أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - نظام الأسد بلا... أسد!














المزيد.....

نظام الأسد بلا... أسد!


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3747 - 2012 / 6 / 3 - 18:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لا تتوفر اليوم مؤشرات متسقة على توجه إقليمي ودولي نحو حل يمني للمسألة السورية، يبقي نظام الأسد لكن بدون بشار الأسد. مع ذلك تستحق هذه الفرضية التي يجري التطرق إليها بين حين وآخر الاختبار، ولو من باب ما تتيح إضاءته من أوضاع داخل سورية وحولها.
من المفترض أن يلبي الحل اليمني المصلحة الروسية في الحفاظ على النظام، وإن مقابل التضحية برئيس يهدد بقاؤه باجتثاث كامل للنظام. ويستجيب الحل نفسه لمصلحة غربية في التخلص من رجل يثور عليه شعبه وبات شخصه عنوانا للأزمة في بلده؛ وهذا مع بقاء هيكل النظام، بما يتيح استعادة سريعة للاستقرار، الشيء الذي تعلي من شأنه القوى الغربية في كل وقت، وبخاصة في مواجهة مجموعات متطرفة من نوع تنظيم القاعدة. ثم إن هذا الحل يلائم مصالح البلدان العربية، السعودية وقطر بخاصة، التي قطعت مع النظام السوري وقطع معها، والتي يهمها بدورها الاستقرار أكثر من أي شيء آخر. وتبدو الصيغة نفسها مناسبة بقدر ما لقطاعات من الجمهور السوري الثائر لأنها تقدم له شيئا ملموسا، قد يمكن البناء عليه، ويمثل نقطة الانعطاف الأهم في مسار كفاح مكلف يوشك أن ينهي شهره الخامس عشر. ولعلها ليست سيئة جدا حتى لجمهور موال للنظام في سورية، ما دامت تبقي على شيء من النظام، وتحد من عملية القلب الكامل له.
لكن تقف في وجه هذا الحل المفترض عقبتان قويتان. أولاهما تتصل بما إذا كان يمكن أن يبقى شيء من نظام الأسد إذا جرى التخلص من الحاكم الوريث. والثانية إن كان يمكن لأحد في أوساط الثورة السورية أن يقبل بحل كهذا بعد عام وربع العام من الدم.
منذ بواكير أيام حافظ الأسد، كان الرئيس هو عمود النظام، وحوله أجهزة المخابرات التي لا تتواصل فيما بينها، ويمسك بخيوطها الرئيس، ويتبع الوظيفة الأمنية وحدات عسكرية متشكلة أساسا لحفظ أمن النظام. هذا بنيان لا يبقى منه حجر على حجر إذا اقتلع الحجر الأساسي. وبالفعل ليس هناك أحجار صالحة يمكن أن تشغل الموقع الذي قد يشغر إذا زال الحجر الرئيس من موقعه. ومن بين دائرة الأعوان الذين يمسكون بمفاصل أمنية وعسكرية مهمة، ليس هناك من لم تتلوث يديه بالدم الكثير، القديم والجديد، وبين من لم تتلوث أيديهم بالدم ليس هناك غير موظفين لا وزن لهم، وإن شغل بعضهم منصب نائب رئيس. ولم تعرف سورية طوال عقود المملكة الأسدية الأربعة طبقة سياسية (هذا تعريف صالح للطغيان)، ولم يوجد يوما في النظام رجل ثان أو ثالث... في النظام الأسدي هناك سياسي واحد، كان فردا أيام الأب، وهو أسرة في أيام الابن، وحوله أعوان وأتباع من الموظفين غير السياسيين، دبلوماسيون عسكريون وبيروقراطيون وحزبيون. فإذا سقط "سياسي" النظام، فرط كله وتبعثر.
لعل الروس يدركون ذلك جيدا، ولذلك يظهرون كل هذا القدر من التشدد في دعم النظام. لكن أفضل من يدركه أعوان النظام، وهم أناس لا شأن لهم إطلاقا من دونه، ولذلك يعرضون القدر المعلوم من التماسك. تماسك تعززه دائرة الدم التي حبسوا أنفسهم والبلد ضمنها منذ بداية الثورة.
وبتأثير الدم أيضا من غير المحتمل أن يقبل أحد ضمن طيف الثورة السورية الواسع مخرجا يمنيا للمسألة السورية لا يطيح بكامل فري القتلة المعروف سوريا، والمعروف للأمم المتحدة. افتقار الثورة إلى مركز سياسي موجه له ميزة إيجابية واحدة: إنه يعطل إمكانية أن يثمر أي جهد من قبل النظام أو حلفائه لتأليف قلوب بعض المعارضين. منبع الشرعية الجديدة في سورية منذ انطلاق الثورة هو الثورة ذاتها، وهدفها المباشر هو إسقاط النظام، ومعلوم أن التيارات الأكثر قربا من النظام اضطرت لمجاراة هذا الهدف في المعلن من مواقفها على الأقل، وإن فعلت ذلك دوما على مضض.
فإذا كان النظام ينزع السياسة من المجتمع ومن الدولة، ويركزها في شخص واحد أو أسرة واحدة، فإن للثورة تكوينا معاكسا، تنشر السياسة في المجتمع كله، فلا يكاد يكون معترفا لأحد بأنه سياسي أكثر من غيره أو حائز على شرعية سياسية خاصة. وهذا يجعل القبول بأية حلول سياسية دون إسقاط تام للنظام أمرا صعبا.
لدينا في سورية اليوم قوتان لا سياسيتان، وإن بصورتين مختلفتين. النظام لا سياسي لأنه استبدادي وعائلي، والثورة لا سياسية لأنها مفتقرة إلى مركز شرعي، ولأن فعل الهدم يتغلب في تكوينها اليوم على أي شيء آخر. والمواجهة بين القوتين مفتوحة، ولا تبدو موشكة على حل قريب.
هل من المحتمل، تاليا، أن يفرض الحل من الخارج؟ هذا وارد في إقليم مدول مثل إقليمنا. والاتجاه المرجح للتدخل الدولي هو فرض حل يقايض نهاية الثورة بنهاية بشار الأسد. هذا هو السقف المرجح لأي تدخل دولي في الشأن السوري. وهو ما يؤشر عليه المثالان اليمني والليبي، على اختلاف في صيغة التدخل.
أشرنا إلى الموانع التي تقف في وجه هذا الحل. هل من شأن إجماع دولي عليه، بما في ذلك روسيا والصين، وهذا غير مستبعد، أن يشكل سندا له، فيحوز قدرا من القبول في الداخل السوري؟ لهذا المخرج إيجابيات مهمة، أولها أنه يطوي صفحة المملكة الأسدية، وهذا تحول كبير؛ وثانيها أنه يوقف عملية التباعد السياسي والاجتماعي والنفسي القائم في المجتمع السوري اليوم، ويمكن له أن يكون بداية لمصالحة وطنية لا بد منها. أما أهم سلبياته فتمثل في أنه يقتضي كفالة دولية لاستقرار سورية ما بعد الأسدية، الأمر الذي يجعل الاستقرار السوري رهن إرادة هذه القوى الدولية. ثم إنه يحد من جذرية الثورة التي تتطلع إلى استئصال النظام بالكامل. لكن يعاكس من أثر ذلك أن من شأن سقوط بشار الأسد أن يفتح باب السياسة من جهة الثورة والقوى المتنوعة التي تشكلت أثناءها أو كانت موجودة من قبل، والمجتمع السوري كله. لا سياسة مع بشار الأسد، لكن يفترض أنه لا شيء غير السياسة لحل منازعات السوريين بعده.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة -الشوايا- وحال منطقة الجزيرة السورية
- الثورة وإفلاس نماذج التحليل السائدة
- أنا والتلفزيون والثورة
- الثورة والسلاح: خطوط عريضة من القصة
- التجديد لغليون وحال المعارضة السورية
- في تمثيل الثورة السورية وواقعها (الثورة هي السياسة الصحيحة)
- حوار في شأن الثورة والسلمية والعسكرة
- عودة إلى النقاش حول الثورة والعسكرة
- حوار عالماشي حول الثورة السورية
- الثورة السورية بين النزاع الأهلي والصراع الجيوسياسي
- الثورة والمعارضة في سورية... علاقة انفصام
- عن الثورة والمستقبل والعلاقات بين السوريين/ حوار
- ثورة في سورية، سورية في ثورة
- عدالة الثورة لا تضمن عدالة الثائرين
- النظام الطائفي ليس نظام طائفة
- الإسلاميون السوريون... توجهات منفتحة وتناقض مقيم
- الثورة كصناعة للأمل
- حوار في شأن أصول الثورة السورية وفصولها
- الحكم بالتذكر: من أصول المحنة السورية
- هذا النظام، هذه الثورة، هذا العالم: حوار حول الشأن السوري


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - نظام الأسد بلا... أسد!