|
حكايات إخوانية عن التنظيم السرى (٢)
رفعت السعيد
الحوار المتمدن-العدد: 3732 - 2012 / 5 / 19 - 10:34
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ونعود إلى حكايات الجهاز السرى للإخوان. والذى يقول عنه البعض منهم إنه وهم، ويقول الآخرون أنه أنشئ لمحاربة الاستعمار ويستند الإخوان فى دعوتهم إلى الانحياز لفكرة الجهاز السرى المسلح إلى ما يقولون إنه إعمال للأمر بالجهاد. والى تفاسير غير صحيحة لعدد من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة مثل: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم» ويفهمون هذه الآية الكريمة على أن عدو جماعة الإخوان هو عدو الله ومن ثم وجب الجهاد ضده. وعن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من لقى الله بغير أثر من جهاد لقى الله وفيه ثلمه» رواه الترمذى وابن ماجه. وحديث شريف آخر «من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق» رواه مسلم.
لكن هناك الدعاة إلى صحيح الإسلام والى فهمه على أساس الاستناد إلى أسباب النزول وليس الفهم النصى للكلمات والحروف وهو ما ذهب إليه أغلب الفقهاء الثقاة وأغلب الصحابة. فسيدنا على بن أبى طالب قال «القرآن لا ينطق وهو مكتوب، وإنما ينطق به البشر وهو حمال أوجه» وهناك أيضاً آيات كريمة «فذكّر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر» والآية الكريمة «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء» والحديث موجه إلى رسول الله، وله أيضاً وجهت الآية «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»، وحتى مع الطغاة والكفار «اذهبا إلى فرعون إنه طغى، فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى». وأحاديث شريفة عديدة «لا تروعوا المسلم فإن روعة المسلم ظلم عظيم» وأيضاً «من أخاف مؤمناً كان على الله ألا يؤمنه من إفزاع يوم القيامة»، ويقول الفخر الرازى فى كتابه (التفسير الكبير) إن مسلمى مكة استأذنوا الرسول، صلى الله عليه وسلم، فى أن يغتالوا سراً عدداً من المشركين الذين أمعنوا فى إيقاع الأذى بالإسلام والمسلمين فنهاهم الرسول قائلاً «الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن» ثم نزلت الآية الكريمة مؤيدة لهذا الموقف «إن الله يدافع عن الذين آمنوا، إن الله لا يحب كل خوان كفور» (الحج- ٢٨).
لكن للأستاذ حسن البنا رأياً آخر إذ يقول «أيها الإخوان إن الأمة التى تحسن صناعة الموت وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة يهب لها الله الحياة العزيزة والنعيم الخالد فى الآخرة فاعملوا للموتة الكريمة تظفروا بالسعادة الكاملة. رزقنا الله وإياكم كرامة الاستشهاد فى سبيله» (حسن البنا- رسالة الجهاد- صـ٣٧). أما الصحابى الجليل سعد بن أبى وقاص وعندما دعى إلى القتال فى الحرب بين على ومعاوية وقد اتهم بعضهم البعض بالكفر سعياً وراء السلطة فقد قال «والله لا أقاتل حتى تأتونى بسيف له عينان وشفتان فيقول هذا مؤمن وهذا كافر».
وقد كان لجوء الأستاذ البنا إلى الجهاز السرى جزءاَ من مخطط متكامل يستهدف ردع الخصوم من خارج الجماعة والمنشقين على الأستاذ البنا فى صفوف الجماعة. وكانت أول تجربة لذلك فى مواجهة انشقاق الدكتور إبراهيم حسن وأحمد السكرى ضد ما أسمياه استبداد المرشد بكل شؤون الجماعة. وكان المسؤول الأول للجهاز هو الأستاذ محمود عبد الحليم لكنه ما لبث أن نقل وظيفياً إلى دمنهور فرشح واحداً رأى فيه القدرة والكفاءة ووافق عليه البنا وهو عبد الرحمن السندى. وقد تشكل العمل السرى للجماعة من شعبتين شعبة مدنية وقسم الوحدات وهو يضم ضباط الجماعة سواء فى الجيش أو البوليس وتولى رئاسته صلاح شادى.
ويتبع الجهاز السرى عدداً من التشكيلات المتخصصة مثل جهاز التسليح وجهاز الأخبار الذى يعتبر بمثابة جهاز المخابرات للجماعة. وبعد أن يتدرب العضو تدريباً عسكرياً قاسياً وعنيفاً ويثبت طاعته التامة يقسم يمين البيعة «أقسم بالله العظيم أن أكون حارساً أميناً لمبادئ الإخوان، مجاهداً فى سبيل الله على السمع والطاعة فى المعروف وأن أجاهد نفسى ما استطعت» وفى المراحل الأولى كان قسم البيعة يتم وفق مراسم خاصة فى حجرة شبه مظلمة مفروشة بالحصير ويتم القسم على مصحف ومسدس وفى كثير من الأحيان كان القسم بين يدى حسن البنا نفسه» (لمزيد من التفاصيل راجع: صلاح شادى- حصاد العمر، وأحمد عادل كمال النقط فوق الحروف، ومحمود الصباغ- حقيقة النظام الخاص ودوره فى دعوة الإخوان المسلمين. وجميعهم من قادة الجهاز السرى) وقد استطاع الأستاذ البنا أن يغرس فى نفوس أعضاء الجهاز أن الموت فى سبيل الدعوة سهل وبسيط ومرغوب فيه «وأن المؤمن المجاهد يخطو خطوة واحدة رائعة تنقله من حياة ثانية إلى حياة باقية ينعم فيها بالجنة التى وعد بها الشهداء» (محمد لبيب البوهى- مع شهداء الإسلام).
وبالفعل قال محمود عبداللطيف المتهم بمحاولة قتل جمال عبدالناصر فى ميدان المنشية فى التحقيق إنه ذهب لقتل عبدالناصر بأمر من هنداوى دوير مسؤوله فى الجهاز السرى وذلك محاربة لأعداء الدعوة الإسلامية. وأن هنداوى قال إن الحرس سوف يقتلك. وسأله المدعى كنت عارف أنك رايح تموت فأجاب: أيوه، ويسأل المدعى: ألم تفكر فى طريقة للهرب. فأجاب: لأ.
ونواصل...
#رفعت_السعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكايات إخوانية عن التنظيم السرى (١)
-
محاورات يونانية قاسية
-
حقوق الأقباط والمرأة.. بين ادعاء التسامح والمساواة
-
على ذكر كتابة الدستور .. دستور منذ الزمن الفرعونى
-
كيف صنعوا دستورهم؟ .. تركيا .. العلمانية (٢)
-
كيف صنعوا دستورهم .. الهند - جنوب أفريقيا؟
-
عن المادة ٢٨
-
رجل هذا الزمان
-
عن الدستور.. رسالة من شباب ١٨٧٩ (
...
-
عن الدستور.. رسالة من شباب ١٨٧٩ (
...
-
عن نفى الأقباط من ديارهم
-
عن الدستور.. رسالة من شباب ١٨٧٩ (
...
-
أوامر سلفية فى ٢٥ يناير
-
الملك فؤاد.. وأوهام الخلافة
-
عن الخلافة وأوهامها (٣)
-
عن الخلافة وأوهامها (٢)
-
٢٥ يناير.. الشعب.. الحكومة.. الجيش
-
عن الخلافة وأوهامها (١)
-
هل هى الفوضوية؟
-
لماذا تخلّفنا؟
المزيد.....
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|