أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - خديجة آيت عمي - فقدان مومن الديوري














المزيد.....

فقدان مومن الديوري


خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)


الحوار المتمدن-العدد: 3731 - 2012 / 5 / 18 - 20:05
المحور: سيرة ذاتية
    


قبل حوالي ثلاثة وعشرين عاما زرت السيد مومن في بيته بإحدى الأحياء الجميلة بباريس . لم أعد أذكر بالضبط قد تكون " نويي سور سان "ربّما .
كانت زيارة خفيفة إذ كنت قد قررت القيام بتلك الزيارة إثر المتاعب المتوالية التي وضعتني فيها الحكومة الفرنسية التي بالإضافة إلى مضايقات حياتية ، بسبب انخراطي الثقافي الفنّي المكثف الذي لا يخلو منه الإرتباط الإنساني و الأخلاقي كما تمليه الحريات و مجال حقوق الإنسان أُدخلت في متاهات أوراق الإقامة التي رفضت الحكومة الفرنسية تجديدها لي. إذ تبقى فرنسا رغم ولادتها للثورة الفرنسية و مطاردتها إلى آخر رمق للملكية والدوقية و النبلاء وفيّة ومتابعة عن كثب لأخبار الملوك و الأمراء بل لا تخلو نسخة واحدة من " باري ماتش " من نميمة حول أمير أو ملك ما.
وإثر الإستدعاأت المتتالية كان لا بد لي من الحضور إلى مكتب المخابرات " سيزيام بيرو " على أن أجيب عن الأسئلة المطروحة في حضور رجل مخابرات ولسبب ما أيقنت أنه لم يكن سوى مغربيا مثلي ، لكن من الضفة الأخرى .
لم ينطق المغربي الطويل القامة بشئ بل اكتفى بإلقائي بنظرات لا يمكنني نعتها سوى بالخبيثة ....
طرقنا الباب ، فتحت لنا سيدة مهذبة بملامح آسيوية الباب ، اعتقدتها في البداية الخادمة إلى أن قدمها لي السيد مومن على أساس أنها زوجته . تعجبت قليلا ، إذ لم أسمع من قبل عن زواج من هذا النوع .
كانت شقة السيد الديوري مؤثثة بأغلى الأثاث كما هو حال القاطنين بتلك الأحياء ـ لا أريد أن أسميها راقية لأنني لا أؤمن بهذا المطلح و لكن ليكن كذلك .
أجلسني السيد مومن ليس ببعيد منه و أخذ يحدثني عن أبي و حول ظروف إعدامه وإفلات السيد الديوري من نفس الحكم لحسن حظه .
و مع ذلك قرَّرَت فرنسا ( الماضية لمعاهدات حقوق الإنسان كافة ) نفيه إلى الغابون و أعلمت دار المخزن بالأمرمعرِّضة حياة المناضل في خطر لا مفرّ منه ، و لولا القدر لتمّ اختطافه و العبث به كما تفعل الكلاب الجائعة قبل قذفه إلى مقبرة جماعية أخرى .
كانت أسابيع عصيبة استمر مسلسلها بالتلفزيون تحت مونطاج أمّنا الحنون و برعاية الرفيق ميتران وبحضور ملايين الفرنسيين اللذين استنكروا العمل السّادي الشرير .
مرضت لتلك الأيام و تعلّمت أن فرنسا هي صاحبة الشأن و أن كلامها هو النهائي و أننا في حقيقة الأمر لا نزال سوى رعايا تحت استعمارها و تحت قوانينها الإستعمارية التي يتم ممارستها لحد اليوم بالوطن الحزين كالتوقيف المفاجئ الذي يقوم به رجال البوليس دون مقدمات و إحالة الموقوفين إلى عدالة هي في الواقع غير عادلة ما دامت لا تتمتع بأدنى شروطها كحق المتهم في الدفاع عن نفسه ثم قانون منع التجول ليلا والذي نعيش على إيقاعه منذ 1912 .
كان الجميع خائفا من أن يفقد السيد الديوري حياته كما فقدها مَنْ قبله ـ و لا يزال السيناريو قائما ـ .
أثناء تلك اللحظة الأليمة التي رأيت فيها المناضل الكبير كما بالسيرك في قفص تكاد تنهش الدّواب المفترسة لحمه في مرأى من رؤساء عالميين و مدراء مكاتبهم و هم يكتفون بالتفرج و من ثم التلذّذ بآلام الآخرين .
لم يكن بيدي شئ لأنقذ المسكين و اكتفيت بإرسال بطاقة تضامن مع عائلة السيد مومن وكم كانت غبطتي كبيرة حين سمعت بإعادته سالما من الغابون إلى فرنسا مرة أخرى .
قصة المغرب المعاصر قصة طويلة و أكتفي بتعازي العميقة وتحياتي القلبيّة إلى عائلة الفقيد المناضل الذي ظل واقفا إلى أن غادر كما سيفعل الجميع .



#خديجة_آيت_عمي (هاشتاغ)       Khadija_Ait_Ammi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأعمال الشّاقة
- هل الإسلام منظومة ديمقراطية أم منظومة ديكتاتورية؟
- الديكتاتورية وصناعة الإرهاب
- يوم جديد
- ما هي حقيقة وضع الأمازيغ بالمغرب ؟
- الإغتصاب : القاصرة والشّمكارفي مغرب القرن21
- حصار الأمازيغ في بني بو عياش
- العرب بين الدين و الدنيا (1 )
- سقراط
- رحلة وأد البنات من الجاهلية إلى القرن 21
- رسالة إلى أمي
- الشمس
- مغزى الوجود
- الجريمة والعقاب
- مرحبا في عالم الشماكرية ( البلطجية )
- وجبة جائع
- سانت فالنتنو و السلفية بالمغرب
- مايك
- قضية الأمازيغية بالمغرب
- المغرب بين الشرق المؤمن والغرب الكافر(3 )


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - خديجة آيت عمي - فقدان مومن الديوري