أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - بورترية: علي العسكري.















المزيد.....

بورترية: علي العسكري.


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 3741 - 2012 / 5 / 28 - 20:36
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



حين رأيت كتاب (تاريخ الاكراد الحديث) للكاتب البريطاني ديفيد مكدول رجعت بذاكرتي الى كتاب لمؤلف اوربي عن تاريخ الاكراد كنت قد قرأته ذات يوم وكان فيه حديثا عن معركة هندرين التي وقعت في عام 1963 بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة في كردستان العراق، وفوجئت برقم كبير لخسائر الجيش العراقي في تلك المعركة شككت بصحته(8000 قتيل) حسب المؤلف، وحين سالت احد معارفي ممن شاركوا بالمعركة ضحك وقال: كيف يمكن هذا اذا كانت القوة المهاجمة كلها 280 عسكريا عراقيا. ولذا تصورت في البداية ان هذا الكتاب هو من ذات النوعية، يطلق الارقام والاستنتاجات خبط عشواء. وأخذت اتصفح الكتاب مترددا في امر قراءته وساخرا في داخلي مما يمكن ان يقدمه من مبالغات وسذاجة في رؤية الواقع او من شطحات في قراءة الاحداث. ولكن تصفحي للكتاب جرني الى الاستغراق في عالمه لاكتشف انه سفر طويل وعميق في تاريخ الشعب الكردي الكريم. وقرأت الكتاب في جو خريفي جميل وبأجواء مشحونة باللهفة. وكان بحق بحثا غطى الابعاد المختلفة لهذه السيرة العظيمة. وقد الهمني، او اغواني، ان جاز لي ذكر ذلك، غنى العالم والمغامرات التي زخر بها السرد، لكتابة عمل قصصي مستوحى من اجوائه ومن سيرة هذا الشعب الطيب، وفعلا وسعت اطلاعي حول الموضوع ووضعت مخططا عاما وبعض التصورات والصور الاولية عن العمل، ولكن (الكسل) والحس العدمي الذي يسد علي الافاق منعاني من الاقدام على هكذا خطوة. وأجلتها كما اؤجل كل مشاريع حياتي.

اشياء كثيرة في هذا الكتاب تغري بالتوقف عندها: مغامرات، خيانات، مؤامرات، خدع، منافسات، طموحات جموحة، بورتريهات، ويغلف كل هذا خيط من (المرح) ممتد في كل زوايا الصورة.

***
احد البورتريهات التي استوقفتني كان لـ(علي العسكري، نسبة الى قريته عسكر). وهو احد القادة السياسيين والعسكريين في الحركة القومية الكردية، ومن مؤسسي الاتحاد الوطني الكردستاني، حزب (جلال الطالباني)، وبهذا الارتباط والانتماء كان قد وضع نفسه على طريق الموت غدرا.

لقد قتله اخلاصه لقضيته.

بحثت عن صورة له على النت فلم اجد، ربما لانه شخص لايحب الاضواء. لكني اذكر اني شاهدته يتحدث في فيلم وثائقي قديم عن القضية الكردية، تحدث بهدوء وتواضع وبنبرة حزينة، حاني الراس خفيض الصوت. على العكس من رفيق دربه وشريكه في الحتف والمصير دكتور (خالد سعيد) الذي كان يتحدث بتدفق وحماسة في ذات الفيلم.

وٌصِفَ بأنه مقاتل باسل وصديق قديم لـ(جلال الطالباني)، تعود صداقتهما للعام 1964.

(لكن هل للطالباني اصدقاء؟).

كان (علي العسكري) يتزعم حركة كردستان الاشتراكية التي تشكل بتوحيدها، في الاول من حزيران عام 1975، مع حركة كوملة بقيادة (نوشيروان مصطفى امين)، بالاضافة الى مجموعة الطالباني نفسه المسماة (ثوار كردستان) ومجموعة (رسول مامند) و (محمود عثمان) (التي سيتشكل من انشقاقها عن الحركة لاحقا الحزب الاشتراكي الكردستاني) ـ تشكل الاتحاد الوطني الكردستاني (اوك).

( سوف يُقتل نصف شهداء مقاتلي الثورة الكردية والعراقية في جبال كردستان على ايدي هذا التنظيم المريب).

كان (علي العسكري) بعد فشل الحركة المسلحة الكردية في عام 1975 منفيا في الرمادي في الوقت الذي كان ينعم فيه جلال الطالباني بالحياة الهادئة في دمشق . استطاع (علي) الهروب واللوذ في جبال كردستان من جديد. عاد (الطالباني) الى كردستان في عام 1977 بعد الحاح (علي العسكري) عليه بالقدوم الى الميدان لتدني المعنويات بين المقاتلين بسبب غياب القيادة عنهم.

اراد (علي العسكري) ان يقنع (الطالباني) بان العدو الوحيد هو (صدام حسين) ونظامه، غير ان (الطالباني) كان مصرا على مواجهة الحزب الديمقراطي الكردستاني(حدك) الذي وصفه في بياناته الدمشقية بـ( القيادة الاقطاعية القبلية البرجوازية اليمينية الاستسلامية) والذي كان قد استانف للتو، بدافع المنافسة واستعادة الوجود، نشاطه العسكري الميداني لاول مرة بعد انهيار حركته المسلحة الواسعة في 1975. في الاثناء قدم (علي العسكري) اشارات طمأنة لحدك للتقرب اليه ولتخفيف حدة التوتر بين التنظيمين، فقد كان يدفع باتجاه المصالحة ونبذ الخلاف بين التنظيمين المتنافسين، لكن ميول (الطالباني) للزعامة ورغباته الغامضة والمتقلبة، بالإضافة الى الكراهية الشديدة التي كان يكنها (ادريس البارزاني) لشخص (الطالباني)، ابقتا جذوة الصراع والعداء والكراهية بين الطرفين متقدة. وفي شهر تشرين الاول ـ اكتوبر من العام 1978 ارسل (الطالباني) قوة كبيرة بقيادة (علي العسكري) و الدكتور (خالد سعيد) مع 800 مقاتل ليتوجهوا الى الحدود التركية لاستقبال دفعة سلاح كبيرة قادمة من القامشلي السورية، وقد زود (الطالباني) (علي العسكري) بتعليمات خطية يوصيه فيها بتصفية قوات حدك المتواجدة في المنطقة. لكن، (وهنا تطرح علامات استفهام خطيرة) تسربت نسخة من هذه التعليمات عبر اتباع لـ(حدك) من اكراد تركيا الى (سامي عبدالرحمن)، القائد العسكري الميداني لـ(حدك).

السؤال هو: كيف يمكن ان تتسرب تعليمات عسكرية على درجة من الاهمية، وصادرة من قيادات تنظيمية كبرى، الى ايدي الخصوم بهذه السهولة.

اغضبت هذه التعليمات، التي تجاهلها (علي العسكري) اصلا ولم يعمل بها لانه كان ميالا للمصالحة وتوحيد الجهود، (سامي عبدالرحمن) المتحفز اصلا والمستفز والمرتاب من التحرك العسكري لـ(اوك)، فهاجم القوة القادمة في منطقة حكاري التركية واشتبك الطرفان في معركة شرسة وقاسية وطويلة ابيد فيها قسم كبير من قوات (اوك) وسلم البعض الاخر نفسه الى الجيش العراقي لظنهم انهم ارسلوا عمدا الى هذا المصير. واسر في المعركة (علي العسكري) والدكتور (خالد سعيد) واعدما مع آخرين. وقيل ان امر اعدامهما جاء مباشرة من الملا (مصطفى البارزاني) الذي كان على فراش الموت في واشنطن. وكان الامر محددا وواضحا ولايخلوا من نفس حقد وقسوة فظيعين:

المسؤول الكبير يعدم بسلاح كبير.

وعليه اعدم هؤلاء القادة بقاذفات الـ(ار بي جي 7).

واسدلت صفحة ماساوية من تاريخ الشعب الكردي. لكن تبقى اسئلة المرحلة الحارقة مشرعة ويبقى السؤال المهم: هل اراد (الطالباني) التخلص من منافسيه في التنظيم، (لكفائتهم القيادية وحسن سيرتهم) فارسلهم الى مصيرهم الذي رسم بعض ملامحه بتسريب ورقة التعليمات التي يعرف انها ستستفز قيادات (حدك) حينما تعلم بها؟.هل قتلهم بيد خصومهم؟.
***
حين يتصفح المرء صفحة الانصار الشيوعيين على الفيسبوك تمر عليه وجوه شهداء (عرفت شخصيا كثيرين منهم وعايشتهم) يكتشف ان كثير منهم قد قتلوا على يد تنظيم (الطالباني) بمناسبات ودواعي مختلفة. المؤذي ان قيادات الحزب الشيوعي العراقي لاتفوت فرصة، او مناسبة الا وتقدم فيها التحايا والتبجيلات لشخص وتنظيم (الطالباني)، ( فخامة الرئيس مام...الخ) هكذا ينعتونه في رسائل التحية اليه.

بعض من هؤلاء القادة كان له اصدقاء من بين الشهداء الذين قتلهم (فخامة الرئيس). امر محير، الم تمر في مخيلتهم وجوه اصدقائهم الشهداء وهم يحدقون مبتسمين في وجه الـ(مام) العابس؟.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معادلة النزاهة والسلطة
- سروال المغاوجة ومحنة دكتور فارس
- أصوليتان تتصارعان ضحيتهما التاريخ
- حماية الديمقراطية في بلدان الربيع العربي
- مغالطة
- المخلوعون.. ومحنة ابن صالح
- العراق... رهين المحبسين.
- الاحتجاجات العراقية
- هؤلاء مختلفون
- إرهاصات ثورة مصر
- مواقف من ثورة تونس
- احذروا التقليد
- الى الشارع سر!
- كومونة تونس
- التعليقات في الحوار المتمدن
- لمحة قصيرة عن النقد عند اليسار العربي
- العنصرية ضد الذات
- ‌أسرى في ضيافة الأنصار لشيوعيين
- ملامح من مشاكل الاندماج في السويد (3)
- ملامح من مشاكل الاندماج في السويد (2)


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - بورترية: علي العسكري.