|
على الشعب العربي إستعادة ثرواته
يوسف غنيم
(Abo Ghneim)
الحوار المتمدن-العدد: 3745 - 2012 / 6 / 1 - 22:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مقدرات الأمة العربية هي ملك الأمة ولا يحق تملكها من قبل عائلة مالكة أو أسرة حاكمة أتت على ظهر دبابة إفرنجية غزت الوطن العربي وعينت وكلاء عنها لتشتيت الأمة من خلال تمكين الدول القطرية، وإختراق الحركات التي ناصبت الإمبريالية العداء بعد إنتهاء الإحتلال العثماني للوطن العربي وتقاسم النفوذ عليه بين فرنسا وبريطانيا ضمن إتفاقية سايكس – بيكو. لقد ركّز الإحتلال الغربي على الوطن العربي نظرا للموقع الجيو سياسي الذي يشغله وما يرتبط بذلك من إمكانيات تؤثر على الإقتصاد وحريته بشكل خاص، حيث عملت بريطانيا على بسط هيمنتها على مصر والعراق وشرقي الأردن وفلسطين بينما عملت فرنسا على فرض هيمنتها على سوريا ولبنان والجزائر .......الخ وتم ترك الجزيرة العربية كحلبة صراع بين الشريف حسين وآل سعود بعد أن نكث البريطانيون بإتفاقاتهم مع حسين والقاضية بتعيينه ملكاً على الوطن العربي في حال شارك الأخير في الحرب ضد العثمانيين وجاء ذلك ضمن المراسلات التي تم تبادلها بين الشريف حسين ومكمهون . لم يكن للقوات العربية التي شاركت الحلفاء الحرب على العثمانيين إمكانيات حقيقية لهزيمة العثمانيين وكان دورهم يتمثل بإعطاء الحلفاء المبرر لغزو الأقطار العربية دون أي مقاومة على قاعدة التحالف ضد عدو مشترك، كانت قوى الإستعمار مدركة جيدا لتأثير هذا التحالف على مجرى الأحداث فلم يعد بإمكان العثمانيين إعلان الجهاد المقدس ضد الغرب بالوقت الذي يتحالف به شريف مكة مع القوى الغربية، ولم تعد الجبهة الداخلية تحت سيطرة العثمانيين فقد تم ضرب خط الحجاز وبدأت الجماهير العربية بالتحرك ضد الإضطهاد الذي طال كل شيء خدمة للباب العالي ومشاريعه وتحالفاته العسكرية والإقتصادية مع الغرب وخاصة المانيا. لم يستوعب شريف مكة -الذي حصل على هذا اللقب من السلطات العثمانية- تجارب التاريخ، فقد تحالف مع البريطانيون الذين ساهموا بالعدوان المسلح في تدمير تجربة محمد علي التي كانت المحاولة الأولى للتحديث متأثرة بتجربة أوروبا الغربية، حيث سعت إلى إعادة ترتيب أوضاع المنطقة من خلال توحيد الأقطارالعربية والإنفصال عن الدولة العثمانية التي فقدت أي مبرر لوجودها في العالم العربي حيث عملت السلطة العثمانية على :- • إستنزاف الإمكانيات والموارد الطبيعية في الوطن العربي وخاصة عن طريق النهب الضريبي. • إتباع نظام السخرة في الأعمال المرتبطة بالنشاطات العسكرية. • تجنيد الشباب العربي من خلال تطويع مفهوم الجهاد للحروب التي خاضوها على أكثر من جبهة ومع ذلك كان العرب يدركون زيف إستخدام الجهاد ولذا لجأوا للتهرب أو الفرار من الجندية العثمانية. • منع أي تطور صناعي في الوطن العربي من خلال تدمير الصناعات الحرفية وجذب الحرفيين المهرة من الأقطار العربية للعمل في اسطنبول، بذلك تركزت الصناعات في الأراضي التركية، وهذا ما يمكننا تسميته في الوقت الراهن سرقة فائض العمل وإستثمارة في بناء الدولة العثمانية. لم يع الشريف حسين دروس التاريخ وساهم بتفتيت الوطن العربي من خلال تمزيق النسيج الإجتماعي والتحالف مع " أعداء الأمة " في سلوك ميكافيلي لتحقيق أهداف سياسية ما كان لها أن تتحقق في ظل المعادلات الدولية والوضع الإقليمي. فقد قبل الشريف حسين التنسيق مع بريطانيا التي أصدرت وعد بلفور القاضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. والسؤال هنا هل يمكن الزعم بأنه لم ينتبه إلى أن هذا الوعد كفيل بالحيلولة دون إقامة دولة عربية موحدة. فصل فلسطين عن الوطن العربي يعني فصل الأراضي العربية بآسيا عن الأراضي العربية بإفريقيا، ومن ثم فرض نظام كولونيالي في فلسطين يهيمن على المنطقة من خلال التحالفات التي بدأت بين الحركة الصهيونية والحكومة البريطانية قبل إقامة الكيان الصهيوني بعشرات السنين. لقد تجاهل الشريف حسين عِبر التاريخ عندما تحالف مع أعداء الوطن في تجاهل متعمد للأهداف التي وضعتها القوى الإمبريالية والتي تم فضحها من قبل الثورة البلشفية التي نشرت كل الوثائق الدبلوماسية التي حصلت عليها بعد إسقاط حكم القيصر. والطريف أن الحكومة البريطانية آنذاك قالت للعرب أن هذه أكاذيب "الشيوعي لينين". لقد كان تحالف الشريف حسين في الخفاء بينما الإجراءات والتعاقدات بين الدول الإمبريالية بالعلن. ارتبط قشله بفهم الغرب بطموحاته الشخصية التي عمل على تحقيقها على حساب الأمة، سقط الشريف حسين وطرد من الحجاز على أيدي آل سعود الذين إستطاعوا عقد تحالف مع الإسلام الوهابي والإستعمار البريطاني محولين جزيرة العرب إلى مزرعة خاصة لعائلة سعود تعمل على تسخير طاقاتها وإمكانياتها لخدمة دورهم الوظيفي بالمنطقة المتمثل بتعزيز النظام القطري و وأد أية محاولة لتحقيق دولة الوحدة العربية مستندين بذلك إلى الفكر الوهابي الذي ناصب القومية العربية العداء وأعطى الفتاوى "لأولي الأمر" بجواز هتك حرمات الوطن العربي حفاظا على مصالح " الأمة الإسلامية –المفترضة "من خلال التوسيع المضطرد لساحات الكعبة وقيام خادم الحرمين بالإنفاق على ذلك من خزائن الأمة التي حولها إلى ودائع خاصة به وبأسرة آل سعود التي أتخمت أرض الجزيرة العربية بالقصور والترسانة العسكرية لحمايتها والذود عن حماها من أي متطفل عربي يفكر بالعمل على إستعادة مقدرات الأمة وتوظيفها في خدمة أهداف وتطلعات الشعب العربي من المحيط إلى الخليج. لماذا أستعيد التاريخ بهذا الشكل الإنتقائي؟ ربما كان السؤال الأدق أليست هذه المحطات المهينة هي جزء من تاريخنا العربي؟ هنالك العديد من الأسباب التي تدفعني لذلك وأهمها على الإطلاق بأن التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى وندفع ثمن الأخطاء التي يرتكبها من استولى على مقدرات وقرارات الأمة العربية. كيف لنا تفسير تحالف" ثوار الناتو" مع الغرب ضد نظام العقيد القذافي هل نسي هؤلاء الدمار الذي زرعه الإحتلال الإيطالي في ليبيا؟ هل عجزوا عن إلتقاط كلمات عمر المختار الرافضة لأي مساومة على الوطن؟ هل يعتقدون بأن من ساهم ودعم وإستفاد من شطحات القذافي، ومن ضمنها فتح ساحات نيويورك لأبله وخيامه سيحقق لهم دولة الرفاة والعدالة الإجتماعية؟ وهل يعتقد مقاتلو القاعدة وغليون والمجلس الإنتقالي وأعضاء مؤتمر أصدقاء سوريا بأن تركيا التي ما تزال تحتل لواء الإسكندرونة وأمريكا التي دعمت الإحتلال الصيوني خلال حرب ال73 بجسر جوي من الأسلحة والمعدات لوقف تحرير الجولان وما زالت تدعم الإحتلال الصهيوني على إعتبار أن أمن أسرائيل ضمن الأمن القومي الأمريكي والذي لا يمكن مناقشته أو المساومة عليه ستعمل على حريتهم وتحقيق كرامتهم؟ وهل يعتقد الإخوان المسلمين أن الإبقاءعلى معاهدة كامب ديفيد والتحالف مع أمريكا سيخرج مصر من حالة الغليان السياسي والإجتماعي الإقتصادي؟ هل تناسوا أن أمريكا التي كانت الداعم الرئيسي لمبارك الذي إستطاع ضمن علاقاته مع السعودية تطويع العالم العربي وفق المنظورالأمريكي الإسرائيلي تقف الآن إلى جانب إستلام الإخوان المسلمين للسلطة بمصر كما باركت إستلام الإسلاميين للسلطة بتونس بعد أن نجح إختبار النموذج الإخواني بقطاع غزة . لقد أصرّت أمريكا على إجراء إنتخابات المجلس التشريعي بأراضي السلطة الفلسطينية على الرغم من إدراكها بأن حماس ستفوز نظراً للمأزق السياسي الذي مرت به السلطة الفلسطينية بقيادة فتح وتراجع شعبيتها في ظل تبني حماس للكفاح المسلح وما رافق ذلك من تضخم التأييد الشعبي لها، تم تحويل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة إلى حقل تجارب لسلوك الإخوان المسلمين من حيث التمسك بالسلطة والإستعداد لدفع فاتورة ذلك. وبعد فحص النتائج تبين للأمريكان التالي :- • الدين السياسي يبحث عن تحقيق ذاته الطبقية من خلال الوصول للسلطة. • يمكن إخضاع النص الديني لأي تفسير يحقق مصالح من يعمل على تأويله، مثلا يمكن أن يتحول إطلاق الصواريخ من مشروع جهادي إلى عمل يمس المصالح العليا للشعب والأمة، والخروج من سوريا يكون حرصا على الشعب العربي السوري ورفضا لدكتاتورية النظام. • الدين الإجتماعي مناخ مناسب لتجييش الشعب وراء أي شعار يخرج به فقهاء السلاطين وأمراء الحرب. نجاح التجربة بغزة دفع بالأمريكان لرفع الغطاء عن مبارك وعن زين العابدين وعن عبدالله صالح فالمعارضة المنظمة في هذه الدول معارضة إخوانية ستحصد أكبر كم من المقاعد في أول إنتخابات حرة تعقد في هذه الدول وبعد وصولهم للسلطة سيكون للشعار دلالات غير تلك التي كانت سائدة أثناء وجودهم بالمعارضة. وصول الإخوان إلى السلطة بالأراضي المحتلة أدى إلى:- • خروج حماس من دائرة المقاومة الفاعلة والفعلية إلى دائرة الشعار عبر التصريحات النارية التي يطلقها قادتها بكل مناسبة. • تبديد الخيار الكفاحي في التعامل مع الإحتلال والحرص على بقاء سلطتهم في غزة من خلال مجموعة الهدن التي قامت حماس بإبرامها عبر وسيط مع إسرائيل خلال السنوات الستة الماضية والتي تم خرقها من قبل الإحتلال من خلال سياسىة الإغتيالات المفتوحة التي لم تتوقف ليوم واحد. • تعزيز علاقات الإخوان المسلمين مع دول الخليج وخاصة قطرحتى وصل الأمر إلى قيام فرع الإخوان المسلمين في قطر بحل نفسه إرضاءا لأمير البلاد بفتوى من شيخهم الكبير القرضاوي. • أدى خروج حماس من دائرة الكفاح المسلح الفعلي إلى ترسيخ القناعة لدى الأمريكان والإسرائيليين بأن الإخوان المسلمين في باقي المنطقة العربية لن يلجأوا إلى السلاح في التصدي لحل قضايا المنطقة. بعد كل هذا التقديم هل كان هنالك أي داعٍ لطرح الإستفسار الذي ما زال برسم الإجابة؟ هل هضمنا دروس التاريخ؟ هل يمكن للشعوب التحالف مع جلاديها وداعمي مضطهديها لأكثر من مئة عام. من الواضح أننا لا نلتفت للمأثور الشعبي "يا طالب الدبس من ......النمس كفاك الله شر العسل". ما زلنا نعقد الرايات في مدن الإستعمار القديم الحديث ونتحالف مع الشيطان ضد الوطن تحت ذريعة قمعية النظام، دون الإفادة من التجربة العراقية وما رافقها من تدمير وتهجير وتنكيل بالشعب العراقي بشكل فاق كل دكتاتورية وقمعية نظام صدام حسين. الحلقة الأولى، يتبع....
#يوسف_غنيم (هاشتاغ)
Abo_Ghneim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البحرين
-
نحو تحديد مفاهيم الواقع
-
يا مصر قومي وشدي الحيل
-
ما أجملك
-
لا وطن ولا عقيدة ولا مبدأ للرأسمالية سوى جني الأرباح
-
يا أحمد الجبهاوي
-
رسالة إلى بلال وثائر
-
كلمات الأسرى الأخيرة
-
التفجيرات الأخيرة بسوريا _لعبة الموت
-
ما بين الحب والعشق
-
هل يكفي أني أحبك
-
الأسلاميون وجماع الوداع
-
سوريا الوطن النظام
-
الواقع العربي و متطلبات التغيير
-
أين يتجه العالم العربي في ظل قيادة قطر
-
عندما تضحكين
-
عندما يتحول الحب إلى كلمات
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|