|
التيار اليسارى والقومى فى مصر وثورة 25 يناير
إسلام أحمد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 3744 - 2012 / 5 / 31 - 00:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المقدمة:- حملت السنوات الثلاثون الأخيرة، من تحولات إقتصادية و سياسية وإجتماعية، وجاء فى خضام تلك التحولات على المستوى الإقليمى بالذات ظهور احتجاجات بشكل موسع وكبير ضد النظم الحاكمة فى الإقليم العربى، وبدأت الإحتجاجات بتونس حيث سعى شعبها للتخلص من النظام الحاكم بها، ونتيجة تلك الإحتجاجات وعدم سعى النظام الحاكم آن ذاك لبلوغ تطلعات المطالبات التونسية. ومن يرى الأحوال المصرية يجدها مشابهة ومن ثم كانت ممهدة لطرق الثورة، بدأت بعض الإحتجاجات الشبابية والتى قوبلت بهجوم أمنى من السلطة الحاكمة مما أدى إلى تحفيز فئات كبيرة من الشعب والتى أدت إلى مظاهرات ضخمة تعم كافة المحافظات حتى تنحى رأس النظام عن السلطة. ومن ثم تأتى تلك الإحتجاجات كنتيجة متوقعة لما حدث من تحولات إقليمية وثبات فى سياسات النظام الحاكم فى مصر دونما حتى محاولة لإمتصاص غضب الشارع، ودفع النظام ثمن صمته بسقوطه.
وبعد نجاح الإحتجاجات وقيام الثورة فى مصر، جاء ذلك النجاح على أرضية سياسية وإقتصادية و إجتماعية غير ممهدة لها بالمرة ففى الحالة السياسية كان هناك ركود حزبى تام، حيث سيطرت حزب واحد على السلطة ومقاليد الحكم وأحزاب سياسية سمية بالأحزاب "الكرتونية" وذلك لعدم وجود ثقل سياسى وقاعدة شعبية على مستوى الجماهيرى، ومن ثم كانت هناك ديمقراطية هشة أو بمعنى آخر لم يكن النظام الحاكم سوى نظام سلطوى لم يترك مجالا لتداول السلطة بل إحتكرها ومن ثم كانت الحياة السياسية مزرية ومهملة للغاية حتى وصلت تلك الحالة للمواطن المصرى ذاته. ولكن بعد قيام الثورة والشعور بالتخلص من القبضة الأمنية للنظام، حدث نوع من السيولة الفكرية والسياسية والتى أفرزت العديد من الأحزاب السياسية والتيارات، ومن خلال هذه السيولة ونتيجة لها تصاعد الصراع الفكرى والسياسى داخل مصر بين مختلف التيارات الفكرية والقوى السياسية حول المستقبل المصرى والنهج الذي يجب أن تسير عليه للوصول إلى نقطة بداية صحيحة، وكان للقوى اليسارية والقومية نصيبا من هذا الصراع الفكرى والسياسى فى مواجهة إطروحات القوى الأخرى الليبرالية والإسلامية. والجدير بالذكر أن تلك القوى اليسارية والقومية على الرغم من دورها الفكرى والسياسى والتاريخى الذي لعبته طوال نشأتها وفى مختلف النظم الحاكمة التى مرت بها مصر، لم تلجأ إلى ذلك بعد ثورة يناير المصرية بل تم الدخول فى مواجهات بين تيارات فكرية مختلفة، وكانت فى تلك المواجهات والآراء تطرح رؤيتها للعديد من القضايا والتى هى من الأهمية بمكان أن تشغل بال العديد من المفكرين السياسيين والمثقفين وكذلك المواطنين أصحاب المصلحة الأساسية وذلك ما سيوضحه الباحث فى الدراسة. و من يبحث فى أمور تلك القوى جيدا وبالذات التيار القومى فى مصر يجد أن الأدبيات التى تخص الموضوع محل الدراسة لم تكن بالغزارة المنتظرة بالنسبة لأهمية الموضوع خلال السنوات الماضية، ويعكس ذلك دون ريب تراجع فى الإهتمام الثقافى بهذه القضية. ولذا ومن هذا المنطلق سيتم عرض سرد تاريخى لتلك القومى على الصعيدين الفكرى والسياسى من حيث الممارسة، وما هى الأطروحات الجديدة التى حاولت تلك القوى والتيارات طرحها وطبيعتها وكيفة وصولها لأذهان المتلقيين من مفكرين وجماهير مصرية. أهمية الدراسة :- من الأهمية بمكان دراسة القوى اليسارية و القومية فى مصر ، ففى ظل قيام ثورة 25 يناير والتى نادت بالحرية والتى سمحت بظهور هذان التياران - وبالذات التيار اليسارى – واللذان كانا يتمتعان بشأن كبير بعد ثورة 23 يوليو عام1952م ولكن غاب هذا الشأن وغاب دوره السياسى على الساحة بشكل ملحوظ و أصبح غير مأثر وغير مرغوب في وجوده فى السلطة فى العقدين الأخيرين . ولذلك تأتى الدراسة لمعرفة لمعرفة ما إذا كان هذان التياران الهامين فى مصر – من وجهة نظر الباحث – قد إستعادا قدرتهم السياسية على التواجد على الساحة أم لا ولماذا ، وماهو مستقبلهما خصوصا بعد قيام ثورة يناير وظهور قوى كثيرة قد تستمر وقد لا تستمر. ومن هنا تأتى أهمية الدراسة فى البحث عن ماهية كلا من التيارين اليسارى والقومى فى مصر الآن وهل لديهما مقومات الإستمرارية على الساحة السياسية وعلى مستوى الشارع المصرى . المشكلة البحثية :- من خلال ما تم تقديمه من مقدمة وأهمية للدراسة نجد أن المشكلة البحثية تدور حول معرفة ما هو موقف التيارين اليسارى والقومى فى مصر حول ثورة 25 يناير وشكل الدور الذي لعبوه على الساحة السياسية قبل الثورة وكذلك ماهيتهم بعد الثورة ومذى تأثيرهم فى الساحة السياسية فى ظل الحراك والسجال السياسى الحادث فى الساحة المصرية . كل هذا يمكن تفصيله من خلال الأسئلة البحثية والتى ستأتى مفصلة للمشكلة البحثية . السؤال الرئيسى :- يدور السؤال البحثى الرئيسى حول معرفة ما هو شكل ودور التيارين اليسارى و القومى فى مصر بعد ثورة 25 يناير ومدى التغير الحادث فى فكر كلا منهما فى ضوء المغيرا الحادثة على الساحة السياسية المصرية ؟ الأسئلة الفرعية : فى ضوء ما جاء من تساؤلات بمضمون السؤال الرئيس تأتى الأسئلة الفرعية أكثر تفصيلا وتوضيحا لما تريد الدراسة أن تبحث فيه ، وذلك فى النقاط التالية : كيف نشأ التياران اليسارى والقومى في مصر ؟ كيف تطور الفكر القومى واليسارى من نشأته وحتى ثورة يناير ؟ ما هى خريطة القوى اليسارية والقومية قبل ثورة 25 يناير ؟ ما هو مدى تأثير تلك القوى فى الساحة السياسية قبل الثورة ؟ هل إختلف فكر تلك التيارات بعد ثورة يناير عن ذي قبل ؟ ماهى القوى الجديدة فى هذين التيارين التى ظهرت بعد الثورة ؟ ما هى خريطة القوى اليسارية و القومية بعد الثورة ؟ ما هو مدى تأثير تلك القوى فى الساحة السياسية بعد الثورة ؟ تقسيم الدراسة:- وقد تم تقسيم الدراسة على أساس زمنى لجزئين الباب الأول: التيار اليسارى والقومى قبل ثورة 25 يناير - الفصل الأول : نشأة الفكر اليسارى والقومى فى مصر. - الفصل الثانى : اليسارية والقومية فى مصر من 1970م حتى نهاية عهد مبارك بين الأطروحات و المأسسة . - الفصل الثالث : التيارين اليسارى والقومى وانتخابات ( 2005 – 2010 ) النتائج والدلالات. الباب الثانى: التيار اليسارى والقومى بعد ثورة 25 يناير. - الفصل الأول : ثورة يناير بين مواقف الأحزاب القيدمة وإفرازات حزبية جديدة. - الفصل الثانى : انتخابات ما بعد ثورة يناير 2011م : نتائج ودلالات. - الفصل الثالث : مستقبل اليسار والقومية : الفرص والتحديات. الباب الأول التيار اليسارى والقومى قبل ثورة 25 يناير
الفصل الأول نشأة الفكر اليسارى والقومى فى مصر
أولا : نشأة التيار الإشتراكى فى مصر .
كانت الكتابات الإشتراكية هى أول ما بدأت به الحركة اليسارية فى مصر وكان ذلك فى نهاية القرن التاسع عشر ، وامتدت تلك الحركة الى بداية القرن العشرين متمثلة فى هيئة فكرية وثقافية فى الصحف المصرية كتبها مفكرين وكتاب تأثروا بالأفكار الإشتراكية خلال تواجدهم فى البلدان الغربية لتلقى العلم أو من خلال إحتكاكهم بالجاليات الأجنبية التى كانت تعيش فى مصر، ولكن الحركة الشيوعية لم تظهر ككيان وتنظيم حزبى الا بعد 1920 م .
وترجع الإرهاصات الأولى للعمل الإشتراكى فى مصر الى نهاية الحرب العالمية الأولى، عندما بدأت بعض العناصر الأجنبية بالإسكندرية تنظيم الجماعات الماركسية الأولى، فقد قام بعض العمال الأجانب بتنظيم حلقات لدراسة الإشتراكية وكانت مقصورة على الأجانب وحدهم، ثم فكر هؤلاء فى تأسيس حزب إشتراكى عام 1921م ، ثم شكلت جماعة من الشباب المثقف حلقة تسعى لتأليف ( جمعية اشتراكية ) لدراسة مذاهب الإشتراكية المتعددة حتى يهتدون عن طريقها الى صياغة برنامج ملائم للنهضة المصرية وجاء ذلك بسبب أصداء ثورة أكتوبر 1917 الروسية وانكباب بعض الشباب المصريين على التعرف على الفكر الإشتراكى وخاصة من درسوا فى الجامعات الأوروبية .
وبتنسيق الجهود بين الشباب والحلقة الإشتراكية بالإسكندرية تم الإتفاق بإقامة " الحزب الإشتراكى المصرى " وقام بنشر برنامجه والذي غلب عليه الصبغة الإصلاحية و أكد ضمنيا على عدم أخذه بفكرة الصراع الطبقى ، ولكن أتى ذلك الإعلان الى رد فعل عنيف من القوى الرجعية فى مصر . وبعد الكثير من محاولات القمع من البوليس - آن ذاك - أعلن قيام أول حزب شيوعى مصري فى يناير 1923م ، ولكن نتيجة التعاون مع النقابات العمالية وتنظيم سلسلة من الإضطرابات و الإعتصامات العمالية قامت السلطات بإعتقال قيادات الحزب وأعضاؤه .
وكذلك يمكننا القول بأن ظهور أول حزب شيوعى عام 1923م لم يكن فقط فى مصر بل القارة الإفريقية بأكملها، وهناك بعض الكتاب يرجعون بداية هذا النشاط الى مراحل سابقة بظهور مثقفين إشتراكيين وتحركات عمالية سعيا منهم لتأصيل فكرة وجود الفكر الإشتراكى فى التربة المصرية منذ زمن طويل، ومن ثم تكون تلك الجهود بمثابة المرحلة الأولى فى تاريخ نشأة الحركة الإشتراكية ( اليسارية ) فى مصر.
المرحلة الثانية ونشاط كبير فى الأربعينات
فى تلك المرحلة ظهرت العديد من الصحف المصرية الإشتراكية و اليسارية مثل " حرية الشعوب " و " الجماهير " وكذلك حركات وأندية يسارية مثل " الحركة لبمصرية للتحرر الوطنى " و " الخبز والحرية " وغيرها من الحركات، ذلك بالإضافة الى النشاط العام وسط الحركة العمالية و الطلابية .
وعند إنتهاء الحرب العالمية الثانية، إنطلق الشيوعيون فى تأسيس اللجان الوطنية للعمال والطلبة التى توحدت فى إطار منظمة ذات نفوذ جماهيرى عارم وهى اللجنة الوطنية للعمال والطلبة عام 1946م والتى أصبحت قيادة حقيقية ووحيدة لحركة وطنية عارمة هزت أركان الحكم و أركان الإستعمار معا . ولم يلبث إلا أن أتى الرد سريعا بقانون جديد ليعاقب بالسجن لكل من يأسس منظمة شيوعية أو الإنضمام اليها.
ولكن إستطاعت الحركة بأن تستعيد أنفاسها وتتخطى تلك الحملة المضادة لجهود تأسيسها وذلك من خلال عناصر نمو خلقت ظروفا موضوعية فرضت نفسها على مسيرة الحركة، فالنمو المتصاعد هذا فرض قضية الوحدة حيث إتحدت المنظمات التى كانت قد إزدادت عددا فى مطلع الأربعينات وحتى عام 1946م. ولكن بدأت الإنقسامات بين القيادات والذين لم يسبطروا على تلك الوحدة وذلك وضح عند تبعثر 80% من عضوية المنظمة وهذا ما أظهر مدى ضعف القيادة .
ولكن بدأت فى ذلك الحين تتشكل حدود عمل شيوعى تنظيمى جديد تكون من بعض القياديين العائدين من بعثات دراسية فى فرنسا والذين كانوا على علاقة بالحزب الشيوعى الفرنسى ومن عدد من الكوادر الذين أرهقتهم الإنقسامية فأعلنوا عن تأسيس الحزب الشيوعى المصرى عام 1949م . وبعد حدوث ثورة يوليو 1952م وإنقسام التيار اليسارى جاءت الوحدة من جديد وتمت بتأسيس الحزب الشيوعى المصري الموحد فى فبراير 1955م ثم جاء إنضمام العمال والفلاحين الى الموكب وتم إعلان الحزب الشيوعى المصرى فى يناير 1958م .
المرحلة الثالثة اللإنقسام السريع
فى مطلع السبعينيات بدأت الموجة الثالثة وتركزت بصفة خاصة فى الجامعات وتشكلت عدة أحزاب منها حزب العمال الشيوعى و الحزب الشيوعى المصرى، ذلك بالإضافة الى تيار سمى نفسه بالتيار الثورى وعدة تنظيمات أخرى. وقد تشكلت تلك الأحزاب الجديدة والتنظيمات من القيادات القديمة والتى بذلك قد إمتد نشاطها من المرحلة الثانية.
وقد برزت نشاطات هذه التنظيمات وتوسعت صفوفها من خلال دخول العناصر الشابة والتى ظهرت بصفة وطنية عامة خلال المظاهرات الطلابية فى الجامعات المصرية التى إندلعت بعفوية فى أعوام ( 68- 72- 73 ). وحاولت هذه التنظيمات مد نشاطها وعضويتها الى صفوف الطبقة العاملة والى الأحياء افقيرة، كما ساهمت فى الإضطرابات العمالية ( 75- 1976 ) وفى حركة الإحتجاج الشعبى عام 1977م .
وعلى الرغم من عمل تلك التنظيمات على طرح قضية الوحدة كما طرحت من قبل الا أن تلك المحاولات باءت بالفشل حيث التشرذم والإنفراط الى مجموعات متفرقة. ولكن ظهرت للحركة الشيوعية صورة أخرى علنية تمثلت فى ظهور حزب التجمع ضمن صيغة بدأها الرئيس السادات عام 1976م مع بدء التعددية الحزبية فى مصر على أنقاض الحزب الواحد ( الإتحاد الإشتراكى العربى ) حين تم إعلان ذلك الحزب بأنه من اليسار فى المجتمع.
وظهر ذلك الحزب ممثلا للحركة الشيوعية والناصرية ، ومن الملاحظ أن وقت ظهور تلك الصيغة ثارت خلافات ومشكلات داخل الحركة بين أحزابها وتنظيماتها إذ رفضت معظم الأحزاب دخول التجربة والإنضمام لحزب التجمع الا حزب واحد المسمى بالحزب الشيوعى المصرى، ولكن بعد ذلك بدأوا بالدخول فى تلك التجربة. وفى عام 1948م دارت فى مصر رحى غنتخابات مجلس الشعب بالقائمة النسبية الأمر الذي اضطر فرق اليسار الى تحقيق قدر من الإئتلاف والتضافر وكان من الطبيعى أن يكون ذلك بدخول حزب التجمع باعتباره الحزب الشرعى اليسارى.
• ظواهر صاحبت تلك المراحل : الظاهرة الأولى : الأطوار وتكرارها بين مرحلة و أخرى
الظاهرة الأولى والأبرز والتى لازمت نشاط الحركة الشيوعية فى مصر وهى ظاهرة الأطوار ( بداية - توسع - موت - نهاية ) والإنقطاع و التصفية الكاملة لتنظيمات الحركة فى كل جيل وبدء النشاط من جديد من نقطة الصفر بعد عدة سنوات مع جيل جديد وتجربة جديدة ولكن دون نسيان بقايا المرحلة السابقة. ولقد حدث انقطاع فى موجات هذا النشاط بين نشاطى جيل النشأة الحركية العلنية فى العشرينات وجيل الحركة السرية فى الأربعينات، وكذا بين جيل الأربعينات الذى واصل حتى منتصف الستينات، وبين جيل السبعينيات الذي ما تزال كوادره على الساحة السياسية الآن، بعد أن ضعفت، وبعدها تلاشت كل التنظيمات التى تشكلت فى مطلع نشاط هذا الجيل.
وجاءت الموجة الأولى مع نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى مطلع العشرينيات، حيث كانت موجة النشاط الحركية والتنظيمية الأولى وصلت الى ذروتها بإعلان حزبين أحدهما فى القاهرة والآخر فى الأسكندرية، وذلك يعنى أن النشاط الشيوعى وصل الى درجة المأسسة وحصل على العلنية، وبعد إلتفاف العمال والنقابات المهنية حولها جاءت حملة التصفية لتنجح فى تصفية النشاط الشيوعى فى مصرو تبدأ محنة 1924م . ومع نهاية الثلاثينيات كانت الموجة الثانية والتى تواصلت حتى منتصف الستينيات بزخم تنظيمى وإعلامى وجماهيرى وسياسى كبير حيث تشكلت العديد من المنظمات وصدرت العديد من الصحف والنشرات، وتم تأسيس الحركة من جديد وسيطرت على النقابات وحدثت عملية توحد كبيرة وصلت الى ذروتها عام 1946م، ولكن انتهت تلك المرحلة بحل الشيوعيين حزبهم عام 1965م وقرروا الإنضمام الى الإتحاد الإشتراكى (التنظيم السياسى الرسمى) . وجاءت هزيمة 1967م لتأتى بالموجة الثالثة وتحمل فى ثناياها عناصر مشاركة فى قيادة الحركة الطلابية لتلعب دورا محوريا فى تأسيس الحركة وذلك خلال المرحلة بين عامى 68و73 وكذلك فى أحداث يناير 1977م. لكن تلك التنظيمات انتهى وجودها التنظيمى وتقسمت عناصرها الى مجموعات صغيرة وأفراد مثلما حدث فى سابقتيها .
ونلاحظ هنا أنه على الرغم من الحراك الشيوعى الدولى بداية من نشأة الإتحاد السوفيتى ونهايته والحرب بين الرأسمالية والإشتراكية والحرب الفيتنامية والحروب العربية الإسرائيلية، وكذلك الأوضاع الداخلية فى مصرإلا أن الحركة الشيوعية فى مصر لم تتغير. فدائما ما تقع فريسة للتصفية والإنقسام من قبل النخب الحاكمة والقوى البرجوازية فى مصر، كما أنها فريسة لبعض ممارستها الخاطئة فى كل المراحل ولكل القيادات فى كل الأجيال .
الظاهرة الثانية : عدم القدرة على بناء حزب
فى كل تلك المراحل التى مرت بها الحركة الشيوعية فى مصر طوال تاريخها لم تتمكن الحركة من بناء تنظيم موحد كبير قابل للحياة والإستمرار لتظل فى معاناة دائمة مع ظاهرة التشرذم الإنقسام الدائم. فكما كانت الموجة الأولى ظلت الثانية وكذلك الثالثة دون قدرة على بناء تنظيم موحد، كما لم تظهر قيادة تاريخية قادرة على جمع شتات التنظيمات، ورغم المحاولات العديدة للوحدة عبر التاريخ فقد فشلت فى جميعها وحين نجاحها تذهب قوتها هباءا.
فقد بدأت الحركة الأولى بداية مندفعة واجتمعت قياداتها لتشكيل الحزب السياسى العلنى ولكن سرعان ما تفكك وكان ذلك بسبب وجد تيارات متعارضة داخل الحزب من حيث الفكر مما أجج الإنقسام الداخلى. أما الحركة الثانية فظلت موزعة بين عدة تنظيمات ومسميات دون قدرة على بناء حزب واحد أو حزب كبير وكانت هناك محاولات وحدة وانتهت بعمل حزب انتهى أمره بالحل والدخول فى الكيان اليسارى الرسمى ( الإتحاد الإشتراكى ). أما الحركة الثالثة فقد أشعلها الحركات الطلابية وشكلت منظمات جماهيرية عديدة وقادت مظاهرات حاشدة فى العديد من الأحداث ولكنها ولدت مفككة ومن ثم إنتهت منقسمة ومتشرذمة كما حدث لها فى سابقتيها.
الظاهرة الثالثة : أحزاب ومنظمات شيوعية من المثقفين
فشلت الحركة فى جذب العمال لعضويتها بشكل مؤثر وكانت تلك الظاهرة الأبرز فى عضوية تنظيمات الحركة فى جميع مراحل تاريخها. حيث شكلت الحركة أساسا من جماعات من المثقفين أو الطلاب حتى أن كثيرا من المتابعين لتاريخ الحركة يرون أن العمال الذين انتموا اليها باتو أقرب الى " مثقفين " فقدوا إنتماءهم الطبقى والإجتماعى أو لنقل أنهم باتو بدورهم حاملين لأمراض المثقفين فى الحد الأدنى .
ثانيا : نشأة التيار القومى فى مصر .
يقصد بالتيار القومى فى الفكر السياسى المصرى ذلك التيار الذي يتبنى وجهة النظر التى ترى أن الشعب المصرى جزء من الأمة العربية وأن حدود الهوية السياسية للمصريين تتعدى الهوية الوطنية ( القطرية ) إلى باقى المنطقة العربية. ويعنى هذا التحديد أن التيار اوطنى المصرى يخرج من نطاق هذا البحث، وكذلك التيارات الأخرى الإسلامية والمتوسطية وغيرها. وتنصرف سمة المصرى هنا إلى رؤى المفكرين المصريين، بينما تعنى سمة الحداثة الفترة الممتدة منذ أواخر القرن الثامن عشر وحتى الآن مع التركيز بصورة أكبر على الفترة الممتدة منذ إلغاء الخلافة الإسلامية عام 1924م بإعتبار ذلك التاريخ حدا فاصلا بين مرحلة انضواء البلدان العربية ومنها مصر تحت لواء الإسلام منذ الفتح العربى ومرحلة سعى كل بلد عربى لتحديد هويته المستقلة، وقد سبق هذا الإلغاء بعامين إعلان إستقلال مصر 1922م وسبقه بعشر سنوات إعلان الحماية البريطانية على مصر، أى إنهاء تبعيتها الإسمية للدولة العثمانية والتى كانت قد وهنت منذ تأسيس الدولة المصرية الحديثة على يد محمد على عام 1805م، بينما تشير سمة المعاصرة إلى الفترة الممتدة منذ نهاية 1952م وحتى نهاية القرن العشرين ولا سيما الفترة الممتدة منذ سبعينيات القرن العشرين.
لم توجد فى المنطقة العربية مدرسة للفكر السياسى العربى حتى إنبثقت القومية كقوة أيديولوجية فى نهاية القرن التاسع عشر، وقبل ذلك، سعى كل مفكر مسلم إلى تفسير الأوضاع الإجتماعية والسياسية المتغيرة من منطلق المفاهيم الإسلامية عن الحكومة والسلطة، ولم يخبر العرب المسلمين يقظة قومية حقيقية حتى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وربما يرجع السبب فى ذلك فى ظهور القومية العلمانية التركية والتى قضت على الأسس السياسية للعالم الإسلامى. ومن الأهمية بمكان ملاحظة أن مصر قد تطورت بالأساس كدولة قومية، ولم تسر فى طريق القومية العربية حتى وقت متأخر نسبيا، وتمت تيارات جديدة من الفكر تركزعلى الوطنية المصرية.
وهناك بعض الكتاب والمؤرخين يعتبرون الطهطاوى إمام المؤمنين والقائلين بالقومية المصرية وقد قسموا تطور فكر الطهطاوى الى مرحلتين، ففى المرحلة الأولى، لم تكن النتائج النهائية لمشروع محمد على السياسى وعلاقته بالدولة العثمانية قد اتضحت، وكانت الأفكار الأوروبية حول الوطن والقمومية والإمتداد التاريخى الفرعونى لمصر قد وجدت طريقها الى فكر الطهطاوى. أما المرحلة الثانية، فقد ترافقت مع انهيار مشروع محمد على وانكفائه إلى مصر، وهذا بدأ يتبلور فى ذهن الطهطاوى تحديد الوطن بالمفهوم السياسى القومى على غرار المفكرين الأوروبيين فى عصره، حيث دخلت عوامل أخرى فى تحديد مفهوم الوطن والمواطنة مثل : روابط اللغة والأرض والعادات والحقوق والواجبات المشتركة فضلا عن الرابط الدينى. وبناءا على ما تقدم يمكن اعتبار الطهطاوى أول كاتب حلل فكرة الأمة المصرية بمفهومها الحديث.
وفى عام 1933م، نلمح أول معركة حول العروبة، بمفهومها الحديث، بين كبار المثقفين المصريين، وقد ثارت تلك المعركة عندما أشار د.طه حسين فى إحدى مقالاته الى العرب بإعتبارهم غزاة مصر الأجانب وقد دافع أمامه عددمن المثقفين والكتاب عن عروبة مصر وكان أبرزهم عبد الرحمن عزام. وقد بدأت الملامح الأيدلوجية للقومية العربية فى الظهور بعد عام 1916م، وتمثلت الفكرة الأساسية للحركة القومية فى أن العرب يكونون قومية واحدة وكيانا سياسيا ويشتركون فى ثقافة ولغة بدأت واستمرت فى منطقة تمتد من المحيط الأطلنطى إلى المحيط الهندى، واعتبر الإسلام بدوره عربى السمات وجزءا لا يمكن فصله عن الهوية القومية العربية. ومهما يكن، فإن المضمون القومى للبعد العربى لمصر، لم يتبلور بشكله الحالى إلا على يد " جمال عبد الناصر "، الذي استبدل بوحدة " وادى النيل " اتجاها عروبيا شاملا جعله صاحب النداءات القوية على طريق الفكر القومى، منذ منتصف خمسينات القرن الماضي. "ولعل ذلك قد فتح شهية الشوام تجاه فكر عبد الناصر، وجعل منهم سنده الشعبى فى حركته القومية رغم مراحل الإقتراب منه أو الإبتعاد عنه".
- سمات التيار القومى العربى فى مصر:
"يمكن القول إن مصر لم تشهد مفكرا قوميا عربيا من طراز فريد كما شهدت كل من سورية ولبنان، ولا يعتبر عبد الناصر بالطبع مفكرا بل زعيم قومى بارز". وقد اتسم التيار الناصرى – على المستوى الفكرى – بسمات الفكر القومى العربى بصفة عامة والذي اتسم بالمثالية المفرطة والتوفيقية وبعدم الحسم.
فمن حيث المثالية: اتسم الفكر الناصرى، كما الفكر القومى العربى، بمثاليات بعيدة عن أرض الواقع من قبيل حتمية تحقيق الوحدة العربية، وأن أغلبية العرب يؤيدون الوحدة الشاملة و أن فوائد الوحدة العربية مؤكدة الأمر الذي يضمن استمرارها حال حدوثها. وهى أمور أثبت الواقع استحالة الإقتناع بصحتها، فقد فشلت الوحدة المصرية السورية لأسباب تتعلق بالتيار القومى وليس بدوافع خارجية، كما أن فشل محادثات الوحدة الثلاثية التى جرت فى ربيع 1963م بين الزعامات القومية فى مصر وسوريا والعراق تثبت أن الواقع ليس كما تصوره عبد الناصر ورفاقه. ومن حيث التوفيقية: اتسم الفكر القومى العربى بصفة عامة بالسعى إلى التوفيق بين المتناقضات من قبيل العلاقة مع الإسلام والموقف من الأقليات وقوى الوحدة العربية وأسلوب تحقيق هذه الوحدة وغير ذلك من القضايا التى أثارها. ومن حيث عدم الحسم: تبنى التيار القومى العربى مواقف غير حاسمة فى قضايا تستحق الحسم والوضوح، وقد كان هذا الغموض متعمدا فى معظم الأحيان، ومن أمثلة ذلك التردد فى تبنى محتوى ما للقومية العربيةوهل يكون اشتراكيا أم اسلاميا أم سوفيتيا متعصبا؟
- تيارات جديدة ناقدة للفكر القومى: ولكن أتت تيارات جديدة تتصدى لتلك الأفكار وجاءت لتنقد ما سمته الفكر القومى التقليدى ودعت إلى تأسيس فكر قومى جديد. وقبل أن نمضى فى الحديث عن هذه التيارات ونقدها نود أن نذكر أن الفكر القومى الذي يوصف بالتقليدى " لا يرفض فى يوم من الأيام دعوة التجديد، بل بين أهميتها وشأنها. إنه يؤكد دونما لبس أن لا استمرارية دون تجديد ولا تجديد لا ينبع من روح الإستمرارية. ثم إن هذا الفكر القومى أدرك دوما أهمية السير نحو الهدف القومى الكبير على مراحل وخطوات متدرجة، ولم ينكر أهمية خطوة وحدوية جادة تقوم بين قطرين أو أكثر ولم يأخذ يوما من الأيام بمنطق كل شئ أو لاشئ ".
ومن هنا نجد كثير من الإنتقادات التى وجهها بعض المفكرين الجدد إلى ما سموه الفكر القومى التقليدى، ومن الصعب حصر جميع الأفكار الناقدة فضلا عن تحليلها، ولذلك سنأتى بأهم الإنتقادات والرؤى وأعمقها. ونخلص إلى القول أن مصدر كثير من الأفكار الناقدة يعود إلى إنتكاسة الوحدة السورية المصرية ووقوع كارثة الإنفصال. فقد أعقب هذا الحدث تركيز قوى على أخطاء الوحدة استهدف منه بعضهم تكوين قناعة فكرية بأن أخطاء الوحدة نابعة من صميم العقيدة القومية القائمة آن ذاك، وأنه لا يمكن إزالة هذه الأخطاء إلا بالإقلاع عن تلك العقيدة أو تعديلها فى جوهرها.ولكن قد نسى هؤلاء النقاد بأنه كانت هناك عوامل خارجية أى من خارج تلك العقيدة كأحد أهم أسباب فشل تلك الوحدة ومنها تقصير القائمين على الوحدة فى حل مشاكلها، كذلك المؤامرات الخارجية من إسرائيل وغيرها ممن لهم هدف فى إسقاط تلك الوحدة.
والآن يمكننا عرض بعض الأفكار القومية الناقدة للفكر القومى التقليدى:
1. هناك من يقول أن الفكر القومى كان ناقلا للفكر الغربى ولمفاهيم القومية الأوروبية خلال القرن الثامن عشر، ولا سيما الفكر الألمانى ولم يكن هذا الفكر القومى نابعا من صميم حاجات الوجود العربى. ولكن ذلك الفكر الناقد قد ينبئ أحيانا عن جهل حقيقة الفكر الذي ينقده. 2. وهناك شكل آخر من الأفكار الناقدة للفكر القومى التقليدى وقد للاقى إنتشارا لا بأس به، وهو أنه يصف الفكر القومى التقليدى أو ما يسميه " الفكر الشامى "، بأنه صاحب الدعوة القومية للوحدة الفورية القائمة على القومية والإنتهاء القومى الوحدوى، ويرى من ثم أنه رومانسي وغير واقعى ، ومن كثرة تكرار ذلك الفكر قد أصبح بديهيا عند بعض الناس بأن مسألة الرومانسية القومية مسألة بديهية مسلم بها. 3. ومن الأفكار الناقدة والتى نجد لها صدا أيضا عند البعض هو القول بأن الخطاب الوحدوى التقليدى كان " يتغنى بالوحدة" وإن أدبياته " أدبيات رومانسية " تساهم فى إغناء الوجود العربى، وتوسع دائرة الحلم العربى لكنها لا تصنع تاريخ، وأن مفاهيمه ذات نزعة ميتافيزيقية.
وقد نجد فى تلك الإنتقادات بعض الغموض فى الأفكار والمفاهيم و من الملحوظ أيضا أن تلك التيارات الناقدة للفكر القومى التقليدى لم تضع لها حلول تعيد إحيائها من جديد وتدعو الى عدم فقدان تجددها وإستمراريتها على الأقل، من وجهة نظرهم . ولعلنا نستخلص من هذا التحليل أن الفكر الناقد للفكر القومى التقليدى لا يباين الفكر التقليدى نفسه ، وكثير مما اعتبره هذا الفكر مساهمة جديدة لنظرية قومية جديدة لم يغفل عنه فكر الخمسينات والستينيات بل أكده، مثل: القول بالتدرج المرحلى فى بناء الوحدة، وإقامة أى عمل وحدوى على أسس متينة، وعدم الإنسياق مع الإستعجال، والنظرة إلى الزمن نظرة عميقةومنح العمل الفكرى والدراسة الموضوعيةللواقع العربى منزلتها الرفيعة. ولكن ما يمكننا ملاحظته فى التباين والإختلاف بين الفكر القومى العربى فى الخمسينات والستينيات وبين الفكر القومى الذي يدعو نفسه مجداا، والذي إشتد عوده بدءا من الثمانينات هو فى الروح التى تأتى خلف هذه المبادئ القومية. فالفكر القومى فى الخمسينات والستينيات كان فكرا متحديا للواقع العربى الفاسد، حيث أدرك ادراكا واقعيا و موضوعيا أن مهمة الطليعة الأولى قيادة الجماهير العربية والنضال معها من أجل القضاء على العوائق المختلفة التى تحول دون وحدة الوجود العربى وتؤدى بالتالى إلى ضياعه وتخلفه وتبعيته. وهذا النضال فى نظر ذلك الفكر ينبغى أن يكون يوميا ومستمرا لا يعرف الراحة، ونلاحظ أن زخمه كان يشتد يوما بعد يوم. وكان يرى بأن النظرة الوحدوية القطرية هى الحل للأوضاع الداخلية ومعالجتها وتحقق التنمية والتقدم ، ومن خلال ذلك كان يتم توعية الجماهير وتعبئتها. أما فى الفكر القومى الذي يدعى بتطوره فعند النظر لميلاده نجد أنه ولد فى مرحلة كان ذلك الزخم القومى بدأ يتراجع، وأن حتى العزام التى كانت على أشدها هبطت وكادت تشده الى الخلف وكان ذلك باسم الواقعية والموضوعية. الفصل الثانى اليسارية والقومية فى مصر من 1970م حتى نهاية عهد مبارك بين الأطروحات و المأسسة .
أولا : التطورالفكرى للتياراليساري.
تحتاج متابعة تطور الفكر الإشتراكى المصرى فى السنوات الأربعين الأخيرة جهدا جماعيا ومؤسسيا، وذلك لتعدد القضايا واتساع ساحة الصراع الفكرى والسياسى وتعدد أطرافه، ولا يستطيع باحث بمفرده أن ينهض بهذه المهمة ومن ثم فإن الباحث سيركز فى عرضه على قضايا محددة تشكل، فى مجملها، مدى تغير رؤية اليسار المصرى الحاضر فى تلك الفترة والمستقبلى وهذه القضايا هى : - نقد النموذج السوفيتى للإشتراكية. - حول مسألة الإنتقال الى الإشتراكية. - الموقف من الديمقراطية.
وما سيتم عرضه هنا على أنه تطور فى الفكر الإشتراكى المصرى لا يعبر عن كل أقسام اليسار المصرى، فهناك باستمرار آراء ومواقف وتطبيقات متعددة فى صفوف اليسار المصرى نتيجة لتعدد تنظيماته وتنوع المنطلقات الفكرية داخله وتفاوت مستويات الوعى بين المنتسبين إليه قيادات وأعضاء، ورغم هذا التنوع فإن التطور فى رؤية ومواقف الفكر الإشتراكى المصرى التى يرصدها الباحث تعبر عن إتجاه قوى قد ينعكس على دوائر أوسع من اليسار المصرى لأنه كما سيتضح فيما بعد يستفيد من أخطاء التجربة السوفيتية ودروسها المستفادة.
1. نقد النموذج السوفيتى للإشتراكية
تطور موقف القوى الإشتراكية المصرية من النموذج السوفيتى للإشتراكية تبعا لتطور أزمته، فقد كان ينظر إليه فى البداية باعتباره النموذج الذي ترجم النظرية الى واقع، وكان أول تجسيد للمجتمع الاشتراكى قد حقق فى بدايته إنجازات باهرة واستلهمته مختلف التطبيقات الإشتراكية فى أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، كما استلهمته برامج الأحزاب الشيوعية والتقدمية بصفة عامة. وبعد تلك البداية لم يتحدث أحد عن احتمال سقوط التجربة الإشتراكية السوفيتية أو احتمال اختفاء الإتحاد السوفيتى من الوجود، ولكن بعد إنهياره وتحول دوله السابقة الى الرأسمالية عولجت نواقص التجربة السوفيتية باعتبارها أمراض خطيرة أودت به بل وأنكر البعض أنه كان نموذجا للإشتراكية بل هو نوع من رأسمالية الدولة، وهناك من رأى أن الأخطاء فى التطبيق وليست فى النظرية الماركسية بالأساس.
فب البداية كان هناك تأكيد من القوى الإشتراكية فى منتصف السبعينيات أن مصر الإشتراكية لن تولد من عدم أو تنشأ من فراغ، بل أنها ستولد من رحم شعبها وفى إطار الحضارة العربية المتجددة، ورغم هذا التأكيد فقد كانت المقومات الأساسية للنموذج السوفيتى فى خلفية التفكير عن المجتمع الإشتراكى مثل : التخطيط المركزى ، الملكية العامة لأدوات الإنتاج ، الحزب الواحد و هيمنة الحزب على الدولة وعلى المنظمات الجماهيرية. ولم يكن هناك رفض لتلك المقومات، ذلك أن النموذج السوفيتى باعتباره أول محاولة لإقامة مجتمع إشتراكى ظل يناضل للبقاء والتطور والإزدهارنحو يبعين عاما بما أحدث تبعية فكرية له، وذلك باعتباره النظام الذي علم كثيرا من الإشتراكيين فى العالم كيف تتجسد النظرية فى تنظيم إقتصادى قوى وما حققه من إنجازات ضخمةومساندته لنضالات الطبقات الكادحة فى مواجهة القوى المعادية للجماهير فى البلاد الأخرى. وحتى عام 1989م كان يرى قطاعا كبيرا من الإشتراكيين المصريين أن أزمة النموذج السوفيتى يمكن تجاوزها، وأن الخروج منها يتطلب إصلاحات إقتصادية بالنسبة لوسائل إدارة الإقتصاد القومى والوحدات الإقتصادية والتأكيد على أهمية الديمقراطية والمشاركة فى المجتمع باعتبارها حجر الزاوية فى أى إصلاح بما فى ذلك تحقيق الديمقراطية داخل الحزب. وبعد سقوط التجربة السوفيتية وتحول دولها الى دول رأسمالية والذى أوضح مدى عمق الأزمة السوفيتية وعدم القدرة على تجاوزها وهذا مالم يدركه الفكر الإشتراكى المصرى.
تطلب الأمر عدة سنوات بعد سقوط التجربة الإشتراكية السوفيتية وتطبيقاتها فى شرق أوروبا لكى يحسم اليسار المصرى أمره ويمارس نقدا جذريا لهذا النموذج ويطور موقفه بشكل عام من قضية الإشتراكية بالاستفادة من دروس هذه التجربة وما ينبغى مراعاته مستقبلا فى مرحلة الإنتقال الى الإشتراكية واشتراكية المستقبل. وعلى الرغم من أن فى الوقت الحاضر لتلك المرحلة لم يعد ممكنا الحديث عن بعض القضايا إلا أن الأهم من كل ذلك هو أن التجارب التاريخية أثبتت إستحالة تحقيق الإشتراكية بدون الديمقراطية. وأن التجربة السوفيتية التى حققت إنجازات عظيمة سرعان ما لحق بها الإنهيار بصورة مأساوية نتيجة لمجموعة من الأسباب، فى القلب منها نشوء نظام معاد للديمقراطية فى المجتمع وداخل الحزب الشيوعى السوفيتى، بدأ من السنوات الأولى للثورة وتعمق إثر سنواتالحرب الأهلية وحروب التدخل والحرب العالمية. وخلال مقاومة الطبقات الإستغلالية، وتحول النظام فى النهاية الى نظام قمعى يقوم على ديكتاتورية البيروقراطية والسلطة غير المقيدة وفساد السلطة والحزب الواحد، وادعاء امتلاك قيادة الحزب وحدها للحقيقة الكاملة، بحيث لا يشكل وجود أغلبية مخالفة لها أى مغزى أو ضرورة لإعادة النظر فيما تقرره القيادة، وسقط الحزب فى هاوية عبادة الفرد وانتهاك الشرعية والتنكيل بالمخالفين فى الرأى وتجريم النقد وحذف روح المناقشة الحرة والفكر المبدع من النظرية والعلوم الإجتماعية.
ورغم هذا النقد الجذري والإدانة الواضحة للنظام السوفيتى إلا أن الفكر الاشتراكى المصرى لم يفقد إيمانه بالاشتراكية ورفض فكرة أن الرأسمالية هى نهاية التاريخ، وميز بين التجربة السوفيتية وبين الإشتراكية، وفى هذا الإطار تتحفظ بعض القوى الإشتراكية والكتاب الإشتراكيين على أن ما حدث كان له صلة بالنظرية الماركسية فيؤكدون أن تفكك التجربة السوفيتية لم يكن لأسباب نظرية، ولكن لأسباب عملية ملموسة بسبب التطبيق الخاطئ لبعض المبادئ التى يقوم عليها النظام الإشتراكى والعجز عن تثقيفالجماهير والحزب ثقافة اشتراكية حقيقية هذا بالاضافة الى عدم الأخذ ببعض التعاليم اللينينية وكذلك التعجل فى عملية الإنتقال الى الإشتراكية، إضافة الى ذلك الدور الخارجى فى لأزمة الإشتراكية.
إذن فخلاصة القول أن الأزمة هى أزمة نموذج للإدارة السياسية والإقتصادية، ومن هنا فإن الإشتراكية تتطلب لحسن تطبيقها فى هذه المرحلة من مراحل التطور العالمى، نماذج أكثر ديمقراطية للسلطة وأكثر كفاءة فى إدارة الإقتصاد القومى والوحدات الإقتصادية، فهناك دروس أساسية ثلاث نستنتجها من نقد النموذج السوفيتى وهى :
1. الأهمية الجوهرية للالتزام بالممارسة الديمقراطية فى المراحل المختلفة لبناء وتطور المجتمع الإشتراكى وفى النضال من أجل الإشتراكية. 2. تقبل الإشتراكية نماذج متعددة للارادة السياسية والإقتصاد للمجتمع، أى القبول بتعدد التطبيقات الاشتراكية وفقا للواقع الملموس لمحدد لكل مجتمع. 3. سيادة الملكية المجتمعية لأدوات الإنتاج فى المجتمع الإشتراكى لا تتطلب تصفية كافة أشكال الملكية الفردية والنشاط الإقتصادى الرأسمالى أو العائلى أو الإنتاج السلعى الصغير. 4. كفاءة الأداء فى المشروعات المملوكة ملكية مجتمعية هى العامل الحاسم فى حسن أداء كفاءة المجتمع الإشتراكى. أما المقومات الأساسية للديمقراطية فى المجتمع الإشتراكى فهى على الأقل : - التعددية السياسية. - التمييز بين قيادة الحزب وسلطة الشعب. - العلانية وتوفير المعلومات الصحيحة. - استقلال وفاعلية المنظمات الجماهيرية ومؤسسات المجتمع المدنى. - الاحترام الصارم لحقوق الإنسان والأمان من الخوف. ومن الجدير بالذكر أن هذا النقد للتجربة السوفيتية قد ساعد اليسار المصرى على تطوير مواقفه من قضايا أخرى أساسية مثل الموقف من الديمقراطية والمسار الى الإشتراكية والمقومات الأساسية للمجتمع الإشتراكى، وهذا ما سنعرفه من خلال متابعة القضايا القادمة.
2. الإنتقال الى الإشتراكية
عالج الفكر الإشتراكى فى مصر مسألة الإنتقال الى الإشتراكية فى ضوء دراسته لأسباب فشل النموذج السوفيتى للإشتراكية، وكان للدروس التى إستخلصها الفكر الإشتراكى من فشل التجارب الإشتراكية أثرا كبيرا فى تطور موقفه من مسألة الإنتقال الى الإشتراكية سواء من حيث المضمون مرحلة الإنتقال أو القوى المنوط بها العمل المشترك لا نجازها أو الأساليب التى يتعين استخدامها. وفى هذا السياق نوقشت أفكارا سابقة كانت تشكل أساس النظرة لمسألة الإنتقال الى الإشتراكية ومنها : - أن الحديث من قبل عن الثورة الوطنية الديمقراطية فى العالم المعاصر كان يدور حول قيادة الطبقة العاملة لحركة ثورية تمر بمرحلتين: الأولى، مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية والثانية، مرحلة التحول الإشتراكى. أى أن المقصود هو قيادة الطبقة العاملة فى مرحلة الإنتقال الى الإشتراكية (الثورة الوطنية الديمقراطية) وفى مرحلة البناء الإشتراكى مما يساعد على إنجاز مهام المرحلة الإنتقالية فى فترة قصيرة نسبيا. - رؤية ماركس الذي إعتقد أن الرأسمالية تنجز مهمتها التاريخية القائمة على دمج كل المجتمعات على الأرض فى نظام إجتماعى واحد يقلص تدريجيا كل التناقضات فى تناقض واحد و أساسى يتمثل فى النزاع بين البرجوازية والبروليتاريا على أساس نظام إقتصادى متجانس نسبيا. ومن ثم، من هذا المنطلق نفسه تكون الرأسمالية قد مهدت لانتقال البشرية جمعاء الى مجتمع جديد بدون طبقات فى فترة تاريخية قصيرة نسبيا، أى أن ماركس كان يرى الرأسمالية و الإشتراكية كنظامين يفصل بينهما سور هذا السور هو الثورة الإشتراكية. وبالمقابل طرح الفكر الإشتراكى المصرى أفكارا جديدة طورت موقفه من مرحلة الإنتقال الى الإشتراكية منها : - أنها مرحلة طويلة نسبيا تنقسم بدورها الى عدة مراحل. - ضرورة مراعاة الظروف الدولية والمحلية المعاصرة التى تتطلب أن يكون الطريق الى هذه المرحلة سلميا وبأساليب ديمقراطية، ويتطلب ذلك أن ننفض الإشتباك بين مفهوم الثورة باعتبارها تغيير جذرى لأوضاع المجتمع ومفهوم العنف. - الحاجة الى تحالف طبقى واسع قادر على إنجاز المهام المطلوبة فى المرحلة الإنتقاليةيلعب فيه الفلاحين والعمال والمثقفون الثوريون دورا أساسياويضم فى صفوفه الفئات البرجوازية الوسطى والصغيرة. - مضمون هذه المرحلة هو التنمية المستقلة التى تعمل قبل كل شئ على مضاعفة الإنتاج أضعافا بنمو قوى الإنتاج وعلاقات إنتاج جديدة والتقدم من خلال رفع معيشة مستوى الجماهير.
ويطرح حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى رؤيته لتلك المرحلة مؤكدا هذه الرؤية الجديدة، حيث يؤكد أن سعيه الى إقامة مجتمع إنتقالى على طريق الإشتراكية هو "مجتمع المشاركة الشعبية" ويقوم على أربعة ركائز أساسية : التنمية الوطنية المستقلة و العدالة الإجتماعية والديمقراطية السياسية والثقافة الديمقراطية التقدمية العقلانية، وذلك المجتمع لن يقوم فى ظل السلطة الحالية، بل يتطلب قيامه بنجاح تحالف إجتماعى جديد فى الوصول الى السلطة ديمقراطيا من خلال انتخابات حرة و نزيهة. ويدرك الحزب أن التحول الإشتراكى لن يتجسد سلميا وبدون عنف االا بتحقيق أمرين : الأول، هو بناء القاعدة الإنتاجية المادية المتطورة و الثانى، تطور الوعى السياسى فى أنحاء الجمهورية وتبنيه مهمة بناء المجتمع الإشتراكى.
أما الحزب الشيوعى المصرى فيعالج تلك المسألة بأنه، إذا كان الهدف النهائي الذي يناضل الحزب الشيوعى من أجله هو إقامة النظام الإشتراكى فإن هذا الهدف لن يتحقق إلا بنضالات متصلة عبر مراحل ثورية متتابعة ومن خلال سلسلة من التحولات السياسية والإقتصادية و الإجتماعية والفكرية تصب جميعها فى النهاية فى إتجاه هذا الهدف البعيد. وغنى عن القول أن هذه المرحلة الثورية طويلة نسبيا، ويمكن أن تشمل عدة مراحل انتقالية يتم خلالها إنجاز مهام مرحلية تقترب بنا من الهدف والذي لابد وأن يقوم بتحالف واسع للطبقات العاملة والكادحين وكذلك الطبقة البرجوازية المتوسطة.
ومن خلال ذلك نجد أن الشرط الأساسى لإمكانية بدء عملية البناء الإشتراكى هو وصول القوى الإشتراكية الى السلطة السياسية فإن نضال الإشتراكيين من أجل الوصول الى السلطة لم يعد ممكنا أن يتحقق فى المجتمع المعاصر بوسائل إنقلابية، وانما برضاء شعبى واختيار شعبى الأمر الذي يتطلب أن تحرص هذه القوى على العمل وسط الجماهير من أجل تنظيمها مما يتيح ذلك للقوى الإشتراكية أن تبنى نفوذها على نطاق واسع يشمل المجتمع بأسره بحيث تأتى عملية الوصول الى السلطة مجرد تقرير لأمر واقع وخطوة منطقية تعكس بناءا إجتماعيا واقتصاديا وثقافيا مستقرا، وكل نشاط يبذل من أجل توسيع نفوذ الإشتراكيين والحركة التقدمية فى المجتمع وبناء قواعد لهذا النفوذ فى كل المجالات يندرج فى إطار ما يسمى بناء القوة من أسفل الذي يشكل تطبيقا لمفهوم التغيير الديمقراطى المستند الى فكرة الطبقة المهيمنة وقوة الجماعير المنظمة فى مواقع معيشتها ومنظماتها، وبالتالى فإنها تشكل أساسا قويا للتغيير بالطريق الديمقراطى.
3. الموقف من الديمقراطية
تطور موقف اليسار المصرى من قضية الديمقراطية بشكل ملموس فى السنوات الأخيرة من القرن العشرين، ويتزايد الإتفاق فى صفوف الإشتراكيين المصريين على أن الديمقراطية هى الإطار الأمثل ليس فقط للوصول إلى الإشتراكية بل فى مرحلة الإنتقال الى الإشتراكية ومرحلة الإشتراكية نفسها. وتكتسب قضية الموقف من الديمقراطية أهمية خاصة لدى الإشتراكيين المصريين فى هذه الفترة لإعتبارات عديدة منها : الدروس المستفادة من انهيار الإتحاد السوفيتى ودول شرق أوروبا ، وفشل صيغ الديمقراطية المطبقة فى مصر ودول العالم الثالث بشكل عام، وكذلك نطور النظرة إلى الإشتراكية.
- نقد موقف اليسار المصرى للديمقراطية: تعددت الكتابات حول نقد موقف اليسار المصرى من الديمقراطية وشملت هذه الكتابات دائرة واسعة من التنظيمات السياسية والشخصيات اليسارية. ينتقد اليسار المصرى أن الأحزاب الإشتراكية المصرية سواء كانت ماركسية أم غير ماركسية كانت تنطلق بدرجات متفاوتة من مفهوم الإشتراكية الذي صاغه ماركس وإنغلز و لينين، وأن هذه الديمقراطية الإشتراكية تقوم عموما على فكرة أن تحرر الإنسان يتحقق عندما يتحرر من الإستغلال الإقتصادى الذي سيوفر له ممارسة بقية الحريات على شكل أوفى وأكمل، ومن هنا أعطى البعد الإجتماعى أسبقية على البعد السياسى، وأن التغير الإجتماعى الجذرى لايتم دون مقاومة من جانب من يملكون الثروة والسلطة معا. والشيوعيون المصريون كان يطلب منهم بإتخاذ موقف نقدى ذاتى جذرى وعلنى لكل أخطاء الفكر والممارسة فى مجال الديمقراطية فى المرحلة الماضية، وبصفة خاصة نقد التبرير والسكوت والتستر على انتهاكات الحريات وابتذال مفهوم ديكتاتورية البروليتارا فى ظل أنظمة الحكم البيروقراطية فى الإتحاد السوفيتى و شرق أوروبا، والتورط فى لعبة الديمقراطية الموجهة التى مارسها النظام الناصرى، يضاف إلى هذا أهمية نقد تغييب الديمقراطية الداخلية فى التنظيمات الشيوعية ومصادرة إمكانية تداول السلطة داخلها. ولذلك فإن اليسار يسعى لبناء مجتمع اشتراكى جديد فى مصر عندما تتوافر الظروف لذلك لذلك على أساس من الاقتناع والاختيار الديمقراطى، وليس على الفرض والقهر. لقد بينت التجربة أن بناء الاشتراكية نتيجة قدرة أقلية ثورية على الاستيلاء على السلطة يؤدى، مهما حسنت النوايا، الى محاولة بناء الاشتراكية لصالح الجماهير وليس بواسطتها، ويؤدى ذلك فى النهاية إلى قد أو أكثر من القهر وفرض الإرادة باسم مصلحة الجماهير بما يلغى ركنا أساسيا من أركان الاشتراكية وهو ديمقراطيتها. " إن الاختيار الإشتراكى لابد أن يجرى تجديده بصفة مستمرة على أساس ما يحققه النظام الإشتراكى من إنجازات فعلية فى إطار من تعددية سياسية تتيح لكل القوى الإجتماعية والسياسية حرية التنظيم والإجتماع والرأى وطرح برامج بديلة، ويسعى لتبادل السلطة سلميا ". و أدى هذا النقد للتجارب الإشتراكية السابقة وغياب الديمقراطية عنها إلى الربط بين الديمقراطية وبناء الإشتراكية مستقبلا. ويتفق العديد من الشخصيات اليسارية مع الطرح الذي يقول إن اشتراكية المستقبل ستقوم على التعددية وتداول السلطة وضرورة تجاوز الديمقراطية البرجوازية من تجاهل ما بلورته من أسس وأطر، وإنه يختلف مع من يتخوفون من هذا الطرح على أمن السلطة الإشتراكية ومستقبل إنجازاتها الإقتصادية والإجتماعية.
- الديمقراطية ومفهومها الجديد لليسار المصرى: لم يكتف اليسار المصرى بنقد مواقفه السابقة من الديمقراطية، أو بتأكيد العلاقة بين الديمقراطية والإشتراكية وتحديد موقف جديد من الديمقراطية البرجوازية يقوم على رؤية نقدية تعترف بالأسس التى بلورتها فى مجال الحريات والحقوق السياسية ويضيف إليها ما يتعلق بالحقوق الإقتصادية الإجتماعية فى تركيب جديد وصيغة تتجاوز حدود الديمقراطية البرجوازية، بل نجح اليسار المصرى فى السنوات الأخيرة فى بلورة مفهوم جديد للديمقراطية، وقد ساهم فى هذا الإنجاز بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية، وكذلك عدد من مفكرى اليسار المهمومين بهذه المسألة وكذلك بعض القيادات اليسارية التى لم تكن تطرح فى حقيقة الأمر توجهات فردية بشأن الديمقراطية، بل كانت تطرح آراء يجرى النقاش حولها فى أحزابها سواء أكانت علنية أو سرية. وبعد هذا السرد للديمقراطية والإشتراكية، يتضح لنا أننا أمام تطور حقيقى فى موقف الفكر الإشتراكى من قضية الديمقراطية جوهره القبول بأسس الديمقراطية البرجوازية وتجاوزها فى صيغة أرقى تكفل أشكالا متنوعة من المشاركة الديمقراطية المباشرة وضمان الحقوق الإقتصادية والإجتماعية للمواطن، بما يمكن الطبقات الكادحة من اكتساب قدرة اقتصادية تتيح لها قدر من القوة السياسية تضمن لها إمكانية المنافسة السياسية. وإن هذه الديمقراطية ليست لازمة فقط لوصول القوى الإشتراكية للسلطة بل هى ضرورة فى مرحلة الانتقال إلى الإشتراكية وفى المجتمع الإشتراكى نفسه.
ثانيا : التطور الفكرى للتيار القومى.
مثلت هزيمة 67 ثم وفاة عبد الناصر ضربة قوية للتيار القومى فى الفكر السياسى المصري المعاصر، لأسباب كثيرة من أهمها أن عبد الناصر لم يترك حزبا أو تنظيما قوميا ذا شأن كما لم يترك نظرية قومية تستحق الإعتبار الأمر الذي يسر الإبتعاد عن سياساته وموافقة دون مقاومة جدية. وقد جاء التيار القومى المصرى نفسه محاصرا بين مستجدات محلية وإقليمية ودولية متلاحقة وممارسة ناصرية لم تعد متسقة مع المستجدات، وكان على هذا التيار أن يحاول السعى للتوفيق بين هذه المستجدات وبين الرؤى الناصرية. وتمثل المأزق فى هذه الحالة فى أن إستحداث رؤى جديدة قد يتهم من قبل خصوم التيار الناصري بأنه ردة فعل عن أفكار عبد الناصر وممارساته وبأنه يقضى على التميز الذي يتسم به التيار القومى عن التيارات الأخرى، لا سيما وأن صراعا ساخناقد ثار بين من أطلق عليهم "الناصريين" من ناحية وبين خليفة عبد الناصر "السادات" بذريعة تحول الأخير عن السياسات الناصرية.
ومن ناحية أخرى، كان الإستمرار فى التمسك بثوابت الأفكار الناصرية من قبيل الحزب الواحد والتخطيط المركزى ودور القطاع العام ومعاداة القوى الغربية، يعنى عدم التوافق مع المستجدات الأمر الذي قد يعنى الجمود. وجاء تحالف السادات مع القوى المحافظة محليا من القيادات الإسلامية، وإقليميا كالسعودية ودول الخليج، ودوليا كالولايات المتحدة والقوى الغربية ليزيد من اغتراب وتطرف الرؤية القومية فتزداد تمسكا بسياسات عبد الناصر تمييزا لنفسها عن السياسات الساداتية.
ومن خلال كل ذلك يمكن الحديث عن بعض القضايا والتى ستظهر لنا عدم تطور موقف التيار القومى وهى : - التعدد الحزبى والديمقراطى. - الموقف من الديمقراطية. - الموقف من إسرائيل والتعاون الشرق أوسطى.
1. التعدد الحزبى والديمقراطى
نجد أنه مازال التيار القومى فى مصر متأثرا بالرؤية الناصرية التقليدية القائمة على تبنى موقف معاد للديمقراطية الغربية باعتبارها قد تسمح بسيطرة رأس المال على الحكم، كما تعتبر وجهة النظر تلك أن هناك موقف سلبى من الجماهير لأنه إذا كانت الجماهير غير قادرة على تحديدمن يحسن تمثيلها، فإن هذا يعنى اتهامها بالتقصير، وليس من المنطقى تبرير ذلك بتلازم الديمقراطية الإجتماعية مع الديمقراطية السياسية وبضرورة أن تسبق الأولى الأخيرة.
ونجد أنا التيار القومى يبرر السلوكيات الناصرية من منطلق موافقة المواطنين عليها باعتبارها ديمقراطية، لأن من يقبل المنطق السلطوى أو الحكم الفردى عليه أن يقبل نتائجه سواء أتى من عبد الناصر أو من غيره. وتلك السمة من سمات التيارات المصرية والعربية عموما، فالكل يوافق على الديمقراطية التى تيسر له الوصول الى السلطة لكنه ليس على إستعداد للتخلى عنها بعد الوصول اليها وتلك معضلة أمام تحقيق تحول ديمقراطى حقيقى فى المجتمعات العربية.
إن منطلق الديمقراطية يقوم على أساس تقبل النتائج مهما كانت، وقد تحدث الناصريون كثيرا عن حرمانهم من إنشاء حزب يعبر عنهم وتحدثت أدبياتهم عن تمتعهم بشعبية جارفة ستتضح عندما يسمح لهم بتكوين حزب يعبر عنهم، فلما تم السماح بتشكيل حزب يعبر عنهم لم يحقق الناصريون النجاح الذي كانوا يأملون تحقيقه، فانبروا يهاجمون العملية الإنتخابية فى حين عصفت بهم الإنقسامات التى تدل على عد الإستعداد لتطبيق الديمقراطية الداخلية فى الحزب الناصرى، الأمر الذي يصعب معه القبول باحترام الديمقراطية والتعدد مع الأحزاب الأخرى المنافسة.
2. الموقف من الديمقراطية
اختار عبد الناصر مدرسة الديمقراطية الشعبية التى تعطى الأولوية للجانبين الإجتماعى و الإقتصادى فلا يمكن مواطنا لا يجد قوت يومه أن يكون حرا فى إعطاء صوته الإنتخابى، ولذلك فكثيرا ما كان عبد الناصر يتحدث عن رغيف الخبز وارتباطه بتذكرة الإنتخابات، ومن تلك القاعدة انطلق ليحدد من هو الشعب وبالتتابع لصالح من تكون الدولة، فكان تحالف قوى الشعب العامل صاحب المصلحة فى التغيير الثورى والمستقبل. ومن يبحث فى تاريخ الدول الإشتراكية يجد أن تلك البلدان كانت تعانى من سيطرة النخبة وصفوة الحزب على كل الشعب العامل، وعلى الرغم من أن أكثر من نصف بلدان العالم تقريبا كان قد تبنىالديمقراطية الشعبية، فى بيئة دولية إتسمت بالحرب الباردة، وحركة التحررالعالمى، فإن حصاد تلك التجارب ونتائجها أكدت إهدار المشاركة السياسية فى صنع القرارداخل الدولة، كما أنها كشفت مدى الإستبداد والتسلط الذى حكم المواطنين تحت شعارات إستمدت وجودها وشعبيتها من الحديث عن الشعب. لذا كان الدرس المستخلص أننا فى إحتياج إبداعى جديد لمسألة الديمقراطية، يستوعب أهمية الربط بين رغيف الخبز وتذكرة الإنتخابات فى إطار الإختيار النابع من التعدد السياسى.
وتأتى أهمية الديمقراطية بالنسبة الى الحركة الناصرية كأهمية الدواء بالنسبة الى المريض ذلك لأن ظروف نشأة الحركة الناصرية قد جعلتها فى أشد الحاجة الى تفاعل ديمقراطى واسع داخل صفوفها بعد أن عانت كثيرا من: - إنقطاع التواصل الجيلى لأسباب قهرية، وذلك بسبب عدم هيكلة ذلك التيار بشكل مؤسسى فى تلك الفترة، كما ان هناك تعامل فردى داخل ذلك التيار. - العجز عن تنظيم الجماهير صاحبة المصلحة. - التجاوزات فى حقوق الإنسان. - التقصير فى حماية الوطن، وذلك بسبب سلبيات نظام الحكم فى عهد عبد الناصر والتى أدت الى خوض حروب والهزيمة فى آخرها بسبب ما كان يعانيه ذلك النظام من أزمة عميقة داخلية بالأساس. - دور هائم يبحث عن بطل، وذلك داخل الحركة الناصرية وضرورة أن يتجسد ذلك البطل فى تلك المرحلة فى حركة ناصرية ذات بصيرة تاريخية نافذة ممتلكا نسقا فكريا يرشدها فى العمل ويبعدها عن التجربة والخطأ. وقد شاركت الحركة الناصرية الحديثة فى كل محاولات بناء الحزب الناصرى على أرض مصر العربية، كما إنها ناضلت من أجل تثبيت تلك الرؤية داخل صفوف الحركة، حتى اننا نستطيع أن نؤكد الآن أنه بالنسبة الى الأكثرية فى داخل الحركة الناصرية، أصبحت قضية الديمقراطية وتداول السلطة وحق التنظيم السياسى والنقابى وحرية تداول المعلومات وحرية إصدار الصحف.... إلخ. وذلك يتضح من خلال بعض برامج الأحزاب منها الحزب العربى الديمقراطى الناصرى: " الديمقراطية السياسية التى تقوم على كفالة التعددية الفكرية والتنظيمية وتداول السلطة وسيادة القانون كأساس لقيام ديمقراطية حقيقية واحترام حقوق الإنسان وحرياته مع إيماننا العميق بأن الديمقراطية السياسية ليست بديلا من الديمقراطية الإجتماعية ولا يمكن أن تقوم على حسابها ".
كما يتناول حزب الكرامة قضية الديمقراطية : " لا نهضة لنا من دون الديمقراطية كلها للشعب، فالديمقراطية صمام أمان ضد إنتكاسات الدولة الدورية، كما أن الديمقراطية تقدم الإختيارات والبدائل كلها للناس وتطور مقدرتهم على المعرفة وادراك الحقائق، ولا ديمقراطية حقيقية من دون ضمان الحقوق التامة فى التعدد السياسى والفكرى والنقابى والأهلى، ولا ديمقراطية حقيقية من دون ضمان تداول السلطة بجميع مستوياتها عبر صناديق الإنتخاب المباشر الحر والنزيه، ونشددد على أهمية الفصل بين السلطات وكذلك حقوق الإنسان وحرياته السياسية و الإجتماعية والإقتصادية و الدينية كافة ".
3. الموقف من إسائيل والتعاون الشرق أوسطى
يمكن القول بأن التيار القومى لم ينجح حتى الآن فى بلورة خطة لمواجهة الزحف الشرق أوسطى، إن جاز التعبير، ويمكن القول إن التيار القومى المصرى والعربى، بصفة عامة، يتعلق بعدد من الإقتناعاتوالتى تواجه بنقد شديد، من أهمها: يقتنع ذلك التيار بأن النظام العربى يستطيع إستعادة عافيته لأنه يقوم على أسس واقعية، أو لأنه نظام طبيعى وأن النظام الشرق أوسطى نظام مصطنع. فإن كان النظام العربى نظاما طبيعيا يحظى بقوة ذاتية تمكنه من التحقق لا يستطيع المشروع الشرق أوسطى البقاء.
ومن وجهة نظر ناقديه، يعتبر هذا الإقتناع غير صحيح علميا، ففرض النظام من الخارج لا يعنى بالضرورة فشله، لا سيما وأن إقامة هذا النظام والتعاون المرتبط به لم تتم دون قرارات تتخذها حكومات عربية من الداخل، وليست من الخارج، كما أن السعى لتحقيق تعاون عربى لن يحقق هذا التعاون إذا لم تتخذ ترتيبات عملية لوضعه موضع التنفيذ، وليس مجرد الحديث الحماسي عن الأمة الواحدة والمصالح العربية المشتركة.
ومن ناحية أخرى، ينبغى تذكر أن الكيان الإسرائيلى كيان مصطنع ظل القوميون يطلقون عليه لفترة طويلة "إسرائيل المزعومة" ثم تضائل الهدف القومى من القضاء على إسرائيل الى "إزالة آثار العدوان"، ومن رفض القرار 242 إلى القبول بمجالس بلديات تحت الحكم الإسرائيلى، ومن الإنسحاب من أية مسابقة رياضية تشارك فيها إسرائيل إلى حث الدول الكبرى على الضغط على إسرائيل كى تقبل الجلوس مع وفد فلسطينى فى إطار وفد أردنى- فلسطينى مشترك. ومن ناحية ثالثة ، يلاحظ تركيز التيار القومى المصرى على العوامل الخارجية والتقليل من أثر العوامل الداخلية، فإسرائيل مفروضة من الخارج وكذلك السلام مفروض من الخارج، كما تأتى بعض الأسئلة فى أذهان منتقدى تلك الفكرة، بأنه لماذا ينجح الآخرون "الدول الكبرى" فى تحقيق مصالحهم على حساب المصالح العربية، وهل هذا يعنى قصور فى الداخل العربى غير المحصن لمواجهة مؤامرات الأعداء.
وبعد هذا السرد لبعض النقاط التى توضح المدى التى وصل إليه كلا من التيار اليسارى والقومى فى مصر من حيث الأفكار والأطروحات، نجد وانه مع ذلك التطور الملحوظ فى تلك الفترة الزمنية على التيارين، أن هناك تطور مؤسسى حادث مع تلك التيارات، فبعد أن كان هناك تشرذم للقوى اليسارية على مر مراحلها التاريخية بالإضافة الى عدم وجود مؤسسى للقوى القومية فى مصر وذلك بدى واضحا بعد وفاة عبد الناصر، مما أدى الى تبدد ذلك الفكر وذلك قد يؤدى الى إندثاره، فجاء بعد كل ذلك بعدا مؤسسيا لتلك القوى وذلك ما سنركز عليه فى النقاط القادمة من خلال عرضنا لحزبين يحمل أحدهما الفكر اليسارى والذى تكون من تلك القوى اليسارية المنقسمة والمتشرذمة، والآخر حزب سياسى يحمل فى أساس نشأته وبرنامجه الإتجاه القومى والعروبى وهما ( حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى – حزب الناصرى ).
- حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى:
أولا : النشأة
مع بداية طرح فكرة إقامة منابر من داخل الإتحاد الإشتراكى عام 1975م، إجتمع عدد من أعضاء التنظيم وشكلوا فيما بينهم لجنة ضمت كلا من: خالد محى الدينو د.فؤاد مرسى و د.إسماعيل صبرى و د. رفعت السعيد وحسين فهمى، وتمثل هذه اللجنة مجموعة متقاربة فكريا ذات توجه ماركسى، كانت تجتمع قبل ذلك لمناقشة الأوضاع السياسية فى البلاد إبان فترة حكم عبد الناصر واستمرت فى إجتماعاتها فى عهد الرئيس السادات، إلا أن تحولت الى إجتماعات من أجل إنشاء حزب سياسى وقد إستقرت المجموعة حين ذال على أن الهدف من الحزب هو أن يكون لليسسار حزب شرعى ونشأت بذلك فكرة قيام منظمة سياسية لليسار تضم قوى سياسية متعددة من ناصريين وماركسيين وقوميين ويعتبر حزب التجمع فى مهمته الرئيسية هى إستكمال مهام الثورة الوطنية الديمقراطية وتدعيم الإختيار الإشتراكى للشعب المصرى بإرساء القاعدة المادية والروحية للمرحلة الإنتقال الى الإشتراكية. وفى 10 أبريل 1976م تم تشكيل ذلك المنبر وإنعقدت الهيئة التأسيسية الأولى والتى حضرها 133 عضوا وتم إنتخاب خالد محى الدين مقررا عاما لها وقد كان مؤتمرها الأول عام 1980م.
كما لابد وأن نشير الى أنه كانت هناك مشاكل عند تأسيس الحزب ومن أهمها التالى: - تدخل السلطة التنفيذية، مما أسفر الى مواجهات عديدة للحزب مع السلطة الحاكمة وأتى ذلك منذ الأيام الأولى لتأسيسه، ومن ثم قام الحزب بخوض معركة لإثبات استقلاله عن السلطة الحاكمةمن ناحية وللدفاع ثانيا عن كونه ذا جبهة يسارية. - المواجهة بين اليساريين والناصريين، فلقد أدت ظروف نشأة التجمع والقيود على نشأة المنابر الى وقف الأحزاب السياسية على تمثسل ثلاثة إتجاهات فقط وهى ( اليمسن – الوسط – اليسار )وبالتالى لم يجد أصحاب المنبر الناصرى القومى مكانا لهم سوى التحالف مع القوى التقدمية والإشتراكية، مما أثر بشكل كبير على الهيكل التنظيمى للحزب ولائحته الداخلية.
ثانيا : الإطار الفكرى للحزب
يعتبر حزب التجمع مهمته الرئيسية هى إستكمال مهام الثورة الوطنية الديمقراطية وتدعيم الإختيار الإشتراكى للشعب المصرى بإرساء القاعدة المادية و الروحية لمرحلة الإنتقال الى الإشتراكية. ويستمد حزب التجمع إطاره الفكرى من رافدين: الأول : الإشتراكية العلمية باعتبارها الصيغة الملائمة لإيجاد المنهج الصحيح للتقدم الأمر الذي يتطلب الأخذ بمبدأ التخطيط الشامل للإقتصاد القومى والزيادة المستمرة لنصيب العمل من الدخل القومى ووضع السلطة فى يد الشعب وتتحقق ملكية وسائل الإنتاج من خلال ثلاث صور هى (الملكية العامة و الملكية الخاصة و الملكية التعاونية). وفى هذا الإطار يقر برنامج الحزب بمفهوم الصراع الطبيعى بين الطبقات ولكن يمكن أن يكون حله سلكيا فى إطار الوحدة الوطنية وعن طريق تذويب الفوارق بين الطبقات. الثانى : الإسهام الفكرى لثورة يوليو متمثلا فيما تضمنه الميثاق الوطنى ومن ثم يتعين الحرص على دعم إيجابياتها واعتبارها أساس النضال فى المستقبل.
وقد حدد البرنامج العام للحزب مجموعة من الأهداف والمهام كانت تفرضها طبيعة المرحلة آن ذاك وهى: - مهام وطنية: معادية للإستعمار القديم و الجديد والصهيونية أداتها إسرائيل. - مهام ديمقراطية: تسعى لإنجاز تحول ديمقراطى شامل وعميق فى المجتمع من أجل تحقيق المشاركة الشعبية فى إدارة البلاد وفى كل قطاعات المجتمع والوقوف بحزم ضد أى محاولات للقمع والديكتاتورية أو إستبداد البيروقراطية.
ويمكن ترجمة تلك الأفكار الى مواقف قد إتخذها الحزب فى إنتخابات 1984م تحت شعار "إنقاذ مصر" وذلك من خلال ثلاث نقاط، أولها التركيز على القضية الإقتصادية وحل المشاكل الملحة لجماهير الشعبوذلك من خلال رفضه لسياسة الإنفتاح والتى أدت، من وجهة نظره، الى تدهور الأحوال الإقتصادية وإعادة بناء مصر لصالح القوى الوطنية المنتجة، وثانيها، هو تنفيذ المطالب المشروعة لفئات الشعب والإهتمام بالعمال والفلاحين والحرفيين وصغار التجار، أما ثالثها، المواجهة الشاملة للأزمة ودفع عجلة التطور الديمقراطى وذلك يتضمن سياسات لمواجهة الحزب الحاكم.كما يمكن أن ضيف الى ذلك الموقف الرافض لإتفاقية كامب ديفيد وعرضه لسياسة مقابلة لذلك تمثل تسوية أكثر كفاءة لصالح مصر ولصالح القضية الفلسطينية.
ثالثا : الإشكاليات التى تواجه حزب التجمع
قد رصدت بعض التقارير الصحفية تنامى الخلاف داخل الحزب فى شكل جبهات مختلفة وفى ضوء ذلك تصاعدت مطالب بعض التيارات من أجل إجراء إصلاحات داخلية، وبرزت جبهة تهدف الى تغيير القيادة الحالية للحزب واختيار قيادة جديدة تنتهج نهجا مختلفا، ومن جانب آخر تجددت الإختلافات بسبب التحالف الإشتراكى الذي إنخرط فيه أحزاب وقوى اليسار ( حزب الشعب الإشتراكى – الحزب الشيوعى – اليساريين المستقلين – الإشتراكيين الثوريين ) منذ 2006م الذي يضم العديد من القوى اليسارية، حيث رفض د. رفعت السعيد رئيس الحزب ونائبه د. سمير فياض المشاركة فى هذا الإتحاد بدعوى أنه سيأثر بالسلب على النشاط السياسى للتجمع كحزب يسارى وخشية من أن يؤدى الى تفريغه من كوادره، فى حين لاقى الإنضمام لهذا التحالف قبول عدد من قيادات الحزب، وقد رأى أنصار هذا الفريق أن الإتحاد ليس من شأنه أن يتجاوز الأحزاب اليسارية، وإنما يعمل على التنسيق فيما بينها. وقد نجح الإتجاه الثانى فى الإقناع بوجهة نظره، حيث وافق المكتب السياسى بالإجماع على المشاركة فى هذا التحالف.
- حزب العمل / الناصرى :
أولا : النشأة
تعددت المحاولات من أجل إنشاء حزب ذي توجهات ناصرية ، و كان أهم تلك المحاولات هما المحاولتين التي قام بهما كل من فريد عبد الكريم و كمال أحمد ، و لكن تلك المحاولتان رفضتا من لجنة شئون الأحزاب و من بعدها من محكمة الأحزاب في عام 1990 تقدم ضياء الدين داود للجنة شئون الأحزاب بطلب إنشاء الحزب العربي الديمقراطي الناصري ، إلا أن اللجنة رفضت قيام الحزب في 10 سبتمبر 1990و في 19 أبريل 1992 قامت محكمة الأحزاب بإلغاء الرفض ، و لذلك يعتبر هذا التاريخ هو تاريخ قيام الحزب برئاسة ضياء الدين داود، وتبع ذلك انضمام مجموعة فريد عبد الكريم لصفوف الحزب.
ثانيا : الإطار الفكرى للحزب
هوية الحزب العربي الديمقراطي الناصري تتحدد بالقوي الاجتماعية التي تدافع عن مصالحها ويضع أساسها وواقعها في برنامج عمل واضح ومحدد باعتباريه معبر عن تحالف قوي الشعب العامل وأدته السياسية وهو تنظيم تعبوي ملتزم بمبادئ ثروة يوليو وأهداف الناصرية فكرا ومنهجا وسلوكا. وهو يرى أنه فضلا عن استناده إلي تراث تاريخي عميق الأثر فهو أيضا قوي مستقبلية قادرة علي صنع التقدم وهو يري أن العامل الجغرافي هو الأساس الذي يمكنه من بناء هيكله التنظيمي ويعتمد في حركته النضالية علي العناصر النشطة الملتزمة بمعايير الانتماء والولاء لمبادئ الحزب في اطر ودوائر حركته وحلقات الفعل والعمل بدأ من قواعده الأساسية. كما ينطلق الحزب ينطلق من خلال مبادئه القومية إيمانا بوحدة أمته العربية مناضلا من اجل إقامة امة عربية واحدة محررة من الاستعمار والتبعية، وكذلك يظل دائما في صراع قوي وحاد ضد قوي القهر الاجتماعي والسياسي الذي يهدد امن الأمة وأهداف الحزب ونضاله وتحقيق أهدافه الكبرى في الحرية والاشتراكية والوحدة. وكل ذلك يظهر جليا فى شعار الحزب الناصرى ألا وهو (دولة عربية واحدة ـ حرية 0 اشتراكية 0 وحدة).
ويمكننا معرفة الفلك الفكرى الذي تدور حوله أفكار الحزب العربى الناصرى من خلال أهداف الحزب الذي نشأ من أجلها والذي سنعرض أهمها فى التالى: - الإيمان بشرائع السماوية دون تحيز علي أساس الدين أو العقيدة أو الجنس. - الدفاع والالتزام بالمفهوم العالمي عن حقوق الإنسان ضد القهر والذل وامتهان الكرامة والذي يشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحقوق العامة. - انتزاع المكاسب التي حققتها ثروة يوليو واسترداد حقوق الشعب الاجتماعية والاقتصادية السياسية. - الدفاع عن حق الشعب في حياة ديمقراطية قائمة علي التعددية الفكرية والتنظيمية وتداول السلطة دون احتكار لمراكز القرار في المجتمع خامسا: إحداث التغيير الاجتماعي وتحرير لقمة العيش من خلال التنمية الشاملة وتصحيح الخلل في توزيع الناتج القومي من خلال تحقيق العدل الاجتماعي. - إقامة اقتصاد وطني قوي مستقل يقوم علي التخطيط والاعتماد علي الذات مؤكدا دور القطاع العام والدور المساعد للقطاع الخاص والتعاوني. - النضال مع جماهير الشعب العربي لانتزاع الحقوق العربية في فلسطين والتأكيد علي أن الصراع ( العربي ـ الصهيوني ) صراع وجود وليس صراع حدود . - التواصل مع كل القوي والأحزاب الناصرية علي امتداد الوطن العربي بهدف بناء إستراتيجية تقود الأمة العربة إلي وحدتها الملائمة التي يقبلها الشعب العربي في كل قطر. - دعم حركة الشعوب من أجل استقلالها وفرض إيراداتها الوطنية وتعزيز التعاون مع الشعوب النامية وعدم الانحياز في مواجهة الاستعمار العالمي بقيادة أمريكا والصهيونية.
ثالثا : الإشكاليات التى تواجه الحزب الناصرى
وكعادة الأحزاب فى مصر بدأت موجة من الصراعات الداخلية بالحزب بالإطاحة بأفكار الحزب وهويته وعدم الإهتمام بالساحة السياسية نتيجة الإنشغال بالمناصب القيادية حيث بدأت تلك الموجة بنزاع على رئاسة الحزب بين سامح عاشور و د. أحمد حسن ووصل النزاع لدرجة صدور نسختين مختلفتين من جريدة الحزب، مما أدخل الحزب فى أزمة صحفية واستقالة من عبد الله السناوى رئيس تحرير الجريدة، وتداولت وسائل الإعلام تلك المشكلات مما أدى إلى السقوط فى هاوية المهاترات والمصالح الشخصية، وهذا إن دل على شئ فهو يدل على عدم الإهتمام بالشأن العام فى المقام الأول، ثانيا على عدم جدوى ذلك الحزب وما شابهه من المناداة بالديمقراطية لأنه يرفض الديمقراطية الداخلية، أى داخل هذا التنظيم، ومن ثم أدى ذلك إلى سقوط الحزب من الناحية العملية فضلا عن سقوطه من الناحية النظرية. الفصل الثالث التيارين اليسارى والقومى وانتخابات ( 2005 – 2010 ) النتائج والدلالات
- الانتخابات التشريعية 2005م.
أولا : تحليل للبرامج السياسية
برنامج حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى كممثل للتيار اليسارى وربما القومى فى إنتخابات 2005 قد عمد فى برنامجه الى التطرق لكافة القضايا المجتمعية وذلك عبر إتخاذه عنوانا فرعيا هو "برنامج للتغيير السياسى والإقتصادى والإجتماعى" وتحديد أهدافه بإنهاء الإستبداد، والقضاء على الفقر والبطالة، وإقامة جمهورية برلمانية ديمقراطية، وتوزيع عادل للثروة والدخل، وإقامة تنمية وطنية مستقلة. ومن يحلل ذلك البرنامج جيدا يجد أنه قد بدأ بسرد مظاهر تردى أوضاع المجتمع المصرى وسرد سلبياته التى يعانى منها كنتيجة مباشرة للسياسات المطبقة على مدار الخمسة والعشرين عامة الماضية.
وقد حرص الحزب على إبراز إنفراده دون غيره من الأحزاب بوضوح تصوره للوسائل الكفيلة بإخراج مصر من أزمتها الشاملة ، وكان هذا هو عنوان البند الاول فى البرنامج. وفى البند الثانى ركز البرنامج على بيان سبل توفير التمويل اللازم لتنفيذه مؤكدا فى كل حال التزامه بالتنمية المستقلة والمستدامة (الشق الإقتصادى). وفى البند الثالث نوه البرنامج بحكم الشعب والإصلاح الديمقراطى (الشق السياسى من البرنامج)، وشدد البند الرابع على ضرورة وضع حلول عادلة لثالوث البطالة والفقر والغلاء (الشق الإجتماعى من البرنامج) شاملا كل مكون من المكونات الثلاثة بنقطة مفصلة. واختص البند الخامس بسبل التصدى للفساد الذي يعد ظاهرة مركبة متعددة الوجوه والأبعاد. وأعادت البنود من السادس الى الثامن مقاربة جانب أو آخر من جوانب القضايا المجتمعية المدمجة فيما سبق من محاور، إذ اهتم المحور السادس بنوفير الخدمات الأساسية مثل : التعليم، الصحة والبيئة، الإسكان بأسعار ملائمة وجودة عالية، وعنى المحور السابع بحماية الحقوق المستقرة والعدالة الإجتماعية لفئات الشعب من فلاحين وعمال وطلاب وشباب ونساء ومسنين، وكرر المحور الثامن مطلب التنمية الشاملة والمستمرة بالإتماد على النفس. وجاءت البنود من التاسع الى الثانى عشر لتتناول على التوالى موضوعات التجديد الثقافى وحماية الوحدة الوطنية، والسياسة الخارجية سواء بمعنى تحقيق التكامل الإقتصادى العربى أو بمعنى إقامة علاقة متوازنة مع مختلف دول العالم. ومن ثم نجد أن محاور ذلك البرنامج لرئيسية هم : أ. قضايا سياسية والت شملت: - نظام الحكم. - المجتمع المدنى. - حقوق الإنسان. - المواطنة. ب. قضايا إقتصادية وإجتماعية. ج. قضايا ثقافية. ثانيا : خريطة المرشحين للتيارين اليارى والقومى
تعود أهمية استجلاء معالم خريطة المرشحين فى الإنتخابات البرلمانية لكونها تعد بمثابة مختبر حقيقى ومؤشر حاسم لا لبس فى دلالاته فيما يتصل بمسيرة التحول السياسى نحو مزيد من التمثيل المتوازن والمتكافئ لشتى خطوط الإنقسام ولمختلف صور التباين فى المجتمع. ومن ثم، نحو توسيع دائرة المشاركة لتشمل كافة ماهو قائم على أرض الواقع من تيارات حزبية واتجاهات سياسية، وبحيث يجد الجميع بما فى ذلك القطاعات الجماهيرية والشعبية العريضة ، فى مجلس الشعب مرآة عاكسة لتركيبة المجتمع، ويرى فيه كل فرد صوتا معبرا عن مصالحه، يتبنى توجهاته، ورؤاه، وقضاياه ويدافع عن حقوقه، وبما يضمن لمختلف فئات المجتمع الإنخراط المأثرفى الحياة السياسية والمساهمة الفعالة فى مجرياتها.
- ملامح على خريطة المرشحين لأحزاب التيارات محل الدراسة
1. انحسار مصداقية الأحزاب وصعود ظاهرة المستقلين: وذلك كان لعدة أسباب منها، ماتعانيه تلك الأحزاب من عوامل ضعف داخلية، فهناك عوامل بنيوية أخرى أعمق وأخطر تتعلق بجوهر الحياة السياسية ومنها على سبيل المثال ماتعانيه الأحزاب السياسية القائمة من عوامل ضعف وهشاشة هيكلية و افتقار للديمقراطية على مستوى الممارسة الداخلية. كذلك تجدا الخلافات الداخلية لتلك الأحزاب مثال لذلك حزب العمل: المجمد نشاطه منذ يونيو 2000 مما أضطر أعضاؤه لخوض الإنتخابات كمستقلين، وغيرهم من أعضاء الأحزاب الذين يترشحون كمستقلين لأسباب أخرى كوجود خلافات مع قياداتهم الحزبية أو وفقا لحسابات معينة خاصة بأحزابهم. وأخيرا وليس آخرا، ما تواجهه الأحزاب من قيود فى الداخل وضغوط فى الخارج،هذا علاوة على التحديات والقيود القانونية من الداخل والمتغيرات الخارجية فى البيئة الدولية مع اكتساح موجة العولمة وسقوط الأيدلوجيات وما نجم منه من حالة إلتباس فكرى أزال الفروق بين الأحزاب. 2. تحالف الجبهة الوطنية للتغيير السياسى والدستورى: الجبهة الموحدة للمعارضة، حيث عرفت تلك الإنتخابات بظاهرة جديدة وهى تشكيل ماسمى بتحالف الجبهة الوطنية للتغيير السياسى والدستورى ككتلة موحدة ضمت ستة من أحزاب المعارضة الرئيسية منها: حزب التجمع التقدمى و الحزب العربى الناصرى و حزب العمل وحزب الكرامة.
3. الأحزاب الصغيرة ولجنة التنسيق: حيث ضمت الأحزاب التسعة الصغيرة نفسها وأطلقت على نفسها "لجنة التنسيق" وضمت تلك اللجنة بعض الأحزاب اليسارية والقومية الصغيرة مثل : حزب العربى الإشتراكى،و التكافل الإجتماعى،و الوفاق القومى.
ومن خلال ما قدمناه من ملامح توضح تلك الخريطة وشكل الإنتخابات فى تلك الفترة نجد أن توزيع المرشحين بحسب إنتماءهم السياسى جاء كالتالى:
- حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى 146 مرشح. - الحزب العربى الناصرى 22 مرشح. - حزب العمل 16 مرشح. - حزب الوفاق القومى 1 مرشح. - جزب الكرامة( تحت التأسيس ) 9 مرشح.
وسنجد أن لتلك الملامح ولتلك البيانات والأرقام دلالتها على نتاج الإنتخابات التشريعية لعام 2005م.
ثالثا : نتائج إنتخابات مجلس الشعب 2005
جاءت نتائج الإنتخابات لكافة الأحزاب المعارضة وليس فقط أحزاب التيارات السياسية محل الدراسة مخيبة للآمال حيث حصل حزب الوفد على 6 مقاعد وهو ، على الرغم من قلتهم، إلا أنهم يعدوا إنجازا مهما فهذا يضعه فى المرتبة الثانية، بينما حصل حزب التجمع على مقعدين ومقعدين أخريين لحزب الكرامة. أما الحزب الناصرى فقد إنضم عضو الحزب الناصري فى إنتخابات 2000 الى الحزب الوطنى الحاكم، آن ذاك، أما فى إنتخابات 2005م لم يتمكن أى عضو ناصرى من الفوز بمقعد برلمانى، وان كان أحد المستقلين من التيار الناصرى قد فاز بمقعد برلمانىولكنه ظل مستقلا.
- النتائج والدلالات: تشكل الإنتخابات فرصة للوقوف على طبيعة التطور السياسي فى المجتمع، فالإنتخابات توفر لحظة كاشفة لاستطلاع مشاهد الحياة السياسية وسبر أغوارهاومتابعة تفاعلاتها والقوى والمؤثرات الفاعلة فيها وعمليات متنوعة للتصويت والدعاية واستخدام الرموز والشعارات والأموال.وقد مثلت تلك الإنتخابات لحظة كاشفة لآليات النظام السياسى وحقيقة القوى والتفاعلات التى يشهدها. كشفتالإنتخابات حقيقة لم تكن غائبة، ألا وهى أن التحول الديمقراطى المزعوم مجرد أعمال تجميلية أو شكلية تقتصر على المظهر فحسب، دون مضمون، وأن الخطوات التى تحقق التحول لم يتخذ الاهم منها بعد، وأن ما اتخذ يظل قاصرا عن أن يلبى استحقاق ديمقراطى ويدور فحسب فى اطار صالح استمرارية الأوضاع وبقاء النظام السياسى كما هو على حالته. والنظام السياسى لديه خبرة لا تضاهى فى التأجل والتجميل، فأصبح الإصلاح مؤجلا أو تجميليا مظهريايحترف تأجيل المشاكل والتحايل عليها. وهكذا لم يكن منطقيا أن تكشف الإنتخابات الا مثل هذا الواقعوالذي هو واقع لخريطة سياسية مرتبكة: حيث عناصر وتيارات جديدة على الساحة لكنها تتعثر، وأخرى قديمة تظل متشبثة بالسلطة متصدرة المشهد وموحية بأن الجمود أقوى من كل جديد. فقد كشفت تلك الإنتخابات عن ضعف وخلل واضح فى جميع الأحزاب السياسية القائمة على الساحة، وقد أشاربعض الكتاب الى أن حتى الحزب الوطنى الحاكم، آن ذاك، ضعيفويريد أن يحيط نفسه بأحزاب ضعيفة، لذلك فقد منع تجول أحزاب المعارضة الشارع المصرى ووسط الجماهير. والحقيقة أن المؤسسات الأخرى فقدت الكثير من مؤسسيتها، وليس الأحزاب السياسية فحسب، لذلك كان البرلمان ضعيفا و أداة تابعة تفتقد مقومات الإستقلال والفاعلية، وظل موقف القضاء فى ذلك الوقت كفاحيا للمحافظة على استقلاله.
- الانتخابات التشريعية 2010م .
أولا : تحليل البرامج السياسية
جاءت برامج أحزاب تلك التيارات متشابهة لبعضها البعض الى حد ما وذلك قد نراه من خلال عرض برامج أحزاب تمثل التيارين محل الدراسة.
أ. برنامج حزب التجمع التقدمى الوحدوى:
تطرق برنامج حزب التجمع التقدمى الى قضايا مجتمعية جاءت تحت عنوان " برنامج للتغيير السياسى والإقتصادى والإجتماعى " . وتتحصل أهداف هذا البرنامج فى إنهاء الإستبداد ، والقضاء على الفقر والبطالة وإقامة جمهورية برلمانية ديمقراطية، وتوزيع عادل للثروة والدخل وتحقيق تنمية وطنية مستقلة. وقد اتفق برنامج حزب التجمع مع برامج بعض الأحزاب الليبرالية فى البدء بتعداد مظاهر تردى أوضاع المجتمع المصرى وسرد السلبيات التى يعانى منها كنتيجة مباشرة للسياسات المطبقة على مدار الخمسة والعشرين عاما الماضية وقد تكون برنامج الحزب من عدد من البنود والتى يمكن إجمالها فى 6 موضوعات. حيث نجد فى الموضوع الأول يخص بإخراج مصر من أزمتها الشاملة، كذلك توفير التمويل اللازم لتنفيذ برنامج الحزب مؤكدا فى كل حالة التزامه بالتنمية المستقلة والمستدامة. وأتى الموضوع الثانى ، بإقرار حكم الشعب وضرورة الإصلاح الديمقراطى باعتباره أساس الحياة السياسية السليمة وكان هذا ما يخص الشق السياسى. أما الموضوع الثالث فأتى بوضع حلول عادلة لقضايا البطالة والفقر والغلاء وقد كان شاملا ومفصلا لكل نقطة، كما يؤكد على التصدى للفساد الذي يعد ظاهرة مركبة ومتعددة الوجوه والأبعاد. أما الموضوع الرابع فقد أخص بتوفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والبيئة والإسكان، كذلك تحقيق وحماية الحقوق المستقرة و العدالة الإجتماعية لفئات الشعب، كما أكدت على تحقيق التنمية الشاملة بالإعتماد على النفس. وجاء الموضوع الخامس بالشق الثقافى حيث أكد على التجديد الثقافى و جماية الوحدة الوطنية. وأخيرا السادس، أتى فى الإطار الخارجى حيث تحقيق تكامل إقتصادى عربى و إقامة علاقات متوازنة مع مختلف دول العالم.
ب. برنامج الحزب العربى الناصرى:
لم يختلف برنامج الحزب الناصرى عن الأهداف العامة للحزب والتى فى مقدمتها هو إسترداد المكاسب التى حققتها ثورة يوليو 1952م، وقد شمل البرنامج بعض الموضوعات أبرزها الإقتصادية والإجتماعية وما يخص السياسة الخارجية، أما الإقتصادية فقد جاءت تأكد على ضرورة الإتجاه نحو التقدم والتنمية الشاملةن كذلك إقامة اقتصاد وطنى مستقل، كما أكدت على فكرة المشاركة الجماهيرية و التخطيط الشامل وتشجيع القطاع العام والخاص والقطاع التعاونى فى إطار خطة الدولة. بينما المجال الإجتماعى فقد جاء مأكدا على أهمية حقوق الإنسان، وضرورة تحسين أوضاع المعلم وتطوير التعليم والعناية باللغة الوطنية، كما تأكد على توفير العلاج المجانى لعامة الشعب وأهمية إشراك النساء فى كافة الأنشطة، وكذلك ضرورة تخصيص نسب متزايدة من الدخل القومى لأغراض البحث العلمى وربطه بالتعليم. أما ما يخص السياسة الخارجية فقد أكد برنامج الحزب على أن القضية الفلسطينية هى قضية تهم العرب واسترداد الأرض العربية المحتلة هى القضية الكبرى، كذلك أكد ضرورة غستيعاب الخلافات السياسية العربية وضرورة وجود وحدة بين أقطار العالم العربى.
ويأخذ على تلك البرامج أنها لم تعكس الأطر الفكرية للحزب، حيث غاب المكون الأيديولوجى والفكرى السياسى لحساب الأبعاد الإقتصادية والإجتماعية. فمن اللافت للإنتباه أنه إذا كانت تلك الأحزاب قد ركزت فى برامجها على الجانب الإقتصادى من مكافحة الفقر والبطالة والقضاء عليها وتوفير الخدمات الرئيسية من تعليم جيد ورعاية صحية ذات جودة عالية، غير أن مفهومها للفقر وأبعاده لم يراوح مكانه من كون الفقر مشكلة ترتبط بتراجع معدلات النمو الإقتصادى فى المقام الأول. ومن ثم جاء طرح المشكلة مفككا وبعيدا عن الفقر كمشكلة بنائية تتعدى الأبعاد الإقتصادية الى ضعف الإطار السياسى وتراجع الحريات وغياب المساواة فى توزيع الثروات، ومن ثم ضعف الفرص والبدائل والخيارات أمام المواطنين.
ثانيا : خريطة المرشحين للتيارين اليسارى والقومى فيما يتعلق بخريطة المرشحين لتلك الإنتخابات ،عموما ، فنجد أن هناك 1188 مرشحا من الأحزاب فى مقابل 2498 من المستقلين، وقد تربع الحزب الوطنى على القمة بتقديمه 763 مرشحا أما الأحزاب اليسارية والقومية فقد كان عدد مرشحيها إجمالا 109 مرشحا وتفصيلا كالآتى: - حزب التجمع 66 مرشح. - حزب العدالة الإجتماعية 3 مرشح. - الحزب الناصرى 31 مرشح. - حزب التكافل 5 مرشح. - حزب مصر العربى الإشتراكى 4 مرشح.
وقد شهدت تلك الإنتخابات عودة لنظام الكوتة والذي يعنى تخصيص مقاعد للنساء، وقد كان الغرض من عودته هو رفع تمثيل المرأة فى مجلس الشعب، وبالرغم من ذلك جاء ترشيح النساء على مقاعد الكوتة ضعيفا مقارنة بإجمالى المرشحين إلا أن عدد النساء المرشحات فى انتخابات 2010 زاد بنسة أربعة أضعاف أعداد المرشحات فى انتخابات مجلس الشعب 2005 ونجد ذلك الضعف جليا عن الأحزاب اليسارية والقومية حيث تجد أن مجموع المترشحات من كلا منهما إجماليا 20 مرشحة وتفصيلا كالآتى : - حزب التجمع 8 مرشحات. - حزب العدالة الإجتماعية مرشحة واحدة. - الحزب الناصرى 6 مرشحات. - حزب الكرامة مرشحة واحدة. - حزب مصر العربى الإشتراكى 4 مرشحات.
ومن خلال تلك الخريطة تظهر لنا الملامح التالية:
- تفوق الحزب الوطنى فى أعداد المرشحين على ما عداه من الأحزاب الأخرى التى شاركت، خاصة مع لجوء الحزب الى تقديم أكثر من مرشح على نفس المقعد. - إزدياد حدة المنافسة والمشاركة من خلال تزايد أعداد الأحزاب التى بلغت 19 حزبا (صوريا) فضلا عن أعداد كبيرة من المستقلين فاقت أعداد المرشحين الحزبيين وهو ما يعود الى عدة عوامل أبرزها طبيعة النظام الإنتخابى الذي يقوم على تقديم مرشحين أفراد. - إستمرار ظاهرة المستقلين والتى إستمرت من بعد انتخابات 2000 حتى 2010 والتى تأكد مرارا وتكرارا على ضعف الأحزاب على الساحة السياسية كافة وكذلك يكرس عدم ثقة الناس بتلك الأحزاب.
ثالثا : نتائج إنتخابات مجلس الشعب 2010
جاءت النتائج النهائية للإنتخابات لتعلن إكتساح الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم الغالبية العظمى من مقاعد مجلس الشعب، فحسبما أعلنت اللجنة العليا للإنتخابات أن هذا الحزب قد استحوذ على 419 مقعدا تمثل نسبته 83.1% من إجمالى المقاعد، فيما حصل المستقلون على 70 مقعد تمثل نسبته 13.9% وترك لأحزاب المعارضة 15 مقعدا بواقع 3% من إجمالى المقاعد. كما نجد أن الحزب الوطنى قد استحوذ على المقاعد المخصصة للمرأة فقد استأثر لنفسه بخمسة وخمسين مقعدا بواقع 89% من المقاعد وبقيت 7 مقاعد حصلت عليها المرشحات المستقلات. وقد حازت الأحزاب اليسارية دون القومية على مقاعد فى البرلمان حيث نجد أن حزب التجمع قد حاز على 5 مقاعد داخل المجلس وحزب العدالة الإجتماعية قد حاز على مقعد واحد فى المقابل نجد التيار القومى لم يحوز على أى مقعد برلمانى داخل مجلس الشعب.
وقد كانت هناك ملامح رئيسية لتلك الإنتخابات:
1. أول إنتخابات بعد التعديلات الدستورية: تعتبر تلك الإنتخابات هى أول انتخابات برلمانية فى مصر بعد إجراء التعديلات الدستورية فى مارس 2007 والتى كان من بين مقاصدها تقوية البرلمان فى مواجهة السلطة التنفيذية، نظريا، كما أنها سمحت بالجمع بين النظام الإنتخابى الفردي ونظام القوائم و أن يكون هناك حدا ادنى لتمثيل المرأة فى مجلس الشعب. كما أكدت على انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب ومن ضمن شروط ذلك الترشح هو التمثيل البرلمانى للحزب.
2. أول انتخاب بعد إلغاء نظام الإشراف القضائي: تعد هذه الإنتخابات هى أول انتخابات تجرى بعد إلغاء نظام الإشراف القضائي عليها بموجب تعديل المادة (88) من دستور 1971م، واسناد هذا الإشراف الى لجنة عليا للإنتخابات يشترط فيها الحيادية والإستقلالية، وذلك يتنافى مع طريقة تشكيلها حيث يقوم مجلس الشعب بانتخاب تلك اللجنة. وقد كانت هناك منادات للمطالبة بإعادة نظام الإشراف القضائي الكامل على انتخابات مجلس الشعب فى جميع مراحلها زالذي تم إثبات نزاهته نسبيا فى الإنتخابات السابقة بعكس ما حدث فى انتخابات 2010والتى عرفت بالتجاوزات واتهامات وتهديدات وتنديدات ببطلان هذا المجلس.
ومن خلال تلك النتائج نصل الى دلالات ذات صلة بوضح التيارين اليسارى والقومى وكذلك كان لها أثرها فى ثورة 25 يناير 2011 وذلك فيما يلى:
- ظاهرة تغول الحزب الوطنى الديمقراطى: تعكس نتائج انتخابات مجلس الشعب منذ بدء التعددية الحزبية الثانية ظاهرة تغول الحزب الوطنى الديمقراطى أو ديكتاتورية هذا الحزب الحاكم الذي إستأثر بالسلطة منذ قيامه وحرص على عدم تداولها بأى حال من الأحوال حسبما أكدت النتائج فى انتخابات 2000و2005 التى حصد فيها الحزب الوطنة أقلية برلمانية فى عدد المقاعد لولا ضمه للمستقلين الذين شكلوا حائط السد الخفى للحزب الحاكم فى الإنتخابات المتعاقبة. ويصل تغول الحزب واستئثاره بالسلطة الى حد الإحتكار للعمل السياسى والبرلمانى على امتداد أكثر من ثلاثة عقود هى عمرهذا الحزب، ولم يفكر قط فى أن يكون خارج السلطة، بل ولا يقبل أن تشاركه القوى السياسية الأخرى فى إقتسام السلطة على غرار ما شهدته العديد من النظم السياسية المتحولة نحو الديمقراطية.
- تكريس حالة ضعف الأحزاب المعارضة: يكرس النظام الإنتخابى المصرى ونتائج انتخاباته البرلمانية المتعاقبة حالة من الضعف العام أصابت أحزاب المعارضة، ومنها اليسارية والقومية محل الدراسة، ودورها فى الحياة البرلمانية والسياسية، ويظهر ذلك بسهولة فى نتائج انتخابات مجلس الشعب 2010 والتى خاضها 6 أحزاب يسارية وقومية وتم تمثيلهم بشكل هزيل لتبلغ نسبتهم حوالى 0.4% من المجلس ب6 أعضاء فقط ،و3% لإجمالى الأحزاب المعارضة. ونلاحظ أنه منذ إلغاء نظام القوائم الحزبية والعودة الى النظام الفردى فى الإنتخابات قل تمثيل المعارضة فى البرلمان المصرى، ورغم أن التعديلات الدستورية الصادرة فى 2007والتى قد وفرت حماية دستورية لهذا النظام وللأخذ به أو التزاوج بينه وبين الفردى، ولم يسارع الحزب الوطنى الحاكم الى الأخذ بهذا النظام وتقنينه على غرار ما فعل بالنسبة لنظام الكوتة، وذلك مايثير التساؤل عن مدى إيثار الحزب الحاكم لهذا النظام وتجاهل الآخر وذلك بإعتباره يكفل لهذا الحزب تحقيق الأغلبية المصطنعة التى يحققها باستمرار فى الإنتخابات المتعاقبة فضلا عن استمرار ضعف الأحزاب وبقاء فئة المستقلين غير المنتمية لأى حزب والتى يستغلها لتكوين الأغلبية.
- إقصاء رموز المعارضة والقيادات الفاعلة: ضم مجلس الشعب 2005 مجموعة كبيرة ومتنوعة من رموز المعارضة وقياداتها الفاعلة والمؤثرة فى هذا المجلس طوال دورات إنعقاده، سواء من برز منهم فى صفوف أحزاب المعارضة أم من ظهر منهم فى صفوف المستقلين. وتقدم عدد كبير من أعضاء المعارضة بمجلس شعب 2005 وخاضوا انتخابات 2010، والظاهرة الملفتة للنظر أن النسبة الغالبة منهم قد خرجت من الجولة الأولى فى الإنتخابات وقضت الجولة الثانية على النسبة الباقية، ليظهر بجلاء أن هذه محاولة ظاهرة لإقصاء هذه الرموز والقيادات المعارضة عن دخول مجلس الشعب ولم ينجح من هذا الإقصاء إلا عضوا واحدا. الباب الثانى التيار اليسارى والقومى بعد ثورة 25 يناير
الفصل الأول ثورة يناير بين مواقف الأحزاب القيدمة وإفرازات حزبية جديدة
أولا : مواقف الأحزاب اليسارية والقومية من ثورة يناير 2011م
اختلفت مواقف الأحزاب الشرعية – وعددها 24 حزبا – حيال ثورة 25 يناير، حيث جاء موقف كل حزب معبرا وكاشفا عن طبيعة علاقة هذا الحزب أو ذاك سواء بالنظام الحاكم كطرف أول أو بالشعب المصرى كطرف ثان لثورة 25 يناير.
ونظرا لموضوع الدراسة الذي يخص التيار اليسارى والقومى فى مصر والذي تمثله بعض الأحزاب بصفة شرعية، يمكننا تقسيم الأحزاب إلى 4 فرق، منها الفريق الذي دعا للتظاهر أو للثورة يوم 25 يناير وهى: حزب العمل الإشتراكى" المجمد " ، أما الثانى فكان من الأحزاب التى رفضت المشاركة بشكل رسمى فى المظاهرات إلا أن بعض أعضاءه وقياداته شاركوا منذ اللحظة الأولى حتى تحول الموقف الرسمى لأحزابهم إلى المشاركة فيما بعد وهى: التجمع والعربى الناصرى، أما الفريق الثالثفمثله الأحزاب التى التزمت الصمت تماما وهى: الدستورى الإجتماعى و التكافل الإجتماعى والوفاق القومى و حزب الأمة، أما الفريق الرابع ممن رفضوا بل و نددوابالتظاهرات أو الثورة بمجرد الدعوة لها، ووصفوها بالخروج عن الشرعية التى تستوجب التصدى لها لدرجة أن بعضهم أصدر بيانا موحدا أدانوا فيه التظاهر يوم عيد الشرطة، وناشدوا المواطنين بعدم المشاركة وهى: حزب العدالة الإجتماعية و مصر الفتاة " المجمد " ومصر العربى الإشتراكى.
ولعل هذه التصنيفات التى كشفت، ومن ثم أكدت، على وجود تباين و اختلاف واضح فى مواقف الأحزاب تجاه الثورة، لم تستطع إخفاء حجم هذه الأحزاب الطبيعى وكونها جميعا – أى الأحزاب – دون مستوى الحدث الجلل لثورة 25 يناير 2011م. وفى حقيقة الأمر لم يكن تصنيف الأحزاب أو تقسيمها إى فرق من حيث مواقفها وأدائها خلال الثورة، وهى مواقف اختلفت من حزب لآخر وتغيرت من حدث إلى آخر داخل الحزب الواحد، رأيا أو تبنى لوجهة نظر بعينها بل كان نتيجة لما تم من رصد لأداء ومواقف وردود أفعال هذه الأحزاب حيال ماحدث خلال فترة الثورة، حيث تم تقسيم فترة الثورة إلى خمس مراحل زمنية رئيسية، شهد كل منها حدث أو مجموعة أحداث أثرت فى أداء وردوود أفعال هذه الأحزاب التى تم رصدها ووضعها فى إطار علمى يساعد على تقيم أداء الأحزاب خلال فترة الثورة. فكان تقسيم المراحل الزمنية الخمس على النحو التالى: - المرحلة الأولى : ماقبل 25 يناير. - المرحلة الثانية : من 25 يناير وحتى مساء 28 يناير. - المرحلة الثالثة : من مساء 28 يناير حتى خطاب الرئيس فى 1 فبراير. - المرحلة الرابعة : من أعقاب 1 فبراير حتى 11 فبراير. - المرحلة الخامسة : ما بعد خطاب التنحى. والحقيقة أن تحديد وتقسيم هذه المراحل لم يأت اعتباطا ولم يتم بشكل عشوائي، بل جاء بعد رصد كافة الأحداث التى شهدتها فترة الثورة ثم تم تحديد أهم الأحداث التى كان من شأنها التأثير على الرأى العام وجموع الثوار، كما كان لها تأثير على ردود أفعال ومواقف هذه الأحزاب.
- المرحلة الأولى : ماقبل 25 يناير
ردود الأفعال ومواقف الأحزاب السياسية ظهرت فى هذه المرحلة بمجرد إعلان الدعوة للتظاهر يوم 25 يناير الموافق لعيد الشرطة على موقعى فيس بو و تويتر، فجاء موقف الفريق الأول الذي يمثله حزب العمل الإشتراكى " المجمد " داعما للدعوة مؤيدا لها، ليس ذلك فحيب بل بدأ الحزب بالنتسيق مع العديد من الحركات الإحتجاجية والسياسية بهدف الإعداد لليوم الأول بشكل جديد. أما الفريق الثانى والذي رفض المشاركة رسميا فى ما أطلق عليه يوم الغضب المصرى فقد جاء حزب التجمع والعربى الناصري ممثلين للتيارات محل الدراسة فى ذلك الفريق، مع وجود إختلاف فى مواقفهم قليلا إلا أنهم إتفقوا على شئ واحد وهو عدم مشاركتهم رسميا فى هذا اليوم وذلك كان لأسباب متباينة، أما حزب التجمع والذي أصدر بيانا فى 23 يناير قال فيه أن التظاهر فى هذا اليوم لا يعد ميعادا ملائما للإحتجاج نظرا لأنه يتوافق مع الإحتفال بذكرى المعركة البطولية التى قام بها أفراد الشرطة فى مواجهة الإستعمار، كما جاء فى البيان، وقد ذكر البيان أن من حق أى عضو من أعاؤه التحرك للدفاع عن مطالب الجماهير المصرية، وبالنسبة للعربى الناصرى فقد كان منشغلا بالخلافات الداخلية على رئاسة الحزب بين سامح عاشور نائب رئيس الحزب و أحمد حسن مدري عام جريدة الحزب، ولكن هذا لم يمنع الحزب من الإعلان بعدم المشاركة فى تلك المظاهرات حتى أن الحزب أغلق مقره كيوم إجازة رسمية.
وبالنسبة للأحزاب التى عارضت، ومن ثم هاجمت وبشدة فكرة التظاهر أو الدعوة ليوم الغضب المصرى من أساسه، فقد شكلت هذه الأحزاب ائتلافا غير مقصود هاجم الدعوة ليوم الغض المصرى ومن الواضح أن رؤساء بعض هذه الأحزاب شعروا بأن ما قدموه من خلال البيانات التى أصدرتها أحزابهم لمحاربة هذه التظاهرات ليس كافيا، فخرج رئيس كل حزب من هذه الأحزاب ليهاجم الدعوة للتظاهر فى ذلك اليوم.
- المرحلة الثانية : من 25 يناير وحتى مساء 28 يناير
تسببت أحداث 25 يناير التى أسفرت عن مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين فى حدوث تحولات إيجابية فى أداء وموقف بعض الأحزاب مثل ( التجمع والناصرى )، فبعدما كانت قيادات هذه الأحزاب مصممة على إعلان رفضها الرسمى للمشاركة فى انتفاضة يوم الغضب المصرى، فتح التجمع مقره الحزبى للمتظاهرين والمصابين ثم أعلن قراره بالمشاركة فى مظاهرات الجمعة 28 يناير والتى أطلق عليها جمعة الشهداء وأعلن الحزب أن جميع مقراته فى كافة المحافظات كما قامت بالتنسيق مع كافة القوى السياسية تمهيدا للمشاركة فى التظاهرات. وبالنسبة للحزب العربى الناصرى فقد أعلن يوم 27 يناير أن الحزب سوف يشارك فى مظاهرات يوم الجمعة، كما شدد على أعضاءه بضرورة حضور تظاهرات الجمعة والتجمع أثناء الصلاة كما تم فى يوم الجمعة عقد إجتماع طارئ يوم الجمعة بهدف وضع ملامح خطة عمل للمرحلة القادمة، ولابد أن نذكر أن كان هناك مغازلة للرئيس مبارك من قبل سامح عاشور نائب رئيس الحزب وذلك عندما صرح بان هناك مطالب للإصلاح السياسى مع الإحتفاظ و التأكيد على شرعية مبارك.
أما الأحزاب ( التى شكلت الفريق ) والتى دعت للتظاهر منذ اللحظة الأولى فقد ظلت على موقفها فى التواجد بالشارع مع كافة القوى السياسية المشاركة.
- المرحلة الثالثة : من مساء 28 يناير حتى خطاب الرئيس فى 1 فبراير
بدأت تلك المرحلة مساء الجمعة 28 يناير بانسحاب الشرطة مرورا بخطاب الرئيس الأول والذي أقال فيه حكومة نظيف، ولتنتهى قبل إلقاء الرئيس لخطابه الثانى فى الأول من فبراير، فقد كان لانسحاب الشرطة عصر 28 يناير وحدوث ما عرف بالإنفلات الأمنى، أثر كبير على أداء بعض الأحزاب، وبالأخص المعروفة إعلاميا. أما ما يخص بالفرق الحزبية المقسمة من ذى قبل فجاء الفريق والذي يمثله حزب العمل لم يبد أى تعاطفا مع الحزب الوطنى حيالحرق مقراته، وهو ماظهر فى تصريحات ممثلين الحزب والذين فسروا ذلك بأنه نتاج طبيعى لغضب الشعب المصرى والمحتجين على النظام، كما يأكد افتقاد الحزب الحاكم للحد الأدنى من الشعبية. أما الفريق الثانى والذي يمثله حزبى التجمع والناصرى، فقد تشابهت ردود أفعالهم على المستوى السياسى إلا أن حزب التجمع حرص على أداء الدور الإجتماعى والوطنى بجانب دوره السياسى وذلك من خلال فتح مقراته لاستقبال المتظاهرين والمصابين، أما بالنسبة للدور السياسى فقد حرص الحزبان على إثبات تواجدها فى الأحداث من خلال إصدار البيانات التى أيدت الإنتفاضة الشعبية ومطالبهم المشروعة دون التمسك بمطلب إسقاط النظام وهو المطلب الأول للجماهير منذ تصاعد الأحداث يوم الثلاثاء 25 يناير، كما نددت بالجرائم التى ارتكبها النظام فى حق المتظاهرين.
ولعل التحرك الأكثر بروزا وأهمية من بعض الأحزاب فى هذه المرحلة، كان إعادة تشكيل وإحياء الإئتلاف الوطنى المفكك، والذي تأسس عام 2010 والذي ضم 4 أحزاب وهى ( الجبهة الديمقراطية و الوفد و التجمع و العربى الناصرى ) والتى إجتمعت قاداتها لتخرج بأول بيان لهذا الإئتلاف والذي حدد مجموعة من الإجراءات واجبة النفاذ لمواجهة ما أطلقوا عليه " الفراغ السياسى " الذي تعانى منه البلاد، والذي كان المحرك الأول لوحدتهم، على حد ما أعلنوه فيما بعد، والإجراءات هى : استجابة الرئيس مبارك للمطالب الشعبية وترك منصب رئيس الجمهورية بعد أن أسقطت التظاهرات والإحتجاجات شرعية نظامه. تشكيل حومة وطنية. تشكيل جمعية تأسيسية منتخبة تقوم بوضع دستور جديد للبلاد. حل المجالس النيابية القائمة. الوضع لم يختلف بالنسبة للفريق الثالث من الأحزاب التى ظلت محافظة على صمتها التام، أما الفريق الرابع كان الوضع مختلف معه إختلاف محدود جدا حيث إنتقلوا من الهجوم على دعوات التظاهر فى عيد الشرطة، ورفض المشاركة فى يوم الغضب إلى الإختفاء التام من التواجد الإعلامى سواء على مستوى الصحف أو الفضائيات.
- المرحلة الرابعة : من أعقاب 1 فبراير حتى 11 فبراير
نأتى الأن للفترة الزمنية الرابعة والتى بدأت بانهاء الرئيس السابق من إلقاء الخطاب الثانى مساء الأول من فبراير واستمر حتى ماقبل خطاب عمر سليمان الذي أعلن فيه عن تخلى الرئيس مبارك عن مهام منصبه كرئيس للجمهورية مساء الحادى عشر من فبراير، وقد كان محتوى الخطاب له أثره على الساحة فى ذلك الوقت. فبالنسبة للإئتلاف الرباعى، والذي كان يتصدر المشهد السياسى، بإعتبار أبرز القوى السياسية الشرعية فقد أصد بيانا أعلن فيه عن قبول الحوار مع عمر سليمان نائب الرئيس، كما أشار البيان إلى أن قبول الحولر جاء بهدف الحفاظ على أمن وسلامة واستقرار الوطن مؤكدين على أن أحزاب الإئتلاف لاتمتلك أاى توجهات لأى أحد سواهم، كما قد حذر الإئتلاف بعدم المساس بأمن الوطن والمتظاهرين وعدم التعرض لهم بأى شكل من الأشكال مع وض مطالب الشارع فى الإعتبار. أما باقى الأحزاب اليسارية والقومية والتى تم دعوتها للحوار الوطنى من قبل النظام سواء تلك التى كانت تهاجم المظاهرات قبل إندلاعها أو التى إلتزمت الصمت، فقد رحبوا بالحوار مع النظام وذهبوا للتحاور بالفعل مع نائب الرئيس وهو أمر قابله جمهور الثوار بالرفض التام، معلنين أنه لا يوجد من يمثلهم.
وفى تلك المرحلة زامنتها ما عرف " بموقعة الجمل " والتى تم فيها الإعتداء على ثوار التحرير من قبل مؤيدى الرئيس وذلك فى اليوم التالى لإلقائه الخطاب، وتلك الواقعة كان لها تأثير كبير على الأداء السياسى لبعض الأحزاب من ناحية، كما كشفت حقيقة وحجم البعض الآخر من الأحزاب التى تم دعوتها للحوار من ناحية أخرى، فبالنسبة للحزب الناصرى أعلن تجميده المشاركة فى الحوار مع النظام ردا على ما كان يحدث فى ميدان التحرير و إعتبر أن ما حدث يعبر عن إستخفاف النظام بالوطن والمواطن وأن ذلك النظام لايستحق الجلوس معه على طاولة واحدة. أما حزب التجمع فقد قرر بإجماع مكتبه السياسى رفض الدخول فى أى حوار مع النظام قبل تنفيذ مطالب الشعب، ثم عاد نفس المكتب السياسى فى إجتماعه يوم 5 فبراير ليفوض رفعت السعيد رئيس الحزب بعرض مقترحات الحزب فى مجالات الإصلاحات الدستورية والتشريعية و السياسية، إلا أن هذا التفويض أثار حفيظة كثيرين من أعضاء الحزب الذين ثاروا على رئيس الحزب وطالبوه بالتنحى. وهذا العرض يدلل على عدة أمور هى: تمسك بعض القيادات الحزبية بالحوار مع النظام السابق. حالة التخبط والتى جاءت متفاوتة من حزب لآخر، وذلك كان واضحا فى القرارات المتعارضة والتصريحات المتضاربة. عدم وجود تواصل بين الأحزاب وقياداتها والقاعدة العريضة من أعضاء أحزابهم، وهو ما أسفر عن تمرد مجموعات من الأعضاء داخل الحزب.
- المرحلة الخامسة : ما بعد خطاب التنحى
تبدأ هذه المرحلة وتنتهى فى نفس الوقت، بإلقاء السيد عمر سليمان لبينا تنحى مبارك عن مهامه الرئاسية فى 11 فبراير، وذلك الخطاب كشف الحجم الحقيقى والمواقف الفعلية لكل الأحزاب فتجد أن حزبى الناصرى والتجمع أعلنو عن فرحتهم إزاء هذا القرار، أما حزب العمل فقد إعتبر ذلك اليوم عيدا قوميا، أما باقى الأحزاب سواء تلك التى هاجمت الدعوة إلى الثورة أو تلك التى يسمع صوتها خلال سنوات تواجدها على الورق فجاء موقفهم مؤيدا لبيان التنحى الإعلان عن ثقتهم فى القوات المسلحة لإدارة شئون البلاد مثل الحزب الدستورى الإجتماعى وحزب الأمة، بينما حافظت باقى الأحزاب على صمتها. ثانيا : القوى اليسارية والقومية بعد ثورة 25 يناير
لم تقتصر تداعيات ثورة 25 يناير على تهاوي نظام حسني مبارك، فالحراك الشعبي الذي شهدته مصر خلال الثورة وما بعدها، قد طال مختلف قوى المعارضة المصرية. ولعل أكثر تلك القوى تأثراً بهذا الحراك هي قوى اليسار الطامحة إلى استعادة دورها التاريخي في شارع استعاد زخمه بعد سنوات طويلة من القمع والتدجين السياسيين. و يسعى اليساريون المصريون لمواكبة مرحلة ما بعد الثورة، ولذلك فقد أعاد رفاق الأمس، وخصوم اليوم، تنظيم صفوفهم. الحزب الشيوعي عاد إلى العمل العلني، مطلقاً إلى جانب عدد من المجموعات اليسارية، القديمة والمستحدثة، مبادرة لإقامة جبهة موحدة، غُيّب عنها حزب التجمع، الذي ما زال يتخبط في أزمة داخلية، يأمل شبابه في أن يتمكنوا من تجاوزها في المؤتمر التنظيمي المقبل المخصص لتجديد الدم في القيادة الحزبية الهرمة.
و لا يشكك أحد في أن ثورة 25 يناير قد شكلت محطة نوعية في تاريخ العمل الحزبي في مصر. ويراهن اليساريون المصريون على اتساع تدريجي في هامش الحريات العامة بما يسمح لهم بالتواصل السهل مع جماهيرهم، من عمال وفلاحين وطلاب ومثقفين، لكنهم بدأوا يستشعرون خطراً في هذا الإطار، وخصوصاً بعدما فرض قانون الاحزاب الجديد شروطاً مشددة لتأسيس الاحزاب جعلها، عملياً،امتيازا حصريا لليبراليين والإسلاميين. وبرغم إدراكهم صعوبة الموقف، والمعوقات الكثيرة التي تعترض طريقهم، يبدو الشيوعيون المصريون اكثر تفاؤلاً إزاء المستقبل. يختصر القيادي في الحزب الشيوعي المصري عصام شعبان هذا التفاؤل بكلمتين " الحلم والأمل ". ويرى شعبان أن الثورة المصرية ما زالت في خطواتها الأولى، فما جرى كان البداية الحقيقية لإحداث تغيير في نمط الحياة عند المصريين، ونعتقد أن السنوات الخمس المقبلة ستحمل ثورة اجتماعية ذات طابع مختلف و من جهته، صرح محمد حسني، من " الاشتراكيين الثوريين " أن الأرضية التي هيأتها الثورة قد فتحت الباب أمام كل الأفكار، سواء اليمينية (ليبرالية، إخوانية، وحتى سلفية وجهادية)، أو اليسارية بالمعنى الواسع للكلمة، ويشير حسني إلى أن الأفكار الاجتماعية والوطنية كانت مطروحة خلال الثورة، وكانت تحظى بقبول واسع، وهو ما يشير إلى وجود تربة يسارية، لكنها تفتقد إلى قطب يساري قوي يحركها، ويشير حسني إلى أنه بسبب الحجم الصغير للتشكيلات اليسارية، وفي ظل هامش ضئيل من الحرية لفترات طويلة، يمكن القول إن الثورة قد فاجأت من يبشرون بها بقدر ما فاجأت من لا يتقبلونها ويعادونها، وبالتالي فإن كفاحية التنظيمات وحدها لا تكفي لمواكبة هذه الحالة الثورية الناشئة .أما القيادي في " اتحاد الشباب التقدمي " الجناح الشبابي لحزب التجمع ناصرعبد الحكيم، فلا يرى أن الثورة قد أعطت زخماً قوياً لقوى اليسار، ويوضح عبد الحكيم السبب في ذلك بأنه لم يكن لأي فصيل يساري دور ملفت أو مؤثر، سواء قبل الثورة أو بعدها، بالرغم من المشاركة اليسارية في معظم التحركات الشعبية، علماً بأنها كانت بأعداد محدودة، وانتشار جغرافي ضيق النطاق. برغم ذلك،يوضح عبد الحكيم بأن الثورة أعطت هذه القوى شيئا آخر غير الزخم، وهو إتاحة المجال للتحرك والانتشار بين الجماهير، بعدما كان الفكراليساري يقدّم للجماهير بشكل باهت وضعيف عبر القنوات القليلة التي كانت متاحة لافتاً إلى أن اليسار بعد الثورة لم يعد في حاجة إلى قنوات كهذه، إذ أصبح الشارع القناة الأكبر لعرض أفكاره هذه. كما يضيف أنه في حال لم يستفد اليسار من هذا الواقع الجديد لإعادة تنظيم صفوفه، وتشكيل قوة سياسية لها وزنها الثقيل، فإنه سيفوّت على نفسه فرصة تاريخية قد لا تتكرر.
وما جاءت الثورة إلا لتأكد تشتت وانقسام فى صفوف التيار اليسارى وذلك على الرغم من أن هذه التعددية تعد إفرازا فكريا لثورة ، ولكن لا شك أن اليساريين المصريين في حاجة إلى أن يدركوا أن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، خاصة أن معظم القوى السياسية الأخرى قد بدأت تحسم خياراتها وتحالفاتها الجديدة في مرحلة ما بعد حسني مبارك، ولذلك فإن البحث عن القواسم المشتركة بدلاً من التمسك بالاختلافات، يبقى التحدي الأكبر الذي يستوجب عليهم أن يخوضوا غماره، حتى لا يدهسهم قطار التحولات الكبرى في مرحلة ما بعد 25 يناير. وهنا علينا أن نسرد بعض القوى اليسارية التى ظهرت على الساحة السياسية بعد الثورة كإفراز فكرى للثورة وقوى يسارية نشأت فى العهد السابق ولكن ظهرت كقوى ثورية إبان ثورة 25 يناير. - تيـار التجديـد الاشـتراكي انشق عن " الاشتراكيين الثوريين " في العام 2010، يقدم نفسه على أنه شبكة من المناضلين الاشتراكيين الثوريين، يناضل من أجل شق مجري الاشتراكية وسط الصراع السياسي والاجتماعي الدائر في مصر، جنباً إلي جنب مع كل من يناضلون من أجل هذا الهدف، وكل من يؤمنون بأنه لا تغيير من دون الجماهير، ومن أجل مصالحها، وكل من يسعون لبناء حزب اشتراكي وثوري للطبقة العاملة المصرية. - الحزب الشيوعي المصري حزب ماركسي - لينيني تأسس عام 1922، وقد عمل كحزب سري منذ عام 1924 حتى العام 2011و أعيد تأسيسه في العام 1975 بعدما حُل في منتصف الستينيات بقرار من قيادة الحزب في معتقلات الحقبة الناصرية. يتواجد أعضاؤه في العديد من المحافظات المصرية، خصوصاً في أوساط العمال والفلاحين والمثقفين، وبالرغم من سريته لوحظ أثر الحزب الشيوعي في الحركة السياسية المعارضة منذ نهاية التسعينيات، حيث شارك في التحركات المطالبة بالديموقراطية والنضالات العمالية. من أهم رموز الحزب : زكي مراد، محمود أمين العالم، يوسف درويش، أحمد نبيل الهلالي، ويوسف صديق. - الإشتراكيون الثوريون في أعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي، اتجهت مجموعة من الشباب اليساريين المصريين إلى تأسيس فصيل يساري جديد رفع شعارات أكثر راديكالية، ثم قاموا بتأسيس مركز الدراسات الاشتراكية كواجهة قانونية لتيارهم، وبدأ المركز في إصدار مجموعة من المطبوعات الدعائية والفكرية التي شملت ترجمة الأدبيات الماركسية. وقد حقق " الاشتراكيون الثوريون " انتشاراً كبيراً بين العمال، وكان لهم دور في انتخابات النقابات العمالية عام 1995 وتشكيل اللجان الشعبية لدعم الشعبين الفلسطيني والعراقي، وهو النشاط الذي أدى إلى القبض علي عدد من أفراد التنظيم في قضية كانت الأولى منذ ربع قرن لأي تيار يساري. - حزب العمال الديموقراطي نشأت مبادرة تأسيس حزب العمال في الأيام الأخيرة لتظاهرات ميدان التحرير، وذلك في خضــم الإضرابات العمالية التي كانت رمانة الميزان في كفة الثورة، وقد تم الإعلان عن تأسيسه في الأول من سبتمبر 2011، و تتميز مبادرة تأسيس حزب العمال بحرصها على أن تكــون العــضوية الأساســية فيه من الكوادر العمالية، التي افرزتــها النضالات العمالية ابتداءً من 2006. - حزب التحالف الشعبي الاشتراكي في 12 مارس 2011، وبعد سقوط اقتراح بطرح الثقة داخل اللجنة المركزية لحزب التجمع ، تقدم عدد من قيادات الحزب باستقالتهم، وقرروا تأسيس حزب يساري جديد، اطلق عليه اسم " حزب التحالف الشعبي الاشتراكي " وهو يضم المنشقين عن التجمع بالإضافة إلى تروتسكيين وبقايا حزب الشعب وحركة 8 يناير. ويقدم الحزب الجديد نفسه على أنه حزب ولد من رحم ثورة 25 يناير، ويتسع لكل القوى الديموقراطية التقدمية واليسارية والاشتراكية التي تناضل معا من أجل الشعارات التي احتضنتها الثورة.
أما فيما يخص التيار القومى فنجد أنه لم ينتج أى إفراز سياسى قومى كنتاج لثورة 25 يناير، وذلك قد يكون لأسباب تتعلق بالفكر القومى نفسه على الساحة السياسية قبل وبعد الثورة، فلم يكن هناك إهتمام به لطغيان الأسباب الإقتصادية والمطالب الإقتصادية والإجتماعية على الثورة وهذا ما أدى إلى النشاط اليسارى و كذلك الليبرالى كإحدى إفرازات الثورة المصرية. الفصل الثانى انتخابات ما بعد ثورة يناير 2011م : نتائج ودلالات
أولا : البرامج الإنتخابية
فى البداية سنلقى بالضوء على أهم ما ظهر فى برامج الأحزاب اليسارية والقومية المشاركة فى انتخابات مجلس الشعب 2011م ، وذلك من خلال عرض بعض القضايا المشتركة بين الأحزاب محل الدراسة، وستم البدء بالتيار اليسارى وذكر الأحزاب التى شاركت فى الإنتخابات وهى: - حزب التحالف الشعبى الإشتراكى. - الحزب الشيوعى المصرى. - حزب التجمع لاتقدمى الوحدوى. - حزب العمال الديمقراطى. وبرامجها الإنتخابية وذلك من خلال المحاور التالية: - الرؤية اليسارية. - الرؤية الإقتصادية - الرؤية السياسية ( مدنية الدولة ).
1. الرؤية اليسارية: ترى الأحزاب اليسارية خطواتها على أرض الواقع، وخلفيتها الفكرية لأفعالها فى الساحة السياسية من خلال رؤية يسارية، تلك الرؤية لديها بعض القواعد التى إعتمدت عليها الإشتراكية منذ أن نشأت نظريا وعلى أرض الواقع فى التجارب الإشتراكية والسيوعية المختلفة والتى تهتم بالمنظور الإقتصادى فى نظرتها لإدارة البلاد حيث إهتمت برامج الأحزاب فى تلك الإنتخابات بالدفاع عن مطالب وحقوق الطبقات المتوسطة والفقيرة وطبقة "العمال والكادحين"، كما جاء فى برامجهم، وكذلك تحقيق العدالة الإجتماعية والتى هى أساس الحكم داخل البلاد، مع ضرورة عدم إحتكار أى شئ هو ملك المواطنين وحق أصيل من حقوقهم سواء كان هذا الإحتكار مادى ( سلعى ) أو معنوى كأصوات الناخبين أو احتكار السلطة لصالح فئة وغير ذلك، وكل هذا جاء مأكدا بأنه ليس فقط رؤية الأحزاب بل إنها من أهداف الثورة التى طالب بها الشعب.
2. الرؤية الإقتصادية: تنظر الأحزاب اليسارية للإقتصاد نظرة إشتراكية مع إضافة رأسمالية، والتى تخص الملكية الخاصة للأفراد، حيث ترى الأحزاب أهمية النهوض بالقطاع العام المصرى والإهتمام بالإنتاج الوطنى والقومى أولا لأنه السبيل الحقيقى للرفاهية الإقتصادية وذلك من خلال خطة مركزية تضعها الدولة تقوم بعمل إقتصاد موجه يتمتع بالتنمية الذاتية ومبتعدا عن الملكية الخاصة. أما الوجه الرأسمالى والذي يخص الملكية الخاصة فهذه الملكية لا توجه إلى السلع الإستراتيجية مع ضرورة وجود مراقبة حكومية وذلك من خلال القانون لمنع الإحتكار. كما تم التأكيد على أهمية دور العمال فى أن يكون لهم نصيب فى إدارة المصانع وأن يكون لهم الحق فى ذلك ونسبة فى أرباح المصنع، هذا بالإضافة إلى الإهتمام بالقطاع الزراعى وتفعيل دور الفلاحين. ويتوج كل هذا بفكرة التوزيع العادل للثروات وتحديد حد أدنى وأقصى للإجور.
3. الرؤية السياسية وذلك ما يخص نظام الحكم ومدنية الدولة، حيث ترى الأحزاب اليسارية تحقيق سيادة القانون والتى تعتبر ميزان العدل بين طوائف الشعب والأطراف السياسية وذلك من خلال وضع دستور يعتمد نظامه على سيادة القانون كما ينص على وجود نظام ديمقراطى يسعى لحرية الأفراد وينص على المواطنة. كما يأكد على أن المرجعية هى الدستور وليس دين أو عقيدة معينة ومن ثم يأتى مؤكدا على مدنية الدولة ورفض أى خلفية دينية أو عقائدية يتم على أساسها وضع أسس نظام الحكم فى البلاد.
وذلك كان أبرز ما جاءت به الأحزاب اليسارية فى برامجها وذلك لما فرضه السياق الزمنى، بعد ثورة يناير، والسياق المقالى، وهو التجاذب بين الأطراف على فكرة مدنية الدولة والدولة الدينية. أما فى النقاط التالية فسيكون الدور على التيار القومى والذي يمثله بعض الأحزاب القومية القديمة والصاعدة وهى: - الحزب العربى الناصرى. - حزب الكرامة. - حزب الوفاق القومى. - حزب التوحيد العربى. وستأتى النقاط التى سيتم عرضها فيما يخص برامج التيار القومى كما يلى: - الرؤية القومية. - الوحدة العربية. - الرؤية الإقتصادية. - الرؤية السياسية ( مدنية الدولة ).
1. الرؤية القومية: ترى الأحزاب القومية من خلال رؤية قومية عربية وليس قومية مصرية فقط، حيث ترى أن مصر دولة عربية فى المقام الأول وأن شعبها عربي، وأن لها دور رائد فى القومية العربية ويجب ان تكون حاضنة ومبادرة بمشروع عربي كبير يضم خلفها كل الدول العربية، وذلك مع بعض الإشرارات التاريخية لوجود عدو رئيسى للعروبة المصرية بشكل خاص والعروبة بشكلها العام ألا وهو "إسرائيل". ولكن هناك أحد الأحزاب يضيف الى العروبة المصرية صفة إسلامية، بمعنى أن مصر دولة عربية إسلامية وهى جزء من الوطن العربى والإسلامى، وليس العربى فقط كبعض الأحزاب القومية.
2. الوحدة العربية: ترى كل الأحزاب القومية أن الوحدة العربية شئ ضرورى وهام، حتى أن سقف مطالب الوحدة وصلت إلى إنشاء تكامل عربى من خلال اتحاد عربى مناظرة بالإتحاد الأوروبى، حيث رأت بعض الأحزاب فى البداية ضرورة إتحاد الشعوب وأن ذلك هام لأن الأنظمة ستزول من وقت لآخر، مع ضرورة تحقيق الوحدة من خلال منظور فنى بمعنى آخر الإهتمام بالتكامل الإقتصادى العربى كأحد اهم الأساليب للوحدة بين الإقليم العربي ومن ثم وجود مصالح مادية بالإضافة إلى المعنوية، وهناك من يرى أنه من الممكن قيام إتحاد عربى فوق قومى من خلال إزالة الحدود.
3. الرؤية الإقتصادية: يظهر تأثر التيار القومى بالفكر الناصرى والذي صنع القومية العربية الحقيقية فى مصر ولكنه ربط بينها وبين النظام الإشتراكى، وتجد ذلك منعكسا على برامج الأحزاب القومية والتى تسعى إلى عدم إستغلال الفرد وأهمية تحقيق تطور حقيقى فى انتاج القطاع العام وضرورة الإهتمام به وذلك من خلال التنمية الذاتية لإستقلال الدولة وعدم التبعية وتحقيق الإكتفاء الذاتى، وقد إهتم التيار القومى بالملكية الخاصة وشجعها وجمع بين فكرة القطاع العام والخاص من خلال ما يسمى ب " الرأسمالية الوطنية " وذلك لمنع الإحتكار. أماا ما يخص ذلك الإتجاه الإسلامى فاهتم بتطبيق الإقتصاد الإسلامى ولكن نعيب عليه أنه لم يوضح آليات أو ملامح لذلك النوع من الإقتصاد وذلك لأن هذا المفهوم ليس دارج عند أغلب الناخبين.
4. الرؤية السياسية: تدور تلك الرؤية حول مدنية الدولة ونظام الحكم، أم بالنسبة لنظام الحكم فهناك إنقسام بين برلماني ومختلطأ وذلك الإنقسام ليس بحاضر فى قضية مدنية الدولة حيث ترى كافة الاحزاب القومية أن الدولة تسير بدستور يقوم على سيادة القانون وحرية الإعتقاد وليست هناك مرجعية عقائدية أو دينية للدولة سوى القانون فالإسلام هو دين الدولة، مع ضرورة رفض الدولة الثيقراطية والدولة العلمانية أيضا.
ثانيا : خريطة المرشحين
يتكون مجلس الشعب من 498 مقعد يتم إختيارهم بطريق الانتخاب المباشر السرى العام على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين حيث تم تقسيم الجمهورية إلى 46 دائرة تخصص للانتخابات بنظام القوائم أى بنحو 66.6% و83 دائرة أخرى تخصص للانتخاب بالنظام الفردى تمثل الـ 33.3% الباقية. بلغ عدد المرشحين على مقاعد مجلس الشعب 6591 مرشحًا على المقاعد الفردية، و590 مرشحًا على مقاعد القوائم الحزبية .
تمثل عدة أحزاب من التيار الاشتراكي، أهمها من الأحزاب القديمة حزب التجمع الذي ينافس من خلال الكتلة المصرية، بالإضافة لأحزاب يسارية جديدة مثل الحزب الشيوعي الذي عاد ليحتل مكان أقصي يسار الخريطة السياسية المصرية، وحزب الوفاق القومي. أما الأحزاب القومية الناصرية، فيمثلها الحزب الناصري، وحزب الكرامة المتحالف مع حزب الحرية والعدالة، والأحزاب العمالية التي يمثلها حزب العمال الديمقراطي. تأتي مشاركة هذه الأحزاب في الانتخابات محدودة لتعكس ضآلة وزنها السياسي، علي الرغم من فرصها في استخدام الخطاب الاشتراكي لاستقطاب دعم العمال والفلاحين، ولكن تحول دون ذلك نخبوية الخطاب اليساري، وافتقاد قوى اليسار لقيادات كاريزمية مقبولة لدي الشارع المصري، باستثناء "حمدين الصباحي"، رئيس حزب الكرامة.
- التحالفات السياسية: تتسم خريطة التحالفات السياسية بغياب الاتساق الأيديولوجي بين أحزابها، مما أدى لتفككها قبيل بدء الانتخابات. وطغت الخلافات حول ترتيب القوائم على الأهداف الوطنية التي أنشئت من أجلها تلك التحالفات. وفي النهاية، بدأت التحالفات تتمحور بين ثلاثة تيارات، أولها يسعى لمواجهة "فلول" الحزب الوطني، والثاني يسعى للحفاظ على مدنية الدولة، وموازنة قوة الأحزاب الإسلامية. أما الثالث، فيمثل الأحزاب السلفية بمواقفها المحافظة والتقليدية من مدنية الدولة والعلمانية والمواطنة. وفيما يلى سيتم عرض التحالفات التى شاركت فى الإنتخابات والتى ضمت في كل منها بعض الأحزاب القومية واليسارية. - التحالف الديمقراطي من أجل مصر: يعد أول وأبرز التحالفات الانتخابية، ويقودها حزب الحرية والعدالة، ووصل عدد أعضائه إلى 42 حزبا سياسيا وائتلافا ثوريا. وما إن اقترب السباق الانتخابي، حتى انفرط عقد التحالف بانسحاب الوفد لإصراره على تصدر عدد من القوائم الانتخابية، وضمه لعناصر الحزب الوطني، ثم أحزاب الكتلة الإسلامية، والحزب الناصري, وانتهى التحالف بنحو عشرة أحزاب فقط، أبرزها الحرية والعدالة (إسلامي)، والغد الجديد ( ليبرالي)، والعمل (إسلامي)، والعمل الاشتراكي، بينما تردد حزب الكرامة (ناصري) بين الانسحاب من التحالف أو الاستمرار به. - الكتلة المصرية: تعبر هذه الكتلة عن مناصري مدنية الدولة من التيارين الليبرالي والاشتراكي بقيادة حزب المصريين الأحرار، وعضوية الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب التجمع. بدأت الكتلة بنحو 20 حزبا، ثم توالت سلسلة الانسحابات بسبب ترتيب القوائم، وضم الكتلة لبعض عناصر الحزب الوطني. ومن أبرز المنسحبين حزب مصر الحرية، وحزب الجبهة الديمقراطية، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، والحزب الشيوعي. - كتلة الثورة مستمرة: تعبر هذه الكتلة عن قيادات شباب ثورة يناير، ومن أبرز أحزابه حزب التحالف الشعبي بزعامة عبد الغفار شكر، والتحالف المصري، والمساواة والتنمية، وينسق مع حزب مصر الحرية. ونتيجة للخلافات على رءوس القوائم وعدد مرشحي كل حزب، انسحب حزب العدل، وائتلاف شباب الثورة الذي سمح لأعضائه بالمشاركة في الكتلة كمستقلين. وتنافس الكتلة على 300 مقعد بالمجلس، وتتسم بأن نحو 60% من مرشحيها تحت سن 35 سنة، وتركز دعايتها على أنها الكتلة الوحيدة التي تخلو قوائمها من فلول الحزب الوطني. أما الأحزاب القديمة الكارتونية، على اختلافها، فتمثل الانتخابات المقبلة نقطة محورية في تاريخ بقائها السياسي، ومن المرجح أن تتصدع غالبيتها، وينضم أعضاؤها لأحزاب جديدة تمثل التيار ذاته بسبب جمودها الفكري، والانقسامات بين أعضائها، وغياب الديمقراطية الداخلية في إدارة شئونها، وتحالفها مع النظام السابق. ولمواجهة هذا السيناريو، تمسك عدد من قيادات هذه الأحزاب بضم عناصر الحزب الوطني المنحل لأعضائها، باعتبارهم وسيلتها الوحيدة للحفاظ على بقائها عبر تحقيق نتائج انتخابية إيجابية .
ثالثا : الدعاية الإنتخاية
ومن خلال تتبع أساليب الدعاية الإنتخابية التى وظفها المرشحونفى دعايتهم الإنتخابية يمكن رصد الأساليب الممارسة التالية: 1. إبراز جهود المرشح فى خدمة أبناء دائرته: من الأساليب المهمة التى يتبعها المرشحون فى دعايتهم الإنتخابية العمل على إبراز الجهود التى بذلها المرشح فى سبيل خدمة أبناء دائرته سواء أكان المرشح هو النائب الحالى أو أنه يتنافس على الفوز ضد المرشح الحالى، ونجد أن الحالتين غير موجودتين وذلك لإختلاف السياق بقيام ثورة أطاحة بنظام قديم ومن يمثله فى مجلس الشعب ومن ثم أصبح هناك سياق جديد على مثل هذه الأساليب والتى لا تزال مستخدمة من قبل المرشحين.
2. إستخدام الشعارات فى الدعاية الإنتخابية: تستخدم الشعارات على نطاق واسع فى الدعاية الإنتخابية، ويعد الشعار الإنتخابى من أهم ملامح الدعاية الإنتخابية للمرشحين حيث تستخدمه الأحزاب السياسية محل الدراسة وكذلك يلجأ إليه المرشحون لتلخيص برنامجهمالإنتخابى وأهدافهم السياسية فى شكل جمل بسيطة مؤثرة تستطيع أن تؤثر فى الناخبين وتستقطبهم لصالح حزب أو مرشح معين، وقد حملت شعارات القوى القومية واليسارية فى مجملها بعدا إجتماعيا وثوريا من الدرجة الأولى حيث كانت المسارعة على هموم الشعب وضرورة تحقيقها كهدف من أهداف ثورة يناير والتى طالب بها الشعب، وربما لم تظهر تلك الشعارات الخاصة بتلك القوى نتيجة الدخول فى تحالفات سياسية وتكتلات طمست إلى حد ما ذلك الأسلوب من أساليب الدعاية.
3. اليفط واللافتات الإنتخابية: من الوسائل القديمة فى الدعاية الإنتخابية استخدام اليفط واللافتات الإنتخابية التى تبرز إسم المرشح وشعاره ورمزه الإنتخابى، وتستخدم مثل هذه الوسيلة على نطاق واسع فى الدعاية الإنتخابية للمرشح وشعاره ورمزه الإنتخابى، وتستخدم مثل هذه الوسيلة على نطاق واسع فى الدعاية الإنتخابية حيث يتم تدعيمها فى كثير من الأحيان بصورة المرشح وصور بعض القيادات فى نطاق الدائرة المرشح عنها كنوع من أنواع التدعيم للمرشح ولبرنامجه الإنتخابى.
4. إستخدام الملصقات الإعلانية: لجأ المرشحين إلى إستخدام الملصقات الإعلانية التى تروج لهم ولبرامجهم الإنتخابية، بل إن كثيرا من هؤلاء الناخبين يقوم بإعداد وتعليق مثل هذه الملصقات لعرض العديد من الخدمات على أهل الدائرة الإنتخابية.
5. إستخدام المنشورات الدعائية: تستخدم المنشورات على نطاق واسع كوسيلة مهمة فى الدعاية الإنتخابية للمرشح وتكتسب هذه الوسيلة أهميتها من إمكانية طباعة آلاف النسخ منها وتوزيعها فى كل أنحاء الدائرة لعرض البرنامج الإنتخابى للمرشح متضمنا إسمه وشعاره السياسى الذي يتبناه وتصوراته بخصوص تحقيق أهداق الثورة من إصلاحات إقتصادية وإجتماعية وسياسية.
6. عقد المؤتمرات الإنتخابية: من الوسائل المهمة والتى إستخدمتها العديد من الأحزاب والعديد من المرشحين من خلال دعوة أبناء الدائرة والشخصيات المهمة لعقد مثل هذه المؤتمرات وإجراء حالة من الحوار المباشر بين المرشح والناخبين للتعرف على مشاكلهم وإحتياجاتهم من جهة ولعرض برنامجه الإنتخابى من جهة أخرى.
7. إستخدام المواقع الإلكترونية: بعد قيام ثورة يناير كان هناك إدراك تام وحقيقى بأن هناك إرتباط كبير جدا بين الإنترنت وقطاع كبير من الشباب والذي يتم إستخدامه كوسيلة تفاعلية تمكنهم من الحصول على العديد من الخدمات الإخبارية والتحليلية المدعمة بالصور و خدمات الفيديو، بالإضافة إلى الخدمات الترفيهية والتسلية والعديد من الخدمات الأخرى المرتبطة بالبحث داخل الشبكة العنكبوتية.
8. إستخدام مواقع التواصل الإجتماعى: ونتاج الإدراك السابق لأهمية الإنترنت كوسيلة دعائية، قام المرشحون بإستخدام وسيلة جديدة وفعالة فى الوصول لقطاعات عريضة من الشباب وهى مواقع التواصل الإجتماعى وخاصة موقع ال face book حيث يتيح الموقع العديد من الخدمات التى تجعل الشباب يتواصلون من خلاله ويتبادلون المعلومات الشخصية كنوع من أنواع التنفيس عن الذات والتعبير عنها والتواصل الإجتماعى مع أقرانهم، ومما يساعد فى إستخدام مواقع التواصل الإجتماعى فى الدعاية الإنتخابية أنها وسيلة غير مكلفة مقارنة بأساليب ووسائل الدعاية الأخرى ولذلك قامت معظم القوى اليسارية والقومية بإستغلال ذلك إستغلال جيد بالنسبة لإمكانياتها.
رابعا : النتائج والدلالات
بعد مارثون انتخابي شاق، استمر لأكثر من ثلاث أشهر، أظهرت النتائج النهائية لانتخابات “برلمان الثورة”، حصول تحالف حزب "الحرية والعدالة" على أكثرية مريحة، حيث حصد نواب حزب "الإخوان" 218 مقعدًا، بالإضافة إلى 6 مقاعد للكرامة، ومقعدين للحضارة، ومقعد للعمل، وآخر إلى الدكتور وحيد عبد المجيد “منسق التحالف”، بإجمالي عدد مقاعد بلغ (228) مقعدًا، بنسبة إجمالية تصل إلى 45.7%، منها 109 مقعدًا فردي، و119 مقعدًا قوائم. وحصل تحالف "الكتلة المصرية" على المركز الرابع، بإجمالي مقاعد بلغ (33) مقعدًا، بنسبة تبلغ 6.6%، بعدما حصد 32 مقعدًا قوائم، ومقعد فردي، حصد منها نواب "المصري الديمقراطي الاجتماعي" 16 مقعدًا، و"المصريين الأحرار" على 14 مقعدًا، و"التجمع" على 3 مقاعد.
ومن خلال تلك النتائج والتى جاءت بالإسلامين وأعطت قدرا للتكتلات والتحالفات والتى كانت أحد أجزائها أحزاب قومية ويسارية كما أشرنا فيما سبق، ومن خلال تلك النتائج يمكننا رصد بعض الدلالات على القوى والتيارات محل الدراسة وذلك فيما يلى:
1. عدم وجود قاعدة شعبية للأحزاب القومية واليسارية على الأرض، وذلك على الرغم من أنه كان إرثا من الأعوام السابقة للثورة إلا أنه فى ذات الوقت يعبر عن مدى التباعد بين فكر تلك الأحزاب وأهدافهم والعمل مع القاعدة الشعبية والتى تعتبر هى أساس صعود أى تيار سياسى على الساحة السياسية ومن ثم تلك الإنتخابات تؤكد عدم قدرة تلك الاحزاب للوصول للسلطة لأنها لم تصل للقاعدة التصويتية الحقيقية واكتفت بالندوات والصالونات السثقافية والبرامج التلفيزيونية. 2. ذوبان الفكر الأيديولوجى وسط التحالفات التى قامت بها تلك الأحزاب محل الدراسة مع الأحزاب الليبرالية والإسلامية، حيث جاءت ظاهرة التحالفات والتى تعكس مدى ضعف الأحزاب القومية واليسارية على أرض الواقع، ومن ثم تداخلت الأفكار والتوجهات مع بعضها البعض ولم يكن هناك توجه معين للتكتلات التى حدثت ومن ثم ضياع الفكر الأيديولوجى للأحزاب كافة بما فيها الليبرالية وذلك تحقيقا للمصالح الإنتخابية وهو السعى للسلطة. 3. وتعتبر أهم الدلالات والتى لوحظت أثناء ذلك المارثون الإنتخابى وجاءت النتيجة لتأكده، وهو عدم التفكير والسعى إلى وحدة الصف اليسارى أو وحدة الصف القومى والذي كان من الممكن أن يعطى طابعا خاصا لتلك الأحزاب ويكون له صدى كبير عند جمهور الناخبين وذلك لوجود إرث يسارى وقومى لدى الشعب المصرى والذي إفتقده منذ نهاية الحقبة الناصرية من تاريخ مصر، وتعتبر تلك النقطة أحد أهم النقاط التى أضعفت من قوة التيار اليسارى والقومى والذي تجسد ذلك الضعف فى نتيجة الإنتخابات. 4. نأتى فى تلك النقطة إلى الشأن الداخلى للأحزاب، ألا وهو أن معظم تلك الأحزاب جديدة العهد بإنتخابات برلمانية حيث كانت تلك الإنتخابات هى الاولى بالنسبة لهذه الأحزاب ومن ثم يصعب عليها تكوين نظاما حزبيا لها وومقار وفروع تتواصل من خلالها للجماهير. أما بالنسبة للأحزاب قديمة النشاة فتكون مشكلتها الأساسية هو عدم ديمقراطيتها داخليا وكثرة النزاعات الداخلية وهذا ما يأثر على نظرة الجمهور للأحزاب، كما ياثر بلا شك على أسلوب عمل وتفاعل الأحزاب القديمة مع الجمهور. الفصل الثالث مستقبل اليسار والقومية : الفرص والتحديات
أولا : التيار اليسارى
للتيار اليسارى أو الشيوعى فى مصر تاريخ كبير وقديم بدأ من الطبقة العمالية والطلاب حتى وصل إلى رأس النظام الحاكم فى عهد جمال عبد الناصر،كما أنه لم يعد ممكنا الحديث عن أن قوي اليسار المصري تمثل الطبقة الوسطي تمثيلا مطلقا ، لأن تلك الطبقة قد أنجزت ثورتها وأصبح لها قواها السياسية التي تعبر عنها من اليمين الليبرالي والديني ، بالإضافة إلي أنها في طريقها إلي التحول من طبقة مضغوطة إلي طبقة حاكمة وصارت مقولاتها هي برنامج المرحلة الحالية للحكم.ولذلك فمن الخطأ الاعتقاد أن البرنامج النظري و التوجهات العامة لليسار المصري ستظل كما هي في مرحلة ما بعد الثورة الوطنية. ولكى نستطيع أن نستشرف مستقبل الحركة الشيوعية فى مصر يمكننا سرد ذلك التحليل ليدور حول القسم الفكرى " حضارى " وما يتعلق بالخطوات الفعلية على أرض الواقع وتأثيره ووصوله إلى السلطة فى مصر. ومن يفكر فى مستقبل الحركة الشيوعية علينا أن نبحث فى مثلث تفكير تدور أضلاعه حول الغزو الثقافى للمجتمع، والتجديد النظرى للماركسية والذي يفترض أن يجرى على أسس جديدة، وأخيرا الصراع الدولى والذي قد يدفع المجتمعات الى ضرورة وجود إنحياز حضارى معين.
1. الغزو الثقافى والضد لقد وفد الفكر الشيوعى إلى البلاد العربية والإسلامية – عموما – ضمن حقبة الغزو الإستعمارى ونتيجة لحالة من الإحتقان الحضارى مع الغرب فى زمن كانت الحضارة الغربية ناهضة بالنسبة لشعوبها ومهاجمة ضد الأمة العربية وغيرها من الأمم على جميع المستويات الثقافية و العسكرية القيمية والمفاهيمية والصناعية والعلمية. ونجد كذلك أن ذلك الغزو جاء فى زمن كان فيه الفكر الإسلامى بالمقابل يعانى من ركام السنين فى تفسيره وحيويته، إذ كانت المجتمعات العربية تعيش حالة من التخلف والجمود على المستوى العلمى والتطبيقى ( التقنى ) وعلى صعيد الفكر الإسلامى، فكانت بذلك فى حالة استلاب فكرى وحضارى على جميع المستويات، نتج عنها حالة من الإنبهار بالحضارة الغربية فى تلك المرحلة.
لكن بعد مرور تلك المرحلة بعقود، نجد أن الدنيا تغيرت الآن، فمن ناحية لم تعد الحضارة الغربية ناهضة – فى الوضع الراهن – كما كانت من قبل ، إذ هى وإن ظلت متوقفة علميا وتقنيا وعسكريا، وإن كان مقدار هذا التفوق قد قل كثيرا عن ذى قبل إلا أنها باتت تعانى من حالة إنهيار قيمى وفكرى وحضارى شديد الوطأة. ومن ناحية ثانية فإن الشعب الآن لم يعد من تلك الأمة المستلبة أو القابلة للإستعمار، كما كان الحال عليه فى بداية الغزو، بل أصبح شعب يبحث عن تجاوز تلك المرحلة وتلك الحقبة الإستعمارية ونتائجها السلبية. ويظهر ذلك من خلال الموجة الثورية التى شهدتها المنطقة عموما و بالأخص مصر، حيث أصبحت بشكل جزئى ناهضة وطارحة على نفسها أسئلة النهضة، وهو ما يطرح بإلحاح ضرورة تحديد الخيارات على نحو مختلف عن ما ساد فى أوساط موادر الحركة الشيوعية منذ نشأة الحركة وحتى المرحلة الراهنة.
2. التجديد النظرى و أسسه المختلفة لقد سقطت التجارب الإشتراكية فى العالم، ولكن القضية الأهم الآن هى أن المجتمعات التى عرفتها البشرية والتى ظهرت بسببها الشيوعية وفق أفكارها النظرية الأساسية، قد تغيرت. حيث تغيرت فكرة ومكون الطبقة العاملة التى كانت الماركسية تنشد لها الثورة. لم يعد العامل هو ذاك الذي عرفته الحياة الإقتصادية فى المجتمعات الأوروبية فى بداية النهضة الصناعية خلال توسعها. والأصل فى التغيير ليس فقط دخول عصر الذي يتم فيه الإعتماد على التشغيل الآلى بدلا من التشغيل العضلى واعتماد التشغيل الأتوماتيكى ليتحول العامل إلى ملاحظ الآلة، أو الإنتاج يجرى وفق تكنولوجيات التشغيل الإلكترونى، بما ألغى كل مظاهر العمل البدنى السابقة بل الأهم أن الإنتاج صار يجرى وفق تقنيات متزايدة الإعتماد على الآلة ذاتها، ومن ثم تحول الفارق بين العامل ومن فوقه فى تراتبية العمل إلى حالة متصاعدة من تقسيم فى العمل، أو أصبح الأمر أكثر إقترابا من فكرة تقسيم العمل وأقل إرتباطا بالتقسيم الطبقى.
ولكن تغير العالم، ولذلك يبدو مدهشا أن يظل تفكير البعض من قيادات الحركة الشيوعية العربية على حاله السابق، فالبعض مازال يتمترس عند رؤى ونظريات كتبت حتى منتصف القرن أو بالدقة عند آخر "إبداعات" الحركات الشيةعية فى الدول الأخرى، التى توقفت فيها التطويرات النظرية جراء تراجع ثم انهيار التجربة. والمفارقة هنا، أنها تعيب على الإسلاميين والقوميين "سلفيتهم" وترى أنهم يريدون إعادة عجلة الحياة إلى الوراء، بينما هى الأخرى تريد إعادة الحياة إلى نظريات مضى على آخر تجديد لفكرها نحو نصف قرن. لقد اشرنا فى حديثنا عن الفكر الشيوعى عن التغيرات على الساحة العربية والإسلامية وما يحدث فى مصر بعد ثورة 25 يناير 2011م ، كلها جرت والحركة الشيوعية عند حالها، ولكن الأخطر هو أن الدول الإشتراكية صارت "سابقة" بينما الحركة الشيوعية ماتزال تتحدث عن خطأ فى التجربة، فى فهم النظرية وبطبيعة الحال هى صارت تبدو وكأنها وحدها من فهم النظرية فى العالم.
لقد قابلت الحركة الشيوعية إنهيار الإتحاد السوفيتى بتحركات دفاعية، من نمط أن الخطأ فى التطبيق وليس فى النظرية بدلا من القيام بمراجعة شاملة ونقدية للفكر والنظرية . لقد أصبحت الأسئلة المطروحة متكاثرة حول الفهم الماركسى للفلسفة ليس فقط بحكم انتهاء التجربة ولكن بحكم عودة الشعب الروسى بعد طول فترة حكمه وبعد العمل الذي قام ب الحزب و الأكاديميات، ليبرز هويته الدينية الأصلية. وكذلك كان فكاك الدول الغسلامية التى شهدت نوعا من الحكم الإشتراكى، إشارة أخرى، وفى الدول الإشتراكية الأخرى خلاف روسيا قد جرى الحال نفسه، فهل يمكن أن يظل الشيوعيون يتحدثون عن ذات النظرية دون أى إشارة إلى أى خطأ؟... وهنا يبدو لافتا ظهور أصوات تتحدث عن هذا التغيير المطلوب دون تأثير فهناك من يتحدث عن تعدد الأخطاء رغم تباين أساليب التطبيق يوجب دراسة الأسس التى بنيت عليها النظرية الماركسية، كما يفرض دراسة التغييرات فى الظروف الموضوعية التى تضع التجارب الإشتراكية فى إطارها التاريخى، لكن المشكلة أن لا أحد أخذ هذه البداية على محمل الجد ولكن ربما تأتى الثورة المصرية بنتيجة مختلفة وبتغيير حقيقى داخلى.
3. الصراع الدولي والإنحياز لقد تغير نمط الصراع الدولى، حيث لم يعد الصراع فى العالم يدور بين أنظمة إجتماعية مختلفة، لم يعد الصراع يدور بين الرأسمالية والشيوعية بل أصبح العالم كله "دولا رأسمالية" وتغيرت أسس وأسباب قواعد الصراع فيما بينها. لم يعد الصراع يجرى بين روسيا وأمريكا على أساس إختلاف النظام الإجتماعى لكلا البلدين، بل أصبح يجرى وفق قواعد "المصالح القومية" وبلا مواربة أوشعارات مضللة، ولم تعد أوروبا اليوم هى أوروبا التى تحميها صواريخ الولايات المتحدة خوفا من الصواريخ السوفيتية، بل باتت أوروبا هى الأقوى وفى الطريق لتكون الأقوى من الولايات المتحدة الأمريكية وفى صراع معها على المصالح، مثل صراع الدول الإستعمارية مع بعضهما البعض ، مع مراعاة الفارق، وها هى الصين تتقدم فى الطريق لتصبح دولة هلى الأكبر قوة وقدرة فى العالم متعدد الأقطاب.
لقد تغير نمط الصراع الدولى، إذ أصبحت والصين تفتش عن مصالحها القومية ضمن ذات المنظومة الإقتصادية العالمية مع الغرب. وباتت الدول تتكتل من أجل مصالحها على أساس اقتصادى وسياسى وليس إيديولوجيا أو فكريا إلا ما كان مرتبطا بالهوية الحضارية، وفى المقابل لم تعد المجتمعات العربية والإسلامية فى تلك الحالة السابقة من الإستسلام واليأس. وفى ظل كل هذا ومن خلال تتبع خارطة الصراعات فى العالم الآن، يتضح أن المنطقة التى تضم بلاد العرب هى الأشد إستهدافا والتى تشهد حركات مقاومة وأعمال عنف وتوترات وحروبا وإحتلالات، ومن هنا تأتى أهمية الرؤية المستقلة للأمة فى الصراعات الدولية وأنماطها وأهدافها حتى لا يتكرر ما حدث خلال الحربين العالمتين الأولى و الثانية، وقبل ذلك خلال مرحلة التنافس الإستعمارى الأوروبى، إذ جرى توظيف الحركات المقاومة والقوى الطامحة للجكم والإستقلال والحرية و الديمقراطية فى داخل منظومة الصراع بين القوى الكبرى وضمن استراتيجيتها ولصالحها، سواء مع هذا الطرف أو ذاك وعلى حساب "عملية تشكيل مستقبل الأمة و توحيدها".
والرؤية المستقلة عن رؤى المتصارعين والمرتبطة أساسا بمصالحنا، أساسها نقد الرؤى السابقة التى سادت من قبل وحتى الآن، على الأقل لأنها إفتقدت هدفا إستراتيجيا كليا وشاملا وجعلتنا نعود اليوم لنجد أنفسنا قد خرجنا من ربقة استعمار إلى ربقة استعمار آخر ومن حالة استقلال إلى حالة اندماج داخل منظومات التبعية.
4. تيار إشتراكى جديد خلق تيار اشتراكي جديد " عماده الفئات الشابة البعيدة إلي حد ما عن الاستقطاب الإيديولوجي الحاد " يسير نحو التوجهات الاجتماعية التي تنطلق نحو تصحيح مسار العلاقة بين قوي الإنتاج وتوزيع الدخل القومي.. واعتقد أننا معنيون في بحثنا في الفكر الاشتراكي بتناول الجذر الفلسفي المؤسس له وتتبع تداعيات وامتدادات المقولة الفلسفية الاشتراكية في إطارها التاريخي والزمني، والسبل المشتركة بين الثقافة العربية بمستوياتها المتعددة والفكر الاشتراكي بتطلعاته المثالية إنسان من نوع جديد. إن أمراً من هذا القبيل يشترط دراسات جادة ومتطورة ومتواكبة مع إنجازات العصر، واحسب أن تلك المهمة لهي أولي المهام التي تقع علي كاهل المهتمين بالجوانب النظرية من الاشتراكين المصريين، ونعني بالتحديد تطوير نظرية المعرفة الاشتراكية وإعادة أدلجة تصوراتنا المختلفة التي اكتسبناها بحكم خبرات وتطورات معرفية ومعلوماتية ناتجة عن الثورة لعلمية التكنولوجية المعاصرة.وإعادة النظرة الإحيائية للاشتراكية من جديد. ثانيا : التيار القومى
وقف الوطن العربى منذ الأيام الأخيرة لعام 2010م وحتى لحظة كتابة هذه السطور على أعتاب مرحلة تاريخية جديدة وذلك بفعل التحولات الثورية التى نجحت فى إسقاط نظم استبدادية فى الوطن العربى والتى مازالت تطور من نفسها فى مرحلة إنتقالية مصيرية هامة لكلا منها ومن ثم يؤهل ذلك الدول العربية من خلال التجاعيات الثورية، ربما فيما بعد، إلى تحول قومى عربى حقيقى بداخل كل دولة ومن ثم فى النظام العربى بأكمله. عندما جاءت القومية العربية فيما مضى جاءت مناهضة لما سمى وقت ذاك " الإستعمار الغربى " وتلك المقولة هى التى كان ينظر إليها بإشمئزاز من القوميين والذي كان ينظر من خلالها بأن أهل الشرق عاجزون عن اللحاق بركب الحضارة والتقدم وهذا ما استفز" المجددين " للفكر القومى. ويرون أن النظر إلى الماضى لن يتيح لهم إعادة التجديد وذلك لأنه إنقضى وأصبح تاريخا ، وما الحاضر إلا نقطة الوصول التى بلغها الماضى فأصبحت حاضرا تتجه أنظاره إلى المستقبل، وعلى الرغم من ضرورة وجود مستقبل لأى فكر كى يعيش ويستمر كانت هناك العديد من التساؤلات والتحديات إذا ماكانت القومية وصلت إلى سقف ما ولن تتقدم أم لا وذلك يتضح فى النقاط التالية : 1. إن تطور الفكر العربى القومى مسألة تاريخية لا سبيل إلى إنكارها أو تجاهلها ، ويدل هذا التطور على عملية تجدد شبه مستمر وذلك تجاوبا مع التحولات الإقتصادية و الإجتماعية وتبدل العلاقات الدولية وإعادة تشكلها. ومن الأصح القول تبعا لذلك إن هذا الفكر قد مر بأطوار متعددة وهو قد دخل الآن طورا جديدا، وهو طور قد ينقله من خانة " القومية " إلى خانة " الوحدوية ". 2. إن قضية وجود الأمة العربية وضرورة توحيدها، وبغض النظر عن التعبيرات التى تؤكد هذا الوضع، تشكل النقطة المركزية التى تدور حولها بقية المستجدات والنظريات والحلول. 3. تطور هذا الفكر فى السابق على نحو شبه تلقائي ونتيجة استجابات متفاوتة التماسك والفعالية لظروف محلية وعالمية. وقد قطع شوطا بل أشواطا بعيدة لصياغة النظرية الخاصة به لتتلائم مع ما طرأ من تطورات فى كافة الميادين. ويطرح هذا الفكر الآن مشروعا نهضويا جديدا يضم فى طياته جملة من الأهداف والغايات تبدأ بالوحدة العربية مرورا بالإستقلال القومى والتنمية، مع التأكيد على ضرورة تطوير ذلك المشروع. 4. يبدو الفكر القومى فى طوره الجديد أنه يحتاج فى المدى المتوسط إلى إجراء عملية تقييم هادفة وشبه شاملة لأسس النظام الإقتصادى وعناصره فى تشعباتها المختلفة. ويتراى للوهلة الأولى أن ذلك المشروع يقف على مسافة متساوية بين الإشتراكية والرأسمالية ولا يطرح فى الوقت نفسه ملامح لنظام بديل ذلك على الرغم من شمولية هذا الأخير. 5. لم تدخل قضية المرأة بعد إلى صلب الفكر القومى، وإذا كان صحيحا أن هذا الفكر قد طرح تحرير المرأة العربية عموما ومشاركتها التامة فى الحياة العامة، لما تصبح هدفا واضحا وشاملا تتبناه العروبة الجديدة أو حركتها الوحدوية فى صلب أهدافها.
وكما ترى القومية فى مصر أن النظام العربى يمر بمنعطف خطير، لكن خطورة المنعطف محتملة بفرصة حقيقية لانتقاله من حالة التفكك والشلل التى عاناها عقودا طويلة إلى آفاق جديدة للتطور والفاعلية. وأسباب ذلك عديدة منها إمتداد الديمقراطية إلى عدد أكبر من الأقطار العربية سوف تمثل بداية حقيقية لبناء القوة العربية، وأن الثورات وحركات الإحتجاج الشعبية قد أثبتت بما لا يدع مجالا للشك عروبة الجماهير العربيةبعد أن شكك الكثيرون فيها، وذلك ما فتح الأمل أمام القومية فى إعادة بناء قومية عربية سليمة، وأن الدور المصرى الصحيح فى النظام العربى آخذ فى التجدد بما يمثل إضافة حقيقية إلى مسيرة النظام العربى نحو مستقبل أفضل. الخاتمة:-
وتأتى خاتمة الدراسة لتلخص ما تم إستنتاجه من البحث فى تلك الظاهرة محل الدراسة، ومن ثم تأتى تلك النقاط لتحاول أن تجيب على الإشكالية التى دارت حولها الدراسة وكذلك عن الأسئلة والتى تعتبر إفتراضات للدراسة وذلك يمكن تلخيصه فى النقاط التالية:
• وضحت لنا الدراسة أن نشأة التيار اليسارى بدأ منذ أولائل القرن العشرين ومرت بالعديد من الموجات والكبوات إلى أن إنتهت بالإنصهار فى حزب واحد ألا وهو الإتحاد الإشتراكى فى عهد عبد الناصر، أما التيار القومى فبدايته كانت منذ أيام محمد على وقد بدأت بالقومية المصرية على يد رفاعة الطهطاوى، ولكن القومية الحقيقية بدأت فى عهد عبدالناصر. • تطور الفكر اليسارى خلال الثلاثون عاما الأخر وذلك فى عدة محاور، أبرزها موقفه من الديمقراطية وجاء ذلك التطور نتيجة بعض الأسباب الداخلية والتى تخص التيار وأسباب خارجية متعلقة بالنماذج الإشتراكية من الدول، أما الفكر القومى فقد فقد شهد عصرا زهوا فى عهد عبد الناصر وبدأ بالإندثار مع التقدم فى السنين إلا أن هناك تيارات مجددة تسعى لتجديد الفكر القومى "الناصرى" بشكل كبير. • لم يكن للتيار اليسارى أو التيار القومى أى ملامح واضحة وتعبير عن تلك القوى بشكل رسمى أو غير رسمى، حيث إنشغلت تلك القوى فى ضعفها ومشاكلها الداخلية ولم يكن لها تأثير على الأرض، بل ولم تسعى إلى تطوير نفسها من الداخل وصنع ديمقراطية داخلية حقيقية. • قد ير البعض أنه لم يكن هناك تغيير بين فكر تلك القوى قبل ثورة يناير وبعدها، ولكن قد تكون هناك بعض المؤشرات والتى قد يمكن من خلالها إستشراف ذلك التغيير، والمؤشر الأساسى فى ذلك ظهور تيار قومى إسلامى وإن كان ضعيفا إلا أنه يعتبر بداية نواة للتغيير فى الفكر القومى، أما بالنسبة للفكر اليسارى فقد طور نفسه بشكل جيد فى الفترة الماضية ولكن عليه أن يكون أكثر شدة من حيث التأثير وهذا ما نلمسه عند ظهور قوى يسارية من قلب العمال أنفسهم. • قد لا تصنع الثورة فارقا كبيرا بين تأثير القوى اليسارية قبل الثورة وبعدها، ولكن النشأة والبداية قد تصنع فارقا فيما بعد وهذا ما يمكن إستشرافه فى المستقبل من ظهور قوى شبابية يسارية، بالذات، تخلق تيار إشتراكى جديد يمكن من خلاله أن يصنع الفارق فى تاريخ القوى اليسارية والقومية فى مصر. قائمة المراجع :-
أولا : الرسائل العلمية :
حسن ، إيمان محمد ، وظائف الأحزاب السياسية فى نظم التعددية المقيدة ( دراسة حالة حزب التجمع فى مصر 1976- 1986 ) ، ماجيستير ، جامعة القاهرة ، الإقتصاد و العلوم السياسية ، 1993 . ضبيش ، رشا عطوة عبد الحكيم ، رؤى القوى السياسية لقضايا الإصلاح السياسى فى مصر : دراسة مقارنة ، ماجستير ، جامعة القاهرة ، الإقتصاد و العلوم السياسية ، 2010 . ثانيا : الكتب :
• عبد الدائم ، عبد الله ،الأيدلوجية القومية العربية بين التجديد والترشيد والردة ، دراسات فى القومية العربية ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 1992 .
• رميح، طلعت، مأزق الحركة الشيوعية : الجذور التاريخية والخيارات المستقبلية، الطبعة الأولى ، القاهرة، مركز الأهرام للنشر والترجمة، 2010م.
• مسعد، نفين، تحليل البرامج الإنتخابية للأحزاب والقوى السياسية التى خاضت انتخابات مجلس الشعب 2005، كمال المنوفى، انتخابات مجلس الشعب 2005، القاهرة، (د،د) ، 2005.
• عز الدين، ناهد، خريطة المرشحين فى انتخابات مجلس الشعب 2005، كمال المنوفى، انتخابات مجلس الشعب 2005، القاهرة، (د، د) ، 2005.
• رشاد، عبد الغفار، تحليل نتائج انتخابات مجلس الشعب 2005، كمال المنوفى، انتخابات مجلس الشعب 2005، القاهرة ، (د ، د)، 2005.
• موسى، غادة على، تحليل البرامج الإنتخابية للأحزاب السياسية المصرية المشاركة فى انتخابات مجلس الشعب 2010، كمال المنوفى، دراسة تحليلية لانتخابات مجلس الشعب 2010، القاهرة، (د ، د)، 2010.
• سلامة، حسن، خريطة المرشحين فى انتخابات مجلس الشعب 2010، كمال المنوفى، دراسة تحليلية لانتخابات مجلس الشعب 2010، القاهرة (د ، د)، 2010.
• الأعصر، هانى، موقف الأحزاب السياسية، عمرو هاشم ربيع، ثورة 25 يناير قراءة أولية ورؤية مستقبلية، القاهرة ، مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية،2011.
• شكر ، عبد الغفار ، موقف اليسار المصرى من قضية الديمقراطية ، نحو رؤية وطنية لتعزيز الديمقراطية فى مصر ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 2007 . • إسكندر ، أمين ، الناصرية وإشكالية الديمقراطية ، نحو رؤية وطنية لتعزيز الديمقراطية فى مصر ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 2007 .
• العجاتى، محمد، اليسار والحركات الإحتجاجية فى مصر، دينا شحاتة، عودة السياسة: الحركات الإحتجاجية الجديدة فى مصر، القاهرة، مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية، 2010.
• أحمد، أحمد يوسف ، مسعد، نيفين ( محرران) ، حال الأمة العربية 2010- 2011 رياح التغيير، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، مايو 2011م.
• يوسف الشويرى ، مسارات العروبة: نظرة تاريخية، الطبعة الثانية ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية، 2011.
ثالثا : أبحاث المؤتمرات :
o شكر ، عبد الغفار ، "تطور الفكر الإشتراكى فى مصر"، ( الفكر السياسى المصرى المعاصر ) ، القاهرة ، 16- 18 فبراير 2002 . o خربوش ، صفى الدين ، "التيار القومى فى الفكر السياسى المصرى"، ( الفكر السياسى المصرى المعاصر ) ، القاهرة ، 16- 18 فبراير 2002 .
رابعا: المقالات:
• وسام متى،" اليسار المصري يبحث عن دور تحت شمس 25 يناير"، جريدة السفير، 19-5-2011 ، http://www.assafir.com/WeeklyArticle.aspx?EditionId
• حسين عبد الرازق، " تشتت التيار اليسارى فى مصر"، 5-11-2011 ، http://www3.youm7.com/News.asp?NewsID=527366
• د.محمد السعيد دوير، "حول مستقبل اليسار في مصر"، ، جريدة الأهالى، 21 ديسمبر 2011، http://www.alahaly.com/index.php?option=com_content&view=article&id=7927%3A2011-12-21-11-14-31&Itemid=672 • جريدة العربى، الجريدة الرسمية للحزب العربى الناصرى : http://www.al-3araby.com/ خامسا : الوثائق :
- مشروع البرنامج المرحلى ، حزب التحالف الشعبى الإشتراكى ، 6 يوليو 2011 . - بيان الإئتلاف الرباعى، 2 فبراير 2011. - اللائحة التنظيمية للحزب العربى الديمقراطى الناصرى. سادسا : المواقع الإلكترونية :
- بلدنا بالمصرى: مناظرة بين 4 أحزاب يسارية، 25-1-2012، http://www.youtube.com/watch?v=3pACAc-AIGk. - بلدنا بالمصرى : مناظرة بين 4 أحزاب قومية، 25-1-2012 ، http://www.youtube.com/watch?v=UCsJio_CVA8 - http://www.mubasher.info/portal/CASE/getDetailsStory.html?goToHomePageParam=true&storyId=1959187, 15-3-2011 .تاريخ الدخول: - http://www.ahewar.org, 17-3-2011. تاريخ الدخول: - http://www.e-socialists.net, 17-3-2011تاريخ الدخول:. - http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=370625&eid=1487. تاريخ الدخول: 15-3-2011
#إسلام_أحمد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التيار اليسارى والقومى فى مصر وثورة 25 يناير
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|