|
ما كشفته دعوة قناة - الفيحاء- الغراء ؟
كمال يلدو
الحوار المتمدن-العدد: 3732 - 2012 / 5 / 19 - 10:18
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
اطلقت قناة " الفيحاء" الغراء ، وعلى لسان رئيسها الدكتور محمد الطائي ، دعوة يوم 28 نيسان 2012 ، تطالب فيها الجهات الرسمية العراقية، ببث وقائع المؤتمر الوطني المزمع عقده علانية ، وبكل فصوله ، بغية وقوف الشعب العراقي، على جدية هذه الكتل والأحزاب ، ولقطع الطريق امام اية اتفاقيات سرية بينها ، ردا كما يبدوعلى ما حصل في مؤتمر ( اربيل) ، وبخلاف ذلك ، فأنها اي القناة ، ستدعو الى اعتصامات ومظاهرات جماهيرية في يوم انعقااد المؤتمر ، وتطالب القنوات الأخرى بمقاطعته ، ومقاطعة المتحدثين بأسم المؤتمر في البرامج الخبرية والتلفزيونية . ورغم عدم مرور شهر على هذه الدعوة ، فأن الزخم الذي اوجدته ، وردود الأفعال فاقت كل التصورات ، من منظمات مجتمع مدني ، ورؤساء عشائر ، وشخصيات من كل اركان المجتمع العراقي ، ادباء وفنانين ومثقفين ومن عامة الناس ، كما تنشره الفضائية في برامجها اليومية ، ناهيك عن تخصيص حلقات تلفزيونية تغطي الحدث ، وكان للدعوة صدى جماهيريا كبيرا من خلال الأتصالات والردود . وأثمرت عن صدور ( مذكرة) بأسم الموقعين وجهت الى الرئاسات الثلاث ، والقوى الرئيسية المدعوة للأجتماع الوطني المزمع عقده .
ان متابعة بسيطة لبعض برامج " الفيحاء" الغراء ، وخاصة فيما يتعلق بدعوتها هذه، تكشـــف حجم " التململ" ، و " انعدام الثقة" ، و " السخط" ، الذي يوليه عامة المواطنين ( والذين يتحدثون باللغة الصحيحة الخالية من المجاملات والتزلف)، للنخب السياسية التي يفترض انها تدير دفة البلاد نحو الخلاص من ازماته ، لا بل ان الكثير من التعليقات ، خاصة تلك التي ترتفع وتيرة نبراتها ، قد اســقطت آخر اوراق التوت ، التي يحتمي بها الساسة والمسؤولين في الحكومة العراقية ، ولم تعد كلمات اســئ استعمالها كثيرا ، مثل ( الوطنية) ، ( الشراكة الوطنية) ، ( حكومة الوحدة الوطنية) ، تنطلي عليهم ، بعد ان اكتشفوا ، نوعية الساسة الذين يتقاتلون على المناصب والوزارات ومراكز صنع القرار ، فيما أن محن المواطن في تزايد مستمر، ومعاناته تفوق معاناة اكثر دول العالم فقرا ،امام تباهي المسؤولين بأنهم صادقوا على اكبر ميزانية في تأريخ العراق ، لا بل في تأريخ المنطقة .
لقد كشفت ردود الفعل الجماهيرية عن حقائق كثيرة ، اكتفي بتناول بعضها : اولا: ان احدا من بين الآلاف الذين استُطلِعت آرائهم، لم ينبرِ ليدافع عن الأتفاقيات السابقة ، او ليقول كلام مديح واحد بحق الحكومة او منجزاتها ، أو ليفند دعوة الفيحاء للمطالبة بعلنية الجلسات او بالتظاهر في حالة عدم الموافقة ، لا بل ان بعض النواب عرضوا موافقتهم ( الخجولة) على الدعوة ، فيما السؤال القائم يبقى : اين موقعكم وموقع كتلتكم وحزبكم من موقف الشارع اليوم ؟ ثانيا: ان الشارع العراقي يغلي من الداخل ، وليس ببعيد ان ينفجر ، ويمكن للمراقب ان يتلمس ذلك من طبيعة الردود عند المواطن ، الذي لم يذهب بعيداً حينما ينادي بالأعتصمات والمظاهرات ضد .............!! ثالثا : بينت الوقائع ، حجم البون الشاسع بين المسؤول والمواطن ، وأيضاً بين الكتل الحاكمة، التي تقتسم كعكعة العراق ( بالســر والعلن ) فيما معاناة المواطن لا نهاية منظورة لها. وأن هذه المواطن ( على الأقل بعضهم) صار يتوعد السياسيين بالأنتخابات القادمة! خصوصاً وهو ينصت لمطالبة رئيس البرلمان بتخصيص اراضي سكنية لاعضاء البرلمان الحالي ، اضافة الى التقاعد المرتفع والمخصصات والحماية والسيارة رباعية الدفع والجواز الدبلوماسي ، تماما كما يحصل في العالم المتحضر!! رابعا: كشفت الأزمة الحالية ، ان المشكلة بين السياسيين، هي في الجوهر تتلخص في الحفاظ على مكتسباتهم ومصالحهم، التي لا علاقة لها البتة بمستقبل العراق أو بحاجات المواطن العراقي ، فهذا المؤتمر المنتظر هو للمصالحة بين الكتل المتخاصمة ....بينما قضية المواطن العراقي وتلبية حاجاته، فقد ظلت غائبة في كل هذه الأجتماعات والأتفاقيات والأوراق التي قدمت أو الزيارات ، واللقاءات الثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية وووو . خامسـا : ان تبني فكرة بث وقائع المؤتمر بشكل علني، ستكشف حقيقة اللاعبين السياسيين ، وستفضح الكثير من المواقف والأجندات التي يعملون بها . كما ستميط اللثام عن حقيقة هؤلاء الساسة الذين يخرجون علينا مبتسمين في اجتماعاتهم السياسية دائما . ســادسا: كنت اتمنى ان اكون في غرف اجتماعات قادة الكتل وبرلمانييهم وهم يستمعون الى آراء الناس بهم ، نفس الناس الذين انتخبوهم وأوصلوهم الى هذه المراكز ، وكنت سأسأل نفسي : هل تخجلون مما يقوله المواطن عنكم ...ام ماذا ؟
ربما سيكون من السابق لأوانه القول بنجاح او فشل هذا الأجتماع ، لكن المعطيات المتوفرة ، وأستنادا الى ارادة هذه الكتل والأحزاب تكشف حقيقة مرة ، وهي ان لا جدية في عقد هذا الأجتماع اساســا ، ناهيك عن فكرة بث (( كامل )) وقائعه علنية ، وأمام الملأ!! فهذه مغامرة لن يقدم عليها حتى اكثر العقلاء من بين ساستنا ، وأن فكرة الأعتصامات والتظاهر ، ستواجه مواجهة لن تكون سهلة ، وربما تكون هناك طبخة لمنعها من الأنطلاق اصلا ، بدعوى ( الخوف) على المتظاهرين من الأعتداءات الأرهابية ، او من الخشية لأستغلال ( البعث) لهذه التظاهرات وتجييرها لهم!! هذا ان لم يدعي المسؤولون ، بأن هناك بيانات اصدرها حزب البعث المنحل تدعو الناس للتظاهر ضد حكومة الوحدة والشراكة الوطنية، وبالتالي فهي تستهدف مجمل منجزات العملية السياسية ....كذا !!
ان الأحداث تكشف دون لبس ، بأن طريق المحاصصة الطائفية والأثنية ، وسياسة الصفقات السرية ، لن تدوم كثيرا ، وقريبا سينقلب السحر على الساحر ، وكما قال احد ضيوف برنامج " فضاء الحرية " ، فأن الكل متورط ، لأن الكل وقع على " وثيقة اربيل التأريخية " ، لكنهم اختلفوا في التطبيق !! اذن لا احد افضل من احد ، ولا داعي للمزايدات .
اخيرا ...ان مشاكل العراق ليست في قضية عقد الأجتماع الوطني من عدمه ، فهذه الأجتماعات تهدف لأخفاء تجاعيد العملية السياسية ، وطمس معالم سرقات وتجاوزات الكتل الحاكمة . اما معاناة شعبنا فأنها تكمن في نوعية القادة والوزراء والبرلمانيين والساسة الذين يتحكمون بمصير اكثر من 30 مليون عراقي ، هؤلاء الذين اثبتت الأيام فشلهم الذريع في انقاذ سفينة الوطن ، لا بل ان السفينة صارت تعاني من التعب والإجهاد الشديد ، والخشـــية من انها ستغرق بمن فيها ، اذا تعرضت للأمواج العاتية او الرياح العاصفة ، وما اكثرها! الحل يكمن الآن في اصدار قانون عصري للأحزاب ، وتعديل قانون الأنتخابات ، ثم الدعوة لأنتخابات مبكرة ، بأمل ان يكون الشعب العراقي قد استوعب دروســه من الأحزاب المهيمنة على العملية السياسية وأن يحسن الأدلاء بصوته لمن يضع العراق والعراقيين نصب اعينه وليس اي شئ آخر .
#كمال_يلدو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا يتحول عمل الدولة لهبات ومكرمات شخصية !؟
-
تعقيبا على مقترح فضائية - الفيحاء - الغراء ، حان وقت التغيير
...
-
هذا ما حدث يوم 4 آيار 1886
-
شارع الرشيد أم شارع المطار؟
-
محاربة الافكار التقدمية والعلمانية ليست وسام مشّرف
-
إقحام الدين في الجامعات العراقية ، البصرة نموذجا
-
تحت اعواد المشنقة - يوميات مناضل في سجن الغستابو -
-
المادة الثانية من الدستورالعراقي، موضع التطبيق!
-
رجاءا ..اتركوا شهداءنا وشأنهم!
-
- الضحية - بين مخالب مخابرات العراق الجديد!
-
احذروا ما يؤسس دكتاتورية جديدة
-
اسبوع على غياب - هادي المهدي-
-
ماذا لو صح الخبر !
-
البحث عن الاصالة في الغناء السرياني الحديث
-
يكفينا مزايدات ياسيادة الوزير!
-
حاضرنا حينما يتعثر بالماضي، علي الأديب نموذجا!
-
الشاعر عبد الكريم كاصد، بعيدا عن الوطن ، قريبا من الناس
-
دفاعا عن الحرية تحت - نصب الحرية-
-
بلطجية بطعم -العراق الجديد- !
-
عدوى - الصحّاف- تجتاح الانظمة العربية المتهرئة
المزيد.....
-
سوريا.. ضبط شحنة كبيرة من الحبوب المخدرة على معبر نصيب الحدو
...
-
حرصا على كرامتهم.. كولومبيا تخصص طائرات لإعادة مواطنيها المر
...
-
مجلس الشيوخ يصوت على تعيين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة
-
تاكر كارلسون: بلينكن بذل كل ما بوسعه لتسريع الحرب بين الولاي
...
-
دراسة تتوقع ارتفاع الوفيات في أوروبا بسبب شدة الحر بنسبة 50%
...
-
تبادل إطلاق النار على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك
-
اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي يدين لائ
...
-
المقرر الأممي للحق في السكن: لم يتبق شيء يعود إليه النازحون
...
-
عفا عنه ترامب منذ أيام.. مقتل رجل برصاص الشرطة الأمريكية عقب
...
-
أبو الغيط: الموقف العربي لا يساوم في موضوع تهجير الفلسطينيين
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|