أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هيثم هاشم - - جقلنبة -














المزيد.....

- جقلنبة -


هيثم هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 3750 - 2012 / 6 / 6 - 15:37
المحور: المجتمع المدني
    


" جقلنبة "

كلمة من الكلام العراقى القديم, تعنى حركة يقوم بها الفرد يضع يده على الأرض و الدوران بالكامل.

كنا نسكن بستان اسمه البصرة, شعبه لا يتخاصم و إن سمعت صراخ او شجار فهذا يصدر من الزائرين ألمستوطنين فالعراق و مدينة البصرة (ليوان) اى مسافر, فإنه يزوره كل من جاء ليستريح و البعض يلصق و يبقى كالحلزون ذات الحركة البطيئة جداً و هكذا عندما تسكن فى بستان يلتصق فى نهراً خالداً و شعباً مسالم تلصق و لا تفارق, فالبصراوى يُضرب به المثل اهل العراق بالطيبة و الكرم و البساطة و خصوصاً اكله الصبور السمك المشهور تصطل صطلة طبيعية.

و ينطبق المثال القائل (الماء و الخضرة و أم حسن) و الى جانب رقة الكلام و حسن الأنام, البصرة معقل الفكر العربى الإسلامى و ثغر الفتوحات, فالمدارس الفكرية المعتدلة و الجبرية و الصفوية و القدرية, فهى مدينة الشعراء و الفنانين و الكتاب و أهم من ذلك مدينة السندباد, أول رحالة فى العقل الإنسانى و قصص الأساطير الحلوة جداً كحلاوة التمر البصراوى و المعسل, التمر المخلوط بالدبس و الزنجبيل. و مينائها انطلقت منه سفن الأرض و عادت اليه, فالسندباد اغنية اصبحت عالمية و من الميثولوجيا الإنسانية, و الغريب ان الغرب تبنى هذه الروح السياحية و نحن تبنينا روح الالتصاق بالماضى دون كسر حاجز الزمن ...

و عندما زارنا (على بابا) الشرقى و الغربى ارتبك السندباد و حوصر و حاول الإقلاع بسفينته لكونه لا يحب ان يرى الجمال يتحول للقبح و الخضرة الى الصفرة و الإصفرار, فلقد ازدحمت المدينة و علا الصراخ و الأصوات النشاز معلنة بزيارة اغراب جياع مهلهلة ملابسهم, خشنة تباعهم سارقة اخلاقهم و فاحشة انماطهم. هرب السندباد و ترك جزمته و هذه إحدى علامات و رسالة السندباد بأنة سوف يعود.

لقد قام السندباد بالجقلنبه الأولى و خرج من بيته و استقر فى إحدى الدول المجاورة و لم يعجبه الحال و تجقلب مرة اخرى ووصل قرب القمر و استقر و السندباد تَغَّيَر فأصبح يستخدم الطيارة بدلاً من السفينة و يأكل الهامبرجر بدلاً من الكباب. و أصبح السندباد صورة و أصل ... انفصمت شخصيته, جزء منها بقى ملتصق بالميناء الذى غادره و جزء كسر حاجز الزمن و الخوف و تقلب على التبعية التى سكن معها و لمعت اسماء سندبادية فى العلم و الثقافة و الفن و الكتابة و المراكز القيادية فى شركات كافة فى الطب و العلوم و غَيَّر فلسفة الالتصاق و هاجر الى مدارس البصرة الثقافية فى غربته.

إن أول رحلة السندباد هى رحلة فكرية, هى تعبير عن الحرية و الانطلاق و كسر قمم صور الماضى المُكبِل للحريات و الثقافات, فالسندباد كان حراً و أصبح عبداً و قام بثورة خروج من الأرض الوطن و من غلال فكر القيد فى حدود قيد الأفكار البالية. و السندبادة ايضاً تحررت هى الأخرى و قتلت القرصان و مزقت طوق ثقافة العفة المصنوع من القشة. السندباد و السندبادة الذين قاموا بالجقلنبه الحقيقية اصبحوا رواد فضاء و البقية لا يزالون عمال فى مرسى الميناء العتيقة.

اخلاق العمامة و التخلف و تحديد الأخلاق فى جسد المرأة فقط فمساحة الأخلاق كبيرة, هى بحجم المحيط. إن الأخلاق و عفة النفس و عدم النميمة و الإساءة فى اعراض الناس,و الإحتشام الفكرى و اخطرهما (مافيا الكذب) تلك الشخصية التى تستيقظ معنا فى الصباح و لا تنام فى الليل فهى سلعوة ليلية, تبقى سهرانة لكى تجد الكلمات لليوم التالى و تكذب بدون توقف فى مسلسل يومياً لا ينتهى, اطول من المسلسلات الأسبانية و التركية مسلسل بدون رقم.

و عندما عاد السندباد الى ميناءه الذى هجره وجده هو نفسه و لكن ميناء متحجر و اشكال آدمية لم تضع ماكياج لحد الآن و علاها غبار الزمن.

القيم منذ بداية الخليقة لم تتغير و لكن اختلفت مواقعها الجغرافية و اسمائها بعد سقوط آخر معقل فكرى عربى فى بغداد العباسية تم تلغيم ثقافة العرب و تفريسها و امتدت اليد الملوثة لتقلب الحقائق و تصور العرب بغير حقيقتهم فالعرب و فى زمن هارون الرشيد و فى مكتبة المأمون التى حرقت اغلبيتها ووضع على رفوف الكتب كتب اعجمية لا تنتمى لتراث المأمون الذى حافظ على ثقافة اوروبا عندما اعاد للإغريقيين كتبهم العلمية و الثقافية و الفلسفية و الأدبية و تم إعادة ترجمتها للإغريقية, فالعرب كانوا اوروبيين اكثر من اوروبا, كانوا متحضرين و قد سبقوا اوروبا فى اشكال الأناقة و الملبس و الموضة و المأكل و طرق عرض الموائد و اسلوب الأكل و الشرب و كان الموصلى زرياب عراب الأتكيت و نقلها لملوك أوروبا.

عندما ارتد العرب حضارة الشرق الجميل و وضعوا انفسهم فى سجن و رمواً مفتاح السجن خارجاً و حبسوا انفسهم فى القمم الأزلى القمم الذى تم كسره و الخروج منه.

التحرر لا يعنى المفهوم الأوروبى الحديث, فأوروبا نفسها لم تكن كذلك و لكن دين اقتصاد السوق حَوَّل اوروبا لملهى ليلى و علب لكى تكون مراكز لبيع الرذيلة و المخدرات, كل شىء اصبح سوقاً و هكذا تغيرت ملامح البشرية مما أدى لخلق فكرى و نمط سلوكى عربى يفرز بين اوروبا و الشرق و لكن هل نحن لا نسكن اوروبا اخلاقيا اليوم؟ نعم و لكن تحت العباءة.

و إن ابتليتم فاستتروا .. و لهذا حياتنا اصبحت جقلنبة و تجقلبنا و أصبحنا نرى الأمور من تحت فقط بسبب ثقافة الجقلنبة.

‏الإثنين‏، 04‏ حزيران‏، 2012

هيثم هاشم



#هيثم_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - محاكم التفليش -
- - خِرى, مِرى-
- - خط أحمر -
- - الخوف -
- نعال حلال
- - الحكمة .. دين الحكماء -
- 3X3
- - تعاظموا بالتَغافُل -
- و كما كنتم يولى عليكم
- - تبولة -
- سفور وقبور
- العراق كعكه محرمه
- - العشق الممنوع -
- ابى و الزمن الجميل
- - الشرق شمس مستحية -
- - حروب خفية -
- البداوة حضارة منسية
- من هو المجرم الفرد أم المجتمع؟
- - إخوان طروادة -
- - لا تربى المارد ففى النهاية يرتد عليك-


المزيد.....




- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هيثم هاشم - - جقلنبة -