أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - الدفاع عن شعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية (مشاريع) بصدد المجتمع الديمقراطي والايكولوجي -3















المزيد.....

الدفاع عن شعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية (مشاريع) بصدد المجتمع الديمقراطي والايكولوجي -3


عبدالله اوجلان

الحوار المتمدن-العدد: 1095 - 2005 / 1 / 31 - 11:07
المحور: القضية الكردية
    


1 – إن موضوع نفاذ الشعوب من الفوضى الحالية، الذي يحتل مكانته في نظام المجتمع العالمي، والذي يمكننا اصطلاحه بما يعني جميع القوى الاجتماعية خارج إطار الدولة؛ قد يكون هو أيضاً، ضمن حالة من امتلاك القدرات التحولية. الاحتمال الوارد، بل والمنتظَر، هو ليس شكلاً وحيداً للنفاذ، بل تواجُد سبل حل متنوعة ارتباطاً بمستوى تحركات القوى المتخذة مكانها في المشاريع والتطبيقات.
من الضروري اللجوء إلى الإيضاح والإفصاح لدى تعريف شعوب العالم. إذ ثمة عدد لا يستهان به من الشرائح والأصناف الباقية خارج نطاق الدولة، أو التي أُخرِجَت منه لتضارب المصالح. وتتغير آفاقها من دولة إلى أخرى، ومن زمن إلى آخر. يجب تفهم الشعب كمصطلح ديناميكي (متغير بسرعة). يمكن إطلاق تسمية "المجتمع الفوقي" أو "الأوليغارشية" أو بتعبير عامي أكثر – حسب الرأي العام العمومي – "الزمرة الدولتية"، على الشرائح المتكدسة والمتراكمة في أطراف الدولة كمجموعات منفعية مادياً ومعنوياً (اقتصادياً ومعرفياً).
مقابل ذلك، يمكننا تسمية جميع المجموعات التي تحتل مكانها في الذروة القصوى الأخرى من الثنائية الجدلية (الطبقات المسحوقة والجنسيات الإثنية والثقافية والدينية المعانية من القمع والكبت) بمصطلح "الشعب". وبتغير أحوال المتغيرات الداخلية، تتكاثر أو تتناقص المجموعة الداخلة ضمن إطار مصطلح الشعب. وقد يتطلب فحوى القمع والاستغلال المطبَّقين التغييرَ أيضاً. ربما يظهر القمع الطبقي، القومي، الإثني، العرقي، الديني، الفكري، والجنسوي متقمصاً أشكالاً مختلفة؛ بدءاً من المجازر وحتى المضايقات. للأشكال الاستغلالية أيضاً جانب مشابه لهذا. حيث بالمقدور تحديد كثير من أشكال الاستغلال، المعنوية منها والمادية، الإنكار، الصهر، النهب، الاختلاس، وغيرها من الأشكال القانونية أو غير القانونية، المطبقة بالعنف أو بالمخادعة. تتغير هذه التصنيفات على مر التاريخ من نظام إلى آخر، لتتوجه في سياق تطورها الطبيعي في راهننا نحو اتخاذ أشكال أكثر تعقيداً للمجموعات الاجتماعية.
جلي تماماً مدى تأثر الشعوب بشدة بالأزمة العالمية المبتدئة مع الحركات الشبيبية العالمية 1968، والمتسارعة مع انهيار اشتراكية السوفييتات المشيدة في 1989، والمتجذرة مع الهجوم على البرجين التوأمين في حادثة 11 أيلول 2001. ومع غزو العراق واحتلاله في 20 آذار 2003 تصاعدت الارتجاجات والتهيجات في العالم، لتبلغ أبعاداً بالإمكان وصفها بأنها تاريخية. تستمر هذه التصاعدات على مسافات قصيرة، بتغييرها المنطقة والنوعية. أما الحمم البركانية التي تقذفها تناقضات النظام الداخلية على رؤوس الشعب، فتتزايد حرارتها وحِدَّتُها طردياً. والكفاح والتعارك مع مشاكل البطالة، المجاعة، البيئة، التعليم، ومشاكل الصحة المتثاقلة، يشغل جدول أعمال كل شريحة اجتماعية.
لقد سعينا إلى تعريف الطاقة الكامنة للحل لدى قوى النظام المهيمنة. هذا وحاولنا التبيان أيضاً بأنها فقدت – نسبةً للقرن التاسع عشر – إمكانية انتهاز فرص الحل بمفردها؛ وأن ما تفرضه باسم الحل بعيد كل البعد عن إفراز نتائج ذات معنى أو ممكنة التطبيق والإحياء، وأبعد من كونه تجذير لحالة الفوضى العارمة القائمة. أي أننا أوضحنا مدى استحالة تحول مصادر الأزمة إلى مصادر للحل، وأنه في حال تحولها، بإمكانها – فقط وفقط – النشاط والفاعلية كطرف في المساومة والوفاق، بموجب مبادئ صحيحة وسليمة.
كيفما أتت حلول الشعوب عبر التاريخ إلى يومنا، فستطورها الشعوب بذات الشاكلة. لكل مجموعة شعبية تاريخها، أياً كان اسمه (العادة، التقاليد، الثقافة، التأريخ). حيث سعت الجماعات الشعبية المتشكلة على مر التاريخ (بدءاً من المجتمع الكلاني) إلى اكتساب شكل لها عبر ردات فعل وجودها، إزاء البنى السياسية والجيوثقافية. يتميز هذا السلوك، الذي سعينا لسرده وبسط جوهره بإيجاز في الفصل السابق، بنوعية مشاعية وديمقراطية. إذ لا يمكننا التغاضي عن السلوك الديمقراطي والمشاعي، بمجرد النظر إلى حالة الفرد الذي أفرغه النظام الرأسمالي من محتواه تماماً، وحوّله إلى فصيلة الثدييات البدئية. فالفرد، وحتى في حالته الأكثر بدائية، لا يستطيع العيش بمفرده، ولو ليوم واحد، من دون وجود المستوى المشاعي للمجتمع. رغم أن كل أشكال غسل الدماغ المعتمدة على إنكار المجتمع قد أفقدت هذه الحقيقة أهميتها؛ إلا إنها تعد الظاهرة المجتمعية الأولية. فأي فردانية لا يمكن أن تجد فرصتها في الحياة كثيراً، ما لم تكن لها أواصرها مع المجتمع المعني بها. وبدون تعريف حقيقة الشعوب بكافة أبعادها، لن تنطبق حسابات الخروج من الفوضى الحالية، مع ما هو موجود على أرض الواقع.
أقولها ثانية: لو لم يعتمد النظام الرأسمالي – وخاصة بنية الدولة – في القرن العشرين على تكاثر المذاهب الثلاثة (الديمقراطية الاجتماعية، الاشتراكية المشيدة، والتحررية الوطنية)؛ لربما ما كان سيشهد أزمته الحالية. تتمثل الخاصية الرئيسية للمذاهب الثلاثة في كونها حازت على السلطة عبر إغداقها شعوبها بالآمال والوعود. خمسون عاماً بالتمام والكمال – منذ ثورات عام 1848 – وهي تقول: "سنستولي على الدولة أولاً، ومن ثم سيأخذ كل حق مستحقه!". وكأن طوابق الدولة مليئة بينابيع الحياة التي لا تنضب (نتذكر هنا الجنة)، لتُحوَّل هذه المفاهيم إلى منهاج أمل ووعود. وتؤسَّس الأحزاب على هذه الخلفية، وتخاض الحروب. وإذا ما ربحت فيما بعد، لا يتبقى من الأمر سوى مشاطرتها القيم المنقولة من المجتمع المسمى بإمكانات الدولة، مع مُحازِبيها ومُشايعيها. أما فيما يخص الحشود الغفيرة من المجتمع، فلا يتبقى لها شيء. نفس الطاس ونفس الحمّام. أما إنْ لم تربح، فلتستمر الحرب!.
حتى هذه الأشكال العصرية للمذاهب، لا تتمالك نفسها من تقديس كل خطوة تخطوها باسم الشعب. كل الشعب كان فعالاً وحركياً طيلة القرن العشرين. لكن، وبسبب العجز عن تخطي براديغما النظام المهيمن، لم ينجُ من الانتقال إلى النظام بكل بطولاته وتضحياته الجسام، بكل آلامه وآماله. ولدى غوصنا في أغوار التاريخ، سنرى حصول حالات مشابهة.
إذن، والحال هذه، إنْ كان التاريخ، بمعنى من معانيه، موجوداً للاتعاظ به من الماضي؛ فما علينا سوى صياغة الحل الدائمي والراسخ والوطيد والمبدئي لصالح الشعوب؛ انطلاقاً من حالة الأزمة والفوضى الراهنة المنتصبة أمامنا. ما من واجب أسمى معنى من هذا، وما من مساعٍ أقدس من هذه. إني على قناعة أكيدة بأن النقطة الأولية المتسببة في الخسران هي، عدم العمل بالسلوك الديمقراطي والمشاعي للشعوب أساساً. فمهما تُطرَح تحليلات المجتمع، ومهما تؤلَّف الاستراتيجيات والتكتيكات وتوضع العمليات، بل ومهما تُحرَز النجاحات؛ فإن النقطة المبلوغة ستكون – مرة ثانية – الالتقاء بالنظام بأسوأ الأشكال. كان لينين – داهية القرن العشرين – ينطق بالحقيقة الأولية عندما قال بأنه "ما من درب تؤدي إلى الاشتراكية عدا الديمقراطية". لكنه، هو أيضاً، آمن بإمكانية العبور إلى الاشتراكية من أقصر الطرق – دون خوض تجربة الديمقراطية إطلاقاً – لدى إصابته في البداية بعدوى داء السلطة. أظن أنه لم يكن يتصور أن السلطة التي ارتكز إليها ستقوده إلى الرأسمالية الأكثر نهباً وسلباً، حتى ولو بعد سبعين عاماً. هكذا، فإن مدخرات السوفييت العظمى – الملايين من الشهداء وأصحاب التضحيات الجسام، التضحية بالآلاف من المتنورين النخبة – لم تنجُ من جلب الماء إلى رحى النظام الذي انشغلت به للتغلب عليه – حسب المزاعم – بسبب العدوى بداء السلطة.
الدرس الممكن استنباطه من هذه التجربة الكبرى للقرن العشرين (ثورة أكتوبر الكبرى) هو أنه لا يمكن صياغة وتطبيق الحلول الدائمية الراسخة والمبدئية تجاه الرأسمالية؛ إلا بتحويل سلوكيات الشعوب الديمقراطية إلى نظم ديمقراطية شمولية. ولا يمكن بلوغ النظام الديمقراطي سوى بتحرير الدمقرطة والديمقراطية من عدوى التدوُّل.
علينا التمعن مرة أخرى في التاريخ، بغرض التعرف على طراز حلنا عن كثب. لنبدأ من الماضي القديم. فالذي تسبب في انهيار الإمبراطورية العبودية الأخيرة، هو الشعوب الخارجية المسماة بالبرابرة، والتي لا تعرف الدولة. هذا إلى جانب نخر نظام الأديرة المشاعي جسدَ روما من الداخل. هذه القوى هي التي دكت دعائم تلك الآلة العبودية الفظيعة. لقد كانت قوى ديمقراطية ومشاعية إلى أقصى حد. إلا أن زعماءها خدعوها بحيثيات السلطة، وقادوها إلى أوروبا المرتكزة إلى الدولة والدويلات الإقطاعية الاستبدادية، عوضاً عن أوروبا الديمقراطية التي كان بالإمكان تطويرها. ظهرت حركات مشابهة إلى الميدان في كل منطقة أزيلت منها العبودية.
كانت المدن تتعالى كجُزُر للديمقراطية في كل الأرجاء، لدى الخروج من إقطاعية العصور الوسطى عبر النهضة. كانت ديمقراطية المدن تشق طريقها في التقدم. وكانت أوروبا الديمقراطية دخلت صحن التاريخ. فالثورة الفرنسية الكبرى (1789)، وقبلها الثورة الإنكليزية (1640) والأمريكية (1776)، وتلك المندلعة في إسبانيا والعديد من الدول الأوروبية، وكذلك المشاعيات البارزة منذ القرن السادس عشر؛ جميعها كانت الصوت الجهور للديمقراطية.
إلا أن قوة السلطة القتالية، الآلة المكارة وأداة العنف العنيفة الدائمة على مر التاريخ، عملت من أجل ترسيخ النظام القمعي – قديماً كان أم حديثاً – فجذبت البعض من تلك الحركات إلى صفها، وسحقت بعضها الآخر. وابتلعت القوى الديمقراطية الشفافة في دهاليز دوامتها التاريخية. اقتاتت قوة السلطة القتالية هذه – المتفشية كورم السرطان الخبيث – بكل نهم من حروب القرنين التاسع عشر والعشرين، لتحوِّل الأنظمة العرقية والفاشية والتوتاليتارية الأكثر بعداً عن الإطار الإنساني إلى أفظع بلاء، وتتحول بعدها في راهننا إلى أضخم فوضى عارمة شهدها التاريخ، وتسقط.
التقاليد الديمقراطية كونية. هي أيضاً كحلقات السلسلة، حيث تربطنا بأقدم أزمان الماضي، وبأحلك مساحات المكان عتمة. لسنا لوحدنا. فالتاريخ والأماكن مع الديمقراطية التي يجب أن تكون لنا، أكثر من أي نظام آخر. الواجب الأولي الذي يقع على عاتقنا هو، عرقلة الخسارة في مرحلة المعرفة، الاختيار الصحيح للوسيلة السياسية، والعودة ثانية إلى الأخلاق الاجتماعية. كل ما ذكرناه يتعلق بـ"المعرفة". تُعَدُّ الوسيلةُ السياسية الموضوعَ الذي يستدعي منا التركيز عليه بالأكثر. ونسميها باختصار بـ"الديمقراطية التي لا دولة لها". أي أننا لا نقع في الخطأ أو الغفلة التي وقع فيها الداهية لينين، بإصابته بمرض الديمقراطية الدولتية، بل وحتى الديكتاتورية. لا يُشِير هذا التقرب إلى غياب السلطة أو غياب النظام بشكل فوضوي. إنه سلطة الشعب المتنورة، ذات المعاني السامية والمصداقية الطوعية. وهو ديمقراطية الشعب غير المختنقة بالبيروقراطية، والمنتخِبة إدارييها الموظفين في كل سنة، والقادرة على عزلهم من مهامهم مثلما انتخبتهم.
لا يمكننا العبور على الموضوع دون استذكار ديمقراطية أثينا الشهيرة. فمن جهة هناك إسبارطة المَلَكية وأثينا الديمقراطية تتصارعان من أجل بسط النفوذ والتفوق في شبه الجزيرة الإغريقية؛ ومن الجهة الثانية ترغبان في صد استيلاءات الإمبراطوريتين الميدية والبرسية عبر روما في تلك الأزمان. تغلبت مدينة أثينا الصغيرة على عدوَّيها الشهيرَين طيلة القرن الخامس قبل الميلاد، عبر سلاح الديمقراطية الذاتية. وقد فلحت في ذلك عن طريق الميليشيات الطوعية والمسؤولين المختارين لتأدية الوظائف السنوية؛ دون اللجوء أبداً إلى الدولة أو الجيش النظامي الدائمي. لم تكن الديمقراطية المطبقة ديمقراطية الشعب، بل ديمقراطية الطبقة العبودية. مع ذلك، فقد طبعت أثينا أحد أسمى قرون التاريخ معنى بطابعها، ليكون القرن الخامس قبل الميلاد قرن أثينا. لقد ألحقت الشعوب أكبر ضربة بنظم الظلم جمعاء وبأفتك أعدائها، عبر ديمقراطياتها. هكذا صنعت أكثر أزمانها رفاهية عن طريق ديمقراطياتها.
لو لم تكن ديمقراطيات الأمريكان، لما كانوا استطاعوا إيصال الإمبراطورية الإنكليزية التي لا تغيب الشمس عنها، إلى النقطة المرسومة لها. ولو لم تكن ديمقراطية الإنكليز الشعبية، لما كانوا قدروا على دك دعائم نَسَب المَلك "نورمان" المجحف، ولا على تكوين وخلق النظام الإنكليزي الديمقراطي، الذي يعد المثال القدوة حتى في حاضرنا. لو لم تكن "ديموس" الفرنسيين الكبرى، لما قامت الثورات الكبرى لديهم، ولا أُسِّست نظمهم الجمهورية ذات الشهرة المعروفة والمثال المحتذى في العالم.
نستخلص من هنا أن الديمقراطية هي النظام الأكثر إنتاجية وعطاء. فبقدر ما يكون النظام السياسي ديمقراطياً، بقدر ما يكون الرفاه الاقتصادي والسلم الاجتماعي مكمِّلَين لذات الحقيقة. معلوم علم اليقين أنه لدى افتقاد الديمقراطيات جوهرها، وتحولها إلى آلة لاصطياد الشعوب بيد الديماغوجيين؛ يبدأ حينها النظام بالانهيار، ليتبعه الرفاه في ذلك. وبعدها يسود التزَمُّت، الفاشية، الحروب والدمار. لو كانت علوم الاجتماع تقربت بصدق وأمانة أكبر، لكُنا وجدنا أن التاريخ والمجتمع يتكونان عبر السلوك الديمقراطي بنسبة ساحقة. في الحقيقة، يتوقف مسار التاريخ لدى بَتْر هذا السلوك، أو يبدأ قسمه الذي أسميناه باللعين بالفاعلية والحركة.
لنلفت الأنظار إلى أهم نقطة أخرى تستدعي تسليط الضوء عليها فيما يتعلق بموضوعنا. وهي تتعلق بعدم وجود معنى بارز لديمقراطية الطبقية، واستحالة الرغبة فيها. فحسب مفهوم علم الاجتماع المهيمن، يُعَد ظهور "العبد" ومن ثم "القن" وأخيراً "العامل، البروليتاري" محصلة لا مناص منها للتدفق الصحيح لسياق التاريخ في تقدمه الذي لا يمكن إعاقته نحو الأمام. وأنه لا يمكن الوصول إلى الاشتراكية والحرية والمساواة دون المرور بهذه الظواهر. إذن، والحال هذه، فالقول: "عاش العبيد! عاش الأقنان والقرويون! عاش العمال!"؛ إنما يشير إلى ثورية وديمقراطية الطبقة (ومن بعدها الديكتاتورية). لقد أُدرِك تماماً أن هذه الصياغة ليست سوى نظرية تخدم العبودية، من أولها إلى آخرها. لا مكان للعبيد والأقنان والعمال في ديمقراطية الشعوب، تماماً مثلما لا مكان فيها للعبودية والقنانة والعمالية. فديمقراطية الشعب الحقة لا تقبل بوجود العبد والقن والعامل للأنظمة العبودية والإقطاعية والرأسمالية. بل ترفض ذلك. فتقديس الطبقات والمجموعات القديمة، إنما هو مرض قديم غابر. والديمقراطيات غير مصابة بهذا المرض. إنها اسم على مسمى. فأينما تتواجد الديمقراطية، لا يكون هناك تعرض للسحق أو الاستعمار الباطل. كذلك تغيب هناك إدارة الناس كسرب القطيع. إذ لا توجد إدارة مِن قِبَل الغير في الديمقراطيات، بل ثمة إدارة الذات. لا وجود لسيادة الهيمنة. بل يهيمن الفرد بذاته على ذاته ويتحكم بها. قد تستعبِد الأنظمةُ السلطوية الغيرَ، وقد تُمَأسِس القنانة والعمالية. لكن عندما تتطور الديمقراطيات، يتم الخروج من إطار العبودية والقنانة والعمالية. ويبدأ العمل، لكن بشرط أن يكون الفرد سيد عمله، وعضواً في مرتبة عمله.
ترتبط المشاعياتية والديمقراطية ببعضها كالتحام الظفر باللحم. هكذا هو تعريف الديمقراطية الذي استهدفناه. وهذه هي مقوماته التاريخية. أما ديمقراطيات الطبقة، فتستلزم السلطة. وكل سلطة تستوجب بدورها الدولة، وكل دولة تستدعي إنكار الديمقراطية. إذن، فديمقراطيات الطبقة في فحواها ليست ديمقراطية، بل هي سلطة الدولة. والتجربة السوفييتية والصينية والكوبية تبرهن على صحة ذلك بما لا جدال فيه. كلما تزايدت الدولة، نقصت الديمقراطية. وبالعكس، كلما تزايدت الديمقراطية نقصت الدولة. يجب حفظ هذه القاعدة ونقشها في العقول كحُكم ذهبي ثمين.



#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية (مشاريع)بصدد الم ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية(مشاريع) بصدد الم ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني اللب التاريخي للقيم المشاعية والد ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ - اللب التاريخي للقيم المشاعية ...
- الدفاع عن شعب الفصل الاول / ه- الدولة الراسمالية والمجتمع ال ...
- الدفاع عن الشعب الفصل الاول د- المجتمع الدولتي الاقطاعي ومجت ...
- الدفاع عن شعب الفصل الاول ج- المجتمع الدولتي وتكون المجتمع ا ...
- الدفاع عن شعب-الفصل الاول ب – المجتمع الهرمي الدولتي – ولادة ...
- الدفاع عن شعب -الفصل الاول آ – المجتمع الطبقي
- الدفاع عن شعب -الفصل الاول
- الدفاع عن شعب


المزيد.....




- الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
- عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي ...
- غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب ...
- أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
- جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
- مقرر أممي: قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت تاري ...
- جنوب السودان: سماع دوي إطلاق نار في جوبا وسط أنباء عن محاولة ...
- الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - الدفاع عن شعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية (مشاريع) بصدد المجتمع الديمقراطي والايكولوجي -3