|
مصر ..اين السبيل ؟
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3739 - 2012 / 5 / 26 - 19:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اظهرت نتائج الانتخابات الاولية المصرية ، شدة الاستقطاب ، بين الدولة الدينية والدولة المدنية ، ورغم كافة محاولات المرشحين حسم الامور من الجولة الاولى ، الا ان ذلك لم يكن ليحدث ، والسبب هو تلك التجربة التي امتدت لحوالي عام ونصف ، مارس خلالها الشعب المصري انتخابات مختلفة ابرزها ، انتخابات مجلس الشعب ، حيث بدأت تظهر امامة بالتجربة طبيعية واهمية تولي المسؤولية ، ولم تكن عمليه ما اطلق عليه (غزوة الصناديق ) التي تلخصت في امر الشريعة وطبيعة الدولة ، تشكل حافزاً للجمهور للانتباه ، الى اين هو يريد ان يضع مستقبله وامنة وحريته . أن مصر التاريخ والجغرافيا، لا تستطيع ان تنكفئ وتتحول الى دولة ملحقة ، فمنذ ثورة يناير بدأ يبرز اهتمام دول محورية على زعامة الاقليم ، حين راهن كثيرون ان مصر ستغرق في فوضى طويلة ، ثم في فتنة داخلية ، توفر لهم فيها لك الفترة الزمنية ، امكانية اخذ ومباشرة دور اقليمي ، في مرحلة حساسة حيث الاستقطاب بين دول المنطقة كبير تظهر فيه تركيا وايران ودول التعاون الخليجي ، تراقب فيه اسرائيل وتفعل تحالفاتها الاستراتجية مع اميركا، للتدخل وصولاً الى ما يضمن رسو المنطقة على حالة مريحة لهم ان لم يكن اكثر من ذلك . ولقد سارت الامور بشكل طبيعي حتى انتخاب او رئيس عربي مباشرة وبالتجربة والتوجس ، قدر الناخب المصري رغم المراهنة على قوة ونفوذ التيار الديني ، ونسبة الامية المرتفعة ، فقد لاحظ ان الوطن ومن يستقر بالدولة الدينية وضع مصر التي يفتي بها جماعة الاسلام السياسي ، ولعها محاولة جديدة في الوطن العربي لاعادة انتاج تجربة الجزائر والسودان ، فمصر تمتد في دخلها القومي على 17% على السياحة ، ولا تستطيع خسارة مكانتها الافريقية ، حيث الجوار والمياه والدول المتشاطئة بالنيل وهو شريان حياة مصر، وهناك محاولات لتخفيض حصتها من مياهه ، ولا يمكن ان تخرج من دورها العربي وهي جزء اساسي منه ، حاضنة للجامعة العربية ، والاقدر على تفهم ظروفه وتناقضتها معه سيحول المنطقة الى جزر عربية ، بعد ان اصبح التعاون الخليجي ساعياً الى وحدة فيدرالية بين بلدانه، وليبيا في شؤونها وقد تطول ، واسرائيل حاضرة مستيقظة ، فعلى وضع مصر يتوقف امر حدودها الجنوبية التي اخذت هذه الايام تعيد دراسة وضعها هناك ، وهي منطقة حساسة فالى جانب قطاع غزة ، توجد سيناء والحراك الجاري فيها وتهريب السلاح عبر البحر الاحمر الى جانب موجات الهجرة التي وصلت حسب احصاء رسمي اسرائيلي الى وجود 60 الاف مهاجر افريقي . ليس صحيحاً ان اداء الاخوان بعد انتخابات مجلس الشعب ، هو ما اضعف مصداقيتهم فقط ، فهناك قطاعات واسعة من الشعب اصبحت تبدي تخوف من تحول المجتمع الى نظام ديني ، مما يفقد الجماهير الكثير من الحرية ويرجعها الى حالات قمع اشد قسوة مما سلف ، وسعي لتطبيق الشريعة ، وارهاب الناس، ويتراجع دخلها القومي وعلاقاتها مع العالم ، ولن تحل المساعدات السعويدية ازمتها ، فهي التي تسعى لاحتواء مصر ، وتحقيق طموح سعودي طال بالزمن للحد من النفوذ والدور المصري العربي والعالمي ، لصالح السعودية ونهحها ويوقف احراجها المستمر كدولة ( ثيوقراطية ) ، تحكم بالسيف ، وتمارس حالة اجتماعية خارج النطاق الانساني ، ومنها تفرخت القاعدة وسواها من حركات للاسلام السياسي ، فعلى رغم من وجود نسبة امية عالية ، وهي بالعادة احتياط للتيار الاسلامي ، بحكم ضعف الاطلاع والمعرفة ، والاستستلام للمقدس الذي يطرح الاخوان ، فان نسبة كبيرة من المثقفين لا تستطيع الاستمرار بقيادة دينية ، وكذلك واساط المستثمرين الاقباتط وقطاعات واسعة اخرى تقدمية ويسارية وليبرالية ، وحتى يكون ممكنا حسم الامر فان المرحلة القادمة / الاعادة / تحتاج الى حشد كافة هذه القوى والعمل على رفع نسبة التصويت التي جاءت نسبيا منخفضة في المرحلة الاولى ، فقد اعلن ابو الفتوح دعم حملة مرشح الاخوان ، وعى مرشح الاخوان الى لقاء مع كافة المرشحين لدعمه من حيث انه يمثل الثورة اما الاخر فهو من النظام السابق ؟ وهكذا ستتوحد كافة تيارات الاسلام السياسي لانجاح ذلك المرشح ، وهم يجدون في ذلك واجب ديني ، وفرصة تاريخية تؤسس للعودة للحكم الديني على طريق العودة لاعلان الخلافة . ليس الدفع التشجيع انتخاب / شفيق / فقد اصبح امراً واقعاً حسب القانون الانتخابي ، وبديله سيكون / مرسي / الاخواني لتكتمل الصورة ، برئيس ديني وبرلمان ديني ، ودولة دينية ، وتعود مصر الى عهود ما قبل مرحلة / محمد علي /، وهنا فقد اخطاء الناخبون اولا ، لاستنكاف عدد كبير عن المشاركة وثانيا ترسيخ الاستقطاب بين مرشحين قد يكونا ليس الاقضل ، لكنه طالما انعقدت الانتخابات عند هذا الحد ، فمن الطبيعي ان لا يستقر الامر عند هيمنة الاخوان ، الذين ظهر نموذجهم في الحكم خلال مداولات مجلس الشعب ، وحيث ان الثورة سارت بلا راس ، فقد اصبحت كل الاحتمالات مفتوحة ، وهكذا وصل الامر الى حد اختيار شفيق ومرسي ، ومع ذلك فان الثورة ربت جيلا وافاقت شعباً عاش طويلا دون ان يكون له رأي فيمن يحكمه ، ومسيرة الثورة حتى الان ، والتي اشتملت على وقائع انتخابية وحوارية عديدة ، بدأت تاتي اكلها ، نبهت شعباً لاهمية ممارسة حقه في الانتخاب حسب العقل وليس حسب العاطفة ، ورغم ان نسبة المصوتين لا زالت قليلة وهي حالة موروثة، من عدم الاكتراث المتراكم طويلاً بسبب التزوير او عدم التغير في الحياة ، الا ان التحدي اليوم اكبر امام الناخب والمواطن المصري ، فهو اما مع الدولة الدينية او مع دولة وسطية على الاقل ، تفسح امام مواصلة مصر دورها السياسي ، وطريق التطور لتحسين الحياة للمواطن الذي اصبح طامحاً للامن والازدهار وليس للعودة الى مجاهل التاريخ وامبراطوريات الفتن والفتاوى ، وهي مرحلة واضح انها ستكون مؤقتة ، على الاقل المجلس التشريعي المحبط للشعب ، علم بالتجربة اهمية ممارسة حق الانتخاب والاختيار ، وقرأة البرامج ، وليس انتخاب رئيس كتجربة اولى من نوعها، الا حالة اجبارية لمرور ثورة لم يكن لها قيادة او برنامج او عقيدة سوى اسقاط النظام ، ومن الواضح ان الشيء ذاته في باقي الثورات العربية ، مما يعرضها لقوى الثورة المضادة او الاحتواء او المصادرة ، او اعادة انتاج الانظمة السابقة ، قد يكون ذلك بغطاء ديني لتسهيل المهمة ، ومرة اخرى على القوى التقدمية والمثقفين توحيد الموقف حتى لا يجدوا انفسهم تحت عباءة الاخوان ، فقد اخذةا يطرحون ذاتهم كحماة للثورة ، مع انهم اختطفوها ، وتبنوهاحين تخلى الاباء عن انتاجهم .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليد الخفية في الثورة العربية
-
نحو عولمة اسلامية
-
شرق اوسط برعاية تركية
-
على درب ايار
-
الدين والثورة والواقع
-
مسيحيو الشرق والمواطنة
-
ماذا بعد اوسلو الان ؟
-
الامن القومي العربي
-
قراءة تاريخية لواقع معاصر
-
قمة بغداد
-
الاممية الاسلامية
-
ربيع الشعوب ام اعدائها
-
عن اذار المراءة والثورة
-
المصلحة والايدولوجيا
-
مطلوب ثورة في الثورة
-
مهام الثورة المضادة
-
سوريا والطريق الصعب
-
العاصفة تقترب
-
استكشاف المفاوضات
-
اتفاق مصالحة ام مصلحة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|