|
اليد الممدودة من القوى التحريفية الى القوى الظلامية
عبد الحق الزروالي
الحوار المتمدن-العدد: 1096 - 2005 / 2 / 1 - 11:26
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
لقد شكل المقال الصادر بجريدة "النهج الديمقراطي" ع 77 في مسألة تعامل اليسار مع الأصوليين نقطة تحول مهمة في إطار التراجعات المجانية التي يقدمها التيار التحريفي داخل تنظيم "النهج الديمقراطي"، مما استوجب إبداء بعض الملاحظات الأولية. وهذه بعض من مساهمتنا، لصد هذا الزحف ونأمل أن تتوفر الشروط في القريب العاجل لإنجاز رد شامل وفي المستوى المطلوب. و ما يلاحظ عن هذا التيار التراجعي ومن خلال المقال نفسه هو شساعة البون بين القناعة الجديدة من جهة، وبعض من المبادىء القديمة التي يدعي الايمان بالدفاع عنها من جهة أخرى، و بارتباك فاضح وخطاب بهلواني متذبذب توخى منه إقناع مناضليه وعموم اليساريين، ثم تغليف المقال بنوع من الضبابية والتشويش مما سيسهل لا محالة امكانية التأويل والتبرير لجميع المصالح والمواقع. وقد ترددنا بداية في الرد على المقال حتى تتجمع كافة المعطيات حول هذا المنزلق الجديد إلا أن ضغط الأحداث لم تترك لنا المجال للتردد، فاتخاذ الموقف مسؤولية تاريخية تتطلب السرعة والحزم لمواجهة كافة أشكال التحريفية و الارتداد والمراجعة.. الخ. وبعد قراءة متأنية وموضوعية للمقال وجدنا صعوبة كبيرة لمتابعة منهجية الكاتب، إن كانت هناك منهجية، نظرا لكثرة التناقضات والذرائع المملة التي حاول جاهدا إقناع القارىء بها في الوقت الذي يحاول فيه ومنذ البداية طمس الأهداف الحقيقية المسطرة، ويمكن تلمس ذلك ابتداءا من العنوان الذي يوحي إلى شيء في الوقت الذي يمكن استخلاص أشياء أخرى منه. فاذا كان العنوان يتكلم عن شيء اسمه تعامل اليسار مع الأصوليين، فقبل أن يعدد في نوعيته و أشكال التعامل مع الأصوليين يقفز حاسما ومنذ البداية الى شيء آخر اسمه "الحوار مع الأصوليين" وشتان بين التعامل و الحوار، فقد يكون الحوار أحد أشكال التعامل لكن ليس بالشكل الوحيد طبعا. فلا يمكن تصنيف نوعية العلاقة بين الأطراف العاملة في الحقل السياسي الى شكل واحد و وحيد، فقد تكون عدائية، تناحرية أو تحالفية و اندماجية.. الخ، و إذا كان الغموض قد اكتنف الموضوع في شموليته ومنهجيته فلا أعتقد أن مفاهيمه ومصطلحاته نجت من هذه الشرنقة المبيتة، فحين نتكلم عن يسار دون تحديد المنسوب إليه نكون قد تكلمنا عن أي شيءإلا اليسار الذي ننتمي اليه. فحسب تقديري الشخصي فان المعنى باليسار هو مجموع الطيف السياسي الممتد من PSD ،PPS... الى "النهج الديمقراطي" ونحن طبعا نختلف من موقعنا عن هذا التحديد المائع و المبتذل، و نعتبر أن اليسار في ظل التناقضات والتطاحنات الحالية التي يعرفها الصراع الطبقي على المستوى الأممي و الوطني لن يكون سوى يسارا اشتراكيا بل وماركسيا لينينيا. أما الغريب في منهجية المقال هو أن كل فقراته يستهلها الكاتب بتوطئة توضح التناقض بين أطراف العناصر موضوع النقاش، قد يقهم منها ومن خلالها أن لا سبيل للتقارب و لا للحوار، ثم فجأة يخلص لأحلام غير مبررة بقوة الواقع والمعطيات التي يزخر بها التحليل نفسه. و إذا كنا نقدر بعض الكتاب التقدميين الأقل"ماركسية" من الحريف، على الأقل على مستوىالادعاء، في تريثهم قبل الخوض في مواضيع من هذا الحجم، و إذا أقبلوا فهم يحللون بتأن طبيعة هذه القوى الظلامية، وليس الأصولية، خلفيتها الطبقية، خطها السياسي.. الخ بدون تسرع وجري الى الأمام كما فعل الحريف حين خلص إلى استنتاجاته الغريبة هذه، بعد ان تعامل بنوع من السطحية والتبسيط مع الموضوع و بنوع من الاستبلاد والاستغباء في حق القراء والمناضلين. فالحريف على ما نعلم وحسب ادعاءاته أيضا مازال يؤمن بالاشتراكية العلمية ومازال ينهل من ماعونها النظيف الماركسية اللينينية، ومازال يحترم نضالات الشعوب وخاصة التي حققت الانتصار في مرحلة من المراحل. فأين هو من هذا كله؟ اذا كانت منهجية لينين تنبه دائما من حفظ التجارب عن ظهر قلب وكانت تربط دائما الخط السياسي بالمرحلة التاريخية لتحلل طبيعتها وطبيعة الصراع الذي يحرك أطرافها الأساسية والثانوية، تجيب عن من هي الطبقات الأساسية والثانوية المشاركة في هذا الصراع، ومن هي الطبقات أو الطبقة المؤهلة لقيادة هذا الصراع، و من هي الطبقة أوالطبقات الوسطية التي يجب كسبها، إيقافها على الحياد على الأقل، الجماهير المتذبذبة التي يجب مراقبة تحركاتها.. الخ؟. بشكل عام تحليل دقيق لمختلف القوى كانت صديقة محايدة أو معادية، مرتكز على نظرة تعتبر أن الواقع في حركة وتبذل مستمرين وليس واقع التباث والجمود. فأين القوى الظلامية من هذا الوضع؟ و في أي خانة يمكن وضع هذه القوى؟ و على أية مستجدات يمكن تغيير الموقف من العداء الى التعامل و الحوار و لربما التحالف؟ في الوقت الذي نرى اتساع جبهة العداء للقوى الظلامية بعد أن كان اليسار الماركسي اللينيني القوة الوحيدة التي اكتوت ومازالت بنار المجابهة والعداء، فنورنا أيها الرفيق!. فإذا كان الاختلاف، اختلافا جذريا في المرجعيات، الشيء الذي لا يحتاج الى تأكيد بالرغم من عناد واجتهاد الرفيق عبد الله لتوضيح ذلك، فالإستغراب والإندهاش هو حين يبحث القارىء عن علاقة العنوان بسياق التحليل، العنوان الذي تحول من تعامل الى حوار بقدرة قادر!. فلاحظوا معي نوعية المشروع الذي تحمله هذه القوى، والذي اهتدى أخيرا أحد قادة "النهج الديمقراطي" للتعامل ثم الحوار معه، ولكي لا نتجنى على أحد، نعيد ما قاله بالحرف: "مشروع ماضوي رجعي مناهض للديمقراطية ولحقوق الإنسان وخاصة حقوق المرأة، مشروع يكرس خضوع شعبنا للأمبريالية والطبقات السائدة، ولو كان ذلك بدون وعي..." ثم تابعوا معي الاستنتاجات!. فنعتقد بعد هذا الوصف وهو سليم لحد ما، الذي تقدم به الحريف في حق هذه القوى الظلامية يغلق الباب نهائيا أمام أي اجتهاد في امكانية الحوار مع قوى من هذا النوع، على اعتبار أن الوصف يقودنا بالضرورة الى وضعها في سلة واحدة مع أعداء الشعب الطبقيين. ولا أعتقد وحسب التحليل ذاته، أن الحوار سيصعب تقبله فقط على الماركسيين اللينينين، بل سيتعداه حتى بالنسبة للقوى الديمقراطية الليبرالية، الشيء الذي نلاحظه جليا على الساحة السياسية بالنسبة للجزء الكبير من الأحزاب الليبرالية الأخرى "كالتجمع الوطني للأحرار" مثلا. فكيف يمكن لحركة تدعي استمراريتها للحركة الماركسية اللينينية أن تجري حوارا على أرضية هذا المشروع الماضوي الرجعي.. الخ وبرنامجها برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية يحدد تناقضاته الأساسية مع الطبقات السائدة ونظامها المتعفن العميل للإمبريالية مستغلة الشعوب؟. كيف يمكن لحوار أن يقف على رجليه مع قوى ظلامية تحارب ثقافة الأنوار و ثقافة حقوق الانسان وضمنها بالطبع حقوق المرأة.. الخ؟. تناقضات واضحة و فاضحة لكن، دائما هذه اللكن، من الناحية العملية لا بد من إقامة حوار مع هذه القوى الأصولية للاعتبارات التالية.." ـ كلام الحريف بالطبع ـ ونترك الحكم للقارىء وللتاريخ كي يقيم ماركسية "النهج الديمقراطي"... الاستمرارية التاريخية لمنظمته "إلى الأمام"!!! فالاعتبارات التي سيتكلم عنها كادت أن تفقدنا صوابنا بحيث أننا أصبحنا أمام مهمة إقناع وتحويل لقناعات القوى الظلامية لكي تفكر مثلنا معشر اليساريين والاشتراكيين الجذريين جدا والعكس صحيح!. اعتبارات عدّدها في ثلاثة ملاحظات لن تقنع حتى قواعد "النهج" و بالأحرى أن تتجاوزه للطلائع الثورية الحقيقية، بدأها بكون القوى الظلامية مخترقة من طرف تيارات لا نعرف عنها شيئا رغم اتفاقها العام على إقامة دولة تيوقراطية... لاحظوا معي كيف تحولت الماركسية إلى ذرائعية. فلينين الذي كان يحارب دون هوادة الفوضويين وثوريي البرجوازية الصغيرة رغم اتفاقهم وتفانيهم في الدفاع عن برنامج الثورة الاشتراكية فقد اختلف معهم عن الأساليب وعلى المراحل وعلى شكل بناء التحالفات...الخ الشيء الذي لم يمنعه من التوضيح والنقاش المستفيض حول مجموع الجوانب المرتبطة بمشروع الحوار و التحالف..الخ فما بالك بماركسيي "النهج الدمقراطي" الذين يقيمون التحالف مع أي كان، مع تيارات لا نعرف برامجها ولا عن مواقفها شيء سوى أن بعضها يريد التغيير ـ وأي تغيير ـ من داخل المؤسسات والبعض الآخر من خارجها!. الاعتبار الثاني هو بمثابة همسة في أذن القوى الظلامية منبها إياها بأن الوضع الدولي ـ كان حريا أن تسمي الأشياء بمسمياتها لتقول صراحة التوجه الأمريكي ـ يفرض على القوى الظلامية أن تعمل مع القوى الأخرى ـ و"النهج الديمقراطي" مؤهل للعب هذا الدور طبعا ـ وحاجة هذه القوى الى حلفاء للنضال ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية، هكذا إذن ! من قوى حاملة لمشروع ماضوي رجعي حليفة للطبقات السائدة والامبريالية هدفها إقامة دولة تيوقراطية إلى التحالف معها للنضال ضد الصهيونية، الإمبريالية و الرجعية ! عجيب أمرك، ولست بالبهلوان المحترف. أما الاعتبار الثالث وهو الذي يفضح فقر "ماركسية" الحريف وبعدها عن أي شيء يشبه المادية الجدلية ولو تلك المقلوبة على رأسها، اذ يقول " فلأن النظام استقطب أو ربح أو تحالف مع جزء من هاته القوى الظلامية " ـ فلماذا لا نسعى الى تحويل ما تبقى الى قوى معادية للعولمة.. الخ ! لنتساءل والسؤال مشروع. فهل المشروع الظلامي خارج عن المشروع النقيض والمعادي لمشروع التحرر في بلادنا وفي المنطقة؟ هل كل من يعادي شكل الحكم في بلادنا هو بالضرورة حليف لنا؟ أم أن حلفائنا يتحددون ببرامجهم ومشاريعهم المجتمعية التقدمية، أم أشياء أخرى؟. فمتى كانت القوى الظلامية قوى معادية للعولمة؟ وهل القوى الظلامية التي أقامت أو ساهمت في التغيير من خارج المؤسسات بايران والسودان و أفغانستان حاربت أو تحارب العولمة، أم أنها مندمجة بها و لا تحارب إلا الجوعى المنتفضين من شعوبها ؟!. وبعد الشرح والطرح والتحديد لدواعي التحالف مع هذه القوى، ينخرط الحريف في مهمة المحاور المبدئي المحنك ليفرض شروطه على محاور اقتنع بجدوى و أهمية الدواعي والاعتبارات التي تفرض الحوار، حوار خارج التاريخ طبعا، لأن من يتابع الشروط التي يطرحها الحريف يخيل اليه بأن الحريف يوجد على رأس الحزب الثوري الجماهيري والقوى الظلامية عبارة عن مجموعات لا نفوذ ولا تأثير لها في الساحة السياسية الجماهيرية. كما أن الشروط المقدمة توحي كذلك بأن التقارب كبير جدا لا يحجبه سوى سوء الفهم والتقدير وشيء من العداء القديم بسبب أخطاء ليس إلا ـ الاغتيالات والمسلكيات الفاشية التي مازالت مستمرة لحدود الآن في الجامعة وفي مواقع أخرى ـ ويقفل الموضوع ليسد الباب نهائيا أمام الماركسيين الحقيقيين للحوار أو التحالف معهم، فكان الأجدى أن يبحث في إمكانية توسيع قاعدة التحالف الاشتراكي الجذري عوض الشطحات اللامبدئية التي لن تؤدي بصاحبها سوى إلى مزبلة التاريخ، ببرنامجه الذي سماه بأولويات النضال: ـ الدفاع عن الأوضاع المعيشية ـ النضال من أجل اقامة نظام ديمقراطي عبر إقرار دستور ديمقراطي. ـ التصدي للإفلات من العقاب من الجرائم السياسية و الاقتصادية والكشف عن مصير المختطفين والمعتقلين السياسيين. ـ توحيد كل القوى لمواجهة الهجوم الامبريالي الصهيوني على الشعب الفلسطيني والعراقي وتقوية كل أشكال التضامن معهما.
برنامج خال من أي مضمون طبقي واضح، يمكن أن يلف الجميع وأن يؤوله الجميع، الشيء الذي نعتبره تراجعا و يشكل ضررا للقوى الجذرية الديمقراطية، وكأنها لا تستفيذ من دروس التاريخ وتجارب الشعوب!. أما جوهر البرنامج " النضال من أجل إقامة نظام ديمقراطي عبر إقرار دستور ديمقراطي " فأعدم أية امكانية للتواصل مع خط عبد الله الحريف أو عبد الله "التحريف"، فالتناقض واضح مع برنامج "إلى الأمام" الذي يدعي عبد الله أن خطه استمرارا لها، برنامج كل الماركسيين اللينينيين المغاربة برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ـ فلن نذكره بالصراع السبعيني مع التحريفيين الجدد "مجموعة أنوال" آنذاك وبالرد القيم الذي انجزته منظمة "إلى الأمام" عبر مجلتها المركزية "إلى الأمام"، ولن نذكره بمحتوى هذا الرد المعنون "بدمقراطيتهم و دمقراطيتنا" ونوعية الأسئلة التي أثارها حول ما هو النظام الديمقراطي الذي نريده؟ والسبل لإقامته؟ و الدستور الديمقراطي ومن يقره؟ و إذا كان المجلس التأسيسي فمن يستدعيه ؟ ... الخ.
#عبد_الحق_الزروالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي
...
-
إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
-
طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
-
صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
-
هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
-
وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما
...
-
حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر
...
-
صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق
...
-
يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|