|
المسألة القومية لدى التيارات الفكرية المختلفة... نظرة رصدية
حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)
الحوار المتمدن-العدد: 3741 - 2012 / 5 / 28 - 16:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لو حاولنا إلقاء الضوء على الرؤى المختلفة للمسألة القومية في العالم العربي، لبدأنا بالقومية في كل من الإسلام والماركسية، باعتبار أنهما من أشد التيارات السياسية تعالقا مع الفكر القومي وهناك الكثير من الشد والجذب بين الفكرة القومية وبين كل منهما على حدة. ومن بين الرؤى الإسلامية للمسألة القومية ما يميز بين المفهوم والنظرية، ويمكن الاستناد إلى ما قاله الدكتور بشير خليل حداد من باب الاسترشاد فقط إلى ما يمكن تسميته بالرؤية الإسلامية للمسألة القومية حيث يقول: "لقد عرف الإنسان في كافة العصور والأزمنة بحبه لوطنه، ولبني قومه، وقد ظهرت مشاعر القومية وعاطفتها، بوصفها غريزة طبيعية، منذ ظهور الإنسان. لهذا لم يمنع الإسلام أن يرتبط المسلم بقومه، وإنّما يحثّه ويشجعه على العمل من أجل قومه، والدفاع عنهم، وإيصال الخير إليهم. لكن الذي لا يريده الإسلام ويرفضه، هو أن تكون القومية والوطنية شعوراً شوفينياً أنانياً، وعلى حساب الآخرين، ويكون الفكر القومي أو الوطني أساساً للاختلاف والتناكر وظلم الغير، أمّا ما دون ذلك فهو شعور إنساني نبيل أودعه الله تعالى في النفس البشرية، لتسمو به إلى آفاق العمل الصالح، وحب الخير للآخرين، وردّ الظلم عنهم، وردّهم عنه". أما الرؤية الماركسية للفكرة القومية ككل فيمكن تلخيصها فيما يلي منقولا عن مركز الدراسات الإشتراكية بمصر "أما لينين فقد تشكلت رؤيته للقضية القومية من عدة عناصر: 1. في عالم الإمبريالية يقوم التوازن الدولي على هيمنة القوى الاستعمارية الكبرى، ومن ثم فإن الثورة على هذا التوازن سمة أساسية للسياسة المعاصرة؛ 2. القضية الأساسية للماركسيين هي أن يجدوا نقطة ارتكازهم كأمميين في عالم تسيطر عليه الصراعات القومية؛ 3. المشكلة الإستراتيجية الحاسمة هنا هي محاولة تغيير مشاعر العمال القومية بأخرى أممية؛ 4. العقبة الرئيسية أمام ذلك هي قومية العمال في الدول الإمبريالية التي تقودهم لأن يقفوا في نفس الخندق مع طبقاتهم الحاكمة، وهو ما يدعو العمال في الدول المقموعة الساعية للتحرر للاعتقاد بأن عمال الدول الاستعمارية غير متعاطفين مع قضيتهم وتطلعاتهم التحررية مما يقسم حركة العمال العالمية. ما يستنتجه لينين من هذا التحليل هو ضرورة التأييد النقدي لحركات التحرر الوطني في إطار سياسة الدفاع عن حق الأمم في تقرير مصيرها، وذلك لكسر الحلقة الشريرة للمشاعر القومية في أوساط العمال". أما من الزاوية الليبرالية، فيمكن هنا إلى ما قيل عن العلاقة بين القومية والليبرالية ولكن بالتطبيق العربي للفكرتين. فوفقا للبروفيسور الألماني كريستوف شومن، فإنه يخالف الأبحاث الغربية، التي ترى أنّ الأيديولوجيا القومية المسيطرة في الشرق العربي خلال النصف الأول من القرن العشرين، تمثل تناقضاً أساسياً للقيم الليبرالية. فبحسب المحرر، كانت الأفكار الليبرالية، خلال العقود الأولى من القرن العشرين، جزءاً طبيعياً من الخطابات القومية الداعية إلى الاستقلال عن الاستعمار وبناء الدولة المستقبلية، استناداً الى نموذج الديموقراطيات الليبرالية الأوروبية. غير أنّ الأفكار الليبرالية، عرفت منافسة متزايدة من المفاهيم السلطوية، خلال فترة صعود التيار القومي الراديكالي في الثلاثينيات والأربعينيات، ودعوته الى الوحدة العربية والتغيير الاجتماعي. ينظر الباحث الأميركي، بيتر فيين، الى العراق خلال هذه الفترة، ويحلل هذا الصراع القيمي، مستنداً الى نقاش عام حول أهداف التربية. في تلك الفترة، كانت مفاهيم الأمة والقومية محط نقاش ساخن في الحيز العام العراقي. فمن جهة، كانت «جماعة الأهالي»، التي تألفت من نخبة من مثقفي العراق الوطنيين، قد تحلّقت حول صحيفة «الأهالي» ودعت الى مفهوم قُطري للمواطنة يخفّف من أثر الاختلافات الإثنية والطائفية. وفي الجهة الآخرى من المشهد، وقف «نادي المثنى»، الذي كان بمثابة منتدى لشباب عراقيين متعلمين وذوي ميول قومية عربية. وبالرغم من أنّ «نادي المثنى»، غالباً ما وصف بأنّه مؤيد للفاشية، يشدّد فيين على أنّ النقاشات في النادي كانت أكثر جدالية، وأظهرت تنوعاً أكبر في الآراء مما هو مفترض، على نحو واسع. وهو يبيّن هذا الاتساع في الآراء ضمن المعسكر القومي عبر تحليله لخطابين ألقيا عقب سقوط فرنسا في 1940 لاثنين من روّاد الإصلاح التربوي العراقي، هما ساطع الحصري وفاضل الجمالي. كان هذا مجرد رصد لأبرز الرؤى للفكرة القومية استنادا إلى الواقع العربي من زاوية التنظير والتحليل. ولا يمثل إلا مجرد مدخل استرشادي للتعريف بأبرز الرؤى للفكرة القومية.
#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)
Hussein_Mahmoud_Talawy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نوبل للآداب.. أم لأشياء أخرى؟؟!
-
25 يناير... هل هو ثورة؟!!
-
صفية مختار في «وسال على فمها الشيكولاتة» عندما تسيل الأفكار
...
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|