|
أنور خوجا و مسار الثورة الصينية مقتطف من- فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تونغ - لج. وورنار العدد 11 من - الماوية : نظرية و ممارسة -: الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979.
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 3741 - 2012 / 5 / 28 - 16:24
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
أنور خوجا و مسار الثورة الصينية
مقتطف من" فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تونغ " لج. وورنار
العدد 11 من " الماوية : نظرية و ممارسة ": الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979.
===================================================================
مقدّمة العدد الحادي عشر من " الماوية : نظرية و ممارسة ": الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979. أنور خوجا يقلب الحقائق التاريخية رأسا على عقب ويقود هجوما دغمائيا تحريفيّا على الماركسية- اللينينية - الماوية .
توفّي ماوتسى تونغ فى 9 سبتمبر 1976. و بعد شهرين ، فى نوفمبر 1976 ، عقد حزب العمل الألباني مؤتمره السابع و جاء فى تقرير اللجنة المركزية ، على لسان أنور خوجا : " إنّ الإنتصارات التاريخية التى حققها الشعب الصيني فى ثورته و بنائه الإشتراكي العظيمين و إنشاء الصين الشعبية الجديدة و السمعة الكبيرة التى يتمتّع بها فى العالم ، مرتبطة بإسم القائد العظيم ، الرفيق ماو تسى تونغ و تعاليمه و قيادته. و يمثّل عمل هذا الماركسي-اللينيني مساهمة فى إثراء نظرية البروليتاريا و ممارستها. و الشيوعيون و الشعب الأبانيين سيحييان على الدوام ذكرى الرفيق ماو تسى تونغ الذى كان صديقا كبيرا لحزبنا و شعبنا...
لقد مضت ألبانيا و الصين قدما فى دكتاتورية البروليتاريا و فى بناء الإشتراكية اللتين خانهما التحريفيون ، ألبانيا و الصين اللتان ظلّتا وفيتين للماركسية-اللينينية، و دافعتا عنها بتصميم و أعلنتا حربا إيديولوجية ضروسا ضد تحريفية خروتشاف و أتباعه . الشيوعية لم تمت ، على العكس ما كانت تتمنّى البرجوازية، و قد إبتهج الإنتهازيون و التصفويون قبل الأوان". وفى بيان مشترك لبعثات الأحزاب الماركسية-اللينينية لأمريكا اللاتينية ( بعثة الحزب الشيوعي (الماركسي- اللينيني ) الأرجنتيني ، و بعثة الحزب الشيوعي البوليفي ( الماركسي- اللينيني ) ، و وبعثة الحزب الشيوعي البرازيلي ، و بعثة الحزب الشيوعي الكولمبي ( الماركسي- اللينيني) ، و بعثة الحزب الشيوعي الثوري الشيلي، و بعثة الحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني الإكوادوري) الحاضرة فى المؤتمر السابع لحزب العمل الأباني بتيرانا ، ألبانيا ، نوفمبر 1976، نقرأ : " 8. وجهت البعثات الحاضرة تحيّة عالية و عبّرت عن عمق ألمها لوفاة الرفيق ماو تسى تونغ ، رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ، و قائد لا جدال فيه للشعب الصيني ، و ماركسي – لينيني عظيم و معلّم كبير للبروليتاريا و الشعوب المضطهَدة فى العالم بأسره. فى ظلّ القيادة الحكيمة للرفيق ماو تسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني ، خاضت البروليتاريا و خاض الشعب الصيني حربا ثورية و إفتكّا السلطة و شيّدا الإشتراكية فى الصين. و هكذا غدت الصين المتخلّفة و الخاضعة للإمبريالية ، بلدا إشتراكيّا معاصرا ،و حصنا حصينا للثورة العالمية.و كذلك فى ظلّ قيادة الرفيق ماو تسى تونغ ، جرت معالجة بطريقة صحيحة لمشكل الهام لكيفية مواصلة الصراع الطبقي فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا و الحيلولة دون إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين. لقد رفع الرفيق ماو تسى تونغ بصلابة راية الماركسية- اللينينية و أطلق النضال ضد التحريفية المعاصرة ، مساهما هكذا بحيوية فى إعادة تشكيل الحركة الشيوعية الماركسية- اللينينية العالمية. و ستظلّ مسيرته كمقاتل ثوري و أفكاره التى طوّرت الماركسية- اللينينية حاضرة فى قلوب شعوب و شيوعييى العالم قاطبة و أذهانهم ". -------- و عقب ذلك بسنتين ، يشنّ أنور خوجا و حزب العمل هجوما مسعورا دغمائيّا تحريفيّا على ماو تسى تونغ ، فى كتاب أعلن عن نشره أواخر ديسمبر 1978 و حمل من العناوين " الإمبريالية و الثورة " . و فيه أفرد خوجا فصلا كاملا لتشويه فكر ماو تسى تونغ معتبرا إيّاه " نظرية معادية للماركسية " و معتبرا أنّ الصين لم تعرف أبدا الإشتراكية و البناء الإشتراكي و أنّ صراع ماو تسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفية السوفياتية لم يكن نابعا من مواقف صحيحة و مبدئية ماركسية- لينينية وما إلى ذلك من تقليعات دغمائية تحريفية !!! === هذه إطلالة أولى على الإنقلاب الخوجي المضاد لعلم الثورة البروليتارية العالمية ، أمّا الإطلالة الثانية فنخرجها لكم كالتالى: ورد فى خطاب أنور خوجا ، فى 7 جانفي 1964، ضمن كرّاس " عاشت الصداقة الصينية – الألبانية " : " أبدا لن ينسى الشيوعيون الألبانيون و لن ينسى الشعب الألباني أن إخوتهم الصينيون وقفوا إلى جانبهم فى الأفراح و الأتراح. لن ينسوا المساعدة الكريمة للأخوة الصينيين الذين تقاسموا معاشهم مع شعبنا. أبدا لن ينسوا أنّ الحزب الشيوعي الصيني حافظ دائما على حزب العمل الألباني مثلما يحافظ المرء على أمّ عينه". --------------------- و فى 30 سبتمبر 1978 ، فى بيان مشترك بين الحزب الشيوعي الكولمبي ( الماركسي- اللينيني) و الحزب الشيوعي الثوري الشيلي و الحزب الشيوعي الماركسي – اللينيني الإكوادوري و حزب الراية الحمراء الفينيزوالي ، هناك تحليل نقدي يبيّن تحريفية " نظرية العوالم الثلاثة " و تناقضها مع تعاليم ماو تسى تونغ و فى النقطة 15 من خاتمة البيان كتبوا: " تعتبر أحزابنا أنّه ، إزاء إستعمال التحريفيين الصينيين لأعمال ماو تسى تونغ و سمعته للتغطية على مخطّطاتهم لإعادة تركيز الرأسمالية فى الصين و بناء قوّة عظمى جديدة إمبريالية- إشتراكية و مغالطة البروليتاريا و الشعوب بنظريتهم الضارة للغاية ، نظرية " العوالم الثلاثة" ؛ من الواجب الأكيد أن نصون تعاليم ماو تسى تونغ الثورية ، الماركسية- اللينينية . و تثمّن أحزابنا إلى درجة كبيرة مساهمات الرفيق ماو تسى تونغ فى الثورة العالمية."
و بعد نحو السنة من ذلك ، فى أكتوبر 1977 ، صدر بيان عن الحزب الشيوعي الإسباني (الماركسي- اللينيني) و الحزب الشيوعي البرتغالي المعاد تشكيله و الحزب الشيوعي الإيطالي الماركسي- اللينيني و الحزب الشيوعي اليوناني الماركسي- اللينيني و الحزب الشيوعي الأماني الماركسي – اللينيني فيه نقرأ : " فى الذكرى الأولى لوفاة الرفيق ماو تسى تونغ ، ترفع أحزابنا تحيّة له و تأكّد على أنّ وفاته تمثّل خسارة كبرى للحزب الشيوعي الصيني العظيم و لكافة الحركة الشيوعية العالمية . كان الرفيق ماو تسى تونغ ، القائد العظيم للشعب و الحزب الشيوعي الصيني كذلك قائدا عظيما للبروليتاريا العالمية.تعتبر أحزابنا أن من واجب جميع الماركسيين- اللينينيين الدفاع بصلابة عن التعاليم الثورية للرفيق ماو تسى تونغ- لا سيما منها تلك المتصلة بالصراع ضد التحريفية المعاصرة ،و بالثورة الثقافية البروليتارية الكبرى و بالصراع ضد الإنتهازيين من كلّ لون- إزاء جميع الذين بنفاق يستعملون إسمه ليشوّهوا تعاليمه و للهجوم عليه بشكل ملتوى." ----------- إثر وفاة ماو تسى تونغ، أنجزت الطغمة التحريفية الصينية بقيادة دنك سياو بينغ و هواو كوفينغ إنقلابا مضادا للثورة فى الصين فصعدت بذلك البرجوازية الجديدة إلى السلطة و أعيد تركيز الرأسمالية هناك و تحوّلت الصين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية و تحوّل الحزب الشيوعي الصيني من حزب بروليتاري إلى حزب برجوازي . و فى جويلية 1978 ، تنكّرت البرجوازية الجديدة الحاكمة للصين للإتفاقيات مع ألبانيا و أوقفت التعاون الإقتصادي و العسكري معها ، مثلما سبق و أن فعل التحريفيون السوفيات مع الصين الماوية.
و طار عقل أنور خوجا و طفق يخلط الحابل بالنابل و يصبّ جام غضبه على ماو تسى تونغ و يكيل الشتائم و يلصق به و ينسب إليه أفكارا و نظريّات أعدائه ( مثل " نظرية العوالم الثلاثة " لدنك سياو بينغ) و يمرّغ سمعته فى الوحل بعد أن كان يرفعه إلى السماء ، مستعملا فى ذلك جميع الأساليب الإنتهازية و التزوير و الكذب و قلب الحقائق رأسا على عقب بأشكال و طرق قد تتصوّرونها و أخرى قد لا تصوّرونها أصلا و بهجومه ذلك على أرقى ما بلغه علم الثورة البروليتارية العالمية كان يحطّم المبادئ الماركسية- اللينينية و يدافع عن الأفكار التى أثبت تاريخ الحركة الشيوعية العالمية و الصينية أنها خاطئة ، تحريفية. فقدّم خدمة هائلة للبرجوازية العالمية إذ تسبّب فى إنقسامات داخل الحركة الماركسية-اللينينة العالمية إستغلّها الإنتهازيون فى الأحزاب و المنظّمات الماركسية- اللينينية عبر العالم ليرتدّوا و يديروا ظهرهم للثورة البروليتارية العالمية و يخونوا الشيوعية و قضية الطبقة العاملة العالمية. ====== لكن هيهات أن يلزم الشيوعيون الحقيقيون الماويون الصمت إزاء ذلك الهجوم الدغمائي التحريفي! فمنذ السبعينات ،إنبروا يقاتلون الخوجية و بالفعل ألحقوا بها أشدّ الهزائم المريرة عالميّا . و يشهد واقع اليوم بتقدّم مطّرد للماوية طليعة للموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية و بتراجع ملموس للخوجية كضرب من ضروب التحريفية و إندحارها فى عديد البلدان إلاّ أنّه عربيّا ، لا زلنا فى حاجة أكيدة إلى مزيد فضح الخوجية و كافة أرهاط التحريفية المهيمنة على الحركة الشيوعية حتّى ستطيع الماوية أن تتبوّأ المقام الذى تستحقه لإيجاد الأسلحة السحرية الثلاثة ( الحزب الشيوعي الماركسي-اللينيني-الماوي و الجبهة الوطنية الديمقراطية و جيش التحرير الشعبي ) و قيادة حرب الشعب لإنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة تمهيدا للثورة الإشتراكية كجزء لا يتجزّأ من الثورة البروليتارية العالمية و غايتها الأسمى تحقيق المجتمع الشيوعي الخالي من كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد القومي و الطبقي و الجندري.
و هذا العدد من " الماوية : نظرية و ممارسة " مساهمة فى النهوض بهذه المهمّة الملحّة على الجبهة النظرية و السياسية.وقد إخترنا له من العناويون " الماوية دحضت الخوجية و منذ 1979" و كانت إضافة "ومنذ 1979" موجّهة ضد محترفي تدليس تاريخ الماوية ، ليس كلزوم ما لا يلزم و إنّما لتبيان أنّ ردّ الفعل الماوي كان سريعا و دقيقا و عميقا منذ عقود الآن ما خوّل للمنظّمات و الأحزاب الماوية أن تنظّم ندوة عالمية فى مطلع الثمانينات ثمّ ندوة ثانية فى 1984 إنتهت إلى تشكيل الحركة الأممية الثورية التى كانت من أهمّ نواتاتها الأولى الأحزاب التى إنبرت لتتصدّى للخوجية بجرأة و صراحة مطلقة الوثائق التى سنعرض عليكم سهاما تصيب كبد الحقيقة الخوجية و ترفع عاليا راية الماوية – حينها فكر ماو تسى تونغ. و للتاريخ ، تجدرالإشارة بشكل عابر فحسب إلى أنّ الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي الذى نشر الوثائق التى نضع بين أيديكم فى مجلته "الثورة " سنة 1979، قد سبق و أن كتب مباشرة بُعيد إعلان الوكالة التليغرافية الألبانية فى 20 ديسمبر 1978 عن صدور "الإمبريالية و الثورة " و عرضها لمضمونه، إفتتاحية العدد الأوّل من المجلّد الرابع من "الثورة " ، جانفي 1979، تحت عنوان " أنور خوجا يفضح الإنتهازية – إنتهازيته " قبل أن ينشر لاحقا سلسلة من التعليقات على "الإمبريالية و الثورة " منها إنتقينا " فى الردّ على الهجوم الدغمائي- التحريفي على فكر ماو تسى تونغ". وهذه الإفتاحية . متوفّرة على الأنترنت فى موقع الموسوعة المناهضة للتحريفية باللغة الأنجليزية : Encyclopedia of Anti-Revisionism On- Line --------------------------------------- و فصول مسرحية المرتدّ أنور خوجا و الخوجية بتفاصيها الدقيقة تفضحها وثائق الماويين عبر العالم فى متن هذا العمل . و لأنّ الكتابات الماوية ضد الخوجية كثيرة و عديدة كان علينا أن ننتقي أكثرها رواجا ؛ على حدّ علمنا ، و أهمّها بإعتبار الدور الذى لعبته فى الدفاع عن الماوية و دحض الخوجية، فوقع إختيارنا الذى نرجو أن يكون موفّقا على وثائق أربعة ؛ واحدة من بلد إمبريالي – الولايات المتحدة الأمريكية ، للحزب الشيوعي الثوري الأمريكي و ثلاثة من مستعمرات جديدة الأولى من تركيا – أوروبا و الثانية من الشيلي و الثالثة من سيلان [سيريلانكا]، من أمريكا اللاتينية و من آسيا على التوالي. وهي:
1- بإحترام و حماس ثوريين عميقين، نحيّي القائد الخالد للبروليتاريا الصينية، الرفيق ماو تسى تونغ، فى الذكرى الثالثة لوفاته! – الحزب الشيوعي التركي / الماركسي-اللينيني، جويلية 1979. 2- دفاعا عن فكر ماو تسى تونغ؛ وثيقة تبنّاها مؤتمر إستثنائي للحزب الشيوعي بسيلان إنعقد فى جويلية1979. (و إضافة إستثنائية: " دحض أنور خوجا" ؛ ن. ساموغاتاسان، الأمين العام للحزب الشيوعي بسيلان - 1980.) 3- " تقييم عمل ماو تسى تونغ"؛ للحزب الشيوعي الثوري الشيلي- جويلية 1979. 4-" فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تونغ " بقلم ج. وورنار؛ ماي 1979.
1- أنور خوجا و مسار الثورة الصينية : حسب أنور خوجا ، يُهيمن على الحزب الشيوعي الصيني " فكر ماو تسى تونغ " الرجعي منذ 1935 ، سنة التركيز الجوهري لقيادة ماو للحزب. و على ما يبدو ، حسب خوجا، وانغ مينغ هو الذى كان يجسّد الخطّ الصحيح، رغم أنّ إسم هذا المرتدّ لا يظهر فى الكتاب. كان وانغ مينغ قائد الحزب الشيوعي الصيني طوال عدّة سنوات إلى هزيمة خطّه فى 1935؛ ميزتان تسمان مساره داخل الحزب : أوّلا ، كان خطّه السياسي خاطئا على طول الخطّ ،ما جعله يقع فى إنحرافات إنتهازية يمينية و " يسارية " ؛ و ثانيا ، كان يتمتّع بثقة و دعم الأممية الشيوعية و على الأرجح دعم ستالين. قادة الحزب الشيوعي الذين كانوا يشاطرون وانغ مينغ الخطّ ( و الذين يطلقون على أنفسهم تسمية " الأمميّون" و الذين يطلق عليهم أحيانا إسم " 28 و نصف بلشفي" ، إعتبارا لأنّ وانغ مينغ كان يدّعى أنّه هو و بعض الطلبة العائدين من موسكو كانوا " بلاشفة مائة بالمائة "). بدؤوا لعب دور هام فى وضع حرج للثورة الصينية. كانوا يرفضون الإعتراف بأنّ الثورة الصينية قد مُنيت بتراجع مؤقّت بعد هزيمة السنوات 1924-1927 و أنّ فترة طويلة من الدفاع الإستراتيجي كانت بالتالى ضرورية.
قام ماو بتحليل للظروف الملموسة فى الصين ، تحليل قائم على الماركسية - اللينينية و آخذا بعين النظر الأطروحات الجوهرية للينين و ستالين حول الثورة الصينية ؛ بلغ إستنتاج أنّه بالرغم من أنّ الثورة قد منيت بهزائم ، توجد العديد من الظروف التى تسمح بأن ترسي فى الكثير من المناطق فى الصين قواعد إرتكاز ريفية يحيط بها العدوّ. وفى إرتباط وثيق بهذا الموضوع ، وجدت مسألة الفلاّحين و لاحظ ماو بصيغة صحيحة بأنّه فى المرحلة الديمقراطية ، يجب على الفلاحين أن يشكّلوا القوّة الرئيسية ( وليس القوّة القيادية ) للثورة.و تعبئة الفلاحين تحت قيادة الحزب الشيوعي و إنجاز الثورة الزراعية كانا ضروريين لتطوّر قواعد الإرتكاز .
بصدد هذه الأطروحات و كذلك بشأن الكثير من المسائل السياسية و العسكرية الناجمة عنها ، كان وانغ مينغ يعارض بشدّة ماو . مثله مثل خوجا ، كان وانغ مينغ يحاجج ضد أطروحة ماو التى حسبها يجب محاصرة المدن إنطلاقا من الريف. و مثله مثل خوجا ، لم يكن وانغ مينغ يستطيع فهم مدّ الثورة و جزرها: كان بالأحرى يرسم صورة وضع موضوعي مواتى دائما لا يفتقد إلاّ إلى العامل الذاتي لتنظيم هجوم فوريّ و الإنتصار على السلطة الرجعية.و على الصعيد العسكري و السياسي و الإيديولوجي ، كان وانغ مينغ يقود الحزب بخطّ سياسي خاطئ ،و أدّى إلى الهزيمة على أيدى تشانكاي تشاك فى حملته الخامسة ل" التطويق و السحق" ، هزيكة فرضت على الجيش الأحمر التراجع ،و القيام بالمسيرة الكبرى الشهيرة. و نتيجة لهذا الخطّ الإنتهازي " اليساري" تمّ القضاء على عدد كبير من أعضاء الحزب الشيوعي و الجيش الأحمر و كذلك قواعد الإرتكاز.
و من الأكيد أنّ كلّ هذه القصّة جدّ معروفة ،و التقييم السياسي لهذه الإنحرافات يمثّل جزءا هاما من عمل ماو تسى تونغ. و إضافة إلى ذلك ، بالإعتماد على دحض هذا الخطّ خاصّة إستطاع الحزب الشيوعي الصيني أن ينجح فى أن يمضي بالمسيرة الكبرى الشهيرة إلى نهايتها كما مضى بالثورة الصينية إلى نهايتها هي الأخرى. لكن أنور خوجا ، شأنه فى ذلك شأن وانغ مينغ و التحريفيين السوفيات ، يتّهم ماو ب" القومية" و ب" العقلية الفلاحية" و بالإنتهازية لأنّ ماو طبّق الماركسية - اللينينية على الظروف الملموسة للصين ، مطوّرا هكذا خطّا سياسيا كاملا قاد الثورة إلى الإنتصار.
لننظر فى بعض الحجج العميقة التى يعتمدها خوجا لمهاجمة ماو : " هذه النظرية البرجوازية الصغيرة [ التى لا تعترف بالدور القيادي للبروليتاريا] ، عبّر عنها ماو تسى تونغ فى أطروحته العامة " محاصرة المدن إنطلاقا من الريف " حيث كتب " يمكن للريف الثوري أن يحاصر المدينة ...يجب على العمل فى الريف أن يلعب الدور الرئيسي فى الحركة الثورية الصينية ، بينما يظلّ للعمل فى المدينة دور ثانوي". و قد كرّر ماو هذه الفكرة عندما تناول كذلك دور الفلاحين فى السلطة. قال إنّ كلّ الأحزاب و القوى السياسية الأخرى يجب أن تخضع للفلاحين و لمفاهيمهم.كتب " ...يهبّ فى هذه النهضة مئات ملايين من الفلاحين ...بسرعة خارقة و قوّة جارفة كالعاصفة العاتية، لا تستطيع أيّة قوّة أخرى ،مهما كانت عظيمة ، أن تقف فى وجهها...أمّا الأحزاب الثورية و الرفاق الثوريون فأنّهم سيجدون أنفسهم جميعا أمام إختيار الفلاحين الذين سيقرّرون قبولهم او رفضهم ." ( المجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " الطبعة العربية ، صفحة 30 ).حسب ماو ، يعود الدور الهيمني فى الثورة للفلاحين و ليس للطبقة العاملة " (2)
هذه إذا ، مثال عن عمق تفكير أنور خوجا ، لكن أين يوجد مبدأ وفقه المركز الرئيسي لعمل الحزب يجب ان يكون فى المدن؟ إن كنّا نقوم بثورة فى بلد حيث يشكّل الفلاحون 80 بالمائة من سكّانه ،و إن دفعت الثورة إلى خارج المدن ، إن منيت الحركة بإنهيار مؤقت وإن وجدت إمكانية تركيز سلطة سياسية حمراء فى الريف، مثلما كان الحال فى الصين ، كيف يمكن أن نقول إنّه من الخطإ أن نجعل من الريف " مركز العمل الرئيسي للحزب" أو أن نطوّر إستراتيجيا " محاصرة المدن إنطلاقا من الريف"؟ فى ظلّ مثل هذه الظروف ـ نثلما فى الصين ،عدم التحرّك عل هذا النحو لم يكن ليعني سوى سياسة مغامراتية متهوّرة؟ و سرعان ما أدّت هذه السياسة إلى الإستسلام أمام العدوّ بالضبط لأنّ الخطّ " اليساري" الذى كان يتمثّل فى التركّز فى المدن و رفض " محاصرة المدن إنطلاقا من الريف" ، كان غير قادر على إستنهاض القوى اللازمة للثورة، نظرا للظروف الملموسة للصين فى تلك الحقبة.
وجدّ كاشف هو أن أحدث خوجا هذا الضجيج بشأن المقولة الشهيرة لماو المقتطفة من " تقرير عن تحقيقات عن حركة الفلاحين فى خونان" الذى يقول فيه ماو إنّ العاصفة العاتية لحركة الفلاحين ستضع "الأحزاب الثورية و الرفاق... أمام إختيار الفلاحين الذين سيقرّرون قبولهم او رفضهم ." لأنّ هذا العمل الكلاسيكي قد تعرّض تاريخياّ لهجمات التحريفيين ، بمن فيهم تشان توسيو، ووانع نيتغ و المرتدّون السوفيات.
ما يؤكّده ما وفى " تقرير عن تحقيقات عن حركة الفلاحين فى خونان" ليس انّ البروليتاريا لا يجب أن تقود الفلاحين ، لكن العكس بالضبط. إنّه ناضل ضد التوجهات اليمينية ، شكلا و مضمونا ،لقادة الحزب الذين كانوا يعتبرون أنّ حركة الفلاحين كانت تتجه توجّها خاطئا و أنّها تقترف " تجاوزات كبرى" كانوا يعتقدون أنّها تهدّد التحالف مع البرجوازية الوطنية ( فى هذه الحال الكيومنتانغ) و أنّه يجب إمّا رفض الإعتراف بالحركة و إمّا معارضتها معارضة تامة و إمّا على الأقلّ محاصرتها. عندما أعاد ذكر مقولة ماو :" أمّا الأحزاب الثورية و الرفاق الثوريون فأنّهم سيجدون أنفسهم جميعا أمام إختيار الفلاحين الذين سيقرّرون قبولهم او رفضهم ." ؛ حذف خوجا عمدا الجمل التى تكشف النيّة الحقيقية التى كتب وفقها ماو التقرير ألا وهي :" أتسير على رأس الفلاحين و تقودهم ؟ أم تقف وراء ظهورهم كعيبا لهم؟ أم تقف فى وجوههم تناهضهم؟ إنّ لكلّ صيني الحرية فى أن يختار أحد هذه المواقف الثلاثة، بيد أنّ الظروف ستجبرك على الإختيار العاجل".(3)
إذن ، من الجلي ( إن لم نقطّع اوصال مقولات ماو مثلما يفعل خوجا عادة من بداية هجومه إلى نهايته) أنّ ماو لا يريد قول إنّ الفلاحين يجب أن يقودوا الحزب، لكن بالضبط العكس، أي أنّ الحزب يجب أن يتقدّم و أن يضع نفسه على رأس التمرّد العاصف ، حركة تمرّد الفلاحين.
و ستالين نفسه هاجم ذات الأخطاء المقترفة عندئذ من قبل قادة الحزب الشيوعي الصيني : " أعلم أنّه يوجد أنصار الكيومنتنغ و حتى شيوعيون صينيون لا يعتقدون أنّه من الممكن إندلاع ثورة فى الريف لأنّهم يخشون أن تكسر الجبهة المتحدة المناهضة للإمبريالية إذا شارك الفلاحون فى الثورة . أيّها الرفاق ، هذا خطأ خطير جدّا... و فى رأيى حان الوقت لوضع حدّ لهذا الجمود و هذه " الحيادية" تجاه الفلاّحين...(4)
إن الإحتقار الذى يعرب عنه خوجا تجاه الفلاحين و إستنقاصه من دورهم المركزي فى السيرورة الثورية للبلدان مثل الصين مرتبطان بعدم قدرته على فهم طبيعة هذه الثورات ذاتها. كن لينين و ستالين و ليس ماو ، السبّاقان إلى تطوير أطروحة حسبها الثورات فى بلدان آسيا كانت ذات طابع ديمقراطي برجوازي،و الهدف مزدوج : طرد الإمبريالية الأجنبية و هزم فئات الطبقة الرأسمالية المرتبطة بهذه الإمبريالية ؛ و حلّ المسألة الزراعية: تحطيم البقايا الإقطاعية و تحقيق مبدأ " الأرض لمن يفلحها".
و مرّة أخرى ، كان ستالين واضحا جدّا بصدد هذه المسألة : " كان رأي الكومنترن و لا زال ، أنّ قاعدة الثورة الصينية فى المرحلة الحالية [ 1927] هي الثورة الزراعية الفلاحية " (5)
( نفس الأطروحة وجدت عدّة مرّات فى كتابات ستالين حول الصين ، و كذلك فى مقرّرات الكومنترن حول الثورة الصينية أنظروا مثلا قرار اللجنة التنفيذية الثامنة للجلسة العامة للأممية الشيوعية حول مسألة الصين ( ماي 1927) التى تؤكّد : " الثورة الزراعية ، بما فيها مصادرة الأراضي و تأميمها : هذا هو المضمون الإجتماعي –الإقتصادي الداخلي للمرحلة الجديدة للثورة الصينية... و يجب على الحزب الشيوعي أن يضع نفسه على رأس هذه الحركة و أن يقودها"(6).
أو مرّة أخرى ، قرار جوان 1930 حول المسألة الصينية: " المسألة الزراعية هي قاعدة الثورة الصينية التى تتطوّر فى شكل حروب فلاحية بقيادة البروليتاريا".(7) و بالطبع لا يعنى هذا أن ستالين أو الكومنترن كانا دائما على صواب فيما يتعلّق بتحليلهما أو توصياتهما بصدد الثورة الصينية.)
يتّهم خوجا : " لم يستطع ماو تسى تونغ أبدا أن يفهم و لا أن يفسّر بصورة صحيحة العلاقات الوثيقة القائمة بين الديمقراطية –البرجوازية و الثورة البروليتارية. فى تعارض مع النظرية الماركسية- اللينينية التى بيّنت علميّا أنّه بين الثورة الديمقراطية – البرجوازية و الثورة الإشتراكية لا يوجد سور صيني، و أنّ الثورتان لا يجب أن تفصلا الواحدة عن الأخرى بمدّة طويلة ، كان ماو تسى تونغ يؤكّد أن " التحوّل فى الثورة هو من المهمّات المقبلة... أمّا متى يتحقّق هذا التحول ... سوف يتطلّب زمنا طويلا. وينبغى ألاّ نعلن التحول بطيش ، قبل أن تتوفّر جميع الشروط الضرورية فى المجال السياسي و الإقتصادي ،و قبل أن يصبح هذا التحوّل مفيدا و ليس مضرّا بالأغلبية الساحقة من أبناء الشعب فى جميع أرجاء البلاد".(8) بعدُ قد يكون القارئ المنتبه قد تساءل : ما الذى يحذفه خوجا بهذه النقاط المسترسلة؟ تستعمل النقاط الأولى لحذف جملة لماو: " فمن المؤكّد أنّ الثورة الديمقراطية سوف تتحوّل فى المستقبل إلى ثورة إشتراكية ". و النقاط التالية تحذف جزءا من الجملة المشدّد عليها أدناه : " أمّا متى يتحقّق هذا التحول فذلك امر يتوقّف على توفّر الشروط اللازمة وهو سوف يتطلّب زمنا طويلا." (9)
( ندع للقارئ مهمّة تقرير إن كان المترجمون الألبانيون يذكرون عمدا الطبعة الألبانية لأعمال ماو من أجل منعهم من المقارنة بين عملية خوجا المضطربة هذه و النصّ الأصلي ، أو أنّ الأمر يتعلّق ببساطة بمنهج غير نسؤول إلى أبعد حدّ إزاء مسألة ذات أهمّية كهذه. على كلّ حال ، يجعل هذا المنهج غير ممكن عمليّا أن يعود غالبية القراء إلى النصّ الأصلي ، خاصة أنّ مقالات المؤلفات المختارة لماو غير مذكورة. [ بالعربية " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " المجلدّ 1، صفحة 248].)
هكذا نرى أنّ خوجا يحذف نقطتين حيويّتين فى سياسة ماو : 1) أنّ التحوّل إلى الثورة الإشتراكية حتمي، و 2) أنّ هذا التحوّل يتوقّف على " توفّر الشروط اللازمة". و يضيف خوجا : " لقد تمسّك ماو تسى تونغ ، طوال الثورة ،و حتى بعد التحرير ، بهذا المفهوم المعادي للماركسية المناهض لتحوّل الثورة الديمقراطية –البرجوازية إلى ثورة إشتراكية. و هكذا ، فى 1940 ، قال ماو تسى تونغ إنّ : " الثورة الصينية لا بدّ أن تمرّ ب...الديمقراطية الجديدة و الخطوة الثانية هي الإشتراكية. و الأكثر من ذلك أن الخطوة الأولى ستتطلّب وقتا طويلا جدّا..." ( 10)
و هنا نورد للقارئ الفقرة الكاملة التى إقتطف منها خوجا " مقولته" ؛ وهي فقرة صادرة عن ترجمة صينية رسمية ، ودون النقاط المسترسلة المريحة لخوجا: " ممّا لا يتطرّق غليه الشكّ أنّ الثورة الحالية هي الخطوة الأولى وهي ستتطوّر فيا بعد إلى الخطوة الثانية ، أي الإشتراكية. و لن تبلغ الصين عصر السعادة الحقيقية إلاّ حين تدخل عصر الإشتراكية . و لكن لم يحن الوقت بعد لتطبيق الإشتراكية. فالمهمّة الحالية للثورة الصينية هي محاربة الإمبريالية و الإقطاعية ،و لا مجال للكلام عن الإشتراكية قبل إنجاز هذه المهمّة. و الثورة الصينية لا بدّ أن تمرّ بخطوتين، الخطوة الولى هي الديمقراطية الجديدة و الخطوة الثانية هي الإشتراكية . و الأكثر من ذلك أن الخطوة الأولى ستتطلّب وقتا طويلا جدّا ،و لا يمكن إنجازها بين ليلة و ضحاها. نحن لسنا طوباويين فلا يجوز لنا أن نغضّ النظر عن الظروف الواقعية الحالية." (11).
و مجدّدا ، من الواضح، حسب الفقرات ذاتها أنّ خوجا ، لأجل الدفاع عن أكاذيبه، يحاول تخطئة و تحريف أنّ ماو أشار بجلاء إلى أنّ ثورة الديمقراطية الجديدة تقود إلى الإشتراكية عندما تتوفّر الظروف اللازمة وهي ظروف حدّدها ماو بهزيمة الإمبريالية و الإقطاعية.
خوجا على صواب : لا وجود ل" سور صيني " يفصل مرحلتي الثورة لكنّه فى العمق ، يرغب فى إنكار الوجود الفعلي لمرحلتين مختلفتين للثورة تتحدّد بالضرورة بتحالفات طبقية و مهام مختلفة. يسعى خوجا إلى خلط كلّ شيء ، إلى مزج الإثنين فى واحد ؛ و ينتج عن ذلك نوعا من الشكل الغريب من الثورة الديمقراطية-الإشتراكية ذات نفس الخصوصيّات العملية فى البلدان الإمبريالية و البلدان المضطهَدَة. خطّ خوجا إنتقائي و مرتبك إلى درجة أنّه من المستحيل التوصّل إلى فهم صحيح لما يريد قوله. هل يريد أن يقول إنّ الثورة الصينية قبل 1949 كانت ( أو كان يجب أن تكون) ثورة إشتراكية؟ هل ينقل خطّ بعض القادة الصينيين ( الذين تمتّعوا ببعض الدعم من الكومنترن) و الذى وفقه ستتحوّل الثورة البرجوازية إلى ثورة إشتراكية منذ إفتكاك السلطة فى محافظة أو محافطتين هامتين؟ أم هل يريد أن يقول إنّ ماو لم يغترف بأنّ الثورة يتتحوّل إلى ثورة إشتراكية مع إفتكاك السلطة على النطاق الوطني؟ على كلّ حال سنرى أنّ ماو و ليس خوجا أو وانغ مينغ هو الذى كان على صواب.
( و بالطبع، من الممكن أيضا أن يكون خوجا يطلق عمدا الأكاذيب ضد ماو. على كلّ حال ،من البديهي أنّ الثورة فى ألبانيا تنتمى إلى النوع الأوّل من الثورات ذات المرحلتين ،و أنّ حزب العمل الأباني ، حسب تاريخه الرسمي، يبدو قد فهم جيّدا هذه المسألة ، مشيرا إلى أنّ الثورة الألبانية كانت فى البداية " ثورة ديمقراطية معادية للإمبريالية" تطوّرت لاحقا إلى ثورة إشتراكية،و شارحا أنّ " فى المرحلة الأولى من الثورة كان الهدف الإستراتيجي للحزب هو ضمان الإستقلال الوطني و إرساء نظام ديمقراطية شعبية" (12) . و إضافة إلى ذلك ، وقع شرح خطّ الحزب الألباني بعد تحرير ألبانيا على النحو التالي: " فى الظروف الجديدة ، أطلق الحزب الشيوعي الألباني شعار الوحدة الوطنية. و هذه الوحدة يجب أن تشمل ، فضلا عن الجماهير الشعبية العريضة التى شاركت بنشاط فى نضال التحرّر الوطني ،كافة الذين ظلّوا بعيدين عن هذا النضال أو وقعت مغالطتهم من قبل القادة الرجعيين ، لكن الذين يستطيعون الآن تقديم مساهمتهم فى بناء المجتمع الجديد".(13).
ألا يبيّن هذا المقتطف بالوضوح الكافي تركيز مرحلة مغايرة جدّا للمرحلة الإشتراكية؟ و فعلا ، يمكن أن يكون هذا خطّا صحيحا للحزب الشيوعي الألباني ( كما كان يسمى عهدئذ).و صحّة مثل هذا الخطّ ليست موضع سؤال هنا (رغم أنّ الحزب الألباني ذاته قد إعترف بأنّه أثناء هذه الفترة ، قام بجملة من الأخطاء اليمينية)(14)؛ الأساسي هنا هو أنّ خوجا قد لعب دورا رئيسيا فى الثورة ذات الطبيعة الديمقراطية الواضحة ، مرحلة ،حسب تقييم خوجا و الحزب فى تلك الفترة ، ستدوم لمدّة زمنية طويلة نوعا ما ، إثر إفتكاك السلطة؛ و مع ذلك الآن ، يتهم ماو بأنّه إقترف نوعا من المحرّمات إذ طوّر نظريّة ثورة الديمقراطية الجديدة. نشكّ هنا بالأحرى بأن الأمر يتعلّق بخدعة أكثر منه خلط لدى خوجا.)
عمدا يخلط خوجا بين كون الثورة الإشتراكية يمكن أن تنجز مهام ديمقراطية ( و ثورة أكتوبر أبلغ مثال) و مفهوم الثورة الديمقراطية –البرجوازية ذاتها.
و ليس مفاجئا ، فى الجزء الأوّل من كتابه حيث يقترح خوجا وصفاته للثورة فى كافة بلدان العالم ( دون تحديد ،حقّا، طريق كلّ بلد بعينه)، يظهر أنّه غير قادر تماما على فهم المسألة ،و بالفعل ينتج عن ذلك خلط فظيع: " صار الرابط [بين الثورة البروليتايرية فى الغرب و النضال فى المستعمرات و البلدان التابعة- ج. و] أكثر بديهية ، أكثر طبيعية ، اليوم ، بينما غالبية الشعوب ، وهي تقلب النظام الإستعماري القديم ، قد أنجزت خطوة كبرى إلى الأمام نحو الإستقلال بإيجاد دولها القومية الخاصّة و أنّه بعد هذه الخطوة ، يطمحون إلى المضيّ أبعد إلى الأمام. إنهم يريدون القضاء على النظام الإستعماري الجديد و التحرّر من كلّ تبعيّة الإمبريالية ، من كلّ إستغلال للرأسمال الأجنبي، و الحصول على سيادتهم و إستقلالهم التام ، الإقتصادي و السياسي. و قد ثبت بأنّه لا يمكن أن نحقّق هذه الطموحات و نبلغ هذه الأهداف إلاّ بالقضاء على كلّ هيمنة أو تبعيّة أجنبية ، و بالتحرّر من إضطهاد و إستغلال الحكّام البرجوازيين و الملاّك العقاريين الكبار فى البلاد.
و يترتّب عن ذلك أن الثورة الوطنية –الديمقراطية ، المعادية للإمبريالية و من أجل التحرّر الوطني مرتبطة و متشابكة مع الثورة الإشتراكية، لأنّها فى هجومها على الإمبريالية و الرجعية ،وهم أعداء مشتركون بين البروليتاريا و الشعوب ، تفتح الأولى أيضا الطريق للتغييرات الإجتماعية الكبرى، و تساهم فى إنتصار الثورة الإشتراكية ، وهي تهاجم البرجوازية الإمبريالية ، بإجتثاث مواقعها الإقتصادية و السياسية ، توجد الظروف المواتية لحركات التحرّر و تسهّل الإنتصار".(15).
رغم أنّ خوجا يُحيل عنا على " الملاكين العقّاريين الكبار " فإنّ هذه الفقرة ،و كذلك فى كتابه بأسره،مدهشة لغياب أيّة نقاش لطابع الثورة المعادي للإقطاع فى عديد بلدان آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية. ذلك انّ النضال ضد الإقطاعية هو الذى يعطى الثورة الديمقراطية طابعها البرجوازي.
فى الفقرة أعلاه يمزج بمهارة الثورة الإشتراكية و الثورة الديمقراطية –البرجوازية ،مؤكّدا أنّ الإستقلال، و السيادة إلخ لا يمكن بلوغهما إلاّ ب " التحرّر من إضطهاد و إستغلال الحكّام البرجوازيين و الملاّك العقّاريين الكبار فى البلاد". و طبعا ، صحيح فى آخر المطاف ، أنّ التحرّر الحقيقي من الإمبريالية مرتبط بالثورة الإشتراكية. و قد أشار ماو إلى هذا فى عديد المناسبات ،مثلا فى تصريحه الشهير، " فقط الإشتراكية يمكن أن تنقذ الصين". المسألة هي أنّ الثورة الإشتراكية و الثورة الديمقراطية – البرجوازية ليستا متماثلتين، يعنى أنّه خلال الثورة الديمقراطية –البرجوازية ، بعض القوى البرجوازية ( قوى إستغلالية ) يمكن أن تلعب دورا إيجابيّا.
بتهكّم ، رغم أن خوجا قام بمحاولات ليعتبر نفسه تلميذا وفيّا لستالين ، فإنّه ستالين هو الذى ،فى معرض كتابته عن مرتدّ آخر، قيّم بإختصار الأخطاء الجوهرية لخوجا بصدد مسألة الثورة الصينية: " الخطأ الجوهري لتروتسكي ( و بالتالى للمعارضة) هو أنّه يستخفّ بالثورة الزراعية فى الصين ، و لا يفهم طابعها الديمقراطي –البرجوازي و ينكر أن توجد فى الصين الظروف الأوّلية الضرورية لحركة فلاحية تشمل ملايين الفلاحين و يستخفّ بدور الفلاحين فى الثورة الصينية."(16)
و على عكس إحتجاجات خوجا ، فإنّ ماو بالذات هو الذى شرح العلاقة بين المرحلة الديمقراطية –البرجوازية و المرحلة الإشتراكية. بداية ، أثرى ماو الأطروحة الجوهرية للينين القائلة بأنّ الثورات الديمقراطية –البرجوازية للبلدان التابعة و المستعمرات فى عصر الإمبريالية و الثورة البروليتارية الجديدة ( يعنى منذ أكتوبر فى روسيا سنة 1917) لم تعد جزءا من الثورة البرجوازية القديمة ،و إنّما تنتمى بالأحرى إلى الثورة البروليتارية العالمية الجديدة.
لقد أكّد ما وفى عديد المناسبات أنّ البرجوازية الوطنية فى الصين و فى البلدان المشابهة للصين ليس بوسعها أن تقود الثورة الديمقراطية –البرجوازية إلى النصر . وهي عرضة لسوء المعاملة من الإمبريالية ، أحيانا تدخل هذه البرجوازية فى تناقض معها و تلتحق من وقت لآخر بالنضال الثوري . لكن بالضبط بسبب ضعفها و جمودها السياسي و الإقتصادي ، و بسبب العلاقات التى لا تزال تربطها ببعض القطاعات الهامة ( الكمبرادورية) للبرجوازية و للملكية العقارية ، ستتسم هذه الطبقة على الدوام فى أفضل الأحوال بالتذبذب ، وستستسلم أحيانا للقوى الإمبريالية و للرجعية المحلّية.
و بالتالى ، قيادة الشعب ، و قبل كلّ شيء الفلاحين لإتمام الثورة الديمقراطية-البرجوازية ، باتت مهمّة البروليتاريا. و بالفعل ، شرح ماو بالضبط لأنّ الثورة الصينية قد قادتها البروليتاريا و طليعتها ، الحزب الشيوعي ، فهي توصف بثورة الديمقراطية الجديدة (و ليس القديمة ) ، و أنّ هذه الثورة لا تهدف إلى " إرساء مجتمع رأسمالي و دولة دكتاتورية برجوازية" بل بالأحرى ، " تمهّد طريقا أوسع و أرحب من أجل تطوّر الإشتراكية" (17)
و شرح ماو مضيفا :" و على الرغم من أنّ الثورة الصينية فى المرحلة الأولى هذه ( بمراحلها الصغيرة المتعدّدة) هي ، من حيث طبيعتها الإجتماعية ، ثورة ديمقراطية برجوازية من نمط جديد و لم تصبح بعد ثورة إشتراكية بروليتارية ، إلاّ أنّها قد أصبحت منذ زمن طويل جزءا من الثورة العالمية الإشتراكية البروليتارية ، بل أصبحت بالأحرى فى الوقت الحاضر جزءا بالغ الأهمّية من هذه الثورة العالمية و حليفا عظيما لها. إنّ الخطوة الأولى أو المرحلة الأولى لهذه الثورة لن تكون ،و لا يمكن أن تكون إقامة مجتمع رأسمالي خاضع لدكتاتورية البرجوازية الصينية ، بل ستنتهى هذه المرحلة الأولى بإقامة مجتمع للديمقراطية الجديدة خاضع للدكتاتورية المشتركة لجميع الطبقات الثورية فى الصين بزعامة البروليتاريا الصينية . و من ثمّ ستتطوّر هذه الثورة إلى المرحلة الثانية التى سيقام فيها مجتمع إشتراكي فى الصين.
هذه هي أهمّ الخصائص الأساسية للثورة الصينية فى الوقت الراهن ،و مجرى الثورة الجديد خلال السنوات العشرين الأخيرة ( إعتبارا من حركة 4 مايو – أيار- 1919) ،و هذا هو المضمون الحيّ الملموس للثورة الصينية الحالية. " ( 18) بإستمرار يشدّد ماو على الرابط الحقيقي بين الثورة الديمقراطية - البرجوازية و الثورة الإشتراكية : أنّ فقط إتمام الثورة الديمقراطية ، أي إلحاق الهزيمة بالإمبريالية و الإقطاعية ، يمهّد الطريق للثورة الإشتراكية ، و أنّ هذه الثورة لا يمكن أن تنجز دون توفّر هذه الشروط. و شدّد ماو أيضا على أنّ مواصلة الثورة إلى أبعد من المرحلة الديمقراطية ،و المرور إلى المرحلة الإشتراكية ، لا يمكن أن يتحقّقا إلاّ فى ظلّ قيادة البروليتاريا و حزبها.
و نظرا لأنّ خوجا غير قادر على فهم ( أو يدعى عدم فهم) الطابع الطبقي للمرحلة الأولى من الثورة الصينية ، ليس من المفاجئ أن يهاجم كذلك الخطّ العسكري لماو تسى تونغ، حرب الشعب ، خطّ يعتمد بالتحديد على فهم صحيح لظروف الثورة الصينية. و هذا ما يقوله خوجا بهذا الصدد ، ضمن وصفة يقترحها للثورة فى كلّ البلدان: " وفى الظروف الملموسة لبلد و الوضع العام ، يمكن أن تكون الإنتفاضة المسلّحة إنفجارا فجئيّا أو سيرورة ثورية أطول ، لكن ليست محدودة أو دون أفق ملموس ، مثلما تعلن " نظرية حرب الشعب طويلة الأمد" لماو تسى تونغ. إن عقدنا مقارنة بين تعاليم ماركس و إنجلز و لينين و ستالين حول الإنتفاضة الثورية المسلّحة من جهة و نظرية ماو حول " حرب الشعب" ، فإنّ الطابع المعادي للماركسية و المعادي للينينية و المعادي للعلم لهذه النظرية يبدو جليّا. تقوم تعاليم الماركسية - اللينينية على أنّ الإنتفاضة المسلّحة وثيقة العلاقة بالصراع فى المدن و فى الأرياف نفى ظلّ قيادة الطبقة العاملة و حزبها الثوري.
و نظرا لأنّ النظرية الماوية ضد الدور القيادي للبروليتاريا فى الثورة فهي تعتبر الريف قاعدة وحيدة للإنتفاضة المسلّحة و تتجاهل النضال المسلّح للجماهير الكادحة فى المدن. إنّها ترتئي أنّه إنطلاقا من الأرياف تجب حاصرة المدن المعتبرة قلاعا للبرجوازية المعادية للثورة. و يعكس هذا قلّة الثقة فى الطبقة العاملة و تنكّر لدورها الهيمني".(19)
مهمّ! جدّا! هذا المقتطف لخوجا يوضّح أكثر إحتجاجاته ( المذكورة أعلاه) على كون ماو أكّد أنّ الثورة الديمقراطية الجديدة يمكن أن تتطلّب " مرحلة طويلة ". تهمة خوجا التى مفادها أنّ ماو قد طالب بحرب لا نهاية لها و " دون أفق ملموس" سخيفة بشكل بيّن. لقد إرتأى ماو بوضوح أنّ للحرب ذاتها ( أو بالأحرى فى حال الصين ؛ ثلاث مراحل متباينة : المرحلة الأولى ضد الكيومنتنغ ، و الثانية ضد اليابان و الثالثة من جديد ضد الكيومنتنغ، مثّلت الشكل الجوهري لمواصلة الثورة إلى تحقيق أهدافها الأولى التى كانت طرد الإمبريالية من البلاد، و حلّ المسألة الزراعية. لا يمكن أن توجد "أفاق " " ملموسة " أكثر من هذه !
يكشف نقد خوجا لحرب الشعب بصورة أوضح الطابع الأساسي اليميني ل " يسراويته". ونودّ أن نسأل خوجا : ما هو الطريق الذى كان على الثورة الصينية أن تتبعه إثر هزيمة الثورة فى 1924-1927 ، أي عندما إنتصرت الثورة المضادة فى المدن و كان يتمّ ذبح الشيوعيين؟ على ما يبدو ، كان صحيحا تركيز مناطق إرتكاز فى الريف ، شرط عدم فقدان " الأفق الملموس" ، بمعنى إنتصار سريع ( فى بضعة سنوات) على القوى الرجعية. و هذا الخطّ بالفعل ، كان خطّ وانغ مينغ الذى أمر الجيش الأحمر ، متوقّعا إنتصارا فوريّا و إنهيار العدوّ ، بشنّ هجوم مستمرّ. و جاءت نتيجة هذه السياسة هزيمة هائلة للثورة الصينية ، و خسارة كافة قواعد الإرتكاز فى جنوب الصين ، و ضرورة الإبحار فى المسيرة الكبرى.
إن إستمعنا لخوجا ، يجب أن نستخلص أنّه كان من الخاطئ الإنطلاق فى كفاح مسلّح طالما لا يوجد أفق إنتصار فوري. حسب رأيه ، الإحتفاظ بالسلطة الحمراء فى الريف فى حال إنعدام إمكانية إفتكاك سريع للمدن ، يكون تخلّيا عن الطبقة العاملة و فقدان للثقة فى دورها الهيمني. هذه طريقة تفكير ميكانيكية حقّا ، بالغة " قمم" لم يسبق أبدا بلوغها. ذلك أنّ الإنتهازيين أثناء الثورة الصينية ( لا سيما التروتسكيين) كانوا يدافعون عن مثل طرق التفكير هذه، وانغ مينغ من برجه العاجي فى موسكو ، كان الوحيد الذى كرّر هذه السفسطة حتى بعد أن بيّن التاريخ أنّها سفسطة.
كان خوجا يودّ أن يرى حلّ الجيش الأحمر من قبل الحزب الشيوعي الصيني أو إن لم يفعل ذلك ، أن يهاجم هذا الأخير بكلّ بساطة المدن بطرق غير مدروسة و إنتحارية ، فى حين أنّ الظروف غير مواتية لإنتصار على المستوى الوطني؛ كان هذا ليؤدّى كذلك إلى حلّ الجيش الأحمر. أيعتقد خوجا جدّيا أنّ " هيمنة البروليتاريا " تكون قد تحقّقت بصفة أفضل لو لم توجد قواعد إرتكاز ريفية، و لو أنّ الحزب الشيوعي و قد تعرّض لضربات الإرهاب الأبيض ، قد صار متقلّصا إلى قوى متناثرة تقوم بعمل قانوني و غير قانوني فى المدن؟ هل من الصحيح أنّ مثل هذا الوضع كان سيعجّل بتطوّر إنتفاضة جديدة فى الصين؟ أم ، أليست سياسة ماو أي تطوير قواعد إرتكاز ثورية ، فى الأخير ، هي التى ساهمت خلال النضال ، فى الإعداد للإستيلاء المستقبلي على المدن؟
و لا يمكن أن نمسك أنفسنا عن توجيه سؤال آخر لخوجا :أين يوجد فى كتبات ماركس و إنجلز و لينين و ستالين خطّ محدّد بشأن الطريق الذى يجب إتباعه لإفتكاك السلطة بالقوّة المسلّحة فى بلد مثل الصين؟ بلا شكّ، لا وجود لمثل هذه الوصفة، لأنّ قادة البروليتاريا العظام ، على عكس خوجا ، لم يكونوا لينطلقوا فى إصدار تخمينات حول الأحداث الممكنة التى لم تحصل بعدُ.و نظرا لأنّه قبل الثورة فى الصين ، لم توجد أبدا ثورة قادتها الطبقة العاملة فى مثل هذه البلاد ، أليس من السخيف نصحنا بأن نقارن كتابات ماو مع كتابات عسكرية لقادة ماركسيين- لينينيين سبقوه لإكتشاف أخطاء ماو؟ و فضلا عن ذلك ، إن عقدنا هذه المقارنة نكتشف أن ماو يتجاوز حتى القادة الكبار الذين سبقوه و لم يحلّل فقط سيرورة الحرب الثورية فى الصين لكنّه أيضا قدّم مساهمات لا تقدّر بثمن فى الخطّ الماركسي عموما فى ما يخصّ المسائل العسكرية.(20)
وهذا ليس غريبا بما أنّه تراكمت لدي ماو تجربة أوفر من سابقيه فيما يتصل بممارسة الحرب الثورية. و على خوجا أن يلاحظ أيضا التصريح الذى أدلى به ستالين فى هذا المضمار سنة 1926 إذ قال " فى الصين الثورة المسلّحة تواجه الثورة المضادة المسلّحة" (21)
دغماتحريفية خوجا تمنعه من الفهم الصحيح للعلاقة بين السياسة و الحرب. بإعتبار أنّه حسب رأيه ، لا يمكن للضدين أن يتحوّل الواحد منهما إلى نقيضه ( موضوع ستطرّق إليه فى الصفحات التالية ) لا يمكنه فهم أنّ الحرب الثورية ذاتها كانت فى الصين الطريق الرئيسي للقيام بالعمل السياسي على النطاق الواسع فى صفوف الجماهير. لقد وضّح ماو بصفة جيّدة هذا الأمر وهو يقيّم أهمّية المسيرة الكبرى : " ...مسيرتنا الكبرى هي أوّل مسيرة من نوعها سجلها التاريخ وبأنّها بيان و فرقة للدعاية و آلة بذارة...إنّ المسيرة الكبرى بيان ،إذ أنّها أعلنت للعالم أجمع أن رجال الجيش الأحمر هم أبطال ،و أنّ الإمبرياليين و عملاءهم – تشيانغ كاي تشيك و أمثاله- هم ضعفاء عاجزون... إنّ المسيرة الكبرى فرقة للدعاية أيضا ، إنّها أوضحت لحوالي مئتي ملين من أبناء الشعب فى الإحدى عشرة مقاطعة أن طريق الجيش الأحمر هو الطريق الوحيد الذى يؤدّى إلى تحرّرهم. كيف كان يمكن لهذه الجماهير الغفيرة ، لولا المسيرة الكبرى ، أن تعرف بمثل هذه السرعة وجود تلك الحقيقة العظمى فى الدنيا ، التى تتجسد فى الجيش الحمر؟ إنّ المسيرة الكبرى آلة بذارة أيضا ، إذ أنّها قد بذرت بذورا كثيرة فى الإحدى عشرة مقاطعة، وهي بذور سوف تنبت و تورق و تزهر و تثمر، و تعطى حصادا فى المستقبل. ..و من الذى قاد هذه المسيرة الكبرى إلى النصر؟ إنه الحزب الشيوعي . فلولا الحزب الشيوعي لما كان من الممكن تصوّر القيام بمثل هذه المسيرة الكبرى. " (22)
و هكذا نرى أنّ الحرب الثورية لم تكن جرّد مسألة عسكرية ،و إنّما الشكل الرئسي للصراع الطبقي فى الصين. و الذين كانوا قد أكّدوا على كون الثورة يجب أن تنجز وفق نمط الثورة الروسية ( ثورة تميّزت بفترة طويلة من الإعداد خلالها كان الصراع يتمّ رئيسيّا على المستوى السياسي و ليس العسكري متبوعة بإنتفاضة و حرب أهلية) كانوا سيحكمون عل الطبقة العاملة و كذلك على الشعب الصيني بعدم القيام بأيّة ثورة.
يدعى خوجا أنّ كلّ خطّ ماو لمحاصرة المدن إنطلاقا من الريف يمثّل تخلّيا عن هيمنة البروليتاريا. فى الحقيقة عدم شنّ النضال المسلّح فى الريف كان سيعنى بالذات انّ الطبقة العاملة لن تمارس قيادتها ( هيمنتها) فى الثورة ، خاصة فى علاقة بمئات ملايين الفلاحين الصينيين. تعنى هينة البروليتاريا قبل كلّ شيئ قيادة حزبها السياسي الطليعي ، الحزب الشيوعي.و هذا لا يعنى بالضرورة أنّ البروليتاريا قوّة رئيسية فى الثورة ( هذا خوجا ذاته مضطرّ للإعتراف به ).و تتمثّل قيادة البروليتاريا فى توحيد الجماهير المضطهَدَة تحت راية الطبقة العاملة حول برنامجها للثورة. فى الظروف الملموسة للصين ، كان هذا المبدأ يتطلّب أن توجد البروليتاريا ، عبر حزبها ، فى الصفوف الأولى للنضال ضد الإمبريالية و الإقطاعية، فى نفس الوقت الذى يتمّ فيه بناء السلطة السياسية المستقلّة للحزب الشيوعي الذى بإمكانه وحده أن يقود الثورة إلى الإنتصار و من هناك إلى الإشتراكية. و نظرا لهذه المبادئ ، عدم شنّ حرب فى الريف كان سيؤدّى إلى غياب قيادة البروليتاريا للفلاحين ، و بالتالى كانت إمكانية إنجاز الثورة ستتبخّر.
لماذا لم تكن الثورة قادرة على إحراز الإنتصار أوّلا فى المدن، لتتوسّع تاليا إلى الريف، على غرار الثورة الروسية،مثلا؟ لأنّ المدن لم تكن وحدها هي المعتبرة ( مثلما يقول خوجا) حصونا للبرجوازية المعادية للثورة – كانت كذلك فعلا. فى المدن، كانت توجد تجمعات فيالق العدوّ نو إضافة إلى ذلك، كانت الفيالق الإمبريالية تستطيع بسهولة بلوغ المدن،و هناك كانت تقدر على تقديم المساعدة الأكثر فعالية للقوّات الرجعية الصينية. و الطبقة العاملة هي أيضا كانت مرتكزة فى المدن ن لكنّها لم تكن قويذة بما فيه الكفاية و لم يكن الوضع مناسبا حتى تنجح فى شنّ إنتفاضات و تمسك بالسلطة السياسية. و بالفعل، قد حاول العمّال القيام بمثل هذه الإنتفاضات التى إنتهت إلى أن أغرقها العدو فى حمّام من الدم.
لقعد مقارنة ، يمكن أن نلقي نظرة على الوضع العالمي فى مجمله. فقد إعتقد ماركس و إنجلز ( و قد مثّل ذلك "مبدأ" معترفا به ماركسيّا) أنّ الثورة ستحدث أوّلا فى بلدان أوروبا الغربية ، بلدان قد بلغت أعلى مستوى تطوّر رأسمالي. و فقط زمن ثورة أكتوبر ،طوّر لينين أطروحة أنّ الثورة ستحدث أوّلا فى البلد الذى يمثّل الحلقة الأضعف فى النظام الإمبريالي. و قد إتّهم لينين من طرف " الماركسي الأرتودكسي" كاوتسكي بأنّه تخلّى عن البروليتاريا لأنّه كان مقتنعا بأ،ّ الثورة البروليتارية يمكن بالفعل أن تحدث أوّلآ فى مجتمع يُهيمن عليه بعدُ الفلاحون ، مثل روسيا فى تلك الحقبة. و بالطبع ، أثبتت ثورة أكتوبر أنّ أطروحة لينين كانت صحيحة. و نفس الشيء فى الصين ، لم يكن فقط التناقض الرئيسي الذى ينبغى معالجته لإتمام الثورة الديمقراطية ( المسألة الزراعية) متركّزا فى الريف ، لكن أيضا أنّ الرجعيين كانوا الأكثر ضعفا و أنّ البروليتاريا كان بإستطاعتها أن تقود الجماهير الشعبية فى تركيز السلطة السياسية و الحفاظ عليها.
يريد منّا خوجا أن نفهم أنّ ماو يتبنّى محاصرة المدن إنطلاقا من الريف كإستراتيجيا للإنتصار فى كافة البلدان. بالعكس تماما فقد حدّد ماو أنّ نموذج ثورة أكتوبر ن الإنتفاضة فى المدن ، ستمثّل طريق السلطة فى البلدان الإمبريالية . إلى ذلك ، لم يقل ماو إطلاقا أنّ النضال الثوري لكلّ البلدان التابعة و المستعمرات سيتطوّر وفق نفس الطريق الصيني. فى البداية ، كان يعتقد أنّ الصين كانت البلد الوحيد أين سيقود هذا الطريق إلى الإنتصار ، لعدّة أسباب شرحها بالتفصيل ، مثل كون الصين لم تكن مستعمرة و إنّما شبه مستعمرة فيها تتنافس مختلف القوى الإمبريالية المتنازعة لإخضاعها و أنّ المجال الترابي الشاسع للصين كان مناسبا لمناورات القوات الثورية. و مع ذلك ، أثبت تطوّر النضال الثوري ، لا سيما فى آسيا ، دون شكّ أنّ خطّ ماو بصدد حرب الشعب و محاصرة المدن إنطلاقا من الريف إلخ ينطبق على عديد البلدان الأخرى فضلا عن الصين. و رغم ان طريق السلطة ليس بتاتا متماثلا بالضبط فى بلدين مختلفين ، من الواضح أنّ النضال المسلّح فى الفيتنام ، مثلا، قد تطوّر جوهريّا ، حسب المبادئ التى صاغها لأوّل مرّة ماو.
رغم أنّه من الأكيد أنّ حرب الشعب المتميّزة بمحاصرة المدن إنطلاقا من الريف، لن تكون الطريق العالمي لكافة بلدان آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية ، يبقى مع ذلك من الأكيد أنّ فى هذا الطريق إنخرطت عديد الشعوب ،و أ،ّه سيكون طريق الإنتصار بالنسبة للكثيرين، إن لم نقل الغالبية ، من هذه البلدان . إنّ معارضة مبدئية لخطّ ماو بصدد حرب الشعب معارضة للثورة فى البلدان المضطهَدَة.
يُعلن خوجا أنّ : " طبقة الفلاحين و البرجوازية الصغيرة لا تستطيعان قيادة البروليتاريا فى الثورة . أن نعتقد و نتبنّى العكس يعنى معارضة الماركسية- اللينينية. هذا واحد من أهمّ مصادر مفاهيم ماو المعادية للماركسية و التى مارست تأثيرا سيّئا طوال الثورة الصينية" (23)
بالطبع لا يمكن لخوجا أن يقدّم أي دليل على إدّعائه بأن ماو كان ينادى بقيادة الطبقة العاملة من قبل الفلاحين؛ و بالفعل مؤلفات ماو جميعها تبيّن بكثير من الوضوح وجهة نظر معارضة تماما ، و هذه النقطة متكرّرة عشرات المرّات فى ثنايا كتاباته.كلّ ما يستطيع أن يدّعيه خوجا هو أنّه بما أنّ ما كان يحدّد انّ عمل الحزب يجب ان يرتكز فى الريف ، و بما أنّه إعترف بأنّ المسألة الزراعية تمثّل التناقض الداخلي الرئيسي الذى يجب على الثورة الديمقراطية حلّه ، بالتالى هذا يثبت أن ماو كان ينادى بقيادة العمّال من قبل الفلاحين! كان ماو تماما على صواب حينما أكّد أن :" فى مجرى الثورة فى الصين شبه المستعمرة يمكن أن تفشل نضالات الفلاحين فقط فى حالة حرمانها من قيادة العمال ، امّا أن تصاب الثورة بضرر بسبب نموّ نضالات الفلاحين و تفوقها على قوى العمّال فهو أمر مستحيل".( 24) تأكيد أنّ " قيادة " البروليتاريا تتطلّب التخلّى عن نضال الفلاحين أو خنقه إلى أن تحصل إنتفاضة الحركة العمّالية ، يعنى خيانة الثورة.
و بالفعل ، إنطلق ماو فى نضال بلا هوادة خلال مرحلتي الثورة لأجل ضمان أن تمارس الإيديولوجيا البروليتارية - الماركسية- اللينينية – هيمنتها فى صفوف الحزب؛ وقد ناضل بلا هوادة ضد كافة أنواع الإنحرافات البرجوازية منها و البرجوازية الصغيرة،التى كانت تعبّر عن نفسها فى صفوف الحزب خلال مرحلتي الثورة. و قد حلّل مختلف الإنحرافات و بيّن جذورها الطبقية فى المجتمع ( تحليل يبدو أن خوجا غير قادر على القيام به أصلا فيما يتعلّق بالصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية ، مثلما نرى ذلك فيما بعد). و مهاجما الإنحراف البرجوازي الصغير فى صفوف الحزب الشيوعي الصيني ( ممثّلا خاصّة بوانغ مينغ ، بطل خوجا بوضوح) ، أبدى ماو ملاحظات هي بعد غاية فى الأهمّية بالنسبة لنقاشنا حول وجهة نظر خوجا.
و هذه الفقرة جديرة بالذكر تامّة : " أوّلا، طريقة التفكير. بشكل عام ، عندما نتناول البرجوازية الصغيرة مشكلا ، تفكّر بصورة ذاتية ، تنظر للأشياء من زاوية واحدة ؛ أي أنّها لا تنطلق من نظرة موضوعية لمجموع القوى الطبقية النسبية، لكنّها تأخذ أمانيها الذاتية و إنطباعاتها و أفكارها الخيالية على أنّها ظروف واقعية ، تعدّ مظهرا واحدا على أنّه المظاهر كلّها ،و الجزء على أّنّه الكلّ ، و شجرة على أنّها الغابة . و ينزع المثقفون البرجوازيون الصغار المنفصلون عن سيرورات الإنتاج العملية إلى أن يكونوا عقديين، كما سبق و أن قلنا، لأنّهم ليست لديهم إلاّ معارف حصلوا عليها من الكتب و يفتقرون للمعارف العملية. و البرجوازيون الصغار المشاركون فى الإنتاج ينزعون إلى التجريبية ، كما سبق أن أشرنا أعلاه، لأنّه رغم أن هؤلاء الناس لا يفتقرون إلى المعارف الحسّية ، فإنّهم يظهرون ضيق نظر و عدم إنضباط ،و إنعزالية و محافِظة، مميّزين للمنتجين الصغار.
ثانيا، التوجه السياسي. سياسيّا ، تتجه البرجوازية الصغيرة نحو التذبذب بين " اليسار" و اليمين ، بسبب نمط عيشها و طريقة تفكيرها الذاتية و الإحادية الجانب النابعة عنها. و الكثير من الثوريين البرجوازيين الصغار النموذجيين يتسرّعون لبلوغ إنتصار سريع للثورة يؤدّى إلى تغيير جذري فى وضعهم القائم. وبالتالى لأنّ فاقدي الصبر تجاه الجهود الثورية " اليسارية" و ينزعون إلى التحوّل إلى إنعزاليين و مغامراتيين، إحساسا و عملا. و مثل هذه النزعة السياسية البرجوازية الصغيرة ،حينما تنعكس فى الحزب ، تؤدّى إلى أخطاء " يسارية" سبق و أن أشرنا إليها، فى ما يتصل بالمهام الثورية ،و قواعد الإرتكاز ، و التوجه التكتيكي و الخطّ العسكري.
لكن فى ظروف أخرى ، نفس مجموعة الثوريين البرجوازيين الصغار أو مجموعة أخرى ، ستعبّر ربّما عن يأس و تشاؤم ،متبعة البرجوازية، و تعلن عن أحاسيس ووجهات نظر يمينية. التشتوسياوية خلال الفترة الأولى من المسيرة الكبرى ، كانوا جميعا إنعكاسات لهذه الأفكار البرجوازية الصغيرة اليمينية فى صفوف الحزب. و حينما إندلعت الحرب المناهضة لليابان ، ظهرت الأفكار الإستسلامية... إزاء إمتحان الظروف المتغيّرة ، تكشف الإيديولوجيا البرجوازية الصغيرة جانبها السيئ بالتذبذب بين " اليسار" و اليمين ، بتوجهها نحو دفع الأمور إلى الأقصى و إلى إعتبار امانيها واقعا ، أو بالإنتهازية. و يمثّل كلّ هذا إنعكاسا إيديولوجيا لوضعها الإقتصادي غير المستقرّ."(25)
إذن ، نلمس من هذا المقتطف أن ماو كان واعيا جدّا لمشكل الإنحرافات عن الماركسية- اللينينية فى الحزب، و أنّه كان يكشف بوضوح جذورها الطبقية. مثلا، فى مقتطف لآخر من ذات النصّ أعلاه، ناقش مشكلة الناس من أصل برجوازي صغير الذين " إنتموا إلى الحزب تنظيميّا ، لكن ليس إيديولوجيّا، ليس جوهريّا ، و هم غالبا ليبراليون ، إصلاحيّون، فوضويّون، بلانكيّون ، يضعون قناع الماركسية- اللينينية ، وهم بالتالى غير قادرين على أن يوصلوا إلى الإنتصار ليس فحسب الحركة الشيوعية فى صين الغد ، و إنّما أيضا حركة اليوم من اجل الديمقراطية الجديدة." و شدّد على الحاجة إلى " تربيتهم و النضال ضدّهم بشكل جدّي لكن صحيح و صبور " و إلاّ فإنّ مثل هؤلاء الناس سيحاولون " أن يشكّلوا سمات الحزب –سمات طليعة البروليتاريا، على صورتهم هم و يستولون على قيادة الحزب..." ( 26)
بطبيعة الحال ، المشكل الذى يطرقه ماو هنا سيصبح بالنسبة للحزب الشيوعي الصيني مشكلا خطيرا جدّا على المدى البعيد،مشكلا ساهم مساهمة كبيرة فى إنقلاب 1976 و فى إفتكاك المسؤولين السائرين فى الطريق الرأسمالي للحزب. و من البديهي أنّ ماو قد تعرّف مبكّرا جدّا على المشكل ،و قد إجتهد بجدّية لإيجاد وسائل صيانة الطابع البروليتاري للحزب. إنّه خوجا و ليس ماو هو الذى يصوغ خطّا برجوازيّا صغيرا و غير بروليتاري فيما يخصّ الثورة الصينية. إنّه بالذات الخطّ الذى يلخّصه ما وفى النصّ أعلاه ، خطّ ، عمليّا يطالب بإنتصار سريع و خطوات إلى الأمام غير مدروسة فى فترة معيّنة من الصراع، و عندما لا يفتح هذا فى الحال " أفقا ملموسا " لإنتصار ، يطالب عندئذ بأن يكفّ الشيوعيون عن قيادة الفلاحين و أن يركّزوا عملهم فى المدن و أن يترقّبوا ( بصيغة أخرى أن يستسلموا!) إلى أن توجد ظروف " ملائمة أكثر".
ماو تسى تونغ ، الكومنترن ، الإتحاد السوفياتي و ستالين
بغاية وصف ماو بأنه قومي ضيق الأفق و شوفيني صيني ، إدعى خوجا بأن ماو لم ينضبط لتوجيهات الكومنترن فى ما يتصل بالخط الأساسي للثورة الصينية و بأنه لا يعتبر الإتحاد السوفياتي "وطن البروليتارية العالمية " و بأنه تحرّأ على نقد ستالين . ما يميّز وجهة نظر خوجا فى هذه المسألة هو خليط من الأفكار الخاطئة ( وهي خاصية من خاصياته مثلما سنرى لاحقا ) و من أنصاف الحقائق و الكذب الرخيص .
و مع ذلك ،ما هو بديهي مرة أخرى لكلّ إنسان درس كتابات ماو تسى تونغ هو أن ماو و الحزب الشيوعي الصيني ما إنفكا يساندان على الدوام الإتحاد السوفياتي و ستالين . و قد أشار ماو فى عدّة مناسبات إلى أن الإتحاد السوفياتي كان يمثّل وطن البروليتاريا العالمية ، و علّم الشيوعيين و الشعب وفق هذه الروح و هذا أمر لا جدال فيه . لقد أدرك جيدا الأهمية الحيوية لثورة أكتوبر و لوجود دولة إشتراكية قوية مثل الإتحاد السوفياتي لأجل التغيير الراديكالي للطابع السياسي للعالم قاطبة فصرّح بأن : " بعثت إلينا طلقات مدافع ثورة أكتوبر بالماركسية – اللينينية "( ماو تسي تونغ ص 67 من "عاشت اللينينية " كتب سنة 1960 إحياء للذكرى التسعين لمولد لينين ، دار النشر باللغات الأجنبية بيكين ،الطبعة العربية ). و بالتأكيد لن نستطيع قول إن نصوصا كالنص التالي تمثّل إستهانة بأهمية دور الإتحاد السوفياتي بالنسبة لنجاح الثورة الصينية :
"إذا كانت الصين تريد الإستقلال فإنها لا تستطيع بتاتا الإستغناء عن مساعدة الدولة الإشتراكية و البروليتاريا العالمية . و هذا يعنى أنها لا تستطيع الإستغناء عن مساعدة الإتحاد السوفياتي و لا عن المساعدة التى تقدمها لها البروليتاريا فى اليابان و بريطانيا و الولايات المتحدة و فرنسا و ألمانيا و إيطاليا عن طريق نضالاتها ضد الرأسمالية فى بلدانها و على الرغم من أنه لا يمكن القول بأن الثورة الصينية لن يتحقق إنتصارها إلا بعد إنتصار الثورة فى اليابان و بريطانيا و الولايات المتحدة و فرنسا و ألمانيا و إيطاليا ، أو فى بلد أو بلدين منها ، و لكن مما لا يتطرق إليه الشك أنها لن تنتصر إذا لم تدغمها قوة البروليتاريا فى هذه البلدان . و على الأخص فإن المساعدة السوفياتية شرط لا يمكن الإستغناء عنه إطلاقا من أجل إنتصار الصين النهائي فى حرب المقاومة . و غن رفضنا المساعدة السوفياتية ، فإن الثورة ستخفق ." ( مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة ، المجلد الثاني ، صفحة 495 ، ضمن "حول الديمقراطية الجديدة "). و أما فيما يتعلق بستالين و الكومنترن ، فإن ماو كان فى الواقع متفقا مع الخط الأساسي للثورة الصينية الذى إقترحه ستالين . و قد سبق و أن رأينا هذا الإتفاق حول المسائل الأساسية للثورة الصينية ( أي الدور المفتاح للفلاحين و الثورة الزراعية و طابع الثورة الديمقراطي البرجوازي و كون الثورة المسلحة تواجه مباشرة الثورة المضادة المسلحة ) و خوجا و ليس ماو هو الذى ينحرف عن المبادئ الجوهرية التى صاغها ستالين بشأن الثورة الصينية .
بيد أن ماو تسى تونغ شدّد أيما تشديد على أن الثورة الصينية لا يمكن أن تكون نسخة طبق الأصل للثورة الروسية و ذلك بالرغم من إلحاح بعض الدغمائيين .و فوق ذلك ، شدّد على أنه لا زالت هنالك حاجة إلى تطبيق الماركسية – اللينينية على الظروف الملموسة للثورة الصينية .هذا من ناحية و من ناحية أخرى ، من الواضح الجلي أن ستالين و خاصة ممثلو الكومنترن فى الصين ، إقترفوا أخطاء عديدة و خطيرة فى حق الثورة الصينية عندما أرادوا وضع مخطط محدد سلفا لهذه الثورة .
و الأمثلة كثيرة على ذلك . فخلال ثورة 1924-1927 ، لعب ممثلو الكومنترن فى الصين ( لا سيما بورودين ) دورا محزنا فى الثورة ، مدافعين عن خط "الوحدة قبل كل شيئ" مع الكومنتنغ و تشان كاي تشاك. و فيما بعد صرّح ماو : " كان بورودين يمينيا أكثر تعنت بقليل من تشان تو سيوو، كان مستعدا لتقديم كل شيئ للحصول على رضا البرجوازية ، حتى إلى نزع سلاح العمال وهو ما إنتهى إلى الأمر به " ( ذكره هان سوين فى الصفحة 114 من " طوفان الفجر ، ماو تسى تونغ و الثورة الصينية ،1893 -1954" ، بستن 1972، الولايات المتحدة ،الطبعة باللغة الأنجليزية ) .
ورغم أن مواقف بورودين كانت على يمين المواقف الرسمية للكومنترن ، فإن هذا لم يشكل لوحده جوهر أخطائه . فمثلا ، تمذت تسمية تشان كاي تشاك عضوا شرفيا فى اللجنة التنفيذية للكومنترن وهو منصب ظل فيه إلى سنة 1927 ، أي بعد إفتضاح طبيعته بفترة طويلة . إلى ذلك ، كانت لستالين تطلعات غير واقعية بشأن حكومة الكومنتنغ فى ووهان ( التى وصفها بأنها برجوازية صغيرة ) ، فكان يعتقد أن هذه الحكومة ستحافظ على تحالفها مع الشيوعيين حين يغادر تشان كاي تشاك خندق الثورة .
و من البديهي أن الكومنترن أساء النصح للحزب الصيني وهو أمر يقرّ به ببساطة الجميع بإستثناء أنور خوجا. ففى 1939 قال بورودين نفسه لآنا لويس سترونغ : " لقد أخطأت ، لم أفهم الثورة الصينية ... إرتكبت أخطاء عديدة " ( نفس المصدر السابق ،صفحة 156) .
و حتى بعد بداية مجزرة شملت آلاف الشيوعيين و العمال ، أمرت القيادة الإنتهازية اليمينية ، بدعم من بورودين و ممثلون آخرون للكومنترن بنزع سلاح العمال و سعت إلى إيقاف حركة الفلاحين ،على أمل إرضاء ما سمّي ب "يسار" الكومنتنغ ، و تمّ ذلك رغم معارضة ماو .
و ستالين كما مرّ بنا ،كان يقدّم خطا عاما صحيحا بصدد الدور الحاسم لتعبئة الفلاحين ، غير أنه فى أكتوبر 1926 ، إقترف خطأ خطيرا إذ أرسل تليغرافا إلى شنغاي حيث صرح أنه إلى أن يجري الإستيلاء على هذه المدينة ، لا ينبغى أن تتصاعد شدّة حركة الفلاحين و شدد على إستعمال " القرس و الحذر " . و قد إعترف ستالين لاحقا بأنه أخطأ فى بعث ذلك التليغراف و أشار إلى أنه " لم يعتبر أبدا و لا يعتبر راهنا أن الكومنترن معصوم من الخطإ ". (ستالين ، " الوضع العالمي و الدفاع عن الإتحاد السوفياتي "، المجلد 10 من أعماله ، صفحة 18 من الطبعة الأنجليزية )
و إثر بضعة أسابيع ، ألغى ستالين التليغراف ، و فى شهر نوفمبر، ألحّ قرار الكومنترن على ضرورة إستنهاض الفلاحين. غير أن التليغراف لعب دورا ضارا للغاية إذ أعار سمعة الحزب الشيوعي السوفياتي و الكومنترن إلى اليمين الذى كان يدفعه تشان توسيو و بورودين .
و قام ستالين بتصريح مهم بشأن العلاقة بين الكومنترن و الثورة الصينية يصلح فى توضيح مدى خطل أطروحات أنور خوجا : "رغم التقدم الإيديولوجي لحزبنا ، لا زلنا نجد به و للأسف ، ما يزعم أنهم "قادة " يعتقدون بصراحة بأن الثورة فى الصين يمكن أن تقاد ، إن أمكننا القول ، بتليغراف و وفق المبادئ المعترف بها عالميا الكومنترن ، دون الأخذ بتاتا بعين الإعتبار الخصوصيات الوطنية للصين و لإقتصادها و لنظامها السياسي و لثقافتها ولطرق عيشها وعاداتها و تقاليدها . و بالفعل ما يميّز هؤلاء " القادة " عن القادة الحقيقيين هو أنه يضعون فى جيوبهم قوالب جاهزة "تناسب" كافة البلدان وهي قوالب جاهزة "ضرورية " فى كل الظروف . و بالنسبة لهم ، الحاجة إلى الأخذ بعين الإعتبار للخصوصيات الوطنية و للميزات الخاصة الوطنية لكل بلد لا وجود لها ... وهم يصرون على أن الأحزاب الشيوعية تطورت و صارت أحزابا جماهيرية ، لا يدركون المهمة الرئيسية للقيادة هي إكتشاف و إستيعاب الميزات الخاصة الوطنية للحركة فى كل بلد ،و جعلها تنسجم بمهارة مع المبادئ العامة للكومنترن ، لأجل تيسير بلوغ الأهداف الجوهرية للحركة الشيوعية و جعل ذلك ممكنا .
نجد إذا محاولات جعل قيادة كافة البلدان ذات قوالب جاهزة .نجد إذا محاولات فرض بعض الصيغ العامة دون الإهتمام للظروف الملموسة للحركة فى مختلف البلدان . نجد إذا نزاعات لا تنتهى بين هذه الصيغ و الحركة الثورية لمختلف البلدان وهو ما الإنعكاس الرئيسي لقيادة ما يدعى أنهم قادة " (ستالين ،" ملاحظات حول المواضيع المعاصرة " ،صفحة 338-339 من المجلد 9 من أعماله ، الطبعة باللغة الإنجليزية ).
و الآن لنعقد مقارنة بين تصريح ستالين و الخلط المميّز لخوجا : " خلال هذه الفترة [ منذ 1935] ، شن ماو تسى تونغ و أتباعه حملة "نظرية " تحت شعار النضال ضد " الدغمائية " و " القوالب الجامدة " و "القوالب الأجنبية " إلخ و أثاروا مسألة صياغة ماركسية وطنية ، منكرين هكذا الطابع الشمولي للماركسية –اللينينية . و عوض الماركسية – اللينينية، كان يبجّل " الأسلوب الصيني " لمعالجة المشاكل و الروح الصينية " التى تتصف بالطزاجة و الحيوية و التى تستسيغها عامة الصينيين " ، و من هنا نشر الأطروحة التحريفية القائلة بأنه ينبغى أن يكون للماركسية مضمونا خاصا مميزا فى كل بلد "( أنور خوجا، " الإمبريالية و الثورة "، صفحة 416 -417 ، الطبعة الإنجليزية ).
قبل إيراد النص الأصلي لماو تسى تونغ ، الذى منه إقتطف خوجا "إستشهاده" ، من المفيد أن نسجل أن خوجا ينكر كليا ضرورة الصراع ضد الدغمائية الذى إرتآه ستالين فهو ببساطة يسخر من فكرة أن " القوالب الجاهزة الأجنبية " و "النماذج الجاهزة " يمكن أن تشكل مشكلا للحزب أو للحركة الثوريين . نيّته جلية : إنه يرغب فى أن يفرض خط القوالب الجاهزة للحزب الألباني على الحركة الشيوعية العالمية بأسرها . و فى ما يتصل بإتهام ماو بأنه أنكر " الطابع الشمولي للماركسية – اللينينية ، ندع ماو .يعبّر بنفسه عن نفسه . و هنا نورد الفقرة ذاتها التى منها إقتطع خوجا "إستشهاده" ( و الإستشهاد السابق ) :
" إن نظرية ماركس و إنجلزو لينين و ستالين هي نظرية صالحة للعالم أجمع . فلا يجوز لنا أن نعتبر نظريتهم عقيدة جامدة بل علينا أن نعتبرها مرشدا للعمل . و لا يجوز لنا أن نكتفي بمجرد تعلم بعض العبارات و الأقوال من كتب الماركسية – اللينينية ،بل يجب ان ندرس الماركسية – اللينينية بوصفها علم الثورة . كما أنه لا يجوز لنا أن نكتفي بمجرد فهم النتائج الخاصة بالقوانين العامة التى توصل إليها ماركس و إنجلز و لينين و ستالين من دراستهم لمختلف جوانب الحياة الواقعية و للتجارب الثورية ، بل يجب كذلك أن نتعلم منهم موقفهم الطبقي و طريقتهم فى النظر إلى القضايا و فى حلها . إن معرفة حزبنا بالماركسية – اللينينية قد إزدادت اليوم إلى حد ما بالمقارنة مع ما مضى ، بيد أن معرفته لا تبرح بعيدة عن الإتساع و العمق . إن مهمتنا هي قيادة أمة كبيرة تعدادها مئات الملايين من أجل خوض نضال عظيم لم يسبق له مثيل . و لذا فإن مهمة دراسة النظرية الماركسية – اللينينية على نطاق واسع و بصورة عميقة هي بالنسبة إلينا قضية كبرى ينبغى حلها سريعا و لا يمكن حلها إلا بواسطة الجهود المركزة ....
إن الشيوعيون هم ماركسيون أمميون ، و لكننا لا نستطيع أن نطبق الماركسية بنجاح إلا إذا ربطناها بالخصائص المحددة لبلادنا ووضعناها فى قالب وطني محدد . إن قوة الماركسية- اللينينية العظمى تكمن بالتحديد فى أنها مرتبطة بالممارسة الثورية المحددة للبلدان المختلفة . و هذا يعنى بالنسبة إلى الحزب الشيوعي الصيني ضرورة تعلم كيفية تطبيق النظرية الماركسية –اللينينية على الظروف المحددة للصين . و إذا ما عمد الشيوعيون الصينيون الذين يؤلفون قسما من الأمة الصينية العظيمة و هم مرتبطون بها لحما و دما ، إلى التحدث عن الماركسية بمعزل عن خصائص الصين ، فإن الذى يتحدثون عنه ليس سوى ماركسية مجردة جوفاء .و هكذا فإن قضية تطبيق الماركسية على ظروف الصين المحددة حتى تحمل فى كل مظهر من مظاهرها الطابع الصيني الخاص الذى لا بد منه ، أي تطبيقها على ضوء خصائص الصين المحددة ، قد أصبحت قضية ملحة يجب على الحزب باسره أن يفهمها و يجب أن يحلها بصورة عاجلة . يجب أن نرفض أسلوب القوالب الجامدة الأجنبية ،و أن نضع حدا للنغمات المجردة الجوفاء ،و أن ننبذ نزعة الجمود العقائدي ، كي نفسح المجال ليحل مكان كل هذه الأشياء الأسلوب الصيني و الروح الصينية التى تتصف بالطزاجة و الحيوية و التى تستسيغها عامة الصينيين.إن فصل المضمون الأممي عن الشكل الوطني هو طريقة أولئك الذين لا يفقهون شيئا من الأممية . أما طريقتنا فهي الربط بين الإثنين ربطا وثيقا . و قد حدثت بين صفوفنا أخطاء فادحة فيما يتعلق بهذه المسألة ، أخطاء ينبغى التخلص منها بجدية ." (صفحة 291-292 من المجلد الثاني من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الطبعة العربية ، دار النشر باللغات الأجنبية بيكين 1969 ، التسطير من وضع كاتب المقال ) .
وهذا يكشف لنا عندئذ الجريمة النكراء التى يسعى خوجا لإرتكابها إلى جانب كونه يكشف أنه لا يفقه شيئا فى هذا المضمار . و يلحّ ماو على أن الماركسية – اللينينية صالحة عالميا لأنها يمكن و يجب أن تطبق على الظروف الملموسة لكل بلد . و من البديهي أن هذا ليس إكتشافا أنجزه ماو ، بل مبدأ ماركسي جوهري و لو أنه ليس يدخل ضمن أفكار خوجا . و إقتراح الطريقة العكسية أي أن التحاليل و الإستراتيجيات و التكتيكات التى طوّرها ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و كذلك ماو و التى صيغت أثناء الممارسة الثورية ، يمكن أن تفرض على أية ظروف مهما كانت ، هو "إنكار" فعلي للسيرورة الحقيقية لدمج الماركسية و المادية الجدلية بالحركة الثورية . و لا يمكن لمثل هذه الطريقة إلا أن تفضى غلى هزيمة الحزب البروليتاري و التخلى على قيادة البروليتاريا للثورة .
و يبيّن لنا الهجوم الخسيس كذلك أن خوجا يحاول عن قصد أن يشوّه ما قاله ماو . إنه يريدنا أن نعتقد أن ماو كان ينشر "الأطروحة التحريفية القائلة بأنه ينبغى أن يكون للماركسية فى كل بلد مضمون خاص " . و الحال أن ماو بالعكس يؤكد بالوضوح كلّه أن مضمون الماركسية و الأممية يتطلب " شكلا وطنيا " محددا . هل أن خوجا غير قادر على إستيعاب الإختلاف بين المضمون و الشكل ؟ أم هل يختار بكلّ بساطة الكذب بغية خلط الأوراق؟
ماو ، ستالين و خروتشاف
للأسف ، إساءة نصح الكومنترن للثورة الصينية فى 1927 لم يقف عند ذلك الحدّ . فقد أشرنا إلى أن خط وانغ مينغ الذى دافع عنه خوجا بعناد رغم أنه تمّ بيان خطله منذ زمن طويل ، كان يتمتّع بمساندة الكومنترن و ربما كذلك بمساندة ستالين . و إنطلاقا من 1935 ، خلال فترة الحرب ضد اليابان ، كان وانغ مينغ يدافع عموما عن خط إنهزامي وهو يفعل ذلك كان بعدُ يتمتع بدعم الكومنترن . لقد إقترح وانغ مينغ " حكومة موحدة للدفاع عن الوطن " فى تضارب مباشر مع نداء ماو لتركيز "جمهورية شعبية " و جبهة متحدة ضد اليابان . فى تلك الحقبة ، عاضد وانغ مينغ مقترح تشان كاي تشاك كشرط للوحدة مع الشيوعيين و نقصد أن يتسلم تشان كاي تشاك قيادة الجيش الأحمر . و بالطبع عارض ماو بصرامة مثل هذا الإستسلام و نجح فى سدّ الطريق عليه .
و قد ظهر هذا التوجه ذاه بأكثر جلاء سنة 1945 ، عقب هزيمة اليابان . فى تلك الفترة ، كان ستالين يبذل جهده بحزم كي يتخلى الحزب الشيوعي الصيني عن فكرة إتمام الثورة الديمقراطية البرجوازية ، فى المستقبل المنظور و يعمل على الحصول على وضع قانوني فى إطار جمهورية برجوازية بقيادة تشان كاي تشاك . و آخذا بعين الإعتبار الوضع إثر هزيمة اليابان ، إنطلق ماو بطريقة سليمة فى مفاوضات مع تشان كاي تشاك و لكنه فى نفس الوقت ، شدّد بالوضوح كله على أن حكومة إئتلافية ينبغى أن تنشأ على أساس تواصل إستقلالية الحزب الشيوعي و كذلك بقاء قواعد الإرتكاز و الجيش الأحمر.و فى 1945 ، أدلى ماو بتصريحه الشهير " بدون جيش شعبي ، لن يكون هناك شيئ للشعب " [ صفحة 105 من "مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " و " الحكومة الإئتلافية " ضمن المجلد الثالث من المؤلفات المختارة ] و كان ذلك ردا مباشرا على الذين كانوا يقترحون حلّ الجيش الشعبي و الإندماج الكلي فى حكومة تشانغ كاي تشاك . و تجدر الإشارة إلى أن هذه السياسة التى أُريد فرضها على الحزب الشيوعي ، كانت تمثّل الخط الذى إتبعه حينذاك كثير من أحزاب أوروبا الغربية ( فى فرنسا و إيطاليا و اليونان مثلا ) . و نجم عن هذا الخط إهدار كل إمكانية راهنة للقيام بالثورة فى تلك البلدان .
و فى 1946 ، إندلع إعصار تحريفي حقيقي فى صفوف عدد كبير من الأحزاب الشيوعية فى العالم ، بتعلة إتباع التجربة السوفياتية الى كانت تعقد مساومات مع أهم القوى الإمبريالية الرئيسية التى تحالفت معها أثناء الحرب العالمية الثانية .
و قد أدلى ماو بملاحظة لامعة فى هذا المضمار : " ومثل هذه التسوية لا تتطلب من شعوب العالم الرأسمالي بأن تقوم بالتالى بتسويات فى داخل بلدانها ، إذ أن تلك الشعبو سوف تواصل خوض نضالات مختلفة طبقا لظروفها المغايرة .إن المبدا الذى تتمسك به القوى الرجعية إزاء القوى الديمقراطية الشعبية هو أن تعمد بحزم إلى القضاء فيما بعد على تلك التى لا تستطيع القضاء عليها حاليا . و إعتبارا لهذا الوضع يجب على القوى الديمقراطية الشعبية أن تطبق نفس المبدأ إزاء القوى الرجعية " . ( صفحة 108-109 من المجلد الرابع من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة "، الطبعة العربية ).
و البقية تاريخ . قاد ماو حربا أهلية ضد تشان كاي تشاك ( أو بصورة أصحّ حربا تحريريا ضد الإمبريالية الأمريكية و عملائها الطفيليين الذين كان تشان كاي تشاك يمثلهم ) ، وإنتهت هذه الحرب بإنتصار الشيوعيين على النطاق الوطني فى 1949. و قد شكّ ستالين إلى النهاية فى قدرة الحزب الشيوعي الصيني على إفتكاك السلطة ، و ظل لذلك مرتبطا بعلاقات( و حتى قدّم منحا عسكرية ) لحكومة تشان كاي تشاك كما لو أنها كانت ستبقى لمدّة طويلة .
على أن ستالين ، بخلاف خوجا ن أقرّ بسرعة بأنه إستهان بقوة الثورة الصينية و بقدرتها على إحراز النصر أمام نظام الكومنتنغ الرجعي . و أكّد ستالين بصراحة بأنه مبتهج لكون الأحداث كذبته . و على عكس إتهام خوجا لماو القائل بأن هذا الأخير " ألقى المسؤولية على الكومنترن أو على ممثليه فى الصين " مسؤولية الهزائم والإنحرافات داخل الحزب فإن الواقع يشهد بأن ماو رأى أن المسؤولية يتحملها أولئك "الشيوعيين " الصينيين الذين كانوا يريدون إتباع الغير عن عمى مهما كان الثمن و الذين حاولا إستغلال دعم السوفيات كرأسمال لأجل ترويج خطوط خاطئة . و من المفيد مرة أخرى عقد مقارنة بين المقتطف الذى إختاره خوجا مع نص ماو الأصلي .
فقد إقتطف خوجا جملة لماو لاحظ فيها أن ستالين إرتكب " جملة من الأخطاء بشأن الصين و أنه كان وراء المغامرتية "اليسارية " لوانغ مينغ ، مع نهاية الحرب الأهلية الثورية الثانية و إنتهازيته اليمينية مع بداية حرب المقاومة ضد اليابان " ( 36) وفق خوجا ، هذا الإستشهاد ، إلى جانب حجج أخرى لماو ، يمثل "هجوما على ستالين ...[يهدف ] إلى الحطّ من قيمة أعمال ستالين و سلطته ،لرفع ماوتسى تونغ إلى درجة قائد ذو هيبة عالمية ، إلى مرجع كلاسيكي ماركسي- لينيني ، ما إنفك يتبع خطا صحيحا لا يعتوره الخطأ " ( 37).
لكن فى الواقع ، لا تمثل الإستشهادات التى يعتمدها خوجا مطلقا محاولة " لتشويه أعمال ستالين و إنما بالعكس هي مقتطعة من نص يدافع فيه ماو عن ستالين ضد هجوم التحريفيين الخروتشافيين . و إليكم الفقرة بتمامها ، الفقرة التى قطعها قطعا بطريقته المميزة : " أولئك الذين فى الاتحاد السوفياتي رفعوا ستالين الى أعلى القمم ، أخذوا فجأة فى رميه أسفل سافلين . عندنا ، هنالك من إقتفوا خطاهم. تدافع اللجنة المركزية لحزبنا عن أن مآثر ستالين و أخطائه فى علاقة سبعة الى ثلاثة و أن ستالين مع ذلك يبقى ماركسيا عظيما. إنه بالاستناد إلى هذا التقييم كتبنا مقال " حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا ". مثل هذا التقييم صحيح تماما . لقد قام ستالين بعدد معين من الأخطاء فى ما يخص الصين . لقد كان وراء مغامرتية " اليسار" لوانغ مينغ، حوالي أواخر الحرب الأهلية الثورية الثانية ، ووراء إنتهازيته اليمينية فى بداية حرب التحرير . فى البداية لم يسمح لنا بالقيام بالثورة مؤكدا أن حربا أهلية تهدد بتخريب الأمة الصينية . ثم عندما إندلعت الحرب أبدى شكا حيالنا و عندما كسبنا الحرب شك فى أنه انتصار من نوع انتصار تيتو وفى 1949و1950 ، مارس علينا ضغوطا قوية جدا. إلا أننا مع ذلك نعتقد أن مآثر ستالين و أخطائه فى علاقة سبعة الى ثلاثة. و هذا حكم عادل." ( صفحة 328 من المجلد الخامس من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة "، الطبعة الفرنسية ) .
ثمة كثير من الأشياء ينبغى ملاحظتها فى هذا النص . أولا ، أنه كُتب فى 1956 ،بضعة أشهر فقط بعد " الخطاب السرّي " الذى أدان فيه خروتشاف ستالين و فى فترة لم يكن حزب العمل الألباني ، بما فى ذلك ، خوجا ، بعدُ كشف التحريفية الخروتشافية . ثانيا ، بتحديده لأخطاء ستالين تجاه الثورة الصينية ، لم يكن ماو يكشف سرأ لم يكن بعدُ معروفا بصفة جدية فى الصين . ما يريد ماو التشديد عليه حقا هو أنه كان يجب الدفاع عن ستالين بوصفه "ماركسيا كبيرا" بالرغم من أخطائه. إنه هنا ينقد أولئك الذين يتبعون تحريفية خروتشاف المنفلتة من عقالها و الهستيرية .
و من الجدير بالملاحظة أن خوجا ، فى كتابه ، لم يتجرأ على إعادة كذبة نجدها فى بعض تصريحاته فى هذه السنوات الأخيرة ( و التى نشرها عدد من الطوائف التى تتبع خوجا ) و مفادها أن حزب العمل الألباني بادر بشنّ النضال ضد التحريفية المعاصرة . إن مثل هذا الإدعاء لا يتوافق مع الوقائع المنشورة فى الوثائق العلمية . و مع ذلك ، يحاول خوجا ترويج هذه الكذبة ، إنه يشرح أن الحزب الصيني و الحزب الألباني طورا علاقات أكثر حميمية " خاصة عندما دخل الحزب الشيوعي الصيني هو ذاته فى نزاع مفتوح مع التحريفيين الخروتشافيين " (صفحة 406 من"الإمبريالية و الثورة" ، الطبعة الإنجليزية ) .
و التصريح التالي لماو فى نوفمبر 1956 ، يعرض بوضوح رأيه فى ستالين و فى تحريفية خروتشاف : " أود أن أقول بضع كلمات بصدد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي . فى رأيي ، هنالك "سيفان " : واحد هو لينين و الآخر هو ستالين . السيف الذى هو ستالين الروس نبذوه الآن . كوملغا و بعض المجريين إلتقطوه ليضربوا به الاتحاد السوفياتى و لمقاتلة ما يسمى الستالينية . فى عديد بلدان أوروبا ، تنقد الأحزاب الشيوعية أيضا الاتحاد السوفياتي و يقودها فى هذا النقد توغياتي [ قائد الحزب الشيوعي الايطالي] .كذلك يستعمل الإمبرياليون هذا السيف لقتل الناس فدُولُ مثلا رفعه لمدة . هذا السلاح لم تقع إعارته بل وقع نبذه . نحن الصينيون لم ننبذه . أولا ، ندافع عن ستالين و ثانيا ننقد أيضا أخطاءه و لذلك كتبنا مقال " حول التجربة التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا ". و هكذا عوض تشويه سمعته و تحطيمه كليا كما يفعل البعض ، نتحرك انطلاقا من الواقع.
أما بالنسبة للسيف الذى هو لينين ، ألم ينبذه القادة السوفيات هو الآخر بعض الشيء ؟ فى رأيي ، وقع ذلك إلى درجة بعيدة نسبيا.هل لا تزال ثورة أكتوبر دائما صالحة ؟ أيمكن بعد أن تستعمل كنموذج لمختلف البلدان ؟ تقرير خروتشاف للمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي يقول إنه من الممكن التوصل الى السلطة عبر الطريق البرلماني و هذا يعنى أن البلدان الأخرى لن تحتاج بعد الآن إلى إتباع مثال ثورة أكتوبر . حين يفتح هذا الباب على مصراعيه ، فان اللينينية تكون نبذت بالفعل".( المجلد الخامس من "مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الطبعة الفرنسية ، صفحة 369).
و من الجلي إذن أن ماو أدرك جوهر مسألة ستالين و كذلك جوهر التحريفية الخروتشافية ، فى فترة الحزب الألباني ، ووفق تصريحاته " لم يكن يعرف بعدُ معرفة جيدة " تحريفية خروتشاف (" تاريخ حزب العمل الألباني " صفحة 439 ، الطبعة الإنجليزية و "الأعمال المختارة لأنور خوجا " ، المجلد 2 صفحة 508 ، الطبعة الأنجليزية ، تيرانا 1975 ). لقد بحثنا بلا جدوى فى الأعمال المختارة لخوجا عن أية إشارة تعود إلى فترة نهاية الخمسينات و تنم عن فهم يشبه فهم ماو تسى تونغ للوضع فى الإتحاد السوفياتي فلم نعثر إلا على فكرة أنه إثر المؤتمر العشرين إستغل الإمبرياليون و آخرون (مثل اليوغسلافيين ) هجوم خروتشاف على ستالين لينظموا هجوما على الإشتراكية بوجه عام . و عثرنا كذلك على أن خوجا يشكو من أن الإتحاد السوفياتي ما عاد يظهر صلابة كافية تجاه يوغسلافيا " (نفس المصدر السابق ، الأعمال المختارة لأنور خوجا ، مثلا صفحات 659، 673 و 713).
و مع أنه من الصحيح مهاجمة تحريفية تيتو الفجّة ، فإن مشاغل خوجا بهذا الصدد تميل أكثر إلى المشاغل القومية الضيقة منها إلى المشاغل الأممية البروليتارية . فمثلا ، يقرّ بخشيته " أن يقوم اليوغسلافيون ... بإستعمال فقر جيشهم بدعوى إنقاذ الإشتراكية فى ألبانيا " ( المصدر السابق ، صفحة 672) . و لا نقول هذا لنوحي بان لا أساس لهذا الخوف ، بالعكس ، ثمة ما يدعو إلى الخوف . و لكن الهام هو أن نصوص تلك الفترة و نصوص إختارت قيادة الحزب الألباني نشرها ، لا تظهر أية محاولة من قبل خوجا لتحليل الخط العام الذى أفرزه المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي السوفياتي . و مع ذلك ، يوجد بالفعل على الأقل نص لخوجا حول هذا الموضوع ، تمت الإشارة إليه فى أعماله المختارة ، و إن لم يتم نشره وهو خطاب ألقاه فى " الإجتماع الإحتفالي الذى عقد بمناسبة الذكرى 15 لتأسيس حزب العمل الألباني ، فى 8 نوفمبر 1956 " (المصدر السابق صفحة 672) .
يبدو أنه ، على الأقل فى جانبه الأساسي ، نفس نص مقال " عمر حزب العمل الألباني 15 سنة " الذى كتبه الرفيق أنور خوجا و نشرته "البرافدا " فى 8 نوفمبر 1956 "(م س ، ص 658) . و يؤكد خوجا أن هذا المقال " نشر تاما و دون إدخال أية تعديلات فى "البرافدا" (نفس المصدر السابق و نفس الصفحة ). و إختار الحزب الألباني عدم نشر هذا الخطاب و السبب : مع مهاجمته يوغسلافيا و أفكار تيتو ، وافق دون إحترازات على المؤتمر العشرين " ( " عمر حزب العمل الألباني 15 سنة " ، "البرافدا" 8 نوفمبر 1956 ، صفحة 3 ).
بالطبع ، لا يعنى ذلك أنه على الجميع أن يفهم فى الحال و بعمق كل مسألة سياسية أو يوصف بأنه مرتدّ . المسألة هي بالأحرى : كيف يمكن لخوجا أن يتبجح بأنه كان السيد الكبير صاحب السموّ فى النضال ضد التحريفية السوفياتية بينما توجد أدلة على أنه تردّد و أنه كان لديه إدراك محدود للوضع فى الإتحاد السوفياتي و أنه فيما يتصل بإفتكاك السلطة من طرف التحريفيين السوفيات تبيّن أنه غير قادر على بلورة تحليل بعمق تحليل الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ .
و الحزب الشيوعي الصيني لم يدخل "هو ذاته " فى نزاع ضد التحريفية السوفياتية بعد الحزب الألباني ! [ فى الطبعة باللغة الأنجليزية ، قال خوجا : " حين دخل الحزب الشيوعي الصيني هو أيضا ... " و هكذا ، يريدنا أن نفهم حتى بأكثر صراحة أن الصين كانت الثانية فى المشاركة فى هذا الصراع ] .
فى نهاية المطاف ، كان الحزب الشيوعي الصيني ( فى ظل قيادة ماو طبعا ) هو الذى شن أولا ، الصراع العلني ضد الأطروحات التحريفية التى قدمها المؤتمر العشرون ، لما نشر فى " الراية الحمراء " ، المجلة النظرية للحزب ، فى 16 أفريل 1960 ، مقال "عاشت اللينينية !" و إستمر هجوم الحزب الصيني فى إجتماع الفيدرالية العالمية للنقابات فى بيكين ، فى جوان 1960 . ثم بعد ذلك ، و دائما فى شهر جوان ، إجتمع ممثلو عديد الأحزاب الشيوعية بمناسبة المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي الروماني فى بوخارست " من أجل تحديد مكان و زمان إجتماع كافة الأحزاب خلاله جرى نقاش ، ضمن مواضيع أخرى ،الخلافات بين الحزب الشيوعي السوفياتي و الحزب الشيوعي الصيني ". و هذا الإستشهاد الذى يشرح الغاية من هذا الإجتماع مقتطف من نص لأنور خوجا ، كتبه فى تلك الفترة . و يضيف خوجا :" ينبغى أن نستمع لا فقط إلى ما سيقوله الرفاق السوفيات و لكن أيضا إلى ما سيقوله الصينيون .و نحن بدورنا ، ستكون لنا كلمتنا " ( لنتبع دائما خطا صحيحا " مساهمة خوجا فى نقاش أثناء إجتماع المكتب السياسي للجنة المركزية لحزب العمل الألباني" ، 22 جوان 1960، " الأعمال المختارة لأنور خوجا " ).
و فى شهر نوفمبر 1960 ، إنعقد الإجتماع فى موسكو ، و إتجه الخطاب الذى ألقاه خوجا فى تلك المناسبة بوضوح نحو مساندة تحليل الحزب الشيوعي الصيني و موقفه أي نحو رفض الأطروحات "الجديدة " للمؤتمر العشرين.و هكذا إنتهى الألبان إلى الموافقة على رفض الأطروحات السوفياتية . و فى الوقت الحاضر ، يدعى خوجا أنه كان على رأس النضال ضد التحريفية السوفياتية مصرّحا بأن ماو هو الذى "تردّد". إن هذا الإدعاء ببساطة مضحك !
============
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنور خوجا و الجدلية مقتطف من- فى الردّ على الهجوم الدغمائي -
...
-
أنور خوجا و بناء الإشتراكية فى الصين . مقتطف من- فى الردّ عل
...
-
- فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تو
...
-
القفزة الكبرى إلى الأمام و الثورة الثقافية البروليتارية الكب
...
-
خيانة الخط الأممي لماو تسى تونغ / تقييم عمل ماو تسى تونغ- ال
...
-
الصراع ضد التحريفية الصينية / تقييم عمل ماو تسى تونغ- الحزب
...
-
التناقضات مع البرجوازية الوطنية / تقييم عمل ماو تسى تونغ- ال
...
-
مسألة بلترة الحزب و دور الإيديولوجيا الماركسية - اللينينية /
...
-
صراع الخطين فى صفوف الحزب / تقييم عمل ماو تسى تونغ- الحزب ال
...
-
تقييم عمل ماو تسى تونغ- الحزب الشيوعي الثوري الشيلي – جويلية
...
-
دحض أنور خوجا بقلم ن.ساموغاتاسان، الأمين العام للحزب الشيوعي
...
-
بصدد ماو تسى تونغ - الحزب الشيوعي التركي/ الماركسي اللينيني
...
-
دفاعا عن فكر ماو تسى تونغ- الحزب الشيوعي بسيلان – جويلية 197
...
-
قضية تحرير المرأة قضية البروليتاريا بإمتياز فليقم الشيوعيون
...
-
أنور خوجا يقلب الحقائق التاريخية رأسا على عقب ويقود هجوما دغ
...
-
لا أصولية دينية و لا شوفيتية قومية ؛ وحدها الشيوعية قادرة عل
...
-
الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة
...
-
الديمقراطية فى المجتمع الإشتراكي : -دور الديمقراطية و موقعها
...
-
المؤتمر الأوّل للحزب الشيوعي الماوي ( تركيا وشمال كردستان) –
...
-
الماوية تحيى و تناضل ، تكسب و تواصل الكسب.- (الحزب الشيوعي ا
...
المزيد.....
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|