك القوى التى لا تزال ماوية رئيسيا قولا و فعلا لم تسحق وهي مع تصحيحها للأخطاء تعود بقوّة لقيادة تقدّم الثورة مثلما هو الحال راهنا فى الفيليبين و الهند .
أمّا التحريفية المسلّحة فى نسختيها الغيفارية و الجبهوية / الإنتفاضية ( على غرار الجبهة السندينية و خطّ فيالوبوس الذى أسقطه الثوريون الماويون داخل الحزب الشيوعي الفليبيني و خطوط مماثلة فى السلفادور و كولمبيا ...) فإنّها تسعى إلى تحقيق إنتصار تعدّه سريعا و تقاسما للسلطة مع فئات من الطبقات الحاكمة لدولة الإستعمار الجديد بعيدا عن تحطيمها و تشييد دولة الديمقراطية الشعبية و تمهيد الطريق للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية.وهي إن لجأت إلى الكفاح المسلّح فكتكتيك مكمّل للبرلمانية أو لتفرض على فئات من الطبقات الحاكمة فى الدولة المفاوضات و الحلّ الذى تنعته بالسياسي و ليس كحرب شعب طويلة الأمد ماوية لإستنهاض الجماهير الشعبية و بناء سلطة حمراء و أجهزة دولة جديدة فى مناطق الإرتكاز بالريف للزحف شيئا فشيئا على المدن و الدولة القديمة و تحطيمها كلّيا جيشا و شرطة و بيروقراطية/ دواوينية كي تمارس الجماهير الشعبية و الطبقات الثورية بقيادة البروليتاريا ديمقراطية صلب الشعب و دكتاتورية ضد الأعداء من إمبرياليين و برجوازية كمبرادورية/ بيروقراطية وإقطاعيين؛ و تعبّد الدولة الجديدة الطريق للثورة الإشتراكية على كافة الأصعدة. و لأنّ المجال لا يسمح بالخوض فى تفاصيل خطّ من هذا القبيل، نحيلكم على دراسة وثائق ماوية منها "غيفارا ، دوبريه و التحريفية المسلّحة " لماويين أمريكان – متوفّر بموقع الفكر الممنوع بالأنجليزية- و وثيقة نشرها ماويون من الهند بمجلّة "عالم نربحه" عن الإقتصادوية المسلّحة ووثيقة أخرى نشرها ماويون من كولمبيا فى ذات المجلّة عن حرب الشعب و الإستراتيجيا الإنتفاضية فضلا عن وثائق حملة التصحيح للحزب الشيوعي الفليبيني.
ودون التوسّع أكثرفى الموضوع، من المهمّ هنا أن نشير إلى أنّ الطريق الإنتفاضى الخوجي يلقى صداه فى تونس عن وعي و تنظير مفضوح أو متستّر او عن غير وعي لدى مجموعات تطلق على نفسها نعت الوطنية الديمقراطية إضافة إلى حزب العمّال الشيوعي التونسي الذى تبنّى الخوجية و دافع عنها صراحة منذ نشأته و هوعالميّا منخرط فى منظمة الأحزاب و المنظمات الخوجية. و فى هذه المدّة الأخيرة، يبثّ أصحاب الطريق الإنتفاضي الخوجي و الإصلاحيين الإنتهازيين الآخرين الأوهام البرجوازية حول الإنتفاضة الشعبية فى تونس معتبرينها ثورة فى حين أنّ ما حقّقته و قد تحقّقه لا يتجاوز الإصلاحات البرجوازية ( تنازلات إقتصادية و سياسية و إجتماعية طفيفة قابلة للإلتفاف عليها فى أقرب الفرص السامحة لأعداء الشعب بذلك ) فرضتها النضالات الشعبية التى لا تمسّ من جوهر دولة الإستعمار الجديد و جيشها و نمط إنتاجها و الطبقات التى هي تمثّلها وتخدمها (2). و عربياّ تجسّد الجبهات الفلسطينية ، و منها بالخصوص الديمقراطية و الشعبية النزعة التحريفية المسلّحة ، علما أنّ هتين الجبهتين كانتا تعدّان الإتحاد السوفياتي الإمبريالي الإشتراكي صديقا للشعوب و كانتا تنسّقان معه المواقف و هما لعقود تقدّمان التنازلات تلو التنازلات إلى درجة أضرّت بقضية التحرّر الوطني الديمقراطي الفلسطينية حتى لا نستعمل كلمات أخرى.
و بإختصار نستخلص من تاريخ الصراع الطبقي للبروليتاريا العالمية أنّ طريق حرب الشعب الطويلة الأمد الماوية هو الطريق الثوري الوحيد فى المستعمرات و أشباه المستعمرات للقضاء على الجبال الرواسي الثلاثة ،الإمبريالية و البرجواية الكمبرادورية / البيروقراطية و الإقطاع وهو طريق أهمّ ما يقتضيه محوريا و مركزيّا تأسيس و بناء حزب بروليتاري ثم جيش شعبي و جبهة متحدة كأسلحة سحرية ثلاثة قادرة على قيادة الشعب لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة و بناء دولة جديدة ، دولة الطبقات الثورية بقيادة البروليتاريا تمهّد الطريق للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية المسترشدة بالماركسية- اللينينية- الماوية.
و من هذا تتجلّى حقيقة ساطعة على الثوّار البروليتاريين إدراكها ألا وهي" لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! "." ( مقتطف من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !" العدد الأوّل).
============================================================
الفصل الثالث
المنهج البلشفي / الخوجي مثالي ميتافيزيقي يفضى إلى نتائج مفزعة .
" إنّ المثالية و الميتافيزيقا هي الشيء الوحيد فى العالم ، الذى لا يكلّف الإنسان إي جهد، لأنها تتيح له أن يتشدّق كما يشاء دون أن يستند إلى الواقع الموضوعي و دون أن يعرض أقواله لإختبارات الواقع. أمّا المادية و الديالكتيك فهي تكلّف الإنسان جهدا، إذ أنّها تحتّم عليه أن يستند إلى الواقع الموضوعي أن يختبر أمامه، فإذا لم يبذل جهدا إنزلق إلى طريق المثالية و الميتافيزيقيا "( ماو تسى تونغ- ملاحظة على " المعلومات الخاصة بطغمة خوفنغ المعادية للثورة " –مايو – أيار -1955؛ الصفحة 224 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ ").

مطبوع هو منهج " الحديدي" بطابع المثالية الميتافيزيقية و تجلّياته لا حصر لها فى كتاباته نبرز شيئا منها فى التالي من الفقرات :
1- خلط الحابل بالنابل :
المثالية الميتافيزيقية وحدها تتيح للبلشفي/ الخوجي أن " يتشدّق كما يشاء دون أن يستند إلى الواقع الموضوعي و دون أن يعرض أقواله لإختبارات الواقع" .إنّه يخلط الأمور بشان ماو تسى تونغ حيثما و متى شاء و كيفما شاء بغاية واحدة لا غير هي إقتلاع شجرة الماوية لإفساح المجال لغرس " النظرية البلشفية " مكانها. لقد شرع فى مهاجمة ماو ستى تونغ معيدا على أسماعنا الترهات الخوجية المعهودة و لمّا لم يكفيه ذلك إنتقل إلى أقوى الأسلحة عنده أي تحويل ماو تسى تونغ إلى قاتل لستالين! و لكن قبل تسديد ضربته التى يظّن أنّها قاتلة ، مهّد بكلّ السبل لتشويه ماو تسى ونغ خالطا الحابل بالنابل.
فعلاوة على تشبيهه بتيتو و جعله مساويا له فى تلاعب إنتهازي بأقوال ماو ، جعل فى " ستالين قائد الثورة ..." ماو تسى تونغ تلميذا لبوخارين و حاملا لذات أفكار خروتشوف بل و متبنّيا " لجميع تشويهات خروتشوف وجميع أطروحات المؤتمر العشرين" : 1-" فى الحقيقة لم يكن خروتشوف و لا ماو تسى تونغ أب نظرية " الإنتقال السلمي للإشتراكية بل بوخارين" - 2" و هناك أيضا البعض ممن يدافع عن ماو تسى تونغ يدعى فى نفس الوقت أنّه يدافع عن ستالين ، هذا الأخير ليس فى حاجة لدفاع ماو المسموم، ذلك " الدفاع" الذى تبنّى جميع تشويهات خروتشوف و جميع أطروحات المؤتمر العشرين التحريفية . إنّ الدفاع عن ماو مهما كانت درجة ذلك الدفاع يعنى الهجوم على ستالين ، لأن الماوية مضادة مباشرة للماركسية- اللينينية. كلّها أشكال و ألوان من التحريفية و الإنتهازية ".
وهو كلام أبعد ما يكون عن الحقيقة و الواقع الموضوعي شأنه فى ذلك شأن جعل ماو إلى جانب أنور خوجا متواطئين مع خروتشوف و تقريره السرّي. " و يقرّ ماو و الحزب الشيوعي الصيني بشعبية ستالين فى العالم وفى الإتحاد السوفياتي و أنّ التحريفيين يخشون ردّة فعل البروليتاريا لذلك أبقوا التقرير سرّيا بتواطئ من ماو و أنور خوجا لأنّ هذين الأخيرين كانا إنتهازيين وسطيين ( مثل معارضة كاوتسكي الإنتهازية الوسطية لبرنشتاين) " ( " إغتيال ستالين...") .
من نافل القول أنّ ماو تسى تونغ قاتل التحريفية المعاصرة و خروتشوف وهو من أوّل القادة البروليتاريين فى العالم الذين أدركوا بالعمق اللازم الجوهر التحريفي لأطروحات المؤتمر العشرين و ذلك منذ سنة 1956. و مذّاك بذل ماو تسى تونغ قصاري جهده للتصدّى لها و لفضحها عالميّا و الجدال الكبير الصين – السوفياتي لم يكن مغازلة بين الإثنين بل حربا ضروسا من نتائجها الجيّدة ولادة الحركة الماركسية- اللينينية العالمية بقيادة الحزب الشيوعي الصيني الذى إلتحق به حزب العمل الألباني و البقية تاريخ مسجّل و موثّق من ينكره لا يعدو أن يكون مثاليّا ميتافيزيقيّا.
و البلشفي / الخوجي من هؤلاء المثاليين الميتافيزيقيين حيث من ناحية ينكر الواقع الموضوعي و من ناحية أخرى يجمع بين الأعداء و يجعل منهم أصدقاء فيعيد كتابة التاريخ كتابة مثالية ذاتية المحدّد فيها ليس البحث عن الحقيقة و إعلاء رايتها بما انّها وحدها هي الثورية حسب لينين و إنّما هو طبخ طبخة تلحق أكبر الضرر الممكن بالماوية لأجل تمرير " النظرية البلشفية " و فرضها فرضا حتى و إن تطلّب الأمر الإساءة لستالين كما سنرى و الإساءة لماركس و إنجلز و كذلك للينين .
و فى نفس السياق ، تجدر الملاحظة أن ذات منهج خلط الحابل بالنابل و تشويه الخصوم لا سيما ماو تسى تونغ لأنّه خطى خطوة أخرى بالماركسية- اللينينية إلى المرحلة الثالثة الجديدة و الأرقى : الماركسية- اللينينية- الماوية فى حين أنّ البلشفي / الخوجي لا يمكنه العودة إلى الوراء إلاّ بتحطيم هذا التطوير الجديد ، يدفع البلشفي / الخوجي فى نصّه " واجب الشيوعيين المطلق " إلى حدّ تقديم مرجع لكلام لينين لا يمكننا أن نجد به هذا الكلام البتّة إذ يحيلنا لمرّات ثلاث على" كلمة أمام المؤتمر الشيوعي العالمي الثاني 26 تموز 1921" فى ترجمة رديئة قصد منها المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية، غير أنّنا بحثنا و فتّشنا و تصوّروا على ماذا عثرنا. تصوّروا قليلا . عثرنا على التالي : فى تمّوز 1921 أثناء المؤتمر الثالث – و ليس الثاني- للأممية الشيوعية قدّم لينين " موضوعات التقرير عن تكتيك الحزب الشيوعي فى روسيا " و لا أثر فيه للكلام الذى نسبه البلشفي/ الخوجي للينين.
خلط الحابل بالنابل تكتيك إستعمله الخوجيون جميعا ساعين إلى إغتصاب الواقع و إدخاله فى القوالب المثالية الذاتية التى يعدّونها لكن الماركسيين- اللينينيين- الماويين لهم بالمرصاد فضحوهم و لن يكفّوا عن فضحهم معتمدين الواقع الموضوعي و متوخّين البحث عن الحقيقة التى هي وحدها الثورية و التى تخوّل لنا تفسيرا صحيحا للعالم من أجل تغييره ثوريّا من وجهة النظر البروليتارية.
2- لا فرق لدي البلشفي / الخوجي بين الثورة و الإنتفاضة، بين الوهم و الحقيقة فى تونس :
أوّل مقال له نشره على موقع الحروار المتمدّن يحمل عنوان " حول مغزى ثورة 14 جانفى و مهام الطبقة العاملة و القوى الديمقراطية الثورية فى تونس".
وعلى غرار وسائل الإعلام السائدة و الأحزاب و المنظّمات اليمينية و الإنتهازية بيمينها و " يسارها "، يلهث الغارق فى البلشفية / الخوجية بنعت ما حصل فى تونس بالثورة وهو ليس كذلك و كونه يردف النعت ب تاريخ 14 جانفي يكشف أنّه كان يرى نهاية السيرورة و لا يرى بدايتها و مجرى أحداثها و يقتفى فى ذلك أثر القوى الرجعية والإصلاحية هو الذى ينقد الإنتهازية اليمينية و ال" يسارية " !
يا " ثوري" أكثر من اللزوم ، ما حصل فى تونس تعدّه ثورة و ما حصل فى أكتوبر 1917 فى روسيا و فى الصين بقيادة ماو تسى تونغ طوال أكثر من عشرين سنة من الحرب الأهلية و حرب الشعب و إنتصار سنة 1949 ، ماذا تعدّه ثورة أم إنتفاضة؟ و نترقّب منك جوابا فى القريب العاجل !
أضف إلى ذلك أنّ هذا الدغمائي التحريفي الخوجي المتستّر لا يفرّق طبعا بين الثورة كتحوّل نوعي من تشكيلة إجتماعية – إقتصادية إلى أخرى و الإنتفاضة كحركة إحتجاجية و تمرّد قد تكون محلّية ، جهوية ، أو شاملة و قد تكون سلمية نوعا ما أو مسلّحة و قد تؤدّي أو لا تؤدّي إلى ثورة إي إلى تغيير جذري و إطاحة طبقة بطبقة أخرى .
" الثورة إنتفاضة و عمل عنيف تلجأ إليه إحدى الطبقات للإطاحة بطبقة أخرى"( ماو تسى تونغ-1927).
و الخوجي بمثالية يجعل من " الحبّة قبّة " كما يقول المثل التونسي الشائع. بمثاليته تستحيل حركة تمرّد ، على أهمّية المكاسب التى حقّقتها، إلى ثورة بمعنى تحوّل نوعي طبقي تاريخي و ليس فقط فى بعض الوجوه الحاكمة و لا حتى فى شكل السلطة ، تحوّلا نوعيّا بمعنى تحطيم دولة قديمة و تشييد دولة جديدة و ما يستوجبه ذلك من إلحاق الهزيمة بجيش الدولة القديمة و تفكيكه و إنشاء جيش جديد يشكّل قوام الدولة الجديدة.
مسألة العنف الثوري الذى ينهض بدور القابلة فى تاريخ الثورات على حدّ تعبير لماركس يتجاهلها المثالي تجاهلا تامّا بل يستهزأ " هذا " الديمقراطي الثوري" من " حرب الشعب طويلة الأمد " كإستراتيجيا بيّنت صحّتها الثورة الصينية و الفيتنامية ... ولا بدّ منها فى المستعمرات و أشباه المستعمرات كما أنف الشرح. و فضلا عن ذلك ، يتناسى هذا " الديمقراطي الثوري" تعاليم لينين و " فنّ الإنتفاضة " اللينيني و مفهوم الوضع الثوري بعنصريه الموضوعيين الخاصين بوضع الطبقات الحاكمة من جهة ووضع الجماهير الشعبية من جهة أخرى و بعنصره الذاتي الواعي أي وجود حزب ثوري يضطلع بمهام الطليعة الثورية البروليتارية.
و يتعيّن علينا هنا أن نشدّد ، متوجّهين إلى الخوجيين المفضوحين منهم و المتستّرين بأصنافهم جميعا و لغيرهم من الإنتهازيين الذين يبثّون الأوهام البرجوازية الصغيرة ، على أنّ الحديث عن ديمقراطية غير طبقية و لو وصفت بالثورية ، يصبّ فى خانة التحريفية بما هي فكر برجوازي فى صفوف الطبقة العاملة. ونذكّر بالمناسبة بمقولة لينين التى صارت متداولة إلى حدود وهي :
" من الواضح أنّه ، طالما هناك طبقات متمايزة، - و طالما لم نسخر من الحسّ السليم و التاريخ،- لا يمكن الحديث عن "الديمقراطية الخالصة " بل عن الديمقراطية الطبقية فقط ( و نقول بين هلالين إنّ " الديمقراطية الخالصة" ليست فقط صيغة جاهلة تنمّ عن عدم فهم لنضال الطبقات و لجوهر الدولة على حدّ سواء ، بل هي أيضا صيغة جوفاء و لا أجوف ، لأنّ الديمقراطية ، ستضمحلّ ، إذ تتطوّر فى المجتمع الشيوعي و تتحوّل إلى عادة ، و لكنها لن تصبح أبدا ديمقراطية " خالصة "). ( لينين "الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ، الصفحة 18 ، دار التقدّم ، موسكو).
و نلفت النظر ، إضافة إلى ذلك ، إلى كون " الديمقراطي الثوري" بزيادة نعت ثورية للديمقراطية يشوّه كلاّ من أطروحات لينين و ستالين و الأممية الثالثة الذين دون مداورة صرّحوا بأنّ الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات ذات طبيعة برجوازية و لكنّها تختلف عن سابقاتها فى البلدان التى صارت رأسمالية – إمبريالية إذ هي تحصل فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية و قد غدت جزءا من الثورة البروليتارية العالمية. وسيطوّر ماو تسى تونغ أكثر هذا الخطّ إنطلاقا من تطوّر التجارب العملية للثورة الصينية ليبلوره بلورة غاية فى الوضوح فى " حول الديمقراطية الجديدة " وهومن المؤلّفات التى يصفها الخوجيون المفضوحون منهم و المتستّرون و غيرهم من الإنتهازيين بالتحريفية و بأشنع و أبشع الأوصاف. و هم حين يطمسون حقيقة تطوير ماو تسى تونغ لموضوعات لينين و ستالين و الأممية الثالثة ، لا يفترون على الماوية وحسب بل يفترون أيضا على الماركسية- اللينينية و رموزها.
و نحن نتجوّل بين نصوص " الديمقراطي الثوري" ، نعثر عليه متلبّسا بالتسلّل من نصّ إلى آخر مستعملا فى البداية " ثورة 14 جانفي" و تاليا فى الجملة الأولى من " خطّتان..." ، " ثورة 14 جانفي أو كما يفضّل بعض الرفاق إنتفاضة 14 جانفي" لينتهي فى نصوصه بعدئذ إلى " إنتفاضة الجماهير " و " إنتفاضة الجماهير فى 17 ديسمبر 2011 " و " إنتفاضة الجماهير منذ 17 ديسمبر" و " إنتفاضة الشعب" فى نصّ "مداح الإمبريالية" ...
و قد يثير أحدهم سؤالا : هل قدّم " الحديدي " المتقلّب المواقف تفسيرا لذلك التقلّب؟ و نجيبه لا أبدا حسب الوثائق المنشورة إلى الآن و يبدو أنّ بفعل نضال الماويين و فضحهم لناشري الأوهام عن " ثورة 14 جانفي" و بفعل إثبات مسار الأحداث صحّة التحاليل الماوية ، إلتجأ هو و غيره من المتحدّثين عن " ثورة " إلى تعديل الموقف خلسة و دون ممارسة النقد و النقد الذاتي و شرح التصحيح و تعليله. و حتى ينتقلوا إلى الضفّة الأخرى الصحيحة ، ضفّة الإنتفاضة و ليست ثورة ، إعتمد هذا الدغمائي التحريفي الخوجي أسلوبا مراوغا شأنه فى ذلك شأن رموز من " الوطد" فبسط القضية و كأنّ الإنتفاضة هي الثورة و الثورة هي الإنتفاضة و بوسع المرء أن يستخدم أيّا من المصطلحين كما يشاء فهو بكلّ صفاقة ينطلق فى أوّل جملة فى نصّ " خطتان..." ب " تعبير ثورة 14 جانفي ، أو كما يفضّل بعض الرفاق إنتفاضة 14 جانفي" التى تستحيل بضربة سحرية إنتهازية بعد ذاك إلى " إنتفاضة الجماهير فى 17 ديسمبر" . و لا حرج.
لا يعلم " منظّر البلشفية " و من لفّ لفّه أنّ المسألة ليست مسألة تفضيل عبارة على أخرى أو مسألة إرادة ذاتية و إنّما هي مسألة واقع مادي موضوعي و حقيقة موضوعية و توصيف صحيح لهذا الواقع و تفسيره من أجل تغييره ثوريّا. نظرته المثالية الذاتية لا تسمح له بالتمييز بين حقيقة ما وقع فى تونس على أنّه إنتفاضة مقابل وهم الثورة نقيض الحقيقة. و بما أنّ الحقيقة وحدها هي الثورية حسب لينين فإنّ نشر الأوهام عمليّا يضلّل الجماهير و لا يرفع من وعيها و يقدّم أجلّ الخدمات للطبقات الرجعية.
و قد سبق و أن كتبنا فى الموضوع الذى نحن بصدده :
مرّة أولى :" إنتفاضة أم ثورة :

بداية وجبت ملاحظة أنّ التمرّد إنطلق فى مطالبه إجتماعيا عفويّا ليتحوّل شيئا فشيئا و يوما فيوما إلى رفع واعي مصمّم و منظّم بأشكال مختلفة و متفاوتة القوّة لمطالب سياسية لم تعد منحصرة فى جهة أو جهتين و إنّما عمّت البلاد كافة تقريبا. و رغم الطابع العفوي الطاغي فى البدء خاصة فإن قوى سياسية مختلفة فى النقابات و فى منظّمات شتى و فى الجهات المتنوّعة ( أفرادا و جماعات) نظّمت إلى حدود النضالات و نسقها التصاعديّ و الصمود و الهجوم و إن لم يهيمن حزب معيّن على التحرّكات فإنّ عديد المجموعات سجّلت حضورا ملحوظا منذ البداية أو إلتحقت بالحركة الإحتجاجية بجدّ بعد تردّد أو تلكؤ ووقوف موقف المتفرّج لأيام أو لأسابيع.

ثمّ إنّ تمرّد الشعب حين توسّع صار إنتفاضة جماهيرية طالت و تعمّقت فحقّقت هدفا كان بعيد المنال بالنسبة للكثيرين حتى من الأحزاب و المجموعات السياسية ألا وهو الإطاحة برأس النظام الرئيس الجنرال و قد يحقّق تواصل التمرّد إسقاط حكومة الغنوشي فى الأيام القادمة. و مع ذلك ليس بإمكاننا علميا و من منظور البروليتاريا و منهجها المادي الجدلي أن ننعت ما حصل بالثورة إذ هو لا يتعدّى كونه إنتفاضة و ذلك لأنّه اطاح برئيس الدولة و لم يطح بالدولة ، دولة الإستعمار الجديد ، دولة الإقطاع و الكمبرادور المتحالفة مع الإمبريالية و خادمتها .

ماركسيا، الدولة جهاز قمع طبقة لطبقة/ الطبقات أخرى متكوّن أساسا من الجيش كعمود فقري و آلة بيروقراطية لإدارة دواليب الدولة و مؤسساتها . و تطبيقا على تونس و إن تعرّض الجهاز البيرروقراطي للدولة إلى بعض الضربات فى جهات معينة و مؤسسات معينة و إلى حدود معينة فهو لا يزال قائما و قادرا على إعادة إنتاج هيمنة دولة الإستعمار الجديد. هذا من جهة و من جهة ثانية ،الجيش لم يطله أي ضرر بل بالعكس صار الشعب يعتبره حليفا له يحبّه و يقدّره فى حين أنّه ليس البتّة بالجيش الشعبي و إنّما هو جيش الدولة القائمة و عمودها الفقري و قياداته عملت لدى الجنرال المخلوع و تحت إمرته و فى إتفاق معه لسنوات طوال وهي تأتمر بأوامر الإمبريالية العالمية و تخدم مصالح التحالف الطبقي الرجعي الحاكم و إن إختلفت فى لحظة ما فى التكتيك الذى يجب توخّيه تحت ضغط الشارع.

و لئن قدّمت الطبقات المهيمنة بعض التنازلات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية فإنّها لم تسلّم الدولة جهازا و مؤسسات للشعب الذى عليه ليس تحسين هذا الجهاز و هذه المؤسسات بل تحطيمهما و تعويضهما بدولة جديدة مثلما شرح ذلك ماركس و لينين ( "الدولة و الثورة" ، لينين). و فى إرتباط بالجيش ، من الأكيد أن نذكّر أن ما يسمىّ بأجهزة الأمن – شرطة وحرس و ما شابه و منها " أمن الدولة"- قائمة الذات و بأمر من مسؤوليها قد تغرق البلاد فى أية لحظة فى القمع أو فى حمّام دم من جديد. و حينها لن تستطيع جماهير الشعب العزلاء التي لا تملك جيشا شعبيا صدّ الرصاص و الدبابات و الطائرات و التغلّب عليها و تحطيم كافة أجهزة دولة الإستعمار الجديد دون جيش شعبي و عبر حرب شعبية طويلة الأمد.

و إضافة إلى الإعلام بالتلفزة و الراديو و الصحف و غيرها الذى لا زالت بأيدى دولة الإستعمار الجديد كما لاحظ ذلك حتى أبسط المواطنين و إن سمح بمساحات محدودة للرأي المعارض قد تتتقلّص لاحقا تدريجيا مع خفوت نبرة الإنتفاضة ، فإنّ- إقتصاديا- نمط / أسلوب الإنتاج لم يتغيّر و طبيعة المجتمع كذلك لم تتغيّر. و هذا أمر مركزي بالنسبة للماديين الماركسيين الذين يعتبرون أنّ السياسة تعبير مركّز عن الإقتصاد و الذين يدعون للثورة الوطنية الديمقراطية أو الديمقراطية الوطنية أو الوطنية الديمقراطية /الديمقراطية الجديدة أو الإشتراكية . فإن كان تمرّد الشعب التونسي ثورة فهل هي من الأنواع المذكورة أعلاه؟ لا طبعا فعن أيّة ثورة يتحدّثون إذا؟ إنهم يسبحون فى بحر الخيالات البرجوازية الصغيرة.

إنّ رموز بعض التيارات أو الأحزاب اليسارية الذين طلعوا علينا فى التلفزة يوم 22 جانفي منطلقين فى حديثهم من إعتبار ما حصل إنتفاضة ليختموه بأنّها ثورة –حمّه الهمّامي الناطق بإسم حزب العمّال الشيوعي التونسي- أو الذين يصيحون بأنّها ثورة و يا لها من ثورة متميّزة – شكرى بلعيد الناطق بإسم حركة الوطنيين الديمقراطيين- أو الوطنيين الديمقراطيين الوطد الذين كتبوا فى بيان يوم 14 أنّها إنتفاضة شعبية ليتحدّثوا فى نداء يوم 16 عن ثورة عارمة و مضمون وطني و شعبي و ديمقراطي و أهداف داعية للحرية و العدالة الإجتماعية من وجهة نظر العمال و الكادحين، إنّ هؤلاء جميعا من جهة ينشرون الأوهام حول الإنتفاضة و دولة الإستعمار الجديد عوض نشر الحقيقية التي هي وحدها الثورية كما قال لينين و من جهة ثانية يقدّمون خدمة من حيث يعلمون أو لا يعلمون لأعداء الشعب حيث هؤلاء الأخيرين نفسهم يستعملون كلمة الثورة لمغالطة الجماهير و دعوتها بعد القيام بها إلى الركون و السكون و الكفّ عن خوض النضالات و توسيعها و عدم المسّ من مختلف أجهزة بيروقراطية الدولة و الجيش و العودة إلى الحياة العادية مكتفين بما حصل من تغيير على أنّه ثورة ناجزة.

و فضلا عن هذا الخلط النظري و الضرر السياسي و العملي الذى يلحقه بالصراع الطبقي إستعمال مفاهيم مضلّلة ،ثمّة خطر إعتبار الثورة تمّت و إيهام الجماهير بأنّه لا رجعة عن المكاسب المحقّقة فى حين أنّ واحد من أهمّ دروس الصراع الطبقي فى العالم التي إستخلصتها البروليتاريا العالمية هي أنّ مثل هذه المكاسب أو الإصلاحات قابلة للذوبان و التآكل و الإلتفاف عليها لاحقا حتى و إن سجّلت فى الدستور و فى قوانين و عليه لا بدّ من إبقاء الجماهير متيقّضة و رفع وعيها لتحافظ عليها و توظّفها لمزيد رفع الوعي و التقدّم بالنضال نحو الثورة الوطنية الديمقراطية/ الديمقراطية الجديدة بقيادة البروليتاريا و حزبها الماركسي-اللينيني-الماوي و الكفيلة بحلّ التناقضات الأساسية الوطنية و الديمقراطية و تمهيد الطريق للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية." ( العدد الأوّل من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!" مارس 2011)
و مرّة ثانية :" عودة إلى مسألة ثورة أم إنتفاضة :
" إنّ الثورة إنتفاضة و عمل عنف تلجأ إليه إحدى الطبقات للإطاحة بطبقة أخرى" ( ماو تسى تونغ)
كجزء من مخطّط الإلتفاف على الإنتفاضة الشعبية ، أخذت وسائل إعلام دولة الإستعمار الجديد تبثّ وهم الثورة ناعتة ما حدث بداية بثورة الياسمين ثمّ بثورة الكرامة و سرعان ما رأينا الأوهام تنتشر إنتشار النار فى الهشيم و تغزو غالبية القوى " اليسارية" ،ناهيك عن القومية و غيرها .فطلع علينا ، على سبيل المثال الناطق الرسمي بإسم حركة الوطنيين الديمقراطيين فى وسائل الإعلام ، مؤكّدا أن طبيعة "الثورة " التى حصلت "ثورة ديمقراطية إجتماعية" . و من جانبه سرعان ما تحوّل حزب العمّال من الحديث عن إنتفاضة إلى الحديث عن "ثورة" ديمقراطية و ظلّ " الوطد " لأشهر ينعت الحدث بالثورة ثم أخذ بعضهم يستعمل مصطلح الإنتفاضة و بقي آخرون يستعملون ثورة أو إنتفاضة دون تفرقة أو معا فى ذات الخطاب إلى هذه الأياّم الأخيرة.
و كان المستفيد الأكبر من هذا التضليل و بثّ الأوهام البرجوازية الصغيرة من قبل جبهة 14 جانفي و آخرين هو القوى الرجعية ذلك أنّه ساعدها على توجيه الرأي العام ضد بن علي و عائلته و إنقاذ النظام ككلّ حكومة و مؤسسات و شرطة و جيش إلخ و إعداد العدّة على جناح السرعة للإلتفاف على الإنتفاضة الشعبية بشتى السبل و منها بالأساس توجيه النقد لشخص معيّن لا لنظام كامل إجتماعي - إقتصادي ، و بالتالى جعل بن علي كبش فداء و إنقاذ دولة الإستعمار الجديد و إعادة هيكلها و إخراجها فى ثوب جديد و بوجوه جديدة.
و عمّا تمخّضت " الثورة " المزعومة؟
لقد تمخّضت " ثورة " حزب العمّال و حركة الوطنيين الديمقراطيين و غيرهما عن مثلا :
1- حكومات ثلاثة جميعها دستورية تجمعية عمل رؤساؤها مع الجنرال زين العابدين بن علي.
2- توطيد الجيش بالدعاية له على أنّه عامل إستقرار و مساند للشعب و تعزيز صفوفه بإرجاع حتى المطرودين منه مهما كانت الأسباب و تبييض وجهه و كأنّه محايد هو الذى كان يأتمر بأوامر بن علي و يخدمه و قبله بأوامر بوقيبة و شاركهما الحكم و قمع الشعب.
3- تعزيز جهاز الشرطة بإرجاع الآلاف المطرودين و إنتداب آلاف أخرى و رفع أجور الأعوان على نحو لم يجنيه أي قطاع آخر.
4- بقاء جهاز القضاء ،رغم كافة الجهود النضالية المبذولة لتغييره بين أيدى القضاة الفاسدين و من ثمة بين أيدى ذات جهاز الدولة الذى لم يحطّم.
5- إستمرار جهاز الإعلام رئيسيا بيد الحكومات الدستورية التجمعية المتتالية و المحافظة على ذات توجه الدولة منذ بورقيبة إلى بن علي فى خدمة الطبقات الحاكمة و الإمبريالية العالمية ضد مصالح الشعب.
إلخ إلخ...
كلّ هذا ،عدا النتائج الأخيرة لإنتخابات المجلس التأسيسي ، و يدّعى ناشرو الأوهام البرجوازية الصغيرة أنّ ما حدث "ثورة" ديمقراطية أو ديمقراطية إجتماعية و ما إلى ذلك و أنّه ينبغى " إكمال مهام الثورة" و غيرها من الترهات لا لشيئ إلاّ لأنّ النظام أقدم على بعض التنازلات الطفيفة و منها شيئ من الحرّيات الإعلامية و الإعتراف بأحزاب.
لقد لخّصنا فى السابق أنّه لم تتمّ أية ثورة إلاّ فى خيال هؤلاء مدّعي تبنّى الشيوعية لأمرين إثنين متعلقين بالبنية التحتية و البنية الفوقية أي أنّه لا تغيّر نوعي / كيفي فى نمط/ أسلوب الإنتاج و لا تغيّر كذلك فى جهاز الدولة و الطبقات الماسكة به خدمة لمصالحها الآنية و البعيدة المدى و حدّدنا أنّ ما أنجزه الشعب لا يعدو أن يكون إنتفاضة و يبدو أنّ هناك تيّار الان صار يتشكّل و يقترب أكثر فأكثر من تبنّى هذه الحقيقة : إنتفاضة و ليست ثورة. لكن هناك أيضا خطر تكرار ذات الأوهام حتى فى صفوف الفئات الأكثر نضالية و فهما للمهزلة الإنتخابية بفعل رفع شعار " الشعب يريد الثورة من جديد" الذى يُقحم فيه مجدّدا مصطلح الثورة و يقرّ ضمنيّا و صراحة أن ما حصل سابقا " ثورة". و هذا من أفدح الأخطاء و تبعاته وخيمة للغاية و مخيبة الآمال و محبطة حيث عاجلا أم آجلا سيكون من عوامل عرقلة التعبئة الجماهيرية لأنّ غالبية الجماهير تعتقد فى فكرة خاطئة شائعة هي أنّ الثورة أنجزت و إنتهى الأمر و الآن حان وقت المضي نحو الإستقررار و البناء و جني ثمارها ، و لأنّ وجوها و أحزابا جديدة إعتلت سدّة الحكم و لها قاعدة إجتماعية عريضة و لم يقع بعدُ فضحها شعبيّا كبديل إمبريالي و فضج برامجها و القوى التى تمثّلها طبقيّا.
" إنّ الإستيلاء على السلطة بواسطة القوة المسلّحة ،و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمّة المركزية للثورة و شكلها الأسمى . و هذا المبدأ الماركسي-اللينيني المتعلق بالثورة صالح بصورة مطلقة ،للصين و لغيرها من الأقطار على حدّ السواء " ("مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ص 65). " ( العدد السادس من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!" جانفي 2012).
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------
3- أمنيات البلشفي/ الخوجي فى تضارب مع الوقائع التاريخية:
عند تصفّح نصّ " إغتيال ستالين..." نعثر على جملة تترجم أكثر أمنية البلشفي الخوجي أكثر منها تعكس واقعا :" لقد كان ماو على حقّ عندما صرّح بأنّ ستالين يعتبره " من طراز تيتو"." هل هذا مضمون تصريح ماو الحقيقي؟ لا.
و حجّتنا نستقيها من ذات نصّ " إغتيال ستالين..." :" ويعترف ماو بذلك حيث يصرح في 1956 " لقد ارتكب ستالين عددا معينا من الأخطاء بحق الصين، فمغامرة وانغ مينغ "اليسارية" في أواخر مرحلة الحرب الأهلية الثورية الثانية وانتهازية وانغ مينغ اليمينية في أوائل حرب المقاومة ضد اليابان كلتاهما ترجعان إلى ستالين. خلال مرحلة حرب التحرير، لم يسمح لنا في البداية بالثورة معتقدا بأن الأمة الصينية ستتعرض لخطر الدمار إن قامت حرب أهلية. ولما قامت الحرب كان ينظر لنا بعين الشك. وعندما انتصرنا في الحرب كان يرتاب في أن انتصارنا انتصار من الطراز التيتوي وكانت ضغوطه علينا شديدة في عامي 1949 و1950." (حول العلاقات العشر الرئيسية: خطاب ماو في الاجتماع الموسع للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الش الص – 25 نيسان 1956). "
هل فى كلام ماو تصريح بأنّ " ستالين يعتبره "من طراز تيتو"؟ و نشدّد على يعتبره.لا.
هل الشكّ و إلإرتياب يساويان اليقين؟ طبعا ، لا.
ستالين شكّ و له أن يشكّ لما لا؟ و لكن الشكّ طريق اليقين و ليس اليقين ، الشكّ فرضية تحتاج إلى التأكّد من صحّتها أو خطئها بالدلائل المادية. واليقين أكّدته الممارسة العملية وهو يتمثّل فى أنّ الإنتصار الصيني لم يكن واقعيّا يشبه فى شيء " الطراز التيتوي". و إقرار ستالين بأخطائه تجاه الثورة الصينية دليل آخر لا أوضح منه على ذلك.
و من المضحكات المبكيات الأخرى أن يثرثر البلشفي / الخوجي عن إعتماد ماو أسلوب " التخفّي" فى علاقة بستالين. ماو تسى تونغ لم يهب الموت و كان يقود حزبا و جيشا عظيمين فى معظم مجرى حرب أهلية دامت أكثر من عشرين سنة و تحلّى بالشجاعة فى مواجهة وانغ مينغ و لي لي سان وهما من رموز الجمود العقائدي الذين لم يعترفوا بخصوصيّات الثورة الصينية و حاولا تطبيق نهج ثورة أكتوبر على الصين، و ألحق بهما الهزيمة منذ 1935 رغم أنّ خطّهما كان مسنودا من ستالين و الأممية الثالثة – وهو خطأ أقرّ به ستالين فى ما بعد- و حقّقت الثورة الصينية بقيادته النصر . أضف إلى ذلك أنّ كتابات و سياسات الحزب الشيوعي الصيني معلومة لدي الحركة الشيوعية العالمية و نشر منها ما نشر فى مجلّة الأممية الثالثة. لم يتخفّى ماو وقد أطاح بالدغمائيين الصينيين أولئك و لم يتخفّى حين رفض ضغط ستالين لإيقاف الحرب الأهلية فلماذا يتخفّى وهو قد حقّق النصر و ستالين قد إعترف بخطئه؟
لا داعي للتخفّي إلاّ فى الخيال التآمري البلشفي / الخوجي و فهمه المثالي للتاريخ و إحلاله أمانيه بمثالية ذاتية مكان الوقائع المثبتة تاريخيّا. ماو ليس من دعاة " التقيّة " حسب فرق إسلامية . على العكس تماما كان مباشرا واضحا مبدئيّا فى تعاملاته مع الرفاق صلب الحزب الشيوعي الصيني أو الحركة الشيوعية العالمية وحيث لزم الصراع ضد الإنحرافات لم يتوانى عن القيام باللازم شيوعيّا.
" على الشيوعي أن يكون صريحا ، صافي السريرة ،مخلصا ،عظيم الهمذة والنشاطن يفضّل مصالح الثورة على حياته،و يخضع مصالحه الشخصية لمصالح الثورة. و عليه أن يتمسّك فى كلّ زمان و مكان بالمبادئ الصحيحة و يخوض النضال بلا كلل أو ملل ضد جميع الأفكار و الأفعال الخاطئة ،و ذلك من أجل توطيد الحياة الجماعية للحزب و تعزيزي الروابط بين الحزب و الجماهير. و عليه أن يهتمّ بالآخرين أكثر من إهتمامه بنفسه. و بهذا وحده يمكن أن يعدّ شيوعيّا" ( ماو تسى تونغ ،"ضد الليبرالية "7 سبتمبر - أيلول- 1937، المؤلّفات المختارة ، المجلّد الثاني ؛ و الصفحة 284 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ").
4- تعاطي مثالي ميتافيزيقي مع أخطاء ستالين :
يجدر بنا قبل تفحّص التعاطي المثالي البلشفي الخوجي هنا أن نلقي نظرة سريعة على مقولة للينين ذكرتها وثيقة " حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا " الصينية تعبّر عن الموقف الشيوعي المبدئي إزاء الأخطاء فى التجربة الإشتراكية الأولى :
" فليصب علينا كلاب و خنازير البرجوازية المحتضرة و الديمقراطية البرجوازية الصغيرة التى تسير فى ذيلها،أكواما من اللعنات و الشتائم و السخر بسبب من الإخفاقات التى نمنى بها و الأخطاء التى نرتكبها فى بناء نظامنا السوفييتي . فإننا لا ننسى لحظة أنّه وقعت و لا تزال تقع عندنا كثرة من الإخفاقات و الأخطاء . و ما الوسيلة لعدم وقوع الإخفاقات و الأخطاء فى عمل جديد فى تاريخ العالم كما هو عليه إنشاء طراز غير معروف سابقا لتنظيم الدولة! إنّنا سنناضل بلا كلل من أجل إصلاح إخفاقاتنا و أخطائنا،من أجل تحسين تطبيقنا للمبادئ السوفييتية، البعيد جدّا عن الكمال..."( لينين " لمناسبة الذكرى الرابعة لثورة أكتوبر" ؛ 14 -10-1921) .
وبمثالية ينكر البلشفي/ الخوجي حقيقة أنّ ستالين كماركسي- لينيني مارس النقد و النقد الذاتي ذاته نقد نفسه.
"و لقد كان ستالين قادرا على نقد نفسه عندما كان يرتكب خطأ ما. فمثلا ، أخطأ النصح في ما يتعلق بالثورة الصينية. و بعد إنتصار الثورة الصينية ، إعترف بخطئه. كما إعترف ستالين أيضا ببعض أخطائه فى عمل تطهير صفوف الحزب ، فى تقريره للمؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي السوفياتي (البلشفيك)عام 1939" ( الصفحة 17 من " حول مسألة ستالين" تعليق ثان ضمن جملة من التعليقات على الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي بقلم هيئتي تحرير صحيفة "جينمينجيباو" و مجلة " العلم الأحمر" فى 13 سبتمبر(أيلول)1963 (دار النشر بالغات الأجنبية –بالعربية ، بيكين 1963)).
و على طول نصوص البلشفي/ الخوجي و عرضها نلفيه يدافع عن ستالين و أيضا ينسب إليه آراء ليست له كما أشرنا إلى ذلك و سنلاحظ فى قادم الصفحات. بيد أنّ دفاعه عن ستالين دفاع خوجي أعمى لا يقوم على تحليل علمي عميق و شامل للتجربة الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي و لتجربة الحركة الشيوعية العالمية بقيادة ستالين بجانبيها الصائب و الخاطئ. و من ثمّة يدافع عن أعمال ستالين جميعها بلا إستثناء مخالفا ستالين ذاته و نقده لنفسه.
و إن تنازل الخوجي فى نصّ " ستالين قائد الثورة الإشتراكية العالمية لثلاثين سنة " المنشور على الحوار المتمدّن بتاريخ 20 أكتوبر 2011 :" إنّنا لا نقول أنّ ستالين لم يرتكب أيّة أخطاء ، تماما كما لا نقول أنّ ماركس ، إنجلز و لينين لم يرتكبوا أية أخطاء" ، فلا هدف له من هذه المراوغة إلاّ التعمية و التمويه تحت ضغط الوقائع التاريخية و إنتشار التحاليل العلمية الماوية و تداولها لا سيما على الفايسبوك و موقع الحوار المتمدّن ذاته و ينضاف دليل آخر على ما نقول هو أنّه فى نص " إغتيال ستالين ..." يعتبر كافة الأخطاء التى ذكرها الحزب الشيوعي الصيني أخطاء مزعومة ( "أخطاء ستالين" المزعومة .)
و نحن عندما نسوق هذه الملاحظة لا نتجنّى عليه فى شيء فعوض أن يعدّد أخطاء ستالين و يشرح أسبابها و كيفية تجاوزها ، مثلما يتوقّع من يقرأ تلك الجملة ، صبّ جام حقده من جديد على ماو تسى تونغ معتمدا فى ذلك سلسلة من الأكاذيب التى سنتفحّصها و نفضحها فى حينها. و هذه المراوغة تذكّرنا بمراوغة " الوطد" فى مقدّمة كتاب وزّعوه منذ سنوات بمناسبة الذكرى الخمسين لوفاة ستالين " 5 مارس 1953 – 5 مارس 2003..." :
" نحن لا نزعم أنّ ستالين معصوم من الخطإ و لا لينين و لا ماركس و لا إنجلز" و فى ثنايا الكتاب لا يذكر و لو خطأ واحدا لستالين !!!
ذات الموقف و ذات المراوغة الخوجية المثالية. ومردّ المثالية الميتافيزيقية و مناهضة المادية هو أنّ الخوجيين المتستّرين، "وطد" و "بلاشفة " ، يدافعون فعلا بدغمائية عن ستالين دفاعا أعمى لا يرى الحقيقة الموضوعية لوجود أخطاء ، يرى فقط المساهمات و الإنجازات. وهي نظرة إحادية الجانب و بالتالى ميتافيزيقية غير جدلية . يعارض الخوجيون جميعا نظريّا و عمليّا الفهم اللينيني و الماوي للتناقض / وحدة أضداد و " إزدواج الواحد " كما أسماه لينين فى " حول الديالكتيك" فيطعنون أيضا لينين فى الظهر و هم يدعون تبنّى اللينينية و "البلشفية " و يعارضون الحقيقة التى مثّلت الأساس المنهجي المادي الجدلي لتعامله الصحيح مع مسألة ستالين التى لخّصها ماو بالكلمات التالية :
" تعتبر الفلسفة الماركسية أن قانون وحدة الأضداد هو القانون الأساسي للكون. وهو قانون مطلق الوجود سواء فى الطبيعة أو فى المجتمع البشري أو فى تفكير الإنسان. فبين الضدّين فى تناقض ما توجد وحدة و صراع فى آن واحد ، و هذا ما يبعث الحركة و التغيّر فى الأشياء. إنّ التناقضات موجودة فى كلّ شيء ، إلاّ أن طبيعتها تختلف بإختلاف طبيعة الأشياء. فالوحدة بين الضدين فى التناقض الكائن فى كلّ شيء محدد هي ظاهرة مقيدة ،و مؤقتة،و إنتقالية، وهي لذلك نسبية ، أمّا الصراع بينهما فإنّه يبقى مطلقا دون تقيّد" ( "حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " 27 فبراير – شباط ؛ الصفحة 225-226 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ ".)
و بالفعل " تجاه مسألة ستالين ، مثلما فى غيرها من المسائل ، كرّس ماو نظرية المعرفة الماركسية ، أما "الجماعة" و من قبلهم أنور خوجا و التحريفيين السوفيات ( قبول بالكل و رفض الكل ) لم ينجزوا تحليلا جدليا لعهد ستالين . إنهال عليه التحريفيون السوفيات و أتباعهم عالميا شتما و تشويها و عمد الخوجيون إلى الدفاع عنه دفاعا أعمى ، فى صوابه و خطئه. طبّق ماو الماركسية-اللينينية و طبّق الآخرون تحريفية أو دغمائية . فى "حول الديالكتيك" أكد لينين أن جوهر الديالكتيك هو وحدة الأضداد أو بكلماته هو:" ازدواج ما هو واحد" و زيادة على تعميق الرؤية الماركسية-اللينينية لقانون التناقض (وحدة الأضداد) فى " فى التناقض " و فى غيرها من مقالاته فى الجدلية، عمل ماو جهده لتطبيق الجدلية فى أعماله و نشاطاته و من ضمن تطبيقاته الجدلية نجد تطبيقه للجدلية على مسألة ستالين.
يقول ماو تسي تونغ فى الصفحة 367 من المجلد الخامس :" فى الواقع ، كل شيء سواء أكان فى الصين أو في الخارج قابل للتحليل، له مظهر إيجابي و مظهر سلبي . الشيء ذاته بالنسبة لعمل كل مقاطعة ، هنالك نجاحات و نواقص ، و لكل واحد منا أيضا مظهران – ايجابيات و سلبيات و ليس مظهرا واحدا أبدا . نظرية المظهر الواحد و نظرية المظهرين توجدان منذ القدم . تنتمي الأولى إلى الميتافيزيقا و الثانية إلى الديالكتيك." (التسطير من وضعنا).
و مثلما لمسنا ، ستالين فى مظهره الرئيسي ماركسي عظيم و في مظهره الثانوي قام بأخطاء جدية و أحيانا خطيرة. و من المعلوم أن الحزب الشيوعي الصيني و ماو قائده ذاته أخضعا أنفسهما للتحليل و دعيا لا الحزبيين فقط بل الجماهير أيضا إلى النهوض بالتحليل للمظهرين للتعلم من ما أثبت الممارسة صحته و ما أثبتت خطله، للتعلم من الصواب و من الخطاء أيضا!" ( العدد الثالث من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!" )
ماو تسى تونغ مادي جدلي والخوجيون جميعا المفضوحون منهم و المتستّرون بأصنافهم مثاليون ميتافيزيقيون!
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
5- نسخة بلشفية / خوجية لنهاية التاريخ :
لئن إشتهر فوكوياما ب" نهاية التاريخ" فإن ل" الحديدي" هو كذلك نهايته الخاصة للتاريخ أو نسخة أخرى من نهاية التاريخ. فوكوياما يعتبر التاريخ إنتهى و على الجميع القبول بالرأسمالية –الإمبرالية و عدم البحث عن تجاوزها لأنّ ذلك غير ممكن. و " الحديدي" و من لفّ لفّه أنهوا تاريخ الحركة الشيوعية العالمية عند ستالين محوّلين ردّة الفعل التى قام بها " الإتحاد البلشفي" على إنتقاء حزب العمل الألباني للحزب الشيوعي الكندي (الماركسي – اللينيني) على أنّه ممثّل الماركسية- اللينينية فى الكندا و مضمونها ( ردّة الفعل) إعلان لا وجود بتاتا لبلدان و معسكر إشتراكي منذ وفاة ستالين بما يعنى أنّ ألبانيا منذ وفاة ستالين لم تعد إشتراكية بالنسبة لهم، محوّلين ردّة الفعل هذه إلى حكم بنهاية التاريخ. و من هنا كلّ ما شهدته الحركة الشيوعية العالمية بعد وفاة ستالين ليس سوى شطحات تحريفية من هذا الطراز أو ذاك . لذلك يطمحون إلى العودة إلى الوراء ، إلى البلشفية ، إلى ما قبل 1953و بوجه خاص التجربة السوفياتية حصرا وحدها دون سواها . لا الثورة الصينية بقيادة ماو تسى تونغ تندرج ضمن" بلشفيتهم" و لا الثورة الفيتنامية ...
أكثر من نصف قرن من تاريخ الحركة الشيوعية العالمية بعد وفاة ستالين يرمون به فى البحر على أنّه لا يستحقّ حسب رأيهم إلآّ المزبلة أو هو غير موجود أصلا إذ هم أطلقوا عليه نعت التحريفية و كفاهم ذلك شرّ القتال ، شرّ النقاش و البحث و الدراسة و معرفة الحقيقة و تفسير العالم من أجل تغييره ثوريّا. و من هنا ندرك مدى حقدهم على الماوية كمرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى فى علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية- اللينينية- الماوية. فمجرّد وجود الماركسية- اللينينية- الماوية يشكّل عقدة بالنسبة لهم فالصيغة ذاتها ، بغض النظر عن مضمونها العلمي و الثوري، تفجّر "بلشفيّتهم" و نهاية التاريخ التى يودّون فرضها فرضا على واقع مادي عنيد يستعصى على الفرض و على شيوعيون و شيوعيات لا يرضون بنهاية التاريخ المثالية الميتافيزيقي مهما كان مأتاها و يسعون جهدهم لقيادة البروليتاريا و الشعوب فى صناعة التاريخ نحو الإشتراكية فالشيوعية عالميّا كمثل أعلى.
سيستشيطون غضبا إنّ حدّثهم أحد أو سمعوا أحدا يتحدّث عن الماركسية- اللينينية- الماوية تقود حرب الشعب فى الهند و فى الفليبين و فى تركيا ... كيف يمكن للماوية التحريفية حسب رأيهم أن تخلق فى الواقع المادي الموضوعي المتحرّك أحزابا ثورية تقود حركات ثورية من منظور بروليتاري و ترفع راية الثورة البروليتارية العالمية و الشيوعية غايتها الأسمى ؟ و فوق ذلك كلّه تضع ستالين ضمن الرؤوس الخمسة أعلامها المرفرفة فى الشوارع و الجبال و الغابات ، فى المدن و الأرياف ! غير معقول بالنسبة لهم و لذلك يصبح فى تفكيرهم المثالي الذاتي غير موجود. كيف يمكن أن تنتشر الماوية عبر العالم و تتقدّم نحو الثورة البروليتارية العالمية بتيّاريها ؛ الثورة الديمقراطية الجديدة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية ، متحمّلة مسؤوليتها فى الدفاع عن الإرث الثوري للبروليتاريا العالمية و عن ستالين فى جانبه الصحيح ، الرئيسي، 70 بالمائة حسب صيغة لماو شهيرة ؟ كيف يمكن لحرب الشعب و لمحاصرة المدن إنطلاقا من الريف و للثورة الديمقراطية الجديدة أن تطبّق و تعطي أكلها ؟ و كيف يمكن للوقائع أن تثبت صحّتها من جديد فى عدّة بلدان شبه مستعمرة شبه إقطاعية ؟ كيف يمكن ذلك فى حين أنّ " الإتحاد البلشفي" فى الكندا إندثر و "بلاشفتنا " هنا سيلقون المصير عينه عاجلا أن آجلا؟ نعيدها لأنّه غير معقول بالنسبة لهم يصبح فى تفكريهم المثالي الذاتي غير موجود !!!
و اللافت للنظر هو أنّ البلشفي/ الخوجي يتحدّث فى نصّ " واجب الشيوعيين المطلق" عن "النظرية البلشفية نظرية لينين و ستالين و الأممية الثالثة " ما يفيد طعنا واضحا فى ماركس و إنجلز و نسيانهما أو فسخهما ، طعنا فى الماركسية التى على أساسها تطوّرت اللينينية كمرحلة ثانية جديدة و أرقي إذ لا علاقة لهما بالبلشفية كما حدّدها هذا البلشفي/ الخوجي و من هنا نراه يوجّه على حدّ سواء ضربة إلى ما قبل لينين و ستالين و أخرى إلى ما بعدهما بمثالية ترى الشيء فى لحظته فقط لا تراه ماديّا جدليّا فى سيرورة تطوّره ، فى ماضيه و حاضرة كاملا لا مجزّءا و آفاق تطوّره المستقبلية أيضا.
تاريخ الحركة الشيوعية العالمية لم يبتدأ مع ستالين و لم يتوقّف عنده و لن يتوقّف بل إستمرّ بعده بصراعاته العاصفة و تراجعات الثورة البروليتارية و تقدّمها فى مدّ و جزر بلغ نهاية مرحلته الأولى مع فقدان الصين كقلعة للثورة البروليتارية العالمية و تحوّلها بعد وفاة ماو تسى تونغ و إنقلاب 1976 من صين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية. و يستخدم الشيوعيون الماويّون مفهوم " نهاية مرحلة ، بداية مرحلة جديدة " تعبيرا عن نهاية الموجة الأولى من الثورات البروليتارية مع هزيمة البروليتاريا و حزبها و دولتها فى الصين سنة 1976 أمام البرجوازية الجديدة بعد هزيمة البروليتاريا فى الإتحاد السوفياتي و حزبها و دولتها و تحوّلهما بعد وفاة ستالين و المؤتمر العشرين السيئ الصيت إلى دولة و حزب برجوازيين فيما كانا سابقا دولة و حزبا بروليتاريين.
لا نهاية للتاريخ لدي الماويين . إنتهت مرحلة ، إنتهت موجة ، إنتهت " معركة " و الحرب مستمرّة . الماركسية لم تتوقّف عند ماركس ، لم تتوقّف عن التطوّر و لا ينبغى أن تتوقّف.هل يمكن أن يتوفّق العلم عن التطوّر ؟ لا، لا يمكن. وهذا هو شأن علم الثورة البروليتارية العالمية أيضا .لا يمكن أو يتوقّف عن التطوّر أبدا .على أساس تجربة الثورة فى الصين و الإرث العظيم للتجربة الإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي و الصراع العالمي ضد التحريفية المعاصرة بتلويناتها العديدة و ضد التحريفية داخل الحزب الشيوعي الصيني ذاته و فى تفاعل مع الواقع المتحرّك و تطبيق "مرشد العمل" ( بعبارة للينين تحيل على الماركسية) على الصراع الطبقي فى الثورة الديمقراطية الجديدة و الثورة الإشتراكية و التناقضات الجديدة المفرزة و الدراسة و التحليل و التلخيص للصراع الطبقي محلّيا و عالميّا ، طوّر ماو تسى تونغ علم الثورة البروليتارية العالمية إلى مرحلة جديدة ، ثالثة و أرقى هي الماركسية- اللينينية- الماوية.
و هذا أمر مفهوم و طبيعي لدي من له فعلا نظرة مادية جدلية للعالم و لعلم الثورة البروليتارية العالمية و يدرك عمق الحقيقة التى صاغها ماو تسى تونغ :
" إنّ الجمود العقائدي و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية. و الماركسية لا بدّ أن تتقدّم ،و لا بدّ أن تتطوّر مع تطوّر التطبيق العملي و لا يمكنها أن تكفّ عن التقدّم.فإذا توقفت عن التقدّم و ظلّت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطوّر فقدت حياتها ، إلاّ أنّ المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدان و إن نقضت فسترتكب أخطاء. إنّ النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقية و إعتبارها شيئا جامدا ، هو جمود عقائدي، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية. و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية. إنّ المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية .و الذى يدعون إليه ليس بالخطّ الإشتراكي فى الواقع بل هو الخطّ الرأسمالي." ( ماو تسى تونغ )
و لأنّ المجال لا يسمح للإسهاب فى جوانب تطوير ماو تسى تونغ لعلم الثورة البروليتارية العالمية فى مكوّناته الثلاثة ، الإقتصاد السياسي و الإشتراكية و الفلسفة ، نلفت عناية من يريد يدقّق فى البحث لآس يما إلى مقالات كلّ من خالد المهدي و شادي الشماوي على صفحات الحوار المتمدّن .
و من واجب الشيوعيين الماويين ورثة ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو تسى تونغ أن يستوعبوا الماركسية-اللينينية- الماوية و أن يرفعوا رايتها و يطبّقوها و يطوّروها أيضا و المتقدّمون منهم قاموا و يقومون بذلك عبر العالم.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------
6- كذب و قراءة مثالية للصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا :
هدف البلشفي / الخوجي هو إجتثاث الماوية ليزرع " النظرية البلشفية " محلّها . و بإعتبار أنّ الماوية قائمة على حقائق وواقع موضوعي يزيد من تأكيد صحّتها يوما فيوما ، لن يكون ممكنا لمن يبحث عن الترويج لخطّ خاطئ النيل منها بالصراع المبدئي ضدّها فلا يبق لديه سوى التعويل على " الغاية تبرّر الوسيلة " و الأسلوب الماكييفلّي.
و عندئذ ، لا يخجل البلشفي / الخوجي من الكذب فى وضح النهار على غرار قوله " و خلال تأكيده على أنّ بناء المجتمع الإشتراكي المتطوّر فى بلاد السوفيات لا يحول دون الخطر القائم دائما بإعادة الرأسمالية ، وضع ستالين الشروط الضرورية لإفشال هذا الخطر"( ستالين قائد الثورة...") و الحال أنّ من درس تاريخ الحركة الشيوعية العالمية يعلم يقينا أن ستالين لم يتوقّع هذا الخطر بجميع أبعاده حتى يضع له الشروط الضرورية لإفشاله. و بالطبع بما أنّه لا وجود لهذه " الشروط " لا يذكر مقترف الكذب و لا شرطا واحدا. ستالين لم يتوقّع إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي وهو منذ دستور 1936 إعتبر أنّ فى المجتمع السوفياتي ليس ثمّة غير طبقات صديقة و لا يرد ذكر البرجوازية القديمة منها والجديدة أصلا. فكيف له أن يضع شروط إفشال شيء لم يتوقّعه ؟ لا يهمّ البلشفي/ الخوجي يعيد قراءة التاريخ قراءة ذاتية فينطق ستالين بما لم ينطق به .
و بمثالية ، متبعا نهج مقترفى الكذب قبله ، يكرّر ما قال مرارا لعلّه يصبح حقيقة و يجعل منه " طبيعي" و يقلب الحقائق رأسا على عقب فيجعل من ستالين رافضا ل " خفوت الصراع الطبقي " و يجعل من ماو تسى تونغ قائد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ضد البرجوازية الجديدة داخل الحزب الشيوعي الصيني على أساس نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا متذيّلا " للبرجوازية " و هكذا :
" من الطبيعي أن الصراع الطبقي لا ينتفى بعد تركيز دكتاتورية البروليتاريا ، لذلك لم تستسلم البرجوازية و لم تكفّ عن محاولتها إعادة الرأسمالية إلى الإتحاد السوفياتي" (" ستالين قائد الثورة...")
ستالين " رفض تبنّى الأطروحة التحريفية حول خفوت الصراع الطبقي بعد بناء الإشتراكية التى تبنّاها خروتشوف و الحزب الشيوعي الصيني بعد ذلك .إلخ" (" ستالين قائد الثورة...")
( وفى " إغتيال ستالين..." يعترف البلشفي الخوجي بصفة غير مباشرة بعكس ما يقوله هنا: "ونقدهم [ الصينيون] لستالين عندما صرح في نهاية الثلاثينات بتصفية البرجوازية كطبقة.")
" كرّس [ ماو] هذا التذيّل للبرجوازية حتى فيما يسميه عبثا بناء " الإشتراكية" فى الصين بالإدعاء أنّ البرجوازية الوطنية الصينية تقبل الإشتراكية و بأنّه لا داعي لتصفيتها بل يجب " تربيتها سلميّا" . و هكذا حرف ماو تسى تونغ مبدأ أساسي فى الماركسية-اللينينية وهو عدائية التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية فى مرحلة الإشتراكية و ضرورة تصفية البرجوازية و الإنتقال العنيف للإشتراكية".( " موضوعات حول الإنتهازية ...")
كذب الواقع الموضوعي إنّه كذوب و صدق البلشفي / الخوجي العظيم الذى سيقود من يتبعه إلى الجحيم !
و نسترسل لنشير إلى أنّ ملفّق الكذب غيّب عمدا عامدا الحديث عن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى لأمرين إثنين أولهما أنّها ستفجّر إدعاءه أنّ ماو ألغى " عدائية التناقض بين البروليتاريا و البرجوازية " – وهذا محض إختراع من عنديات البلشفي / الخوجي – و ثانيهما هو أنّنا قد شرحنا و فضحنا الترهات و الخزعبلات الخوجية لحزب العمّال و للوطد بصدد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى عدد سابق من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !".
و لكونه مثالي، لم يحلّل البلشفي قشرة و الخوجي لبّا تناقضات المجتمع الإشتراكي التى تولّد البرجوازية الجديدة فيه و لم يحلّل دور الحزب و موقعه من الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و لم يستخلص الدروس التى إستخلصها ماو تسى تونغ من التحليل و الممارسة العملية للصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية . يترك الواقع المادي الموضوعي للإشتراكية كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية و ما تنطوى عليه من تناقضات و إمكانيتين : إمكانية التقدّم نحو الشيوعية أو العودة نحو الرأسمالية ....، و دون إعمال الفكر و الدراسة و التمحيص يكتفى بحلّ خوجي بسيط هو تسرّب أفكار برجوازية إلى الحزب و ضغط خارجي تسبّبا فى إفساد الطبقة العاملة و الحزب و إعادة تركيز الرأسمالية.
" التحالف بين الطبقة العاملة فى جميع البلدان و القوى البرجوازية الديمقراطية و البرجوازية الصغيرة رغم ضرورته و صحته لتحقيق النصر على الفاشية بقيادة الإتحاد السوفياتي و فى نجاح الثورة فى عديد البلدان فى أوروبا الشرقية و آسيا ، كان له جانبه السلبي و المتمثّل فى تسرّب التأثير البرجوازي و البرجوازي الصغير فى صلب الطبقة العاملة و الذى إنعكس داخل الأحزاب الشيوعية فى تفشّى الإنحرافات اليمينية و التصفوية المبشّرة بالتعاون الطبقي و البرلمانية البرجوازية و الداعية إلى التخلّى عن النضال الثوري ضد الرأسمالية الإمبريالية. هذه " التحريفية المعاصرة" إنتشرت فى الأحزاب الشيوعية على المستوى العالمي و فى الحزب الشيوعي البلشفي نفسه" ( " إغتيال ستالين...")
إنّ هذا التفسير البلشفي/ الخوجي، مثالي ميتافيزيقي لا يفهم الواقع و يخالف الفهم المادي الجدلي لمدى تأثير العوامل الخارجية و العوامل الداخلية . وقد شرح ماو تسى تونغ هذه المسألة قائلا : " يعتبر الديالكتيك المادي أن الأسباب الخارجية هي شرط التبدّل ، و الأسباب الباطنية هي أساس التبدّل ، و أنّ الأسباب الخارجية تفعل عن طريق الأسباب الباطنية" ( ماو تسى تونغ " فى التناقض" ؛ و صفحة 225 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ").
و قد طبّق المادية الجدلية و جوهرية قانون التناقض لتحليل المجتمع الإشتراكي فأثري الفهم و الممارسة الثوريين و طوّر نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا وهي حجر الزاوية فى المساهمات الخالد التى طوّرت الماركسية-اللينينية إلى مرحلة الماركسية- اللينينية – الماوية .
" الصراع الطبقي فى ظل دكتاتورية البروليتاريا
ونتابع لنتطرق إلى مسألة جوهرية أثارها ماو فى نقده لأخطاء ستالين ألا وهي مسألة التناقضات الطبقية و الصراع الطبقي فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و كيفية معالجتهما بروليتاريا. نعلم أن ستالين كان وراء دستور 1936 الذي عبر عن إنتهاء الصراع الطبقي في الاتحاد السوفياتي بإعتبار بقاء الطبقات العاملة و الفلاحين و المثقفين الثوريين فقط. و هذا خطأ فادح في تحليل المجتمع الاشتراكي و في فهم دكتاتورية البروليتاريا و الإشتراكية و علاقتها بالشيوعية حال دون العناية كما ينبغي بضرورة مواصلة الثورة في البنية الفوقية و مواصلة تثوير علاقات الإنتاج حتى بعد أن يكون نظام ملكية إشتراكية قد ركز بصفة أساسية ودون مواصلة الصراع الطبقي و التصدي الواعي و المنهجي لإعادة تركيز الرأسمالية.
نقرأ بالصفحتين 408 و 409 من المجلد الخامس ل"مؤلفات ماو تسي تونغ المختارة" : " إذا كنا نخاف من الإضطرابات و نعالج الحالات بشكل مبسط فالسبب الأساسي هو أن في عمق فكرنا لا نوافق على أن المجتمع الإشتراكي يشكل وحدة أضداد و أنه توجد به تناقضات و طبقات و صراع طبقي . لمدة طويلة ، أنكر ستالين وجود تناقضات بين علاقات الإنتاج و قوى الإنتاج و بين البنية الفوقية و البنية التحتية فى النظام الإشتراكي . فقط سنة قبل وفاته تكلم بكلمات عامة فى كتابه "المشاكل الاقتصادية للإشتراكية فى الاتحاد السوفياتي " عن التناقض بين علاقات الإنتاج و قوى الإنتاج في النظام الإشتراكي . ستظهر مشاكل ، قال ، لو إتبعنا سياسة خاطئة و العمل التعديلي لم يسر كما ينبغى. مع ذلك ، لم يقدم كمشكل عام التناقضات بين علاقات الإنتاج و قوى الإنتاج وبين البنية الفوقية و القاعدة الإقتصادية فى النظام الإشتراكي ، و لم يع بعد أن هذه التناقضات تمثل التناقضات الجوهرية التي تجعل المجتمع الإشتراكي يتقدم . لقد كان يعتقد أن دولته كانت راسخة. أما نحن فلا يجب أن نعتقد أن دولتنا راسخة إذ هي راسخة و في ذات الوقت غير راسخة.
ترى الجدلية أن النظام الإشتراكي كظاهرة تاريخية سيزول يوما مثلما على الإنسان أن يموت و أن النظام الشيوعي سيكون نفيا له. كيف يمكن أن نعتبر ماركسيا التأكيد القائل بأن النظام الإشتراكي و كذلك علاقات الإنتاج و البناء الفوقي للإشتراكية لن يزول ؟ ألا يعدّ هذا دغمائية دينية و لاهوتية تقر بأبدية الإلاه ؟ " (جانفى 1957).
المجتمع الإشتراكي واقعيا و حقيقة وحدة أضداد ، وحدة متناقضات أو تناقض، فيه تناقضات طبقية و طبقات و صراع طبقي و حيث أخطأ ستالين فى إستيعاب ذلك و حيث خطى خطوة أولى فى تحليل واقعى للنظام الإشتراكي فى آخر كتبه ، فإن ماو و ضع إصبعه على الخطاء و عمق الخطوات الأولى لينفذ إلى كنه الأشياء و جوهرها. وعلى هذا الأساس النظري المتين المبني على قراءة جدلية لتجربة دكتاتورية البروليتاريا سيتقدم ماو نحو خوض الصراع على كافة المستويات ضد ما يعرقل المضي نحو الشيوعية أي مظاهر الرأسمالية التي تولدها تناقضات الإشتراكية بما هي مرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية و البرجوازية الجديدة كأهم المدافعين عن الطريق الرأسمالي لإعادة تركيز الرأسمالية بعد إنقلاب على الخط الثوري للحزب و تغيير لونه من حزب ثوري بروليتاري إلى حزب رجعي برجوازي و بالتالي تغيير لون الدولة التي يقودها لتصير ، بعد أن كانت إشتراكية ، رأسمالية.و لا أدل على ذلك من معارك الشيوعيين الماويين ضد التحريفية و أتباع الطريق الرأسمالي و المظاهر و العلاقات و الأفكار البرجوازية و البرجوازية الجديدة خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. "( العدد الثالث من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!)

7- التنظير المثالي الميتافيزيقي البلشفي/ الخوجي للإنتهازية:
ينصبّ إهتمامنا فى هذه النقطة على محتوى نصّ "موضوعات حول الإنتهازية اليمينية و الإنتهازية اليسارية" ، المنشور على موقع الحوار المتمدّن بتاريخ 26 -09-2011 و نشرع فى النقاش بتصحيح معلومة أكيدة للسيد البلشفي قالبا و الخوجي قلبا فلا مجال لأن ندع الأمر يمرّ دون أن ننبّهه لمعلومة بسيطة هي أن كتاب لينين الذى يعنيه ليس " المرض الطفولي للشيوعية " ( أعادها أكثر من مرّة و خلناها فى البداية زلّة قلم منه) و إنّما هو " مرض "اليسارية" الطفولي فى الشيوعية ". و إذ نصحّح هذا الخطأ الفادح حتى فى عنوان الكتاب ، يساورنا الشكّ فى مدى جدّية " البلشفي" و مدى إطلاعه على محتويات الكتاب الذى يشير إليه و التمكّن منها ليخرج علينا بموضوعات غريبة عجيبة فى جانب منها.
فى هذا المقال الذى يُعنى بالإنتهازية و الذى لم يفوّت فيه البلشفي/ الخوجي فرصة شتم الماوية بجنون وسيلته فى ذلك الكذب الذى سنفضح فى حينه ، يتحفنا بموضوعات لا أغرب منها من مثل :
1-" التحريفية لا تساوي الإنتهازية ... " و يتابع ليقول " قد تأخذ الإنتهازية شكل التحريفية" . إذن التحريفية شكل من أشكال الإنتهازية و ليس لها مضمون و شكل خاصين و " لا تساوي الإنتهازية" !!!
2- " تكون الإنتهازية اليسارية غالبا ردّ فعل غير صحيح على الإنتهازية اليمينية و على القمع الرهيب الذى تمارسه البرجوازية و الطبقات الرجعية الأخرى". لا ليس صحيحا . هل كانت الإنتهازية اليسارية التروتسكية مثلا ردّة فعل على إنتهازية يمينية داخل الحزب الشيوعي السوفياتي (البلشفي) ؟ لا البتّة. لها أسبابها و دواعيها و دوافعها التى شرحها ستالين بإسهاب و ليس هذا مجال التوسّع فيها.
هذا من جهة و من جهة أخرى، ألا يولّد ذات القمع الإنتهازية اليمينية أيضا؟ بلى. و عندئذ نلاحظ أنّ موضوعات " الحديدي" الدغمائية التحريفية الخوجية مملّة و غير جدّية.
و نلفت الإنتباه إلى تجاهل كاتب المقال عن الإنتهازية ما سمّاه الإنتهازية الوسطية رغم أنّه فى " إغتيال ستالين..." إعتبر ماو و أنور خوجا " إنتهازيين وسطيين"- و الحال أنّ ماو ليس كذلك- .و تتبيّن هذه اللخبطة الفكرية أيضا فى أنّ هذا البلشفي /الخوجي يسقط من رؤيته حتى مثالا آخر تاريخيّا شهيرا كان بإمكانه إستغلاله فى " تنظيره" :" بوخارين ، من أصدقاء تروتسكي القدامي فى "المعارضة اليسارية" ، و بعد أن قام بمراوغة نحو اليسار ، أصبح زعيم الإنحراف اليميني داخل الحزب.." . إنّه لا يربط بين الممارسة العملية و التنظير فهو لا يفهم العلاقة الجدلية بينهما و" ينظّر" بعيدا عن الواقع فينتج معرفة مشوّهة ، ناقصة غير مادية جدلية، ما هي بالعميقة و لا هي شاملة.
وأيضا نلفت الإنتباه إلى تغييبه المتعمّد للدغمائية بما هي تمسّك أعمى بالمبادئ العامة و إنكار لخصوصيات الواقع الملموس و ضرورة تحليله تحليلا ملموسا و بالتالى عدم فهم العلاقة الجدلية بين العام و الخاص و بين النظرية و المارسة العملية. و يعزى هذا التغييب بالتأكيد إلى كونه هو و الخوجيين دغمائيّون وهو لا يرغب طبعا فى تقديم مفهوم يستعمل ضدّه و بتغييبه لذلك المفهوم يفلت من التوصيف و كشف دغمائيته هو لدي من يعتمد تنظيراته . و هذا وجه من وجوه المثالية و الميتافيزيقية لدى الخوجيين و الوجه الاخر هو عدم فهم العلاقة الجدلية بين التحريفية كإنتهازية يمينية و الدغمائية كإنتهازية يسارية و إمكانية تحوّل الإنحراف اليساري أو اليسراوي إلى إنحراف يميني و العكس بالعكس على الرغم من ذكر مثال تاريخي لذلك.
و كمثال إضافي لذلك تحوّل الفرق الخوجية فى تونس من " اليسراوية" و إقتراح ثورة إشتراكية ثمّ بنسخة معدّلة ثورة ديمقراطية وطنية لدى حزل العمّال و ما فرّخه أو عند" الوطد " و سلطة " العمّال و الفلاحين " فحسب ؛ إلى النقابوية الفجّة و التحالف مع الإخوانجية (حزب العمّال) و خضوع "الوطد" لسنوات إلى البيروقراطية النقابية و مشاركته هو و حزب العمّال فى المسرحية الإنتخابية و تضليل المناضلين و المناضلات و الجماهير الشعبية بالترويج لما حدث فى تونس على أنّه " ثورة ". و بما أنّ الطيور على أشكالها تقع ، نجد حزب العمّال و "الوطد" الذين لبسوا لبوسا " يسارية " سابقا فى صراعهم ضد الماوية كل ّ من زاويته و إن كانا الأوّل خوجي مفضوح و الثاني خوجي متستّر، يلتقيان فى تحالف المرّة تلو المرّة عاملين فى إطار الدولة القائمة لا ضدّها – و لا حتى ضد حكومة النهضة حسب حمه الهمّامي- مخالفين الفهم الماركسي- اللينيني للدولة و للديمقراطية إلخ و ضد المصالح الجوهرية للشعب و ما تقتضيه الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية من إعداد و توجّهات و إستراتيجيا و تكتيك و أشكال تنظيمية إلخ.
لقد صرّح لينين فى " حول الديالكتيك":
" إنّ التطوّر هو " نضال" الأضداد. إنّ مفهومي ( أو المفهومين الممكنين؟ أو المفهومين اللذين يعطيهما التاريخ؟) التطوّر الجوهريين هما : التطوّر بوصفه نقصانا و زيادة ، بوصفه تكرارا ، و التطوّر بوصفه وحدة الأضداد ( غزدواج ما هو واحد ، إلى ضدين ينفى أحدهما الآخر ، و العلاقات بين الضدّين " .
و شرح ماو تسى تونغ فى " لنخدم الشعب " الموقف المبدئي من النقد و إن أتى من غير الرفاق فما بالك بالنقد البنّاء و المبدئي من الرفاق قائلا :
" إذا كانت لدينا نقائص فنحن لا نخشى من تنبيهنا إليها و نقدنا بسببها، ذلك لأنّنا نخدم الشعب. فيجوز لكلّ إنسان – مهما كان شأنه- أن ينبّهنا إلى نقائصنا. فإذا كان الناقد مصيبا فى نقده ، أصلحنا نقائصنا ،و إذا إقترح ما يفيد الشعب عملنا به" ( 8 سبتمبر- أيلول -1944- المؤلفات المختارة ، المجلّد الثالث).
لينين و ماو تسى تونغ يفهمان الواقع المادي والجدلية و التناقض كوحدة أضداد و العلاقة الجدلية بينهما فى حين يتشدّق البلشفي قشرة و الخوجي لبّا ب" ردّة فعل" و ينفى تمام النفي و ينكر تمام الإنكار إمكانية تحوّل الضدّ إلى ضدّه و هكذا لا يرقى فهم هذا " المنظّر البلشفي" إلى مستوى فهم شاعر قال - إن لم تخنني الذاكرة- "... قتلتنا الردّة ، كلّ يحمل فى داخله ضدّه" !!!
و عن الدغمائية التى تناساها " البلشفي"، لخّص ماو تسى تونغ التجارب فحدّد :
" إنّ الجمود العقائدي و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية. و الماركسية لا بدّ أن تتقدّم ،و لا بدّ أن تتطوّر مع تطوّر التطبيق العملي و لا يمكنها أن تكفّ عن التقدّم.فإذا توقفت عن التقدّم و ظلّت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطوّر فقدت حياتها ، إلاّ أنّ المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدان و إن نقضت فسترتكب أخطاء. إنّ النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقية و إعتبارها شيئا جامدا ، هو جمود عقائدي، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية. و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية. إنّ المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية .و الذى يدعون إليه ليس بالخطّ الإشتراكي فى الواقع بل هو الخطّ الرأسمالي." ( ماو تسى تونغ )"

8- إعتماد الإنتقائية لتشويه جوهر المواقف الماوية:
عند تقييم وثائق حزب شيوعي من وجهة نظر بروليتارية و بمنهج مادي جدلي وفق المادية تاريخية، من المفروض أن نتوغّل فى ثناياها و نبرز ما هو صحيح و ما هو خاطئ و نشرح الأسباب المادية وراء تلك الأخطاء .على وجه العموم هذا المفروض شيوعيّا غير أنّ البلشفي / الخوجي يتناول وثائق الحزب الشيوعي الصيني لغرض واحد هو إقتلاع جملة أو جمل من إطارها و إنزالها فى إطار آخر لقذفها بعد تلوينها باللون الذى يريد فى وجه ماو تسى تونغ و الماويين.
لم يعرض على القرّاء المضامين الجوهرية للوثائق الماوية ( سبق و أن قلنا أن فى تلك الوثائق جوانب ثانوية قابلة للنقد) و يركّز على تشويه ما ينتقيه من جمل فتستحيل تلك الوثائق التى لطالما إستغلّها الماركسيّون – اللينينيون عبر العالم فى القتال ضد التحريفية المعاصرة بارهاطها المتنوّعة إلى سلاح دغمائي تحريفي خوجي لبّا و بلشفي قشرة ضد ماو تسى تونغ و بالتالى ضد الماركسيين- اللينينيين و طبعا ضد المادية التاريخية .ولننظر معا فى الأساليب التى إعتمدها فى نصّ ( " إغتيال ستالين...").
1- " البعض" تتحوّل بمثالية ذاتية إلى "كل":
" اتخذ ماو والحزب الشيوعي الصيني موقفا مغايرا تماما حيث يعتبران أن كل تطور الثورة الصينية كان مناقضا لخط ستالين والكومنترن. يقول الحزب الشيوعي الصيني بعد فترة طويلة من وفاة ستالين : « منذ فترة بعيدة، قد مر الشيوعيون الصينيون في تجربتهم الشخصية الخاصة ببعض أخطاء ستالين. اُرْتُكبت أخطاء خطوط داخل الح.ش.ص. فقد كانت إما انتهازية »يسارية" أو يمينية. في ما يتعلق بأسبابها العالمية، اُرْتُكب البعض منها تحت تأثير بعض أخطاء ستالين. منذ نهاية العشرينات، ثم خلال الثلاثينات، و أخيرا في بداية و أواسط الأربعينات، عمل الماركسيون اللينينيون، و الرفاق ماوتسي تونغ و ليو شاوشي كممثيلهم، على محاصرة تأثير بعض أخطاء ستالين، ثم، بعد القضاء بالتدريج على الخطوط الخاطئة لكل من الانتهازية "اليسارية" و اليمينية، قادوا في النهاية الثورة الصينية إلى النصر."(حول مسالة ستالين)"
2- " أصحاب نزعة الجمود العقائدي "[ الدغمائية] يحوّلهم البلشفي / الخوجي بمثالية ذاتية إلى " الخطّ البلشفي" كما يحوّل "هزيمة " إلى " تصفية":
" ويعترف ماو بتصفيته للخط البلشفي داخل الحزب الشيوعي الصيني بعبارات في غاية الوضوح : " وفي تاريخ الحزب الشيوعي الصيني ، من عام 1931 إلى عام 1934 ، كان أصحاب نزعة الجمود العقائدي ينكرون خصائص الصين ، وينسخون تجربة ما عن الثورة الروسية : مما أدى إلى حلول هزيمة خطيرة بالقوى الثورية في البلاد . وقد كانت هذه الهزيمة كبيرة لحزبنا . وفي المرحلة الواقعة بين الجلسة الموسعة التي عقدها المكتب السياسي للجنة المركزية في تسوني عام 1935 وبين المؤتمر الوطني السابع الذي انعقد في عام 1945 ، قضى حزبنا قضاء تاما على نهج الجمود العقائدي هذا الذي سبب ضررا كبيرا" (من جديد حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا- هيئة تحرير الجريدة الصينية جين مين جهباو- 29 ديسمبر 1956).
3- الحديث عن أخطاء ستالين من منطلق نقد رفاقي بنّاء لماركسي عظيم يتحوّل إلى " تقديم التبرير السياسي لإغتيال ستالين"!
" مهما يكن من أمر فالأكيد أنه قدم التبرير السياسي لاغتيال ستالين. يقول الحزب الشيوعي الصيني : " إن بعض أخطاء ستالين قد تحولت في آخر مرحلة من حياته إلى أخطاء خطيرة طويلة الأمد وعلى صعيد الدولة ، ولم يكن من الممكن إصلاحها في الوقت اللازم لأنه كان قد انقطع عن الجماهير والجماعة إلى حد ما وبقدر ما ، وكان قد انتهك مبادئ المركزية الديمقراطية في الحزب والدولة ." (من جديد حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا هيئة تحرير الجريدة الصينية جين مين جهباو).
4- و حين ينقد الماويون ميلا لدي ستالين إلى شوفينية الدولة الكبيرة ، يقلب البلشفي / الخوجي الأمر رأسا على عقب فيصبح ذلك فضحا لمنطلقات ماو و الحزب الشيوعي الصين " القومية البرجوازية "!
- "ويفضح ماو والحزب الش الص منطلقاتهم القومية البرجوازية في الهجوم على ستالين. يقول : " وكما قيل اعلاه ، ان ستالين كان يبدي في علاقاته مع الاحزاب الشقيقة والبلدان الشقيقة ميلا ما الى شوفينية الدولة الكبيرة . وقوام هذا هو الاستخفاف بالوضع الاستقلالي والمتساوي للاحزاب الشيوعية والبلدان الاشتراكية في الوحدة الاممية" (من جديد حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا-هيئة تحرير الجريدة الصينية جين مين جهباو- 29 ديسمبر 1956).
5- و إن نقد ماو خطأ لستالين يضحى ذلك " لعب ماو دورا قذرا ونشيطا في دعم الانقلاب الخروتشوفي و التصدي للستالينيين في الاتحاد السوفيتي وخارجه الذين أدانوا التحريفية "( و طبعا دون تحديد من هم الستاليينيين فى الإتحاد السوفياتي و خارجه فى الخمسينات و الستينات!!!).
6- و إن ذكر خطأ المبالغة فى دور ستالين الخاص ، يمسى" دعم ماو والحزب الش الص للهجوم على ستالين تحت يافطة "عبادة الشخصية" ( و قد أوضحنا بجلاء موقف ماو من مسألة "عبادة الشخصية" أعلاه).
- ""...بيد ان ستالين ، بعد ان حاز على حظوة كبيرة لدى الشعب ، سواء في داخل الاتحاد السوفياتي أم خارجه ، بتطبيقه الخط اللينيني تطبيقا صحيحا ، وقع في خطأ المبالغة في دوره الخاص وعارض القيادة الجماعية بسلطته الشخصية . ونجم عن ذلك أن بعض أعماله سارت في طريق مخالف لمباديء الماركسية – اللينينية ( "حول التجربة التاريخية لدكتاتورية - جريدة جيمنجباو))). )) في 5 نيسان 1956) البروليتاريا"

و هلمجرّا من الشطحات البلشفية / الخوجية . و ندعوكم لمطالعة الوثائق الماوية بأنفسكم لا بعيون بلشفية / خوجية دغمائية تحريفية و ستكتشفون كنهها و جوهرها الذي بسطناه فى العدد الثالث من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة!" على النحو التالي : "
ثلاث وثائق تاريخية
----------------------------------------------------------------------------------------------
و لأننا نسلط المجهر على مسألة ستالين حصرا و لا نود الإطناب حدّ بعث الملل ، سنتطرق إلى الثلاث الوثائق الأولى التي مرت بنا في الصفحات السابقة دون غيرها وهي وثائق كتبت الأولى و الثانية:" حول التجربة التاريخية..." و "مرة أخرى حول التجربة التاريخية..." سنة1956 و1957 و الثالثة " حول مسألة ستالين" سنة1963 . و تجدر الملاحظة أن النصين الأولين منظور إليهما الآن بعد مزيد مراكمة التجارب و التنظيرات تضمنا مواقفا صحيحة تظل كذلك جوهريا إلى الآن مع بعض المواقف الثانوية غير الواضحة تمام الوضوح و القابلة للنقد البناء. و لا يفوتنا أن نحيل من يرنو للتعمق فى نقد ماو لكتاب الإقتصاد السياسي المصاغ فى ظل ستالين إلى كتاب" ماو تسى تونغ و بناء الإشتراكية " نشر سوي بفرنسا سنة 1975 ضمن سلسلة " سياسة ".
"حول التجربة التاريخية لدكتاتورية الربوليتاريا" ( أفريل 1956)
مقتطف هام من النص الأول وثقه باتريك كاسال فى كتاب ضمن سلسلة 10/18 الفرنسية تحت عنوان " الشيوعيون الألبان ضد التحريفية " المخطوط سنة 1974 ( نعيد سنة 1974 حين لم يتجرأ أنور خوجا على النبس بكلمة واحدة ضد ماو لا بل بالعكس كان يكن له و يفصح عن كل التقدير و الإحترام و لم ينقلب على مواقفه تلك إلا أواخر السبعينات، بعد وفاة ماو .زيادة على أن باتريك كاسال حينها كان موضوعيا يؤرخ و يثبت وقائع التاريخ و لم يتموقع بعدُ ضد الماوية إلى جانب الخوجية . ومن هنا يأتي خيار التعويل على الكتاب كمصدر غير ماوي ).
تحديدا بالصفحة 107 ، يوضح المقتطف كيف أن الصينيين و قائدهم ماو شددوا ، فى 4 أفريل 1956 بعد شهرين و نيف من المؤتمر العشرين السيئ الصيت ، شددوا على عكس التحريفيين السوفيات على مساهمات ستالين الخالدة فى إثراء بناء صرح الإشتراكية العلمية ذاهبين بذلك ضد التيار الجارف للتحريفية و مناهضينها على طول الخط : " بعد وفاة لينين ، مارس ستالين كقائد رئيسي للحزب و الدولة الماركسية-اللينينية و طورها بشكل خلاق. فى صراعه من أجل الدفاع عن الإرث اللينيني ضد أعدائه – التروتسكيين و الزينوفيافيين و عملاء آخرين للبرجوازية – ترجم ستالين إرادة الشعب و برز كقائد لامع مناضل فى سبيل الماركسية-اللينينية . إذا كان ستالين كسب سند الشعب السوفياتي و لعب دورا تاريخيا هاما فيعزى ذلك قبل كل شيء إلى كونه دافع مع قادة آخرين للحزب الشيوعي السوفياتي ، عن خط لينين المتعلق بتصنيع بلاد السوفياتات و مشركة الفلاحة. فحقق الحزب الشيوعي السوفياتي بوضعه هذا الخط موضع الممارسة ، حقق إنتصار الإشتراكية فى بلاده و خلق ظروف إنتصار الإتحاد السوفياتي فى الحرب ضد هتلر. كل هذه الإنتصارات التى حققها الشعب السوفياتي تتماشى مع مصالح الطبقة العاملة فى العالم قاطبة و الإنسانية التقدمية جمعاء و لذلك فإن إسم ستالين يتمتع بصفة طبيعية جدا بمجد عظيم عالميا."
و فى كتاب جان بابى ، ضمن منشورات برنار غراسي ، باريس 1966 ، وعنوانه " الجدال الكبير الصيني –السوفياتي " ثمة الفقرات التالية مقتطفة من "حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا" : " على كل قائد أن يكون متواضعا و حذرا إلى أقصى حد و في إرتباط حميمي بالجماهير و أن يشاورها في كل المواد و أن يقيم بحوثا و فحوصا متكررة للوضع الحقيقي و أن يمارس النقد والنقد الذاتي طبقا للظروف و بالدرجة التي تتعين . بالضبط لأن ستالين لم يعمل على هذا النحو فقد قام فى الفترة الأخيرة من حياته ببعض الأخطاء الخطيرة فى عمله كقائد للحزب و الدولة . لقد صار مفتونا بذاته و قل حذره و ظهرت الذاتية في فكره و كذلك ظهر توجه للإكتفاء برؤى جزئية . و قد إتخذ قرارات خاطئة حول بعض المسائل الهامة الشيء الذي خلف نتائج وخيمة جدا." ( الصفحة20 ، التسطير من وضعنا)
و من أهم تلك القرارات ما يتعلق بدستور 1936 و تقنين عدم وجود صراع طبقي و تناقضات فى المجتمع الإشتراكي مما جعله لا يفهم كما ينبغى قوانين النظام الإشتراكي من ناحية صراع الطبقات و التناقض بين البنية التحتية و البنية الفوقية كما سلف تحليل ذلك . و هذا بالفعل خطأ جسيم عمليا و أيضا نظريا ف" نكران وجود تناقضات هو نكران الديالكتيك" (الصفحة 21).
و ذات الديالكتيك ، مطبقا على مسألة ستالين، يعنى عدم رؤية الرفيق كمظهر واحد بل بالأحرى كوحدة أضداد تحمل مظهر صواب هو الرئيسي و مظهر خطإ هو الثانوي و بإعتبار أن فى التقييم العام للحزب الشيوعي الصيني لستالين وقع تبنى صيغة علاقة سبعة صواب بثلاثة خطأ ، فإن "حول التجربة التاريخية لدكتاتورية الروليتاريا " يلفت النظر الى أنه : " من المهم التشديد هنا على أنه يجب أن نواصل دراسة أعمال ستالين بإنتباه كما فعلنا ذلك إلى حد الآن و أن نواصل الإستشهاد ، كإرث تاريخي هام ، بكل ما فيها من مفيد لا سيما فى عديد الأعمال التي تدافع عن اللينينية و أن نستخلص تقييما صحيحا لتجربة البناء الإشتراكي فى الإتحاد السوفياتي ..." .
و عليه يظل الموقف الماوي رافعا راية ستالين عاليا مع التعامل مع أخطائه بصورة نقدية لا تنقص من قيمته كماركسي عظيم كما عبر عن ذلك ماو تسي تونغ.
"مرة أخرى حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا"( ديسمبر 1957)
و جاء " مرة أخرى حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا " متمما للتحليل الوارد فى الوثيقة السابقة و ذلك فى 29 ديسمبر 1957 ، عقب ما حدث فى المجر و بولونيا من إنتفاضات و مواجهات مع السلطة هناك. محللين الروابط التاريخية بين تلك البلدان و الاتحاد السوفياتي و كيفية تعامل ستالين معها، أشار الرفاق الصينيون إلى بعض أخطاء ستالين : " هذه الأخطاء برزت بالخصوص في ما يتصل بالقضاء على الثورة المضادة و العلاقات مع بعض البلدان ". إن القضاء على الثورة المضادة ضروري و واجب على كل ثورية و ثوري وكل ثورة فى نضالهم من أجل الحفاظ على ذواتهم و التقدم بخطى راسخة نحو تعميق تثوير المجتمع إلآ أن ستالين " إتهم مجانيا عديد الشيوعيين و المواطنين الصالحين". و فى العلاقات مع البلدان الشقيقة و الأحزاب الشقيقة ، قام بأشياء جيدة كثيرة " لكن حين معالجة بعض المشاكل الملموسة أظهر توجها نحو شوفينية الأمة الكبيرة و لم يلتزم بما فيه الكفاية بروح المساواة .و كان ذلك يمثل قضية بسيطة لو أنه ربى مجمل الكوادر على روح التواضع. و أحيانا كان يتدخل عن غير حق فى الشؤون الداخلية لبعض البلدان الشقيقة و بعض الأحزاب الشقيقة فكانت لذلك عدة نتائج خطيرة." ( الصفحة 28 من " الجدال الكبير الصيني - السوفياتي")
و نظرا لضرورة البحث فى الأسباب العميقة التى أدت إلى هذه الأخطاء بهدف الإحاطة بها و إستيعابها ومن ثمة تجنب السقوط فيها مستقبلا بالقضاء على مسبباتها و أخذ العبرة منها ، طرح الشيوعيون الصينيون و ماو على رأسهم سؤال كيفية تفسير تلك الأخطاء و أجابوا ، بعد البت فى الشأن ، بأن التجربة الأولى للإشتراكية و الظروف الصعبة التى كان الإتحاد السوفياتي يمر بها داخليا و خارجيا يمكن أن تفسر الى حدود تلك النواقص و " لكن لوحدها هذه الظروف الموضوعية لا تكفى لكي تتحول إمكانية السقوط فى الأخطاء الى أخطاء واقعيا. ففى ظروف أعقد و أصعب من تلك التى وجد ستالين نفسه فيها ، لم يقم لينين بأخطاء مماثلة لأخطاء ستالين . هنا، العامل الحيوي هو ذهنية الرجل. خلال الفترة الأخيرة من حياته ، سمح ستالين لنفسه بالاصابة بغرور الإنتصارات و التمجيد المتواصل و فى طريقة تفكيره إبتعد جزئيا لكن بصفة خطيرة عن المادية الجدلية ليسقط فى الذاتية . لقد إعتقد فى حكمته الخاصة و موهبته الخاصة ، و لم يرد أن يقدم على دراسة جدية لواقع معقد ذو مظاهر مختلفة، و لم يرد أن يعير أذنا صاغية لرأي رفاقه و لصوت الجماهير . بالنتيجة ، عادة ما أعطى توجيهات و إتخذ إجراءات سياسية كانت تتضارب مع الواقع الموضوعي." ( نفس المصدر السابق ،الصفحة29)
وينتهى المقال الى إستخلاص " مأساة ستالين أنه إعتقد وهو بالذات يقوم بالأخطاء أن أعماله كانت ضرورية للدفاع عن مصالح العمال ضد هجمات العدو ... ناظرين الى المسألة من كافة جوانبها ، إن كانت ثمة ضرورة للكلام عن "الستالينية " ، لا يمكننا أن نقول إلا ما يلي : "الستالينية " هي قبل كل شيئ الشيوعية ، الماركسية اللينينية .هذا هو مظهرها الرئيسي. فى ما عدا ذلك ، فهي تتضمن أخطاء خطيرة إلى أبعد حد ينبغى إصلاحها بجذرية و هي مناقضة للماركسية-اللينينية . نعتقد لو قارنا أخطاء ستالين و ما أنجزه فإن الأخطاء لا تحتل سوى المركز الثاني " (نفس المصدر السابق ، الصفحة 30).
مرة أخرى و تكرارا " –الستالينية-هي قبل كل شيئ الشيوعية ، الماركسية –اللينينية". لا أوضح من هذه الصيغة سنة 1957حينما كانت الغالبية الساحقة للأحزاب و المنظمات الشيوعية إما تعيد كالببغاوات كلمات المؤتمر العشرين السيئ الصيت أو هي فى حيرة من أمرها لا تدري ما الموقف الذى يتعين إتخاذه و عهدذاك كان حزب العمل الألباني المدعي أنه ( و المدَعي أنه ) أول من أطلق الرصاص على التحريفية السوفياتية يكيل المديح للمؤتمر العشرين دون إبداء أي تحفظ و كتابات خوجا خلال تلك السنة و كذلك " البرافدا" بتاريخ 8 نوفمبر 1956 تشهدان بذلك.
و دفاعا عن ستالين الماركسي العظيم ضد شتى أرهاط التحريفية ، شن المقال الماوي "مرة أخرى..." هجوما ضد تيتو و كل من عملوا على تحطيم ستالين و بالتالي تحطيم الماركسية- اللينينية : " الآن ، إتخذت تصريحات الرفيق تيتو هدفا لها " الستالينية " و "الستالينيين " و يدعى فى الوقت الحاضر أن المسألة هي معرفة من سينتصر : " الخط الذى بادرت به يوغسلافيا " أو الخط المدعو ب"الستالينية ". هذا الموقف خاطئ و لا يمكن إلا أن يقود الحركة الشيوعية الى الإنشقاق" . ( نفس المصدر السابق ، الصفحة 31).
و فى الجزء الثالث منه يناهض "مرة أخرى ..." الأطروحة التحريفية السوفياتية القائلة بأن الدغمائية فى الحركة الشيوعية العالمية هي العدو الرئيسي ، ليدافع عن ستالين و عن أولوية توجيه سهام النقد للتحريفية رئيسيا. " الدغمائيون لا يفهمون أن الحقيقة العالمية للماركسية-اللينينية لا يمكن أن تظهر بالملموس و تلعب دورا فى الحياة الواقعية إلا عبر الخصوصيات القومية ...لذلك هم غير قادرين على قيادة البروليتاريا إلى الإنتصار .
أخطاء ستالين ساعدت على إنتشار الدغمائية إذن من اللازم الصراع ضد هذا الإنحراف . إلا أنه بالصراع بصورة خاطئة ضد "الستالينية " طور بعض الرفاق تيارا تحريفيا يعنى تيارا يتجه نحو تحريف الماركسية-اللينينية " .
---------------------------------------------
تلك مقتطفات من " حوال التجربة ..." و من "مرة أخرى حول ..." و هي تعبر عن حقائق تاريخية فى ما يتصل بكيفية معالجة ماو و الشيوعيين الصينيين لمسألة ستالين بكل جرأة و كل علمية و نزاهة ومنهج مادي جدلي، من منظور بروليتاري . و يشهد الصراع الشيوعي الماوي ضد التحريفية معاركا فمعاركا حتى يبلغ مرحلة الهجوم المباشر العلني و بالإسم على أعمدة الجرائد و كل وسائل الإعلام فى حرب ضروس لا هوادة فيها. و يأتى "حول مسألة ستالين" عارضا المسألة من كافة جوانبها متصديا للتحريفية و ممثلي البرجوازية الجديدة فى الاتحاد السوفياتي معيدي تركيز الرأسمالية فى أول بلد إشتراكي عرفه التاريخ.
--------------------------------------------------------------
" حول مسألة ستالين "(1963)
" حول مسألة ستالين" هو تعليق ثان ضمن جملة من التعليقات على الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي بقلم هيئتي تحرير صحيفة "جينمين جيباو" و مجلة " العلم الأحمر" فى 13 سبتمبر(أيلول)1963 (دار النشر بالغات الأجنبية –بالعربية ، بيكين 1963)
+ ما هي التهمة التى توجهها الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي للحزب الشيوعي الصيني ؟
" إن الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي تتجنب أي رد على حججنا القائمة على المبدأ و تتهم فقط الشيوعيين الصينيين بأنهم " يدافعون عن عبادة الفرد و ينشرون أفكار ستالين الخاطئة " (ص2) و فى هذا صفعة للخوجيين فعظم لسان التحريفيين السوفيات يقر حقيقة (بالنسبة لهم تهمة) دفاع الشيوعيين الماويين عن ستالين.
+ ما هي أهمية مسألة ستالين؟
" و الموقف الدائم للحزب الشيوعي الصيني هوأن مسألة موازنة أعمال ستالين و الموقف الذى يتخذ إزاءه ليست فقط مسألة تقدير ستالين نفسه، بل الأهم هو أنها مسألة تلخيص الخبرة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا و للحركة الشيوعية العالمية منذ وفاة لينين و الكيفية التى يتم بها هذا التلخيص...ستالين كان قائد الحركة الشيبوعية العالمية ، و بالتالي لا يستطيع أحد أن ينكر أن موازنة أعمال ستالين هي مسالة مبدئية هامة تمس كل الحركة الشيوعية العالمية . فعلى أي أساس إذن يمنع قادة الحزب الشيوعي السوفياتي الأحزاب الشقيقة الأخرى من القيام بتحليل و موازنة واقعيين لأعمال ستالين؟ " (ص3)
وهذا موقف صائب و ثوري فى وجه التحريفية و بالفعل قام الشيوعيون الماويون بتحليل و موازنة واقعيين لأعمال ستالين بالرغم عن التحريفيين السوفيات و فى تناقض كلى معهم.
+ كيف ينبغي أن يجري تقييم ستالين؟
" لقد أصر الحزب الشيوعي الصيني دائما على إجراء تحليل شامل موضوعي علمي لمآثر ستالين و أخطائه بأسلوب المادية التاريخية و على عرض التاريخ كما حدث فعلا ، و عارض إنكار ستالين هذ ا الإنكار الذاتي الفض تماما الذى حدث نتيجة إستخدام أسلوب المثالية التاريخية و تشويه التاريخ و تعديله عن عمد.
لقد رأى الحزب الشيوعي الصيني دائما أن ستالين قد إرتكب أخطاء كانت لها جذورها الإيديولوجية و الإجتماعية و التاريخية . و من الضروري أن تُنتقد الأخطاء التى إرتكبها ستالين فعلا لا الأخطاء التى عُزيت اليه بلا أساس ، بشرط أن يكون هذا النقد من موقف صحيح و بالأساليب الصحيحة . و لكننا عارضنا دائما نقد ستالين نقدا غير ملائم و صادرا عن موقف خاطئ و بأساليب خاطئة " (ص4)
و صفعة أخرى للتحريفيين السوفيات و الخوجيين جميعا.
+ ما هي مآثر ستالين ؟
" عندما كان لينين على قيد الحياة حارب ستالين القيصرية و بث الماركسية ، و بعد أن أصبح عضوا فى اللجنة المركزية للحزب البلشفى برئاسة لينين ، ساهم فى النضال لتمهيد الطريق لثورة عام 1917 و بعد ثورة أكتوبر ، كافح للدفاع عن ثمار الثورة البروليتارية .
و بعد وفاة لينين ، قاد ستالين الحزب الشيوعي السوفياتي و الشعب السوفياتي فى النضال الحازم ضد الأعداء الداخليين و الخارجيين ولصيانة و تعزيز أول دولة إشتراكية فى العالم .
و قاد ستالين الحزب الشيوعي السوفياتي و الشعب السوفياتي فى التمسك بخط التصنيع الإشتراكي و الجماعية الزراعية و فى إحراز نجاحات عظيمة فى التحول و البناء الإشتراكيين . و قاد ستالين الحزب الشيوعي السوفياتي و الشعب السوفياتي و الجيش السوفياتي فى شن نضال مرير شاق حتى إحراز النصر العظيم فى الحرب ضد الفاشية.
و دافع ستالين عن الماركسية - اللينينية و طورها فى الكفاح ضد مختلف أنواع الإنتهازية و ضد أعداء اللينينية – التروتسكيين و الزينوفيافيين و البوخارينيين و غيرهم من عملاء البرجوازية .
لقد قدم ستالين مساهمة لا تنسى للحركة الشيوعية العالمية فى عدد من مؤلفاته النظرية التى هي مؤلفات ماركسية –لينينية خالدة.
لقد قاد ستالين الحزب السوفياتي والحكومة السوفياتية فى إتباع سياسة خارجية كانت تتفق بصورة عامة مع الأممية البروليتارية و قدم مساعدة عظيمة للنضالات الثورية لدى الشعوب قاطبة بما فيها الشعب الصيني.
لقد وقف ستالين فى مقدمة مد التاريخ موجها للنضال و كان عدوا لا يصالح للمستعمرين و الرجعيين بأسرهم.
لقد كانت نشاطات ستالين مرتبطة إرتباطا وثيقا بنضالات الحزب الشيوعي السوفياتي العظيم و الشعب السوفياتي العظيم و لا تنفصل عن النضالات الثورية لشعوب العالم قاطبة.
و كانت حياة ستالين حياة ماركسي لينيني عظيم و ثوري بروليتاري عظيم" (ص4-5)
و هذه الجوانب المضيئة التى يرفعها عاليا الشيوعيون الماويون تدحض الظلمات التحريفية السوفياتية و أكاذيب الخوجيين المفضوحين منهم و المتسترين.
ما هي أخطاء ستالين؟ +
" و حقيقة أن ستالين ، هذا الماركسي- اللينيني العظيم و الثوري البروليتاري العظيم ، إرتكب أخطاء معينة بينما كان يقدم مآثره للشعب السوفياتي و الحركة الشيوعية العالمية . كانت بعض هذه الأخطاء أخطاء مبدئية و بعضها حدث أثناء النشاط العملى ، كما كان بعضها ممكنا تجنبه و كان عسيرا تجنب بعضها الآخر فى وقت لم تكن فيه لدكتاتورية البروليتاريا أي سابقة تقتدى بها.
و حاد ستالين بإتباع طريقة تفكيره عن المادية الديالكتيكية ووقع تحت رحمة المثالية و النزعة الذاتية فيما يتعلق بقضايا معينة ، و هكذا إبتعد أحيانا عن الواقع و عن الجماهير. و فى النضال داخل الحزب و خارجه خلط كذلك فى مناسبات معينة و حول مسائل معينة بين نوعين من التناقضات مختلفين فى طبيعتهما هما التناقضات بين أنفسنا و العدو و التناقضات بين الشعب ، كما خلط بين الأساليب المختلفة المطلوبة لمعالجة هذه التناقضات. و أثناء قيادة ستالين لقمع الثورة المعادية نال عدد كبير من المعادين للثورة ما إستحقه من عقاب ، و لكن فى الوقت نفسه عوقب عدد من الأبرياء بصورة خاطئة. و فى عامي 1937 و 1938 تعدى نطاق قمع المعادين للثورة حدوده و كان خطأ. و فيما يتعلق بتنظيم الحزب و الحكومة لم يطبق ستالين بصورة كافية المركزية الديمقراطية البروليتارية ، بل خرقها إلى حد ما. كما إرتكب بعض الأخطاء فى معالجة العلاقات بين الأحزاب و الأقطار الشقيقة ، و كذلك أخطأ النصح أحيانا فى الحركة الشيوعية العالمية .و نجم عن هذه الأخطاء بعض الخسائر التى لحقت بالاتحاد السوفياتي و الحركة الشيوعية العالمية." (الصفحة 5-6)
"و لقد كان ستالين قادرا على نقد نفسه عندما كان يرتكب خطأ ما. فمثلا ، أخطأ النصح في ما يتعلق بالثورة الصينية. و بعد إنتصار الثورة الصينية ، إعترف بخطئه .كما إعترف ستالين أيضا ببعض أخطائه فى عمل تطهير صفوف الحزب ، فى تقريره للمؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي السوفياتي (البلشفيك)عام 1939" (الصفحة 17). (التسطير من وضعنا)
التحريفيون السوفيات لم يقوموا بأي تقييم موضوعي لأعمال ستالين الواقعية و هذا من مأتاه لا يستغرب لأن شغلهم الشاغل ليس التقدم بتجربة دكتاتورية البروليتاريا و إنما تحطيمها من خلال تحطيم ستالين و الخوجيون المفضوحون منهم و المتسترون هم أيضا ما أنجزوا المطلوب و لا ذكر لديهم لأخطاء ستالين مهما كانت فهم لا يتبنون " إزدواج الواحد" كمقولة لينينية و لا يطبقونها همهم ليس الدفاع عن ستالين و التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا و إنما القدح فى الماركسية -اللينينية من خلال القدح فى الماوية و إستعمال الدفاع الأعمى عن كل نشاط و عمل ستالين لذلك الغرض .
ما علاقة مآثر ستالين بأخطائه و ما هي كيفية التعامل مع الأخطاء ؟ +
" ان مآثر ستالين و أخطاءه هي حقائق تاريخية و موضوعية و المقارنة بين هذه المآثر و الأخطاء تظهر أن مآثره كانت أعظم من أخطائه . لقد كان فى المقام الأول مصيبا و كانت أخطاؤه ثانوية. و بتلخيص تفكير ستالين و عمله بكليتهما فإن كل شيوعي شريف يحترم التاريخ سينظر بالتأكيد أولا إلى ما شغل المقام الأول فى حياة ستالين. و لذلك عندما توازن أخطاء ستالين موازنة صحيحة و تنتقد و يتم التغلب عليها يكون من الضروري الدفاع عما شغل المقام الأول فى حياة ستالين و الدفاع عن الماركسية اللينينية التى صانها و طورها.و من المفيد إتخاذ أخطاء ستالين التى كانت ثانوية بالنسبة إلى مآثره كدروس تاريخية يعتبر بها شيوعيو الاتحاد السوفياتي والبلدان الأخرى حتى لا يكرروا تلك الأخطاء أو يقللوا من أخطائهم . إن الدروس التاريخية الإيجابية و السلبية مفيدة للشيوعيين بأجمعهم إذا إستخلصت بشكل صحيح و كانت هذه الدروس لا تشوه حقائق تاريخية بل تنطبق معها." ( الصفحة 7)
تعاطي مادي جدلي سليم .هذا ما يمكن قوله .
+ ماهو الموقف الذى إتخذه التحريفون السوفيات تجاه ستالين منذ المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي؟
" إنهم لم يقوموا بتحليل تاريخي علمي شامل لحياة ستالين و أعماله ، بل أنكروه إنكارا كليا بدون أي تمييز بين الصواب و الخطأ.و لم يعاملوا ستالين كرفيق بل عاملوه كعدو . إنهم لم يتخذوا أسلوب النقد و النقد الذاتي لتلخيص الخبرة ، بل ألقوا مسؤولية جميع الأخطاء على ستالين و نسبوا اليه " الأخطاء " التى لفقوها عمدا. إنهم لم يعرضوا الحقائق و لم يناقشوا الأمور ، بل شنوا هجمات ديماغوجية شخصية على ستالين بغرض تسميم عقول الناس. لقد شتم خروتشوف ستالين بأنه " قاتل " و "مجرم" و " قاطع طريق" و "مقامر" و "طاغية من نوع إيفان المرعب" و " أكبر دكتاتور فى التاريخ الروسي" و " غبي " و "أبله" و هلم جرا و بينما نعيد ذكر هذه الألفاظ القذرة الفاحشة الخبيثة مضطرين نخشى أن يوسخ ذلك قلمنا و ورقنا."(الصفحة 10)
+ ما كان رد الشيوعيين الماويين على تلك الشتائم؟
" لقد قدح خروشوف بستالين على أنه "أكبر دكتاتور فى التاريخ الروسي" ، ألا يعنى ذلك أن الشعب السوفياتي قد عاش ثلاثين سنة طويلة تحت "طغيان" " أكبر دكتاتور فى التاريخ الروسي " و لم يعش فى ظل النظام الإشتراكي؟ إن الشعب السوفياتي العظيم و الشعوب الثورية فى العالم أجمع لا توافق بتاتا على هذا الإفتراء!
لقد قدح خروشوف بستالين على أنه "طاغية من نوع إيفان المرعب" ألا يعنى ذلك أن خبرة الحزب الشيوعي السوفياتي العظيم و الشعب السوفياتي العظيم التى توفرت خلال ثلاثين عاما لشعوب العالم قاطبة لم تكن خبرة دكتاتورية البروليتاريا بل خبرة حياة تحت حكم "طاغية " إقطاعي ؟ إن الشعب السوفياتي العظيم و الشيوعيين السوفيات و الماركسيين - اللينينيين فى العالم أجمع لا يوافقون بتاتا على هذا الإفتراء!
لقد قدح خروشوف بستالين على أنه "غبي " ، ألا يعني ذلك أن الحزب الشيوعي السوفياتي الذى خاض نضالات ثورية بطولية خلال عشرات السنين الماضية كان قد إتخذ " غبيا " كرئيس له؟ إن الشيوعيين السوفيات و الماركسيين- اللينينيين فى العالم أجمع لا يوافقون بتاتا على هذا الإفتراء !
لقد قدح خروشوف بستالين على أنه "أبله" ، ألا يعني هذا أن الجيش السوفياتي العظيم الذى إنتصر فى الحرب ضد الفاشية كان قد إتخذ " أبله" كقائده الأعلى ؟ إن القادة و المحاربين السوفييت الأمجاد و جميع المحاربين ضد الفاشية فى العالم أجمع لا يوافقون بتاتا على هذا الإفتراء !
لقد قدح خروشوف بستالين على أنه "مقامر" ، ألا يعنى هذا أن الشعوب الثورية فى العالم قد إتخذت "مقامرا" كحامل رايتها فى نضالاتها ضد الإستعمار و الرجعية ؟ إن جميع الشعوب الثورية فى العالم و من ضمنها الشعب السوفياتي لا توافق بتاتا على هذا الإفتراء!
إن هذا القدح فى ستالين من قبل خروشوف هو إهانة بالغة للشعب السوفياتي العظيم و إهانة بالغة للحزب الشيوعي السوفياتي و للجيش السوفياتي و لدكتاتورية البروليتاريا و للنظام الإشتراكي و للحركة الشيوعية العالمية و للشعوب الثورية فى العالم أجمع و للماركسيين - اللينينيين. فى أي مركز يضع خروشوف الذى إشترك فى قيادة الحزب و الدولة خلال عهد ستالين نفسه حين يضرب صدره و يدق الطاولة و يصيح بأعلى صوته شاتما ستالين؟ أفى مركز المتآمر مع " قاتل" أو "قاطع طريق" ؟ أو فى نفس المركز ك"غبي" أو" أبله"؟
أي فرق هناك بين قدح خروشوف بستالين و بين قدح المستعمرين و رجعيي مختلف البلدان و المرتدين عن الشيوعية بستالين؟ و لماذا يضمر حقدا متأصلا كهذا لستالين؟ و لماذا تتهجمون عليه بصورة أشرس مما تفعلون ضد العدو؟
إن خروشوف بقدحه فى ستالين فى الواقع يشهر بشكل محموم بالنظام السوفياتي و الدولة السوفياتية. إن لهجته فى هذا الخصوص ليست بأي حال أضعف من لهجة المرتدين أمثال كاوتسكى و تروتسكي و تيتو و دجيلاس بل أقوى منها." (الصفحات 10، 11، 12و 13)
" و جدير بالذكر على الخصوص أنه بينما يقدح قادة الحزب الشيوعي السوفياتي بستالين بكل طريقة ممكنة يولون أيزنهاور و كندى و من على شاكلتهما " كل الاحترام و الثقة ". إنهم يقدحون بستالين على أنه "طاغية من نوع إيفان المرعب" و " أكبر دكتاتور فى التاريخ الروسي" و لكنهم يشيدون بكل من أيزنهاور و كندى ك"حائزين على تأييد الأغلبية الساحقة من الشعب الأمركي "! إنهم يقدحون بستالين على أنه "أبله" و يمدحون أيزنهاور و كندى ك"عاقلين"! فمن جهة يهاجمون بفظاظة ماركسيا- لينينيا عظيما و ثوريا بروليتاريا عظيما و قائدا عظيما للحركة الشيوعية العالمية ، و من الجهة الأخرى يرفعون زعماء الإستعمار إطنابا إلى السماء. فهل هنالك إحتمال بأن تكون الصلة بين هذه الظواهر قد نشأت بمحض الصدفة ؟ أولا يدل المنطق الذى لا يقبل الشك بأنها نشأت نتيجة خيانة الماركسية - اللينينية ؟ " (الصفحة 14-15)
+ و بعد تذكير خروتشوف بمواقفه المساندة لستالين طوال عشرات السنين ، تتطرق الوثيقة إلى تأثير خيانته للماركسية –اللينينية على الحركة الشيوعية العالمية.
" لقد زوّد الإنكار التام لستالين المستعمرين و رجعيي جميع البلدان بذخيرة معادية للسوفيت و معادية للشيوعية تلقوها بترحيب زائد. و بعد المؤتمر العشرين بوقت قصير إستغل المستعمرون تقرير خروشوف السري ضد ستالين ليثيروا موجة عالية على نطاق العالم ضد الإتحاد السوفياتي و ضد الشيوعية. لقد إنتهز المستعمرون و رجعيو جميع البلدان و طغمة تيتو و الإنتهازييون من مختلف الأشكال جميعا الفرصة ليهاجموا الإتحاد السوفياتي و المعسكر الإشتراكي و مختلف الأحزاب الشيوعية. وهكذا واجهت كثير من الأحزاب و البلدان الشقيقة صعوبات خطيرة.
إن الحملة المحمومة التى شنتها قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي ضد ستالين قد مكّنت التروتسكيين الذين غدوا جثثا سياسية منذ أمد طويل من العودة للحياة من جديد ، و من الدعوة مطالبين ب" إعادة الإعتبار " لتروتسكى ...إن التروتسكيين لم يخفوا سرورهم قط عندما أعلنوا أن الحملة التى بدأتها قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي ضد ستالين " قد فتحت الباب للتروتسكية " و أنها "ستساعد كثيرا تقدم التروتسكية و منظمتها – الأممية الرابعة " -(الصفحة 17-18-19)
+ و ماذا عن الرد على "مقاومة عبادة الفرد"؟
" إن قادة الحزب الشيوعي السوفياتي بشنّنهم حملة "مقاومة عبادة الفرد" ليس غرضهم هو العودة الى ما يسمونه ب " المقاييس اللينينية للحياة الحزبية و مبادئ القيادة "، بل غرضهم على النقيض من ذلك هو خرق تعاليم لينين حول العلاقات المتداخلة بين القادة و الحزب و الطبقة و الجماهير و مخالفة مبدأ المركزية الديمقراطية فى الحزب." ( الصفحة 20)
" لقد تمسك الحزب الشيوعي الصيني دوما بالتعاليم الماركسية - اللينينية حول دور الجماهير و الفرد فى التاريخ و حول العلاقات المتداخلة بين القادة و الحزب و الطبقة و الجماهير و تمسك بالمركزية الديمقراطية فى الحزب. لقد تمسكنا دائما بالقيادة الجماعية ، و فى الوقت نفسه نعارض التقليل من دور القادة . و بينما نقيم أهمية لهذا الدور نقاوم تقريظ الأفراد بصورة مفرطة و غير متفقة مع الواقع و المبالغة فى دورهم. و منذ عام 1949 إتخذت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني قرارا، بناء على إقتراح الرفيق ماو تسي تونغ ، يمنع الإحتفالات العامة من أي شكل بأعياد ميلاد قادة الحزب و تسمية المدن و الشوارع و المؤسسات بأسمائهم.
إن موقفنا المثابر الصحيح هذا يختلف أساسيا عن " مقاومة عبادة الفرد" التى تدعو لها قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي . لقد أصبح واضحا أكثر فأكثر أن قادة الحزب الشيوعي السوفياتي بدعوتهم ل"مقاومة عبادة الفرد" لا يرمون إلى تطوير الديمقراطية و ممارسة القيادة الجماعية و مقاومة المبالغة فى دور الفرد كما يدعون ، بل لهم دوافع أخرى . فما هو بالضبط فحوى "مقاومة عبادة الفرد" فى نظرهم؟ إذا تحدثنا بصراحة هو ما يلى:
أولا- أن يضعوا ستالين قائد الحزب بحجة "مقاومة عبادة الفرد" فى موضع معارض لتنظيم الحزب و البروليتاريا و جماهير الشعب ،
ثانيا- أن يلوثوا الحزب البروليتاري و دكتاتورية البروليتاريا و النظام الإشتراكي بحجة " مقاومة عبادة الفرد"،
ثالثا- أن يرفعوا مراكزهم بحجة "مقاومة عبادة الفرد" و يهاجموا الثوريين المخلصين للماركسية - اللينينية حتى يعبدوا الطريق لمدبرى المكائد المحرفين لإغتصاب قيادة الحزب و الدولة ،
رابعا- أن يتدخلوا بحجة "مقاومةعبادة الفرد" فى الشؤون الداخلية للأحزاب و البلدان الشقيقة و أن يسعوا الى قلب قيادة هذه الأحزاب و الأقطار بما يتماشى و إرادتهم،
خامسا- أن يتهجموا بحجة "مقاومة عبادة الفرد" على الأحزاب الشقيقة التى تلتزم بالماركسية - اللينينية و يصدعوا الحركة الشيوعية العالمية.
إن حملة مقاومة "عبادة الفرد" التى شنّها خروشوف هي مكيدة سياسية حقيرة ، فهو ، كما وصف ماركس أحد الأفراد ، " فى عنصره مدبّر للمكائد بينما لا يساوى شيئا كنظرى". (الصفحات 21 و 22)
+ و كيف إختتمت وثيقة "حول مسألة ستالين"؟
" إن الإنتهازيين فى تاريخ الحركة الشيوعية العالمية لم يستطيعوا أن ينكروا ماركس و انجلزو لينين عن طريق الإفتراء ، و لن يستطيع خروشوف أن ينكر ستالين بالإفتراء .
و كما قال لينين فإن المركز الممتاز لا يضمن نجاح الإفتراء . لقد إستطاع خروشوف أن يستخدم مركزه الممتاز لإبعاد رفات ستالين من ضريح لينين ، و لكن مهما حاول أن يستخدم هذا المركز الممتاز ، فلن يستطيع أبدا أن ينجح فى محو صورة ستالين العظيمة من أذهان الشعب السوفياتي و شعوب العالم قاطبة.
بوسع خروشوف أن يستخدم مركزه الممتاز هذا ليحرف الماركسية - اللينينية بهذه الطريقة أو تلك ، و لكن مهما حاول فلن ينجح أبدا فى أن يطيح بالماركسية- اللينينية التى دافع عنها ستالين و يدافع عنها الماركسيون-اللينينيون فى العالم أجمع.
إننا نود أن نقدم للرفيق خروشوف نصيحة مخلصة : إننا نرجو منك أن تدرك أخطاءك و ترجع عن طريقك الخاطئة الى طريق الماركسية - اللينينية .
عاشت تعاليم ماركس و انجلز و لينين و ستالين الثورية العظيمة! "( الصفحة 26-27)
بعد هذا الكلام لا تعليق سوى : لن يستطيع الخوجيون المفضوحون منهم و المتسترون أن ينكروا ماو تسي تونغ بالإفتراء كما لم يستطع خروشوف أن ينكر ستالين بالإفتراء و يكفى إلقاء نظرة و لو سريعة على الصراعات الثورية فى عالم اليوم و داخل الحركة الشيوعية العالمية للتأكد من ذلك بما لا يدع أدنى ظل من الشك.
بين، جلي، باهر، مبدئي و ثوري هو موقف الشيوعيين الماويين تجاه الرفيق ستالين و التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا فى الاتحاد السوفياتي و تأسيسا عليه سيتقدم الشيوعيون الصينيو ن بقيادة ماو فى الدفاع عن الماركسية- اللينينية و رفع رايتها و ممارستها و تطويرها عبر الصراع الطبقي و الصراع بين الخطين داخل الحزب الشيوعي الصيني لتبلغ أعلى قمة عرفتها التجربة البروليتارية مع الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و نظرية مواصلة الثورة فى ظل دكتاتورية البروليتاريا مما طور الماركسية بمكوناتها الثلاثة الاقتصاد السياسي و الإشتراكية و الفلسفة المادية الجدلية الى مرحلة جديدة ثالثة و أرقى هي الماركسية-اللينينية-الماوية .

9- إفتراءات بلشفي / خوجي :
" أن ينسب المرء إلى خصمه حماقة بيّنة لكي يدحضها فيما بعد، ليس من أساليب الرجال الأذكياء جدّا"
( لينين" الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكى" ، دار التقدّم موسكو ، صفحة 80).
علامة إمتياز سينال " الحديدي " فى مادة الكذب بصدد الماوية لو كان تلميذا فى الإبتدائي و كانت هذه المادّة تدرّس فى مدارس " البلشفية / الخوجية ". و نحن نعلم أنّه بقدر ما يكذب المرء و ما يبتعد عن القبض على الحقيقة و الإحاطة بها ، الحقيقة التى هي وحدها الثورية ، بقدر ما نفهم أنّه تعوزه الحجج و البراهين و أنّه ينطلق من مواقف لا دليل على صحّتها فلا يجد ما يسندها به غير سيل إفتراءاته التى لا تتوقّف .
أ- هل جنّ " الحديدي " ليتّهم ماو بالمشاركة فى إغتيال ستالين المدعى ؟ وهل جنّ ليكتب فى" ستالين قائد الثورة..." : " لم يكن خروتشوف و لا ماو تسى تونغ أب نظرية " الإنتقال السلمي للإشتراكية بل بوخارين"؟ و القاصي و الداني يعرف أنّ ماو قاد الحزب الشيوعي الصيني و الحركة الماركسية-اللينينية العالمية فى جدال عظيم فعلا لدحض المقولات الخروتشوفية جميعها و ليس " الإنتقال السلمي للإشتراكية " فحسب و للدفاع عن ستالين و الإرث الثوري للبروليتاريا العالمية و تشكّل الأحزاب و المنظّمات الشيوعية الماركسية- اللينينية جاء نتيجة ذلك الجدال العظيم. و معلومة هي الوثائق الماوية الكثيرة بهذا المضمار من " عاشت اللينينية " إلى " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية " مرورا ب" الثورة البروليتارية العالمية و تحريفية خروتشوف " و" حول شيوعية خروتشوف المزيّفة و الدروس التاريخية التى تقدمها للعالم" و " خطّان مختلفان حول مسألة الحرب و السلم " و " سياستان للتعايش السلمي متعارضتان تعارضا تاما" و غيرها كثير.
ب- مقرف حقّا جمع ماو تسي تونغ و تيتو فى نصّ " إغتيال ستالين..." و الحال أنّ حتى حزب العمل الألباني و خوجا يعلمان مدى مبدئية المواقف الماوية بهذا المضمار و الصراعات التى خاضوها ضد خروتشوف و حمايته لتيتو موثّقة تاريخيّا؛ و كذلك هو مقرف حقّا إلصاق نظرية العوالم الثلاثة لدنك سياوبينغ بعدوّه ماو تسى تونغ فكتابات الماويين قطريّا و عربيّا و عالميّا منذ أزيد من ثلاثة عقود الآن حسمت الأمر و بينت تضاربها مع الماوية علاوة على إثبات صدورها عن دنك سياو بينغ غير أنّ الدغمائيين التحريفيين الخوجيين جميعهم يلوكون التهمة بلا دليل لوك العلكة و قد صارت ممجوجة !
ت- فى " ضد التصفوية الماوية..." سعى البلشفي القشرة و الخوجي اللبّ للنيل من الماوية مدّعيا زورا و بهتانا أنّ الماويين ضد قيادة الطبقة العاملة للثورة :" ...ضد نضال الطبقة العاملة لأنّكم ضد قيادتها للثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات". و علاوة على عدم شرحه لمعنى التصفوية و لماذا ينعت بها الماويين ، ينسج وهما و يتعلّق به و يكرّره صباح مساء علّه يصبح حقيقة لكن وقائع الحياة العنيدة تسفّه أحلامه. فكتابات ماو تسى تونغ و الماويين زاخرة بتمسّكهم و تنظيرهم لقيادة الطبقة العاملة للثورة و نضالات الماويين و حرب الشعب الماوية فى الفليبين و الهند و غيرها من البلدان تكرّس عمليّا هذه القيادة.
و " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984 كفيل بتفنيد الخزعبلات "الحديدية" و مع ذلك لمزيد ترسيخ الموقف الماوي، نقتطف من العدد الخامس من "لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة !" التالي بصدد ذات السخافات الخوجية :
" فضح الكذب والتزوير بصدد"الماوية و القوى المحرّكة للثورة:العمّال و الفلاّحون فى الثورة"
الإستشهاد (84) أ بالصفحة 69 :
ينقد الكيلاني بشدّة ماو على أنّه " أعطى الدور الأساسي فى الثورة للفلاحين و ترك البروليتاريا فى المرتبة الثانية" ( الصفحة 69) و يعطى الخوجي بعد ذلك الإنطباع بأنّه يستند فى ذلك إلى جمل ماو تسى تونغ:" يقول ماو :" إنّ النضال الحالي ضد المحتلّين اليابان هو من حيث الجوهر نضال الفلاحين و النظام السياسي للديمقراطية الجديدة فى جوهره يعنى إعطاء السلطة للفلاحين." و هذا يعنى أنّ جوهر النضال الديمقراطي و المعادي للإمبريالية لا يخرج عن إطار التغييرات التى تقبل بها البرجوازية الوطنية. أمّا إذا أزيحت البرجوازية من القيادة و تولّتها البروليتاريا فإنّ تغييرا جوهريّا يحدث فى المدى الذى ستأخذه الثورة و بالتالى تتحرّر من الأفق البرجوازي و تفتح الطريق لتحويلها إلى ثورة إشتراكية فى أسرع وقت ممكن". [ أنور خوجا ، صفحة 443 ]
نلقى نظرة على مراجع "الماوية معادية للشيوعية" ، فنجد " 84- ماو ، المؤلّف الثالث ، ص : 177-178" و هذا غير صحيح البتّة ذلك أنّ قول ماو متضمّن فى " الديمقراطية الجديدة" ، صفحة 332 من المجلّد الثاني ، الطبعة الفرنسية و صفحة 511-512 من المجلّد الثاني ، الطبعة العربية. و لا غرابة فى ذلك فنحن إعتدنا على هذه الألاعيب الخوجية و الشيء من مأتاه لا يستغرب.
لنرصد ما قاله ماو تسى تونغ فعلا بالصفحة 511-512 من المجلّد الثاني ، الطبعة العربية: " لقد قال ستالين إنّ " المسألة القومية هي ، فى جوهرها، مسألة الفلاحين" و هذا يعنى أنّ الثورة الصينية هي جوهريّا منح السلطات للفلاحين ، كما أنّ الثقافة الجماهيرية تعنى جوهريّا رفع مستوى الفلاحين الثقافي . و أنّ حرب المقاومة ضد اليابان هي جوهريّا حرب الفلاحين. إنّ اليوم يوم تطبيق "مبدأ الصعود إلى الجبال" فالإجتماعات و العمل و الدراسة و إصدار الصحف و تأليف الكتب و التمثيل المسرحي ، كلّ شيء يجرى على الجبال، و كلّه من أجل الفلاحين جوهريّا. و فى الجوهر إنّ الفلاحين هم الذين يقدّمون كلّ الأشياء التى تدعم المقاومة ضد اليابان و التى تستعين بها على الحياة. و نحن حين نقول " جوهريّا" إنّما نقصد أساسيّا ، دون أن نتجاهل فئات الشعب الأخرى. و هذا ما أوضحه ستالين نفسه. إنّ الفلاحين يشكّلون 80 % من سكّان الصين و هذا ما يعرفه كلّ تلميذ صغير. لذلك أصبحت مسألة الفلاحين المسألة الأساسية للثورة الصينية، و قوّة الفلاحين هي القوّة الرئيسية للثورة الصينية. و من حيث العدد يحتلّ العمّال بين سكّان الصين المرتبة الثانية بعد الفلاحين. فيوجد فى الصين عدّة ملايين العمّال الصناعيين و عشرات ملايين من العمال الحرفيين و العمّال الزراعيين . و لا يمكن للصين أن تحيا بدون عمالها فى مختلف الصناعات ، لأنّهم المنتجون فى القطاع الصناعي فى إقتصادنا. و لا يمكن للثورة ان تنتصر بدون الطبقة العاملة الصناعية الحديثة ، لأنّها قائدة الثورة الصينية و أكثر الطبقات ثورية."
نلمس معا ، بلا ريب و من جديد ، أنّ الخوجيين حين يهاجمون ماو تسى تونغ فهم فى الواقع و فعلا يهاجمون الماركسية- اللينينية و هذه المرّة يهاجمون مباشرة و دون مواربة ستالين حيث أنّ ماو أعاد فكرة ستالين التى صاغها فى خطابه " حول المسألة القومية فى يوغسلافيا" الذى ألقاه بتاريخ 30 مارس 1925 أمام اللجنة اليوغسلافية التابعة للجنة التنفيذية للأممية الشيوعية:" ... إنّ الفلاحين يشكّلون الجيش الأساسي للحركة الوطنية ،و بدون هذا الجيش من الفلاحين لا يكون هنالك و لا يمكن أن يكون هنالك حركة وطنية قويّة...و هذا هو المقصود عندما نقول إنّ المسألة القومية فى جوهرها ، مسألة الفلاحين"( الصفحة 536 من المجلّد الثاني من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة"الطبعة العربية ، و بالصفحة 410 من الطبعة الفرنسية،أو الصفحة 228 من " الماركسية و المسألة الوطنية و الإستعمارية " كتاب لجوزاف ستالين ، منشورات نورمان بيتون ، باريس).
و نلمس معا أيضا أنّ شجب الخوجيين لماو بخصوص دور العمّال و الفلاحين فى الثورة لا أساس له من الصحّة ، ولا نحتاج مطلقا أن نضيف عشرات الجمل الماوية بهذا الصدد إلى نصّ ماو الموضوع أمامنا فهو بليغ بما فيه الكفاية:
1- الفلاحون الذين يشكّلون 80% من الصينيين هم القوّة الأساسية للثورة الديمقراطية الجديدة الصينية . و ماو إذ يحدّد الفلاحين كقوّة أساسية للثورة الديمقراطية الجديدة يصبّ عليه الخوجيون جام غضبهم فيعتبرونه إنحدر إلى صفّ المراجعين التحريفيين لكن عندما يصرّح خوجا بالشيء ذاته :" إنّ الفلاحين الألبان مثّلوا القوة الرئيسية فى ثورتنا " ( الإستشهاد 30 ، صفحة 72) يرتقى إلى مرتبة المنظّر الثوري الفذّ!
2- و العمّال عدديّا و ليس بالمرّة سياسيا فى المرتبة الثانية . و لا يمكن للثورة أن تنتصر بدون الطبقة العاملة الصناعية الحديثة، لأنّها قائدة الثورة الصينية و اكثر الطبقات ثورية.
على ضوء هذه الحقائق و غيرها يبدو واضحا أنّ الخوجيين ساروا بلا رجعة على درب تحريف علم الثورة البروليتارية كلفهم ذلك ما كلّفهم و سياسات هذه المجموعات الإصلاحية و برامجها غير البروليتارية أفضل دليل على ذلك.
ملاحظة : نتوقّف هنا لحظة ، لنسجّل أنّ فهرس مراجع " الماوية معادية للشيوعية" آخر ما يحتويه هو الإستشهاد (86) . مراجع بقيّة الإستشهادات لا محلّ لها فى كتاب الخوجي غير أنّ بحثنا عن الحقيقة و متعة تعميق المعرفة عبر البحث و التنقيب المفصّلان فرضا علينا متابعة المهمّة لنعثر على كلّ إستشهاد بماو و لا ندعه يمرّ دون فضح أكاذيب الخوجية التى تتناقض عدائيّا مع منهج البحث المادي الجدلي و الماركسية-اللينينية. و إليكم ما تكلّلت به مساعينا.


الإستشهاد (87) ، بالصفحة 70:
الكيلاني :" و على الثوريين [حسب ماو] من العمّال أن ينسحبوا من المدينة الرجعية للإلتحاق بالريف الثوري و بالتالى فإنّ الدور الرئيسي فى الثورة يحتله الفلاحون. أمّا الدور الثانوي فهو موكول للمدينة أي البروليتاريا. [أنور خوجا ، صفحة 444] نقرأ فى " الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني " ما يلى :
إنّ وجود أعداء من هذا النوع يطرح مشكل القواعد الثورية. ستبقى المراكز المدينية زمنا طويلا تحت إحتلال الإمبريالية العالمية و حلفائها الرجعيين الصينيين و إذا أرادت القوى الثورية ألاّ تجنح إلى الحلول السهلة من الإمبريالية و عملائها ، لكنّها مصمّمة على مواصلة الكفاح ،إذا أرادت لنفسها أن تنمو و يصحّ عودها إذا كانت تنوى تجنّب المعركة الحاسمة ضد عدوّ قويّ طالما لم تصبح بالحجم الذى يخوّل لها خوضها ، ينبغى عليها أن تجعل من الريف المتخلّف قاعدة صلبة تكون فى طليعة التطوّر معقلا عسكريّا و سياسيّا و إقتصاديّا و ثقافيّا مقاومة عدو ضار يستعمل المدن لمهاجمة الجهات القروية لذلك جعل الثورة تنتصر خطوة خطوة فى كلّ البلاد عبر صراع طويل."
فتّشنا فى مؤلف ماو المذكور أعلاه فألفينا الفقرة فى الصفحة 436 من المجلّد الثاني من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الطبعة العربية؛ و الصفحة 337 من الطبعة الفرنسية:
جاء بالصفحة 436 من المجلّد الثاني، الطبعة العربية:" إزاء أعداء كهؤلاء، واجهنا مسألة القواعد الثورية أيضا. و بما أنّ الإمبريالية القويّة و حليفها القوي الرجعية فى الصين ظلت تحتلّ لمدّة طويلة مدن الصين الرئيسية ، فلا بدّ للصفوف الثورية أن تحوّل المناطق الريفية المتأخّرة إلى قواعد متقدّمة متوطّدة، إلى مواقع ثورية كبرى فى الميادين العسكرية و السياسية و الإقتصادية و الثقافية ، تعتمد عليها فى النضال ضد أعدائها الشرسين الذين يهاجمون المناطق الريفية بالإستناد إلى المدن، و فى كسب النصر الكامل للثورة تدريجيّا و خلال قتال طويل الأمد و ذلك إذا كانت تأبى المهادنة مع الإمبريالية و عملائها ، بل تصمّم على متابعة النضال ، و إذا كانت تنوى ان تكدّس قواها و تصلب عودها، و تتجنّب المعارك الحاسمة مع عدوّ قوي قبل أن تملك القوّة الكافية لذلك. و فى هذه الحال ، و بسبب التطوّر المتفاوت للإقتصاد الصيني ( الذى ليس إقتصادا رأسماليا موحّدا)، و بسبب إتساع الأرض الصينية ( حيث تجد القوى الثورية مجالا واسعا للمناورة) ، و بسبب أنّ المعكسر المعادي للثورة فى الصين منقسم على نفسه و مليئ بالتناقضات و أن نضال الفلاحين الذين هم القوّة الرئيسية فى الثورة الصينية يجرى تحت قيادة حزب البروليتاريا - الحزب الشيوعي ، فإنّ من الممكن أن تنتصر الثورة الصينية أوّلا ، فى المناطق الريفية، هذا من جهة ، و لكن ، من جهة أخرى ، سوف يسبّب ذلك تفاوتا فى تطورات الثورة ممّا يجعل مهمّة كسب النصر التام فيها مهمّة طويلة الأمد و شاقة. و عليه ، يصبح جليّا أن النضالات الثورية الطويلة الأمد فى هذه القواعد الثورية هي ، بصورة رئيسية، حرب عصابات يخوضها الفلاحون تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني. و بالتالى ، فإنّ وجهات النظر التى تهمل إستخدام المناطق الريفية كقواعد ثورية، والتى تهمل القيام بالعمل الشاق الدؤوب بين الفلاحين، والتى تهمل حرب العصابات ، لهي جميعا وجهات نظر غير صحيحة " و كأنّ ماو يتوجّه حصرا لوجهات النظر الخوجية !
و بغضّ النظر عن التعريب الخوجي المختلّ ( تصريف الأفعال فى المضارع عوض الماضي"ظلّت تحتلّ " و ليس " ستبقى " و تراكيب الجمل المهتزّة...و إمكانية دحض الدعوي الخوجية بالرجوع فقط إلى ما كتبنا فى مقارعة الإستشهاد 84 ، نحرص حرصا بليغا على تأكيد أنّ الصين موضوع حديث ماو تسى تونغ هي البلد المستعمر و شبه المستعمر و شبه الإقطاعي و الصين ليست روسيا أو غيرها من البلدان الرأسمالية الإمبريالية حتى يعمد الخوجي إلى إيراد فقرة للينين (صفحة 71) عن الثورة فى روسيا معتبرا إيّاها محكّا لصحّة أو خطإ النظرة الماوية عن بلد مستعر و شبه مستعمر و شبه إقطاعي و يتجاهل الخوجي دون أدنى ظلّ من الشكّ مختلف أطروحات لينين بصدد المستعمرات و اشباه المستعمرات مثلما يدير ظهره تماما لجميع كتابات ستالين عن الثورة الصينية فعلى طول الكتاب و عرضه لا أثر لتلك الأطروحات و الكتابات و كأنّها تبخّرت و كأنّها غير موجودة أو غير صالحة أصلا. أليس هذا من العجب العجاب من أناس يدّعون أنّهم لينينيون !!!
فلينين فى " تقرير فى المؤتمر الثاني لعامة روسيا للمنظّمات الشيوعية لشعوب الشرق" ( راجعوا ما فصّلناه فى النقاش بشأن الإستشهاد 58) إعترف كمادي بحقيقة موضوعية هي أنّ شيوعيي تلك البلدان تواجههم " مهمّة لم تواجه الشيوعيين فى العالم كلّه من قبل" و ذلك لأنّ تلك البلدان لها " ظروف خاصة غير موجودة فى البلدان الأوروبية". يبدو أنّ الخوجي بما هو خوجيّ عند عقده المقارنات بين المستعمرات و أشباه المستعمرات ، الصين مثلا ، من جهة و روسيا مثلا كبلد راسمالي إمبريالي على أنّهما متماثلان فى طريق الثورة ، عند عقده هذه المقارنات الغبيّة والسخيفة ، تجاهل هذه الحقيقة أو لعلّه يعتبر الصين بلدا أوروبيّا !!!
خلط الأوراق هذا بثّا للبلبلة و ذرّا للرماد على الحقائق الأوّلية و عدم التفريق بين طريق الثورة فى الدول الرأسمالية الإمبريالية و الدول المستعمرة و شبه المستعمرة ليس بالأمر الجديد فى تاريخ الحركة الشيوعية العالمية ف"المعارضة" داخل الحزب البلشفي إرتكبت الحماقة عينها. كتب ستالين يقول فى " حول الصين "، الصفحة 288 من " المسألة الوطنية و الإستعمارية " (منشورات نورمان بيتون ، باريس):
" عدم التمييز و عدم فهم هذا الإختلاف و مماثلة الثورة فى البلدان الإمبريالية مع الثورة فى البلدان المستعمَرة ( بفتح الميم) هو خروج عن النهج الماركسي و عن النهج اللينيني ؛ هو إنخراط فى نهج أنصار الأممية الثانية.
و هذا ما كان لينين يقوله بهذا المضمار فى تقريره عن المسألة الوطنية و الإستعمارية للمؤتمر الثاني للأممية الشيوعية : ما هي الفكرة الأكثر أهمّية ، الفكرة الجوهرية لأطروحاتنا؟ هي التمييز بين الشعوب المضطهَدة [ بفتح الهاء] والمضطهِدة [بكسر الهاء]. نشدّد على هذا التمييز على عكس موقف الأممية الثانية و الديمقراطية البرجوازية " [التسطيرلستالين]. الخطأ الجوهري للمعارضة هو أنّها لا تفهم و لا تقرّ بهذا الإختلاف بين نوع من الثورة و النوع الآخر منها".
و شدّد ستالين على خصوصيّات الثورة الصينية و ميزاتها و منها أنّ " فى الصين تقاتل الثورة المسلّحة ضد الثورة المضادة المسلّحة. تلك هي إحدى خصائص الثورة الصينية و إحدى ميزاتها" ( من مقالة لستالين " آفاق الثورة فى الصين").
فهل يبغى الخوجيّون من الحزب الشيوعي الصيني و الثورة الصينية وهما كما فسّر ماو لا يملكان القوّة العسكرية و الإقتصادية و السياسية و الثقافية الكافية ليدخلا فى معركة أو معارك حاسمة و العدوّ أشدّ بطشا و أعتى بعشرات المرّات أن ينتحر؟، بكلمات أخرى أ يبغون منهما المغامرة المؤدية مباشرة و بالتأكيد إلى الهزيمة النكراء؟!أم أن يلقوا السلاح الذى يرفعون و يحلّوا الجيش و يفكّكوا القواعد التى بنوها و يعودوا إلى المدن فى حين أنّ الواقع برهن و أصبح " فى حكم المؤكد أنّ الوسيلة الرئيسية او الشكل الرئيسي للثورة الصينية لا يمكن أن تكون سلمية ، بل يجب أن تكون مسلّحة"( ماو المجلّد الثاني ، الصفحة 436) أو بمفردات ستالين أن تتخلّى الثورة الصينية عن " إحدى خصائصها و إحدى ميزاتها" لتتطابق مع قوالب الخوجيين الدغمائية التى لا تفرّق بين طريق الثورة فى البلدان الإمبريالية و فى أشباه المستعمرات وسياساتهم فى تربيع المثلّثات"؟!
هل يبغون ذلك أو يودّون من الحزب الشيوعي الصيني أن يخوض أوّلا نضالا مسلّحا فى المدن التى تسيطر عليها الإمبريالية القوية و حليفها القويّ، القوي الرجعية فى الصين على شاكلة " بادرماينهوف الأمانية " أو "الجيش الأحمر الياباني" أو... و هؤلاء من وجهة النظر اللينينية مخطئين فى منهج و طريق الثورة فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية و كيفية مراكمة القوى الثورية هناك؟!
الصين ليست بلدا أوروبيّا و ليست بلدا رأسماليّا إمبرياليّا. طبيعة المجتمع و المهمّة الجديدة التى تفترضها و لم تواجه شيوعيي العالم بأسره من قبل و التجربة الصينية عينها تثبت و تبرهن بقوّة أنّ حرب الشعب طويلة الأمد مثلما نظّر لها و مارسها الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ مثّلت الحلّ الصائب و الإجابة الماوية الصحيحة لواقع المستعمرات و أشباه المستعمرات على المستوى العسكري. طريق الثورة الصينية مغاير لطريق أكتوبر ،" محاصرة الريف للمدينة " و حرب ثورية دامت لأكثر من عشرين سنة ( حرب الشعب طويلة الأمد) أفضيا إلى إنتصار باهر للثورة الديمقراطية الجديدة الصينية على الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية/ الكمبرادورية سنة 1949 بقيادة الحزب الشيوعي الصيني و بتهليل و ترحيب عظيمين من ستالين و الحركة الشيوعية العالمية . و مرّة أخرى ، إعتبار طريق حرب الشعب طريقا إنتهازيّا برجوازيّا هو طعن مباشر فى ستالين و الأممية الشيوعية و أحزابها اللذان لم يكتشفا ذلك حسب المنطق الخوجي فليوجّه الخوجيون صراحة سياط نقدهم لستالين و للأممية الشيوعية و أحزابها .
و بالفعل قبل ذلك ، فى أوائل الثلاثينات ، طُبّق " البلاشفة 28 و نصف" لأكثر من مرّة الخطّ الدغمائي الذى يدافع عنه الخوجيون ، داخل الحزب الشيوعي الصيني ذاته وعلى الثورة الصينية ذاتها فجرى التركيز فى العمل على المدن لإفتكاكها قبل الإستيلاء على الريف و مني بالفشل الذريع الذى عرّض إلى الخطر وجود الحزب الشيوعي الصيني و الثورة الصينية بعامّة و كاد يقضى عليهما قضاء مبرما لولا المسيرة الكبرى بقيادة ماو تسى تونغ .و ذلك قبل أن تغدو قيادة الحزب الشيوعي الصيني ماويّة أي قبل هذه المسيرة الكبرى سنة 1935 و إجتماع تسونيى.
بعد هذا كلّه يتجرّا الخوجيون و يوجهون سيلا لا ينقطع من الشتائم و التهم لماو المستفيد من التجارب الميدانية و العيانية و المشخّصة و الممارسة العملية للثورة الصينية و من توجيهات لينين و ستالين، طالبين منه و من الماويين من جديد تطبيق خطّ خاطئ و ضار للثورة كلّفها دماء و آلام و تضحيات الآلاف من أفضل بنات و أبناء الشعب و الشيوعيين و الشيوعيات أي إعادة الحياة لجثّة عفنة شبعت موتا و رائحتها غاز قاتل ، و بالتالى التفريط فى المغزى العميق لتطوير ماو الثوري للنظرية العسكرية للبروليتاريا العالمية. فيا لبؤس الفكر الخوجي!
و لأجل أن نحيط بالمسألة من جميع جوانبها ، نخلص إلى ما جاء فى معرض معالجة ماو لموقع كلّ من الريف و المدينة و كيفية العمل فيهما ضمن إستراتيجيا حرب الشعب الطويلة الأمد كطريق للثورة الصينية متباين مع طريق أكتوبر الروسي ، فلا نجد ما يلمح لا من قريب و لا من بعيد إلى أنّه " على الثوريين من العمّال أن أن ينسحبوا من المدينة الرجعية" ( و الكلام للكيلاني الخوجي ، بالصفحة 70 من كتابه الذى بوسعنا الآن نعته بالمهزلة !).
مطوّلا يشرح ماو تسى تونغ نفسه قائلا بالضبط فى الفقرة الموالية لتلك التى أوردنا فى ما مرّ بنا فى هذه النقطة بالذات ( الصفحة 437-438 من المجلّد الثاني):
" على أنّ التشديد على أهمّية النضال المسلّح لا يعنى أن يجوز لنا الإعراض عن النضال بالأشكال الأخرى ، بل الأمر على النقيض من ذلك، فإنّ النضال المسلّح لا يمكن أن ينتصر إذا لم تدعمه نضالات بأشكال أخرى. كما أنّ إيلاء إهتمام خاص للعمل فى القواعد الريفية لا يعنى أنّه يجوز لنا التخلّى عن عملنا فى المدن و فى المناطق الريفية الواسعة الأخرى التى لا تزال تحت سيطرة العدوّ؛ بل الأمر على النقيض من ذلك ، إذ أنّ قواعدنا الريفية ستصبح معزولة و أنّ الثورة ستتعرّض للهزيمة إذا لم نقم بالعمل فى المدن و فى المناطق الريفية الأخرى . و فضلا عن ذلك، فإنّ الهدف النهائي للثورة هو الإستيلاء على المدن التى تشكّل القواعد الرئيسية للعدوّ ، فلا يمكننا بلوغ هذا الغرض إذا لم نقم بما يكفى من عمل فى المدن.
و هكذا ، فإنّه من الواضح أن الثورة لا يمكن أيضا أن تنتصر فى الأرياف و المدن معا بدون تدمير قوات العدوّ التى تشكّل أداته الرئيسية فى نضاله ضد الشعب. و لهذا ، يصبح من أعمالنا المهمّة تفكيك قوات العدوّ ، إلى جانب إفناء قواته فى المعارك.
و إنّه لمن الواضح أيضا أنّه لا يجوز للحزب الشيوعي ، حين يقوم بالدعاية و العمل التنظيمي فى المدن و المناطق الريفية الرجعية المظلمة التى ظلّ العدوّ يحتلّها منذ وقت طويل ، أن يتبنّى سياسة المغامرة التى تتسم بالتهوّر و التسرّع ، بل يجب أن يتبنّى السياسة القاضية بإنتقاء خيرة الكوادر للعمل بصورة سرّية و تجميع قوتنا و إدخارها إنتظارا للوقت الملائم. و يجب على الحزب ، حين يقود الشعب فى النضال ضد العدوّ ، أن يتبنّى تكتيك التقدّم فى النضال خطوة فخطوة، و بصورة ثابتة و مأمونة ، إنطلاقا من المبدأ القاضي بأن يكون النضال مبرّرا و مفيدا و محدودا، و ذلك بالإستفادة من كلّ ما يمكن الإستفادة منه من أشكال النشاط العلنية والمشروعة التى تسمح بها القوانين و المراسيم و العرف الإجتماعي، فلا يمكننا إحراز أي نجاح بالصيحات العالية و التصرّفات الطائشة".
و لكم التعليق...
الإستشهاد (88) ، بالصفحة 71:
الكيلاني :" و يقول [ماو] فى مكان آخر " أمّا الأحزاب الثورية و الرفاق فإنهم سيجدون أنفسهم جميعا أمام إختيار الفلاحين الذين سيقرّرون قبولهم أو رفضهم". [ أنور خوجا ، صفحة 444].
مصدر هذه الجملة المعزولة عن إطارها (وهو ليس كما توحى عبارة " فى مكان آخر" أنّه فى نفس المرجع السابق أي " الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني " ) هو " تقرير عن تحقيقات فى حركة الفلاحين فى خونان"(مارس 1927) بالمجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" ، الصفحة 22 من الطبعة الفرنسية و الصفحة 30 من الطبعة العربية و ذلك ضمن الفقرة المعنونة " أهمّية مسألة الفلاّحين" الآتى ذكر جزء منها:" إنّ ما يقال ضد حركة الفلاحين يجب تصحيحه بسرعة . و كلّ الإجارءات الخاطئة التى إتخذتها السلطات الثورية فيما يتعلّق بحركة الفلاحين يجب أن تصحح على وجه السرعة. و بهذا وحده يمكن إفادة مستقبل الثورة بعض الفائدة. ذلك لأنّ النهضة الراهنة التى تشهدها حركة الفلاحين هي حدث هائل. و لن تنقضى إلاّ فترة قصيرة حتى يهبّ فى هذه النهضة مئات ملايين منالفلاحين فى مقاطعات الصين الوسطى و الجنوبية و الشمالية بسرعة خارقة و قوّة جارفة كالعاصفة العاتية، لا تستطيع أيّة قوة أخرى ، مهما تكن عظيمة أن تقف فى وجهها. و هم سوف يحطّمون جميع القيود و الأغلال التى تكبلهم ، و ينطلقون قدما فى الطريق المؤدّية إلى التحرّر . و سوف يقذفون فى غياهب القبور بجميع الإمبرياليين و أمراء الحرب و الموظّفين الفاسدين و العتاة المحلّيين و الوجهاء الأشرار. أمّا الأحزاب الثورية و الرفاق الثوريون فإنهم سيجدون أنفسهم جميعا أمام إختبار الفلاحين الذين سيقرّرون قبولهم او رفضهم. أتسير على رأس الفلاحين و تقودهم؟ أم تقف وراء ظهورهم معيبا لهم؟ أم تقف فى وجوههم تناهضهم؟ إنّ لكلّ صيني الحرّية فى أن يختار أحد هذه المواقف الثلاثة ، بيد أنّ الظروف ستجبرك على الإختيار العاجل".
الكيلاني الخوجي مثل معلّمه الذى إستخدم ذات الإستشهاد قبله ، لم يطرح سؤال لماذا يقبل الفلاحون أو يرفضون تلك الأحزاب و أولئك الرفاق. حلفاء الطبقة العاملة و القوّة الرئيسية للثورة الديمقراطية الجديدة طبيعيّا و موضوعيّا سيقبلون بالرفاق و الأحزاب الثورية الديمقراطية الجديدة من خلال الحزب الشيوعي الصيني غايتها هي إستنهاض الجماهير الشعبية لا سيما الفلاحين الفقراء فى الريف كطبقة مصالحها أقرب إلى البروليتاريا و تحالفها معها أصلب تكون طليعة الفلاحين القوّة الرئيسية للثورة و لا مصلحة بل كلّ الضرر للحزب الشيوعي الصيني و للثورة الصينية الديمقراطية الجديدة فى قمع حركة الفلاحين المتصاعدة. لذا دعا ماو و على أساس دراسة ميدانية الحزب الشيوعي الصيني ألاّ يتخلّى عن حليفه الأساسي و أن يسير على رأس الفلاحين و يقودهم وهو الموقف الصحيح و الثوري الوحيد متخطّيا موقفي الوقوف وراء ظهور الفلاحين معيبا لهم و الوقوف فى وجوههم مناهضا لهم فالموقفان الأخيران لا يخدمان إلاّ التيّار الرجعي للكومنتانغ آنذاك و الإقطاعيين أعداء الثورة.
ولتأصيل المقالة " تقرير عن تحقيقات فى حركة الفلاحين فى خاونان" فى تاريخ الثورة الصينية و تاريخ الصراع داخل الحزب الشيوعي الصيني عينه نمدّكم بالإطار الذى تتنزّل فيه ( بالصفحة 29-30 من المجلّد الأوّل ، الطبعة العربية) :" كتب الرفيق ماو تسى تونغ هذه المقالة كردّ على النقد الموجه من داخل الحزب و خارجه آنذاك لنضال الفلاحين الثوري . و لأجل الردّ على ذلك النقد سافر الرفيق ماو تسى تونغ على مقاطعة خونان حيث مكث 32 يوما أجرى خلالها تحقيقا ثمّ كتب هذا التقرير. فلم يقبل رأيه الإنتهازيون اليمينيون فى الحزب يومذاك بقيادة تشن دوشيو و أصرّوا على آرائهم الخاطئة. و قد كان خطأهم الأساسي أنهم لم يجرؤوا ،و قد أرهبهم التيّار الرجعي للكومنتانغ ، على تأييد النضالات الثورية العظيمة التى خاض غمارها الفلاحون أو كانوا على وشك خوض غمارها .و فضّلوا ، تساهلا مع الكومنتانغ، هجر الفلاحين الذين هم الحليف الرئيسي الأوّل ، ممّا أدّى إلى عزل الطبقة العاملة و الحزب الشيوعي و تركهما بلا قوّة مساعدة . و السبب الرئيسي فى أن الكومنتانغ تجرّأ على خيانة الثورة و شنّ حملة ل " تطهير الحزب" و إعلان الحرب على الشعب فى صيف 1927 هو أنّه تمكّن من إستغلال هذا الضعف فى الحزب".
و على الفور نتأمّل معا رأي ستالين فى خطإ الحزب الشيوعي الصيني و حصرا خطأ الإنتهازيين اليمينيين الذين كانوا فى دفّة القيادة الحزبية ، هذا الخطإ الذى كشفه ماو تسى تونغ و نقده و قدّم بديلا له الموقف الصائب الذى يتعيّن إتخاذه إنطلاقا من معطيات صارخة. فى غرّة أوت 1927، بضعة أشهر إثر تقرير ماو، ،فى مقاله " حول الصين" ذكّر ستالين بموقفه فى خطاب ألقاه أمام اللجنة الصينية للأممية الشيوعية فى نوفمبر 1926 و صدر تحت عنوان " آفاق الثورة فى الصين" : " أعلم أنّ فى صفوف أعضاء الكومنتانغ و حتى فى صفوف الشيوعيين الصينيين ، ثمّة من لا يعتبرون ممكنا شنّ الثورة فى الريف ، خوفا من عرقلة الجبهة المتحدة المناهضة للإمبريالية بجرّ الفلاحين إلى الثورة. إنّه خطأ عميق جدّا، أيّها الرفاق. إنّ الجبهة المتحدة المناهضة للإمبريالية فى الصين ستكون أقوى و أعتى بقدر ما سيتمّ جرّ الفلاحين الصينيين بأسرع ما أمكن إلى الثورة و بصورة عميقة ".( صفحة 294 من " المسألة الوطنية و الإستعمارية "، منشورات نورمان بيتون، باريس).
هل ثمّة أشدّ وضوحا من هذا الموقف الثوري لكلّ من ستالين و ماو؟ و هل ثمّة أشدّ زهوقا من باطل الخوجيين المفضوحين منهم و المتستّرين؟!"
ج- خليق بالدعاية الخوجية السخيفة هو إدّعاء أن ماو " تذيّل للبرجوازية " فى نص " موضوعات حول الإنتهازية...". و رغم تحديدها كعدوّ رئيسي ( المجلّد الخامس من مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة – بالفرنسية) عقب إنتصار الثورة الديمقراطية الجديدة سنة 1949 و رغم ما أنجزته الصين الماوية من صراع ضدّها و مصادرة لأملاكها و تعويض البعض و رغم ما أنجزته الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ضد بقاياها يغرس البلشفي القشرة و رأسه فى الرمل و يكتب تاريخا خياليّا للصين فيزيد فى كشف جوهره الخوجي و كذبه المحض!
ح- و فظيعة هي ، فظيعة غاية الفظاعة أكذوبة تبنّى الحزب الشيوعي الصيني " الأطروحة التحريفية حول خفوت الصراع الطبقي بعد بناء الإشتراكية " ( نصّ " ستالين قائد الثورة...") . و مصدر فظاعتها هو أنّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كثورة داخل الثورة و التى دامت عشر سنوات و هزّت لا فقط الصين بل العالم بأسره ، قد قامت بالضبط على نظرية ماو و أعظم مساهماته الخالدة ، نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا. و كيما يزيد من تشويهه للماوية يعمد البلشفي / الخوجي إلى الكذب مقوّلا ستالين ما لم يقله بشأن تواصل الصراع الطبقي و إمكانية إعادة تركيز الرأسمالية – فى دستور 1936 ،لا ذكر إلاّ لطبقات صديقة- فيدّعى زورا فى " ستالين قائد الثورة..." :" و خلال تأكيده على أنّ بناء المجتمع الإشتراكي المتطوّر فى بلاد السوفيات لا يحول دون الخطر القائم دائما بإعادة الرأسمالية نوضع ستالين الشروط الضرورية لإفشال هذا الخطر" ( ماهي هذه الشروط ؟ مراوغة وتعمية أخرى تضاف إلى الكذب).
يقينا أنّ هذا " الخوجي اللبّ" يعيش على كوكب آخر و لم يلق بعد نظرة و لو بسيطة على تاريخ الصراع الطبقي على كوكبنا وعلى الصين و نرجوه كلّ الرجاء زيارة كوكبنا الذى نسمّيه الأرض و عليه تقع الصين فى القارة الآسيوية ، لا فى مكان آخر و بالتأكيد سنرحّب به إن أبلغنا بموعد حلوله بيننا!
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------
===============================================================



#ناظم_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقصات الديك المذبوح : - البلاشفة - و - الوطد- . ردّا على مقا ...
- ملاحظات حول بيانات فرق - اليسار- فى تونس بمناسبة غرّة ماي 20 ...
- ملاحظات حول بيان الوطنيين الديمقراطيين - الوطد- بمناسبة غرّة ...
- تحرير الإنسانية : الداء و الدواء ( بمناسبة غرّة ما ي2012)
- تعليق سريع على بيان الوطنيين الديمقراطيين- الوطد- فى ذكرى 24 ...
- لا بدّ من تقديم توضيحات :ما هي أخطاء ستالين؟ و ما هي الثورة ...
- القضاء على الإمبريالية و الرجعية لتحرير الإنسانية ( بمناسبة ...
- تعليق مقتضب على خاتمة -هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّ ...
- خاتمة دراسة ( قشرة بلشفية و لبّ دغمائي تحريفي خوجي : حقيقة - ...
- لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية! ( عدد 7 / أفريل 2012) :الرجع ...
- مشروع دليل - أعرف عدوّك- لمواجهة الإسلام السياسي و نقد الدين ...
- لنقاوم الإسلام السياسي و دولة الإستعمار الجديد برمّتها و نرا ...
- اعترافات حزب العمل الألباني بالمواقف الماركسية-اللينينية لما ...
- حسنى ميلوشي الزعيم الجديد للحزب الشيوعي الألباني: ماو تسي تو ...
- رسالة مفتوحة إلى أنصار حركة الوطنيين الديمقراطيين :إلى التحر ...
- تعليق مقتضب على تمهيد-هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّا ...
- لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!( عدد 6 / جانفي 2012)إلى التح ...
- من الفليبين إلى تونس :تحريفية حزب العمّال - الشيوعي - التونس ...
- تونس : لا للأوهام الديمقراطية الرجوازية !( فقرة من- تونس :أن ...
- تونس : على الشيوعيين أن يكونوا شيوعيين و ينشروا مبادئ الشيوع ...


المزيد.....




- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - قشرة بلشفية و لبّ دغمائي تحريفي خوجي : حقيقة -الحديدي- و من لفّ لفّه. ( الجزء الأوّل من الكتاب : المقدّمة و الفصول 1و2و3)لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية!( عدد 8 / جوان 2012)