|
الديمقراطية هي الحل !!
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3747 - 2012 / 6 / 3 - 22:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا شك إن الثورات العربية بدأت تدخل مرحلة الحسم ، والأمر لا يستند إلى مفهوم ( الضربة القاضية ) ، بل إلى إنهاء مرحلى الاستدلال ، بعد إن كانت تهتم بإسقاط الاستبداد ، أصبحت تهتم بالخيار الديمقراطي ، وهي حالة تشمل كافة المواقع التي تحركت فيها الثورات الشعبية ، بغض النظر عن كونها استمرت سلمية او عسكرية او الاثنين معاً ، فهي جميعاً وصلت في صراعها وتصارعها إلى إن الأمر يحتاج ألان إلى ترسيم نظام ذا توجه ديمقراطي ، من اليمن إلى ليبيا وسوريا ، والى أيضا المواقع التي تتفاعل فيها الجماهير لإنهاء الوضع الراهن ، مثل الجزائر والأردن والبحرين وربما مواقع أخرى ستتوضح حالها قريباً . وحسب واقع كافة الثورات في التاريخ ، تظل هناك قوى الثورة المضادة ، مكونة من مجموعات المنتفعين من السلطة الساقطة ، وغايتهم حرف الثورة ، وإقامة نظام يحافظ على مصالحهم ، ليستمر استغلال الشعب وقمعه بأساليب جديدة ،او اعادة انتاج النظام بشكل يتلائم مع المرحلة، وفي حالنا العربي تضاف الى تلك الثورة المضادة ، دول حافظت حتى الان على كيانها بغطاء ديني تعمل على تصديره ، لتحقق هدفين ، الأول ، رسالة الى مواطنيها على انها الشكل المثالي ، وثانياً ، لإقامة أو تحويل الثورات الى نماذج مستنسخة عنها ، حتى تتمكن من الهيمنة باعتبارها النموذج، وبالتالي الأكثر خبرة ومعرفة ، وتستفيد من كل ذلك بسيطرتها على الثروات المتكدسة لمجتمعات فقيرة وأمية ، مبررهم أنهم سدنة المقدس . وبحكم طبيعة المرحلة التاريخية الراهنة ، وتتطور رأس المال العالمي ، وتوسع الحاجة إلى الأسواق باستمرار ، خاصة ذات النزعة الاستهلاكية ، ومنها المنطقة العربية فان الثورة المضادة تصبح ذات امتدادات عالمية بعضها بصلة مباشرة والأخر بصفة نفعية برجوازية صغيرة تنتظر دورها بدعم عالمي وسلطة محلية يطمحون لها . وهنا تتلاقى المصالح الإقليمية الراجفة لحالها والساعية لإفشال واحتواء الثورة ، والعالمية الساعية للهيمنة السياسية والاقتصادية على سوق ضخم واستهلاكي ، ومصدر أساسي للطاقة ولطرق الموصلات العالمية ، وهكذا يتشكل تحالف واسع لمواجهة الثورة وإجهاضها ، والى جانب ذلك وبحكم التجارب التاريخية لشعوب المنطقة رغم غياب الحزب القائد ، او برنامج واضح محدد للثورة ، فان نجاح عملية الثورة المضادة رغم ما تملك من قدرات لا تستطيع النجاح ، قد تعطل ، وقد تعيق في مرحلة او موضوع ، لكن المدخل الأولي لنجاح الثورة المضادة هي توفر قاعدة اجتماعية تستند اليها لتنفيذ مخططاتها منها السياسية ومنها العسكرية التي يجري التفكير بها لسوريا . بالطبع الامر في سوريا مختلف تماماً فقوى الثورة محقة في طلب الديمقراطية ، والسلطة القائمة مستبدة ومتفردة وقمعية ، لكن الإشكال هنا ان المعارضة الرئيسية مدفوعة من المال الإسلامي السعودي والخليجي ، وتهدف الى إقامة دولة إسلامية لا تستطيع ان تكون بديلاً بل ستكون كارثة في بلد تقسيمه المحرمات ،واضعافة أيضا ، بحكم الموقع والتأثير ، فإسقاط سوريا بذلك البديل سيؤدي الى فوضى في ركن عربي اساسي يفجر لبنان ويقسم سوريا وينهي القضية الفلسطينية، سواء بالاتفاق او بالتغاضي او على طريقة الهدنة عام 1949 ، التي نصحت ووقعت عليها الدول العربية لتصبح حدوداً معترف بها دولياً وعربياً ، وذلك ان قوى الإسلام السياسي هي حالة تحالف مع القوى العالمية المتفقة جميعاً على الهيمنة والاستغلال ، فلنقرأ تاريخ إقامة المملكة السعودية ، حيث هي نتاج تحالف بين الأسرة السعودية والتيار الوهابي بمباركة بريطانيا حسب قرأت اتفاقية ( دارين عام 1915 ) حين اعترف الانجليز بعبد العزيز ملك على الإحساء والقطيف مع وعد بيرسي كوكس بحكم حائل بدل إل الرشيد وحكم الحجاز بدل الهاشميين ، وهنا ترسخت تجربة التحالف بين السلطة والدين السياسي كوسيلة ناجحة في الوصول الى السيطرة . بالطبع الثورة تعمدت بالدم ، وبهذا لا يمكن تراجعها لعدة أسباب اولاً بحكم التربية والثقافة العربية، هناك وفاء للشهداء يقتضي الاقتصاص من القتلة ، ثانياً: لقد حققت الثورات مكاسب ابسطها التحرر من رهبة الاستبداد ، وبذلك فقد أصبح غير ممكن إعادتها إلى السابق بعد زوال حاجز الرعب وبعد تحقق تجربة العمل الجماعي الشعبي ، وثالثاً : لان النجاح يحفز التواصل ، وعموماً يجعل من فرص الثورة المضادة بكل إمكاناتها ضعيف وغير قادر على تحقيق مبتغاه ، ولهذا بالضبط تم إدخال الدين كفكر يمكن تطويعه لتمرير مقتضيات الثورة المضادة ، ولكبح الحراك الشعبي ، وهو رهان قد يحقق نجاح كما حصل عند انتخابات مجلس الشعب المصرية ، حيث تعلم الشعب بتجربته طبيعة قوى الإسلام السياسي وماهيتها ، صحيح يظل لها حضور بفعل طول تجربتها وإمكانياتها المدعمة من البتر ودولار ، الا انها هي بالذات تدرك ان هيمنتها ووصايتها وبفعل نهجها على الأرض وتحالفاتها الخارجية، لن تسمح لها بأخذ الثورة الى طريقها الذي رسمته له ، وغير بعيد ملاحظة ذلك التطور في تونس التي رغب حكامها الاسلامين في الظهور بليبرالية ، ومع ذلك أخذت معطيات الحكم تحتم عليهم التقرير بالمنهج بين الدولة والدين ، بين ادارة الحكم ووصاية الإفتاء ، فقد أصبح هناك نظام عالمي يفرض حضوره من الأمم المتحدة الى البنك الدولي ، الى منظمة التجارة العالمية حتى الى حلف الأطلسي ، مما جعل حالة تكامل عالمي لنظام حكم بين دول العالم ، لم يعد يستطيع الدين بالقائمين عليه وتفسيره التعامل مع العالم حتى لو انقطعوا ان استطاعوا عن التعامل مع العالم . وهنا نتطلع قيادة الثورة المضادة العالمية الى انتهاج سيناريو أكثر غموضاً ، فهي تتعامل وحتى تتحالف مع الإسلام السياسي ، وقد فعلت ذلك كثيراً عبر التاريخ ، كمدخل لدور غير مباشر ، ثم حين يستنزف ذلك التحالف تكون قد جهزت لدورها المباشر بوسائل كثيرة لعل منها العمل العسكري مثل ذلك الذي تسعى أميركا لشنه على سوريا بتحالف خارج الأمم المتحدة كما فعلت مع البلقان ، حيث قصف الناتو ودمر 14 دبابة و 373 مصنع وقرار بيع 70% من الشركات الوطنية، الى مستثمرين أجانب ، وفي مجمع برشينيا المقدر بخمسة مليارات دولار استولى عليه 2900 جندي برصاص مطاط وقنابل غاز ، والغاية الاستيلاء عليه فهو قطاع عام ، والعبرة أنهم اهتموا بتدمير صناعات البلد وليس قوته العسكرية فقط لابقائه سوق استهلاكي بعد تدمير قدراته الاقتصادية ، وما جرى في العراق معروف ايضاً ، اذن تحقيق المصالح أكثر أهمية من امن الشعوب ، واسقاط النظام سيكون ممراً لتدمير البلد وخلق الفوضى ومنع الاستقرار ، وهنا يكون ممكناً تنصيب قيادة تقبل بما يريدون وليس فقط فرض الشريعة التي ليست همهم ، بل إعادة تغير جيوسياسي للشرق الأوسط وحل أمر الجولان باتفاقية ما ؟! ، وتقسيم البلاد من المحيط إلى الخليج . وبالتأكيد تبقى الأنظمة المستبدة سبب قمع الشعوب وفتح الطريق إمام كافة الانتهازيين محلياً ودولياً للهجوم على الوطن وتحقيق غاياتهم ، وفي الحالين تكون الديمقراطية هي تحصين الوطن وتطويره فقط ، وعلى كافة الأنظمة الإدراك انه بممارستها تستبيح بلادها وتسقط ذاتها ، وان الثورة ستستمر وفقط يمكن إعاقتها لكنها تتمكن من النصر وان أصبح الثمن اغلى، وستقوم الديمراطية عربيا من حيث هي الحل والمصير .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر ..اين السبيل ؟
-
اليد الخفية في الثورة العربية
-
نحو عولمة اسلامية
-
شرق اوسط برعاية تركية
-
على درب ايار
-
الدين والثورة والواقع
-
مسيحيو الشرق والمواطنة
-
ماذا بعد اوسلو الان ؟
-
الامن القومي العربي
-
قراءة تاريخية لواقع معاصر
-
قمة بغداد
-
الاممية الاسلامية
-
ربيع الشعوب ام اعدائها
-
عن اذار المراءة والثورة
-
المصلحة والايدولوجيا
-
مطلوب ثورة في الثورة
-
مهام الثورة المضادة
-
سوريا والطريق الصعب
-
العاصفة تقترب
-
استكشاف المفاوضات
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|