|
أصنام يعبدونها وسموها (تابوهات)!! (1) (الحاكم) ذلك الآله الأعظم!!
حماده زيدان
الحوار المتمدن-العدد: 3739 - 2012 / 5 / 26 - 10:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
* يقف الحاكم على منبره، يخطب خطبه عصماء، يذكر فيها أن (الكفن ليس له جيوب)، وأن (القبر متر في متر) وغيرها من العبارات التي تدمدم قلوب الحاضرين، وتجعلهم من أثر كلماتهم المعسولة يصفقون له ويهللون ويكبرون ويدعون الله أن يتمم عليهم (نصرهم) و(رئيسهم) ودنياهم القادمة التي ستكون مليئه بالفرح والسرور. * في مكتبه يجلس الحاكم، وحوله يقف (الصحافيين) و(الإعلاميين) ويتنحنح قليلاً ثم يتحدث إليهم قائلاً: - الدولة المصرية ستظل قوية وشامخة ونحن سنقف ضد من يريدون (تقسيم) وتحطيم الحلم المصري (الثوري) وأدعوا الجميع للدعاء للشهداء الذين أوصلونا لقصر الرئاسة. في صبيحة اليوم التالي تخرج مانشيتات الصحف.. (الرئيس يقرأ الفاتحة للشهداء).. (الرئيس المؤمن يتمم أهداف الثورة) (الرئيس يقف ضد الأجندات الخارجية).. ويبدأ الإعلام في التهليل لتصريحات (الرئيس) وتخرج الأغاني المؤيده للرئيس، وتعود صورة الرئيس الجديد لتزين حوائط المكاتب الخاصة والعامة، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يبدأ المشايخ والقساوسة في المساجد والكنائس بالدعاء للرئيس (الثوري).. * في الشارع، يتحول الرئيس تدريجياً إلى (رمز) وتدخل (بوسترات) الرئيس إلى بيوت الفقراء الذين ينتظرون رئيسهم الكثير، ويبدأ التضخيم والتهويل في شرف الرئيس، وفي أمانة الرئيس، وفي نزاهة الرئيس، وتستمر عمليات التهويل مع الانتظار، التهويل مع الانتظار، التهويل مع الانتظار، ويخرج الرئيس من عباءته البشرية أولاً ليحول لرمز لا يهان، ثم أب للمصريين جميعاً، ثم وفي النهاية تكون مكافئته الكبرى والتي يصل فيها عباءته الآلهيه التي تستمر معه إلى النهاية.
***
عزيزي المصري، هذه القصة ليست للرئيس القادم، وقد تكون له!!، تلك القصة كانت قبل عدة (شهور) أو (سنين) أو بعد ذلك بشهور، وربما بسنين، لا يهم الآن تحديد وموعد تلك القصة، ولكن تلك القصة هي قصة خلق (آله) يتعبد فيه المصريين لأن المصريين ومنذ سطوع حضارتهم العظيمة كان للرئيس رهبة، وعظمة، أوصلتاه إلى مرتبة الآله، وهذا لا يخص المصريون في حضارتهم فقط، ولكنه كان لمعظم الحضارات في هذا الوقت نفس الطريقة في عبادة حكامها، ولظروفنا نحن (المصريون) والتي جعلتنا لم تتحرك من جوار النيل العظيم منذ سبعة آلاف عام، ولكون مُناخنا لم يتغير تقريباً منذ بداية الحضارة، ولشخصية المصري العجيبة التي تؤثر على الوافدين وتحوله وتمصره كما تشاء، ولهذا كله، عندما أنزل الله رسائله السماوية، أمنا بها سريعاً لأننا شعب مؤمن، ولكننا مصرناها بطريقتنا نحن، فكان أول (الرهبان) مصري، وغير الإمام (الشافعي) فقهه ليتناسب مع أمزجة المصريين وطبائعهم، وطبائع المصريين لم تتغير للظروف التي ذكرتها سابقاً، ومنها بالطبع (احترام) و(إجلال) دور الحاكم والتي وصلت إلى حد (التأليه)، ولأننا مؤمنين وبحق بالرسائل السماوية، فلم نصرح بذلك على الملأ، ولكننا عبرنا عن ذلك التأليه بالطرق المشروعة فأسميناه مرة (الحكم الأبوي) وأسميناه (أحترام الكبير) وأسميناه (رمز الدولة) بل ووصل الأمر أن أسمينا باسمه مدن وقرى ومستشفيات، وجعلنا من شخص الرئيس (تابو) لا يمكن التقرب إليه بالنقد، أو الاعتراض، أو التجريح، وأصبح ذلك (الحاكم) هو التابو الأعظم أو (الآله) الأعظم، والذي لكي يستمر لابد أن يختلق له (آله) جدد يساعدونه في إدارة رعاياه ومحاسيبه، وأن يشاركاه في جعل عباده عباداً ورعين لا يفكرون في السياسة لأنها ليست من شيم المؤمنين، ومن ناحية أخرى تسبقهم (شهواتهم) إلى فعل الجرائم التي يحتاجون فيها للعفو (الديني) ولو مثلنا (التابوهات) بشخص فستكون الرأس ممثلة في (السياسة) والتي يمثلها الحاكم دائماً، والتابو الثاني ويقع بمنتصف الجسد دائماً وهو (الجنس) وهو الذي يلعب دائماً الدور الأهم، فهو الذي يحرك الشخص في عمل (الخطايا) التي تجعله دائماً في احتياج دائم للتابو الثالث والأخير وهو (الدين) الذي يعطيه دائماً صكوك المغفرة، من ناحية ومن ناحية أخرى يبعده تدريجياً عن الحياة الدنيا ويدعوه تدريجياً أيضاً لعبادة الآخرة، والبعد التام عن السياسة لأنها قد تبعده عن عبادة (الخالق). ومع نجاح الثورة، واقتراب المصريين من انتخاب رئيساً ربما يكون (الأول) المنتخب بطريقة شرعية بعيدة تماماً عن (النزاهة) لأسباب لا مكان لكتابتها الآن، حدث شرخ في تلك (التابوهات) ربما يؤدي إلى تصدعها، وربما يزيدها قوة، لقد انتهى (التابو) الرئاسي، ولكنه معرضاً للعودة وبقوة أكبر لاستمرار شركاه في اللعبة، وتحكم (التابو) الديني في الناس أكثر، واستمرار (التابو) الجنسي وازدياد نفوذه أكثر فأكثر، وسيحاول الجسد (التابوهي) أن يلتحم بالتحام الرأس إلى الجسد ليعود إلى الحياة.
#حماده_زيدان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما وجدنا عليه آبائنا
-
فرق في السرعات سيدي الرئيس
-
هل تنسى مملكة الوهابية ثأرها من مصر الليبرالية ؟!
-
وكفر الذي آمن.
-
الإسلام لا يعرف الدولة الإسلامية!!
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|