|
لماذا انتخبت حمدين صباحي؟
شريف صالح
الحوار المتمدن-العدد: 3727 - 2012 / 5 / 14 - 19:39
المحور:
المجتمع المدني
ذهبت في المساء لممارسة حقي في اختيار رئيس جمهورية، للمرة الأولى في حياتي وقد بلغت الأربعين. وكانت المرة الثانية التي تطأ فيها قدمي مقر السفارة المصرية رغم وجودي في الكويت منذ تسع سنوات، وطبعا الأولى ذهبت لانتخاب المرشحين للبرلمان عن "الثورة مستمرة". كان الطابور طويلا جدا، أطول مما تصورت.. وظللت واقفا قرابة ساعة ملتحما بأجساد المصريين ورائحة عرقهم في درجة حرارة تصل إلى الأربعين. وربما للمرة الأولى يقف المصريون في "طابور" ليس من أجل أنبوبة غاز أو أرغفة خبز، بل لممارسة الديمقراطية، ودون أن يكون هناك شرطة أو أفراد لتنظيم هذه الأعداد الكبيرة. فالطابور على طوله كان منظماً جداً وبشكل ذاتي وكان الجميع سعداء ومتحمسين لفكرة المشاركة في حد ذاتها بغض النظر عمن يفوز. بصفة عامة كانت الحملات الأكثر نشاطاً هي للمرشحين: حمدين، أبو الفتوح، ومرسي.. وبعض البسطاء في مستوى تعليمهم راهنوا على عمرو موسى، وهذا دليل أن حملة حمدين لم تنجح في الوصول إلى قاعدته المفترضة. ساعة كاملة لم نشعر خلالها بمرور الوقت لأننا شكلنا حلقات نقاش حول المرشحين، وفيما يلي أهم النقاط التي قيلت: 1. من يصوت لكل من عمرو موسى وأحمد شفيق، لا يؤمن بالثورة 2. عامل بسيط قال إنه خدم مصر في الجيش ثلاث سنوات ومن حقه أن ينال ما يستحقه.. وإذا لم يحقق الرئيس مطالبه سيعود فوراً إلى ميدان التحرير 3. كهل قال إن الانتخابات لا تفرق معه شخصيا وأنه ميسور ولا يفكر في العودة إلى مصر، لكنه لن يرضى أن يهان أي مواطن في مصر وألا يعود حق الشهداء. 4. كان الجميع حائراً يسأل لمن أعطيت صوتك من باب الاستئناس وأنه يختار الأفضل فعلا 5. أحدهم، فلاح من وسط الدلتا، قال لي اسم "حمدين" بسيط زي أسمائنا.. ثم مازح سيدة أنيقة وهي خارجة: شكلك كدا شفيق؟ فردت عليه بقوة: لا.. طبعا حمدين. 6. شاب من الإخوان ظل يناقشنا في عدم منطقية الهجوم على البرلمان.. وآخر قال إن مرسي سيفوز من الجولة الأولى
عن نفسي ورغم اختلافي مع الإرث الناصري لكنني صوت للمرشح حمدين صباحي. ربما في دولة استقرت فيها آليات الديمقراطية لا يحتاج المرء لإعلان لمن أعطى صوته، أو إن توجهه السياسي يكشف تلقائياً عمن يصوت له. لكن المسألة هنا، فيها شغف وحيرة البدايات. ومثل كثيرين اختزلت حيرتي في اسمين: أبو الفتوح رغم تخوفي من إرث انتمائه لتنظيم إسلامي سري، وحمدين رغم تخوفي من إرثه الناصري الشمولي. وأهم عامل يزكي "أبو الفتوح" تمرده على الإخوان ورغبته في التقارب مع القوى المدنية، إضافة إلى أن استطلاعات الرأي تجعله الأوفر حظاً ـ من حمدين ـ في الوصول إلى جولة ثانية. أما أهم ما يزكي حمدين، في كونه ينتمي إلى خطاب القوى المدنية ـ على تنوع روافده ـ بعيداً عن الخطابات المقدسة المهيمنة، وحتى إن لم يكن موفور الحظ في هذه المرحلة، فنحن على الأقل نساهم في تشكيل تيار مدني، يعلن عن نفسه بطريقة متماسكة إلى حد، وقادرة على التأثير في المرحلة الانتقالية. وإذا افترضنا جدلاً أن "أبو الفتوح" الإسلامي المعدل، و"صباحي" الناصري المعدل، هما الخيار الأفضل، إلا أن ميزة الأخير ـ في رأيي ـ في التأسيس لتيار مدني فاعل، أهم من الانفتاح الإسلامي لخصمه، الذي قد يتحول إلى حصان طروادة للجماعات المتأسلمة المناوئة للإخوان والتي أيدته فعلاً. بالتأكيد هناك أسماء أخرى تمثل التيار المدني مثل أبو العز الحريري أو خالد علي أو المستشار بسطاويسي، لكن الرهان عليها، يبدو فعلا رومانسياً يتجاهل الوقائع على الأرض وحجم التوازنات المختلفة، ومن ثم فإن التصويت ليس ل حمدين تحديداً، بقدر ما هو تصويت ضد "الفلول" و"الجماعات الدينية". لأنه الوحيد الذي يمكن أن يكون منافساً مضاداً لهم من بين مرشحي هذا التيار. السبب الثالث لاختياري له، إلى جانب تمثيل التيار المدني، وقدرته أن يكون منافساً مضاداً للفلول والجماعات الدينية، يتعلق بكونه الأقرب إلى تمثيل الثورة، والقصاص للشهداء، وهذه مسألة بالغة الأهمية بالنسبة لي. وهو في ذلك لا يختلف عن بقية مرشحي القوى المدنية، لكن إمكانية فوزه تجعله الأقرب إلى تنفيذ أهداف الثورة. ربما ساور الكثيرون الشعور نفسه الذي ساورني بأن ال 13 مرشحاً، دون طموحنا أو تصورنا للمنصب الرئاسي، وهذا طبيعي، لأنهم في النهاية إفراز مرحلة مرعبة من التجريف السياسي، ولن يهبط علينا رئيس بمواصفات قياسية من السماء. لذلك وبعد تردد وتفكير في عدم الإدلاء بصوتي، قررت المشاركة، لأنه من الضروري أن يوصل كل مصري رسالة بأنه مُصر على ممارسة حقه في انتخاب جميع المسئولين عنه، وعلى كل المستويات، وأنه سيكون إيجابياً ولن يسمح لعقارب الساعة أن تعود إلى الوراء. حتى لو أخطأنا اختيار أعضاء البرلمان واختيار الرئيس في هذه المرة، فإن الممارسة وحدها ستصحح كل ذلك مستقبلاً.
#شريف_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صباحي وأبو الفتوح.. بيع الوهم
-
خيرت الشاطر حامل -الحصالة-
-
الإخوان المسلمون وفلسفة القراميط
-
إيجى راجح.. أهلا وسهلا
-
من مواطن مصري إلى الرئيس الأسد
-
نهاية مأساوية لرجل متفاءل
-
عشر أمهات للبصق على وجه مبارك
-
وكل عاشق قلبي معاه (ليس رثاء لإبراهيم أصلان)
-
دفاعاً عن نجيب محفوظ ضد الشحات
-
اللص الهارب في أربع حكايات
-
صدور نجيب محفوظ وتحولات الحكاية بمناسبة مئويته
-
تفاحة الديمقراطية المسمومة
-
الثورة قامت.. ونامت
-
لا تخفي علاماتك
-
الدنيا على مقاس -سلفي-
-
مائة ألف شاعر في كل عالم افتراضي.. يهيمون
-
آن لك أن تتقيأ.. في دول اللاجئين
-
ملاحظات حول اللحى الخمس
-
نادراً ما يموت كاتب عربي حر.. هذا هو فاروق عبد القادر!
-
فتاة أوباما
المزيد.....
-
الولايات المتحدة تأمر برنامج الأغذية العالمي بوقف عشرات المن
...
-
ترامب يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية
-
بموجب الاتفاق.. حماس ستسلم عصراً قائمة الأسرى المنوي الإفراج
...
-
ماذا تعرف عن المحكمة الجنائية الدولية التي -عاقبها- ترامب؟
-
غالانت يعترف: أمرنا -الجيش- بقتل الأسرى مع آسريهم في غزة
-
نتنياهو يشكر ترامب على فرضه عقوبات على المحكمة الجنائية الدو
...
-
سفير مصر بالأمم المتحدة: الدول القوية تلزمها جيوش قوية
-
-قيصر- المصور الذي وثق جثث التعذيب في سوريا يكشف عن هويته بع
...
-
ترامب يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.. ماهي؟
-
ترامب:إجراءاتنا ضد المحكمة الجنائية الدولية قد تشمل حظر المم
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|