|
الخلطة السرية لمحاكمة مبارك تهدف الى ادانة بطعم البراءة
حمدى السعيد سالم
الحوار المتمدن-العدد: 3746 - 2012 / 6 / 2 - 20:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تلى المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة قاضي محاكمة الرئيس السابق محمد حسني مبارك أسباب الحكم الذي نطق به بالمؤبد للرئيس السابق وحبيب العادلي وزير داخليته وبراءة معاونيه كالتالي: بما للمحكمة من حق في تكوين عقيدتها وبما هو ثابت في الأوراق وبما تطمئن إليه من أدلة وقرائن مهما بلغت فهي الأمينة على الدعوى وهي التي تحقق وتدق...وبخلاصة القول فإن الأوراق وقد جمعت كثيرا من الدفوع التي ساقها الدفاع في جريمة القتل العمد وباقي الجرائم الأخرى فإن المحكمة قد تولت بالقبض عليها بكل دقة وعناية قضائيا وقانونيا وفقهيا وتود المحكمة أن تشير إلى أن الاتهام الخاص بالعطية قد انقضى بمضي مرور عشر سنوات من تاريخ واقعة ارتكابها قانونا وفقا للمادة 15 من قانون العقوبات مع التفصيل الوارد بالأسباب...
أما بالنسبة لإسناد الاتهامات لقيادات الشرطة فإن المحكمة بعدما استمعت إلى الشهود في هذه القاعة وبعد القراءات والغوص في أوراق الدعوى التي تشاهدونها جميعا وبلغت ما يقرب من 60 ألف صفحة بكل دقة وعناية، فقد ارتأت المحكمة بناءً على كل ذلك أنه إذا لم يتم ضبط أي من الفاعلين الأصليين مرتكبي جرائم القتل العمد والشروع فيه أثناء الأحداث أو حتى بعدها أو حتى الآن فلا يوجد قطع أو يقين في اتهام هؤلاء، وخلت أوراق التداعي وما قدم فيها من مضبوطات وشاهدتها المحكمة من أدلة مادية من ذخائر معتبرة تطمئن إليها المحكمة ويمكن إسنادها إليها.... ثالثا : خلت أوراق الدعوى ومستنداتها من تسجيلات صوتية ذات مأخذ شرعي أو قانوني تطمئن إليه المحكمة وتثبت على سبيل القطع أنهم الفاعلين الأصليين.... رابعا : خلت أوراق الدعوى من ضبط أي أوراق أو اتصالات تعتمد عليها... خامسا : أن المحكمة لم تطمئن إلى دفاتر الأمن المركزي لما يساورها من شك... سادسا : خلت أوراق الدعوى من أدلة فنية قطعية تثبت أن وفاة المجني عليهم قد حصل نتاج أسلحة.... سابعا : أن كل التقارير الطبية وإن صح ما أثبت بها من إصابات لكن في عقيدة المحكمة لا تصلح دليلا على شخص محدثها.... ثامنا : خلت أوراق التداعي من شواهد كدليل قاطع يثبت للمحكمة ارتكاب أي من المتهمين للجريمة، غير مبارك والعادلي، وارتكاب الواقعة.... تاسعا :المحكمة تود أن تؤكد أن ما نسبب للمتهمين بالاشتراك في قتل المتظاهرين لم يتوافر للمتهمين الآخرين وعلى ذلك قضت بما يقتضي..... ولا يسع للمحكمة في هذا التداعي فيما سطرته بجبينها الطاهرة وما وقر في ضميره وما استقر في وجدانها إلا أن تذكر ما تيسر من آيات الذكر الحكيم لعل من يقرأها يعود للرشد ويتقي الله فيجعل له مخرجا...ومن أياته "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "....وفيما يلي نص كلمة أحمد رفعت رئيس المحكمة ومنطوق الحكم:
إن واقعات التداعي المعروضة حسبما استقر في وجدان وضمير المحكمة من واقع غوصها في الأوراق وما حوته من تحقيقات وما أرفق من مستندات عن بصر وبصيرة وما ارتاحت إليها عقيدتها وما وقر صحيحا ولازما وقاطعا في وجدانها.. ورسخت صحة وإسنادا وثبوتا في يقين قاطع جازم تطمئن معه عقيدة المحكمة وتستريح مطمئنة مرتاحة البال، هادئة الفكر إلى صحة وثبات وإثبات الثابت في أوراق التداعي.. وما كشفت عنه سائر الأوراق بما يقشع الظلم ويميط الغموض عن وقائعها وأحداثها، ويسلط النور والضياء عليها فتظهر وتطل يافعة قوية ناضرة ملء البصر والعين مستقرة لا مراء فيها.... ولا شك فإنه مع بزوغ صباح يوم الثلاثاء 25 يناير عام 2011 أطلت على مصر شمس فجر جديد لم تره من قبل.. أشعته بيضاء حسناء وضاءة تلوح لشعب مصر العظيم بأمل طال انتظاره ليتحقق مع نفاذ أشعتها شعاع وضاح وهواء نقي زالت عنه الشوائب العالقة، فتنفس الشعب الذكي الصعداء بعد طول كابوس ليل مظلم ولكنه أخلد لثلاثين عاما من ظلام دامس حالك أسود أسود أسود اسوداد ليلة شتاء قارص بلا أمل ولا رجاء، أن ينقشع عنها إلى صباح مشرق بضياء ونضارة وحياة....وهكذا كانت إرادة الله في علاه إذ أوحى إلى شعب مصر وأبنائها البواسل الأشداء تحفهم ملائكة الحق سبحانه وتعالى، لا يطالبون برغد العيش وعلياء الدنيا بل يطالبون ساستهم وحكامهم ومن تربعوا على عرش النعم والثراء والسلطة أن يوفروا لهم لقمة العيش...حكمت المحكمة حضوريا لجميع المتهمين وغيابيا للثاني (حسين سالم):
أولا: بمعاقبة الرئيس السابق محمد حسنى السيد مبارك بالسجن المؤبد وذلك فى ضوء ما أسند إليه فى قرار الاتهام بالاشتراك فى جرائم القتل المقترن بجنايات الشروع في قتل آخرين.... ثانيا: بمعاقبة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى بالسجن المؤبد عما أسند إليه من اتهام بالاشتراك في جرائم القتل المقترن بجنايات قتل وشروع في عمليات قتل أخرى موضوع الاتهام المسند إليه بأمر الإحالة.... ثالثا: بإلزام المحكوم عليهما سالفي الذكر بالمصاريف القضائية..... رابعا: بمصادرة المضبوطات المقدمة موضوع المحاكمة.... خامسا: ببراءة كل من أحمد رمزي رئيس قوات الأمن المركزي السابق واللواء عدلى فايد مدير مصلحة الأمن العام السابق واللواء حسن عبدالرحمن رئيس مباحث أمن الدولة السابق واللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة السابق واللواء أسامة المراسي مدير أمن الجيزة السابق واللواء عمر فرماوي مدير أمن السادس من أكتوبر السابق مما أسند إلى كل منهم من اتهامات وردت في الدعوى الجنائية..... سادسا: بانقضاء الدعوى الجنائية ضد كل من محمد حسنى مبارك وحسين كمال الدين إبراهيم سالم وجمال وعلاء محمد حسنى السيد مبارك بشأن ما نسب إليهم من استغلال النفوذ وتقديم عطية وجنحة قبولها بانقضاء المدة المسقطة للدعوى الجنائية.... سابعا: ببراءة محمد حسني السيد مبارك مما أسند إليه من جناية الاشتراك مع موظف عمومي بالحصول لغيره دون وجه حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته وجناية الاشتراك مع موظف عمومي في الإضرار بمصالح وأموال الجهة التي يعمل بها.... ثامنا: بإحالة الدعوى المدنية المقامة من المحكمة إلى محكمة مدنية مختصة بلا مصاريف....
ثم تلا القاضي الأسباب التي أتخذ بناء عليها الأحكام وهي الأسباب: بما للمحكمة من حق في تكوين عقيدتها بما هو ثابت في الأوراق بما تطمئن إليه من أدلة وقرائن مهما بلغت فهي الأمينة على الدعوى وهى التي تحقق وتدقق وبخلاصة القول إن الأوراق وقد جمعت كثير من الدفوع التي ساقها الدفاع في جريمة القتل العمد وفي باقي الجرائم الأخرى، فإن المحكمة قد تولت الرد عليها بكل دقة وعناية قضائيا وقانونيا وفقهيا...وتود المحكمة أن تشير إلى أن الاتهام الخاص بالعطية وهى موضوع الفيلات الخمس قد انقضت بمضي المدة وهى 10 سنين من تاريخ واقعة ارتكابها قانونا وفقا للمادة 15 من قانون العقوبات مع التفصيل الوارد بالأسباب...أما بالنسبة لما أسند من اتهامات لقيادات الشرطة فإن المحكمة بعدما استمعت إلى شهود فى هذه القاعة، وبعد القراءات والغوص في أوراق الدعوى التي تشهدونها جميعا وبلغت ما يقرب من 60 ألف صحيفة بكل دقة وكل عناية، قد ارتأت المحكمة بناء على كل ذلك أنه إذا لم يتم ضبط جميع مرتكبي جرائم القتل والشروع فيه أثناء الأحداث أو حتى بعدها فلا يوجد قطع أو يقين فى اتهام هؤلاء !!!..
الشعب المصرى مصدوم من منطوق الحكم الذي أقره اليوم المستشار أحمد رفعت بحق المتهمين في قضية قتل المتظاهرين،وكانت صدمتى الأكبر إزاء انقضاء الدعوى الجنائية بحق نجلي المخلوع....لأن معنى انقضاء الدعوة الجنائية بحق كل من علاء وجمال مبارك أن أموال البلاد المهربة لن يتم استعادتها، كما اشير إلى أن أحكام القضاء لن تمكن السلطات المصرية من مطالبة الدول الأجنبية بإعادة هذه الأموال لمصر...الكرة الآن بملعب البرلمان لمحاكمة المخلوع ونجليه والعادلي ومعاونيه محاكمة ثورة، منوها إلى أن على الشارع المصري أن يواصل الضغط على النيابة لاستئناف الحكم ومحاولة إعادة محاكمة مبارك من جديد... الى جانب ان صدور حكم بحق مبارك والعادلي وبراءة باقي المتهمين يعني أن محامي تحت التمرين يمكنه في الاستئناف الحصول لمبارك والعادلي على البراءة بمنتهى السهولة.... فالحكم ينطبق عليه القول القائل : انه ادانة بطعم البراءة !!!..
لذلك احتشد محتجون بعد ظهر السبت أمام دار القضاء العالي بشارع رمسيس بوسط القاهرة للاعراب عن رفضهم للأحكام الصادرة في وقت سابق اليوم في قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق وستة من كبار معاونيه....وكان المتظاهرون قد انطلقوا في وقت سابق السبت في عدد من المسيرات من ميدان التحرير إلى دار القضاء العالي حاملين لافتات تطالب بالقصاص للشهدا .. فيما رددوا هتافات ضد الاحكام الصادرة اليوم في قضية قتل المتظاهرين وضد النائب العام مطالبين بما أسموه " تطهير القضاء "....وفي غضون ذلك .. ارتفع أعداد المتظاهرين في ميدان التحرير بعد ظهر السبت رافضين الأحكام الصادرة صباح السبت ضد الرئيس السابق حسنى مبارك ونجليه ووزير داخليته حبيب العادلي ومعاونيه الستة .. فيما رددوا هتافات ضد هذه الاحكام وضد النائب العام .... ويشهد ميدان التحرير توافد أعداد كبيرة من المنتمين الى التيار الاسلامي وبعض الاحزاب والقوى الثورية اليسارية والليبرالية مرددين هتافات تؤكد على وفائهم لشهداء ثورة 25 يناير وضرورة القصاص لهم.... رافعين صور شهداء الثورة....وكالعادة ..انتشر في ميدان التحرير أعداد كبيرة من بائعي الاعلام والمياه والعصائر والمظلات والقبعات لحماية المتظاهرين من حرارة الشمس فيما قام بعضهم برش الميدان بالمياه لتلطيف حرارة الطقس....كما توافد على الميدان عدد كبير من الاعلاميين المصريين والاجانب لإجراء الاحاديث مع المتظاهرين ورصد آرائهم بشأن الاحكام التي صدرت السبت .. فيما يتردد بين المتظاهرين أنباء عن اعتزام عدد من مرشحي الرئاسة الذين لم يوفقوا في الجولة الاولى من الانتخابات المشكاركة في التظاهرات بميدان التحرير في وقت لاحق مساء السبت...وعلى صعيد الشارع التجاري .. أغلق عدد كبير من المحال التجارية أبوابها بالمنطقة المحيطة بالميدان بينما ظلت محال المأكولات والمشروبات مفتوحة لخدمة المتواجدين به....
الانطباع الأول من قرارات محكمة مبارك غير مريح، وحتى سيء، ليس فقط بسبب الديباجة....فإذا كان جمال وعلاء مبارك براءة، واذا كان القتل والتعذيب تهم ضد مجهول... فهذا يعني أن على قوى الثورة أن تتحد لتستكمل مهام واهداف الثورة ...النظام القائم ومجلسه العسكرى بحاجة سياسية لإدانات رمزية ولكنه لا يعترف بجرائم النظام السابق ولا حتى بفساده.... الحكم الصادر اليوم يعني ان مبارك واولاده طاهري اليد وليسوا حرامية وليسوا قتلة.. ولكنه رئيس مهمل وفقط !!! هذا مايريده الحكم الذى صدر اليوم !!!.. المشكلة ليست القاضى الذى نطق بالحكم .. ولكن المشكلة فى المجلس العسكرى المباركى او عبيد مبارك الذى خطط وصمم لتقديم القضية بهذا الشكل الذى يستحيل معه الادانة ... واستنادا لمنطق القاضى فى براءة جمال وعلاء مبارك ولواءات الداخلية الستة فان مبارك والعادلى سيأخذا براءة فى النقض !!! لان القاضى ادانهما بدون ادلة ادانة !!!... ولكن لسان حال الشعب المصرى يقول للمجلس العسكرى الذى يحمى مبارك وليس الثورة : يا من حصلت علي البراءة، انت تعلم كم أجرمت ولفقت وعذبت وقتلت... سنتعقبك ونحاصرك بذنوبك في كل مكان ولن تنم امنا مرتاح البال ...أيها الابرياء.انتم تعلمون ما لا تعلمه المحكمه وما ساعدكم علي اخفاءه وجدي وغيره..جرائم تعذيب و رشوه وسرقه و مال حرام..ابحثوا عن مخبأ خير لكم !!! واقول للقاضى :ألست مصريا ؟! شاهد بأم عينيه ماحدث وتابعت الاحداث عبر الشاشات ؟!! أين ضميرك ؟! واسأله :لماذا استمر حسن عبدالرحمن لأسابيع بعد التحفظ علي غيره و ما هي طبيعة مهام محمود وجدي في الايام التي تولي فيها الداخليه؟ومن تخلص من الادلة؟ ومن ضلل العدالة وأمر بفرم الاوراق التى كانت موجودة بمقار أمن الدولة والتخلص من التسجيلات التي كانت ستدين قيادات الداخلية؟!!
إن محاكمة مبارك تضمنت الكثير من السقطات القانونية منها : ان النيابة العامة اخطأت عندما لم تقدم جمال مبارك الى المحاكمة في قضية قتل المتظاهرين باعتباره صاحب مشروع التوريث وان اجهزة الدولة كرست كافة جهودها لإنجاح هذا المشروع وكان منها قتل المتظاهرين...واذا كان رئيس الامن المركزى براءة من تهمة قتل الثوار .... فهل مبارك والعادلى هم من قتلوا المتظاهرين بايديهم ؟!!!!... كما ان براءة مبارك ونجليه من واقعة الكسب غير المشروع اصبحت مثار جدل واسع بين الاوساط القانونية لأن ما استندت إليه المحكمة بانقضاء الدعوى لانقضاء المدة غير قانوني وأرجع ذلك لنص القانون الذي يقتضي معاقبة الموظف العام طالما ظل محتفظا بالصفة الوظيفية ... مع العلم إن الصفة لم تسقط عن مبارك الا في فبراير 2011 وهو ما يؤكد ان الصفة لم تزل وان الجريمة لم تسقط بعد...النيابة العامة اختزلت جرائم علاء وجمال مبارك في قضية استغلال النفوذ في تفاصيل ليس لها علاقة بالقضايا وان ما أحدثه علاء مبارك من فساد اقتصادي في البلاد وما أحدثه جمال مبارك من فساد سياسي اكبر من اختزالها في امتلاكهم عدد من الفيلات والعقارات ....
لقد انتهت مهزلة محاكمة القرن فور نطق المستشار أحمد فهمى رفعت حكمه بالسجن المؤبد على الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، ووزير داخليته الأسبق حبيب إبراهيم العادلى، لاتهامهم بقتل الثوار، وبراءة باقى المتهمين فى القضية من دم المتظاهرين وإهدار المال العام، حيث ذهب كل منهم إلى طريق مختلف... وكانت المفاجأة الكبرى نقل المتهم محمد حسنى مبارك إلى مستشفى سجن طرة خلال عشرين دقيقة فقط من صدور الحكم، وذلك بعد انتظار دام طويلا منذ صدور قرار بحبسه فى الأربعاء 13 إبريل الماضى.... وهو ما كان بمثابة نزول الصاعقة على رأس المخلوع.... مبارك انتابته حالة هيسترية وساءت حالته النفسية فور وصوله إلى السجن، وبدأ فى وصلة بكاء شديدة وتساقطت دموعه بغزارة، ورفض دخول مستشفى السجن، بعدما أبكى كل قيادات السجون، وانتهى الأمر بدخوله إلى مستشفى السجن فى حالة سيئة جدا....أما بالنسبة لابنى الرئيس السابق علاء وجمال مبارك فإنهما عادا مرة أخرى الى محبسهما بعنبر ملحق المزرعة على بعد كيلو مترات قليلة من والدهما المحبوس بجوارهما، وخيمت عليهما حالة من الحسرة والألم الشديدين نظرا لصدور حكم بالمؤبد على والدهما ونقله إلى طرة، مما تسبب فى ضياع فرحتهما بالبراءة فى نفس القضية، وسوف يظلان محبوسين بعد إحالتهما للجنايات لاتهامهما فى قضية التلاعب بالبورصة، انتظارا لما ستسفر عنه جلسات المحاكمة....
نفس الحال بالنسبة إلى حبيب العادلى وزير داخلية مبارك، الذى عاد هو الآخر إلى محبسه بسجن المزرعة لتنفيذ حكم المؤبد فى القضية، إضافة إلى صدور حكمين سابقين بسجنه 5 سنوات و12 سنة أخرى، ليكون قريبا من مبارك ولا يفصلهما سوى عدة أمتار على أن يلتقيا قريبا فورتعافى مبارك وتماثله للشفاء أو خروجه للتريض داخل أسوار السجن...أما بالنسبة لمساعدى العادلى الأربعة الكبار عدلى فايد وأحمد رمزى وإسماعيل الشاعر وحسن عبد الرحمن، فإن جميعهم، عدا الأخير، سوف يعودون إلى منازلهم فور انتهاء قرار النيابة العامة بتنفيذ حكم المحكمة لإنهاء إجراءات الإفراج عنهم، فيما سيقبع الأخير داخل محبسه بسجن طرة تمهيدا لانتهاء التحقيقات فى اتهامه فى قضية الكسب غير المشروع، ليخرجوا من السجن مباشرة إلى منازلهم وسط استقبال حار من ذويهم الذين ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء الإجرءات للإفراج عنهم...الأمر أسهل بكثير بالنسبة لكل من أسامة المراسى وعمر الفرماوى مديرى أمن الجيزة وأكتوبر السابقين، والمخلى سبيلهما بالأساس فى القضية، حيث سيتوجهان للنيابة العامة، وفور انتهاء الإجراءات سيعودان إلى منازلهم مباشرة....أما بالنسبة للمتهم الهارب حسين سالم والذى يعيش فى أسبانيا الآن، فإنه ينتظر المصير المجهول بعد براءته فى القضية، نظرا لاتهامه فى قضايا أخرى فى الكسب غير المشروع، وتصدير الغاز إلى إسرائيل...
مما لاشك فيه ان الحكم على مبارك والعادلي في قضية قتل المتظاهرين جاء سياسيا وموائما لإرضاء الرأي العام والنظام الحاكم وبعيدا عن القانون حيث من العبث ان يدان المحرضون على واقعة القتل ويبرأ المنفذون للجريمة...والغريب ان القانون يقتضي رجوع مساعدي وزير الداخلية الستة الى وظائفهم الحالية وتقاضي رواتبهم عن الفترة الماضية بأثر رجعي ... الى جانب ان الحكم ببراءة مبارك من تهمة جرائم الكسب غير المشروع واستغلال النفوذ لانقضاء الدعوى الجنائية لمضي المدة يثير الكثير من الجدل القانوني خاصة ان الجريمة مستمرة لأنها مرتبطة بالمال العام ...الحكم في قضية قتل المتظاهرين غير منطقي وغير مبرر لان المحكمة أقرت في حكمها ان مبارك شريك بالتحريض ومادام التهمة تم إثباتها على الشريك كان الاولى الحكم على اللواءات الستة المنفذين ... لذلك على النيابة العامة ان تستأنف الحكم عاجلا وتطالب بإعادة المحاكمة وردها الى دائرة اخرى ....لان الطبخة السرية التى طبخها طنطاوى ومجلسه العسكرى بالتعاون مع عمر سليمان تهدف الى الادانة بطعم البراءة !!.. لقد نجا مساعدو حبيب العادلي الست من العقاب لا لأنهم بُرآء من دماء المصريين، بل لاهتراء الأدلة التي عبثت بها الأصابع القذرة التابعة لهم فى وزارتهم الخسيسة المسماة بوزارة الداخلية ... بعدما تركها المصريون أمانة في أيديهم غير الأمينة، وقد كان من الممكن أن يفلت مبارك ووزير داخليته لولا أن المحكمة اجتهدت فعاقبتهما عن جريمة القتل بالامتناع وأفلت جمال وعلاء مبارك وحسين سالم من العقوبة لا بسبب طهارة أيديهم، بل بسبب إجرائي هو انقضاء الدعوى الجنائية عن الجريمة وإذا كان هؤلاء وأولئك قد أفلتوا من عدالة الأرض فليجهزوا حججهم لعدالة السماء فقال تعالي: "وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ "...
الصورة الهزلية العبثية لخصها المحامي العام ممثل الادعاء حينما سألت دموعه أثناء مرافعة الادعاء أمام المحكمة لعدم تمكن النيابة العامة من جمع الاستدلالات والأدلة ... والحكم كان متوقعًا بالبراءة لعدم كفاية وتساند الأدلة، بحسب تصريح النيابة...وما قضي به الحكم من إدانة للمتهمين الأول والثاني أسبابه لاتعدو ماورد في الديباجة التي قدم بها الحكم وعن انقضاء الدعوي بالتقادم، ماذا عما يعرف في النظرية القانونية بالمانع المؤدي لوقف التقادم أو انقطاعه، ألم يكن وجوده فى السلطة طوال ثلاثين عامًا من الموانع الواقعية التي تحول، معنويًا، بين جهات الاستدلال والضبط، وتحريك الدعوي؟!!!...وإذا كانت ديباجة الحكم الأدبية قد استظهرت صور الفساد الممنهج، فكيف للمحكمة أن تهدر الموانع المعنوية التي توقف إثر مضي المدة ؟؟...أيا ماكان، وحتي نطالع الأسباب التي حمل عليها الحكم منطوقة فإنه لاشك أن الهيئة التي أصدرت الحكم قد عانت الأمرين في التقصي والبحث، وحسب ما قررته في الديباجة لابد لنا من أمرين أن نعترف إننا نجحنا ولكن هناك فى مصرنا من الأيادى الملوثة الكثير أما حان وقت التطهير لهذه الأيادى ؟ ولكي الله يامصر....
حمدى السعيد سالم
#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتخابات المصرية والموقف الامريكى المخزى
-
وثيقة الحقوق هى الحل ولكم فى الثورة الايرانية الاسلامية عظة
...
-
استريحي الآن ....
-
المتنبى واستكشاف الذات
-
عفوا لن اشارك فى تنصيب الطرطور القادم ... الثورة مستمرة
-
التيارات المتأسلمة وادلجة الدين لفرض سيطرتهم على المجتمع
-
تمثيلية حرب اكتوبر واللعبة الدموية القذرة والشرق الاوسط الجد
...
-
نقابة الصحافيين الالكترونيين المصرية وجبهة الدفاع عن صحافيى
...
-
الثورة المصرية والثورة الرومانية على نفس الدرب سائرون
-
متى تفهمين سيدتى بأن قلبى ليس كأى قلب
-
الانقلاب الاخوانى المسلح فى العباسية يريد احلال الجماعة محل
...
-
هل جماعة الاخوان تحمل الخير لمصر ام تحمله من مصر!!
-
فكرعبدالمنعم ابوالفتوح الاخوانى يخطط للاستيلاء على الدولة ول
...
-
مؤسسة رئاسة ام مؤسسة نخاسة
-
لماذا اعتذر حمدين صباحى للاخوان وهم من لوث وشوة تاريخ عبدالن
...
-
هيام العشق
-
الثورة لا تلدغ من جحر الحية الاخوانية مرتين
-
المجلس العسكرى والتسليح والديمقراطية الامريكية
-
نعم اعرف من تكونى
-
نصيحة اليك ياصاحبة العيون القاتلات
المزيد.....
-
مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا
...
-
في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و
...
-
قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
-
صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات
...
-
البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب
...
-
نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء
...
-
استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في
...
-
-بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله
...
-
مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا
...
-
ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|