أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - النزاعات العرقية والمذهبية في المجتمعات المقهورة نتاج سلطة الاستبداد















المزيد.....

النزاعات العرقية والمذهبية في المجتمعات المقهورة نتاج سلطة الاستبداد


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1094 - 2005 / 1 / 30 - 11:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تمثل سلطة الاستبداد مجموعة من عناصر القاع الخارجة على حدود المجتمع، حيث تلجأ إلى العنف والقهر للحفاظ على سلطتها. وتتبع كل الأساليب الخسيسة من أجل الحفاظ على مصالحها وامتبازاتها ولأمد طويل، ولاتتورع عن التعامل مع الأعداء التقليدين للوطن بل أنها مستعدة لعرض الوطن بكامله في المزاد مقابل احتفاظها بالسلطة.
ومن أساليب سلطة الاستبداد لفرض سطوتها على المجتمع، اللجوء إلى إثارة الفتن العرقية والمذهبية والاستعداء الديني داخل المجتمع من خلال تحريض الفئات الاجتماعية بعضها ضد البعض الآخر. أو الاستعانة بفئة اجتماعية ومنحها الامتيازات والصلاحيات لضرب الفئات الأخرى، ومن ثم الاستغناء عنها واللجوء إلى فئة أخرى عانت من تعسف وظلم الفئة الأولى....وهكذا تعمد لتوريط فئات متعددة من المجتمع بنزاعات لاحصر لها ولأجل تأجيج هواجس الحقد والكراهية فيما بينها.
وهذا التصعيد لأوجه الكراهية والحقد بين أفراد المجتمع، يساعدها على الاستفراد بالجميع. ويزيد من حاجة الفئات المتصارعة لها، بغرض تغليبها على الفئات الأخرى والسعي للحصول على مزيد من الامتيازات. وبالنتيجة يؤدي ذلك إلى الإمساك بجميع الخيوط الأساسية للصراع الاجتماعي المفتعل للحفاظ على السلطة.
ويترافق ذلك كله، مع سياسة الإفقار والتجهيل وإضعاف مراكز القوى الفعالة في المجتمع لخلخلة البنية الاجتماعية وإضعاف أواصر العلاقة الإنسانية بين أفراده وتسفيه القيم والعادات الاجتماعية والترويج لقيم التخلف (السحر، والخرافات، والدجل..) بغرض إفساد المجتمع لإحكام السيطرة عليه.
هذا الإفساد الاجتماعي المبرمج تظهر نتائجه المدمرة بعد سقوط سلطة الاستبداد، حيث تلجأ الفئات المقهورة إلى أساليب الانتقام والثائر (وبعشوائية ودون تمييز) من الفئات الاجتماعية الأخرى التي شاركت سلطة الاستبداد في ارتكاب المجازر والقتل الجماعي وحصدت الامتيازات والمال والجاه كمكافأة على أفعالها المشينة ضد المجتمع. خاصة عند شعور الفئات المقهورة، أن الفئات القاهرة لم تحاسب قانونياً على أفعالها المشينة بصورة عاجلة.
مما يؤسس لحالة صراع جديد بين فئات المجتمع، تخوضها الفئات المقهورة ضد الفئات القاهرة وبوسائل العنف والعنف المضاد، فالفئة الأولى تكون مدفوعة بفعل الانتقام والثائر والثانية مدفوعة بفعل الدفاع عن امتيازاتها وأوهامها باستعادة السلطة.
وبوجود سلطة ضعيفة وغير قادرة على التحكم في أوجه الصراع الجديد ينزلق المجتمع أكثر نحو العنف والعنف المضاد، مما يمهد الأرضية اللازمة لنشوب حرب أهلية ترتكب فيها مجازر دموية جديدة بين الفئات المتناحرة لتكون بمثابة حدود تفصل الفئات بعضها عن بعض. وتلك الحدود المفترضة تخلق الكيانات المستقلة بحجة الدفاع عن النفس وتعمل على تفكك الدولة!.
هذه الحالة من التمزق الاجتماعي، تدفع الدول المجاورة والطامعة للتدخل المباشر في الصراع وتغذي جذوته لتحقيق المكاسب الإقليمية وعلى حساب الشعب ذاته. ويستفيد الطرف الخارجي الأقوى (الاحتلال) من الحالة ويعمد على إغراق البلاد بمزيد من الدماء لإنهاك أطراف الصراع، ومن ثم فرض شروطه على جميع الأطراف مقابل تحقيق الوفاق الاجتماعي بما يضمن مصالح الاحتلال ذاته.
ويصف ((مصطفى حجازي)) حالة التمزق والتناحر في المجتمعات المتخلفة قائلاً:" عند النظر إلى بنية المجتمعات المتخلفة، نجد بوضوح هناك وجود انقسامات داخلية (شبه أكيدة) في كل منها حيث ينقسم السكان إلى جماعات وطوائف مختلفة الانتماءات العرقية أو القومية أو الدينية المتصارعة فيما بينها. وقد يكون هذا الصراع صريحاً متفجراً، أو يظل كامناً أبداً. بالطبع يستغل المتسلط الخارجي الذي يريد إحكام سيطرته على المجتمع هذه التناقضات مفجراً إياها، أو مهدداً بهذا التفجير من أجل فرض رغباته في الاستغلال، وهو يغذي هذه النعرات ويذكي جذوتها مما يجعل بلدان العالم المتخلف مهددة دوماً بانفجار العنف على شكل حرب أهلية (عرقية أو طائفية) تطغى عليها إجمالاً المجازر الدموية التي لاتقف حدودها عند حد معين".
هذا الإرث الثقيل والإفساد المتعمد للمجتمع الذي ورثته السلطة الجديدة (خاصة الضعيفة منها) وغير القادرة على اتخاذ القرارات الحاسمة لفض الاشتباكات المتنامية بين فئاته، يدفع أكثر نحو التهيئة لنشوب الحرب الأهلية التي تقود المجتمع وبكافة فئاته إلى الدمار ممهدةً الأرضية لتفكك الدولة!.
إن المجتمع الفاسد، يفتقد للحس الوطني وليس لديه رؤية صائبة للواقع وتنعدم فيه روح المبادرة والسعي لإعادة الأواصر بين أبنائه وانتزاع مبررات العنف لأنه يريد تحقيق مصالحه الفئوية والقومية والمذهبية الآنية، مستغلاً الظروف اللاطبيعية التي تمر بها الدولة والوطن.
ومدفوعاً بهاجس استغلال الظروف لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب تمنحه الدور الأكبر في السلطة الجديدة، بغرض تحقيق الطموحات الاستراتيجية التي تؤهله لخوض معركة تحقيق المصالح على المدى البعيد. وقد تحقق بعض الفئات الاجتماعية الأكثر تنظيماً، مكاسباً غاية في الأهمية في هذه المرحلة وعلى حساب بقية فئات المجتمع، لكنها لامحال ستخسر تلك المكتسبات مستقبلاً وبنفس السرعة التي حققتها حال قيام دولة قوية قادرة على فرض توجهاتها.
أثبتت التجارب السياسية العديدة في بلدان العالم التي مرت بظروف غير طبيعية وتعقيدات اجتماعية أضعفت مكوناتها الأساس، بأن الاتفاقيات والمكاسب غير العادلة لاتصمد أمام تحديات المستقبل. ويتم نقضها حال استعادة الطرف الضعيف لمركزه وقوته، حيث يعمل على استعادة الحقوق والمكاسب غير المشروعة التي حققها الطرف الآخر في ظروف استثنائية.
إن الاتفاقيات غير العادلة سوءاً على الصعيد الداخلي أو الخارجي، تؤسس لحالة عدم الاستقرار ولاتسعفها التشريعات والقوانين الدولية المُكبلة، كونها تستند في أساسها على حالة اللاعدالة في تحقيق المكاسب واستغلال الظروف الاستثنائية وما يمر به الوطن.
وبالضد من ذلك فأن الاتفاقيات العادلة والمنصفة تؤسس لحالة الاستقرار السياسي الطويل الأمد، كونها لاتغلب مصالح طرف وعلى حساب الطرف الأخر. لذا فأن فرصة صمودها أمام التحديات المستقبلية، تكون أكبراً من فرصة فشلها وبطلانها.
وهذا الأمر لايتحقق إلا بتشكيل حكومة قوية، تستند إلى قانون عادل ومنصف يحقق مصالح الجميع ودون استثناء، وبالتالي يخلق القاعدة الاجتماعية اللازمة للدفاع عن سلطة القانون الممثلة في الدولة الراعية لمصالح المجتمع.
ويعتقد ((روسو))" إن جوهر المجتمع الفاسد، يتمثل بحالة التناحر بين فئاته. والحل الوحيد لإصلاحه، تشكيل حكومة قادرة على فرض القانون على الجميع".
إن خيار استخدام العنف والإرهاب ضد المجتمع المقهور (والمتخلص تواً من سلطة الاستبداد) لايجدي نفعاً ولايحقق مسعاً منشوداً لمستقبله إلا من خلال إيجاد صيغة للوفاق الاجتماعي تستند لمبدأ تحقيق المصالح المشتركة وعدم تغليب مصالح فئة وعلى حساب الفئات الأخرى.
ويعد مبدأ المواطنة الأساس الأكثر أهمية في تحقيق المصالح المشتركة، لأنه السبيل الأمثل لخلق شكل من أشكال العقد الاجتماعي الصحيح. وهذا بدوره يؤدي إلى كسب قاعدة اجتماعية عريضة لجانب دولة القانون باعتبارها الراعية لمصالح جميع أبناء الوطن، ويحشد الطاقات العلمية والفكرية للمجتمع لإعادة البناء والتقدم نحو المستقبل.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تنامي ظاهرة الحقد والعدوانية في المجتمعات المتخلفة
- شرعنة العنف والقتل في الدولة الإرهابية
- العنف والإرهاب نتاج طبيعي للتخلف والاستبداد
- سلطة القانون وآليات الضبط الاجتماعي في المجتمعات المتخلفة
- الطاغية المستبد والشعب المقهور
- الاستبداد والعنف وانعكاسه على المجتمع
- الشعوب المقهورة والزعيم المنقذ
- العسكرة والأدلجة في الثقافة والإبداع
- نتائج العنف والاستبداد على الشعوب المقهورة
- الحثالات والرعاع في المجتمع المادة الخام للإرهاب
- موقف الفلسفة من الشعر والشعراء
- سلطة الطغاة والشعوب المضطهدة
- السياسيون وراء قضبان العدالة
- أنماط الوعي والإدراك في الصراع الاجتماعي
- إعدام شيخ الفلاسفة بكأس القانون وسَّم السياسة
- مفهوم الثقافة والمثقف
- الادعاء والتهويل المعرفي في الوسط السياسي والثقافي
- صدر كتاب جديد للمؤلف صاحب الربيعي بعنوان (المثقف بين المهادن ...
- البعد الثالث في التوجهات الجديدة في العالم
- رؤية فكرية في النظرية والتطبيق


المزيد.....




- رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق ...
- محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا ...
- ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة، ...
- الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا ...
- قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك ...
- روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
- بيع لحوم الحمير في ليبيا
- توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب ...
- بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
- هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - النزاعات العرقية والمذهبية في المجتمعات المقهورة نتاج سلطة الاستبداد