أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - حول موقف الاتحاد السوفييتي من قرار تقسيم فلسطين















المزيد.....

حول موقف الاتحاد السوفييتي من قرار تقسيم فلسطين


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1098 - 2005 / 2 / 3 - 10:41
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


حول موقف الاتحاد السوفييتي وستالين من قرار التقسيم
في حديث يوسي شفارتز عن الديمقراطية في اسرائيل وردت العبارة التالية:
"وفي نهاية الحرب العالمية الثانية وجدت البيروقراطية الستالينية نفسها في نزاع مع حلفائها السابقين في الغرب, و إضطروا الى البحث عن مراكز دعم. في نهاية الحرب كان الشرق الأوسط تحت هيمنة الإمبريالية البريطانية و الإمبريالية الفرنسية. وفي الوقت الذي عارضت فيه بريطانيا إنشاء إسرائيل إعتقدت البيروقراطية الستالينية أن إنشاء دولة يهودية سيكون ضربة ضد السيطرة البريطانية في المنطقة. وذهب الستالينيون إلى حد مد اليهود في فلسطين بالأسلحة عبر تشيكوسلوفاكيا. وبالتالي قامت دسائس البيروقراطية الستالينية (بقيادة ستالين نفسه) بخيانة الطبيعة الحقيقية للسياسة الأممية, مقادة باعتبارات من أجل السلطة و النفوذ – لا مصالح و حاجات عمال العالم. و هكذا داس الستالينيون حقوق الفلسطينيين من أجل – ما رأوه عندها- إضعاف الإمبريالية البريطانية."
وقد الح علي قارئي العزيز الذي ارسل لي الحديث ان ابدي رايي بما جاء في هذه العبارة بالذات عن ستالين وموقف الاتحاد السوفييتي. ولا شك ان ابداء الرأي في مثل هذا الموضوع صعب للغاية خصوصا من شخص مثلي يعتبر ستالين قائدا امميا واعظم قائد سياسي ونظري في القرن العشرين بعد لينين. ومع ذلك ساحاول بحث هذا الموضوع بالصورة التي استطيعها.
ليس في نيتي ان اناقش عبارة شفارتز هذه بل ان بحثي يتناول موقف الاتحاد السوفييتي من قضية تقسيم فلسطين الى دولتين، دولة عربية ودولة يهودية.
انني كما يعلم قرائي الكرام مزيج من شخصيات عديدة. فأنا عراقي عربي في نشأتي وثقافتي وعاداتي وتقاليدي ومشاعري وحتى طعامي، وانا يهودي لاني ولدت لوالدين يهوديين، وأنا اسرائيلي حصلت على الجنسية الاسرائيلية فور نزولي من الطائرة في مطار اللد واصبحت اتمتع بحقوق المواطن الاسرائيلي والتزم بواجباته. ساهمت في اسرائيل كأي مواطن اسرائيلي في الحياة الاسرائيلية، عملت فيها من اجل لقمة العيش، درست في جامعاتها، انجبت طفلين اسرائيليين، وانجزت عملين من اعمالي المهمة هما اولا القاموس العبري عربي الذي قدم وما زال يقدم خدمات كبيرة للعرب واليهود في اسرائيل وفي فلسطين وفي البلاد العربية كلها، وثانيا دراستي حول الموسيقى العراقية التي نالت شهرة كبيرة بين الموسيقيين العراقيين. وانا مواطن بريطاني، نلت الجنسية البريطانية وانا اعيش في بريطانيا منذ ثلاثين عاما. عملت فيها من اجل لقمة العيش ودرست في جامعاتها وانجزت فيها بعض كتاباتي التي اطلع قرائي على اغلبها في موقعي في الحوار المتمدن وانجزت فيها اهم عمل في حياتي هو كتابي عن المقام العراقي. وانا ادعي بان اسلوب تفكيري ماركسي وان هذا التفكير يسيطر على كل اعمالي وكتاباتي وطريقة تحليلي للامور سواء في السياسة ام في الموسيقى ام في الحياة عموما. انا هذا الكوكتيل من الشخصيات كلها معا. ولكني اريد في هذا المقال ان اتجرد من كل هذه الشخصيات وان ابحث موضوع التقسيم كشخص غريب عن كل هذا المحيط الذي عشت فيه فلا تدفعني عربيتي للتحيز للعرب ولا يهوديتي للتحيز لليهود ولا اسرائيليتي للتحيز لاسرائيل ولا يكون حبي للاتحاد السوفييتي في عهد ستالين سببا للتحيز للاتحاد السوفييتي.
قبل ان ابدأ بحثي اود ان اشرح باني بصفتي العربية اشعر بالمحنة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني والمجازر التي يتعرض لها من قبل الجيش الاسرائيلي المحتل وفي الوقت نفسه اشعر بصفتي الاسرائيلية بالمحنة التي يعاني منها الشباب الاسرائيلي الذي يعيش ربع عمره على الاقل حاملا البندقية يقتل اكبر عدد من الفلسطينيين ويدمر بيوتهم ومزارعهم. فقد جعلوا من هذا الشباب الى وحوشا بشرية حتى في حياتهم العائلية. واعلم ان محنة الفلسطينيين والاسرائيليين معا سببها طمع الولايات المتحدة بالاستيلاء على العالم كله وان ما يسمى باعطاء الضوء الاخضر للحكومة الاسرائيلية ما هو في الواقع سوى اوامر اميركية يطلب من الحكومة الاسرائيلية تنفيذها ولهذا فان الشباب والكهول الاسرائيلييين نساء ورجالا اصبحوا عبارة عن جيش مرتزقة للاميركان تتصرف بهم الولايات المتحدة وفقا لمصالحها ولتحقيق اطماعها في الشرق الاوسط كجزء من مصالحها بالاستيلاء على العالم كله وفي ايجاد حجة البعبع الاسرائيلي من اجل بيع عشرات المليارات من الاسلحة كل سنة لجميع البلدان العربية وليس فقط لنهب ثرواتها النفطية وسائر ثرواتها الاخرى.
بعد هذه المقدمة اسمحوا لي ان اناقش موضوع التقسيم كمراقب خارجي لا علاقة له بالعرب او باليهود.
منذ نشوء الحركة الصهيونية كان شعارها الاساسي اقامة دولة يهودية في فلسطين. وكانت هذه الحركة مستعدة لخدمة اية دولة امبريالية تعد بمساعدتها على تحقيق هذا الهدف. وقد اختارت الصهيونية فلسطين لانها لو اختارت اي مكان اخر في العالم لما اعارها اليهود اذنا صاغية. فهدف اقامة دولة في فلسطين مكن الحركة الصهيونية من ربط دعوتها السياسية بالدين اليهودي. وبهذه الطريقة تمكنت من تقديم نفسها كانها الممثل الحقيقي لجميع يهود العالم.
قبل الدخول في صلب الموضوع ارجو ان يسمح لي القراء الكرام بان اسرد عليهم قصة مهمة. في سنة ١٩٤٩ كان معنا في نقرة السلمان سجين سياسي كردي يهودي من اربيل. وقد سرد هذا السجين علينا قصة شاهدها في صباه. سافر الملك فيصل في زيارة الى اربيل. ولم تكن انذاك في اربيل فنادق حديثة ولا قصور ملكية ينزل بها الملك لذلك كان من الطبيعي ان ينزل ضيفا على صاحب افخم بيوت اربيل. وكان هذا البيت بيت رئيس الطائفة اليهودية فنزل خلال زيارته ضيفا على رئيس الطائفة اليهودية في اربيل. كان رئيس الطائفة اليهودية عم رفيقنا السجين ولذلك كان من سكان هذا البيت. وفي ليلة وجميع العائلة مجتمعة على مائدة العشاء بحضور الملك وجه رب العائلة سؤالا الى الملك "ماذا سيكون مصيرنا نحن يهود العراق؟" فكان جواب الملك فيصل "الحل بسيط، نرسلكم الى فلسطين ونأتي بالفلسطينيين الى هنا." قال الملك هذا لانه عالم بالخطط البريطانية. اوردت هذه القصة لانها ترتبط ارتباطا وثيقا بما حصل بعد قرار التقسيم.
منذ اوائل القرن العشرين وخصوصا بعد ثورة ١٩٠٥ في روسيا اخذ الكثير من يهود روسيا وبولونيا بالهجرة الى فلسطين والاستيطان فيها وقد ازدادت هذه الهجرة بعد ثورة اكتوبر حيث هاجر الاف الروس البيض الى ارجاء العالم وسافر الكثير من اليهود الى فلسطين. وجاءت الحركة النازية فادى اضطهادها لليهود الى سفر الكثير من اليهود الى فلسطين تخلصا من الاضطهاد النازي. وكثرت هذه الهجرة بصورة شرعية وغير شرعية خلال وبعد الحرب العالمية الثانية. لا اريد هنا ان اتطرق الى تاريخ هذه الهجرة ولكن ابدأ بوصف الوضع الذي نشأ نتيجة لهذه الهجرة في سنوات ١٩٤٥- ١٩٤٧ حين بدأت الامم المتحدة في بحث حل قضية فلسطين. فقد وجدت الامم المتحدة امامها امرا واقعا وعليها ان تبحث القضية وفقا لهذا الواقع.
في هذه الفترة، وبصرف النظر عن الطرق التي استخدمها اليهود والمنظمات الصهيونية، كانت هناك جالية يهودية كبيرة اقامت مزارعها واقتصادها ومصانعها وانشأت مدنها وقراها، وباختصار تكون مجتمع يهودي كبير في فلسطين الى جانب المجتمع العربي الاصلي ولو انه كان يؤلف اقلية بالنسبة للسكان الاصليين.
كانت فلسطين اخر المناطق الواقعة رسميا تحت الانتداب البريطاني في الشرق الاوسط عدا بعض دول شمال افريقيا كالجزائر التي كانت مستعمرات فرنسية تعتبرها فرنسا جزءا من الامبراطورية الفرنسية. وكان العرب واليهود على حد سواء يناضلون من اجل استقلال فلسطين من الانتداب البريطاني بحيث ان بريطانيا لم تعد تستطيع الاستمرار في حكمها الاستعماري على فلسطين. لذلك اثيرت قضية فلسطين في الامم المتحدة.
وكانت القوى التي تناضل داخل فلسطين ضد الاحتلال البريطاني تتألف من القوى العربية القومية والقوى الصهيونية اليهودية والقوى الشعبية العربية واليهودية وعلى راسها المنظمة الشيوعية العربية التي كانت تسمى على ما اتذكر عصبة التحرر او ما شابه ذلك والحزب الشيوعي اليهودي الذي كان انذاك حزبا شيوعيا ماركسيا حقيقيا. وكانت هاتان المنظمتان تتعاونان في نضالهما من اجل تحرر فلسطين.
في هذه السنوات ارسلت الامم المتحدة لجان تحقيق الى فلسطين والى سائر الدول العربية للتشاور في الحل الذي يمكن التوصل اليه في هذه القضية. وكان رأي المنظمتين الشيوعيتين ان حل القضية يجب ان يكون بمنح الاستقلال لفلسطين وترك سكانها، عربا ويهودا، يقررون نوع الحكم الذي يريدونه. ولكن رأي القوميين العرب في فلسطين وراي الحكومات العربية وكذلك راي المنظمات الصهيونية كان معارضا لمثل هذا الحل. فقد رفضوا جميعهم فكرة استقلال فلسطين وتكوين دولة واحدة لجميع سكانها رفضا باتا.
ما هي الحلول الممكنة لقضية فلسطين المتوفرة امام الامم المتحدة؟
اولا ان تبقى تحت الانتداب البريطاني وهذا الحل لم يكن مقبولا لدى الامم المتحدة او لدى سكان فلسطين او لدى الحكومات العربية او لدى المنظمات الصهيونية. بل لم يكن مقبولا حتى لدى الحكومة البريطانية التي لم تستطع القضاء على حركات المقاومة التي كلفتها الكثير من الضحايا.
ثانيا الحل الذي كان يريده الشيوعيون العرب واليهود وهو الاستقلال واقامة دولة واحدة لجميع سكان فلسطين. كان هذا الحل هو الامثل لدى الامم المتحدة ولذلك كان الاتحاد السوفييتي يؤيد هذا الحل طيلة هذه السنوات. ولكن هذا الحل رفضته القوى القومية العربية والحكومات العربية والمنظمات الصهيونية على حد سواء.
ما الذي كان سيحصل لو قبلت الامم المتحدة هذا الحل ووافقت عليه جميع الاطراف؟ لتألفت دولة عربية يهودية وجرت انتخابات فيها تحت اشراف الامم المتحدة ولنشأت عن ذلك حكومة هي بالتأكيد اقل رجعية من حكومة صهيونية واكثر تقدما من اكثر الدول العربية السائرة في ركاب الاستعمار البريطاني او الفرنسي.
ثالثا حل تقسيم فلسطين الى دولة عربية ودولة يهودية. كان هذا الحل اقل منطقيا من الحل الاول ولكنه كان الحل الوحيد الذي يمكن للامم المتحدة ان تفكر به عند فشل الحل الاخر. ولكن القوميين العرب عارضوا هذا الحل بينما رحبت المنظمات الصهيونية به.
هل كان هناك خيار اخر امام الامم المتحدة؟ هل قدم القوميون العرب والحكومات العربية حلا اخر يمكن ان تقره الامم المتحدة يكون اكثر عدلا للفلسطينيين؟ لم اسمع عن حل اخر قدمته هذه القوى. فما الحل الذي كان القوميون العرب يريدونه لكي تكون الامم المتحدة منصفة لهم؟ كان الحل الوحيد الذي فكر به القوميون العرب هو اعادة اليهود الى البلاد التي هاجروا منها. وهذا حل لم يكن بامكان الامم المتحدة او اية دولة تحترم نفسها ان تتخذه او حتى التفكير به لان تهجير ملايين من البشر ضد رغبتهم امر غير ممكن وغير انساني. ولو كان العرب او الحكومات العربية الاعضاء في الامم المتحدة قد قدموا حلا اخر معقولا تستطيع الامم المتحدة اتخاذه لكان من حقهم ان يطلبوا من الاتحاد السوفييتي ان يطالب بهذا الحل لكي يعتبرونه منصفا لهم رغم ان جميع هذه الحكومات كانت تنظر الى الاتحاد السوفييتي كعدو لها ولم تعترف حتى بوجوده.
لم يكن امام الامم المتحدة اي خيار اذن غير قرار التقسيم وهو القرار الذي وافقت عليه الامم المتحدة وصوت الاتحاد السوفييتي بقبوله.
وحان موعد تنفيذ قرار الامم المتحدة في ايار ١٩٤٨ وتكونت بموجبه الدولة الاسرائيلية. وكان الاتحاد السوفييتي اول دولة اعترفت بهذه الدولة. ولكن العرب رفضوا تنفيذ الجزء الثاني من القرار واعلنت جميع البلدان العربية المحيطة الحرب على دولة اسرائيل. فكيف كان على الاتحاد السوفييتي ان يتصرف تجاه مثل هذه الحرب؟ انه اعلن مساعدته لهذه الدولة التي نشأت بموجب قرار الامم المتحدة لكي تدافع عن وجودها ضد جميع الدول العربية التي شنت الحرب عليها. وكان من علامات ذلك ان تشيكوسلوفاكيا قدمت اسلحة الى اسرائيل لمساعدتها على ذلك.
ولكن ماذا كانت طبيعة الحرب التي شنتها الدول العربية على اسرائيل؟ كانت في الحقيقة حربا صورية اذ كانت الجيوش العربية في الجانب الاردني العراقي تحت قيادة الجنرال الانجليزي كلوب باشا الذي يسمى في العراق "أبو حنيك". فقد كان ابو حنيك هذا قائد الشرطة الهجانة في العراق وهو الذي انشأ قلعة نقرة السلمان في الصحراء التي اصبحت فيما بعد سجنا سياسيا وهو الذي قاد الجيش البريطاني العراقي في الحرب ضد حكومة رشيد عالي الكيلاني سنة ١٩٤١. وطبيعي ان جنرالا كهذا لا يعمل لمصلحة العرب بل ينفذ اوامر دولته بريطانيا. وكان الجيش المصري يحارب باسلحة فاسدة زودتهم بها الحكومة البريطانية التي كانت تحكم مصر انذاك فكانت الاسلحة تقتل مستخدميها لا الاعداء. وحققت الجيوش العربية الخطة البريطانية التي تحدث عنها الملك فيصل الاول في القصة الانفة الذكر اذ كانت هذه الجيوش تدعو الفلسطينيين الى الهجرة واعدة اياهم بالعودة بعد اسبوع. ولكن الخطة البريطانية لم تتحقق بكاملها اذ لم يجلبوا الفلسطينيين الى العراق ليصبحوا مواطنين عراقيين بل اصبح الفلسطينيون لاجئين في بلدان عديدة يقيمون في مخيمات ومعسكرات اللاجئين ويعيشون على الصدقات وما زالوا كذلك حتى يومنا هذا.
وماذا حل بالدولة العربية؟ اولا استولت اسرائيل في هذه الحرب على المزيد من الاراضي اكثر مما تضمنه قرار الامم المتحدة. ثانيا اصبحت الاراضي العربية الباقية مستعمرة اردنية واصبح قطاع غزة مستعمرة مصرية.
وماذا حدث سنة ١٩٦٧؟ حدث ان الجيش الاردني انسحب من فلسطين واصبحت الضفة الغربية مستعمرة اسرائيلية بدون ان تكون للشعب الفلسطيني اية امكانية للدفاع عن نفسه وانسحب الجيش المصري من قطاع غزة فاصبح مستعمرة اسرائيلية ولم تكن لسكانه اية امكانية للدفاع عن نفسه. والان بعد مرور حوالى ستين عاما على قرار التقسيم يقدم الشعب الفلسطيني الاف الضحايا في سبيل الحصول على دولة عربية عن طريق المفاوضات مع الحكومة الاسرائيلية المؤتمرة باوامر الولايات المتحدة التي تمارس اقسى انواع المجازر على الفلسطينيين يوما بعد يوم املا في الحصول منها على دولة فلسطينية. واذا افلح الفلسطينيون في الحصول على مثل هذه الدولة، وهو امل بعيد الاحتمال في ايامنا نظرا الى ان مصالح الولايات المتحدة تتعارض مع وجود مثل هذه الدولة، فلا يمكن مقارنة هذه الدولة التي تأتي عن طريق منحها من قبل دولة مستعمرة ووفقا لشروطها مع الدولة التي كان يمكن ان تنشأ لو قبل الفلسطينيون قرار التقسيم.
ما الذي كان يحصل لو قبل العرب قرار التقسيم؟ كانت تنشأ دولة فلسطينية تكون عضوا في الامم المتحدة ولكان الاتحاد السوفييتي اول دولة تعترف بها. ولكانت لهذه الدولة حكومتها ونظامها وجيشها ومؤسساتها الاقتصادية ككل دولة. ولكانت هذه الدولة دولة مستقلة شأنها شأن سائر الدول العربية. ولو تجرات دولة اسرائيل على الاعتداء عليها لتوفرت لها امكانية الدفاع عن نفسها ولكان الاتحاد السوفييتي في مقدمة الدول التي تساعدها على ذلك. ولما كانت هناك قضية اللاجئين وقضية الاسرى الفلسطينيين في سجون اسرائيل ولا قضية القدس وهي الامور الثلاثة الاساسية التي يطالب بها الفلسطينيون حاليا لتكوين دولتهم وتعارضها دولة اسرائيل والولايات المتحدة.
نرى من كل ذلك ان حل التقسيم كان الحل الوحيد المتوفر امام الامم المتحدة بعد رفض الدولة المشتركة. ولذلك لم يبق امام الاتحاد السوفييتي اي حل اخر يكون مرضيا للعرب الفلسطينين ولليهود غير قرار التقسيم. وان المحنة التي عانى منها عرب فلسطين وما زالوا يعانون منها لم تكن نتيجة قرار التقسيم وانما كانت نتيجة رفضهم لقرار التقسيم.
ارجو الملاحظة اني هنا اتحدث عن ١٩٤٨ والفرق بين ان تكون فلسطين مستعمرة اردنية ومصرية او تكون دولة مستقلة عضو في الامم المتحدة لها حكومة ونظام وجيش تدافع به عن كيانها. هذا لا يعني ان الدولتين المتجاورتين كانتا ستحييان بسلام. اذ ان اطماع الصهيونية لا تنتهي بتكوين الدولة الاسرائيلية ولابد ان تعمل على توسيعها وفقا للمشروع الصهيوني. ولكن وضع فلسطين كدولة يختلف عن وضعها كمستعمرة ليس لديها اية وسيلة للدفاع عن نفسها سوى ما نراه اليوم من بطولات الشعب الفلسطيني واطفال الحجارة لتحقيق التحرر من الاستعمار الاميركي الاسرائيلي.
نرى من كل هذا ان الاتحاد السوفييتي لم يغير سياسته الاممية لدى موافقته على قرار التقسيم ولم يغير سياسته الاممية لدى اعترافه بدولة اسرائيل ولا خان مصالح الشعب الفلسطيني بهذا القبول. فقد كانت موافقة الاتحاد السوفييتي على التقسيم قرارا ينسجم مع سياسته الاممية. وان ستالين لم يوافق على هذا القرار لانه تخلى عن الماركسية وعن سياسته الاممية لاغراض سياسية او لاغراض الحصول على نفوذ في الشرق الاوسط او في غيره. وليس هناك اي واقع لما جاء اعلاه
"قامت دسائس البيروقراطية الستالينية (بقيادة ستالين نفسه) بخيانة الطبيعة الحقيقية للسياسة الأممية".
حسقيل قوجمان
٢ شباط ٢٠٠٥



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل اسرائيل ديمقراطية؟
- كتاب ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية
- جواب الى الاخ خالد بهلوي
- كتاب ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراسية
- داوود الصائغ ودوره في الحركة الشيوعية العراقية
- كراس ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية - الحلقة الثان ...
- الحياة الثقافية في سجون العراق
- الى الاخوة في اتحاد الجمعيات المندائية
- الطبقة ام الحزب؟
- كتاب ستالين عن المسائل الاقتصادية - الحلقة الاولى*
- حول مجزرة بشتآشان
- المفمهوم الحقيقي للمقام العراقي
- هل الحرب الاهلية محتملة بعد الانتخابات؟
- أسئلة الى عبدالله ابو عوف
- جواب على رسالة
- اجتماع المبادرة
- حرية المرأة
- التاريخ الحقيقي لانهيار الاتحاد السوفييتي
- كلمة شكر
- من اين والى اين تسير الصين؟


المزيد.....




- فرنسا.. اليمين المتطرف يتقدم في استطلاع قبيل الانتخابات
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: الكهرباء أزمة مستفحلة. ...
- ماكرون يدعو للتصويت ضد اليمين واليسار المتطرفين ويستبعد الاس ...
- الانتخابات التشريعية الفرنسية: ماكرون يهاجم أقصى اليمين والي ...
- مدفع الفقراء.. قصة سلاح الهاون الذي تستخدمه المقاومة الفلسطي ...
- ماكرون يدعو للتصويت ضد اليمين واليسار المتطرفين ويستبعد الاس ...
- ماكرون يدعو للتصويت ضد التطرف اليميني واليساري في الانتخابات ...
- فرنسا: اليسار يتعهد بجمع 30 مليار يورو سنويا من ضرائب سيفرضه ...
- الجبهة الديمقراطية تخاطب الأحزاب العالمية وصنّاع الرأي حول ا ...
- السفارة الروسية لدى ألمانيا تدعو برلين إلى حماية النصب التذك ...


المزيد.....

- ليون تروتسكى فى المسألة اليهودية والوطن القومى / سعيد العليمى
- كيف درس لينين هيغل / حميد علي زاده
- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - حول موقف الاتحاد السوفييتي من قرار تقسيم فلسطين