أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طعمة السعدي - القضاء على العصابة الحاكمة بأفكار حالمة وأيد ناعمة !















المزيد.....



القضاء على العصابة الحاكمة بأفكار حالمة وأيد ناعمة !


طعمة السعدي

الحوار المتمدن-العدد: 254 - 2002 / 9 / 22 - 01:31
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

 

   لندن

 

يكرس بعض الاخوة المعارضين لصدام حسين جل وقتهم راكضين وراء وهم مضلل وسراب خداع يتمثل باطروحتهم التي تحلم  نهارا" بالقضاء على نظام صدام حسين عن طريق العصيان المدني والتحول الى الديمقراطية متبعين اسلوب اللا عنف والاضرابات والمظاهرات وايقاف انتاج النفط من قبل العمال وكأن العراق هو سويسرة أو المملكة المتحدة أو السويد.

لو صدر هذا الطرح من قبل غير عراقيين فيما يخص دولة أخرى ينتمون لها  لأمكن مجاراته أو اعطائه فرصة في أحسن الأحوال اعتمادا" على نوع الحكم الذي يسيطر على ذلك البلد. أما أن يصدر مثل هذا الرأي عن عراقيين كان أحدهم قريبا" جدا" من المجرم برزان التكريتي ويعرف النظام وجرائمه ودمويته حق المعرفة عن قرب . ومن أحد الاخوان الذي كان يعتبر  نفسه يغامر بحياته لمجرد الذهاب من المنصور الى الكرادة الشرقية في بغداد من أجل الصلاة خلف الشهيد البطل المرحوم عارف البصري الذي كان من أنبل من عرفت وأكثرهم أخلاقا" في أوائل السبعينات من القرن الماضي في حسينية الزوية ? فهنا تكمن غرابته التي تثير التساؤل والدهشة والعجب في نفس الوقت.

مما لا شك فيه أنه لا يمكن مقارنة العراق بصربيا أو أية دولة أخرى على وجه الأرض لنقل نموذج ما تم فيها الى العراق لسبب بسيط هو أن الصرب حكومة وشعبا" على اختلاف آرائهم السياسية قوميون يحب بعضهم بعضا" حكاما" ومحكومين. وهم حاقدون عنصريون دمويون ضد غير الصرب في الاتحاد اليوغوسلافي السابق. أما في العراق فان صدام حسين وعصابة العوجة الحاكمة ومرتزقتهم من المناطق المجاورة لها وبعض البعيدين عنها يكرهون الشعب العراقي كرها" لا حدود له وتبادلهم الغالبية العظمى من العراقيين هذه الكراهية دون أدنى شك . ومما لا ريب فيه أن صدام لن يتورع عن قتل ملايين العراقيين اذا تمردوا عليه مستخدما" كافة أنواع الاسلحة المتوفرة لديه اذا كان هذا التمرد غير مسنود بدعم خارجي فعال ومؤكد ? وبالتحديد من الغرب بواسطة الولايات المتحدة وبريطانيا. أليس هو القائل متهكما" ( الا يكفينا ستة ملايين عراقي ?) فأين سيذهب بالثمانية عشر مليون الآخرين؟ ونذكر الاخوة بمقولته المشهورة الاخرى التي أعلنها نهارا" جهارا" عبر جميع وسائل اعلامه في السبعينات والتي قال فيها من يريد أخذ العراق مني فسيستلمه أرضا" بلا شعب ! !!

ويورد الاخوة  في نشراتهم عبر الانترنت وقائع في دول أخرى تم فيها التغيير نحو الديمقراطية بطريقة اللا عنف والعصيان المدني  ونورد هنا أمثلة لاربعة من تلك الدول التي ذكروها حسب تسلسل التغيير الذي حصل فيها مع الظروف السائدة في كل دولة على حدة ? وذلك من أجل أخذ العبرة والمقارنة بين حكومات وشعوب وأحزاب هذه الدول والقوى الفاعلة فيها وقواتها المسلحة والوضع القائم في العراق :

1-  الفلبين : استلم فرديناند ماركوس الحكم بعد انتخابات  عام 1965 وحقق تقدما" اقتصاديا"  سريعا" في دورته الرئاسية الأولى وأعيد انتخابه في عام 1969 وشهدت فترة بداية السبعينات قتالا"  بين الحكومة   وجيش الشعب الشيوعي من جهة وجبهة مورو المسلمة المطالبة بالاستقلال من جهة أخرى مما أدى الى اعلان الاحكام العرفية في عام 1972 وحل الكونكرس . وتم فيما بعد اعتقال قادة المعارضة وحكم ماركوس البلاد حكما" فرديا. وفي كانون الثاني عام 1973 تم تطبيق دستور جديد منح ماركوس سلطات دائمة مطلقة وتم تأجيل الانتخابات الى أجل غير مسمى. وفي عام 1980 اتحدت عدة تنظيمات معارضة وطالبت بانهاء الاحكام العرفية وبدأت حرب شعبية قامت بتفجيرات في مانيلا فاضطر ماركوس الى انهاء الاحكام العرفية. وتم اجراء انتخابات في حزيران 1981 وفاز ماركوس بدورة رئاسية جديدة لمدة ستة سنوات. توسعت المعارضة ضد ماركوس وضد زوجته ايملدا ماركوس بعد ذلك ?2-      وفي عام 1983 اغتيل قائد المعارضة بنينكو أكينو وقامت الحكومة بالتغطية على الفاعلين العسكريين وأطلقت سراحهم. ودعا ماركوس الى انتخابات رئاسية في شباط  1986 وكانت متحديته فيها أرملة أكينو كورازان أكينو ( فمن سيتحدى صدام ! ?). قامت ثورة في البلاد بعد اتهام ماركوس بتزوير الانتخابات مما أتاح له الفوز بها وشارك في الثورة الشعبية عناصر من الجيش فهرب ماركوس الى هاواي سارقا" مبالغ طائلة حصل عليها مستغلا نفوذه وسلطاته ?3-   كما يفعل صدام حسين وعائلته وجلاوزته ?4-  وأصبحت أكينو رئيسة للبلاد وأصدرت دستورا" جديدا" في شباط 1987 وأنتهى حكم ماركوس وعادت الديمقراطية الى البلاد.

والسؤال الآن أين وجه الشبه بين نظام ماركوس ونظام صدام حسين وجرائمه ليصبح نظام ماركوس مثلا" للتغيير دون استخدام العنف وبوسائل ديمقراطية علما" بأن القضاء على ماركوس لم يتم عن طريق الاضرابات والعصيان المدني فقط وانما ساهم الجيش في ذلك . وللعلم يبلغ نفوس الفلبين الآن 83 مليون وجيشها مكون من 66000 جندي اضافة الى قوة بحرية تتكون من 24000  فردا"  وقوة جوية قوامها 16000 جندي.

5-  بولندا :عانت هذه الدولة من صعوبات اقتصادية كبيرة منذ بداية السبعينات وكانت أول دولة شيوعية يتعاقب على زيارتها ثلاثة رؤساء أميركان خلال خمسة سنوات في سبعينات القرن الماضي  وهم : نيكسون في 1972 ?6-   وجيرالد فورد في عام 1975 ?7-        وجيمي كارتر في عام 1977 . وأصبحت بولندا في بداية الثمانينات أكثر الدول مديونية في الكتلة الشيوعية نتيجة الانهيار الاقتصادي والتضخم الهائل. وتنامت قوة الكنيسة فيها بعد أن زارها بابا الفاتيكان البولندي الاصل مرتين في عامي 1983 ? 1987 .

وبالرغم من كون بولندا بلدا" شيوعيا" استطاعت نقابات العمال من القيام باضرابات وعصيان مدني أدى في نهاية المطاف الى فرض حكم عسكري بقيادة الجنرال جارولسكي الذي أصبح رئيسا" للوزراء في شباط عام 1981 ? ورئيسا" للحزب في تشرين الاول من نفس العام . وقام بتطبيق الاحكام العرفية لكبح مطالب منظمة التضامن في التغيير الجذري التي تم حضر نشاطها واعتقال رئيسها ليش فاليزا وآلاف من أعضائها، كما تم تحريم نشاط المعارضة السياسية . ونلاحظ هنا أن السلطات البولندية لم تقم بأعمال اغتيالات أو اعدام  أو تعذيب لمعارضيها بعد أن تمردوا على النظام الشيوعي. أما في العراق فيقتل ويعذب المرء وينتهك عرضه بالشبهة فقط أو بمجرد تقرير من عصابات السلطة الامنية أو المخابراتية أو الحزبية أو مرتزقتها الآخرين. وفي عام 1983 تم رفع الاحكام العرفية في بولندا واحتفظ جارولسكي بسلطاته الاستثنائية وبدأت منظمة التضامن العمل السري بدعم شعبي كامل بمساعدة الكنيسة مما اضطر الحكومة الى تقديم تنازلات لصالح المنظمة. وضعفت قوة جارولسكي بشكل يتناسب مع تنامي قوة الكنيسة ومنظمة التضامن وحاول اجراء بعض الاصلاحات الاقتصادية دون جدوى لافتقاره الى الدعم الشعبي.

ونظرا لضعف حكمه اضطر جارولسكي الى اجراء مباحثات مع ليش فاليزا في عام 1989 وتم اقرار الحريات المدنية والاعتراف بالتضامن وتم انتخاب مجلس شيوخ فازت التضامن ? 99 مقعد من مئة مقعد وحدد 35 % من مقاعد النواب لها ولاتحاد التجارة في الدوائر الانتخابية التي سمح لهما المنافسة فيها . واحتفظ الشيوعيون ? 65% من المقاعد وتم انتخاب جارولسكي رئيسا" . وفي شهر آب تم تشكيل حكومة برئاسة تاديسوز مازوفسكي أحد مساعدي فاليسا واحتفظ الشيوعيون بوزارتي الدفاع والداخلية وكانت هذه أول حكومة لا يرأسها شيوعي في مدى 40 عاما". وبعد ذلك تم القضاء على الحكم الشيوعي تدريجيا" وتحول اقتصاد البلاد الى اقتصاد السوق الذي لا يمكن لأي بلد أن يتطور ويتقدم بدونه بعد ثبوت فشل الافكار والمبادىء الاقتصادية الشيوعية والاشتراكية بعد أن أخذت فرصتها الطويلة جدا" في تجربة تطبيق هذه الافكار التي أدت الى انهيار الاقتصاد والفقر وانتشار الفساد.

وفي انتخابات 1991 تم الغاء النسب السابقة في مجلس النواب وشارك في انتخابات 1993 حزب التحالف اليساري ? وحزب الاتحاد من أجل الحرية ? والاتحاد من أجل بولندا مستقلة، والكتلة الغير حزبية من أجل دعم الاصلاحات وهي حزب الرئيس ليش فاليزا ? وحزب المزارعين البولونيين ? واتحاد العمل.

ومن المفيد أن نذكر أن عدد نفوس بولندا حاليا 38 مليون نسمة وتتكون قواتها المسلحة من 217290 فردا" فقط ? وتشمل 132750 جندي جيش عادي ?16860 قوة بحرية ? 46200 قوة جوية.  ولم يتدخل الجيش السوفيتي الموجود في البلاد في الشؤون الداخلية في بولندا ولم يقم بقمع أو تصفية حركة التضامن وانسحب هذا الجيش من البلاد في عام 1992.

8-  رومانيا : تم اسقاط جاوجيسكو في شهر كانون الاول عام 1989 بعد أن هتف أحد السكارى ضده أثناء القائه خطابا" على مؤيديه وشجع هذا السكران الجماهير المحتشدة على الحذو حذوه فانكسر حاجز الخوف وهتف الجميع ضد جاوجيسكو وعمت الثورة التي لم تقف الا بعد اسقاط الحكم وقتل الدكتاتور. وتولى الحكم مجلس الانقاذ الوطني الذي سيطر عليه الشيوعيون. وتم اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في عام 1990 . وصدر دستور جديد في شهر كانون الاول 1991 بموجب استفتاء ?9-        وتم اعلان رومانيا جمهورية رئاسية مدة الرئاسة فيها أربعة سنوات ومتعددة الاحزاب تضمن حقوق الانسان وتتبنى اقتصاد السوق. ونلاحظ هنا أن جاوجيسكو كان يخاطب تجمعا" حاقدا" عليه يشمل بعض أعوانه ورجال مخابراته ?10-      وليس خليطا" من رجال الأمن والمخابرات ووحدات الحماية الخاصة المدججة بالسلاح ومعظمها متنكرة بملابس مدنية شعبية والحزبيين ومرتزقة وأعوان النظام كما يحدث في العراق.

تتكون القوات المسلحة الرومانية من  207000  عسكري  بضمنها 106000 جندي في الجيش ?20800 قوة بحرية ? 43500 قوة جوية  ونفوس رومانيا 22 مليون نسمة.

11-          تشيلي : في الانتخابات التي تمت في عام 1970 اتحد اليساريون ويسار الوسط لتكوين ائتلاف الوحدة الشعبية وتم اختيار سالفادور اليندي لخوض الانتخابات عن الائتلاف على أساس تأميم كافة الصناعات الاساسية في البلاد اضافة الى قطاع البنوك والاتصالات . وحصل اليندي على 37% من الاصوات ودعمه الكونكرس (مجلس الشيوخ) بأغلبية ساحقة ضد منافسه  اليميني الرئيس السابق الساندري ( Alessandri ) وأصبح اليندي أول رئيس ينتهج الماركسية اللينينية في بلد غير شيوعي في النصف الغربي من الكرة الارضية.

وحال تنصيبه بدأ اليندي  بتطبيق وعوده الانتخابية محولا" البلد باتجاه الاشتراكية مما أدى الى حدوث مقاومة شديدة لخططه. وفي حلول عام 1972 كانت نتائج سياسته الاشتراكية مشاكل اقتصادية هائلة وشلل مدني استمر حتى عام 1973 حيث  ارتفعت الاسعار بشكل كبير وعانت البلاد من نقص في المواد الغذائية مما أدى الى اضرابات وعنف سياسي ? وأصبحت البلاد في فوضى ? وساهمت الولايات المتحدة باضعاف الحكم. وفي 11 أيلول 1973 قام الجيش بانقلاب عسكري انتهى بمقتل اليندي. واستلم الحكم مجموعة عسكرية بقيادة أوكستو بينوشيه الذي علق الدستور وحل الكونكرس وفرض رقابة سياسية صارمة ومنع النشاط الحزبي أي أنه فرض دكتاتورية عسكرية. وقام الحكم العسكري بشن معركة ضارية ضد مناوئيه فتم اعتقال الآلاف من اليساريين وتعذيب واعدام أو نفي آخرين كما اختفى مئات المواطنين ولم يعرف مصيرهم. ورغم بشاعة هذه الجرائم التي تمثل خرقا" فاضحا" لحقوق الانسان ألا أنها لا يمكن مقارنتها بجرائم صدام وعصابته التي تسببت باعدام واختفاء أو قتل ملايين المواطنين بمختلف اتجاهاتهم السياسية والعقائدية وأصولهم القومية. فحكم اليندي الدكتاتوري حارب فصيلة سياسية واحدة هي الشيوعيين واليساريين الآخرين بينما وزع صدام جرائمه على كافة فئات الشعب بما فيهم البعثيين  والتكريتيين وأبناء القرى المجاورة لها  ? قتل بعض أقربائه المجرمين من أبناء العوجة لصراعهم معه على السلطة والسرقات.

وبعد خمسة سنوات قام بينوشيه بتخفيف قبضته العسكرية الحديدية على البلاد وأدخل مزيدا" من المدنيين في المناصب الوزارية ولكن الدولة بقيت بوليسية. وفي الذكرى السابعة للانقلاب (عام 1980) تم اقرار دستور جديد منح الشرعية للنظام حتى عام 1989. بدأ بينوشيه دورة رئاسية جديدة في آذار 1981 لمدة ثمان سنوات (حتى عام )1989. وتململ الشعب ضد الحكم العسكري في عام 1983 وقام بمظاهرات كبيرة مقرونة ببعض التفجيرات في المدن الرئيسية. واستمر الوضع حتى شهر آب عام 1988 حيث تم رفع حالة الطوارىء. وفي شهر تشرين الاول من نفس العام قام دكتاتور تشيلي باجراء استفتاء حول امكانية تمديد رئاسته التي تنتهي في آذار 1989 لمدة ثمانية سنوات أخرى وكانت نتائج الاستفتاء لا تشابه استفتاءات الحكام العرب عموما" وصدام حسين خصوصا" حيث رفض 55% من الناخبين التمديد للدكتاتور بينوشيه (ولم يتم اعدام أحد أو الغاء الاستفتاء).

بعد ذلك تم تمديد حكم بينوشيه لمدة سنة واحدة فقط على شرط اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية حرة . وتمت هذه الانتخابات في كانون الاول 1989 وهي أول انتخابات حرة منذ عام 1970 وفاز فيها  مرشح الحزب الديمقراطي المسيحي باتريثيو ايلوين أزوكار Patricio Aylwin Azocar ) ) الذي أجرى اصلاحات اقتصادية  وعين لجنة للتحقيق في انتهاك حقوق الانسان من قبل نظام بينوشيه  الذي كان محتفظا" بمنصبه  كقائد أعلى للقوات المسلحة ولم يقم الجيش بمقاومة رئيس الدولة الجديد المنتخب الذي يحقق في اختراقات حقوق الانسان .

والسؤال  الآن للحالمين بالتغيير الديمقراطي السلمي  هل يمكن مقارنة دكتاتورية أوكستو بينوشيه بدكتاتورية صدام ونظام حكمه وعصابته لتدعون الناس للعصيان المدني عليه ?  انها دعوة للانتحار الجماعي بدون أدنى شك ? وكأن الملايين الذين قتلهم صدام لا تكفي !

وللعلم يبلغ عدد نفوس تشيلي 15 مليون نسمة ويبلغ تعداد جيشها 89000 عسكري من ضمنهم 24000 قوة بحرية ?12000 قوة جوية ولو كان تعداد جيش صدام وقواته الاخرى بهذا العدد لتم القضاء عليه منذ زمن بعيد.

 

نلاحظ مما سبق أن القوات المسلحة في جميع هذه الاقطار صغيرة جدا" مقارنة بالقوات المسلحة العراقية بمختلف صنوفها مضافا" اليها البعثيين وأفراد الأمن والمخابرات ووكلاءهما الامن وما يسمى بجيش القدس وفدائيي صدام وكتائب الشباب والمجندات  مما يجعل القوات المسلحة العراقية تشكل أكثر من نصف السكان القادرين على حمل السلاح . ففي أي بلد آخر في العالم توجد مثل هذه العسكرة للمجتمع ?

واذا كانت نسبة المجندين للحكومة الذين يخضعون للأنظمة العسكرية والحزبية بهذا العدد الهائل فمن  سيقوم بالعصيان المدني والاضرابات؟

ونود أن نذكر الاخوة الذين يتبنون مثل هذه الافكار الحالمة بثورة آذار 1991 وكيف قمعت . ألم تكن هذه الثورة المباركة الجبارة التي سيطرت على 14 محافظة من مجموع ثمانية عشر محافظة في أيام قلائل أكثر شمولية وامتدادا" وعنفوانا" من كل الامثلة التي ذكرناها أعلاه في الدول الاخرى التي تحولت نحو الديمقراطية؟ أليس في ذلك عبرة علينا عدم نسيانها أبدا" من أجل تدعيم محاولاتنا لاسقاط النظام بوسائل وقوى تؤمن لنا الخلاص بأقل عدد ممكن من الخسائر والتضحيات؟  في العراق نظام سياسي تقوده زمرة مجرمة لا مثيل لها في العالم أجمع ? ولها من المرتزقة الهمج المتوحشين الحاقدين الساقطين الذين لا دين ولا أخلاق ولا انسانية لهم بشكل يفوق كل وصف وهم مستعدون لتنفيذ أوامر صدام وعصابته دون أي وازع  من ضمير أو مبدأ حتى لو أمرهم بقتل غالبية الشعب العراقي . ولكنهم جبناء بشكل لا مثيل له اذا علموا أن الشعب مسنود بقوة خارجية عظمى اذا ثار عليهم هذه المرة مسنودا" ببعض القوات المسلحة العراقية التي ستشارك الشعب ثورته لأنهم (مرتزقة صدام) جبابرة على الشعب الأعزل فقط جبناء أشد الجبن أمام القوات الاجنبية كما حدث في حرب تحرير الكويت حين نزع كبار القادة العسكريين أحذيتهم وهم يرتجفون رعبا" واستبدلوها بمذلة بأحذية الجنود الذين عطفوا عليهم من اجل اخفاء هوياتهم ورتبهم . وسيترك مرتزقة النظام سيدهم اذا علموا أن ساعة نهايته اقتربت بدعم خارجي جبار شأنهم شأن كل مرتزق لا مبدأ له غير الحصول على المال بأية صورة كانت.  ويجب أن يكون الدعم الخارجي محدودا" باسقاط النظام وعدم التدخل في شؤون نظام الحكم الديمقراطي الذي سيخلف صدام والذي سيقرره الشعب العراقي الذي ينتظر بلهفة بالغة الدعم الخارجي من أجل الخلاص.

ونذكر اخوتنا الحالمين أيضا" بثورة صفر 1977 (ثورة خان النص) التي كان لها أن تتحول الى شرارة تشعل نيران الثورة في كافة أنحاء العراق والقضاء على نظام جلاوزة العوجة منذ ذلك التأريخ لو كانت تواجه نظاما" كأنظمة الحكم في الامثلة التي ذكرناها في هذه المقالة مما كان سيجنب العراق المآسي والخراب الذي سببته العصابة الحاكمة للبلاد ? اضافة الى ما يزيد على مليوني عراقي استشهدوا في زنزانات الاعدام أو قتلوا في حروب صدام الداخلية والخارجية وأسلحته الكيمياوية أو ماتوا جوعا"" ومرضا" بسبب رفضه تطبيق قراري النفط مقابل الغذاء والدواء رقم 706 ?712 الصادرين في شهري آب وأيلول عام 1991 والقرار 986 الصادر في عام 1995 لغاية عام 1996  مما حرم البلاد من موارد تزيد على ثمانية مليارات دولار، ثم التفافه على القرار وعدم تطبيقه بصورة صحيحة بعد ذلك مما أدى الى تكدس أكثر من عشرين مليار دولار في المصارف الفرنسية وغيرها في الوقت الذي لا يجد فيه العراقي طعاما" أو دواء كافيا" ? وخصوصا" في المناطق التي يحقد عليها النظام والتي تمثل الغالبية العظمى للعراقيين. ولو تم تقسيم المبالغ المتوفرة في المصارف الاوروبية الآن اضافة الى تلك التي خسرها العراق بسبب تأخر موافقة صدام على تطبيق قرارات النفط مقابل الغذاء على العراقيين البالغة حوالي ثمانية وعشرين مليار دولار لأصاب كل عائلة ما يقارب السبعة آلاف دولار على فرض أن معدل عدد أفراد العائلة العراقية ستة أشخاص في وقت يبلغ راتب الموظف العادي (رب العائلة) ثلاثة الى ستة دولارات شهريا". وعلينا أن لا ننسى كيف تحسنت الامور المعاشية والصحية في شمال العراق بعد تطبيق القرار باشراف اخوتنا الاكراد رغم التفافات صدام والاعيبه اللئيمة المذكورة.  وهل نسي هؤلاء الاخوة الاسلوب الوحشي الذي تم فيه القضاء على هذه الثورة الشعبية (ثورة صفر) علما" بأنهم قريبون من الجماهير التي قامت بتلك الثورة كما يفترض فيهم ?

ولم تقتصر محاولات العراقيين على العصيان المدني والثورات الشعبية كما أسلفنا ? وانما شارك فيها مئات من ضباط الجيش الابرار الذين حاولوا بشكل أو بآخر التحرك للقضاء على عصابة العوجة ومرتزقتها منذ استلامها الحكم لحد الآن كما يعلم الجميع.

وختاما" نقول للاخوة الحالمين بالتغيير السلمي وعدم اراقة الدماء أن جهودهم مضيعة للوقت أزاء نظام كنظام المجرم صدام حسين . ولعلهم سيفيدون الشعب العراقي أكثر لو عملوا على  استقطاب الدعم الخارجي من القوى الكبرى الذي أرى شخصيا أنه ضرورة لا بد منها لمساعدة الشعب العراقي على القضاء على هذا النظام وذلك باقامة مناطق استقطاب آمنة متعددة في جنوب ووسط وغرب العراق اضافة الى المنطقة الشمالية ? وتوفير حماية فعالة لهذه المناطق بحيث تصبح مواقع استقطاب شعبية وعسكرية يمكنها من استيعاب الهاربين من النظام والمتمردين عليه ? مع دعم عسكري جوي مطلق لأي ثورة شعبية وعصيان مدني يتم بعد اقامة هذه المناطق ? حيث ستكون الظروف ملائمة لمثل هذه الاحداث، ويجب شل قوات النظام عن الحركة أو تدميرها ان حاولت الدفاع عن صدام وعصابته. ولا شك أن الكثير من وحدات الجيش ستقوم بالتمرد ومؤازرة المناطق الآمنة مما يسهل اسقاط النظام بسرعة قياسية لا يتوقعها المدافعون عن صدام من الحكام العرب ومرتزقته في الدول العربية وغيرها. ولدي ثقة مطلقة بأن غالبية أجهزة صدام ستتخلى عنه اذا شعرت بقرب نهايته مع تكرار التأكيد على وجوب الدعم الخارجي من الدول الكبرى وبعكسه لا مانع لصدام في أن يحكم مليون واحد فقط من العراقيين ويقتل الآخرين جميعا". 

ولا بد للمعارضة العراقية من ايجاد قيادة موحدة ( كمجلس رئاسة أعلى مؤقت مثلا") وبرلمان في المنفى وحكومة مؤقتة تنبثق عنه في أسرع وقت ? لأن المعارضة بدون هذه الحكومة جسم كبير متعدد الاطراف بلا رأس ولا دماغ. وعلى جميع المخلصين العمل بنكران ذات في هذا الوقت وعدم التهافت والتنافس على مراكز ومواقع مؤقتة ? لأن المواقع والمناصب الحقيقية ستفرزها صناديق الاقتراع وليس ترف التنافس بين المعارضين من أجل مكاسب مؤقتة ستزول وتتهاوى مع أول انتخابات ديمقراطية.

 

 طعمة السعدي/ 10 أيلول 2002



#طعمة_السعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - طعمة السعدي - القضاء على العصابة الحاكمة بأفكار حالمة وأيد ناعمة !