|
خطاب سقوط ورقة التوت
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3747 - 2012 / 6 / 3 - 23:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لن يحظى الخطاب الأخيرالذي ألقاه، اليوم، المدعوبشارالأسدأمام المدعوبمجلس الشعب "وكلاهما مدعى عليه"، من قبل الشعب الأبي في سوريا، كل بحسب جريمته، سواء أكان على رأس قيادة الإرهاب، أو التصفيق له،ونصرته،بأي اهتمام، من قبل المعنيين بأمرسوريا، وأعني الشعب الذي يتحدث كلاهما عنه، زوراً، زاعماً أنه يمثله، ويتحدث باسمه، بعد أن اضطرإلى ألف خطة وخطة، يتبعها، منذ أيام لنقل بشارالأسد إلى شارع جانبي، وادعاء مسح وحراسة الشارع المؤدي من قصرالرئاسة المغتصب إلى مقرما يسمى ب" مجلس الشعب". ولقد درجت أن أكتب عن كل خطاب، فورالانتهاء منه، لأبدي رأيي فيه، إلا أنني في هذه المرة، وجدت حماسي الشخصي فاتراً، لأن أية مناقشة لخطاب أبله،لا أمل معقوداً عليه البتة، بيد أنني رحت أرجح الكتابة، ولوبعد بضع ساعات من وجبة السم الرئاسي التي وزعت على أربعة وعشرين مليون سوري، بالقسطاس، ليكون لي، كمعني بشأن أهلي السوريين، موقف مدوَّن، أمام الله والتاريخ، وهوما أفعله، أنى أتيح لي ذلك. من يراقب الخطاب، من ألفه إلى يائه، يلاحظ أنه لم يخرج من قوقعة العنترة التي يجد نفسه، مجسداً لها، بسبب ثقافة نشأته، وعدم قراءة وزنه كممارس أو كمواجه للإرث الاستبدادي، ذي الأبعاد الدولية الخطيرة التي بتنا نكتشف أجزاءفاضحة منها للتو،بعد سقوط آلة الرقابة الهائلة، في ظل ثورة الاتصالات، وبفضل دماء ما يقارب عشرين ألف شهيد، وأضعاف العدد من الجرحى، وأضعاف العددين من مجهولي المصير، وأضعاف أضعاف كل تلك الأعداد، من الملاحقين، والمطلوبين، وأضعاف أضعاف هؤلاء كلهم، من المهجَّرين والمهاجرين.حيث هناك مؤامرة دولية عظمى، معروفة الأسباب، ضدهذاالشعب الأبي الذي يرادله الركوع والخنوع، بتسلط رئاسته عليه، على غراررئاسته، ذاتها، التي حكمت بالناروالحديد، ولاتزال تحكم بهما على امتداد عقود، نظراً لتوقيعها، على صكوك الإذعان، تحت يافطات المقاومة والصمود والتصدي، وغيرذلك من عقاقيرالتخدير، منتهية الصلاحية، كإصلاحات الرئيس نفسه، منتهية الصلاحية. يعزي بشارالأسد، في بداية كلمته بعضهم ممن ترشحواإلى هذا المجلس، وكان ينبغي أن يكونوابينهم-إنهم ناجحون سلفاً برأيه- وإن كنت شخصياً قد سمعت بالعبارة نفسها،منه، ولعل تصفيات النظام لبعضه بعضاً وراء ذلك، فهوما لا نعلمه، تحديداً، إلا أن الملفت جداً في خطابه هو"أنه بات يحيي الشهداء" الأبرياء" من مدنيين وعسكريين، إلخ، وكلمة" الأبرياء، يعزل من خلالها"الشهداء الثوار" ، وهوما سيؤكده،باعترافه أنه ليس رئيس من يعارضه، وأنا الذي لم تثقب بطاقتي الشخصية بانتخابه يوماً، أفرح لأنه اعترف أنه ليس رئيسي، إلا أن سوريا بلدي، وشعبها-بكل مكوناته وأشكال فسيفسائه ممن لم تولغ ولم تلطخ أياديهم في الدم-هم أهلي، وأسرتي، وهوحال ملايين السوريين المعارضين، كما أعرف، وكما هو اليقين. وعلى الرغم من أن مجرَّد وجود بشارالأسد، تحت قبة البرلمان، مواصلاً تهريجه إهانة لكل سوري، إلا أنني اضطررت أن أمضي في قهقهة عندما حورأحدالجالسين معي، أثناء متابعة خطابه المخزي والمخاذل، والمخاتل"هذا، حين قال: إذا كان المواطن هو الهدف بالنسبة لنا فلابد أن يكون هو المنطلق"فعلق صاحبي فوراً:إذا كان المواطن هو المعارض فهوهدف الرصاصة"..! وحين نقف، عند العلامات الفارقة لخطاب بشارالأسد، فإن جوهره، فذلكات لايفهمهاإلا مملي وصاحب ذلك الخطاب البائس الذي لايزال يدربه، قبل كل كلمة ملقاة، أوحوارتلفزيوني من قبله،كما حال "ابتكاره الإبداعي" الذي سيسجله له التاريخ ، ويستحق عليها "براءة" الاختراع": الرمادية الوطنية لم تعد مقبولة لماذا أقول رمادية وطنية ففي خطابي السابق أمام مدرج الجامعة تحدثت عن الرمادية بأنها لم تعد مقبولة ففهم البعض بأنني أنا أقوم بإلغاء أطياف سياسية يعني يا أبيض يا أسود والحقيقة أن هؤلاء لم يفرقوا بين الرمادية السياسية والرمادية الوطنية وعندما يكون هناك أحزاب داخلية أو تيارات سياسية أو أشخاص سوريون في حالة خلاف أو تنافس أو تناقض أستطيع أن أقف في المنطقة الرمادية لا مع الأول ولا مع الثاني ولا مع الثالث أو الرابع أما عندما تكون القضية وطنية وتكون المشكلة بين وطني وأوطان أخرى فأنا حتما مع وطني وإلا أكون خائنا فالرمادية الوطنية غير مقبولة وأنا لا أتحدث عن رمادية سياسية.. البعض يقف في موقف الرمادية الوطنية ويقول هذه رمادية سياسية وهذا ما أقصده بالرمادية الوطنية ..إلخ.... " ، إلى جانب تقديمه التعازي للشعب السوري، وليس لأسرالشهداء، مادام أنه يقدم نفسه، ومجلسه، على أنهم الشعب، متصاممين عما قاله، ولايزال يقوله فيهما، وكان آخرالإبداعات الأمنية التنادي لما يسمى بالانتخابات البرلمانية، دونما منتخبين، بكسرالخاء واللاء غيرالموجودةهنا..!، كما أنه راح يتحدث صراحة عمن هوخائن وطنياً، وهوفي عرفه من لايرتكب خيانة استباحة قتل أبناء الشعب السوري، بل إنه راح يكذب العالم كله، وشهداء الحولة، أنفسهم، عندما راح يتبرأ من قتلهم، ويعد آباءهم قتلة لهم، فعلى من يضحك هذا الدَّعي؟، مع أنه راح في مابعد يتحدث عن هؤلاء الأطفال-منهم من نحرعلى يد زبَّانيته في الحولة أوغيرها ومنهم من ينتظر-زاعماً أنهم مأجورون لقاء دفع مبلغ مالي لكل منهم هو2000ل.س عن قتل كل شخص"، وحسناً فعلت فضائية العربية، عندما أظهرت مجموعة أطفال يدوسون صورته، وهو يتحدَّث عنهم، مع أن ألبسة كل هؤلاءلاتساوي ألفي ليرة سورية، ناسياً أن نسبة كبيرة من الشعب السوري تنام جائعة، ولا تعلن عن بؤس حالها، كما يفعل من يمرفي مثل ظروفه، ولا أدري من أين حصل على الرقم ألفين؟؟، وهورجل لاتزال فضائيات العالم تقول عنه: الرئيس السوري، مع أن أول عهد له بالرئاسة، كان مجازياً، بل اغتصاباً، كما تشهد على ذلك قاعة ما يسمى بمجلس الشعب نفسها، وبعضهم لايزال مكررالوجه، والولاء، وبيع الضمير، إلى جانب آخرين، قبلوا بالمهمة ذاتها،بلا خجل، ولاحياء، حتى وإن راح بشاريستشهد بأن بعض معارضته جاؤوا للمجلس-وكيف يكون هؤلاء معارضين حتى وإن كان بعضهم قد اعتقل، سهواً، أوفعلياً، وهولابد يحمل في ذاته بذرة السقوط، في عزِّ دوي ترديده للشعارالمناوىء للنظام، والأطرف من كل ذلك حديثه عن أنه لاحوارمع المجلس الوطني السوري، الذي بات يذكره لأول مرة، بهذه الطريقة، وزعمه في ذلك أن المجلس الوطني طالب بالتدخل العسكري، وبعيداً عن إبداء الموقف له هنا، أقول: لم تصرح بالدعوة إلى الحوارمع المجلس، عندما كانت تصدرعن بعض قياداته التصريحات أنه ليس الآن، مع التدخل العسكري، مع أن جوهرتأسيس المجلس، تم على أساس أن "لا حوارمع الجزارين"، وبشارالأسدهو-إن كان لايعلم-جزارسوريا الأول، الآن، مع أني عالم تماماً لو أن بشارترك سوريا، منذ 15 آذار2011، لحاز على ما يكفيه من غسل يده من الجريمة المستمرة بعد ذلك التاريخ، إلا أن العقل الذي يقوده تصرف على هذا النحو-ولا خيارله سواه في ظل وعيده وتهديده كعنترزمانه- وأن طبيعته، أوتركيبته، في ظل تحليله النفسي، مجبولة بسفك الدماء، والجريمة والفساد والكذب، ومن جهة أخرى، فإن اللاوطني الأول، وفق توصيفه، يكون هو وبطانته الحاكمة، لأنهما أول من مدوا الأيدي للأجنبي، بل إن نظامه مستقو بالأجنبي منذ اغتصابه دفة الحكم. ثمَّة ملاحظة فاقعة أخرى، على خطاب بشارالأسد، وهويتجلى في وصفه لمعارضته اللاوطنية، بنعوت شتى، نقولها جميعاً عنه، ولعله قد اكتسب هذه اللغة الجديدة، لمواظبته على معرفة صورته لدى المعارضة، من خلال متابعة إعلامه، وهي نقطة إيجابية، أن يسمع رأيه فيه، إلا أن هناك أمراً مهماً، هنا، لايعيه، وهوأن قذف المرء الآخرين بنعوته، لايغسله البتة، من درنه الشخصي، بل يعززإبرازه فيه، وإن كانت معارضته قابضة للمال السياسي، فهويديرالمال السياسي، سارقاً وقابضاً ودافعاً لشبيحة قابضة، قاتلة، ومصفقين شركاء في القتل..! كنت في سلسلة مقالاتي، التي أعقب بها على خطب بشارالأسد، أشيرإلى حالة الذّعروالتوترالتي يعانيها، وإذا كان قد حاول مواراتها بالضحكة الصفراء في خطابه الأول، إلا أن كل الأدوية المهدئة التي يتعاطاها، قبل أي خطاب، لم تفلح –هذه المرة- في إخفائها، فقدراح وتحت وطأة حالة الذعر، في خطاب هاذ، يشيرإلى مايدوربرأسه، من عدوان على المواطن، وعلى سوريا، إن لم يكن عنان سوريا بيده، وابنه، وحفيده، كما كآل إلى يدي أبيه، من قبل، خطأ،ووصم معارضيه بالإرهاب، فهل كان أطفال درعا إرهابيين،وسارقين ومرتزقة ، أم أنهم كانواأصحاب رأي أبرياء، ألا يزال طابع كل الاعتصامات والاحتجاجات التي تتم سلمياً، تماماً،إلا إذا كان جنابه يعد تحطيم تمثال أو تمزيق صورة له، أو البصق عليهماإرهاباً..!؟. ثمة تناقضات كثيرة، يمكن لمن يريد، اكتشافها، في جملة خطب ما بعد اشتعال الثورة، وهي ستبين كيف أن منظومة ثقافته، مبنية، ومستلهمة، من التزوير، والنفاق، وهو-هنا-عارف ما يريد، ولم، وغيرذلك...! وأخيراً، إنني لأعتذرمن قارئي الكريم، لأني هدرت وقته بقراءة هذا المقال، عن شخص أهوج، متعجرف، طاغ، لاعلاقة له بالمنطق والحكمة، والعقل، ولقد كان في إمكانه حتى خطابه الثاني، أن يعتذرعن جرائمه، وجرائم أبيه، وأسرته، بحق الشعب السوري، ويبين أنه مواطن سوري شريف، مخلص لوطنه، وأن ماتم من قبل كان نتيجة سلوك بطانته، من المرتزقة، بيدأنه صارلدينا، على ضوء عشرالسنوات من حكمه البائس-قبل الثورة- أنه ابن هذه السياسة، وأن لا مستقبل له-في رأيه- دون اتباعها، حتى وإن كان ثمنها، حرق سوريا والسوريين، بل وقيادة المنطقة، إلى حرب عظمى، من أجل كرسي تافه، سرق هو وأسرته من خلاله، حصص أحفادناالذين سيولدون بعد مئة سنة، ليكون هوالسارق الأول، والمرتزق الأول، والإرهابي الأول..!
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وقائع موت غير معلن*
-
الفن التفاعلي:لوحة مفتوحة يشارك في رسمهاجمهورالمعرض
-
مجزرة الحولة في عرض مسرحي لوزارة الكذب الخارجي
-
حوارمع الشاعروالصحفي إبراهيم اليوسف
-
كشكول أياري
-
وصية الكاتب
-
ركائز الحوار
-
القصيدة المغناة وساحات التحرير
-
نشيجُ الحولة نشيد التحول
-
دعوة من القلب لوحدة رسل الكلمة الكردية..!
-
عبدالرحمن آلوجي: لاترحل الآن ..!
-
السِّيرة الذَّاتيَّة: مفتاح لابدَّ منه لولوج عالم المبدع
-
أسس الحوارالثقافي
-
المقدِّمة الخاطئة:
-
تلفزيون2
-
رابطة الكتاب والصحفيين الكرد ومنظمة صحفيون بلا صحف الفرنسية
...
-
نصف الحقيقة2
-
طهرانية الكلمة
-
حوارية الكتابة والصورة
-
قواسم الكردي العظمى:قراءة عاجلة في مدوَّنة باب -جامع قاسمو-
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|