|
تاريخ الأهواز (عربستان ) منذ عهد الافشار وحتى المرحلة الراهنة الفصل الثاني- الحلقة الاولى البختيارية موطنهم وعلاقاتهم المميزة مع امراء عربستان
جابر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 1099 - 2005 / 2 / 4 - 09:39
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
المناطق الشمالية والشرقية من الأهواز ( الجبلية ): في هذا الفصل من كتابه تاريخ " خوزستان " منذ عهد الافشار حتى المرحلة الراهنة يتحدث الأستاذ المؤرخ الاهوازي المعروف موسى سيادة عن قوم سكنوا إلى جانب العرب في المناطق الشمالية والشرقية من الأهواز وهم البختياريين، حيث يسلط الأضواء على طبيعة هؤلاء السكان والعلاقات الحميمة والمميزة التي تربطهم بالعرب الأهواز يين والتي سنأتي على ذكرها في ثنايا هذا الفصل يقول المؤلف: يسكن البختياريين في منطقة جبلية الغالبية العظمى من سكانها قد اندمجوا وعلى مدى التاريخ مع الأقوام الأخرى واو جدوا نسلا جديد أطلق عليه اسم البختيارية. : سبب تسمية البختياريين بهذا الاسم: يستخدم مصطلح " بختيارية ”محليا للدالة على رقعة جغرافية مكانية وهذه التسمية بحد ذاتها ليست لها أي دلالات قومية أو عرقية، لان هذه المنطقة يقطنها بعض من فروع السادة وهم ينتمون إلى الهوية العربية، كما ان من بين سكانها "الجبيلات" أو العرب المحزمين " عرب كمري " اللذين تأثرا لباسهم بلباس سكان مناطق الجبال، الذين يلفون أحزمتهم بشال من القماش وكذلك مجموعة من الأرمن " اليونانيين ”، كل هذه الأقوام تنسب نفسها إلى البختياريين في حين يتجنب البختياريين انتسابهم إلى "اللر" وهي قومية من فروع الأكراد أو تسميتهم بهذا الاسم تجنبا شديدا. وفي كل الأحوال فان تسمية بختياري تطلق أساسا على سكان المناطق الواقعة في مشرق" كوه رنك" يعني واحات كارون العليا وفروعه و" جهار محال البختيارية " وكذلك الآخرون الساكنين في الجهة الغربية من حدود الأهواز والذي غالبيتهم العظمى من ”اللر(1)" إما حول تاريخ البختياريين فيذكر المؤلف بالتفصيل هذا تاريخ وبما انه ليس بمقدورنا في الوقت الراهن ان نسرده بشكل كامل فإننا نتطرق إليه باختصار: يقول المؤلف كان يعيش في الأراضي التي يقطنها البختياريين حاليا و قبل هجرة الآريين من واحات روسية الجنوبية " آسيا الوسطى ) إلى إيران قوم أذكياء ونشطا يسمون بقوم " الانزان " أو " الانشان " وقد اتحدوا مع سكان سوسونكا " الشوش "و أسسا معا و إلى جوار نظرائهم في العرق السامي من الكلدانيين والبابليين دولة فيدرالية عظيمة ومقتدرة سميت بدولة عيلام(2). وقد أكدت الاكتشافات الأثرية التي قام بها علماء الآثار والتي عثر عليها في منطقة " جغازنبيل " و" السوس " إن دولة العيلاميين، كانت قد تأسست في هذه المناطق قبل ما يقارب من ستة آلاف عام وبسطت سيطرتها على كل منطقة الأهواز وجبال ز اغرس (3). وكان قوم" الانزان أو الانشان" يعتبرون احد أعمدة القويتين الاخمينية والساسانية ومع فتح الأهواز من قبل المسلمين اعتنقوا الديانة الإسلامية وفي الفترة الواقعة بين القرنيين السادس وحتى التاسع الهجري ( 1155- 1425م ) حكمت الأراضي البختيارية أسرة إسلامية قوية تسمى باسم " الفضلوية" بدءا من أصفهان وحتى شوشتر. (4 ) و ( 5) . وخضعت هذه المنطقة إبان الحكم ألصفوي وكما يقول المؤرخ ” كروزنسكي " إلى سياسة بث الفرقة والنزاع بين اللر والبختياريين حتى أصبحت في عهد الشاه عباس الأول سياسة رسمية، لتأليب بالبختياريين واللر على بعضيهما البعض من اجل السيطرة عليهما (6). وفي عام ( 1735م- 1148 هج ) هاجم نادر شاه الافشار البختياريين، محاولا إخضاعهم لسلطانه فقتل العديد منهم وابعد قسما منهم إلى خراسان، كما هاجم كريم خان الزند منطقة البختيارية وبعد الاستيلاء عليها أوكل زمام أمورها إلى نائب السلطنة ( علي مردان خان ) 7. " يبدو للأذهان عندما نسمع أو نقرا اسم البختيارية للوهلة الأولى، إن هؤلاء الجماعة ينتمون إلى قومية واحدة في حين على العكس من ذلك فإن جميع الأفراد القاطنين هناك لا ينتمون إلى قومية واحدة (8). يقول المؤلف يتواجد بين البختياريون أقوام من العرب، المغول، والأرمن، ويمكن القول أنهم خليط من هذه الأعراق والأقوام نسقوا تنظيماتهم السياسية – الاجتماعية في القرن التاسع عشر إزاء جيرانهم. وقد تعاظمت قوة البختيارين منذ ذلك الوقت عندما اتفقت هذه الأقوام فيما بينها على تأسيس نوع من الاتحاد الحكومي، وقد تسبب هذا الاتحاد إلى زيادة قوتهم السياسية ومنذ ذلك الوقت عرفوا بالبختياريين أولا ومن ثم انتسابهم إلى القبائل والعشائر التي ينتمون اليها ثانيا، ومع ازدياد قدرتهم جاء الحديث حول الأرض وقد وضح ذلك المؤرخ" كرزن ” الذي زار منطقتهم عام 1892 م بصورة جلية. إما حاكم هذه المنطقة فيسمى" ايلخان ” وكان يحكم ضمن نطاق دائرة سلطته وقانونه وكان الايلخان يعين من قبل الملك وكان بدوره يعين ولاته ( المخاتير والحكام " على طريقة القرون الوسطي ويرسلهم إلى سكان عشائر المناطق الجبلية ومع ازدياد سلطة الدولة المركزية، تقلص نفوذ الايلخان أو الإقطاعي وانحسر في حدود البختياريين وبعض من مناطق الأهواز والارتفاعات المركزية من إيران. تؤكد الدلائل إن البختياريين بالإضافة إلى مهنتهم الرئيسية وهي تربية الماشية، كانوا يمارسون مهنة الزراعة أيضا و يعود الفضل في ذلك إلى القبائل والعشائر العربية التي هاجرت من سورية والتي استقرت في هذه المناطق، حيث إن هناك نوع من القمح يزرع في هذه المناطق يسمى بالقمح السوري ولا يعرف هذا القمح في أي منطقة من مناطق إيران إلا في مناطق البختياريين ولعل هذه اكبر الأدلة التي تؤكد صحة هذا الادعاء( تسمى احد إحياء دمشق في الوقت الراهن بالبختيار كما ا ن هناك مدرسة تحمل هذا الاسم المترجم ) كما إننا لا نجد أي منطقة من مناطقهم لا يمارس أبناءها الزراعة إلى جانب تربية الماشية.(9) يسكن البختياريون السلاسل الجبلية الواقعة بين مناطق اللر"الأكراد" الفيلية والواحات الرسوبية حتى حدود الخليج وبعبارة أخرى يقطنون بين الامتدادات الجبلية بدءا من الشمال الغربي باتجاه الجنوب الشرقي، يعني من حدود بر وجرد إلى حوالي أصفهان " فريدن " في أقصى الشمال ومن دزفول وشوشتر إلى نواحي رامز وبهبهان في جهة الجنوب، حيث تعتبر جبال هذه المناطق منابع لأنهر دائمة الجريان مثل كارون والدز وزاي نده روود وغيرها من الأنهر التي تنحدر غالبيتها باتجاه سهول الأهواز لتصب مياهها في الاهوار والخليج.( 10) يقول المؤلف كان إقليم الأهواز أو مقاطعة عر بستان في عهد القاجار سنة (1210 هجرية قمرية ) يتكون من عدة مناطق وكان لكل منطقة حاكمها المحلي الذي يحكمها، من جملة ذلك كانت مناطق البختياريين تحكم من قبل الزعماء البختياريين، وكان المشعشعيون يحكمون على الحويزة وما جاورها وكان الكعبيين يحكمون على جنوب غرب "خوزستان " حتى بوشهر إما مدينتي دزفول وشوشتر فكان حكامها من زعماء قبائل أل كثير العربية ولم يخضع هؤلاء الحكام في أي يوم من الأيام لإدارة سلطة الدولة المركزية الإيرانية قط، وكانت الأهواز تدار بواسطة نوع من الحكومات المحلية التي تتمتع بالحكم الذاتي " الممالك المحروسة " الاهوازية. وبعد مقتل آقا محمد خان القاجار في سنة( 1212 هج) تولى ابن أخيه فتحعليخان الحكم من بعده وقد قسمت عربستان في عهده إلى قسمين، وأصبحت مناطق منها مثل شوشتر، دزفول، والحويزه وجزء من كرمانشاه تحت أمرة محمد على ميرزا " دولت شاه" الابن الأكبر لفتح علي شاه، أما المدن الاهوازية الأخرى مثل رامز وبهبهان، والفلاحية، وهنديان، جزء مقاطعة فارس وكانت تحكم من قبل الابن الثاني لفتح علي شاه ونعني به حسين على ميرزا (11). تم يتطرق المؤلف إلى زعمائهم و الهجمات والحروب التي تعرض لها البختياريين، من قبل الحكام القاجاريين ويذكر من بين هؤلاء الزعماء أسد الله خان، الذي كان يعرف بين البختياريين بأسد الله " شير كش " أي أسد الله قاتل الأسود حيث يقول: وبعد وفاة محمد عليميرزاي دولت شاه سنة( 1236 هج ) عين ولده " حسين ميرزا حاكما لمنطقتي كرما نشاه وشمال منطقة عربستان وبعد فترة وجيزة عزل من منصبه وعين محله محمد تقي ميرزا المعروف بحسام السلطنة، إلا انه بعد وفاة فتح علي شاه سنة( 1249 هج) عين محمد شاه أخيه بهرام ميرزا حاكا على هذه المناطق. ويتطرق المؤلف إلى الأوضاع السياسة العالمية وانعكاسها على حكام البختياريين حيث يقول ومنذ عهد فتحعليشاه (1215 هق ( 1880 م ) ازدادت حدة المنافسات السياسية بين الروس والإنجليز للسيطرة على المنطقة الواقعة في الجنوب من إيران لما تحتويه هذه المنطقة من الثروات والمنابع الطبيعية وقد زار السائح البريطاني " راولينسون" منطقة البختياريين سنة 1836 وقد قدر عدد سكانهم بما يقارب 28 ألف أسرة وقد قدر الضرائب التي يدفعها البختياريين 14 ألف تومان. يقول المؤلف ومن بين الشخصيات البختيارية الأخرى المعروفة في عهد القاجار ( فتحعليشاه ومحمد شاه وناصر الدين) شخص يدعى محمد تقي خان جهار لنك ( 16) الذي كان معروفا بالشجاعة والكرم وحسن التدبير وقد ثار سنة( 1249 هق ) ضد الدولة المركزية ولم تمضي برهة حتى سيطر على جميع مناطق الأهواز الشرقية وقسما من أراضي مقاطعة فارس وفي عهد محمد شاه القاجار، حيث تحرك شفيع خان البختياري وبأمر من محمد تقي خان جهارلنك ليسيطر على معظم مقاطعة فارس ومقاطعة كاشان وقد استطاع إن يجهض جميع المحاولات التي قامت بها الحكومة القاجارية من اجل القضاء عليه ويستشف مما دونه كل من ( سرو استن لايارد ) و(الكل نيل هنل ) ان محمد تقي خان كان لديه 8000 من حملة البنادق وكانت قواته تتكون من القبائل البختيارية ومتحديهم من القبائل العربية في الأهواز وكان الجميع يرددون الأناشيد الحماسية والأهازيج و"الهوسات" العربية وقد ذكر" لايارد " انه قد رأي بنفسه مدى تأثير الشعر والأناشيد الحماسية الحربية ( الهوسات) على معنويات سكان الجبال والعرب، وكان محمد تقي خان قد وضع ثقته بالبريطانيين لتحقيق سيطرته على المناطق البختيارية، ورغم انه كان زعيما قبليا إلا انه كان يحمل أفكارا جديدة ومتنورة وكان يأمل في تطوير وتنمية ثقافة شعبه وكان يأمل بإقامة علاقات متميزة مع الشعوب المتقدمة والحضارية وذلك عن طريق التبادل التجاري، إلا إن أحلامه هذه باءت بالفشل وأصبح مطارد من قبل السلطات القاجارية، و بعد إن تخلى عنه البريطانيين.
العلاقات المميزة بين البختياريين و أمراء كعب البو ناصر: وللتدليل على علاقات الإخوة والتعاون التي كانت قائمة بين البختياريين والعرب فعندما ضعفت شوكة محمد تقي خان بفعل التداخلات القاجارية والخلافات القبلية لجاء محمد تقي خان إلى الشيخ ثامر أمير إمارة كعب البو ناصر في ( الفلاحية )، يقول المؤلف ونقلا عن (مذكرات لايارد)، إن هذا القائد أصبح مطاردا من قبل القاجاريين بقيادة معتمد أخته المعروف به منوجهر خان أخته ( معتمد الدولة ) وقد توجه الجيش القاجاري أول ما توجه إلى مدينة شوشتر ويذكر نفس الرحالة في مذكراته ان شوشتر تتمتع بهواء لطيف وبيئة نظيفة وان مياه الشرب فيها يعد من أفضل المياه في إيران وان اغلب سكانها من اصل عربي ويتكلمون باللغة العربية واغلبهم لهم طباع وعادات وتقاليد العرب. وحول لجوء محمد تقي خان إلى إمارة أمير كعب يقول المؤلف نقلا المؤلف عن (لايارد) قوله إن جميع المعلومات الواصلة إلينا إن محمد تقي خان قد لجأ ضمن نطاق حدود إمارة شيخ كعب ( في الفلاحية ) لذلك قررت أنا " لايارد" إن اذهب إلى الفلاحية لمقابلة محمد تقي خان، لذلك تحركت في زورق من شوشتر إلى مدينة الأهواز وهي مدينة صغيرة سكانها من العرب وعندما وصلت هناك استضافني صاحب الزورق في مضيفه، حيث انطلقنا بعد ذلك مشيا على الإقدام إلى مدينة الفلاحية وبعد مسير استمر ما يقارب الثلاثين ميلا وصلنا قبيل غروب الشمس إلى قرية تسمى " الكريبة ) وهي قرية كبيرة تقع إلى جانب نهر الجراحي وأهاليها يعيشون في بيوت طينية وبعد وصولنا إلى" الكريبة" استضافنا سيد من اهاليها وفي حوالي منتصف الليل تسلم السيد رسالة من الشيخ ثامر رئيس كعب يطلب منه إن يتركوا ديارهم و يرحلوا بالسرعة الممكنة إلى الضفة الأخرى من نهر الجراحي ومقارنة مع ذلك أرسلت أوامر مشابهة إلى سأكني المناطق الأخرى من النهر يطلب منهم أمير كعب نفس الطلب. ويذكر "لايارد" إن هناك معلومات تفيد إن محمد تقي خان وعدد من فرسانه من حملة البنادق قد اجتاز في الليلة الماضية نهر الجراحي وقد استقر في قرية "الكريبة "التي تبعد ثلاثة أميال عن النهر، كما إن معتمد الدولة تحرك من شوشتر بجيش مجهز بكل عدته وعتاده لملاحقة الزعيم البختياري، يقول " لايارد " وعندما حاولت الاستفسار عن مدى صحة الخبر من شيخ " الكريبة " أنكر ذلك جملة وتفصيلا وقال إن محمد تقي خان لم يلجأ إلى حدود كعب و إنما قد رجع وهو في منتصف الطريق إلى الجبال البختيارية، ويضيف "لايارد" إن الوضع في" الكريبة " كان مضطربا فقد كان الرجال والنساء مشغولين بجمع الأثاث المنزلية، وكان الأهالي يقومون بتخريب البيوت مستخدمين خشبها كطوافات " جلج ” لعبور النهر وكانوا ينشدون الأشعار الحماسية " الهوسات " يستعدون للدفاع عن لاجئ هم الزعيم البختياري محمد تقي خان كما إن سأكني المنطق العليا من النهر استجابوا لأوامر الشيخ ثامر فانتقلوا بكل ما يملكون إلى الضفة الأخرى من نهر الجراحي وكانوا على أهبة الاستعداد لملاقاة قوا معتمد الدولة ولهذا الغرض قاموا بكسر السدود ووجهوا المياه نحو الصحاري لإيجاد مانع طبيعي يحول بينهم وبين القوة المهاجمة بحيث لا يستطيع أي من الخيالة والرجالة القاجاريين اجتياز هذا المانع المائي ولاعتبارات دينية واجتماعية امتنع شيخ " الكريبة " من السماح لي بالذهاب معه والعبور في نفس الطوافة التي كان يركب بها هو وعائلته يقول لايارد كان هذا الشيخ أخر من غادر قرية" الكريبة " وذلك بعد إن تم إحراق جميع المحاصيل والمزروعات، كما إنني بدوري صنعت لي طوافة (جلج) وعبرت بها إلى الجهة الأخرى من النهر. ويشرح المؤلف ونقلا عن الرحالة البريطاني" لايارد " انه بعد اجتيازه النهر ووصوله إلى مضيف الشيخ ثامر رأي الشيخ وكعادة الأمراء العرب يجلس في صدر المجلس على سجادة فاخرة وخلفه عدد من الوسائد( المخاد ) يستند عليها، إما بقية الشيوخ والأفراد فقد كانوا جالسين حول الشيخ على فراش من اللباد " النمد ”، كما إن عدد من مستخدمه و أفراد حمايته المسلحين واقفين على أهبة الاستعداد إمامه، و مما لاشك فيه كان الشيخ ثامر احد الشيوخ والأمراء العرب البارزين، ويضيف "لايارد" إن هذه الأهمية تأتي لكون الشيخ ثامر كان له دور بارز في ازدهار التجارة الخارجية في حدود أمارته بالإضافة إلى ذلك فقد حفر العديد من الأنهر والترع للإسهام في تنمية وتطوير الزراعة، وجعل باقتراح من ممثله الشيخ " على المحمرة الشيخ جابر بن مر داو ألكعبي 28) ميناء المحمرة ميناءا حرا وفتح أبوابه بوجه التجارة الخارجية، بحيث أصبحت البضائع الخارجية القادمة لهذا الميناء بالإضافة إلى تلبيتها احتياجات أمارته، كان يعاد تصديرها إلى كافة إرجاء الإمبراطورية العثمانية الأمر الذي انعكس سلبا على وضع ميناء البصرة التجاري، وتراجع من حيث استقبال البضائع الخارجية أو تصدير البضائع المحلية إلى الخارج، وللحيلولة دون استمرار هذه الوضع أعلن العثمانيون الحرب على أمير كعب الشيخ ثامر وهاجموا ميناء المحمرة وقصفوه بالمدافع ثم ادعوا ملكية المحمرة والجزر المحاذية لنهر كارون والحفار وشط العرب. يقول" لايارد" وعندما طلبت من الشيخ ثامر إن يرشدني ويساعدني على لقاء " محمد تقي خان " الذي لجأ إلى حدود أمارته اقسم بالله انه ليس لديه أي معلومات يدلي بها حوله، وأعرب بالقول كان من المقرر إن يلجأ الزعيم البختياري إلى الفلاحية إلا انه ونتيجة لظروف خاصة قرار الانصراف عن قراره ورجح العودة إلى المناطق الجبلية ليلجأ إلى مكان أكثر أمنا إلا إنني كنت جازما إن الشيخ ثامر لا يقول الحقيقة وقررت البقاء هناك لكي أتمكن من الحصول على بعض المعلومات حول المكان الذي يختفي به الزعيم البختياري محمد تقي خان وبينما كنت على هذه الحالة شاهدت مندهشا إن" ميرزا قواما "حاكم بهبهان وصديقي القديم يرافقه رئيس قبيلة النوئي والذي اعرفه من قبل أيضا، يدخلون مضيف الشيح ثامر وقال للشيخ على الفور إن الحكومة القاجارية اعتبرتني متمردا وألقت القبض على ولدي وزجت به في السجن، وفي اليوم التالي عندما كنت أتمشى في سوق الفلاحية شاهدت "آعزيز ) احد المنسوبين إلى محمد تقي خان مشغولا في الشراء وهو يرتدي الملابس العربية فسألته عن محمد خان وعن مخبئه فأرشدني ودون أي تردد وأخذني لملاقاته. إن ما ورد يؤكد على العلاقة الوثيقة التي تربط بين البختياريين وحكام البو ناصر من جهة وخضوع هذه المناطق وان كان حكامها محليين إلى سلطة الكعبيين من جهة أخرى. يقول المؤلف لقد فعل الكعبيين كل ذلك دفاعا عن أجيرهم وحتى عندما جاء مندوبين من الدولة القاجارية للتفاوض مع أمير كعب لإقناعه بتسليم الزعيم البختياري رفض أمير كعب هذا الطلب بشدة. إن قصة هذا الزعيم البختياري طويلة جدا رافقتها الكثير من الإحداث والتطورات لا مجال لذكرها إلا إنني نكتفي بالقول إن السلطة القاجارية وعدته بالأمن إذا هو سلم نفسه طوعا إليها، إلا إن هذه السلطات وكعادتها لم تف بوعدها واعتبرت هذا الزعيم البختياري متمردا فنقل إلى طهران وبقي مسجون في السجون الإيرانية حتى توفي فيها سنة 1270 هجرية. وبعد وفاة محمد تقي خان استلم زعامة البختياريين شخص يسمى "علي رضا خان ”وبعد موته سنة 1295 هج 1879 م جاء من بعده ولده "ميرزا اقاخان "واستمر توالي تعين الزعامات المحلية حتى عام 1930 حينما تم إلغاء منصب ومقام " الايلخان " الزعيم المحلي في مناطق البختيارية نهائيا. لقد كتب (لايارد ) والذي هو في الحقيقة احد الجواسيس البريطانيين الذي قدم إلى هذه المنطقة لدراسة أوضاع سأكنيها الكثير عن عادت وتقاليد العرب الاهوازيين، وتشابه ثقافة البختياريين وارتباطها بالثقافة العربية إلا إنه أكد على بعض الاختلافات البسيطة في البناء الاقتصادي والنسيج الثقافي لكل منها فعلى سبيل المثال كانت قبيلة عبد الخان وهي من فروع من قبيلة بنو لام الشهيرة تسكن في منطقة الشوش " قلعة سهر " (35) في عهد لايارد قبيلة بدوية غير مستقرة تعتمد في استمرار معاشها على تربية الماشية وبنسبة اقل على الزراعة، وهي اقرب بنسيجها الثقافي والاقتصادي إلى قبيلة " الهفت لنك ” البختيارية، في حين إن قبيلة كعب والتي كانت في مناطق شط العرب، كارون، والجراحي فان اغلبهم مستقرين ( حضر ) ويعملون في الزراعة والاعتناء بشجر النخيل وصيد الأسماك وممارسة المهن والعمل في النشاط التجاري ورغم انهم من حيث النسيج الثقافي يشكلون مع عشيرة عبد الخان نسيجا ثقافيا واحدا إلا أنهم أكثر استقرارا واقرب إلى الحياة المدنية وهم من هذا الجانب اقرب أيضا إلى قبيلة " جهار لنك " البختيارية، إن هذا التشابه الثقافي والاقتصادي و الحضاري بين القبيلتين افرز اكبر نموذج لتكوين اتحاد عرفته منطقة عربستان بين العرب بقيادة الشيخ ثامر أمير إمارة كعب البو ناصر وبين محمد تقي خان زعيم قبيلة جهار لنك. إذا كان التطور الحضاري وحياة الاستقرار والمدنية قد دفعت قبيلة " حهار لنك ” إلى الاتحاد مع إمارة كعب البو ناصر وتكوين اكبر اتحاد بينهم، الا اننا نلاحظ حدوث عكس ذلك بين عشيرة عبدالخان الذين يسكنون في مناطق دسبول والشوش وعشائر الهفت لنك البختيارية، فقد أدت حياة البدوا والترحال والاختلاف على المراعي بين تلك القبيلتين إلى الاقتتال والمعارك بينهم، وقد نشبت مثل هذه المعارك في عهد ”الشيخ حسن " احد اكبر زعما عشيرة عبد الخان و" الايلخان حسين قلي خان البختياري الهت لنكي " رئيس قبيلة ( الهفت لنك البختيارية ) وفي هذه المعارك وقفت الدولة القاجارية إلى جانب حسين قلي خان بصورة مباشرة، كما حضت الدولة بدعم وفتاوى رجال الدين أيضا، ولعل هذه الحروب كما بين القبيلتين كما يقول لايارد هي ابرز مظهر من مظاهر الحياة البدوية المتخلفة لكل القبيلتين. يقول الكاتب ونقلا عن كتاب مذكرات حسين قلي خان انه قد تلقى فتوى بخط يد حجة الإسلام والمسلمين الشيخ جعفر الشوشتري يقول فيها أنكم إذا قضيتم على كل قبيلة عبد الخان فان ثواب ذلك أكثر بكثير من قتل اليهود والنصارى والتركمان ( المغول ) وأنا أصدرت أمري لإتباعي وقلت لهم اقتلوهم حيث وجدتموهم ونفذوا الحكم الشرعي بهم وعلى اثر تم قتل 150 فرد من أبناء عشيرة عبدالخان "ولعل هذه الفتوى تشبه نفس التفويض الذي فوضوه الخميني للجنرال احمد مدني الذي قام بقمع المواطنين العرب في المدن الاهوازية ولاسيما المحمرة بعد انتصار الثورة المترجم ”. ولا تخلو كتابات المؤرخين الفرس ومذكراتهم من العنصرية والكراهية تجاه العرب الاهوازيين فهذا الدكتور وحيد نيا يتحدث في مذكراته المعنونة " ذكريات وإسناد " عن قبيلة عبدالخان فيقول عن هذه القبيلة المعروفة بالكرم والشجاعة والعادات العربية الحميدة إن شغلهم الدائم السرقة وممارسة الأعمال السيئة. لقد استغلت الحكومة القاجارية التخلف الموجود لدى بعض قبائل البختياريين من الهفت لنك وكما أسلفنا لتشن حرب ابادة جماعية ضد قبيلة عبد الخان وقد جاء في هذه المذكرات إن ”حشمت الدولة ”الأمير حمزة ميرزا قال أرسلوا لي مقاتلين لكي أتمكن من إنزال العقاب بهم وأنني قد أرسلت نور عيني " محمد حسين " بن إمام قلي و" نجف قلي " مع ألف من الخيالة لتأديبهم وعندما سمعت عشيرة عبدالخان بقدوم هذه القوا تركت بيوتها والتجأت إلى غابة عبد النبي " زورة عبدالنبي " للاحتماء بها، وفي هذا الصدد ذكر خسر وخان " السردار ظفر " في مذكراته الصفحة 177و188 حول هذا الموضوع قائلا:
وفي عام 1925 هجرية وفي عهد حكومة ميرزا" حشمت الدولة " هاجم والدي حسن قلي خان الايلخان عشيرة عبد الخان بزعامة الشيخ حسن العبدالخاني مرتان، المرة الأولى قاد الهجوم نجف قلي خان " صم صام الدولة " الابن الثاني لحسين قلي خان إلا إن هذا الهجوم باء بالفشل الذر يع بفعل صمود العبد الحانيين من جهة وجهل المهاجمين في شعاب المنطقة وطبيعتها من جهة أخرى، إما الهجوم الثاني فقد تم بأوامر صدرت من ناصر الدين شاه القاجار وقد ترافقت هذه الهجوم بفتوى من قبل الشيخ جعفر الشوشتري لإباحة هذا الهجوم، وعلى أثرها قام حسين قلي خان البختياري وهاجم عبد الخان بقوى بلغ قوامها 1200 من الخيالة والرجالة فقتلوا اعدد كبيرة جدا من أفراد هذه القبيلة وقاموا بإحراق المحاصيل ونهب الممتلكات، ويقال إن الشيخ حسن قد مات غرقا في هذه المعركة وهناك من يقول انه انتحر، وبموجب تلك الفتوى اللعينة تم قتل وكما ذكرنا سابقا ما يقارب من 150 من أسرى عبد الخان. وقد خلد الشاعر الفارسي الميرزا عمان الساماني المعروف ”بتاج الشعراء " هذا الانتصار على حد تعبيره بقصيدة عصماء طويلة نقتطف منها المتأبيات التالية: جون فتنها بيامد بملك خوزستان فرقه عرب از مردم " بني عبد الخان بنا به مصلحت از مفتيان شرع مبين فرو نشاندن اين فتنه را نمود سؤال بحكم شرع مبين شيخ شوش فتوى داد كه مال جملة مباح است وخون جمله حلال به شرع غارت اين زمره أحسن الآداب بكيش كشتن اين فرقه أفضل الأعمال شود قبول بس از قلعشان عبادت خلق جو سجدتين نماز خدا بس از كمال
وترجمة هذه الابيات ببساطة انه: عندما وقعت الفتنه في خوزستان بفعل تمرد فرقة من العرب من أهل عبد الخان بموجب المصلحة وإلأفتاء الشرعي المبين أصبح إخماد هذه الفتنة يستدعي السؤال بموجب الفتوى التي أصدرها شيخ الشوش أصبح مالهم ودمهم مباح بالجملة نهب هذه الزمرة وتأديبها يجوز وان قتلها هو أفضل أنواع الحلال تقبل عبادة الخلق بعد قتل هؤلاء كسجد تي الصلاة لله بعد الإكمال... الخ ( 42)
انتهت الحلقة الأولى من الفصل الثاني تأليف: موسى سيادت ترجمة:جابر احمد
المصادر سنذكرها في الحلقات القادمة
#جابر_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اذا فاتت الفرصة في ايقاف اعدامهم المطلوب ادانة هذا العمل الا
...
-
الفيدرالية وعناد العنصريين في ايران
-
صفحات منسية من تاريخ الشعب العربي الاهوازي القصة الكاملة لشه
...
-
وداد فاخر مغالطات تاريخية وتصفية خلافات على حساب قضية الشعب
...
-
منظمة الشعوب والقوميات غير الممثلة في هيئة الأمم المتحدة تعق
...
-
ممثلوا الشعوب والسكان الاصليين في هيئة الامم المتحدة يضربون
...
-
اجتماع القوميات الايرانية تحت قبة البرلمان السويدي السيد كري
...
-
تاريخ الاهواز -عربستان - منذ العهد الافشاري وحتى المرحلة الر
...
-
تاريخ الاهواز - عربستان - منذ العهد الافشاري حتى المرحلة الر
...
-
بسبب بحوثه القيمة حول القوميات الايرانية وخاصة الشعب العربي
...
-
لم يعد بالامكان تحمل الاعمال الظالمة مقتطفات من رسالة السيد
...
-
مضمون المسألة القومية وظاهرة التعصب القومي -الفارسي - في اير
...
-
تقرير وزارة الخارجية السويدية لعام 2003 حول انتهاك حقوق الان
...
-
الرؤية الامريكية لمنابع النفط والغاز في ايران تقرير الكنغرس
...
-
الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني يتخلى عن شعاره القديم و
...
-
نص كلمة رئيس وفد الشعب العربي الى اجتماعات جنيف ( الجلسة الث
...
-
موقف الاحزاب والمنظمات الايرانية من المسالة القومية
-
حركة الدستور في ذكرها ال 98 الاسباب والمعوقات
-
كلمة السيد المهندس كريم بني سعيد رئيس وفد الشعب العربي الاهو
...
-
تجار فستق رفسنجان يسرقون مياه كارون واساتذة الجامعة والصحفيي
...
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|