أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ناجي - أيها السادة : سقط طاغية ولم يسقط الطغيان















المزيد.....

أيها السادة : سقط طاغية ولم يسقط الطغيان


محمد ناجي
(Muhammed Naji)


الحوار المتمدن-العدد: 3749 - 2012 / 6 / 5 - 14:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المثير للاستغراب أن نطالع كتابات لمثقفين وكتّاب عراقيون محترمون عن حوادث جسيمة وظواهر سلبية ، وبعضهم يبعث برسائل ومناشدات الى مسؤولين ورجال دين ، وينتظر منهم معالجة ما يعتقده أخطاء وممارسات فردية إرتكبها فلان أو علاّن من المسؤولين أو حاشيته ومستشاريه ، في هذا المنصب أو الموقع هنا أو هناك . أي أن هذه الممارسات عفوية وفردية ، وليست مظهرا ونتيجة لنهج محدد وخط سياسي عام وشامل !
ويبدو أن هؤلاء الكتاب ، وبعد كل سنين الخراب ودوامة الأزمات ، لم يدركوا بعد إن سقوط الطاغية وسلطته لا يعني بالضرورة سقوط الطغيان . فالطاغية فرد يشيّد منظومة للطغيان تضم سياسيين ومثقفين ، تصفق له ليلا ونهارا ، وتتناغم معه وتتبادل الأدوار حتى يصبح (السلطان ظل الله في الأرض) ، وبذا تترك في المجتمع اثرا لا يزول (بنسيان الماضي) ولا يمكن أن يمّحي بمجرد سقوط الطاغية ، بل بنهج بديل ونظام سياسي وثقافي مغاير يعتمد الانسان ، المواطن ، محورا له .
وهذا مايجعلنا نؤكد ، من خلال متابعة لما ينشر وللوقائع اليومية ، على أهمية التذكير بأن نظام الاستبداد والطغيان السابق (ككل ألانظمة المشابهة) قد قام وإعتمد على ركيزتين :
الاولى : مؤسسات القمع كالجيش – الحرس الجمهوري – الحرس الخاص – الشرطة – الأمن – الأمن الخاص – الاستخبارات - المخابرات ..... وغيرها .
والثانية : مؤسسات الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة ، وملحقاتها من منظمات ومؤتمرات ومهرجانات ، وبالطبع جوقة من المطبّلين والمزمّرين في شتى حقول المعرفة والفنون والآداب ، عراقيين وعرب وأجانب ، ممن يطلق عليهم (وعاظ السلاطين) .
وقد خرجت العناصر المؤثرة لهاتين الركيزتين سالمة ، بسبب الطريقة التي حدث بها إسقاط النظام السابق ، والجهة التي اسقطته ، التي سمحت بذلك ، رغم إنها قامت – ممثلة بإدارة بريمر – بحل مؤسسات القمع والإعلام كغيرها من مؤسسات الدولة العراقية . وقد توزع هؤلاء ، بمختلف مستوياتهم وإختصاصاتهم بين مواصلة العمل من دول الجوار ، أو العمل المباشر داخل العراق مع قوى الارهاب ، أو الالتحاق بالتنظيمات السياسية الجديدة ، ومن ثم الدخول الى مؤسسات النظام الجديد والعملية السياسية ، سواء داخل السلطة أو خارجها ، وعلى أعلى مستوى !
وهنا تكمن العلة والطامة الكبرى في كل ما يجري في العراق . فبعد أن سقط صدام ونظامه ، وخرجت عناصره من الباب عادت لتدخل من الشباك ، وبعضها دخل معززا مكرما ومن الباب ! في حين كان منتظرا أن يبدأ نهج سياسي وثقافي مختلف ، ديمقراطي حقيقي وإنساني ، وهذا لم يحصل للآن ، لأنه – بصراحة - يمثل حلما وتصورا غير واقعي ، يعكس قصورا في معرفة حجم الخراب النفسي والفكري والإجتماعي الذي سببه النظام السابق ، وفي فهم طبيعة القوى السياسية العراقية الفاعلة ، التي كانت تعارض صدام لشخصه وليس لنهجه . وهذا ماإنتبه له وسبقنا في الاشارة إليه (إسماعيل شاكر الرفاعي) في كتابه - تشريح الإستبداد النظام العراقي نموذجا - والذي كتبه في دمشق وصدر عام 1999 ، أي قبل أربعة أعوام من سقوط صدام ونظامه حيث جاء في صفحة 8 (( أي أن تصورهم - المقصود المعارضة العراقية يومها . م.ن - لمستقبل العلاقة بين الدولة والمجتمع ، بعد رحيل الدكتاتورية ، لا يختلف عن شكل العلاقة القائمة بينهما الآن ... إنهم الضحايا الذين يماهون وعيهم في وعي جلادهم ، فهم لا يعارضون طريقة في الحكم أو منهجا في السياسة بل شخصا بعينه ، فكما حول صدام العراق إلى ضيعة ، يريد هؤلاء إعادة إنتاج الإستبداد والدكتاتورية .)) . وهذا ما علينا الإعتراف به ، وإن جاء متأخرا !
وقد بدأنا ، اليوم ، نسمع اصوات متزايدة لمثقفين تشترك في هذا التصور ، وإن كان على إستحياء ، وتؤكد على أن الوضع لم يتبدل بعد سقوط الطاغية ، وأن ثقافته لا تزال فاعلة ومؤثرة في الشارع ، بل افرزت مظاهر سلبية جديدة ومستوى أعلى من الفساد والمحاصصة الطائفية والقومية والدينية ، والاستخفاف بحقوق المواطن وعقله .
فنظامنا (الجديد) وطبيعته المزركشة بالمظهر الديمقراطي ، لم يحتفظ فقط بإرث الطغيان ، في تقديس وتعظيم الشخص صاحب السلطة بإختلاف أشكالها ومستوياتها ، والخطاب السياسي العاطفي ، والنظرة الدونية للمواطن ، والمكرمات بدل القانون والدستور والمؤسسات ، وتهميش الآخر المختلف وتغييبه وتصفيته معنويا وماديا ، وتشجيع السلوكية الوصولية والانتهازية على حساب النزاهة والكفاءة المهنية والشخصية ، وإشاعة الولاء للمكونات الصغرى – العائلة – المدينة - الحزب – الطائفة ... على حساب الإنتماء والولاء للوطن ، بل ذهب أبعد من ذلك حين إحتفظ بالكثير من أيتام النظام السابق ، في اكثر من موقع ومكان – مجلس النواب ، مؤسسات رئاسة الدولة والوزراء ، الجيش والشرطة ، السفارات ، الجامعات ومؤسسات التعليم - النقابات ، أتحادات الأدباء ، مختلف دوائر الدولة ومؤسساتها - وبدون أن يحتاج هؤلاء لإدانة النهج السابق وتغييره ، بل يكفي مجرد تغيير الولاء ، وإن كان شكليا ، وهذه عملية سهلة لديهم فيها خبرة وبراعة منذ أيام النظام السابق ، ولا تحتاج لجهد يذكر لمواصلة السير مع (النظام الجديد) ، وهذا ماعبر عنه الحس الشعبي بدقة في المقولة الشائعة في الشارع :
عمامة سبع لفات وكومة محابس ... قبل السقوط بيوم زيتوني لابس !
وبدون شك ، لا يمكن للعراق أن يتقدم ويتطور ، ويخرج من دوامة الأزمات ، بدون ان يتخلص من نهج الاستبداد وثقافة (السلطان) ، وإشاعة نهج الحرية وثقافة (الإنسان) ، وهذه مسؤولية الجميع افرادا وتجمعات ، وفي المقدمة منهم المثقفون ، الذين لابد أن يقفوا بجدية وشجاعة ويسلطوا الضوء على مختلف مظاهر الاستبداد وشخصياته على مر تاريخ الانسان العراقي ، وفي مقدمتها سنوات حكم البعث ، لأنها لا تزال طرية في الذاكرة ، ولأنها الأكثر سوادا وكارثية ، ليس سياسيا فقط بل ثقافيا بقيمها ورموزها ، التي يظهر بوضوح إتفاق ، غير بريء ، لكل المثقفين الذين عاشوا يومياتها على تجنب الحديث عنها والكتابة عن مايدعون من معاناتهم على يد مثقفي السلطة ومخبريها وكواليس مهرجاناتها ، وهذا ليس في صالحهم ولا في صالح الثقافة والانسان العراقي ، إلا إذا كان لهم رأي في أن يستمر الخراب ، وأن يستمر الشارع يردد ويرقص على إيقاع : صــدام حسين يلــــوكْ إلنـــــهْ .... وإن كان بأسماء ومفردات مشابهة ... مستمدة من التراث !



#محمد_ناجي (هاشتاغ)       Muhammed_Naji#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة (الإيمو) الضائعة بين عبد الخالق حسين ووزارة حقوق الانس ...
- آخر نكتة ... القضاء يهدد المالكي بالإعتقال
- الحجاج ... وأهل الشقاق والنفاق !
- العراق .... المهزلة برائحة الدم !
- صرخة في البرية !
- العراق ... فساد أفراد أم نظام ؟
- ( الإنسان يمكن أن يتحطم لكنه لن يهزم)
- لا قاعدة ولا بعثية ... بدْمانَه نِشْري الحرية !
- عشرين عام إنكضت ... وشذكّرك بينه !
- حقوق الإنسان ثقافة إنسانية
- الدكتور قاسم حسين وشخصية العراقي الضائعة بين علم النفس والتا ...
- تكريم البصير وأعلام الحلة والعراق
- وما الغريب في منع الموسيقى والغناء ؟
- صور المالكي ... فجوة بين الواقع والشعار
- نداء ( لا للتفريط بالدم والحق العراقي )
- أزمة مياه أم أزمة نظر ؟
- أي أمن ... وأية استراتيجية ؟
- هي فرصتكم ... إن كنتم صادقين !
- فخامة الرئيس ... إذا أنت أكرمت اللئيم !.
- الفلسطينيون في العراق


المزيد.....




- بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط ...
- بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا ...
- مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا ...
- كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف ...
- ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن ...
- معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان ...
- المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان.. ...
- إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه ...
- في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو ...
- السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ناجي - أيها السادة : سقط طاغية ولم يسقط الطغيان