أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح خليل - الانتخابات الرئاسية فى السنغال: كيف تم إسقاط الرئيس عبدالله واد ؟















المزيد.....

الانتخابات الرئاسية فى السنغال: كيف تم إسقاط الرئيس عبدالله واد ؟


صلاح خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3732 - 2012 / 5 / 19 - 02:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صلاح خليل - باحث بمركز الأهرام الدراسات السياسية والاستراتيجية
فى 26 مارس 2012 فاز مكى سال بالانتخابات الرئاسية السنغالية فى مواجهة الرئيس السابق عبدالله واد ، وذلك بعد انتخابات مارثونية على جولتين شهدت إقبالا كبير من جانب الناخبين بلغ أكثر من 60 % بحسب اللجنة المشرفة على الانتخابات. وقد شكلت نتائج هذه الانتخابات اختبارا حقيقيا لحيوية وفاعلية التجربة الديمقراطية السنغالية وقابليتها للاستمرار، رغم حملات التشكيك من جانب المعارضة، والاحتجاجات العنيفة الواسعة على مشاركة الرئيس المنتهية ولايته في السباق الرئاسي.
البيئة السياسية فى السنغال
من أهم ملامح الساحة السياسية السنغالية بروز دور جديد للشباب فى المجتمع، مما أدى إلى إعادة توزيع أوراق اللعبة السياسية في البلاد، فبين عامي 1960 و2000 كان الحزب الاشتراكي المهيمن في السنغال يحتفظ بالسلطة بفضل قدرته على إدارة العلاقات وتوزيع الأدوار والغنائم بين منتسبيه، حيث عقد تحالفات مع الناخبين الكبار (رجال الدين والأعيان ورجال الأعمال) الذين كانوا يتحكمون بفضل نفوذهم الواسع في أصوات أغلب سكان السنغال الذين يعيشون في الأرياف، وفي المقابل كان هؤلاء الناخبين الكبار يستفيدون من غنائم الدولة على شكل تراخيص للاستيراد وقروض (لا تسدد غالبا) ومعونات ومناصب إدارية ومنح دراسية توزع على الزبناء. لكن اتساع التحضر وظاهرة الحداثة وتأثير العولمة أدت كلها إلى ظهور شباب المدن المتحرر من سيطرة الأعيان والرؤساء التقليديين. وقد استطاع هذا الشباب أن ينتظم ضمن مؤسسات المجتمع المدني (الحركات الطلابية، الفرق الموسيقية وغيرها) وألقى بثقله من أجل حماية المكاسب الديمقراطية كما صوت بكثافة فى الانتخابات الرئاسية التى اطاحت بالرئيس عبدالله واد.
كما لعبت الصحافة دورا مؤثرا حيث فرضت نفسها كفاعل مهم في الحياة السياسية السنغالية، فخلال العقود الثلاثة الأولى من الاستقلال (1960 - 1990) كانت الدولة تحتكر وسائل الإعلام بشكل شبه كامل، لكن العقدين الماضيين شهدا ظهور صحافة مستقلة قوية لم تتميز فقط بكفاءتها في معالجة مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وإنما اشتهرت أيضا بالأهمية التي أولتها للتواصل عبر اللغات المحلية. وخلال انتخابات 2000 و2012 الرئاسية استطاعت هذه الصحافة من خلال مواكبتها المباشرة لفرز الأصوات من إطلاع السنغاليين على نتائج الاقتراعين أولا بأول مما شكل حاجزا حقيقيا أمام أي محاولة لتزوير واسع لإرادة الناخبين، وهو ما عزز التجربة الديمقراطية في السنغال.
هذا بالإضافة إلى تفاقم الشعور بالاستياء نتيجة تضافر عوامل منها الاتساع المفرط لنفقات الدولة، والتزايد المطرد للضرائب المفروضة على المواد الأساسية، وتهالك البنى التحتية للتزود بالماء والكهرباء مما أدى إلى تقطع مستمر في خدماتهما، والإثراء الفاحش لواد وحلفائه، وقمع المعارضين، وأخيرا وليس آخرا تفشي المحسوبية. فقد اتفق جميع المراقبين على أن واد اتخذ من المحسوبية نهجا للحكم طيلة سنوات رئاسته الاثنتي عشرة. فتحت رعايته كان صعود ابنه كريم واد، وهو من أم فرنسية، إلى قمة الدولة مع أنه لم يكن معروفا في السنغال قبل تولي والده مقاليد السلطة، ولم يكن يتكلم الولفية: لغة البلاد الوطنية، وأثناء الانتخابات الرئاسية لعام 2012 كان كريم واد يتقلد في الوقت ذاته أهم أربع وزارات فى الدولة ولذلك كان يسمى في السنغال "وزير السماء والأرض"، ودون تردد، تخلص واد من كل من عارضوا مشروع توريثه السلطة لنجله بمن فيهم رئيسى وزرائه السابقين: إدريسا سك ومكي سال مما أدى إلى سقوطه المدوي.
هذا علاوة على أن السنتين السابقتين على الانتخابات شهدتا اضطرابات كبيرة، فقد تلاعب الرئيس عبد الله واد بالمكاسب الديمقراطية التي ناضل من أجلها طيلة الجزء الأغلب من حياته، فخلال 12 عاما من الحكم أجرى 15 تعديلا دستوريا كان الهدف منها تعزيز موقعه وزيادة سلطاته. وهو ما ادى الى وصف الانتخابات الرئاسية الأخيرة بأنها استفتاء، وذلك نتيجة الجدل الدستوري الذي شاب ترشح الرئيس المنتهية ولايته عبد الله واد لولاية ثالثة، حيث سبق وأعلن واد على الملأ رسميا عام 2007 عدم ترشحه لولاية ثالثة عام 2012 طبقا للدستور، لكنه عاد لينكص عن وعده، في يونيو2011 وبينما كان يحظى بكامل ولاء الجمعية الوطنية بعد أن قاطعتها المعارضة، حاول واد تمرير تعديل للدستور يسمح بالفوز النهائي للمرشح الحاصل على 25 % من أصوات الناخبين في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية لعام 2012، وكان هذا التعديل يقضي بانتخاب الرئيس ونائبه معا وبأن يتولى النائب الرئاسة آليا لدى حدوث فراغ فيها، وكان بديهيا بالنسبة لجميع مراقبي الشأن السنغالي أن واد كان يدرك أنه لن يفوز في الدورة الأولى من انتخابات عام 2012 لكنه متأكد أنه سيحتل المرتبة الأولى في هذه الدورة الأولى وهو ما حدث بالفعل في الشوط الأول من الانتخابات.
كما أن وجود مخطط لتصعيد الرئيس لابنه كنائب له فى محاولة توظيف المؤسسات السنغالية قد اصطدم بالمعارضة التى اضطرت واد إلى سحب مشروعه تحت الضغط القوي وقاد هذه المعارضة الطبقة السياسية والمجتمع المدني اللذين انضوت مكوناتهما تحت لواء حركة عرفت بحركة 23 يونيو.
وهكذا فإن تحقيق التناوب على السلطة في 25 مارس2012 في السنغال كان نتيجة لضغوط تحالف واسع من الحركات السياسية والمدنية حملت نضالها إلى الشارع وفرضت على الحزب الحاكم سحب هذا المشروع. وتجدر الإشارة إلى أن كل هذا تم برعاية المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والاتحاد الأوروبي والذين لم يترددوا في إرسال إشارات رفض قوية للحزب الحاكم في كل مرة حاول فيها خرق اللعبة الديمقراطية.
هذا ولمواجهة فساد الحكم تبنت أحزاب المعارضة والمجتمع المدني مشروعا تشاوريا واسعا أسموه "التشاور الوطني" واستمر من يونيو 2008 إلى مايو 2009 وقاطعه عبد الله واد وحلفاؤه، وكان الهدف من هذا التشاور وضع تصور لحل مشاكل البلاد المتعددة الأبعاد واقتراح طرق لتصحيح الأخطاء التي لحقت بالمؤسسات السنغالية في عهد الرئيس واد، وتمخضت هذه المشاورات عن اعتماد ميثاق تعهدت أحزاب المعارضة بتنفيذ بنوده في حال وصولها إلى السلطة عن طريق التناوب، وكان أهم هذه البنود تعزيز فصل السلطات من خلال تقليص صلاحيات الرئيس التي أدى اتساعها وسوء استخدامها إلى ظهور النزعة الاستبدادية في عهد واد، وربما كان اقتناع أغلب السنغاليين وطبقتهم السياسية ومجتمعهم المدني بالتشخيص الذي أفضى إليه ذلك التشاور، هو ما يفسر هزيمة الرئيس واد النكراء في الانتخابات الرئاسية.
كما لعب وعي الشعب السنغالي ونضج طبقته السياسية ومجتمعه المدني، بالاضافة الى تكتل المعارضة، رغم تبايناتها الفكرية وحساباتها السياسية المختلفة، دور رئيسى ومباشر فى العملية الانتخابية. التجربة السياسية السنغالية قياسا ببعض التجارب المتعثرة على المستويين الإقليمي والقاري (موريتانيا وساحل العاج ومالي وكينيا) بسبب الانقلابات العسكرية في الغالب- بخصوصية المجتمع السنغالي الذي يمتلك خلفية ثقافية ومدنية جيدة مقارنة بالمجتمعات الأفريقية الأخرى. هذه الخصوصية مكنت الشعب السنغالي من تجاوز بعض الحواجز التي لا تزال تنخر النسيج الاجتماعي لبعض المجتمعات الأفريقية كقضايا الإثنية والهوية والجهوية.
القوى المتنافسة فى الانتخابات
مع بداية الألفية الثالثة كانت الساحة السياسة السنغالية تمر بمرحلة من التشرذم، الامر الذى أدى إلى ظهور تحالفات جديدة في انتخابات 2012، ولدى انتهاء الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي نظمت يوم 26 فبراير 2012 بدا أن خمسة تحالفات تهيمن على الخارطة السياسية السنغالية: تحالف فال 2012 بقيادة عبد الله واد وحصل على 35% من الأصوات، وتحالف "بينو آك مكي" بزعامة مكي سال وفاز بـ 26% ، وتحالف "بينو سيال سينغال" برئاسة مصطفى نياس وحصد 14 % من الأصوات، وتحالف "بينو آك تينور" بقيادة تينور دينغ واستأثر ب 11% ، وتحالف "ريمي" بقيادة إدريسا سك وحصل على 8%. وتقاسم المرشحون التسعة الآخرون الـ 6% الباقية من الأصوات.
أكد مرشحو المعارضة السنغالية، الذين حصلوا مجتمعين على ما يزيد عن 65% من أصوات الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة، توحدهم وراء مكي سال في مواجهة الرئيس الحالي عبد الله واد في الجولة الثانية المقرر أن تجرى يوم 25 مارس الجاري. وفى جولة الاعادة فاز مكي سال بأكثر من 65.4% من أصوات الناخبين بينما حصل منافسه الرئيس المنتهية ولايته عبد الله واد على 34.2% فقط من الأصوات.
فوز مكى سال
اولا: ما كان مكي سال ليفوز لولا أن أهم المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ في الدورة الأولى انضموا لصفه. وينتظر هؤلاء، وهم يمثلون تحالفات عديدة، أن تتم مكافأتهم من خلال حقائب وزارية ومناصب سياسية أخرى. ومن هنا يكون التساؤل واردا ومشروعا عن الكيفية التي يمكن بها لمكي سال إرضاء كل حلفائه دون أن يقع في الخطأ ذاته الذي ارتكبه سلفه عندما كان يشكل حكومات واسعة العدد تبذر فيها موارد الدولة من أجل مكافأة الحلفاء السياسيين.
ثانيا: عاقب الشعب السنغالي الرئيس واد، ولذا فالشعب يتطلع إلى تغييرات مهمة كخفض أسعار المواد الأساسية، وتوفير فرص عمل للشباب وتحسين ظروف سكان الأرياف. وإذا لم يوفق مكي سال في إيجاد حلول لعدد من هذه المشاكل فإنه سيواجه سريعا معارضة لنظامه.
ثالثا: تعهد مكي سال بمراجعة حسابات الدولة ومحاسبة كل من ساهم في سوء استخدام الممتلكات العامة خلال حكم واد. لكن مكي سال نفسه كان وزيرا ثم رئيسا للوزراء في عهد واد كما كان أيضا مديرا لحملته الرئاسية في انتخابات عام 2007، ولهذا فهو يتحمل جزءا من المسؤولية عن الفساد وسوء التسيير.
رابعا: تبدو التجربة الديمقراطية السنغالية امام تحديين رئيسيين الاول: هو إصلاح المؤسسات: فالتشاور الوطني كما ذكرنا قد خلص إلى أن أبرز مشاكل السنغال ترتبط بهيمنة النظام الرئاسي. ولهذا كان من أهم توصيات ذلك التشاور القيام بإصلاح المؤسسات من خلال الحد من صلاحيات الرئيس وتعزيز فصل السلطات. فهل يفي الرئيس الجديد بالوعود ؟
أما التحدي الثاني الأهم فهو تعزيز الوحدة الوطنية من خلال إيجاد حل نهائي للتمرد الانفصالي المتواصل منذ 30 سنة في منطقة "كازامانس" . وإذا علمنا أن سقوط النظام في مالي المجاور رغم أدائه الديمقراطي يعود أساسا إلى فشله في مواجهة تمرد الطوارق في شمال البلاد، فسيكون من المبرر التخوف من الآثار المحتملة للنزاع في "كازامانس" على الوحدة الوطنية والديمقراطية في السنغال.



#صلاح_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات التشريعية في المغرب .. إنقسام وتحديات
- أثيوبيا وأزمة إقليم أوجادين .. هل ينجح إتفاق التسوية؟
- الإصلاح الدستوري في المغرب.. الدوافع والقضايا


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح خليل - الانتخابات الرئاسية فى السنغال: كيف تم إسقاط الرئيس عبدالله واد ؟